النظام الاشتراكي
تاريخيا اعتمدت الكثير من النظم الاشتراكية في المراحل الأولى على تنمية الصناعات الثقيلة أي تلك الصناعات التي تنتج المعدات الإنتاجية كصناعة الحديد والصلب مثلا، على أن يقوم في مرحلة تالية بالتركيز على الصناعات الخفيفة ثم في مرحلة ثالثة يتم الانتقال لإنتاج الصناعات الاستهلاكية الضرورية ثم الصناعات الكمالية في مرحلة رابعة، فقد نظر لذلك على أنه أسرع وسيلة لتنمية المجتمع وقواه المنتجة وخاصة أن أغلب النظم الاشتراكية قد قامت في ظل حالة تخلف شديد وتأخر نسبي عن النظم الرأسمالية.
ما النظام الاشتراكي؟
يقوم النظام الاشتراكي أساسا على ضرورة تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، وذلك للحد من الاستغلال الرأسمالي وتركُز الثروة في أيدي عدد محدود من أفراد المجتمع وتوفيرا لمزيد من فرص العمل للمواطنين.. وقد زاد مدى تأثير الفكر الاشتراكي مع الأزمة الاقتصادية العظمى التي شهدتها المجتمعات الرأسمالية خلال الفترة من 1929-1933 حيث زادت معدلات البطالة وعانت هذه المجتمعات من ركود شديد في الإنتاج... وتتلخص فكرة النظام الاشتراكي في ضرورة الملكية العامة لوسائل الإنتاج وتدخل الدولة لتحقيق هدفين هما الكفاية في الإنتاج والعدالة في التوزيع..
يتميز النظام الاشتراكي بثلاث سمات رئيسية:
1. الملكية العامة لوسائل الانتاج:
في ظل النظام الاشتراكي لا يحق للأفراد أن يملكوا وسائل الإنتاج؛ حيث إن الفكر الاشتراكي يرى أن هذا التملك الفردي هو الوسيلة التي يتم بها استغلال أغلب المواطنين.. وتكون وسائل الإنتاج مملوكة ملكية جماعية للمجتمع ككل.
2. التخطيط:
يقوم النظام الاشتراكي أساسا على وجود جهاز مركزي للتخطيط يعمل على التوفيق بين الموارد والاحتياجات وذلك عن طريق وضع خطة قومية تحدد فيها مجموعة الأهداف التي يرغب المجتمع في تحقيقها خلال فترة زمنية محددة وتلتزم جميع المنشآت الإنتاجية بتحقيق الأهداف الموضوعة لها في الخطة وبذلك يتم تحقيق التوفيق بين الموارد والاحتياجات.
3. إشباع الحاجات الجماعية:
يقوم المخططون في المجتمع في ظل النظام الاشتراكي بدراسة احتياجات المجتمع من السلع والخدمات المختلفة وتحديد كمياتها ودراسة الموارد المتاحة وكمية الاستثمارات التي يمكن القيام بها.. وحيث إن الموارد في أي مجتمع لا تسمح بتلبية كافة الاحتياجات، لذلك فإن المخططين يقومون بوضع أولويات محددة وذلك بتقديم إنتاج السلع والخدمات التي يرغب فيها غالبية المواطنين على غيرها من السلع والخدمات
الاشتراكية من الإشتراك و قد يشترك الإشخاص في بناء شركة و يبنون شراكة لإتخاذ القرار ، و الاشتراكية مصطلح يعبر عن نظام إقتصادي أو إقتصادي إجتماعي و ظهر مصطلح الإشتراكية بعدة تفسيرات فقد كانت الاشتراكية المسيحية و الاشتراكية الفرنسية و الاشتراكية الديمقراطية و الاشتراكية العلمية و أبرز الأنظمة الإشتراكية كان الإتحاد السوفيتي الذي اتبع الاشتراكية العلمية و فرنسا في عهد ميتران هي إشتراكية ديمقراطية و الاشتراكية مصطلح واسع فقد تكون اشتراك طبقة قليلة او طبقة واسعة في تقاسم ثروات الوطن
و الإشتراكية العلمية هي نظام اجتماعي اقتصادي يقوم على ايديولوجيا تقول أن الجماهير العاملة من الشعوب هي التي يجب ان تمتلك وسائل الإنتاج . و بالرغم من تغير مدلولات المصطلح مع الزمن فإنه يبقى يدل على تنظيم الطبقات العاملة و تبقى الأحزاب المرتبطة به تنادي بحقوق هذه الطبقات.
تهدف الاشتراكية الي مشاركة الجميع - جميع فئات الشعب - في الانتاج والدخل القومي وبناء الدولة واذابة الطبقات الاجتماعية و المساواه بين الجميع ماديا ومعنويا وكثيرا ما يتم الخلط بين [الشيوعية] ايدلوجيا والاشتراكية كمنهج اقتصادي, فالاولي أكثر شمولية و تشددا والثانية أكثر ديموقراطية و تركيزا علي المنهج الاقتصادي وفي حين ان الشيوعيون يؤكدون ان تصب في النهاية في مبدأ الاشتراكية التي نادي بها ماركس الا ان الاشتراكيون لا ينظرون لانفسهم علي انهم ماركسيون ويطلقون علي انفسهم دائما الديموقراطيون الاشتراكيون.
ومن الانظمة العربية التي عملت بالاشتراكية <<ثورة 23 يوليو 1952>> التي قام بها الرئيس جمال عبد الناصر وحققت في مصر انجازات هامة جدا و عظيمة جدا كجلاء الإنجليز عن مصر و تأميم قناة السويس و بناء السد العالي و بناء الالاف من المصانع في مختلف المجالات واخر انجازات الاشتراكية هو حرب السادس من أكتوبر 1973 الذي حرر سيناء من قبضة إسرائيل حتي انتهت الاشتراكية في مصر بقرار الرئيس السادات بالأخذ بنظام السوق الحر <<الرأسمالية>> في ما يسمي بالانفتاح في 1975
عيوب النظام الاشتراكي
تحدثنا في المرة السابقة عن كيفية نشأة النظام الاشتراكي وكيفية عمله وعلى الرغم من ظهور بعض المميزات عند عرض النظام الاشتراكي في الإطار النظري إلا أنه في الحقيقة قد انطوى على كثير من العيوب القاتلة والتي أدت إلى سقوط أغلب المجتمعات الاشتراكية اقتصادياً وإلى تحول أغلب المجتمعات الاشتراكية إلى مجتمعات رأسمالية بعد ذلك وأبرز هذه العيوب هي:
1- المركزية الشديدة وتركز السلطة:
فكما ذكرنا من قبل أن الأسئلة الثلاثة (ماذا ننتج ؟ كيف ننتج ؟ لمن ننتج ؟) يتم الإجابة عليها بواسطة جهاز التخطيط، وفي الحقيقة جهاز التخطيط في الغالب هو السلطة العليا في الدولة المتمثلة في طبقة الحزب الحاكم، مما يعني تحول الدولة إلى ديكتاتورية تحكمها طبقة الحزب الحاكم ويتحكمون في كل شيء يجري في الدولة.
وقد نتج عن هذه المركزية الشديدة وتركز السلطة الوقوع في العديد من الأخطاء حالت دون تحقيق الكفاءة الاقتصادية والكفاءة الإنتاجية في تخصيص الموارد, هذا بالإضافة إلى التأخر في اتخاذ القرارات, فنتيجة لتركز السلطة في يد السلطة العليا يجب أن ترفع إليها الكثير من البيانات والإحصائيات لتصدر القرار ثم تنزل هذه القرارات مرة أخرى, ولك أن تتخيل الوقت الذي يتطلبه رفع بيان أو إحصائية عن صناعة من الصناعات مثلاَ حتى يصل إلى السلطة العليا, ثم الوقت الذي تستهلكه السلطة العليا إلى المسئولين عن هذه الصناعة. لا شك أن هذا يستغرق وقتاً كبيراً جداً مما يؤدي إلى بطء في اتخاذ القرارات وبالتالي سوء استغلال للفرص.
2- البيروقراطية والتعقيدات المكتبية:
وقد تعمقت البيروقراطية والتعقيدات المكتبية نتيجة لأن تحديد كمية ونوعية الإنتاج واختيار طرق وأساليب الإنتاج وغيرها كلها قرارات يتم اتخاذها من جهاز التخطيط المركزي وبالتالي فهذا يتطلب عدداَ كبيراَ جداً من الموظفين الذين يقومون بجمع البيانات والإحصاءات وتبويبها وتحليلها, وموظفين آخرين لدراستها ومقارنتها حتى يتمكن جهاز التخطيط المركزي من اتخاذ القرارات المناسبة وقد أدى ذلك إلى تضخم الجهاز الإداري وتزايد الأجهزة الرقابية مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج من ناحية وإلى تعطيل كثير من الإجراءات من ناحية أخرى ناهيك عن بعض التطبيقات التي أسفرت عن التسيب والفساد.
3- عدم القضاء على الاستغلال:
حيث أسفر التطبيق العملي للاشتراكية أنها لم تستطع تحقيق العدالة في التوزيع بل حدث خلاف ما ادعته، ففائض القيمة الذي كان يذهب للرأسماليين في ظل النظام الرأسمالي أصبح يذهب إلى الدولة في النظام الاشتراكي ولم يؤول إلى الطبقة العاملة، وهكذا ظلت العمالة مستغلة حتى في النظام الاشتراكي حيث لا تستلم قيمة إنتاجها وإنما تستلم بالقدر الذي تراه الحكومة مناسباً.
كما ظهر نوع استغلال آخر نتيجة للمبدأ: "كل حسب طاقته ولكل حسب حاجته". ولنفترض مثلاً أن هناك شخصين ( س ، ص ):
س قدرته =10 وحدات.
ص قدرته= 5 وحدات.
وإذا نظرنا إلى الحاجات:
س حاجته 5 وحدات.
ص حاجته 10 وحدات.
فمعنى ذلك أننا سنأخذ من الشخص "س" 5 وحدات ونعطيها للشخص "ص" وبالتالي فهذا استغلال من الشخص "ص" للشخص "س".
4- غياب نظام حوافز كفء :
وقد أشارت بعض الدارسات المقارنة بين النظام الاشتراكي والرأسمالي أن إنتاجية العامل في النظام الاشتراكي أقل من إنتاجية العامل في النظام الرأسمالي وذلك لأن العامل في النظام الاشتراكي لا يجد ما يحفزه على الإنتاج طالما أنه يستلم أجراً محدداً بغض النظر عن إنتاجيته، فغياب حافز الربح أدى إلى انخفاض الإنتاجية لدى أفراد المجتمع الاشتراكي. وقس على العمال المديرين ورؤساء الشركات لهم أجر محدد كذلك، وبالتالي تجدهم ليس لديهم الدافع لتوسيع الشركة ولا لتغطية ربحها مما يؤدي إلى سوء استغلال الموارد الاقتصادية وعناصر الإنتاج كما أدى إلى تخلف الآلات والمعدات المستخدمة في العمليات الإنتاجية. وقد أدى كل ذلك إلى انخفاض مستوى معيشة الأفراد بشكل عام في ظل النظام الاشتراكي مما جعل كثيراً من المجتمعات تثور على النظام الاشتراكي وتتحول إلى النظام الرأسمالي مما يدل على فشل النظام الاشتراكي في الإجابة على الأسئلة الاقتصادية الثلاثة بكفاءة وفشله في استغلال الموارد الاقتصادية بشكل جيد.
صور من تحول المجتمعات الاشتراكية إلى رأسمالية:
في بولندا: أطاحت حركة تضامن بالحكومة الشيوعية، وحكمت البلاد عناصر غير شيوعية لأول مرة وأصبح الحزب الشيوعي هامشياً.
في المجر: تم حل الحزب الشيوعي المجري وقيام حزب اشتراكي ديموقراطي خلفاً له يؤمن بالتعددية الحزبية وبالديموقراطية وتبني قوانين السوق ( الرأسمالية ).
في تشيكوسلوفاكيا: خرجت الجماهير في مظاهرات ضخمة تنادي بالإصلاح واختفى وجه الزعيم الشيوعي التشيكي "ميلوس جاكيس" ودعا "باتسلاف هاقل" الرئيس الجديد إلى محو كل آثار الشيوعية في البلاد وتعهد بإقامة دولة جديدة تحترم حقوق الإنسان.
في رومانيا: خرجت الجماهير في مظاهرات تطالب بالإصلاح وانتهت بإعدام الرئيس "شاوشيسكو" بعد اتهامه بالخيانة ونهب أموال الدولة.
وفي يوليو 1990 م وافق برلمان رومانيا من حيث المبدأ على خطة عقدّ اللبنة الأولى نحو التحول إلى نظام الاقتصاد الحر.
في ألمانيا الشرقية: في 1 يوليو 1990 م اندمج النظام الاقتصادي لألمانيا الشرقية مع النظام الاقتصادي لألمانيا الغربية بعد أن قررت ألمانيا الشرقية التحول إلى نظام اقتصاد السوق الحر (الرأسمالية) وجعل المارك الألماني الغربي العملة الرسمية فيها.
حتى الاتحاد السوفيتي نفسه: القطب الاشتراكي المواجه لقطب الرأسمالية في العالم سقط مع بزوغ فجر 1992 م وتفكك إلى خمسة عشر دولة على رأسهم جمهورية روسيا.
الاقتصاد المختلط:
النظام المختلط هو النظام الذي يجمع بين الاشتراكية والرأسمالية فليس 100% اشتراكياً وليس 100% رأسمالياً, وإنما نسبة منه اشتراكي ونسبة منه رأسمالي.
والحقيقة الواقعية أنه لم يطبق أي من النظامين في الواقع بنسبة 100% بل حينما نتكلم عن دولة رأسمالية معناها الواقعي أنه يغلب عليها النظام الرأسمالي وحين نتكلم عن دولة اشتراكية فنعني في الواقع يغلب عليها النظام الاشتراكي أما أن يوجد في الواقع نظام يطبق أحد النظامين الرأسمالي أو الاشتراكي بنسبة 100% ولا يطبق شيئاً من النظام الآخر فلم يحدث.
الاتجاه العالمي السائد من الاشتراكية للرأسمالية:
إذن فجميع دول العالم تقف بين الرأسمالية التامة والاشتراكية التامة, وأغلب الدول اليوم تغلب نسبة الرأسمالية على الاشتراكية وحتى الدول التي ترجح الاشتراكية تتجه الآن نحو الرأسمالية أو ستتجه قريباً بعد رحيل رؤسائها الاشتراكيين، إذاً الاتجاه العالمي السائد هو من الاشتراكية إلى الرأسمالية نظراً للنجاح الرأسمالي حتى الآن على الرغم من عيوبه الكثيرة إلا أنه يعتبر ناجحاً بالنسبة إلى النظام الاشتراكي.
كيف أجابت الاشتراكية على الأسئلة الثلاثة:
أجاب النظام الاشتراكي على الأسئلة الاقتصادية الثلاثة ماذا تنتج، لمن ننتج، كيف ننتج على النحو التالي:
ماذا ننتج؟
جهاز التخطيط في الدولة هو الذي أجاب على هذا السؤال، وذلك عن طريق تحديد الحاجات في المجتمع، وتحديد الموارد، ووضع خطة لكيفية توزيع الموارد على الحاجات.
كيف ننتج؟
وجهاز التخطيط في الدولة هو الذي يتخذ القرار النهائي في هذا المجال، فهو الذي يحدد أسلوب الإنتاج ليلائم حجم الموارد المتاحة في المجتمع.
لمن ننتج؟
أي كيفية توزيع الناتج على من شاركوا في العملية الإنتاجية، وهنا الدولة هي التي تجيب على هذا السؤال؛ فالدولة هي التي تحدد حجم العمالة ومعدل الأجر، وبالتالي نصيب الأجور في الدخل القومي، أما الفائض المتمثل في الربح فيذهب إلى خزينة الدولة لاستخدامه في أغراض الاستثمار.