ترك الاحتفال بالمولد اقتداء بالسلف
«فانظر ـ رحمنا الله وإيَّاك ـ إلى مخالفة السنَّة ما أشنعها وما أقبحها وكيف تجرُّ إلى المحرَّمات، ألا ترى أنهم خالفوا السنَّةَ المطهَّرة وفعلوا المولد؟ لم يقتصروا على فعله بل زادوا عليه ما تقدَّم ذكرُه من الأباطيل المتعدِّدة، فالسعيد السعيد مَن شدَّ يدَه على امتثال الكتاب والسنَّة والطريق الموصِلة إلى ذلك وهي اتِّباع السلف الماضين رضوان الله عليهم أجمعين لأنهم أعلم بالسنَّة منَّا إذ هم أعرف بالمقال وأفقهُ بالحال، وكذلك الاقتداء بمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، ولْيحذرْ من عوائد أهل الوقت وممَّن يفعل العوائدَ الرديئة، وهذه المفاسد مركَّبةٌ على فعل المولد إذا عُمل بالسماع، فإن خلا منه وعمل طعامًا فقط ونوى به المولدَ ودعا إليه الإخوانَ وسَلِم مِن كلِّ ما تقدَّم ذكرُه فهو بدعةٌ بنفس نيَّته فقط، إذ إنَّ ذلك زيادةٌ في الدين وليس مِن عمل السلف الماضين، واتِّباع السلف أَوْلى بل أوجب مِن أن يزيد نيَّةً مخالِفةً لِما كانوا عليه لأنهم أشدُّ الناس اتِّباعًا لسنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وتعظيمًا له ولسنَّته صلَّى الله عليه وسلَّم، ولهم قدم السبق في المبادرة إلى ذلك، ولم يُنقل عن أحدٍ منهم أنه نوى المولدَ ونحن لهم تبعٌ فيسعنا ما وَسِعَهم».
[«المدخل» لابن الحاج المالكي (٢/ ١٠)]