من يرى نتائج تلاميذنا وارتفاع نسبة النجاح في السنوات الأخيرة على مستوى الأطوار التعليمية الثلاث يصدق أن منظومتنا التربوية قد نجحت فعلا في مشروع التغيير الجذري الذي مس جميع البرامج التعليمية بالإضافة إلى الإجراءات الأخرى المتخذة من قبيل فرض إعادة التأهيل بالنسبة لمعلمي الطور الابتدائي من غير الحائزين على شهادة الباكالوريا لكن واقع تلاميذنا اليوم يناقض كل الإحصائيات والنتائج الورقية فشتان بين تلاميذ الأمس وتلاميذ اليوم ...
فبالأمس وعندما كانت الدروس المبرمجة على التلاميذ تتوافق بكل مقاييسها وسن التلميذ وسعته العقلية والفكرية وكذا واقعه المعاش سواء من حيث مضامينها أو أحجامها استطاعت المدرسة الجزائرية اخراج تلاميذ بمستويات مقبولة أما اليوم فما وجدنا الا جيلا يخزن الكثير حشوا قهريا سرعان ما يضمحل مباشرة بعد انتهاء الاختبارات ولتوضيح المعنى أكثر نأخذ على سبيل المثال كتاب القراءة المدرسي لتلاميذ الطور الابتدائي المبرمج وفق النظام الأساسي القديم حيث كانت مواضيعه رغم بساطتها تصل إلى عمق افكار التلميذ وتحرك لديه عنصر الخيال فيعايش شخصياتها ويحفظ عباراتها عن ظهر قلب ويقبل عليها بشغف لما فيها من عنصر تشويق و قربها من تفكير تلميذ الطور الابتدائي مما جعلها تنعكس إيجابا على مستواه الفكري واللغوي وتنمي بذلك قدراته الإنشائية والتركيبية ولا سيما في المواد الأدبية
أما اليوم فرغم الثقل المعرفي والثراء اللغوي لمواضيع كتب التلاميذ والدروس الكثيفة المتداخلة ومواكبة مضامينها للعصر المعاش عجزت عن صنع تلاميذ في المستوى باستثناء نسبة ضئيلة جدا وذلك لكونها تفوق القدرة الاستيعابية لهم
هذا فضلا عن مبدأ الكفاءة المستحدث والذي يعتمد على اجتهاد التلميذ في تحصيله للمعلومات مما جعل تلاميذنا يلجؤون إلى استخراج مطبوعات جاهزة من الانترنيت من النادر جدا ان تجد من بينهم من يطلع على محتوياتها ويسلمونها للمعلمين الذين بدورهم لا يكلفون أنفسهم جهد مطالبة تلاميذهم باستظهار ما استفاد وه منها ...
وخلاصة القول آن واضعي هذه البرامج لم يدرسوا بعمق واقع التلميذ بجميع الحالات والظروف المحيطة به ومدى قدرته على القفز إلى مستوى هذه البرامج المستوحاة والمحاكية لبرامج تعليمية لدول تسبق الجزائر بحقبات من حيث تطورها الاجتماعي والثقافي والعلمي فهل من المعقول ان توضع مثل هذه البرامج دون مراعاة هذه الاعتبارات ؟؟؟
أملودة الجسور المعلقة