تحقيق ضوابط سجود السهو في الصلاة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تحقيق ضوابط سجود السهو في الصلاة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-05-08, 22:24   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
3molty
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية 3molty
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي تحقيق ضوابط سجود السهو في الصلاة

تحقيق ضوابط سجود السهو في الصلاة
تأليف وليد بن راشد السعيدان
بسم الله الرحمن الرحيم
المـقـدمـة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك لـه وأشهد أن محمد اً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً ثم أما بعد :-
فإن باب سجود السهو من الأبواب المهمة العظيمة وذلك لتعلقه بالركن الثاني من أركان الإسلام الذي هو الصلاة تعلق الجابر بالمجبور ، فهو يُعَدُّ جابراً لخلل حصل في الصلاة من زيادة أو نقص أو شك ولصعوبة بعض مسائله وكثرة صوره وفروعه وعدم التعقيد فيه صار هذا الباب المهم من الأبواب التي هجرها الطلاب وزهدوا فيها وخصوصاً الأئمة فكثرت فيه الأخطاء الواضحة والمخالفات البينة ، مما قد يكون مخلاً بالصلاة أصلا من حيث لا يشعر الإنسان ، فكان لزاماً عليهم تعلم مسائل هــذا الباب والحرص التام على السؤال عن ما يشكل فيها وضبط أدلته ضبط حفظ وتطبيق ، والاهتمام بـه اهتماماً بالغاً مقدماً على غيره من المسائل التي لا يحتاج إليها إلا في القليل النادر ، وقد ألقيت في ذلك مؤلفات لكن ينقص بعضها الرجوع للدليل وبعضها تذكر المسائل مجردة عن أصولها ، ولذلك ولغره أحببت أن أشارك في تيسير هذا الباب وضبطه بضوابط هي في اجتهادي موافقة للدليل مع ذكر أدلتها من المنقول والمعقول مع الإجابة عن ما تلزم الإجابة عليه وبيان حال الأدلة صحة وضعفاً ، وأسميته ( تحقيق ضوابط السهو ) ولكن ليعلم الناظر فيه أنه جهد مقل وعمل بشر لا يخلوا من النقص والتقصير والخطأ والزيادة ، فأرجو من الناظر فيه إن وجد زللاً أن يستغفر لصاحبه وأن يبادر بالنصيحة الواجبة بين الأحبة ، فالله اسأل أن ينفع به المسلمين وأن يجعله مرجعاً في هذا الباب المهم وأن يكتبه عملاً صالحاً ينفعني في قبري إنه ولي ذلك والقادر عليه وإلى المقصود والله المستعان وعليه التكلان فأقول :

المسألة الأولى

(كل واجب فإنه يفوت بفوات محله سهواً وسجوده قبل السلام )
وهذا الضابط عام في كل واجبات الصلاة المعروفة عند الفقهاء وهي التكبير غير التحريمية والتسميع والتحميد وتسبيحات الركوع والسجود وسوآل المغفرة بين السجدتين والتشهد الأول وجلسته ، فهذه هي واجبات الصلاة فإذا ترك الإنسان شيئاً من هذه الواجبات فلا يخلو إما أن يكون عمداً أو سهواً فإن كان عمداً فإن صلاته حينئذٍ تبطل ولا يسجد للسهو لأنه لا سجود للسهو في عمد كما سيأتي إن شاء الله تعالى وإن كان تركه سهواُ فلا يخلو إما أن يفوت محله أو لا فإن لم يفت محله فإنه لا تفوت المطالبة به عليه أن يأتي به ولا سجود عليه وأما إن فات محله الذي شرع فيه فإنه حينئذٍ يفوت بفوات محله ولا يشرع للإنسان أن يرجع ليأتي به ، بل يكمل صلاته ويسجد للسهو قبل السلام ، والدليل على هذا الضابط ما رواه الشيخان من حديث عبدالله بن بحينة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فقام في الركعتين الأوليين ولم يجلس فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم .ولمسلم (( يكبر في كل سجدةٍ ويسجد وهو جالس وسجد الناس معه فكان ما نسي من الجلوس )) ووجه الاستشهاد وبه من عدة أمور منها :
- أن ترك التشهد الأول وسجد للسهو قبل السلام ، والتشهد الأول واجب ، فقسنا عليه كل واجب في الصلاة .
- أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه نسي التشهد الأول وهو في أثناء الصلاة لأنه لم يسبح به أحد ليس سهواً منهم وإنما لأنهم ظنوا أنه طرأ في الصلاة شيء ، مما يدل على أن التشهد الأول إن فات محله فإنه يفوت بفواته إذا لو كان التشهد المتروك لم يفت بفوات محله لرجع النبي صلى الله عليه وسلم وأتى به لكن لما يرجع إليه مع ذكره له أثناء الصلاة لأنه لم يسبح به أحد دل ذلك على أنه سقط بفوات محله ، وهو واجب فقسنا علسه كل واجب في الصلاة .
- أن الراوي قال (( وسجد الناس من مكان ما نسي من الجلوس )) فدل ذلك على أن هاتين السجدتين إنما هي لترك التشهد الأول وجلسته لا لسهوٍ آخر ، وهما قبل السلام فقلنا ذلك في كل واجب ،والله أعلم .
ومن الأدلة عليه أيضاً حديث المغيرة بن شعبة مرفوعاً (( إذا شك أحدكم فقام في الركعتين فاستتم قائماً فليمض ولا يعود ويسجد سجدتين فإن لم يستتم قائماً ، فليجلس ولا سهو عليه )) رواه أبو داوود وابن ماجة والدار قطني واللفظ له بسند ضعيف ، لأن مداره على جابر الجعف وهو ضعيف جداً لكن تابعه قيس بن الربيع عن المغيرة بن شبيل به ، أخرجه الطحاوي وتابعه أيضاً إبراهيم بن طهمان عن ابن شبيل به ، وإسناده صحيح ، فحديث المغيرة يتقوى بمجموع طرقه ويرتقي إلى مرتبة الصحيح لغيره ، ووجه الاستشهاد به هو أن النبي صلى الله عليه وسلم فصل في نسيان التشهد الأول فكأنه قال : لا يخلو من حالتين :
الأول : إذا استتم قائماً إي أن فات محله ، وأنت تعرف أن محله التشهد الأول ينتهي باستتمام القيام ، فقال (( إن استتم قائماً فليمض ولا يعود )) أي لا يرجع إلى محل التشهد ليأتي به لأنه قد فات محله ففات بفواته فقسنا عليه كل واجب ، إذا فات محله فإنه يفوت بفواته ، ثم قال : (( وليسجد سجدتين )) وظاهره أنه سجود لما ترك من الجلوس .
الثانية : قوله (( وإن لم يستتم قائماً فليجلس )) أي إذا ذكر الجلوس للتشهد قبل فوات محله لأنه لا يفوت إلا بعد استتمام القيام ، فإن ذكره قبل فواته فالواجب عليه أن يجلس ليأتي به وقسنا عليه كل واجب إذا ذكره الإنسان قبل فوات محله أنه يجب عليه أن يأتي به ، ثم قال (( ولا سجود عليه )) أي إذا ذكره الواجب قبل فوات محله ثم جاء به فإنه حينئذٍ لا سجود للسهو عليه لأنه جاء بما أمر به على صفته وقسنا عليه كل واجب أنه إذا ذكره الإنسان وجاء به في محله فإنه لا سجود للسهو عليه ، وبقي أن يقال : إنه ذكر في الحديث (( وليسجد سجدتين )) ولم يبين هل الجود قبل السلام أو بعده ، فأقول : إن هذا الحديث له قصة : وهي ما رواه الإمام أحمد في المسند وأبو داوود والترمذي وغيرهم من حديث زياد بن علاقة قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس فسبح به من خلفه فأشار إليهم أن قوموا فلما فرغ من صلاته سلم ثم سجدتين وسلم ثم قال : هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالمغيرة رضي الله عنه سجد لما ترك التشهد الأول بعد السلام وقال هكذا صنع بنا النبي صلى الله عليه وسلم فظاهر هذا الحديث يخالف حديث ابن بحينه وأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد لذلك قبل السلام ، ومع أن فعل المغيرة مفسر لحديثه وله حكم الرفع لأنه قال : (( هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذاً هناك تعارض واضح بين حديث ابن بحينه وبين حديث المغيرة لأن حديث المغيرة يقضي بأن السجود عمن ترك التشهد الأول بعد السلام ، وحديث ابن بحينه يقضي أنه قبله فما العمل ؟ أقول : قد حاول بعض العلماء الجمع بينهما فذك بعضهم : أنه يجوز الأمر أن لثبوتهما عنه صلى الله عليه وسلم فابن يحينه روى ما رأى والمغيرة روى ما رأى وكلاهما صحيح فيكون هذا من العبادات التي شرعت على أوجه متنوعة ، فأحياناً يسجد الإنسان لذلك قبل السلام وأحياناً بعده ، وبعضهم قال : بل نسلك مسلك الترجيح فإن حديث ابن بحينه مخرج في الصحيحين من رواية الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن عبدالرحمن الأعرج عن عبدالله بن بحينه ، وأما حديث المغيرة فإنه حديث ضعيف بانفراده وإنما تقوى بمتابعات هي أيضاًً في بعضها ضعف ، فهما عند التعارض لأتينا طحان لأن حديث ابن بحينة أرجح صحة ، وكذلك حديث ابن بحنية نقل لنا القصد بحذافيرها ولم يجملها ، وأما حديث المغيرة فإنه فعل شيئاً ثم قال هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا ندري هل المراد جميع الفعل أم بعضه ، وأيضاً فإن المغيرة رضي الله عنه وأرضاه لما روى ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم قولاً قال (( وليسجد سجدتين )) ولم يقل بعد السلام فلو كان مما يحفظها من النبي صلى الله عليه وسلم لذكرها ، إذ كيف يبينها بفعلها ولا يبنها بقوله ، ولأن ،أخذ بفعله الصريح المنقول رواية عنه أفضل من أن نأخذ بنقل فعله على جهة الإجمال مع تفصيل الصحابي ، وأيضاً لعل المغيرة رضي الله عنه فهم من قوله صلى الله عليه وسلم (( وليسجد سجدتين )) لعله فهم منه أنهما بعد السلام ، فيكون فهمه هذا ليس حجة لأنه خالف فعل النبي صلى الله عليه وسلم الصريح ولا حجة بفعل أحد أو قوله مع فعل أو قول النبي صلى الله عليه وليس في شيء من الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك أعني بنقل تفاصيل الفعل كما نقلها أبن بحينة رضي الله عنه ، والأرجح عندي والله تعالى أعلم هو ترجيح حديث عبدالله بن بحينة على فعل المغيرة بن شعبة ، وذلك لأن الروايات التي فيها أن المغيرة سجد بعد التسليم روايات ضعيفة ، فإنه لم يذكر ذلك إلا في رواية المسعودي وهو عبدالله بن عبدالرحمن وهو مختلط ، ورواية قيس بن الربيع وهو سيئ الحفظ ورواية محمد بن عبدالرحمن ابن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ ، مع أن الحديث صحيح لغيره لكن أقصد فعل المغيرة وأنه سجد بعد السلام إنما هو من رواية هولآء فلا يترك حديث ابن بحينة من الذي هو أصل من أصول سجود السهو لمثل هذه الروايات الضعيفة ومن الأدلة على هذا الضابط حديث عبدالرحمن بن شماسة المهدي قال صلى بنا عقبة الجهني فقام وعليه جلوس فقال الناس سبحان الله سبحان الله فلم يجلس ومضى على قيامه فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتين وهو جالس فلما سلم قال :إني سمعتكم آنفاً تقولون (سبحان الله) لكيما أجلس لكن السنة الذي صنعت "رواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ، ومن الأدلة أيضاً حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من رواية قيس بن أبي حازم قال : صلى بنا سعد بن أبي وقاص فنهض في الركعتين فسجدنا فاستتم قائماً قال فمضى في قيامه حتى فرغ قال أكنتم ترون أن أجلس إنما صنعت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم "رواه الهيثمي في مجمع الزوائد "
ومن الأدلة أيضاً على ذلك ما رواه الطحاوي في شرح معاني الأثر والدار قطني في سننه والبيهقي في المعرفة من طريق محمد بن عجلان مولى فاطمة عن محمد بن يوسف مولى عثمان عن أبيه أن معاوية ببن أبي سفيان صلى بنا فقام وعليه جلوس فلم يجلس فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ، وأيضاً أفتى بذلك ابن عباس والضحاك وعمران بن حصين وعمر بن عبد العزيز رضي الله عن الجميع وأرضاهم ،
ومن العقل أيضاً ،فإن الأدلة الصحيحة توافق العقول الصريحة وذلك لأن الإنسان إذا ترك الواجب وفات محله فإن هذا نقص في الصلاة فناسب أن يسجد قبل السلام جبراً لهذا النقص وهذا قياس صحيح موافق للأدلة السابقة ، إذاً صح هذا الضابط بالدليل النقلي والعقلي ، فكل واجب تركه الإنسان وذكره قبل فوات محله فإنه يأتي به ولا سهو عليه وأما إذا فات محله فإنه يفوت ولا يجوز له الرجوع ليأتي به وإنما يجبره بسجود السهو ويكون قبل السلام ، والأدلة وإن كانت خاصة بالجلوس للتشهد فإن قياس جميع الواجبات عليه قياس صحيح فالجامع بينه وبينها هو كون كل واحد منها واجبٌ فلما سقط الجلوس للتشهد الأول وجبر السجود السهو قبل السلام قسنا على ذلك جميع الواجبات ، هذا من ناحية التنظير وأما التفريع فنذكر منها ما يلي :
منها: نسي التشهد الأول ولم يذكره إلا بعد فوات محله فنقول : سقط عنه ولا يرجع ليأتي به ويسجد للسهو قبل السلام لأن الواجب يفوت بفوات محله
ومنها: نسي الإمام أن يقول سمع الله لمن حمده ولم يذكرها إلا بعد الهوي للسجود فنقول : سقطت عنه ولا يرجع لها ويسجد للسهو قبل السلام لأنها من الواجبات .
ومنها: ترك قول سبحان ربي الأعلى في السجود أو قول سبحان ربي العظيم في الركوع ولم يذكرها إلا بعد الانتهاء من الركوع والسجود فنقول سقطت عنه ويجبرها بسجود السهو قبل السلام .
ومنها: ترك المصلي قول (ربنا ولك الحمد )ولم يذكره إلا في السجود فإنه يسقط عنه ويجبره بسجود السهو قبل السلام .
ومنها: ترك المصلي تكبيرة من تكبيرات الانتقال حتى شرع في الركن الذي بعدها فإنه تسقط عنه ويجبرها بسجود السهو قبل السلام ،وهكذا فقس عليه،وخلاصة الكلام أمران: الأول : (أن الواجب يفوت بفوات محله سهواً ).
الثاني: أن سجود السهو لفوات واجب قبل السلام . والله تعالى أعلم








 


رد مع اقتباس
قديم 2015-05-08, 22:25   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
3molty
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية 3molty
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(المسألة الثانية)

(من ترك ركنا سهواً جاء به وبما بعده وسجوده بعد السلام)
وهذا الضابط أيضاً لا يقل في الأهمية عن الأول ،إلا أن الأول في الواجبات وهذا في الأركان
فأقول :ذكر الفقهاء أركان الصلاة في كتبهم ونصوا على ركنيتها واستفادوها أو بعضها من حديث المسيء صلاته وهي كما يلي :تكبيرة الإحرام ،وقراءة الفاتحة والركوع والرفع منه والسجود والرفع منه والجلوس والجلوس بعد السجدتين والطمأنينة والتشهد الأخير وجلسته والتسليمتان والترتيب ، والقيام مع القدرة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ،والمتفق عليه سبعة والباقي مختلف فيه ، فهذه الأركان إذا تركها الإنسان سهواً فإنه يترتب عليه أمور : -
الأول : أن جميع هذه الأركان لا تسقط بالسهو -أي لا تسقط المطالبة بها لا عمداً ولا سهواً - فلا يجبرها سجود السهو كالواجبات .
الثاني : أنه إذا ترك ركناً من هذه الأركان وانتقل إلى ركن غيره فإنه يلزمه أن يرجع إليه ويأتي به وبجميع الأركان التي فعلها بعده ،لانضباط صفة الصلاة وترتيبها ، سواءً شرع في قراءة الركعة التي تليها أولا. ذلك لأن الأركان التي فعلها قبل الركن المنسي أركان جاء بها على الوجه المأمور به شرعاً فلا وجه لبطلانها ،هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم وأما المشهور من المذهب فإنه إذا ترك ركناً رجع وجاء به وبما بعده إن لم يكن قد شرع في قراءة الركعة التي تليها .وأما إذا شرع فيها فإن الركعة التي نسي الركن منها تبطل وتقوم الركعة التي قام إليها وشرع في قراءتها مكانها ، لأنه ترك ركناً ولم يمكنه استدراكه لتلبسه بالركعة التي بعدها ، وهذا في الحقيقة تعليل عليل
فإنه يمكن تداركه بالرجوع عليه والإثبات به وبما بعده ،وقولهم :إن عاد إلى الركعة التي نسي فيها الركن بعد شروعه في قراءة الركعة التي تليها بطلت صلاته إن كان عالماً عامداً،قولهم هذا فيه مجازفة كبيرة ،فإن العبادة التي انعقدت بدليل لا يجوز إبطالها إلا بدليل آخر ،وأين الدليل الدال على هذا القول فإني لا أعلم له دليلا لا من كتاب ولا سنة بل لماذا بطلت الأركان التي فعلها الإنسان قبل الركن المنسي ، فالقول الراجح إن شاء الله تعالى إن الإنسان إذا ترك ركناً وشرع في آخر ثم ذكر فإنه يجب أن يرجع إليه ويأتي به ثم يأتي بجميع الأركان التي فعلها بعده فقط حتى وإن كان قد شرع في قراءة ركعة أخرى ، ذلك لأنه فعل الأركان قبله على الوجه الذي أمر به شرعاً ومن فعل ما أمر به شرعاً فلا وجه لإبطال فعله إلا بدليل
الثالث : أن السجود في هذه الحالة يكون بعد السلام والدليل على ذلك عدة أدلة :
منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي فصلى ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خشبة معروضة في مقدم المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان وفي القوم أبو بكر وعمر فهاباه أن يكلماه وخرج سرعان الناس من المسجد فقالوا: قصرت الصلاة ، وفي القوم رجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين فقال يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة فقال :لم أنس ولمم تقصر فقال بلى قد نسيت ،قال فصلى ركعتين ثم سلم ثم كبر ثم سجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم سلم متفق عليه وللبخاري:صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين فقيل صليت ركعتين فصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتين (ولمسلم )صلاة العصر (وله ) فأتم النبي صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم ،و للترمذي (أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد هما بعد السلام) ووجه الاستشهاد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك أركاناً كثيرة من الصلاة بمقدار ركعتين من أجدى صلاتي العشي فلما ذكر بهما أتى بهما على الصفة المشروعة مما يدل على أن فوات الأركان لا يسقطها بل لا تبرأ الذمة إلا بالإتيان بها على الوجه المشروع ،وأن النبي صلى الله عليه وسلم سجد لذلك بعد السلام مما يدل على أنه إذا جاء بالأركان الفائتة فإنه يسلم ثم يسجد سجدتي السهو بعد السلام ، وهذا الحديث نص في المسألة :
ومنها:حديث عمران بن الحصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله وفي لفظ فدخل الحجرة فقام إليه رجل يقال له الحزباق وكان في يده طول فقال يا رسول الله – فذكر له صنيعه – فخرج غضبان يجر ردائه حتى إلى الناس فقال " أصدق هذا فقالوا : نعم ، فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم " رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي .فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك ركعة كاملة وهي مكونة من جملة أركان فلما ذكر بها جاء بها على صفتها الشرعية ثم سلم من الصلاة ثم كبر فسجد سجدتي السهو بعد السلام وهذا يدل على أن الأركان لا تسقط بالسهو عنها وفوات محلها . بل لا بد من الإتيان بها والسجود للسهو عنها يكون بعد السلام وهذا الحديث أيضاً نص في هذا الضابط .
ومن الأدلة عليه أيضاً ما رواه أحمد في مسنده عن عطاء أن ابن الزبير صلى المغرب فسلم في ركعتين فنهض ليستلم الحجر فسبح القوم فقال ما شأنكم قال: فصلى ما بقي وسجد سجدتين قال فذكر ذلك لابن عباس فقال : ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم " والشاهد : أن ابن الزبير رضي الله عنه صلى ما بقي عليه من صلاة المغرب ، بل في بعض الروايات أنه قال بعدها " هكذا فعل بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " هذا بالنسبة للدليل النقلي وأما من العقل فإن الإنسان إذا ترك ركناً ثم ذكره فإنه يلزم أن يأتي به وبما بعده فإذا أتي به وبما بعده أو كان ركعة كاملة فأتى بها فإن الصلاة في هذه الحالة تكون قد كملت بجميع أركانها فلم يكن من المناسب جعل السجود قبل سلامها وذلك لأنها كاملة فيكون سجود السهو فيها زيادة على صلبها لا لنقص فيها كفوات الواجب ، فكان من المناسب عقلاً أن تجعل هذه الزيادة على صلبها بعد السلام ، فما بالك إذا تأيد بالنقل فتوافق الدليل الأثري والدليل النظري فهما نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ، وإليك بعض الفروع على هذا الضابط المهم في باب السهو فأقول :
منها : إذا سلم الإنسان وقد بقي من صلاته ركعة أو ركعتين فإنه يأتي بهما على صفتهما الشرعية ، ثم يسلم ثم يسجد للسهو ثم يسلم .
ومنها : إذا ترك الإنسان ركوعاً أو سجوداً ولم يذكره إلا بعد القيام فإنه مباشرة يأتي به فيهوي راكعاً أو يهوي ساجداً ، ويأتي بما بعده من الأركان ،أي أن الأركان التي فعلت بعد تركه لا حكم لها لاختلال الترتيب الذي هو ركن من أركان الصلاة ، فيأتي بالركن المتروك وبما بعده فقط ثم يسلم ثم يسجد سجدتي السهو ثم يسلم .
ومنها : ترك الجلسة بين السجدتين ولم يذكرها إلا بعد القيام فإنه يأتي بها فوراً فيجلس ويأتي بالسجدة الثانية وبما بعدها فإذا انتهى من صلاته سلم ثم سجد للسهو ثم سلم ، وهكذا فقس ، وخلاصة هذا الضابط ثلاث أمور :
الأول : أن الأركان لا تفوت بفوات محلها أي لا تسقط المطالبة بها بالسهو عنها بل لا بد أن يأتي بها الإنسان إذا ذكرها .
الثاني : أنه يأتي بالركن المنسي وبما بعده فقط وأما ما قبله فقد فعل على الوجه المشروع فلا دليل على بطلانه .
الثالث : أنه إذا أتم الصلاة فإنه يسلم ، ثم يكبر فيسجد سجدتين ثم يسلم ، هكذا وردت السنة وهذا الحكم عام في جميع أركان الصلاة ، لكن يبقى السؤال عن تكبيرة الإحرام فما الحكم إذا سها الإنسان عن تكبيرة الإحرام فهل يدخل فرعها تحت هذا الضابط الذي قررته أم لا ؟ الجواب نعم يدخل وبيان ذلك أننا نقول (( يأتي به وبما بعده )) فمن سها عن تكبيرة الإحرام فإنه لم يدخل في الصلاة أصلاً لأنها مفتاح الصلاة فيلزمه حينئذِ أن يأتي بها وبما بعدها من الأركان فهذا الفرع داخل يحي قاعدتنا لا غبار عليه والله أعلم.
(مسألة ) إذا كان السجود بعد السلام كما في هذا الضابط فهل يشرع فيه تكبير وتحليل وتشهد أم لا ، أقول : الأصل في العيادات الحظر والتوقيف إلا بدليل شرعي ناقل عن ذلك والأصل في شروط العبادات الحظر والتوقيف أيضاً إلا بدليل ناقل وقد شرحت هاتين القاعدتين في كتابي تلقيح الأفهام العلية بشرح القواعد الفقهية ، والمقصود أن السنة دلت على أن سجود السهو بعد السلام فيه تحريم وتحليل فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم بعد إتمام ما بقي عاد فكبر لسجود السهو وهذا هو التحريم وصار يكبر في كل خفض ورفع فلما انتهى منه سلم ، كما في حديث أبي هريرة المتقدم ، وهو نص صريح صحيح لا يحتمل التأويل فالتكبير الأول تحريم والتسليم الأخير تحليل ، فهذا لا شك فيه لكن هل فيه تشهد ، فهذا محط اختلاف كبير جداً ، ذلك لأن بعض الأحاديث ليثبت التشهد وبعضها لا يذكر فلاختلاف ألفاظ الأحاديث أختلف العلماء فالمشهور من مذهبنا وبعض المالكيه والشافعية أنه يتشهد وقال بعضهم لا يتشهد واستدل من قال بأنه يتشهد بحديث عمران بن الحصين عند أبي داود والترمذي والحاكم وغيرهما قال :صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم " والشاهد هو قوله (( ثم تشهد )) فهو صريح في المراد واستدلوا أيضاً بما رواه أبو داود في سننه بسنده عن خصيف عن أبي عبيدة عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إّا كنت في الصلاة فشككت في ثلاث أو أربع وأكثر ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم ثم تشهدت أيضاً ثم سلمت ، قال البيهقي بعده : وهذا غير قولي ومختلف في دفعة ومتنه والذين قالوا إنه لا تشهد فيه قالوا عندنا الآحاديث الصحيحة ، فإنه لم يذكر في شيء من طرقها أنه تشهد في السجود الذي محله قبل السلام أو بعد السلام ولم يذكر فيه تشهداً ، وحديث ابن مسعود في الصحيحين أيضاً فيه أنه قال (( فليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد )) ولم يذكر فيه تشهداً بل إن حديث عمران هذا أصله قد رواه اإمام مسلم وتقدم ذلك وليس فيه ذكر التشهد ، فإنه قد رواه شعبة ووهيب وابن علية والثقفي وهشيم وحماد بن زيد ويزيد بن زريع وغيرهم عن خالد الحذاء ولم يذكر أحد منهم لفظ التشهد وإنما زادها أشعث بن عبدالملك الحمراني وهو ثقة مخالف بها الثقات فهي من قسم الشاذ قاله البيهقي وأيده الحافظ في الفتح ، بل إنه قد روى السراج من طريق سلمة بن علقمة أيضا في هذه القصة قلت لابن سيرين فالتشهد قال لم أسمع في التشهد شيئاً ، فالقول الراجح في هذه الزيادة أنها زيادة شاذة والشاذ من قسم الضعيف وأما حديث ابن مسعود فهو حديث ضعيف فإنه لا يصح مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أبداً بل وفيه انقطاع أيضاً ، فإن أبا عبيدة – أحد الرواة – لم يسمع من أبيه ، قاله في التهذيب وخصيف قال عنه الحافظ في التقريب : سيء الحفظ خلط بآخره ورمي بالإرجاع ، والخلاصة : أن حديث ابن مسعود هذا مع كونه غير متصل الإسناد فإنه ضعيف أيضاً فالاحتجاج به لا يصح فالراجح بعد ذلك إن شاء الله تعالى أن سجود السهو لا تشهد فيه لا قبل السلام ولا بعده ، فيسلم ولا يتشهد واختاره الشيخ تقي الدين وغيره . والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2015-05-08, 22:25   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
3molty
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية 3molty
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المسألة الرابعة

( تبطل الصلاة بتعمد تكرار الركن الفعلي فقط وسجوده سهواً بعد السلام )
اعلم أرشدك الله لطاعته وطريق مرضاته ، أن الصلاة مركبة من أركان وواجبات وسنن ، والكلام هنا عن الأركان خاصة ، لا الواجبات والسنن ، وهذه الأركان منها ما هو أقوال ومنها ما هو أفعال فالأقوال مثل الفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الثاني وأما الأفعال فكالركوع والسجود والقيام والقعود إذا علمت هذا فاعلم أن الإنسان إذا كرر الركن فلا يخلو إما أن يكون هذا الركن ركناً قولياً أو فعلياً فإما إذا كان ركناً قولياً فإنه لا يضر تكراره سواءً كان سهواً أو عمداً ولا سجود يجب في سهوه ، لأن عمده لا يبطل الصلاة لأنها من أركان الأقوال وكإعادة الصلاة الإبراهيمية أو إعادة التشهد الثاني عمداً فكل ذلك لا يبطل الصلاة مع أنه زيادة في الصلاة عمداً لكنها زيادة قولية ، وزيادة الأركان القولية لا يضر ، وأما إذا كان الركن المكرر ركناً فعلياً فهذا لا يخلو من حالتين إما أن يكرره عمداً أو سهواً ، فإن كان عمداً فإن كان عمداً فإنه يبطل الصلاة بإجماع كمن ركع ركوعين في ركعة عمداُفي غير استسقاءٍ أو سجد أربع سجدات أو قام لأي محل جلوس أو العكس أو ركع في محل سجود أو العكس ، فإذا فعل ذلك عمداً بطلت صلاته وذلك لاختلاف هيئة الصلاة ولأنه فعل شيئاً ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم ومن فعل ذلك فهو رد كما في الحديث الصحيح وأما إذا كرر الركن الفعلي سهواً فهذا لا يكون مبطلاً للصلاة لأنه سهو والإنسان لا يوآخذ بالسهو وهذا له حالتان إما أن يتذكر في أثناء الزيادة وإما بعدها ، فإن تذكر في أثناء الزيادة وجب عليه حينئذٍ الرجوع عنها ، فمن لم يرجع عنها عالماً عامداً بطلت صلاته لأنه زاد على الصفة المشروعة واخراجها عن هيئتها المطلوبة ، كمن قلم إلى ثالثة في ثنائية أو قام إلى رابعة في ثلاثية أو خامسة في رباعية فهذا لأن ذكر في أثناءها وجب عليه الرجوع فوراً حتى وإن شرع في قراءتها لأنها زيادة على صلب الصلاة فلا اعتداد بها وليس ذلك كمن ترك التشهد الأول وقام إلى الثالثة فإننا قررنا سابقاً أنه لا يجوز له الرجوع وذلك الركعة الثالثة بعد التشهد الأول هي من صلب الصلاة وجزء من أجزائها ، أما هذه الركعة الزائد فإنها ليست من صلب الصلاة ولا بجزءٍ من أجزائها ، فيجب عليه إن ذكر في أثنائها أن يجلس وأما إذا لم يذكر هذه الزيادة ولم ينتبه لها إلا بعد الانتهاء من الصلاة فإنها أيضاً لا تضر ولا تبطل صلاته لأنه فعلها في العبادات بما في غالب الظن ، وفي كلا الحالتين يجب عليه أن يسجد للسهو وسجوده حينئذٍ يجب أن يكون بعد السلام وذلك للدليل النقلي والعقلي:
فأما النقلي : فحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمساً فقيل : أزيد في الصلاة قال وما ذاك فقالوا صليت خمساً فسجد سجدتين بعد ما سلم" رواه الجماعة .
فالنبي صلى الله عليه وسلم زاد في صلب الصلاة ركعة كاملة وهي مشتملة على أركان قوليه وفعلية ولم يذكَّر بالزيادة إلا بعد انتهاء الصلاة ولم يكن فيه إلا أنه سجد سجدتين ، وهذا الحديث نص صحيح صريح فيمن لم يتذكر الزيادة إلا بعد السلام وذلك لتعذر السجود قبل السلام حينئذٍ لكن ما الدليل على أنه إن ذكر الزيادة في أثنائها وانتبه لها قبل السلام ؟ فإننا لا ندري لو أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها قبل السلام ماذا سيصنع ؟فأقول : الجواب على هذا هو أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المشرع لأمته وليس في تشريعه ما يدخله الاحتمال أو التأويل فالأدلة واضحة والبلاغ تبين ، ولا يمكن أن يؤخر النبي صلى الله عليه وسلم بيان الحكم الشرعي وقت الحاجة ، ومن جوَّز ذلك فقد أساء الظن بالمصطفى صلى الله عليه وسلم إذا علم ذلك فنقول : النبي صلى الله عليه وسلم عرف أو نقول : ذكره الصحابة رضوان الله عليهم أنه زاد في الصلاة ركعة كاملة فاتضح الأمر له صلى الله عليه وسلم فلم يكن منه إلا أنه سجد سجدتين وذلك كان بعد السلام ، ولم ينقل عنه في حديث واحد لا صحيح ولا ضعيف بل ولا موضوع أنه لما سجدهما قال: إنني سجدت بعد السلام لهذه الزيادة لتعذر السجود قبله فإذا حصلت لأحدكم زيادة في صلاته فليسجد قبل السلام ولو قال مثل هذا الكلام أو نحوه لتوفرت اهمم والدواعي لنقله فإنهم نقلوا ما هو دون ذلك ، فلما سجد لهذه الزيادة بعد السلام وسكت ولم ينبه على ذلك بشيء دل ذلك دلالة واضحة أن هذا هو المشروع وهو السنة ،نعم نحن نقول إن السجود قبل السلام في الحديث متعذر لكن نقول أيضاً لو أن السجود في هذه الحالة يكون قبل السلام ويسجد هو بعد السلام ولا يذكر لهم ذلك ولو بإشارةٍ حتى يعلموا أنه إنما سجد بعد السلام لتعذر السجود قبله ، فلما لم يحصل شيء من ذلك عفنا وأيقنا أن السجود للزيادة الفعلية يكون بعد السلام سواءً ذكرها قبل السلام أو بعده هذا هو الي ندين الله جل وعلا به فإن قيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد نبه على أن السجود يكون قبل السلام وذلك كما في حديث ابن بحينة فقد سجد قبل السلام وفي حديث أبي سعيد فإنه أمر بالسجود قبل السلام ، فكيف تقول أنه لم ينبه على ذلك ؟ فنقول : نعم نحن نقر ونعترف اعترافاً جازماً لا شك معه ولا مراء أنه سجد قبل السلام وأمر به كما في الحديث ابن بحينة وحديث أبي سعيد وغيرهما ، لكن أنت تعرف أن السهو في حديث ابن بحينة إنما كان عن نقص واجب وهو الجلوس للتشهد الأول وفي حديث أبي سعيد كان عن الشك في عدد الركعات ، أما ما نحن فيه فإنه عن الزيادة لا عن النقص ولا عن الشك فالصورة في هذين الحديثين تختلف عن الصورة التي نحن بصددها فهذه حالة ، وتلك حالة ، ولا يقاس هذا على ذلك لاختلاف الصور ، نعم : لو أن النبي صلى الله عليه وسلم زاد ركناً أو ركعة ثم سجد لها قبل السلام لقلنا حينئذٍ بم تقولون به لاتفاق السبب وهي الزيادة في الكل ، لكن ذلك لم يثبت في شيء مما بين يدي من أحاديث السهو ، ومن ثبت عنده ذلك فليسعفنا به لنرجع عن هذا القول الذي أقررناه ، لكن لا أظنه يثبت لأنني بحثت في كتب الحديث المعتمدة فلم أجد لذلك أثراً ، أما حديث ابن بحينة فالسبب فيه هو النقص وحديث أبي سعيد السبب فيه هو الشك وأما حديثنا فالسبب فيه هو الزيادة فبقي استدلالنا على ما هو عليه سالم من المعارضة بل وإذا أتيت للدليل العقلي لوجدته يؤيد ذلك كل التأييد وهو أن تكرار الركن الفعلي يعتبر زيادة في الصلاة ، فلو قلنا بأن السجود عن الزيادة يكون قبل السلام لاجتمع في الصلاة زيادتان ، وكلاهما – أعني كلا الزيادتين – ليس من صلب الصلاة فناسب أن يكون السجود للزيادة بعد السلام درءاً لاجتماع هاتين الزيادتين واختار ذلك أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة والله أعلى وأعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2015-05-08, 22:26   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
3molty
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية 3molty
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المسألة الخامسة
(سجود السهو يجب فيما يبطل عمده الصلاة إن كان من جنس الصلاة )




وهذا الضابط في حكم سجود السهو وفيه مسائل :

الأولى :ما حكم سجود السهو بالتفصيل ؟

الثانية: ما حكم سجود السهو في ترك السنن ؟

الثالثة : هل يشرع سجود السهو في زيادة ليست من جنس الصلاة ؟ مع توضيح بعض أحكامها.

الرابعة : ما الحكم لو ترك سجوده قبل السلام والعكس ؟

الخامسة : ما الحكم لو سجد بعد السلام في سهو سجوده قبل السلام والعكس؟

فهذه المسائل الخمس داخلة تحت هذا الضابط ، وإليك الآن جوابها محرراً مؤيداً بالأدلة إن شاء الله تعالى فأقول :

المسألة الأولى: أختلف العلماء عليهم رحمة الله تعالى في حكم سجود السهو على أقوال : والراجح منها إن شاء الله تعالى أن سجود السهو واجب ، والذي يدل على ذلك القول هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به ، والقاعدة الأصولية تقول : أن الأمر يقتضي الوجوب إلا بقرينه صارفة ، والأدلة خرجت مخرج الأمر ولا قرينة عندنا تصرف الأمر عن بابه إلى الندب ، ومن ذلك : حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فيمن شك في صلاته أثلاثاً أم أربعاً قال صلى الله عليه وسلم (( فليطرح الشك وليبن على ما استيقن وليسجد سجدتين قبل أن يسلم )) الحديث ، وهذا أمر وهو للوجوب ومن ذلك حديث أبي هريرة في صحيح الإمام مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( وهذا أمر وهو للوجوب ، ومن ذلك حديث عبدالرحمن بن عوف المتقدم وفيه (( ثم ليسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم وهذا أمر وهو للوجوب ، ومن ذلك أيضاً حديث عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين )) ومن ذلك فعله صلى الله عليه وسلم فإنه متأيد بقوله والأفعال إذا اقترنت بأمر قولي يدل على الوجوب فهي واجبة ، وهذا مذهب الجمهور مالك وأبي حنيفة وأحمد وقولهم هو الراجح بلا ريب لما رأيت من الأدلة الدالة على وجوبهما واختاره الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى ، وإذا تبين لك ذلك فنقول : هل هو واجب في كل سهو أعني في كل زيادة أو نقصان أم فيه تفصيل ؟ الجواب فيه تفصيل فنحن إذا نظرنا إلى الأدلة السابقة وجدناها خرجت مخرج الأمر في السجود للسهو فلابد من دراسة أحوال السهو التي حصلت حتى نعرف الرابط بينها ، وليقاس عليها غيرها فإلى دراستها بالتفصيل فأقول أولاً حديث ابن بحينة حكاية فعل لكنه فعل اقترن بقول فيأخذ حكم للوجوب ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم (( صلوا كما رأيتموني أصلي ))فهذا الفعل للوجوب وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ترك الجلوس للتشهد ، فالسجود وهذا إنما كان لترك الجلوس ، وهو نقص في الصلاة فالسجود شرع ليجبر هذا النقص ، وهذا النقص لو تعمده الإنسان لبطلت الصلاة ، إذاً نقول : كل نقص في الصلاة تبطل الصلاة بتعمده فإنه يجب له سجود السهو ، فهذا بالنسبة لحديث ابن بحينة .

ثانياً : حديث ابي هرير ة في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم إحدى صلاتي العشي فسلم من ركعتين ، ثم ذكره ذو اليدين فأتم الركعتين وسلم ثم سجد للسهو ثم سلم ، وهذا السجود إنما كان لهذا النقص وهو نقص لو تعمده الإنسان لبطلت الصلاة ، أعني أن الإنسان لو تعمد السلام من ركعتين في صلاة ثلاثية أو رباعية لبطلت صلاته ، إذاً نقول : سجد للسهو في نقص يبطل تعمده الصلاة ، فيقاس عليه كل نقص يحمل هذه الصفة ، وسجوده في حديث أبي هريرة وإن كان حكاية فعل لكنه قرن بأمر في حديث آخر كما في قوله صلى الله عليه وسلم (( إذا زاد أو نقص فليسجد سجدتين )) وبقوله صلى الله عليه وسلم ((صلوا كما رأيتموني أصلي )) إذاً كل نقص يبطل تعمده الصلاة فالسجود له واجب

ثالثاً : حديث عمران بن الحصين أنه سلم في صلاة العصر من ثلاث ركعات وأن النبي صلى الله عليه وسلم أتمها بعد تذكيره ثم سلم ثم سجد للسهو " وهذا السجود واجب وإن كان حكاية فعل ٍ لكنه قرن بأمر قولي كما مضى ، وهو هنا قد نقص في الصلاة نقصاناً يبطل تعمده الصلاة ، أي لو تعمد الإنسان أن يصلي العصر ثلاث ركعات لبطلت صلاته ،إذاً فكل نقصٍ يبطل عمده الصلاة فالسود له واجب .

رابعاً :حديث ابن مسعود رضي الله عنه في صلاته الظهر خمساً فقيل له : أزيد في الصلاة قال لا وما ذاك فقالوا صليت خمساً فسجد سجدتين ))رواه الجماعة ، فهذا السجود إنما هو لهذه الزيادة لأن قوله ((فسجد )) حكم قرن بالفاء بعد قوله (( صليت خمساً)) والحكم المقرون بالفاء بعد وصفٍ علته ذلك الوصف ، فعلة السجود في هذا الحديث هو زيادة هذه الركعة التي لو فعلها عمداً لبطلت صلاته بمعنى أنه لو تعمد أن يزيد في صلب الصلاة ركعة فإن صلاته تبطل والسجود في هذا الحديث واجب وهذه الزيادة من جنس الصلاة ، لأنها مكونة من قيامٍ وركوع وسجود وقعود فهي زيادة من جنس الصلاة فإذاً نقول : كل زيادة في الصلاة من جنسها يبطل عمدها الصلاة فالسجود لها واجب ، وعلى هذا نكون قد استنبطنا من هذه الأحاديث الأربعة أمرين :

الأول : أن كل نقص يبطل عمده الصلاة فالسجود له واجب ، وكل زيادة من جنس الصلاة يبطل عمدها الصلاة فالسجود لها واجب ، وإن شئت أن نجمعهما لك في ضابط واحد فنقول : يجب السجود في كل ما يبطل عمده الصلاة من نقص أو زيادة من جنس الصلاة ، وهذا هو ضابطنا الذي نحن بصدد شرحه .

ثانياً : حديث أبي سعيد في الشك مع الأخذ بالأقل فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من شك في صلاته مع الأخذ بالأقل فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من شك في صلاته ، أصلى ثلاثاً أم أربعاً أن يطرح ويبني على ما استيقن ويسجد للسهو قبل السلام ، مع حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم في قوله (( إذا قام أحدكم يصلي جاء الشيطان فلبس عليه صلاته حتى لا يدري كم صلى فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس فحديث أبي سعيد فيه الأمر بالسجود فيما إذا طرح الشك وحديث أبي هريرة فيه الأمر بالسجود لمجرد الشك والشك خلل في الصلاة وجبره واجب ، فالسجود له إذاً واجب لأن جابر لخلل الصلاة ، فإن الإنسان لو تعمداً هذا الخلل لبطلت صلاته ، إذاً تبين لك جلياً أن سجود السهو واجب فيما يبطل عمده الصلاة فالسجود له واجب ، وكل زيادة من جنس الصلاة يبطل عمدها الصلاة فالسجود لها واجب ، وكل شك في زيادة أو نقصان يبطل عمدها الصلاة فالسجود لها واجب ، فالسجود واجب فيما يبطل عمده الصلاة ، وهذا هو ما دلت عليه الأدلة الصحيحة وهو مذهب الأصحاب عليهم رحمة الله تعالى ، وبناءً على هذا فإن كل نقص في الصلاة لا يبطل الصلاة عمده فلا يجب له السجود ، وكل زيادة فيها لا يبطل الصلاة عمدها فلا يجب لها السجود ، لكن إذا انتفى الوجوب فهل يبقى الاستحباب أم لا ؟ نقول هذه المسألة الثانية وهي: هل يشرع السجود بترك السنن ، لأن ترك السنن لا يبطل عمده الصلاة ، وزيادتها أيضاً لا يبطل الصلاة عمدها ، بل تكرار الأركان القولية كالفاتحة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا يبطل عمدها الصلاة فالسجود لها لا يجب لكن هل يشرع أم لا ؟ أقول : لم يرد في السنة الفعلية عنه صلى الله عليه وسلم أنه سجد للسهو في نقص سنة أو زيادتها ، وأما السنة القولية فلم يرد فيها إلا ما رواه الإمام مسلم من حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس )) لاسيما وإن قلنا إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فإن قوله( فإذا نسي أحدكم ) يعم نسيان الأركان والواجبات والسنن ، فعلى هذا نقول من ترك سنة فنه لا يجب لها سجود السهو لكن إن سجد فلا بأس ، ولكن ينبغي لنا أن نقيد ذلك بالسنة التي من عادته فعلها أو التي هم أو عزم على فعلها ثم تركها سهواً أما إن ترك السنة عمداً أو ترك السنة التي ليس من عادته أن يفعلها فإن هذا لا يشرع في حقه السجود لأنه حينئذٍ لا يسمى ساهياً عنها والسجود إنما يشرع في حال السهو لا في غيره ، وأما إن زاد شيئاً فلا يخلو إما أن تكون من جنس الصلاة وإما لا ، فإن كانت من جنس الصلاة فلا يخلو إما أن يبطل عمدها الصلاة وإما لا ،فإن كان يبطل عمدها الصلاة فهذه تكلمنا عنها في الضابط الرابع ، وإن كان لا يبطل عمدها الصلاة فلا يخلو إما أن تكون فعليه أو قوليه ،فالفعلية كرفع اليدين في مواضع الرفع أو تشهد في قيام ونحوه ، فأما الأول فلا أرى أنه يشرع له السجود للسهو ،لأنه عمل قليل عرفاً من جنس الصلاة لا يغير هيئة الصلاة ، وأما الثاني فكذلك لا يشرع له سجود السهو لعدم النقل ولأن الأصل عدم الوجوب ، لكن إن سجد فلا نجرؤ على إبطال صلاته بذلك وأما إن كانت الزيادة من غير جنس الصلاة وهي المسألة الثالثة فلا تخلو إما أن تكون قوليه أو فعلية ، فأما القولية وهي مسألة الكلام في الصلاة فالصواب أنه يبطل الصلاة إن كانا عالماً عامداً ، لحديث معاوية بن الحكم في الصحيح مرفوعاً (( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير …)) الحديث ولقوله (( إن في الصلاة لشغلاً )) وأما إن كانت الزيادة فعلية – أعني زيادة فعل ليس من جنس الصلاة وهي مسألة الحركة في الصلاة فالقول الصحيح فيها هو أنها إذا كثرت عرفاً وتوالت أبطلت الصلاة أما إذا كانت يسيرة عرفاً كالتقدم شيئاً أو التأخر اليسير وكحمل الصبي ووضعه ونحوه فهذا لا يضر إن شاء الله تعالى ، وأما إن جهر في موضع الإخفات أو أخفت في موضع الجهر فإنه يبني على ما مضى ولا يجب فيه السجود لأنه لا يبطل الصلاة ، وإن سجد له فلا بأس لعموم قوله صلى الله عليه وسلم (( فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين )) والله تعالى أعلم .

المسألة الخامسة : ما الحكم لو ترك سجود السهو ؟

أقول هذا لا يخلو إما أن يترك السجود المواضع التي يجب فيها وإما لا ، فأما إن تركه في المواضع التي لا يجب فيها السجود فهذا لا شيء عليه لأنه لم يفرط في شيء واجب، وأما إن ترك السجود الواجب فإنه لا بد من هذا السجود أو إعادة الصلاة ، فإذا تركه سهواً وذكر قريباً سجد سواءً أكان محله قبل السلام أو بعده ، فالواجب عليه أن يأتي به ولو في غير محله المشروع لأنه تركه سهواً واختار هذا القول أبو العباس بن تيمية وذلك لأنه أعني السجود للسهو واجب أمر به النبي صلى الله عليه وسلم لتمام الصلاة ولجبر خللها فلا تبرأ ذمة العبد إلا به ، والذي لا يأتي بما أمر به شرعاً فإنه لا تبرأ ذمته ، والمأمورات لا تسقط بالجهل والنسيان فلا تبرأ الذمة من الصلاة أصلاً ولا من أجزائها الواجبة إلا بفعلها ، فمن نسي السجود وذكر قريباً سجد وإذا طال الفصل فهذا فيه خلاف والصحيح إن شاء الله تعالى أنه إن ذكره فإنه يسجد ويجزئه ذلك واختاره أبو العباس بن تيمية عليه رحمة الله تعالى لما في صحيح مسلم من حديث أبن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل سجدتي سجود السهو بعد السلام والكلام وفي حديث عمران أنه سلم من ثلاث فدخل منزله ثم قام إليه رجل يقال له الخرباق فكلمه ثم خرج النبي صلى الله عليه وسلم مغضباً فسألهم فقالوا : صدق فصلى ما ترك وهذا فصل طويل عرفاً وفي حديث أبي هريرة أنه سلم من ركعتين ثم قام إلى خشبه معروضة في المسجد فاتكأ عليها وخرج سرعان الناس من المسجد فقال له ذو اليدين أنسيت أم قصرت الصلاة فقال لم أنس ولم تقصر فقال بلى قد نسيت فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالوا نعم ، ولأبي داود : ولم يسجد حتى يقنه الله تعالى ذلك ،وهذا فصل طويل عرفاً ،عاد وسرعان الناس إما أن يكونوا عادوا أو بعضهم إلى المسجد فأتموا معه الصلاة بعد خروجهم من المسجد وقولهم قصرت الصلاة وإما أن يكونوا أتموا لأنفسهم لما علموا السنة وعلى كلا التقديرين فقد أتموا بعد العمل الكثير والخروج من المسجد ولم ينقل في من طريق صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بإعادة الصلاة لطول الفصل ، وبالجملة فتحديد الفاصل بين الصلاة وسجود السهو بعدها مع النسيان لم يدل عليه دليل ولم يحد لا بمكان ولا بزمان ولا أصل له في الشرع أصلاً ، لاسيما إذا كان الزمان غير مضبوط فطول الفصل وقصره ليس له حد معروف في عادات الناس ليرجع إليه ولم يدل على ذلك دليل شرعي ولم يفرق الدليل الشرعي في السجود والبناء بين طول الفصل وقصره ولا بين الخروج من المسجد والمكث فيه ، بل كما سبق ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد ودخل منزلة وتوشوش القوم ومع ذلك فقد بنى على صلاته ،وخرج سرعان الناس من المسجد ومع ذلك لم ينقل أنه أمرهم باستئناف صلاتهم مع علمنا بأن السنة بلغتهم ، ولأن الأصل عدم بطلان الصلاة بقول أو فعل إلا بدليل ، فالقول الصحيح إن شاء الله تعالى هو أن من ترك السجود الواجب فإنه لا يسقط عنه بل الواجب عليه أن يأتي به فإن ذكره قريباً أو بعد طول الفصل فما عليه إلا أن يسجد سجدتين هذا هو ما دلت عليه السنة الصحيحة ، ونقول لمن حده بما إذا لم يخرج من المسجد ، نقول له فقد خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد وخرج سرعان الناس من المسجد ، وقد بنوا على صلاتهم جميعاً ، فالتحديد بذلك مخالف للسنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستأنف الصلاة ولا أمر سرعان الناس الذين خرجوا من المسجد باستئنافها ، ونقول لمن حده بما لم يطل الفصل ،نقول له حدد لنا ذلك بزمن معين نعمل به ، فإن قال ما وافق حاله وما فعله صلى الله عليه وسلم فليس بفصل طويل وما زاد على ذلك فطويل فنقول له : لم ترجعنا إلى شيء دقيق فإننا لا نعرف مقدار الزمن والوقت الذي استغرقه في دخوله لمنزله ثم خروجه وسواله للناس ولا نعرف مقدار الوقت الذي قام فيه إلى الخشبة المعروضة … الخ ذلك فهذا فصل لكنه فصا لا نعرف زمنه حتى نقيس عليه غيره ، وأعراف الناس تختلف في طول الفصل وقصره فهذا مما لا يكاد ينضبط ، بل نقول فوق ذلك كله : إن الاعتبار بطول الفصل وقصره ليس له مستند شرعي وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فصل بين الصلاة وإتمامها وسجودها لم يقل إني سجدت وأتممت لأن الفصل قصير لكن إذا طال الفصل فاستأنفوا ، فإنه لو قال ذلك لقلنا سمعنا وأطعنا لكن لما لم يقله مع شدة الحاجة إليه وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز لما لم يقله دل ذلك على عدم اعتباره ، إذ لو كان معتبراً في البناء أو الاستئناف لذكره لأنه في مقام التشريع صلى الله عليه وسلم ، فلهذا ولغيره مم بين مع التأمل رجحنا ما مضى ، فإن قلت : هذا فيما إذا تركه سهواً لكن ما الحكم لو تركه عمداً أي تعمد تركه فأقول : إن سجود السهو مأمور به لجبر خلل في الصلاة حصل في أثنائها إما بزيادة و إما بنقص وإما بشك فالنبي صلى الله غليه وسلم أمر به وداوم على فعله ، فإذا ترك الإنسان السجود عمداً فكان ترك جزءاً من أجزائها ومن ترك شيئاً من أجزائها عمداً فإنها تبطل بذلك ، كمن ترك الصلاة عمداً حتى خرج وقتها فإنه لا يشرع له قضاؤها لأن العبادة المؤقتة بوقت تفوت بفوات وقتها عمداً لا سهواً ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسجدتين بعد السلام فيما سجوده بعد السلام فقال "فليتحرا الصواب وليتم عليه ثم يسلم ثم يسجد " وأمر بالسجدتين قبل السلام في آخر الصلاة قبل السلام كما في الحديث (( وليسجد سجدتين قبل أن يسلم )) فهذا دليل على وجوب ذلك مع الذكر فالمتعمد لا يجوز له مخالفة مقتضى هذه الأوامر أما الجاهل والناس فهذا قد تقدم الكلام عليه ، فإن سلم عامداً عالماً عن سجود قبل السلام فإنه يكون قد نقص من الصلاة واجباً ولم يأتي بما يجبره متعمداً عالماً فصلاته تبطل لمخالفته أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن لم يسجد بعد السلام في سجود محله بعد السلام فإنه صلاته تبطل لإخلاله بالموالة بين السلام والسجود عامداً عالماً فيكون قد خالف الأمر النبوي وأتى بشيء ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم ، إذ لم يشرع فصلهما عن الصلاة إلا بالسلام فقط وأمر بهما عقب السلام كما في الحديث السابق فمتى تكلم عمداً أو قام أو غير ذلك مما يقطع التتابع عالماً عامداً بلا عذر بطلت صلاته كما تبطل إذا ترك السجدتين قبل السلام عالماً عامداً ولأن المتعمد للمخالفة ليس أهلاً للعذر والمسامحة وحينئذٍ عليه استئناف الصلاة مع وجوب التوبة من تسببه في إبطال صلاته الأولى بعمدٍ وعلم ، فهذا هو ما أراه موافقاً للأدلة العامة والخاصة وأستغفر الله وأتوب إليه من الخطأ والله يتجاوز عن الزلل وهو أعلى وأعلم.










رد مع اقتباس
قديم 2015-05-08, 22:27   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
3molty
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية 3molty
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(المسألة السادسة )
( ليس على المأموم سهو فإن سها الإمام فعليه وعلى من أدركه معه )





القاعدة الأساسية عند الفقهاء ، هي أن المأموم تابع لإمام ، فلا يجوز للمأموم الاختلاف على إمامه بفعل من الأفعال كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتى يركع وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد )) رواه أبو داود وأصله في الصحيحين وهذه القاعدة مطردة إلا فيما خصه الدليل ، فلا يجوز للمأموم أن يخالف إمامه في قيامٍ ولا قعود ولا ركوع أو سجود بل الواجب عليه متابعته في جميع أفعال الصلاة ، حتى وإن أدى ذلك إلى تفويت واجب أو زيادة ركن ، فإنه يعفى عنه ، فلو أن المأموم دخل مع الإمام في رباعية وقد فاته ركعة فإنه سيفوته حينئذٍ التشهد من أجل متابعة إمامه ، بل وجلوسه معه بعد الركعة الثانية من زيادة ركن في غير محله لأن هذا القعود هو التشهد الأول في حق الإمام لكن هو في حق من فاتته ركعة ليس بتشهد أول لأن التشهد الأول لا يكون بعد ركعتين وهو لم يصل إلا ركعة فزاد هذا القعود متابعة لإمامه ويتحمله الإمام بل لو قام الإمام إلى الثالثة سهواً ولم يجلس للتشهد الأول وجلسته ولو عمداً "موافقة" لإمامه في قيامه ، والصور كثيرة مما يدل على إن متابعة المأموم لأفعال إمامه فرض لا تصح صلاة المأموم إلا به ، فصلاة المأموم تابعة لصلاة الإمام في وجوب الإقتداء ، إذا علم ذلك فاعلم أن كل خلل في صلاة الإمام فإنه يُعَدُّ خللاً في صلاة المأموم أعني الخلل الظاهر وليس الخلل في صلاة المأموم يكون خللاً في صلاة الإمام لأن الإمام متبوع والمأموم تابع ،فإذا فهمت هذا فهماً جلياً فاعلم أن السهو في الصلاة إما أن يقع من المأموم خلف إمامه فإنه لا يجب السجود على المأموم بل يتحمله عنه الإمام وذلك لأمور : حديث عمر بن الخطاب مرفوعاُ (( ليس على من خلف الإمام سهو فإذا سها الإمام فعليه وعلى من خلفه )) لكنه حديث ضعيف ، لا تقوم بمثله حجة ، ومنها : أنه لم ينقل أن أحد من الصحابة كان يسجد للسهو خلف النبي صلى الله عليه وسلم لسهو نفسه أبداً ، مع أننا نجزم أن بعضهم قد يحصل منه سهو في الصلاة ومع ذلك فإنه لم يثبت عن أحد منهم الاستقلال بالسجود ولنفسه بل هذا على إجماعهم أن المأموم إذا سها فإنه لا ينفرد بالسجود لنفسه بل هذا مما يتحمله عنه الإمام ، ومنها :أن المأموم إذا سها خلف فلا يخلوا إما أن يكون سجوده قبل السلام أو بعده ، فإن كان قبل السلام فإن سجوده حينئذٍ مخالفة لإمامه وترك للإتمام به وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه ، وهذا ترك الإتمام به واختلف عليه ، وإن كان السجود بعد السلام فإنه يكون قد بشيء لم يفعله إمامه فهو من الاختلاف عليه أيضاً ، ومنها أنه ثبت في صحيح مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم (( إنما الإمام جنة )) أي حافظاً لصلاة من خلفه من النقص أو إبطال ، فهذه الأدلة تدل على أن سهو المأموم غير معتبر وهو المشهور من المذهب بل هو مذهب جماهير أهل العلم ، وأما إذا سها الإمام فإن هذا السهو يكون م}ثراً في صلاته وصلاة من خلفه لتعلق صلاتهم بصلاته ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سهى عن الاثنتين وسلم أتم وسجد للسهو مع أن الصحابة لم يحصل منهم سهو وغير ذلك مخالات السهو التي حصلت له صلى الله عليه وسلم لم يكن قد سها فيها الصحابة رضوان الله عليهم وإنما تركوا التنبيه في أثناء الصلاة ظناً منهم أن الأمر زيد فيه أو نقص منه ، لأن العصر عصر تشريع ، ومع ذلك فقد تابعوا النبي صلى الله عليه وسلم في سهو وسجدوا معه ، ومع ذلك لارتباط صلاتهم بصلاته ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم (( إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه )) فلو سجد ولم يسجد المأموم لاختلف عليه في أمرٍ واجب فيكون كمخالفة في سجود الصلاة وبعد هذا نقول : إنه قد تقرر عندنا أمران :

الأول : أن المأموم ليس عليه سهو إذا سها خلف إمامه .

الثاني : أن الإمام إذا سها فإنه سهو عليه وعلى من خلفه ،لكن بقي سؤالان مهمان :

الأول : هل إذا سها الإمام يجب على جميع من خلفه السجود أم لا ؟

الثاني : ما الحكم إذا سها المسبوق خلف الإمام ؟

فالجواب أن هذين سؤالين مهمين وهما من تمام الكلام على هذا الضابط ، فأما الأول : فإن الإمام إذا سها فإنه عليه وعلى من أدركه معه من المسبوقين وهذا هو نص الضابط المذكور ، فمن دخل مع إمامه من أول الصلاة فإنه لا شك سوف يوافقه في السهو ففي هذه الحالة يجب عليه السجود معه للسهو سواءً قبل السلام أو بعده ، وأما إن فاته السهو بحيث لم يدخل معه إلا بعد السهو كما إذا حصل السهو في الركعة الأولى ولم يدخل معه إلا في الثانية مثلاً ففي هذا الحالة لا يلزمه السجود وإلا إذا كان قبل السلام فلا يسجد معه لأن فيه إبطال لصلاته إن سلم معه وقد بقي عليه من صلاته شيء ولا يجب أيضاً عليه السجود فيما إذا كان السجود بعد السلام لأنه لم يدرك السهو مع إمامه أي لم يدرك خلل صلاة إمامه فلا يلزمه السجود حينئذٍ فصارت الأحوال عندنا ثلاث :

الأول : أن يدخل مع إمامه في الصلاة ولا يفوته شيء من صلاة إمامه فهذا يلزمه السجود إن سها إمامه وتلزمه متابعة فيها سواءً كان السجود قبل السلام أو بعده .

الثانية : المسبوق الذي أدرك سهو إمامه فهذا أيضاً يلزمه متابعته في السجود سواءً قبل السلام أو بعده لأنه أدرك سهو الإمام لكن إن كان السهو الذي أدركه مع إمامه سجوده بعد السلام فلا يسجد معه لأنه بقي عليه من صلاته بعضها لكن إذا أتم صرته وسلم وجب عليه السجود بعد السلام .

الثالثة : المسبوق الذي لم يدرك سهو إمامه فهذا إن كان سجود إمامه قبل السلام وجب عليه متابعته فيه لتحريم المخالفة ولأن الاقتداء لم ينقطع بينهما وأما إن كان السجود بعد السلام فهذا لا يجوز متابعته فيه لأنه بقي عليه من صلاته بعضها ، لكن إذا أتم صلاته فلا يلزمه السجود أم لا ؟ الجواب لا يلزمه لأنه لم يدرك سهو إمامه، فالجزء الذي حصل الخلل فيه لم يدركه المسبوق فلا يطالب به ، فهذا بالنسبة للسؤال الأول ، وأما الثاني وهو قولنا:

ما الحكم لو سها المسبوق خلف الإمام ؟ نقول هذا لا يخلوا من حالتين إما أن يقع السهو بعد مفارقة إمامه أو قبلها ، فإن وقع السهو بعد مفارقة فإنه يجب عليه السجود عليه للسهو فيما يجب فيه ، لأنه حينئذٍ في حكم المنفرد لانقطاع الاقتداء بينه وبين إمامه بسلام إمامه ، وأما إن وقع له السهو وهو خلف إمامه فنقول :

إن كل من سها سهواً يوجب السجود فإنه يجب عليه السجود له ، وهذا الواجب لا بد من الإتيان به مع الإمكان ويسقط مع العجز لأن الواجبات تسقط بالعجز عنها ، وهذا المسبوق سها خلف لإمامه بنقصٍ أو زيادة أو شك فيجب عليه السجود مع المحافظة على المتابعة لإمامه هو بعد السلام لا يكون مأموما بل منفرداً أي يأخذ أحكام المنفرد فإذا أتم صلاته وعليه سجود واجب ولا مانع من الإتيان به وجب عليه الإتيان بالمأمور ، فيسجد للسهو الذي حصل منه ، فإن قلت فهل سجود السهو واجب على المأموم ؟

قلت نعم ؟ فإن قلت : فلماذا تقول في الضابط ( لا سجود على مأموم ) وقررت بالدليل أن المأموم إذا سها خلف إمامه فإنه لا سجود عليه ؟ فأقول نعم قد قررنا ذلك سابقاً لكن فيما إذا كان السجود لسهو المأموم مخل بالمتابعة وهو فيما إذا ادخل معه من أول الصلاة فيكون السجود حينئذٍ واجب سقط للعذر ، وأما في حال المسبوق فإنه لا عذر يسقط هذا الواجب فقلنا إنه يأتي به والله أعلم .

فنخلص من هذا الكلام إذاً أن هذا الضابط مكون من أمرين :

الأول : أنه لا سجود على المأموم فيما إذا سها خلف إمامه إن كان السجود يخل بالمتابعة .

الثاني : أن الإمام إذا سها فعليه السجود ، وكذلك على جميع من أدرك السهو معه دون من لم يدركه ، وهذا واضح . والله تعالى أعلم .










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
تحقيق ضوابط


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:10

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc