|
قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية .. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
شرح أسماء الله الحسنى "السلاَّم"
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2014-11-01, 11:02 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
شرح أسماء الله الحسنى "السلام"
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد:إسم الله السلام جل جلاله وتقدست أسماؤه المعنى اللغوي: السلام في اللغة دائر على معنيين: السلام: البراءة من العيوب ([1])؛ يقال سلمت من الشرك إذا تبرأت منه، قال تعالى: }وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا{([2]) أي: يجيبون بالمعروف من القول والسداد من الخطاب ([3])، وإذا سفه عليهم الجهال بالقول السيئ لم يقابلوهم عليه بمثله, بل يعفون ويصفحون ولا يقولون إلا خيرًا ([4]) فتبرؤوا من أن يردوا عليهم بالمثل، والسلام: هو العافية ([5])، ومعلوم أن من تبرأ من شيء عوفي من نتيجته وأثره. والله جل وعلا أضاف كثيرًا من مخلوقاته إلى السلام: فوصف ليلة القدر بأنها سلام قال تعالى: }سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ{([6]) أي: سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو يحدث فيها أذى ([7])، ووصف الجنة أيضًا بأنها دار السلام، فقد قال الله تعالى: }لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ{([8])، والله هو السلام, والدار الجنة ([9])، ولذلك سميت الجنة دار السلام، أي: دار الله، وقيل إنما سميت بذلك لأن: السلام في اللغة هو السلامة ([10])، والجنة دار السلامة من كل آفة وعيب ونقص، وقيل: سميت دار السلام لأن تحيتهم فيها سلام، فمن دخلها تلقته الملائكة من كل باب بالسلام لا يفنى شبابه، ولا تبلى ثيابه، يحيى ولا يموت، ينعم ولا ييأس ولا يهرم أبد الآبدين، كما قال الله تعالى: }تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ{([11]). - معنى السلام المطلوب عند التحية: فيه قولان مشهوران: أحدهما: أن المعنى اسم السلام عليكم، والسلام هنا هو الله عز وجل، ومعنى الكلام: نزلت بركة اسمه عليكم وحلت عليكم ونحو ذلك، واختير في هذا المعنى من أسمائه دون غيره من الأسماء؛ لأن معناه السلامة والبراءة والعافية من جميع الشرور فكأنه يخبره بالسلامة من جانبه، ويؤمنه من شره وغائلته، وأنه سلم له لا حرب عليه، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض فأفشوه بينكم فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه، كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم»([12])، وجاء أيضًا أن المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: «إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر»([13])، دل هذا الحديث على أن السلام اسم من أسماء الله. ثانيهما: أن السلام مصدر بمعنى السلامة، وهو المطلوب، المدعو به عند التحية، فإذا قلت السلام أي: السلامة عليك من كل شر وآفة وعيب، ولذلك جاءت الأحاديث بالإطلاق والعموم، ودلالة ذلك، قالوا: إن السلام عطف على الرحمة والبركة. والحق في مجموع القولين: فلكل منهما بعض الحق، والصواب في مجموعهما، وإنما نبين ذلك بقاعدة وهي أن من دعا بأسمائه الحسنى أن يسأله في كل مطلوب ويتوسل إليه بالاسم المقتضى لذلك المطلوب المناسب لحصوله, حتى كأن الداعي مستشفع إليه، متوسل إليه به، فإذا قال: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور، فقد سأله أمرين وتوسل إليه باسمين من أسمائه مقتضيين لحصول مطلوبه، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها وقد سألته: ما تدعو به إن وافقت ليلة القدر؟ قال: تقولين: «اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني»([14])، وكذلك قوله للصديق رضي الله عنه وقد سأله دعاءً يدعو به في صلاته فقال له: قل: «اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم»([15])، وإذا ثبت هذا، فالمقام لما كان مقام طلب السلامة التي هي أهم ما عند الرجل، أتى في لفظها بصيغة اسم من أسماء الله وهو السلام، الذي يطلب به السلامة ([16]). فتضمن لفظ السلام معنيين أحدهما: 1) ذكر الله. 2) طلب السلام وهو مقصود المسلم. ورود الاسم في القرآن الكريم: ورد هذا الاسم في القرآن الكريم مرة واحدة، في قول الله تبارك وتعالى: }الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ{([17])، وقد ورد في السنة المطهرة، عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثًا وقال: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام»([18])، فاسم السلام يتضمن إثبات جميع الكمالات له وسلب جميع النقائص عنه، وهذا معنى "سبحان الله والحمد لله"، فسبحان الله: تنزيهه، والحمد لله: إثبات جميع المحامد له، ويتضمن إفراده بالألوهية وإفراده بالتعظيم، وهذا معنى "لا إله إلا الله والله أكبر" فانتظم اسم السلام في الباقيات الصالحات التي يثنى بها على الرب جل جلاله. معنى الاسم في حق الله تبارك وتعالى: اسم الله السلام دائر على ثلاث معان: 1) السلام: أي السالم من جميع العيوب والنقائص لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله([19]). 2) الذي سلم من مشابهة خلقه، قال عز من قائل: }لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ{([20]). 3) الذي سلم المؤمنون من عقوبته ([21])، فهو الذي يسلم عباده المؤمنين في الدنيا والبرزخ والآخرة. فهو سلام في ذاته عن كل عيب ونقص يتخيله واهم، وسلام في صفاته عن كل عيب ونقص، وسلام في أفعاله من كل عيب ونقص وشر وظلم وفعل واقع عن غير وجه الحكمة، بل هو السلام الحق من كل وجه وبكل اعتبار، فهو السلام من الصاحبة والولد، والسلام من الكفء والنظير، والسمي والمماثل، والسلام من الشريك، وحياته سلام من الموت ومن السِنَةِ والنوم، وكذلك قيوميته وقدرته سلام من التعب واللغوب، وعلمه سلام من عزوب شيء عنه، أو عروض نسيان، أو حاجة إلى تذكر وتفكر، وإرادته سلام من خروجها عن الحكمة والمصلحة، وكلماته سلام من الكذب والظلم، بل تمت كلماته صدقًا وعدلاً، وغناه سلام من الحاجة إلى غيره بوجه ما، بل كل ما سواه محتاج إليه، وهو غني عن كل ما سواه، وملكه سلام من منازع فيه أو مشارك أو معاون مظاهر أو شافع عنده بدون إذنه، وإلاهيته سلام من مشارك له فيها، بل هو الذي لا إله إلا هو، وحلمه وعفوه وصفحه ومغفرته وتجاوزه, سلام من أن تكون عن حاجة منه أو ذل أو مصانعة كما يكون من غيره، بل هو محض جوده وإحسانه وكرمه، وكذلك عقابه وانتقامه وشدة بطشه وسرعة عقابه, سلام من أن يكون ظلمًا أو تشفيًا أو غلظة أو قسوة, بل هو محض حكمته وعدله ووضعه الأشياء مواضعها وهو مما يستحق عليه الحمد والثناء كما يستحقه على إحسانه وثوابه ونعمه, بل لو وضع الثواب موضع العقوبة لكان مناقضًا لحكمته ولعزته، فوضعه العقوبة موضعها هو من حمده وحكمته وعزته، فهو سلام مما يتوهم أعداؤه والجاهلون به من خلاف حكمته، وقضاؤه وقدره سلام من العبث والجور والظلم، ومن توهم وقوعه على خلاف الحكمة البالغة، وشرعه ودينه سلام من التناقض والاختلاف والاضطراب، وخلاف مصلحة العباد ورحمتهم والإحسان إليهم وخلاف حكمته, بل شرعه كله حكمة ورحمة ومصلحة وعدل، وعطاؤه سلام من كونه معاوضة أو لحاجة إلى المعطى ومنعه عدل محض وحكمة، لا يشوبه بخل أو عجر، واستواؤه وعلوه على عرشه سلام من أن يكون محتاجًا إلى ما يحمله أو يستوي عليه بل العرش محتاج إليه وحملته محتاجون إليه، فهو الغني عن العرش وعن حملته وعن كل ما سواه، وهو استواء وعلو لا يشوبه حصر ولا حاجة إلى عرش ولا غيره، ولا إحاطة شيء به سبحانه وتعالى بل كان سبحانه ولا عرش ولم يكن به حاجة إليه وهو الغني الحميد، وموالاته لأوليائه سلام من أن تكون عن ذل كما يوالي المخلوق المخلوق، بل هي موالاة رحمة وخير وإحسان وبر، وكذلك محبته لمحبيه وأوليائه سلام من عوارض محبة المخلوق للمخلوق من كونها محبة حاجة إليه، أو تملق به أو انتفاع بقربه, وسلام مما يتقوله المعطلون فيها ([22]). آثار الإيمان بهذا الاسم: 1- تنزيه الله سبحانه وتعالى عن كل نقص وعيب، وهو السالم من كل نقص وعيب، فمعناه قريب من القدوس، وقيل إن القدوس إشارة إلى براءته عن جميع العيوب في الماضي والحاضر، والسلام: إشارة إلى أنه لا تطرأ عليه عيوب في الزمن المستقبل، فإن الذي يطرأ عليه شيء من العيوب تزول سلامته ولا يبقى سليمًا ([23]). 2- الله سبحانه وتعالى هو المُسلِّم على عباده وأوليائه في الجنة، قال الله تبارك وتعالى: }خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ{([24])، فينزل بركة اسمه السلام عليهم فيسلمون من كل آفة ونقص قال تعالى: }سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ{([25])، وقال سبحانه: }تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا{([26]). 3- الله تعالى هو المُسلِّم على أنبيائه ورسله، قال تعالى: }سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ{([27])، وقال تعالى: }سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ{([28])، وقال تعالى: }سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ{([29])، وقال تعالى: }سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ{([30])، وقال تعالى: }وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ{([31])، وقال تعالى: }قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ{([32])، قال ابن عطية: ([33]) "أوحش ما يكون الخلق في ثلاث مواطن: يوم يولد فيرى نفسه خارجًا مما كان فيه، ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم، ويوم يبعث فيرى نفسه في محشر عظيم، فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا فخصه بالسلام عليه فقال: }وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا{([34]) فأشار إلى أن الله جل وعز سلم يحيى من شر هذه المواطن الثلاث وأمنه من خوفها, وإذا سلم الله على عبد فإن ذلك إشارة إلى سلامة ذلك العبد من كل عيب وآفة وبرئ من كل نقص، ثم إن ذلك يستلزم أن ننزههم من العيوب والنقائص، فلا يذكرهم أحد بسوء، وذلك بالطعن في شرائعهم، والاستهزاء بحديثهم، وما أعرض أحد عن شرع الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ختم الله به الدين إلا وجد قسوة في قلبه؛ عقوبة من الله له، قال تعالى: }وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمَ الظَّالِمُونَ{([35]). نص الله على مرض القلب في الآية وهو بمعنى قسوة القلب، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:"المرض هو النفاق"([36]) وقيل لا يخرج أمرهم من أن يكون في القلوب مرض لازم لها أو قد عرض لها شك في الدين، أو يخافون أن يجور الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عليهم في الحكم، وأيًا كان فهو كفر محض والله عليم بكل منهم وما هو منطو عليه من هذه الصفات ([37])، وكذا عباده المؤمنين يسلمهم الله ويظهر أثرهم على كثير من الخلق، قال الله تبارك وتعالى: }الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ{([38])، وتأمل سلامة الله للعبد المؤمن، وكرامته له في موطن موحش تخشاه النفوس وتهابه، جاء في حديث البراء بن عازب قال: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت به الأرض، فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثًا، فقال: «استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثًا، ثم قال: النبي صلى الله عليه وسلم «إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا, وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس, معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر, ثم يجيء ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة (وفي رواية المطمئنة) أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء، فيأخذها (وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم) فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها، فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، فذلك قوله تعالى: }تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ{ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون – يعني – بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين}وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ{ [المطففين: 19-21]: وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فتعاد روحه في جسده قال: «فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه» فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينتهره فيقول: من ربك؟ ما دينك؟ ما نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن، فذلك حين يقول الله عز وجل:}يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا{ [إبراهيم: 27] فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك أبشر برضوان من الله، وجنات فيها نعيم مقيم, هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: وأنت فبشرك الله بخير, من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح فوالله ما علمتك إلا كنت سريعًا في طاعة الله، بطيئًا في معصية الله، فجزاك الله خيرًا, ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت الله، أبدلك الله به هذا، فإذا رأى ما في الجنة قال: رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي»([39])، فهاهم يسلمون عليه وقت احتضاره حتى يطمئنونه، وكأن حالهم يقول: سيسلمك الله من الشرور وسيسلمك الله مما أتعبك وسيسلمك الله بعد أن تنتقل من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ولذا جاء في الآية الأخرى: }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ{([40])، فتكون البشارة للمؤمن بالسلامة قبل خروج الروح، فبقدر ما يحقق العبد السلامة من النقائص والذنوب في هذه الدنيا بقدر ما يسلمه الله أشد الأوقات حاجة للرب جل وعلا فتنزل الملائكة رحمة من الله وتثبيتًا للعبد وها هي الملائكة تكفن روحه، وتحنطه قبل أن يكفن جسده، ثم يحظى المؤمن بصلاة كل ملك عليه، وصلاة الملائكة مستجابة لأنهم عباد صالحون لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، ثم يحظى بسماع أفضل الثناء عليه من قبل السائل والمجيب، فالملائكة تسأل من هذه الروح الطيبة؟، ورسل الموت يجيبون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، ويرى فتح أبواب السماء له، وثناء المولى جل وعلا عليه، وكتابة اسمه في عليين، فأية سلامة أعظم من هذه السلامة، وأية كرامة خير من هذه الكرامة. ([1])مختار الصحاح (1/131). ([2])سورة الفرقان: الآية 63. ([3])تفسير الطبري (19/ 34). ([4])تفسير ابن كثير (3/325). ([5])مختار الصحاح (1/131). ([6])سورة القدر: الآية 5. ([7])شعب الإيمان للبيهقي (3699). ([8])سورة الأنعام: الآية 127. ([9])تفسير الطبري (8/32). ([10])مختار الصحاح (1/131). ([11])سورة إبراهيم: الآية 23. ([12])رواه الطبراني في الكبير (10391)، والبزار في مسنده (1771)، وصححه الألباني في الجامع (3697). ([13])أخرجه أبو داود (17) وصححه الألباني. ([14])أخرجه ابن ماجة (3850)، الترمذي (3513)، وصححه الألباني. ([15])أخرجه البخاري (799) (5967). ([16])بدائع الفوائد (2/372). ([17])سورة الحشر: الآية 23. ([18])رواه مسلم (591). ([19])تفسير ابن كثير (4/344). ([20])سورة الشورى: الآية 11. ([21])الاعتقاد (55). ([22])أسماء الله الحسنى (110-113). ([23])ينظر: التفسير الكبير للرازي (29/293). ([24])سورة إبراهيم: الآية 23. ([25])سورة يس: الآية 58. ([26])سورة الأحزاب: الآية 44. ([27])سورة الصافات: الآية 79. ([28])سورة الصافات: الآية 109. ([29])سورة الصافات: الآية 120. ([30])سورة الصافات: الآية 130. ([31])سورة الصافات: الآية 181. ([32])سورة النمل: الآية 59. ([33])تفسير الطبري، ج16، ص58/ تفسير ابن كثير، ج3، ص114. ([34])سورة مريم: الآية 15. ([35])سورة النور: الآية: 48-50. ([36])تفسير ابن أبي حاتم ج8، ص2623. ([37])تفسير ابن كثير (3/299). ([38])سورة النحل: الآية 32. ([39])أخرجه أحمد في المسند (18557) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1676). وانظره بجميع الروايات في أحكام الجنائز للألباني (158). ([40])سورة فصلت: الآيات 30-32.
|
||||
2014-11-01, 11:08 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
|
|||
2014-11-01, 11:10 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
جزاك الله خيرا |
|||
2014-11-01, 12:17 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
أجمعيــن إن شاء الله |
|||
2014-11-02, 15:50 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
السلام عليكم ارجو منك تعديل لفظ "السلام" في العنوان لانه بدون شدة عرف انه وقع سهوا بارك الله فيك على الموضوع القيم |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
"السلاَّم", أسماء, الله, الحسني |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc