. الحاج زيان بن الضيف ..الرجل المثقف نصير الفقراء..
نقلا عن كتاب "منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير" للدكتور عبد الحميد عباسي.
[IMG][/IMG]
ولد زيان بن محمد الآغا بن الضيف بوادي الشعير دائرة بن سرور عام 1897 ، درس القرآن الكريم ومبادئ اللغة العربية في مسقط رأسه ، ولما بلغ المرحلة الثانوية التحق بثانوية بن عكنون (المقراني حاليا) ، ثم سافر إلى فرنسا لمزاولة دراسته بمعهد collége de cannes الفلاحي وتخرج منه مهندسا في مجال الفلاحة .
كان زيان بن الضيف صاحب آراء سديدة وأخلاق حميدة ومكارم عديدة ، مواظبا على فعل الخيرات ، ومازال أبناء المنطقة إلى اليوم يذكرون فضائله ويشيدون بخصاله ومناقبه ،ويحفظون مآثره ومواقفه ، ومن هذه الفضائل فضله رحمه الله في تخطيط مدينة بن سرور وتهيئتها وإعمارها بطريقة حديثة ، وإقامة أسواقها ومرافقها وتزيينها بالأشجار التي مازالت شاهدة إلى اليوم على حسن تدبير هذا الرجل ومهارته في أمور التخطيط والبناء والتعمير.( رقم 44 رقم 45)
في سنة 1936 عزم زيان على أداء فريضة الحج للمرة الأولى مصطحبا صديقه ومعلم أبنائـه الشيخ بن العمري محمد بن احمد ، وبعد وفاة شقيقه الطيب بن مقران سنة 1939 أصبح وكيلا شرعيا قائما على حفظ أمواله و رعاية مصالح أبنائه القصر لمدة عشر سنوات إلى أن كبر الأبنــاء وأصبحوا راشدين. (رقم 46)
انخرط الحاج زيان مبكرا في النضال السياسي ضمن أحزاب الحركة الوطنية الناشطة في ذلك الوقت ، وظهر نشاطه بصورة جلية في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ، وفي حزب البيان ثم حزب الاتحاد الديمقراطي للبيـان الجـزائري UNION DEMOCRATIQUE DU MANIFESTE ALGERIEN ( U.D.M.A) بقيادة صديقه وزميله في الدراسة عباس فرحات ، وقد نُسب له الفضل في نجاح الزيارة التي قام بها فرحـات وعباس ورفاقه إلى المنطقة عام 1946 رغم عدم ظهوره شخصيا مع الوفد بصورة علنية ،لكن حضور بعـض أفراد الأسرة والتسهيلات التي حظي بها الوفد توحي أن هناك موافقة ضمنية ورضا عن الزيارة ومباركة غير معلنة من طرف الباشآغا أحمد بن الضيف ومن زيان شخصيا بحكم العلاقة الشخصية التي تربط هذا الأخير بعباس فرحات من أيام الدراسة وفي حقل العمل السياسي الوطني.وقد انعكست هذه الروابط بين الحاج زيان وفرحات عباس في النتائج الايجابية للانتخابات التشريعية التي جرت في 1946 وفاز فيها مرشحو القائمة الوطنية برئاسة عباس ،كما تم ترشيح بن الضيف زيـان لأول انتخابات بلدية تجرى في بلدية بن سرور وفوزه بها في ربيع 1947.*
لقد سار أبناء الآغا محمد من بعده سيرة والدهم في مجال الأعمال الخيــرية لفائدة الفقراء والمحتاجين وخصوصا : الحاج أحمد ومحمد الصغير والحاج زيان ،فأجروا المياه وبـنوا المخابز والأرحاء "المطاحن" ،كما أن طريقة ممارسة وظائفهم و أسلوبهم في معالجة مشاكل الناس بالحسنى وبــواسطة اللجوء إلى "صلح الجماعة" حرمت المستعمر من التدخل في شؤون المجتمع المسلم المحافظ، لدرجة أن محكمة بوسعادة اشتكت لدى السلطات الفرنسية بأن المواطنين المحليين "les indigènes " من منطقتي بن سرور ووادي الشعير لا يحتكمون إليها،وقد استخدم زيان وإخوانه نفوذهم عند السلطـــات القضائية والإدارية الفرنسية لفائدة أبناء المنطقة ، وغالبا ما كانوا يتدخلون لإنقاذ المطلوبين من بطش السلطات الفرنسية ،ومساعدة الملزمين بدفع الضرائب العاجزين عن التسديد وإلزام شيوخ القبيلة بمساعدة الفقراء منهم.. ويُروى عن الحاج زيان أنه كان يشجع المطلوبين لأداء الخدمـة العسكرية الإجبارية على عدم الالتحاق ويعمل ما بوسعه على رفضهم وعدم قبولهم، ويروي أحد المعنيين بالخدمة العسكرية في مطلع الأربعينيات أنه كان ضمن 60 شابا من أبناء المنطقة فتدخل زيان بن الضيـف في القائمة وزاد في تواريخ ميلادهم أكثر من خمس سنوات ليبدو كبارا عن أداء الخدمة ،وكانت النتيجة في النهاية رفـض 57 شابا منهم وقبول ثلاثة فقط ،و عرف عنه أيضا أنه كان يساعد المتمردين والفارين بأسلحتهم من الجيش الفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية المعروفين محليا "بالمنافقين " ومنهم جباري المختـار ورحماوي أو رحماويسا محمد الصغير على الفرار والاختباء ، وذاعت بين الناس قصة إنقاذه لحياة المجاهد بن الشارف عيسى بن قويدر بعد المطاردة الفرنسية له على اثر مشاركته في أحداث 08 ماي 1945 بمدينة بسطيف وهروبه من هناك إلى مسقط رأسه بن سرور بعد أن أمعن في المحتلين قتلا وجرحا، حيث أصدر إقرارا يؤكد عدم تواجد المعني بمدينة سطيف خلال تلك الأحداث، وعدم مغادرته لمسقط رأسه بن سرور في تلك الفترة.
أصيب الحاج زيان بمرض عضال أثناء وجوده بالبقاع المقدسة ، وفور عودته أدخل مستشفى العاصمة ،لكنه توفي بعد وقت قصير في 25 ديسمبر سنة 1952 ودفن بمقبرة العائلة بجبل ميزارزو ،وبعد أقل من أربعة أشهر عن وفاته انتخب ابنه العلاء لرئاسة بلدية بن سرور يوم 17 أفريل سنة 1953.