اول مقال عن كيفية تطوير المهنة
مشاكل الصيدلية و المجال الطبي بصفة عامة مشاكل هيكلية بمعني أن مرتبطة بأسلوب مزاولة المهنة أكتر من أرتباطها بالقوانين و اللوائح التي يتم تجاهل أغلبها علي أي حال. و إن كان هذا لا ينفي ضرورة تطوير القوانين المنظمة بصورة تتناسب مع الواقع و التطور المطلوب
الخطوة الأول للتطوير تبدأ بتحليل عملي أمين لمشكلات المهنة. لا يقتصر علي مطالبنا كصيادلة و لكن و هو الأهم كيف نخدم المريض بأفضل صورة ممكنة. كثير من النقاش بين أبناء المهنة ينحصر في كيف نحصل علي المزيد بدون نقاش كافي لما يجب أن نفعل ليشعر المجتمع بأننا نستحق المزيد
قيمة المهنة تأتي من تقدير المجتمع لخدماتها و أي تطوير لا بد و أنت يتضمن نظرة موضوعية للمهنة .
نحتاج لرؤية تبدأ بتغيير في المناهج التي تدرس في كليات الصيدلة و أزالة أو تقليل المناهج التي لا تفيد الصيدلي في الممارسة العملية. مناهج مثل الكيمياء و العقاقير لا بد و أن تختزل لمصلحة الفارماكولوجي و الفارماكوثيرابي. أنا حاصل علي الدكتوراه في الكيمياء الطبية (الصيدلية) و من يعرفني يعرف حبي للكيمياء و لكن هذا لا يعني أن أتجاهل حقيقة أن الكم الذي يدرس في الجامعات غير مفيد أو مطلوب. أنا درست في أمريكا و مازلت أدرس و قمت بالتدريس لطبة الصيدلة و ما زلت أشرف علي تدريب البعض. و يعجبني كثيرا كيف يتم أعداد الصيدلي للواقع الذي سيواجهه
لكثير من الصيادلة يتكلمون عن التخصص و التوسع في مجالات المهنة. و الحقيقة أن التوسع في مجالات ممارسة المهنة يجب يأتي طبيعي لا مصطنع . في أمريكا أتي التوسع من تميز رواد الصيدلة في دورهم. التوسع لا يجب فرضه بدون كوادر. و إلا كانت النتيجة أن نفقد ثقة الأطباء و المرضي. يجب أن نفهم أن التوسع في ممارسة المهنة في الغرب و في أمريكا تحديدا هو أعادة رسم لدور الصيدلي و نقل من بعض من ممارسات الطبيب و صلاحياته للصيدلي و هذا لا يأتي إلا إذا أعد الصيدلي أعدادا جيدا يأهله لهذا الدور....
لمهنة تحتاج لمجموعة مشروعات تكتسب طابع القومية. ويكون هناك مشروع واحد فقط في كل مجال من مجالات المهنة. يبدأ كل مشروع في نطاق جغرافي ضيق و توجه الإمكانات المتاحة لوفير فرص النجاح ليكون نموذج يعمم.
مثلا في مجال صيدلة المستشفيات مطلوب أختيار مستشفي واحد ليكون نموذج. يتم تدريب مجموعة من الصيادلة في الخارج لمدة 3 سنوات ليكونوا نواة لبرنامج صيدلة أكلينيكية يتم تعميمه و لكن فقط بعد وجود كوادر مدربة تضمن النجاح.
و في الصيدليات العامة يوجد حاجة لتوافر برامج كومبيوتر تساعد الصيدلي في حماية المريض من تفاعلات الأدوية و تسهل توعية المريض و تحذيره من الأثار الجانبية. يبدأ المشروع بمجموع عمل من كليات صيدلة و حاسب الي أو هندسة لتضع برنامج مناسب ثم يتم التجربة في عدد محدود ثم يتم نشر الفكرة.
و التصنيع محتاج مشروع قومي لأعادة و تأكيد الثقة في الدواء الوطني. في تصوري يبدأ المشروع بمجموعة من الشخصيات العامة, تقوم بتجميع عينات من الأدوية و تحليلها في الداخل و الخارج للتأكد من مطابقتها للمواصفات الوطنية و العالمية. و تقوم هذة المنظمة الأهلية بنشر نتائجها لتشجيع المحسن و فضح المسئ. المشروع هو إنتاج لعلامة جودة وطنية تتمتع بالمصداقية بعيدا عن العمل الحكومي. و من الوارد تعدد هذه الهيئات و أن تكون أحداها ممثلة لنقابة الصيادلة
التعليم عنصر أساسي لجودة الخريج لا يمكن أن نعد خريج بمناهج الستينات و نتوقع صيدلي مؤهل للقرن الحادي و العشرين. كل دول العالم المتقدم و حتي الكثير من العالم الثالث يعقدون امتحان للصيدلي قبل ممارسة المهنة لضمان حد أدني من المستري العلمي و المهني قبل استئمانه علي أرواح المرضي.
استطيع أن أزعم أن التعليم الصيدلي في أمريكا هو الأفضل في العالم, و الصيدلي الأمريكي يتمتع بدخل و صلاحيات و أحترام مجتمعي قد لا يتمتع به أقرانه في دول أخري من العالم.
من النقلات المؤثرة في مسيرة المهنة في أمريكا هو النقلة التعليمية من منهج دراسي يركز علي المنتج إلي منهج يركز علي المريض
The move from product oriented curriculum to patient oriented curriculum.
في المنهج ذا التركيز علي المريض المناهج مصممة للتعريف بالمرض و أسبابه و أعراضه بما يناسب الممارسة الصيدلية. و يوجد تركيز كبير ليس فقط علي الفارماكولوجي (علم الأدوية) و لكن أيضا علي الفارماكوثيرابي (علم العلاج بالأدوية). و مناهج الميكروبيولوجي فيها تركيز علي الجانب الطبي و دور الصيدلي في التوعية بالتطعيمات و ترشيد أستعمال المضادات الحيوية.
تغيير الهدف و المحتوي للمناهج نقل المستوي المعرفي للصيدلي نقلة كبيرة للأمام و حسن وضعه في المنظومة الطبية. هذه النقلة التعليمية أهلت الصيدلي لكثير من المهام الجديدة و التي نطلق عليها الان الصيدلة الاكلينيكية.
أيضا من التغيرات التي استفاد من الصيدلي الأمريكي ادراك المجتمع الامريكي و القطاع الطبي لضرورة توفير دواء أمن بمفهوم شامل لا يقتصر علي التصنيع و لكن يشمل التوزيع و الاستعمال. فتطور دور الصيدلي كان بناءا علي حاجة المجتمع له. هذا الدور أكثر وضوحا في المستشفيات, و أي مستشفي أمريكي يحتاج و يوظف أضعاف العدد من الصيادلة الذي يوظفه مستشفي مصري مشابه. الحاجة لتوفير دواء أمن في كل المراحل أدت إلي زيادة الحاجة للصيادلة وفتح أبواب جديدة لهم
أزعم أن مفتاح تحسين دخول و أحوال صيادلة المستشفيات هو بطلب تحسين أحوال المريض عندما نطلب زيادة في الأجور ينظر للطلب كطلب فئوي و لكن عندما تتبني النقابة مشروع قومي لضمان وصول دواء أمن للمريض فالنتيجة هي وعي وادراك من المجتمع لأهمية الصيادلة و دورهم و يصبح تصحيح الأوضاع الوظيفية أكثر سهولة. بمعني أخر دعنا "نقدم السبت كي نلاقي الأحد" و "دعنا نخلق سوق جديد لسلعة جديدة يحتاجها المجتمع و لا يدرك
لالتزام الصارم بالقانون في الصيدليات العامة في أمريكا من ناحية وجود صيدلي طول الوقت و عدم صرف أي دواء إلا بمراجعة صيدلي هو مما حمي المهنة وحافظ علي قيمة الصيدلي. و أقول أن تهاون التفتيش الصيدلي و النقابة مع الصيدليات التي تعمل بدون صيدلي أساء للمهنة بصورة بالغة. أفهم ما قد يقال عن ميزانية الصيدليات و صعوبة توفير صيدلي و ما الي ذلك و لكن الواقع أننا لا يمكن أن ننقذ الكل و يجب أن نتقبل أن بعض الصيدليات كمشروع تجاري لن يحالفها النجاح و لكن نجاح المهنة ككل يتطلب التزام صارم بما يعيد للصيدلي هيبته. أتفهم حساسية هذا الموضوع عند كثير من الصيادلة و لكن الأفضل للصيدلي أن ينظم أوقات صيدليته فيفتح الصيدلية أوقات أقل عن أن يتساوي في نظر الناس مع عامل بدون مؤهل."...
لصيدليات العامة هي واجهة المهنة و هي ما يفكر فيه الجمهور عندما تذكر مهنة الصيدلة عشرات الألوف من الصيدليات تقدم خدمات ضرورية لمرضي فقراء لا يمتلكون ثمن تذكرة الطبيب.
.
موضوع كتابة الروشتة بالإسم العلمي و هو دعوة لإلزام الأطباء بكتابة الاسم العلمي للدواء و تجنب الأسم التجاري. أنا أري هذه الدعوة رغم أنتشارها اضاعة وقت و حرث في الهواء. كيف سنجبر مئات الألوف من الأطباء علي تغيير عاداتهم و الألتزام بهذا إن تم تقنينه و كيف سنعاقب المخالف و ماذا سيفعل الصيدلي إن جاءته روشتة مخالفة مكتوبة باسم تجاري؟؟ موضوع كتابة الروشتة بالاسم العلمي غير عملي و لا توجد وسيلة للإلزام به. نعم ضبط سوق الدواء و انهاء الفوضة الحالية مطلوب و لكن هذه الوسيلة غير فعالة. البديل في رأيي تغير قواعد تسجيل الأدوية بحيث لا يسمح لأي دواء باسم غير الاسم العلمي ما عدا الدواء الأصلي صاحب براءة الأخترع. مثلا Tenormin هو المنتج الوحيد المسموح له باستخدام اسم تجاري للدلالة علي Atenolol
ما عدا ذلك يستعمل الاسم العلمي. فتصبح عشرات النسخ متماثلة و يكتفي الصيدلي بتخزين الدواء الأصلي و بديل واحد لأن كل البدائل لها نفس الاسم. سيؤدي هذا ألي تقليل عدد الأصناف التي يخزنها الصيدلي بدل من خمسة أو ستة بدائل لنفس الدواء يكتفي باثنين. و قد يؤدي هذا لتخفيض أسعار الدواء لأن ل بين هذه البدائل نقطة التنافس الوحيدة هي السعر.