بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
كلمات أقولها للمظهرية الجوفاء التي غزت قلوبنا وعقولنا وأفسدت عباداتنا وإخلاصنا لله رب العالمين.
أيتها المظهرية!
حسْـبُــك حسْـبُــك!
فقد غزوت المذياع والرائي.
غزوت الشارع والسوق والبيت.
غزوت المساجد والمصاحف
وقبل كل هذا، غزوت الأفئدة والقلوب.
رأيتك في المدارس، في دفاتر التحضير، في موازين التقويم، في الوسائل التعليمية.
رأيتك في الاستقبال والوداع.
رأيتك في المعاهد والجامعات والمكاتب والدوائر والقرارات والقوانين.
رأيتك تقطعين الأرحام، وتـُـوقعين بين الأقارب والأحباب.
رأيتك تـُـهلكين الفقير؛ في استقبال الضيوف، وفي صنع الطعام.
رأيتك في الأفراح؛ تمصِّـين مال الأغنياء، وتحلبين مال الفقراء، وتذلّينهم بالدِّيون.
رأيتك في المآتم؛ لا ترحمين غنياً أو فقيراً، تستمتعين بالإسراف، وصرف المال بغير الحق.
رأيتك في الحفلات تمتطين النِّـفاق، وتركبين الكذب، وترتدين الأثواب الزاهية، وتحرِّكين الأيادي للتصفيق.
رأيتك في تقديم المحاضرين؛ تمتدحين أبرز أعمالـهم، لتقطِّـعي ظهورهم، وتذبحي إخلاصهم، وتحبطي أعمالهم.
رأيتك تـُـمـتطين لكل باطل.
رأيت أنصارك من المنافقين والكسالى والمرجفين والجاهلين، ورأيت أعداءك من المؤمنين العاملين المخلصين العالمين.
رأيتهم يسخـِّرونك لكل باطل وفاسد.
رأيتك حيث ينبغي أن تكوني.
أيتها المظهرية!
كم ذُرِفت من جرَّائك الدموع وأفلست الجيوب!
كم نافقتْ لأجلك النفوس وكذبت الألسنة!
كم عـُـبِدتِ من دون الله – تعالى -!
كم قـُـدْتِ من خلق الله – تعالى – إلى النار!
كم دمرتِ ودمّـرت في المجتمع!
كم هتكتِ من سترٍ، وضيّـعْتِ من عباد!
كم منعتِ من هدايا، وحرمتِ من صلات!
كم وكم عـطـّلت من نكاح وزواج!
كم سددتِ من سُـبُـل الخير، وكم فتحت من سُـبُـل الشر!
وقـانـا الـلّــه منــكِ يــا مـهـجــة الـشـيـطـان الـرجـيــم!
اننا نعيش مفارقات غريبة سببها تعظيم المظاهر و الماديات و اغفال النظرة الصائبة
للشريعة الاسلامية .....ومما يشعل نار العجب في الصدور ::::
أن الاسلام حين يأمر بالاهتمام ببعض المظاهر ، تجد من يدعوا الى التفلت من هذا بحجة
الاهتمام بالباطن وأن المظهرية لا فائدة ترجى من ورائها ,,,زعموا !!!!!!
زعموا!!!!!! زعموا !!!!!!!!
فاذا خاطبتهم عن اللحية -وهي مظهر من المظاهر-قالوا ليست العبرة بالشعر ،
ولكنها بالايمان الذي يعمر القلوب !!!!!!
سبحان الله !!! سبحان الله !!!!
واذا قلت لهم "ما أسفل الكعبين من الازار ففي النار" قالوا هذه قشور!!!!
فسبحان الله !!!!! سبحان الله !!!!!!!!!
وان دخل أحدهم مجلسا و لم يقم له بعضهم ،اشتد غيظه ،ونسي حب القلوب وطلب الاحترام الظاهر بالقيام !!!!!
فسبحان الله !!!! سبحان الله !!!!!
وان قيل لهم :مصافحة الأجنبية ومن يحل لهم زواجها حرام ،،قالوا النفوس عفيفة نقية !!!!!
فسبحان الله !!!!! سبحان الله !!!!!!
وان جاء الفقير الذي يرضى عن دينه و خلقه للزواج من ابنتهم ، صارت العبرة بالظاهر ،
واستغنوا عن نقاء الباطن ،والمهم أن يكون ذا مال أو منصب أو جاه !!!!!!
فسبحان الله !!!!! سبحان الله !!!!!
واذا طلب منهم رص الصفوف و تسويتها ،قالوا هذه شكليات ولكنهم عندما جاءهم من يخطب ابنتهم آآآآآمنوا بالشكليات ،فعقدوا الأمور ،وضاعفوا المهور ، سووا صفوفهم في حفلاتهم
ومدارسهم و معاهدهم و معسكراتهم ، أما في المسجد فلا لا لا لأنه من الشكليات !!!!!!
فسبحان الله !!!!! سبحان الله !!!!!!!
أيها المسلمون : تعددت أشكال اهتمام الناس بالمظاهر ، في هذا الزمان ، ففئة من الناس تراها في تشييد القصور، والتعالي في البنيان، ووفرة الخدم والحشم. تبهره زينة المراكب والمآكل ، والمساكن والملابس ، فلا يريد من السيارات إلى فاخرها ، ولا يلبس من الثياب إلا غاليها.
وفئة أخرى تتخيلها في الألقاب الرفيعة، أو في رتب الوظيفة ، وفئام من الناس، يرونها في أن يسلب الرجل مال أخيه، وينهب ثروات أقاربه و ذويه، ليشيد بما يصيب من السحت بيتاً، ويرفع بناءً ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً (
ومن الناس من ابتلي بالمظاهر في الأمور الدينية ، كالعلم والدعوة ، والإرشاد والتوجيه ، قال صلى الله عليه وسلم: «من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله ، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا في الدنيا ، لم يجد رائحة الجنة يوم القيامة»
ومنهم من يريد في البيت هاتفاً ، وفي الجيب جوالاً ،و مع قلة القناعة ، وخوفٍ من ازدراء الناس ، ومسايرةٍ للمجتمع ، وإرضاءٍ للزوجة ، وتظاهرٍ بالغنى أمام الأقارب ، وانعدامِ ذاتِ اليد ، فيقترض من هذا ، ويستدين من ذاك ، مظاهر جوفاء ، تحمله الديون ، وتثقل كاهله بالأعباء . حتى هجروا بيوتهم من كثرة الدائنين ، وتواروا عن أنظار المطالبين ، غابوا عن المناسبات ، وتركوا الاجتماعات . حتى ألجأتهم الحال إلى سؤال الناس ، واستحلال الزكاة ، والوقوف بالمساجد ، وطرق أبواب التجار ، أرغمتهم المظاهر بأن يكونوا متسولين ، امتلأت السجون ، وضاعت كثير من الأسر ، فما أغنت عنهم المظاهر شيئاً .
المظهرية تراها تقطع الأرحام ، وتوقع بين الأقارب الخصام ، تراها في استقدام السائقين والخادمات ، وفي حفلات الأعراس، وحجتهم نريد أن نكون مثل الناس .
عباد الله : ينبغي ألا يكون المسلم كريشة في فلاة، تقلبها الريح ظهراً لبطن، إن استحسن الناس أمراً استحسنه ، وإن استقبحوه استقبحه . بل إنه يستقي الخلق من القرآن والسنة ، فالحسن عنده ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه . ولا بد أن نربي أنفسنا على القناعة ، وأن نعرف قدر الدنيا ﴿يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ (
أيها المسلمون : كم من ظريف اللسان ، عظيم الشأن ، جميل المنظر ،هالك يوم القيامة ، لسوء عمله ، وكآبة منقلبه ، وقبح سيرته ، وسوء سريرته ، فالقلب هو محل نظر الحق ، فلا عبرة بحسن الظاهر ، وزخرف اللسان ، مع خبث الجنان ، ففي الصحيحين عن حارثة بن وهب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «ألا أخبركم بأهل الجنة : كل ضعيف متضعف، لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار : كل عتل جواظ مستكبر» .
و فيهما أيضاَ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «تحاجت الجنة والنار ، فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين ، وقالت الجنة : لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم ، فقال الله للجنة : أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي ، وقال للنار : أنت عذابي ، أعذب بك من أشاء من عبادي» وقوله صلى الله عليه وسلم «التقوى هاهنا» يشير إلى صدره ثلاث مرات : فيه إشارة إلى أن كرم الخلق عند الله بالتقوى ، فرب من يحقره الناس لضعفه ، وقلة حظه من الدنيا ، وهو أعظم قدراً عند الله تعالى ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ
وعدم التكلف في العناية بالمظاهر هو دأب الأنبياء ، وشأن الأولياء ، ومنهج الحكماء ، ففي تاريخ ابن عساكر أن عمر رضي الله عنه ، لما قدم الشام تلقته الجنود ، وعليه إزار وخفان وعمامة ، وهو آخذ برأس راحلته ، يخوض الماء ، وقد خلع خفيه ، فجعلهما تحت إبطه ، فقيل له يا أمير المؤمنين ، تلقاك الجنود وبطارقة الشام ، و أنت على هذه الحال ، قال إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نلتمس العز بغيره ، وكان عمر رضي الله تعالى عنه إذا نظر إلى ذي سيما سأل : ألَهُ حرفه ؟ فإذا قيل لا سقط من عينه ، وقال بعضهم إلبس من الثياب ما يخدمك ولا يستخدمك ، وقال العتبي : أخزى الله من ترفعه هيئة ثيابه وماله ، لا أكبراه همته ونفسه ، وإنما الهيئة للأدنياء والنساء ، والتزين باللباس للرجال ، من المعايب والمذام ، إذ هو من صفة ربات الحجال. و كان سعد بن أبي وقاص في إبله ، فجاء ابنه فقال : نزلت ههنا وتركت الناس يتنازعون الملك ، فضرب سعد في صدره وقال : اسكت ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله تعالى يحب العبد التقي الغني الخفي» رواه مسلم .
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::: ::::::::
-المظهرية الجوفاء وأثرها في دمار الأمة _للشيخ حسين العوايشة
-المظهرية الجوفاء لفهد بن حسن الغراب
-مواضيع مختلفة من النت
بارك الله في الجميع