الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين و بعد:
فإنه لا يخفى أن الانتساب إلى الدعوة السلفية المباركة على قسمين:
** انتسابٌ صحيح .
** وانتسابٌ مزوَّرٌ مغشوش .
فالانتساب الصحيح، يكون ممن هو مستقيمٌ على ما كان عليه نبيُّنا صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، ظاهرًا وباطنًا، في عقيدته ومنهجه وعبادته ودعوته وأخلاقه وفي جميع أموره، فمن كان هذا حاله، فهو أحقُّ بهذه النسبة وأهلها .
** و أما الانتساب المزوَّر المغشوش، فهو انتسابُ أصحابِ الحزبيات المغلقة-كما كان يسميهم بذلك العلامة مقبل الوادعي رحمه الله- ، الذي يكون صاحبه مخالفًا لهذه الدعوة في عقيدته ومنهجه، ثم يتظاهر كذبًا وزورًا بالسلفية، وينسب نفسه إليها، وهذا في الغالب إنما يقع من صنفين من أهل التحزُّب والله أعلم:
الصنف الأول: أناسٌ مندسُّون في أوساط السلفية، متقنِّعون بالسنة لقصد اصطياد السلفيين بعد كسب ثقتهم، بما يظهرونه لهم نفاقًا من العمل بالسنة والاستقامة على منهج السلف .
الصنف الثاني: أناسٌ ساروا على منهج السلف دهرًا من الزمن ثم انحرفوا عنه، وفرَّغوا منهجهم منه ولم يبق لهم من هذه النسبة إلا مجرد الاسم واللقب، غيرَ أنهم بقَوا مُصرِّين على انتسابهم لهذه الدعوة تغريرًا للناس وتلبيسًا عليهم .
ولأجل تمسُّح هؤلاء بالمنهج السلفي وتظاهرِهم به عظُم ضررهم على المسلمين عامة وعلى أهل السنة خاصة، وكان ضررهم أشد من ضرر أصحاب الحزبيات الظاهرة التي لا يتزيَّا أهلها بِزَيِّ السلفية، لأن هذه الأخيرة لا يخفى أمرها ولا يلتبس على أكثر الناس، ثم هي لا تتكلم باسم السلفية، ولا تنتسب إليها أصلًا بل قد تُظهر لها العداوة، وتعلن عليها وعلى أهلها الحرب .
بخلاف الحزبيات المنتسبِ أهلها إلى السلفية والسنة، فإنك قد تجد لهم دفاعًا عن السلفية في بعض جوانبها، مع استماتة قويةٍ في الانتساب إليها، فهاهم الحدادية مثلًا بدءً بمحمود الحداد وفالح الحربي و باشميل، وانتهاء بالغامدي والجهني و الحجوري لا يزالون يزعمون لأنفسهم أنهم هم أهل السنة المحضة، مع أنهم ومن شايعهم منغمسون في الحزبية و الحدادية من قِمَم رؤوسهم إلى أخمص أقدامهم، وقل مثل ذلك في المميعة القدامى والجدد؛ ولذلك لم يكن من شروط الحكم على المخالف بالبدعة والحزبية عند أهل السنة اعترافه وإقراره بحزبيته وبدعيته، إذ أن الحزبي والمبتدع غالبًا لا يعترف بانحرافه؛ ولا يعتقد ذلك في نفسه، بل تجده يرى صحة مذهبه وأنه صاحب الحق، وأن مخالفه هو صاحب الباطل، وهذا هو سبب عدم توبة المبتدع من بدعته، وبذلك أيضًا كانت البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، لأن صاحبها لا يتوب منها، كيف؛ وهو يحسب أنه يحسن صنعا؟
ولما كان الأمر على الوجه الذي ذكرنا، من تجلُّد الحزبيين في الانتساب الكاذب للدعوة السلفية، واجتهادهم في إخفاء بدعتهم و حزبيتهم لاسيما في الأزمنة أو الأمكنة التي تكون الغلبة فيها والشوكة لأهل السنة، وخشية أن ينفُق هذا التلبيس على من لم يدرك حقيقة القوم ، فينخدع بزخارفهم، ويركن إليهم، ويُحسِّن ظنَّه بهم، أحببت أن أُنبِّه إخواني إلى بعض العلامات والقرائن الفاضحة لحال المتسترين بالدعوة السلفية، المنتحلين لشخصية أهلها، فمن ذلك :
« من خفيت علينا بدعته لم تخف علينا صحبته وألفته »
هذه العلامة و القرينة التي مفادها اعتبار الصاحب بمن يصاحب، قد جاءت الإشارة إليها في حديث مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه البخاري معلقا3336)، ومسلم (2638) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف» .
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة أنه قال:« الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل » [ حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/ 634) ] .
قال ابن عبد البر رحمه الله: « وهذا معناه والله أعلم: أن المرء يعتاد ما يراه من أفعال من صحبه، والدين العادة فلهذا أمر ألا يصحب إلا من يرى منه ما يحل ويجمل فإن الخير عادة.
وفي معنى هذا الحديث قول عدي بن زيد:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن مقتدى
وقول أبي العتاهية:
من ذا الذي يخفى عليك ... إذا نظرت إلى خدينه..» ["بهجة المجالس"(2/751)] .
و في [الإبانة لابن بطة برقم (376، 501)]عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «اعتبروا الناس بأخدانهم » .
و قد نصَّ غير واحدٍ من الأئمة ، على هذه القرينة السلفية، ففي [الإبانة الصغرى برقم(420)] عن الإمام الأوزاعي قال: « من ستر عنا بدعته لم تخف علينا ألفته ».
و في [ الإبانة الكبرى (2/452-453)] عن عدد من الأئمة منهم الأعمش ، قال :« كانوا لا يسألون عن الرجل ، بعد ثلاث : ممشاه ، ومدخله ، وألفه من الناس » .
و عن محمد بن عبيد الله الغلابي ، قال : كان يقال: « يتكاتم أهل الأهواء كل شيء إلا التآلف والصحبة » .
وعن يحيى بن سعيد القطان قال: «لما قدم سفيان الثوري البصرة جعل ينظر في أمر الربيع بن صُبيح وقدره عند الناس، سأل أي شيء مذهبه؟ قالوا: ما مذهبه إلا السنة، قال: من بطانته؟ قالوا: أهل القدر، قال: هو قدري» انتهى.
فالحاصل: أن المبتدع ولو أخفى بدعته، وتظاهر بالسنة والسير على منهج السلف، فإن مصاحبته لأهل البدع قرينةٌ قويةٌ على أنه حزبيٌّ ومبتدعٌ متستِّرٌ، فيلحق بأهل البدع، ففي " طبقات الحنابلة " (1/ 160) - قال أبو داود: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل: أرى رجلًا من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة، أَتْرُكُ كلامَه؟ قال: لا، أو تُعلِمَه أن الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة، فإِنْ تَركَ كلامه فكلِّمه، وإلا فألحقه به، قال ابن مسعود: « المرء بخدنه »انتهى .
** انظروا عند من ينزل وإلى من يأوي **
من القرائن السلفية المعمول بها عند أئمة الدعوة لكشف المندسين في أوساط أهل السنة، أو معرفة حال المجاهيل، قولهم:« انظروا عند من ينزل وإلى من يأوي » .
وقد نصَّ على اعتبار هذه القرينة إمام أهل السنة أحمد بن حنبل -رحمه الله-، ففي [الإبانة الكبرى لابن بطة ( 2/480)]، قال أبو حاتم: قدم موسى بن عقبة الصوري بغداد؛ فذُكر لأحمد بن حنبل فقال: «انظروا على من نزل، وإلى من يأوي » .
وقديمًا قيل: « الطيور على أشكالها تقع » .
وفي [الإبانة الكبرى (2/455)] عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال : «الأرواح جنود مجندة ، تلتقي تتشاءم كما تتشاءم الخيل ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف ، ولو أن مؤمنًا دخل مسجدًا فيه مائة ليس فيهم إلا مؤمن واحد لجاء حتى يجلس إليه ، ولو أن منافقا دخل مسجدا فيه مائة ليس فيهم إلا منافق واحد ، لجاء حتى يجلس إليه »انتهى .
فلو فرضنا أن أحد الدعاة ممن ينسب نفسه إلى السنة ومنهج السلف، أو ممن خفي علينا حالهم، سافر إلى بلدٍ ما لأجل الدعوة إلى الله، فننظر عند من ينزل و إلى من يأوي، ومن سيستقبله ويستضيفه، وعند من يحاضر، فإذا استضافه واستقبله أهل البدع وحاضر عندهم، ونزل في ضيافتهم وكثَّر سوادهم، فهذه قرينة قوية على أنه على شاكلتهم، وكذا من سافر إلى العمرة أو الحج مثلا، فنزل عند الحزبيين القطبيين أو المميعين دون أهل السنة السلفيين من أمثال الشيخ ربيع والشيخ عبيد والشيخ محمد بن هادي، فتلك قرينة على انحرافه و حزبيته .
وعلى هذا فقِس.. .
** الحمية على أهل الأهواء و البدع والغضب عند ذكرهم والكلام فيهم **
الغضب للمبتدعة والانزعاج من الكلام فيهم وبيان حالهم قرينة عند السلف على انحراف الرجل وتعصبه لأهل الأهواء، ودليل كذلك على محبته لهم، إذ لو كان سلفيًّا حقًّا لما غضِب لهم، بل لا تجده إلا مسرورًا بكشف عوارهم و إزهاق أباطيلهم، التي شوهوا بها دين الإسلام .
ولذلك كان من علامات صاحب السنة عدم الغضب أو الانزعاج عند ذكر المبتدعة والطعن فيهم، بخلاف من كان منهم فإنه يشمئزُّ من ذكرهم .
ففي [ كتاب الشريعة للآجري (2/2550) ] عن زكريا بن يحي قال سمعت أبا بكر بن عياش وسأله رجل: يا أبا بكر من السني؟ قال: « الذي إذا ذُكرت الأهواء لم يغضب لشيء منها »انتهى.
وفي [تاريخ دمشق ( 8/15 )] عن عقبة بن علقمة قال: كنت عند أرطاة بن المنذر فقال بعض أهل المجلس: ما تقولون في الرجل يجالس أهل السنّة ويخالطهم، فإذا ذُكر أهل البدع قال: دعونا من ذكرهم لا تذكروهم .
قال أرطأة: هو منهم لا يلبِّس عليكم أمره، قال: فأنكرت ذلك من قول أرطاة قال: فقدمت على الأوزاعي، وكان كشَّافاً لهذه الأشياء إذا بلغته، فقال: «صدق أرطأة، والقول ما قال؛ هذا يَنهى عن ذكرهم، ومتى يحذروا إذا لم يُشد بذكرهم » .
فإذا ذُكر الحلبي أو الحجوري مثلًا، أو غيرهما من أهل البدع والأهواء فغضب لهم أحدهم وانزعج من الطعن فيهم وبيان حالهم فاعلم أنه على شاكلتهم .
** الاعتذار للمبتدعة والتماس المخارج لهم والمجادلة عنهم **
التماس الأعذار للمبتدعة فيما انتُقد عليهم والتسويغ لهم وحمل كلامهم الظاهر في البطلان على المحامل الحسنة، يجعلنا في ريبةٍ كبيرةٍ ممن كان هذا حاله، ومثل هذه الأفاعيل قد تكون عند أهل السنة قرائنَ غايةً في القوَّة على انحراف الرجل وميوله للمبتدعة .
قال العلامة عبيد الجابري حفظه الله تعالى: « القاعدة العامة عند أهل السنة في الإلحاق بالمبتدعة تنحصر فيمن يدافع عن أهل البدع وُيسوغ لهم ويعتذر لهم مع علمه بأنهم على ضلال! هذه خلاصتها فلا يصدر هذا إلا من صاحب هوى في الغالب وإن أظهر التستر بالسنة؛ لأنه يخشى سطوة أهل السنة لكنه هو صاحب هوى.
وقد يكون جاهلا من الجهال يحب الخير وليس عنده فرقان, فيظن أن سيد قطب وحسن البنا و المودودي و النـَّدوِى وفتحي يَكنْ ويوسف بن عبد الله القرضاوي المصري المقيم حالياً في قطر نسأل الله أن يطهر قطر منه ومن كل ذلول مبتدع قد يظنهم علماء ولكن هذا إن كان صادقاً جاداً فيما يدعيه أن طُلْبتَه الحق سيرفع يده عن هؤلاء ويتبرأ منهم إذا بُيِّن له وإن كان كاذباً فسيبقى على ما هو عليه نحوهم من الدفاع عنهم والاعتذار لهم وتبرير أخطائهم وتسويفها وحينئذٍ يلحق بهم ولا كرامة عين »[نقلا عن " صيانة السلفي " للشيخ أحمد بازمول (ص465)]
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى كما في الفتاوى(2/132):« ويجب عقوبة كل من انتسب إليهم، أو ذبَّ عنهم، أو أثنى عليهم، أو عظَّم كتبهم، أو عُرف بمساعدتهم ومعاونتهم، أوكره الكلام فيهم، أو أخذ يعتذر لهم بأن هذا الكلام لا يُدرى ما هو، أومَنْ قال أنه صنف هذا الكتاب ؟وأمثال هذه المعاذير التي لا يقولها إلا جاهل أو منافق »انتهى .
** التلوُّن و كثرة الوجوه **
تلون الرجل وكثرة وجوهه يعتبر عند أهل السنة من القرائن الدالة على زيغه وانحرافه .
قال العلامة مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله في كتابه [ " تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب" (ص290) ]: « الجمعيات التي ما أقيمت إلا لأجل اختلاس أموال الناس والصد عن السنة، وتهيئة أنفسهم لأن يكونوا حزبًا، فلو عرفوا من أنفسهم أنّهم سيكونون حزبًا لرأيتهم يدخلون في الانتخابات، وكل شيء جائز عندهم.
لكن الذي هو باق على عماه فنسأل الله أن يفضحه مثل عبدالمجيد الزنداني، فإنك تذهب إليه وتقول له: إخوانك أخذوا علينا المسجد الفلاني، وإخوانك ضربوا إخواننا في المسجد الفلاني، وإخوانك تكلموا في أهل السنة، فيقول: أنا أبرأ إلى الله من هذا، فإذا كنت تبرأ إلى الله فاخرج منهم ولا تبق على ما أنت عليه، ومستعد مثل أحمد المعلم أن يكون له وجه صوفي بين الصوفية، فهو الذي يثني على عبدالله الحداد، ويثني على بعض الصوفية، ووجه إصلاحي وهو وجه الوظيفة، فإنّهم لن يبقوه في مكتب التوجيه والإرشاد إلا وعنده وجه إصلاحي، وإذا دعوه إلى احتفال بالمولد هم والصوفية فسيحضر ويخطب، لا في تحذير الناس من الموالد، بل يأتي له بموضوع جانبي.
وهكذا عنده وجه سلفي، إذا دخل إلى السلفيين إلى السعودية من أجل الدرهم والدينار، ونحن قد دعوناه إلى السلفية قبل أن يتورط فيما تورط فيه، أول ما جاءني إلى دماج وقال: أنا لا أستطيع أن أصبر صبركم.
فالحزبي مستعد أن يكون له خمسة أوجه، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: « إنّ من شرّ النّاس ذا الوجهين الّذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه » .
** التضايق من منهج الجرح والتعديل و من كتب الردود **
من أمارات بعض المندسين في أوساط السلفيين تضايقهم من كتب الردود السلفية على المخالفين، إلى حد التزهيد في قراءتها، بطريقة ماكرةٍ غير مباشرة، فتجدهم يقولون: بأن الاشتغال بالردود على المخالفين والقراءة في كتب الردود يشغل عن العلم والدعوة، والأولى لطالب العلم أن يجتهد في تحصيل العلم ودعوة الناس إلى السنة، و هم بذلك يريدون أن يصرفوا الناس عن هذه الكتب
التي تبصِّر الناس بالحق، والتي من خلالها يقِفون على واقع كثير من الدعوات الفاسدة المنحرفة عن منهج السلف، فكتب الردود هي الفاضحة والكاشفة لمخازي من يواليهم أمثال هؤلاء سرًّا وخفيةً، فلذلك يحاولون صرف الناس عنها بهذه الأساليب الحزبية الملتوية، وبأقنعة النصح وإرادة الخير للناس، فكونوا منهم على حذر، فكتب الردود فيها الفقه الصحيح ، والعقائد الصحيحة وبيانٌ لسبيل المؤمنين مفصلة لتُحب وتُسلك، ولسبيل المجرمين مفصلة لتعرف وتجتنب كما قال ابن القيم رحمه الله .
** الولاء للمبتدعة والحزبيين **
الولاء والبراء من أعظم أصول أهل السنة، به يتميَّز الصادق في انتسابه للدعوة السلفية من الكاذب، فلا يكون من أهل السنة إلا من كان مواليًا لهم بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، ومن معانيها محبة أهل السنة ونصرتهم والاجتماع معهم و تكثير سوادهم والذب عنهم، و حضور مجالستهم، وتلقي العلم عنهم دون أهل البدع ..إلى غير ذلك .
ومن لم يكن كذلك بأن كان ولاؤه لأهل البدع فهو منهم، وقد يُضيف إلى ذلك نُفرته من أهل السنة وعدم احتفائه بهم وزهده في مجالسهم فلا شك في حزبية من كان هذا حاله، لأنه بصنيعه ذاك قد عكس أمر الولاء والبراء، فوالى من يستحق البغض والعداء، وعادى من يستحق الموالاة والمحبة .
قال العلامة الشيخ: محمد بن هادي المدخلي حفظه الله: « ليس لمبتدعٍ غيبة؛ في مقام التحذير والتبين للناس، وكذا من والاه؛ إذا والاه وهو يعلم فإنه يُلحق به؛ أنت إذا رأيته من أول وهلة وهو سني فيجب إحسان الظن، تنصح له كما قال الإمام أحمد فيما رواه أبو داود وغيره عنه - رحمه الله -: « يا أبا عبد الله أرى الرجل مع الرجل من أهل البدع؛ أفأهجره لا أكلمه؟ قال -رحمه الله-: أو تحذره منه"
أو يعني بل، بل حذره منه، ثم إن رأيت بعد ذلك يُماشيه فألحقه به » .
فإذًا هجران من والى المبتدعة أمر متقرر عند السلف - رحمهم الله -... .
فإن من والى المبتدع ونصره وذبَّ عنه فهذا مثله مبتدع لا شك ولا ريب، وإذا صاحبه فكما تقدم في مجالسة أهل الأهواء:-
عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه *** فإن القرين بالمقارن مقتدي ...
فإذا رأيته معه فاعرف أنه يحبه؛ لأنه قد تقدم معنا:« أَوْثَقُ عُرَى الْإِيمَانِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ » [صححه الألباني في الصحيحة " رقم (1728 )] فلا يمكن أن يُحب صاحب السنة صاحب البدعة؛ وذلك لأن الحبَّ ميلٌ قلبيٌّ فما يمكن أن يتأتَّى إلا إذا تقاربت القلوب؛ قال الأصمعي-رحمه الله- :« إذا تقاربت القلوب في النسبة تلاقت الأبدان في الصحبة »انتهى .
يعني: إذا كانت النسبة في هذا القلب مثل النسبة في هذا القلب تقاربت الأجساد؛ فالمرء على دين خليله؛ فما يمكن أن يواليه إلا وهو على طريقه، ولا ينصره إلا وهو على طريقه، ولا يُذب عنه إلا وهو على طريقه، ولا يُصاحبه إلا وهو على طريقه، وإن كان يظهر أمامك بأنه صاحب سنة؛ فصاحب السنة لا يجتمع مع صاحب البدعة أبدًا والله الذي لا إله غيره؛ وإن زعم لك أنه على السنة؛ فنقول الأعمال تُصدِّق أو تُكذِّب؛ فعملك يُكذب قولك - نسأل الله العافية والسلامة. -»انتهى.
[شرح الإبانة الصغرى، الدرس الثالث، نقلا عن ميراث الأنبياء]
** الغمز الخفي في مشايخ السنة و التزهيد فيهم و في مجالسهم **
يتظاهر بعض المندسين في صفوف الدعوة السلفية بتبجيل مشايخنا واحترامهم، بيد أنهم يلمزونهم و يغمزونهم، ويزهِّدون في مجالسهم من طرفٍ خفي، فتجدهم يسعون في صرف الشباب عنهم وعن دروسهم، بأساليب مختلفة، فتارة: يزعمون بأن دروس مشايخنا ليست بتأصيلية، وأن من جلس فيها وهو غير مؤصل لن يستفيد شيئًا، وتارة: يقولون: بأن هذه الدروس أكبر من مستوى الطلبة الحضور والذي ينبغي لطالب العلم أن يتدرج و يبدأ بالمختصرات قبل المطولات..، إلى غير ذلك من المثبطات التي لا قصد لهم من ورائها إلا زحزحة الشباب عن مشايخهم ليسهُل افتِراسهم من قِبل من يتولَّاهم هؤلاء من الحزبيين والمبتدعة .
قال العلام المجاهد ربيع المدخلي حفظه الله:« الآن: فإن ناسًا ينشئون في صفوف السلفيين، فما شعرت إلا وهم يشدخون في رءوس العلماء! .
هؤلاء ماذا يريدون ؟! ماذا يريدون ؟! لو أرادوا الله والدار الآخرة، وأرادوا نصرة هذا المنهج وهم يحبون هذا المنهج، والله لدافعوا عن علمائه .
فلا تأمنوا هؤلاء على دينكم، ولا تثقوا فيهم ـ بارك الله فيكم ـ واحذروهم كل الحذر... الذين يطعنون الآن فإنهم يقولون عن أنفسهم: إنهم سلفيون، ثم يطعنون في علماء السلفية!، ماذا يريدون ؟ يريدون رفع راية الإسلام؟! ورفع راية السنة والمنهج السلفي؟! أبدًا ، أبدًا ، هذه قرائن وأدلة على أنهم كذابون متهمون ، مهما ادعوا لأنفسهم »["الحث على المودة والتآلف والتحذير من الفرقة والاختلاف"(ص 43)].
هذا آخر المراد .
و الباب مفتوح لمن أراد إثراء الموضوع وإفادة إخوانه بالزيادة على ما ذُكر، والله من وراء القصد وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
منقول من منتديات التصفية و التربية