ضلالات الشيعة في قضية الإيمان والوعد والوعيد
لم يعرف تاريخ الإسلام مذهبا يناقض بعضه بعضا كما هو الشأن في المذهب الشيعي الاثني عشري, وهذا شأن كل مذهب وفرقة ودين يكون مصدره من عند غير الله تعالى, قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} النساء/82.
لم يكن خلاف الشيعة يوما مع أهل السنة والجماعة خلافا فرعيا أو مذهبيا في بعض المسائل الفقهية العملية كما يزعمون, بل كان الخلاف وما يزال عقائديا وجوهريا, حيث إن معظم عقائد الشيعة المسطورة في كتبهم ومراجعهم المعتمدة, فيها الكفر البواح والمخالفة الصريحة لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
ومن أمثلة هذه العقائد ما جاء في كتب الشيعة ومراجعهم في قضية الإيمان الجوهرية والأساسية في دين الإسلام, فقد أدخل الشيعة الإثني عشرية الإيمان بالأئمة الاثني عشر بمسمى الإيمان, بل جعلوه هو الإيمان بعينه, وقد جاء في أصول الكافي: (الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس .... والإيمان معرفة هذا الأمر –أمر الإيمان بالأئمة– مع هذا, فإن أقر بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلما وكان ضالا) (1).
ويقولون بأن الثواب في الآخرة ليس على الإسلام, وإنما على الإيمان الذي فيه الإيمان بالأئمة طبعا, ولذلك عنون صاحب الكافي (باب أن الإسلام يحقن به الدم وأن الثواب على الإيمان), ويفسرون قول الله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} البقرة136-137 بما يلي:
(فإن آمنوا) يعني الناس, (بمثل ما آمنتم به) يعني عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة من بعدهم, (فقد اهتدوا وإن تولوا ..)(2), بل إن ابن المطهر الحلي قالها صراحة: (إن مسألة الإمامة هي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان والتخلص من غضب الرحمن) (3), ويقول أمير محمد القزويني أحد شيخهم المعاصرين: (إن من يكفر بولاية علي وإمامته –رضي الله عنه– فقد أسقط الإيمان من حسابه وأحبط بذلك عمله) (4).
ومن هنا ابتدع الشيعة الإثني عشرية شهادة ثالثة زيادة على الشهادتين المعروفتين في الإسلام: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, فزادوا على ذلك: (وأشهد أن عليا ولي الله), وقد جعلوا من هذه الشهادة المخترعة شعارا لهم, يرددونها في أذانهم وبعد صلواتهم ويلقنونها موتاهم.
وقد جاء في بعض روايات أئمتهم المزعومة عن زرارة عن أبي جعفر قال: (لو أدركت عكرمة –مولى ابن عباس رضي الله عنهما- عند الموت لنفعته, فقيل لأبي عبد الله: بما يكون نفعه؟ قال: يلقنه ما أنتم عليه) وعن رواية أخرى عن أبي بصير عن أبي جعفر قال: (... لقنوا موتالكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية) (5).
ومما لا شك فيه أن ابتداع الشيعة للشهادة الثالثة في النطق بالإيمان وتلقينها لموتاهم في القبر دليل واضح على بطلان عقيدتهم وانحرافها عن جادة الإسلام, فلم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية الشريفة شيئا من هذا القبيل, ناهيك عن مخالفة ما يقولون -من كون الإمامة أهم مطالب الدين– ما علم من الدين بالضرورة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية. (6)
وإذا كان الإيمان عند الشيعة إنما هو الإقرار بالأئمة الاثني عشر, وهو كاف في الإيمان لدخول الجنة, فقد أخذوا بهذا القول بمذهب المرجئة, الذين يؤخرون العمل عن الإيمان, ويجعلون الإيمان مجرد المعرفة بالله تعالى, بينما جعل الشيعة مجرد معرفة الأئمة كاف لحصول الإيمان, ومن المرجئة من يقول: لا يدخل أحد من أهل القبلة النار مهما ارتكب من المعاصي, وقد سموا مرجئة لتقديمهم القول على العمل كما قال ابن كثير.(7)
وقد عقد صاحب الكافي بابا بعنوان: (باب أن الإيمان لا يضر معه سيئة والكفر لا ينفع معه حسنة) والإيمان حسب مصطلحهم هو حب الأئمة أومعرفتهم, وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية هذه العقيدة عند الشيعة ورد عليهم وأفحمهم بقوله: (إن أكثر الشيعة يعتقدون أن حب علي حسنة لا تضر معها سيئة, وإذا كانت السيئات لا تضر مع حب علي, فلا حاجة إذا إلى الإمام المعصوم..., فإنه إن لم يوجد إنما توجد سيئات ومعاص, فإذا كان حب علي كافا فسواء وجد الإمام أو لم يوجد.. ) (8).
وقد تكاثرت روايات الشيعة وأحاديثهم التي تؤكد أن حب علي ومعرفة الأئمة كافية لتحصيل الجنان, فقد جاء في بحار الأنوار: (وهل الدين إلا الحب) وعنون المجلسي بابا في نفس الكتاب: ( باب ثواب حبهم وولايتهم وأنهم امان من النار), وقد أسقط الشيعة بهذه الروايات جميع العقائد الإسلامية, وجميع التكاليف الشرعية, وحصروا الدين كله بحب علي والأئمة, وهو ما لا يقبله عقل أو نقل.
ضلالات الشيعة في الوعد والوعيد
لم يكتف الشيعة بابتداع شهادة ثالثة في مسمى الإيمان بالله تعالى, ولم يقتصروا على نسف التكاليف الشرعية والأوامر الإلهية, بل زادوا على ذلك كله باختراع الوعد بالثواب الكبير على أقوال وأفعال شنيعة, لا يمكن أن يرتب دين من الأديان قائلها أو فاعلها ثواب وجزاء, لكونها مخالفة لأبسط قواعد الفطرة والأخلاق, وهم في ذلك يماثلون اليهود, الذين رتبوا على ارتكاب الفظائع والوبقات أجرا وثوابا.
لقد توسع الشيعة في الأخذ بمفهوم الوعد, ونسبوا لجعفر الصادق روايات وأخبار تثبت الوعد بالثواب على أعمال ثبت بالدليل تحريمها ومنعها في الإسلام, بل تعتبر في بعض الأحيان ضربا من ضروب الشرك والإلحاد بالله والعياذ بالله.
ومن أمثلة هذه الموبقات والفظائع والكبائر التي وعد الشيعة من يرتكبها بالجزاء والثواب: سب الصحابة الكرام ولعنهم, وقد جعلوا ذلك من أفضل القربات, وخاصة أبو بكر وعمر رضي الله عنهما, كما جعلوا من لطم الخدود وشق الجيوب وتعذيب النفس وضربها بالسكاكين والسيوف في يوم عزاء الحسين من أعظم الطاعات والقربات, إضافة إلى زواج المتعة الذي جعلوا الإكثار منه قربة وطاعة وعبادة, ناهيك عن الحج إلى الأضرحة والقبور والطواف حولها, والدعاء عندها والاستغاثة بأصحابها من أجل وأفضل العبادات. (9)
وقد وصل الأمر بالشيعة في وضوع الوعد, أن يعد بعض علمائهم وشيوخهم لأتباعهم بدخول الجنة أو الضمان من عدم دخول النار, وقد جاء في رجال الكشي (... عن زياد القندي عن علي بن يقطين أن أبا الحسن قد ضمن له الجنة) 340, وفي رواية أخرى عن عبد الرحمن الحجاج قال: قلت لأبي الحسن: إن علي بن يقطين أرسلني إليك برسالة أسألك الدعاء له, فقال: في أمر الآخرة؟ قلت: نعم, قال: فوضع يده على صدره ثم قال: ضمنت لعلي بن يقطين ألا تمسه النار). (10)
فهل هناك تأل على الله أكثر من ذلك, وأي فرق في أفعال الشيعة هذه وأفعال القساوسة التي تمنح صكوك الغفران لأتباعها في النصرانية؟!! إنه الباطل الذي لا يختلف عن بعضه البعض إلا بالاسم والمظهر, بينما التطابق التام في الحقيقة والجوهر.
وأما مسألة الوعيد فقد اتفقت كلمة الإمامية أن الوعيد بالخلود في النار متوجه إلى الكفار خاصة, دون مرتكبي الذنوب من أهل المعرفة بالله تعالى والإقرار بفرائضه من أهل الصلاة, وإلى هذا الحد ربما يكون الكلام في ظاهره موافق لمذهب أهل السنة والجماعة, إلا أن هذا الظن يزول حين تقرأ المكفرات عندهم, والتي توسعوا بها بشكل كبير.
فقد اتفقت كلمتهم أن كل من حارب أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فقد كفر وهو خالد في النار, كما اتفقت كلمتهم على تكفير كل من خالفهم, ولذلك قال ابن بابويه: (واعتقادنا في من خالفنا في شيء واحد من أمور الدين كاعتقادنا في من خالفنا في جميع أمور الدين). (11)
وقد ذكر الأشعري أن الروافض يثبتون الوعيد على من خالفهم, بينما لا يثبتون الوعيد علة من قال بقولهم, وإنما يزعمون أن الله يدخلهم الجنة, وإن أدخلهم النار أخرجهم منها, ورووا في أئمتهم أن ما كان بين الله وبين الشيعة من المعاصي سأل الله فيهم فصفح عنهم, وما كان بين الشيعة والأئمة تجاوزوا عنه, وما كان بين الشيعة وبين الناس من المظالم شفعوا لهم إليهم حتى يصفحوا عنهم). (12)
وهذا المعنى الذي تحدث عنه الأشعري أثبته المجلسي في كتابه بحار الأنوار, حيث عقد بابا عن الصفح عن الشيعة, وذكر فيه 97 رواية, ومن هذه الروايات عن أئمتهم: (إذا كان يوم القيامة ولينا حساب شيعتنا فمن كانت مظلمته فيما ينه وبين الله حكمنا فيها فأجابنا, ومن كانت مظلمته فيما بينه وبين الناس استوهبناها فوهبت لنا, ومن كانت مظلمته فيما بينه وبيننا كنا أحق من عفا عنه). (13)
إنه الكذب والدجل الذي يخدع به الشيعة الناس ليتبعوهم, والشطط والغلو والعنصرية التي ورثوها من أشباههم اليهود, والتي بدأت تظهر بكل وضوح منذ سقوط العراق بيد الأمريكان بالتحالف مع الشيعة, ثم ازدادت ظهورا و وضوحا بعد اندلاع الثورة السورية .
ـــــــــــــ
الفهارس
(1) أصول الكافي 2/24
(2) تفسير الصافي1/92 والعياشي 1/62
(3) منهاج الكرامة في معرفة الإمامة
(4) الشيعة في عقائدهم وحكامهم (24)
(5) فروع الكافي1/34 – 53 وسئل الشيعة2/665-843
(6) منهاج السنة 1/20
(7) الملل والنحل 1/139
(8) منهاج السنة1/31
(9) بحار الأنوار 27/218
(10) رجال الكشي 340- 431
(11) الاعتقادات ص116
(12) مقالات الإسلاميين 6/55
(13) بحار الأنوار68/99
وانظر للتوسع في هذا الموضوع كتاب: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية (عرض ونقد) للدكتور ناصر بن عبد الله بن علي القفاري وكتاب مع الاثني عشرية في الأصول والفروع للأستاذ الدكتور علي أحمد السالوس .
المصدر: مركز التأصيل للدراسات والبحوث