|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
((( المنهـــج القــويم في معــاملة الحكـــام )))
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2015-01-12, 22:50 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
((( المنهـــج القــويم في معــاملة الحكـــام )))
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضّلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، وصلّى الله على محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد: فاعلمْ أنّ العلماءَ أجمعوا على وجوبِ طاعةِ الحاكمِ المتغلِّبِ، وأنّ طاعتَه خيرٌ من الخروجِ عليه، لما في ذلك من حقنِ الدّماءِ وتسكينِ الدّهماءِ، ولِمَا في الخروجِ عليه من شقِّ عصا المسلمين وإراقةِ دمائِهم وذهابِ أموالِهم، فإذا استتبّ له الأمرُ، وتمّ له التّمكينُ -وإن لم يستجمعْ شروطَ الإمامةِ- صحّتْ إمامتُه ووجبتْ بيعتُه وطاعتُه في المعروفِ، وحَرُمَتْ منازعتُه ومعصيتُه، فأحكامُه نافذةٌ، ولا يجوز الخروجُ عليه قولاً واحدًا، وقد حكى إجماع ذلك الحافظُ ابن حجرٍ في«الفتح»(1) والنّوويُّ في «شرح مسلم»(2) والشّيخُ محمّدُ بنُ عبدِ الوهّابِ في «الدّرر السّنيّة»(3)، فمن خرج عن طاعةِ الحاكمِ الذي وقع الاجتماعُ عليه فارق الجماعةَ الذين اتّفقوا على طاعةِ الإمامِ الذي انتظم به شملُهم، واجتمعتْ به كلمتُهم، وحاطهم من عدوِّهم، فمات ميتةً جاهليّةً؛ فقد أخرج البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحَيْهما عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما قال : قال رسولُ الله صلّى الله عليه وآلِه وسلّم: «مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإٍنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً»(4)، وفي لفظٍ: «مَنْ رَأَى مِنْ أَمٍيرٍهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ، فَإٍنَّهُ مَنْ فَارَقَ الجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إلاَّ مَاتَ مِيتةً جَاهِلِيَّةً»(5)، ذلك أنّ أهلَ الجاهليّةِ لم يكنْ لهم إمامٌ يجمعهم على دينٍ، ويتألّفُهم على رأيٍ واحدٍ -كما ذكر الخطّابيُّ- بل كانوا طوائفَ شتّى وفرقًا مختلفين، آراؤُهم متناقضةٌ، وأديانُهم متباينةٌ، وذلك الذي دعا كثيرًا منهم إلى عبادةِ الأصنامِ، وطاعةِ الأزلامِ، رأيًا فاسدًا اعتقدوه في أنّ عندها خيرًا، وأنّها تملك لهم نفعًا أو تدفع عنهم ضرًّا(6). يتبع......
|
||||
2015-01-12, 22:52 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
ففي حديثِ ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما المتقدّمِ، دليلٌ على تركِ الخروجِ على السّلطانِ ولو جار، فإنّ المفارِقَ للجماعةِ مفارقةَ الألفةِ وزوالِ العصمةِ والخروجِ عن كنفِ الطّاعةِ والأمانِ، لا يُسْأَلُ عنه لعظيمِ هلكتِه، وقد أمر الشّرعُ بلزومِ الجماعةِ ونهى عن التّفرُّقِ -وإن وقع من ولاةِ الأمورِ الظُّلمُ والحيفُ- بقولِه تعالى : ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميّةَ في «منهاج السّنّة»: «وقدّ فُسِّر «حبلُه» بكتابِه، وبدينِه، وبالإسلامِ، وبالإخلاصِ، وبأمرِه، وبعهدِه، وبطاعتِه، وبالجماعِة، وهذه كلُّها منقولةٌ عن الصّحابةِ والتّابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدّينِ، وكلُّها صحيحةٌ، فإنّ القرآنَ يأمر بدينِ الإسلامِ، وذلك هو عهدُه وأمرُه وطاعتُه، والاعتصامُ به جميعًا إنّما يكون في الجماعةِ، ودينُ الإسلامِ حقيقتُه الإخلاصُ للهِ»(7). ولقولِه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾ [النساء: 59]، و(أولو الأمرِ) هم الأمراءُ والولاةُ، لصحّةِ الأخبارِ عن رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم بالأمرِ بطاعةِ الأئمّةِ والولاةِ فيما كان طاعةً وللمسلمين مصلحةً(8)، منها: قولُه صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم في حديثِ حذيفةَ بنِ اليمانِ رضي الله عنهما: «يَكُونُ بَعْدي أئِمّةٌ لا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ، ولاَ يَسْتَنّونَ بسُنَّتِي، وسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ في جُثْمَانِ إنْسٍ» -قَالَ: قُلْتُ: «كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟» قَالَ: «تَسْمَعُ وَتُطِيعُ الأَمِيرَ، وَإنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ وَأخَذَ مَالَكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ»(9). والطّاعةُ لهم في المنشطِ والمكرهِ، والعسرِ واليسرِ، مشروطةٌ بِما ليس معصيةً للهِ تعالى لدلالةِ حديثِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عن النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم أنّه قال: «عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ فِيمَا أحَبَّ وَكَرِهَ إِلاَّ أَنْ يُؤْمَرَ بمَعْصِيَةٍ، فَِإنْ أُمِرَ بمَِعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلا طَاعَةَ»(10)، ولحديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه أنّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وآلِه وسلّم قال: «لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ»(11). لذلك كان إحسانُ الظّنِّ بولاةِ الأمرِ مُتَحَتِّمًا. يتبع.....
|
|||
2015-01-12, 22:54 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
ومِنْ لوازمِ طاعتِهم: متابعتُهم في الصّومِ والفطرِ والتّضحيةِ، فيصومُ بصيامِهم في رمضانَ، ويُفْطِرُ بفطرِهم في شوّالٍ، ويضحّي بتضحيتِهم في عيدِ الأضحى. ومن لوازمِ طاعتِهم -أيضًا- عدمُ إهانتِهم، وتركُ سَبِّهم أو لعنِهم، والامتناعُ عنِ التّشهيرِ بعيوبِهم، سواء في الكتبِ والمصنَّفاتِ والمجلاّتِ، أو في الدّروسِ والخطبِ أو بين العامّةِ، كما ينبغي تجنُّبُ كلِّ ما يُسيءُ إليهم من قريبٍ أو من بعيدٍ، ذلك أنّ علّةَ المنعِ: تفادي الفوضى، وتركِ السّمعِ والطّاعةِ في المعروفِ، والخوضِ فيما يضرّ نتيجةَ سبِّهم وإهانتِهم، الأمرُ الذي يفتح بابَ التّأليبِ عليهم، ويجرّ من الفسادِ ولا يعود على النّاسِ إلاّ بالشّرِّ المستطيرِ، ولهذا جعل النّبيُّ صلّى الله عليه وآلِه وسلّم: «لَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ»(12)، و«سِبَابُهُ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ»(13)، وبيّن خُلُقَ المؤمنِ بأنَّه «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ، وَلاَ الْفَاحِشِ، وَلاَ الْبَذِيءِ»(14)، ولا شكَّ أنّ الاتّصافَ بهذا الخُلُقِ الذّميمِ مع ولاةِ الأمورِ والأئمّةِ من علاماتِ الخوارجِ، وقد جاء على لسانِ رجلٍ منهم قولُه للنّبيِّ صلّى الله عليه وآلِه وسلّم: «اِعْدِلْ»(15)، وقال آخَرُ منهم لعثمانَ رضي الله عنه عندما دخل عليه لِيَقْتُلَه: «يَا نَعْثَلْ»(16)، وإنّما أُمِرْنَا أنْ نَدْعُوَ لهم بالصّلاحِ، ونُعِينَهم عليه، ولم نُؤْمَرْ أن نَدْعُوَ عليهم -وإنْ وقع منهم الْجَوْرُ والظّلمُ- كما يفعلُه فينا من لم يتّضحْ له مذهبُ السّلفِ في معاملةِ ولاةِ الأمورِ، ذلك لأنّ ظُلْمَهم وجَوْرَهم على أنْفُسِهم، أمّا صلاحُهم فلأنْفُسِهم وللأمّةِ كلِّها، العبادِ والبلادِ، وقد جاء عن بعضِ علماءِ السّلفِ قولُه: «إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يَدْعُو عَلَى السُّلْطَانِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ هَوَى، وَإِذَا سَمِعْتَ الرَّجُلَ يَدْعُو لِلسُّلْطَانِ بِالصَّلاَحِ فَاعْلَمْ أَنَّهُ صَاحِبُ سُنَّةٍ -إِنْ شَاءَ اللهُ-»(17). هذا، وإذا كنّا قد أُمِرْنَا بأن نَدْعُوَ لهم؛ فقدْ أُمِرْنَا -أيضاً- بنصيحتهم -بقدْرِ الاستطاعة والإمكان- من غير تعنيفٍ، ولا بأسلوبِ الفجاجةِ والغلظةِ وبكلماتِ السّوءِ والمنكرِ، وإنّما يكون نصحُهم مبنيًّا على الوعظِ والتّخويفِ، تذكيرًا لهم باللهِ تعالى، وتحذيرًا لهم من الآخرةِ، وترغيبًا لهم في الصّالحاتِ، فإنّ مناصَحَةَ أئمّةِ المسلمين منافيةٌ للغِلِّ والغشِّ، كما أخبر به النّبيُّ صلّى الله عليه وآلِه وسلّم فيما أخرجه التّرمذيُّ وغيرُه من حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه مرفوعًا: «ثَلاَثٌ لاَ يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قلْبُ الْمُؤمِنِ: إِخْلاَصُ الْعَمَلِ، وَالنَّصِيحَةُ لِوَلِيِّ الأَمْرِ -وفي لَفْظِ: طَاعَةُ ذَوِي الأَمْرِ-، وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ»(18). وقد شرح الإمامُ ابنُ القيّمِ في «مفتاح دارِ السّعادةِ» هذا النّصَّ شرحًا دقيقًا قيّمًا بقولِه: «إنّ قولَه: «ثَلاَثٌ لاَ يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قلْبُ مُسْلِمٍ ...» أي لا يحمل الغِلَّ ولا يبقى فيه مع هذه الثلاث، فإنّها تنفي الغِلَّ والغشَّ وهو فسادُ القلبِ وسَخَائِمُه (والسّخيمةُ الحقدُ والضّغينةُ). يتبع.....
|
|||
2015-01-12, 22:57 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
يتبع.....
|
|||
2015-01-12, 22:58 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
وعليه، فإنّ مذكوراتِ الحديثِ الثّلاثَ -يعني : إخلاصَ العملِ، ومناصحةَ أولي الأمرِ، ولزومَ جماعةِ المسلمين- تجمع أصولَ الدّينِ وقواعدَه، وتجمع الحقوقَ التي للهِ ولعبادِه، وتنتظم بها مصالِحُ الدّنيا والآخرةِ على ما أوضح شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميّةَ -رحمه الله تعالى- بقولِه: «وبيانُ ذلك أنّ الحقوقَ قسمان: حقٌّ لله، وحقٌّ لعبادِه: • فحقُّ اللهِ أن نعبدَه ولا نشركَ به شيئًا... • وحقوقُ العبادِ قسمان: خاصٌّ وعامٌّ: - أمّا الخاصُّ فمثلُ برِّ كلِّ إنسانٍ والديه، وحقِّ زوجتِه، وَجَارِهِ، فهذه من فروعِ الدّينِ، لأنّ المكلَّفَ قد يخلو عن وجوبِها عليه، ولأنّ مصلحتَها خاصّةٌ فرديّةٌ. - وأمّا الحقوقُ العامّةُ فالنّاسُ نوعان: رعاةٌ ورعيّةٌ، فحقوقُ الرّعاةِ: مناصحتُهم، وحقوقُ الرّعيّةِ: لزومُ جماعتِهم، فإنّ مصلحتَهم لا تتمّ إلاّ باجتماعِهم وهم لا يجتمعون على ضلالةٍ، بل مصلحةُ دينِهم ودنياهم في اجتماعِهم واعتصامِهم بحبلِ اللهِ جميعًا. فهذه الخصالُ تجمع أصولَ الدّينِ»، اه(20). لذلك كان الخروجُ على الأئمّةِ -وإن جاروا- مُحْدَثاً ومنكرًا، قد نطقتِ الأحاديثُ بوجوبِ لزومِ جماعةِ المسلمين وإمامِهم، فإنّ الخروجَ عليهم والافتياتَ عليهم معصيةٌ ومشاقّةٌ للهِ ورسولِه، ومخالفةٌ لما عليه أهلُ السّنّةِ والجماعةِ. قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميّةَ -رحمه الله- في «مجموع فتاويه»: «وأمّا أهلُ العلمِ والدّينِ والفضلِ فلا يرخّصون لأحدٍ فيما نهى اللهُ عنه من معصيةِ ولاةِ الأمورِ، وغشِّهم، والخروجِ عليهم بوجهٍ من الوجوهِ، كما قد عُرِفَ من عاداتِ أهلِ السّنّةِ والدّينِ قديمًا وحديثًا، ومن سيرةِ غيرِهم»(21). هذا، والطّريقُ الأسلمُ والمنهجُ الأوفقُ الذي يُحَقَّقُ به معنى التّغييرِ يكمن في السّيرِ بالدّعوةِ إلى اللهِ على منهاجِ النّبوّةِ بتصحيحِ العقيدةِ وتصفيتِها من كلِّ الشّوائبِ العالقةِ بها والمنافِيةِ لعقيدةِ أهلِ الحقِّ وترسيخِها بتربيةِ الأنفسِ والأهلِ على هذا الدّينِ، والدّعوةِ للعملِ بأحكامِه بالأسلوبِ الذي أمرنا تعالى أن نَدْعُوَ به في قولِه عزّ وجلّ: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125]، ذلك لأنّ اللّينَ في الأسلوبِ والموعظةَ الحسنةَ في مجالِ الدّعوةِ والتّعليمِ والإعلامِ والنّصحِ(22) من أهمِّ أسبابِ حصولِ انتفاعِ العوامِّ بدعوةِ الدّعاةِ وتعليمِهم وإرشادِهم، بخلافِ التّغليظِ في القولِ، والزّجرِ في الأسلوبِ، والتّبكيتِ في الدّعوةِ والتّعليمِ، فلا نتائجَ وافرةَ ومفيدةَ من ورائِه مرجوّةٌ، قال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ﴾ [آل عمران: 159]، وقال تعالى: ﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ [طه: 44]، كما أنّ المطلوبَ الاتّصافُ بأخلاقِ هذا الدّينِ والتّحلّي بآدابِه عملاً بقولِه تعالى: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ [آل عمران: 79]، وبقولِه تعالى: ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ [العصر: 3]، وبقولِه عزّ وجلّ: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، فإنّ تكريسَ هذه الدّعوةِ سلوكًا ومنهجًا يؤدّي - بطريقٍ أو بآخَرَ- إلى تحقيقِ تغييرِ ما بالأنْفُسِ على نحوِ ما يوافقُ الشّرعَ ليحصلَ مع المطلوبِ ما وعد به اللهُ تعالى في قولِه: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد: 11]، هذا الأمرُ الذي كان عليه سبيلُ الدّعوةِ أيّامَ الرّسالةِ، قال تعالى: ﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ﴾ [البقرة: 129]. ومِن هنا يُدرَك أنّ طريقَ الدّعوةِ إلى اللهِ إنّما يكون بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ والصّبرِ على مشاقِّها دون عجلةٍ مورطةٍ في الفسادِ والإفسادِ، التي مآلُها الحرمانُ على ما تقرّر في القواعدِ أنّ «مَنْ تَعَجَّلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ»(23)، فيحتاج الأمرُ إلى ثباتٍ وتضحيةٍ واستقامةٍ وأملٍ باللهِ ويقينٍ، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ﴾ [السجدة: 24]، فالإمامةُ في الدّينِ إنّما تُنَالُ بالصّبرِ واليقينِ، فإنّ تحمُّلَ الأمانةِ بالوجهِ المطلوبِ شرعًا نصرةٌ لدينِ اللهِ، مع الثّقةِ الكاملةِ بأنّ نصْرَ اللهِ آتٍ لمن نصر دينَه يقينًا على الوجهِ الذي أمَرَ به الشّرعُ، قال تعالى: ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ [محمد: 7]، وقال تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ﴾ [الحجّ: 40]، كما أنّه يؤّدي إلى تمكينِ الدّينِ المرتضى لعبادِه الصّالحين، كما وعد المولى عزّ وجلّ عليه غايةَ العزّةِ، قال تعالى: ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8]، وقال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ [النور: 55]. يتبع.....
|
|||
2015-01-12, 23:02 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
1424ه / 2003م.
|
|||
2015-01-12, 23:03 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
(١) «فتح الباري» لابن حجر: (١٣/ ٧).
(٢) «شرح مسلم» للنّووي: (١١/ ٢٢٩). (٣) «الدّرر السّنيّة في الأجوبة النّجديّة»: (٧/ ٢٣٩). (٤) أخرجه البخاريّ: (١٣/ ٥) في «الفتن»، باب قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «سَتَرَوْنَ مِنْ بَعْدِي أُمُورًا تُنْكِرُونَهَا»، وفي «الأحكام»، باب السّمع والطّاعة للإمام ما لم تكن معصية؛ ومسلم: (١٢/ ٢٣٩) في «الإمارة»، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن. (٥) المصدران السابقان. (٦) انظر «العزلة» للخطاّبيّ: (٥٧). (٧) «منهاج السّنّة النّبويّة» لابن تيميّة: (٥/ ١٣٤). (٨) «تفسير الطّبريّ»: (٥/ ١٥٠). (٩) أخرجه مسلم: (١٢/ ٢٣٨) في «الإمارة»، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن. (١٠) أخرجه البخاريّ: (١٣/ ١٢١) في «الأحكام»، باب السّمع والطّاعة للإمام، وفي «الجهاد»، باب السّمع والطّاعة للإمام، ومسلم: (١٢/ ٢٢٦) في «الإمارة»، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (١١) أخرجه البخاريّ: (١٣/ ١٢٢) في «خبر الواحد»، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصّدوق، وفي «المغازي»، باب سريّة عبد الله بن حذافة السّهميّ وعلقمة بن مجزّز، وفي «الأحكام»، باب السّمع والطّاعة للإمام ما لم تكن معصية؛ ومسلم: (١٢/ ٢٢٦) في «الإمارة»، باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. (١٢) أخرجه البخاريّ: (١٠/ ٤٦٥) في «الأدب»، باب ما ينهى من السّباب واللّعن، من حديث ثابت بن الضّحّاك رضي الله عنه. (١٣) أخرجه البخاريّ: (١/ ١١٠) في «الإيمان»، باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر، وفي «الأدب»: (١٠/ ٤٦٤)، باب ما ينهى من السّباب واللّعن؛ ومسلم في «الإيمان»: (٢/ ٥٤)، من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. (١٤) أخرجه التّرمذيّ: (٤/ ٣٥٠) في «البرّ والصّلة»، باب ما جاء في اللّعنة؛ وصحّحه الحاكم: (١/ ١٢) والألبانيّ في «الصّحيحة»: (٣٢٠) وفي «صحيح التّرمذيّ»: (٢/ ٣٧٠)؛ وقوّى إسناده الأرناؤوط في «شرح السّنّة»: (١٣/ ١٣٤). (١٥) أخرجه ابن ماجه: (١/ ٦١) في «المقدّمة»، باب في ذكر الخوارج، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. والحديث صحّحه الألبانيّ في «صحيح ابن ماجه»: رقم (١٤٢)، وفي «صحيح الأدب المفرد»: (٥٩٩/ ٧٧٤)، وفي «ظلال الجنّة»: رقم (٩٤٣). (١٦) ذكره الهيثميّ في «مجمع الزّوائد» (٧/ ٢٢٨) وقال: «رجالهما رجال الصّحيح غيرُ عبّادِ بنِ زاهرٍ وهو ثقة»، وقال ابن الأثير في «النّهاية» (٥/ ٨٠): «كان أعداء عثمانَ رضي الله عنه يسمّونه نعثلا تشبيهًا برجلٍ من مصرَ، كان طويلَ اللّحيةِ اسمُه نعثل، وقيل: النّعثل الشّيخُ الأحمق وذكَرُ الضّباع». (١٧) «شرح السّنّة» للبربهاريّ: (٦٠). (١٨) هذا جزء من حديث أخرجه التّرمذيّ: (٥/ ٣٤) في «العلم»، باب في الحثّ على تبليغ السّماع، قال التّرمذيّ: «حديث حسن صحيح»، وروى هذا الأصلَ بضعةٌ وعشرون صحابيًّا وهو معدودٌ من المتواتر كما بيّنه الكتّانيّ في «نظم المتناثر»: (٢٤-٢٥). (انظر «سلسلة الأحاديث الصّحيحة» للألباني: رقم (٤٠٤). (١٩) «مفتاح دار السّعادة» لابن القيّم: (١/ ٢٧٧-٢٧٨). (٢٠) «مجموع الفتاوى» لابن تيميّة: (١/ ١٨-١٩). (٢١) المصدر السّابق: (٣٥/ ١٢). (٢٢) هذا الأسلوب إنّما يُتوَخَّى في المجال الدّعويّ والتّعليميّ والإعلاميّ، أو في إطار النّصيحة، أمّا من ظهرتْ بدعتُه، واستقرّتْ، وقامت دعوتُه عليها، ونافح عنها؛ فالمعروفُ من مذهب السّلف أنّه يجب زجرُه بهجرِه، والتّحذيرُ منه حتمٌ لازمٌ. (٢٣) انظر هذه القاعدة في: «الأشباه والنّظائر» لابن الوكيل: (١/ ٣٥٠)، «المنثور» للزّركشيّ: (٢/ ٢٩٧)، «الأشباه والنّظائر» للسّيوطيّ: (١٥٢)، «إيضاح المسالك» للونشريسيّ: (٣١٥)، «قواعد ابن رجب»: (٢٣٠)، «الأشباه والنّظائر» لابن السّبكيّ: (١/ ١٧٠). (٢٤) «مدارج السّالكين» لابن القيّم: (٢/ ٤٩٦). (٢٥) انظر: «تفسير القرطبيّ»: (٤/ ٢٩٤). (٢٦) أخرجه أبو داود: (٤/ ٥١٥) في «الملاحم»، باب الأمر والنّهي، من حديث العرس بن عميرة الكنديّ رضي الله عنه، وحسّنه الألبانيّ في «صحيح سنن أبي داود»: (٣/ ٣٨)، وفي «المشكاة»: (٥١٤١). (٢٧) جزء من حديث أخرجه مسلم: (١٦/ ٢٢٧) في «العلم»، باب من سنّ سنّة حسنة أو سيّئة؛ وأبو داود، (٥/ ١٥) في «السنّة»، باب لزوم السنّة؛ والترمذي: (٥/ ٤٣) في «العلم»، باب فيمن دعا إلى هدى؛ وابن ماجه: (١/ ٧٥) في «المقدّمة»، باب من سنّة سنّة حسنة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. (٢٨) هو «أبو بكر محمّدُ بنُ مسلمِ بنِ عبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ شهابٍ الزّهريُّ القرشيُّ المدنيُّ، نزيل الشّام، أحد التّابعين الأعلام المشهورين بالإمامة والجلالة، كان حافظ زمانه، عالمًا في الدّين والسّياسة، انتهت إليه رئاسة العلم في وقته، له روايات كثيرة، تُوُفِّيَ سنة (١٢٤هـ/ ٧٤١م)». انظر ترجمته في المصادر المثبتة على هامش «مفتاح الوصول» للتّلمسانيّ بتحقيقي: (٣٢٥). (٢٩) انظر: «المغني» لابن قدامة: (٨/ ١١٣). (٣٠) انظر: «مغني المحتاج» للشّربينيّ: (٤/ ١٢٤)، و«حاشية الدّسوقيّ»: (٤/ ٣٠٠). (٣١) هي قاعدة مطّردة شهد لها القرآن والسّنّة في مواضعَ كثيرةٍ منها قولُه تعالى: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها﴾ [الشّورى: ٤٠] وقولُه تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٤]، وقولُه تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ﴾[النحل ١٢٦] وقولُه تعالى: ﴿جَزَاءً وِفَاقًا﴾[النبأ ٢٦] أي: «وَفْقَ أعمالِهم». انظر: «إعلام الموقّعين» لابن القيّم: (١/ ١٩٦). (٣٢) أخرجه التّرمذيّ: (٤/ ٤٧٥) في «الفتن»، باب ما جاء «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ»؛ وأحمد: (٥/ ٢١٨) من حديث أبي واقدٍ اللّيثيّ رضي الله عنه. قال التّرمذيّ : «حسن صحيح»، وصحّحه الألبانيّ في «صحيح سنن التّرمذيّ»: (٢/ ٤٦٥)؛ وفي «المشكاة»: (٥٣٦٩). موقع الشيخ حفظه الله |
|||
2015-01-13, 11:42 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
جعلتم دينكم وديدنكم الدفاع عن ولاة الخمور المحاربين لشرع الله
لم اللحية والحجاب ممنوعان في اسلاك الامن ؟ لان الدول العربية تحرص على علمانية الدولة ارضاءا للغرب والعلمانية هي ضد الاسلام والعلماء يقولون عنها انها كفر لست انا القائل ثم ان القول بوجوب الطاعة للحاكم المتغلب لا يصح من وجهين من وجه انه لم يتم تبيين احوال هذا الحاكم المتغلب الذي يجب طاعته ام ان كل متغلب بالقوة نخضع له وكفى ؟ ما مفهوم القوة واشكالها ؟ اليست مادية ومعنوية ام انها مادية وكفى فمن يملك الدبابة والطائرة والبارجة نخضع له مهما كان حاله ؟!!!!! من وجه انه يشجع الطغاة على الخروج بالقوة على الحكام الشرعيين فاذا نجحوا خضع الجميع لهم وبهذا تقر اعينهم وتطمئن نفوسهم فيبادرون بالخروج مطمئنين للعواقب ولا شك ان الطغاة يفسدون على الامة دينها كيف لا وهم يشيعون الفجور ويضيقون على الاسلام ومعلوم ان حفظ الدين مقصد يتقدم على حفظ الانفس ومعلوم ان الاخرة خير وابقى ومعلوم ان الدنيا مهما طالت فهي الى زوال فمن تختار ؟ كفى دفاعا عن الظالمين المستبدين كفى تلاعبا بالنصوص ومدلولاتها كفى اخفاءا للنصوص التي تعارض توجهات البعض يتبع .. |
|||
2015-01-13, 11:47 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
|
|||
2015-01-13, 14:56 | رقم المشاركة : 10 | |||
|
عـــــدم شحن النــفوس مـــهمة دعــاة الإسلام عند الفتن
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=1481235 |
|||
2015-01-13, 14:57 | رقم المشاركة : 11 | |||
|
قال ابن تيمية : إن المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم ، لان الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة فيدفع أعظم الفسادين بالتزام الأدنى
(منهاج السنة 2/87) |
|||
2015-01-14, 00:23 | رقم المشاركة : 12 | |||
|
|
|||
2015-01-14, 09:08 | رقم المشاركة : 13 | |||
|
بارك الله فيكم اخي و جزاك الله خيرا |
|||
2015-01-14, 09:20 | رقم المشاركة : 14 | |||
|
|
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
معــاملة, المنهـــج, الحكـــام, القــويم |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc