تصورالاله ونظرة اليهود للآخر من خلال التلموذ
يمثِّل كتاب التلمود بالنسبة لليهود تفسير الحاخامات للتوراة، وهو من أهم الكتب الدينية عندهم، باعتباره الكتاب الذي يبسط ويفسِّر كل معارف الشعب الإسرائيلي، ويوضح لهم تعاليمهم وقوانينهم الأخلاقية. ويحتوي التلمود على الكثير من العقائد المنحرفة، فهو ينظر إلى الله نظرة دونية قاصرة، بل ويعتبره مصدراً للشر، في محاولة لتبرير كل الخطايا التي يرتكبها اليهود. ويزعم التلمود بأن اليهود هم شعب الله المختار،وقد جاء فيه أن أرواح اليهود تتميز عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله كما أن الابن جزء من والده، أما الأرواح غير اليهودية فهي أرواحٌ شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات. والواقع يحتم دراسة هذا الكتاب والاطلاع على خفاياه، ليستفاد منه في توعية المسلمين بما فيه من تعاليم وأفكار، لأن هذه التعاليم هي التي صاغت الشخصية اليهودية وشكلتها على مرّ الأزمان، ولأن ذلك يعد من باب فهم طبيعة العدو مما يعين على كيفية التعامل معه. فما زال اليهود يطبقون مافيه ويحترمون تعاليمه.كما إن لهذا الكتاب عندهم - على اختلافهم - مكانة مقدَّسة تُضاهي التوراة إنْ لم تتقدَّم عليها. ويحتوي التلمود بين دفَّتيه على تعاليم في غاية في الغَرابة، ليس فيما يتعلّق بنظرة اليهود العنصرية إلى الآخرين فحسب، بل فيما يتعلَّق بنظرتهم إلى الله عز وجل، وعلى مرِّ العصور تأصَّلت هذه التعاليم في الشخصية اليهودية وامتزجت بها، فتشكَّلت على هواها، واصطبغت بصبغتها.
نحاول أن نقفُ في هذا المقال مع بعض ماجاء في هذا الكتاب من نصوص تُعدُّ منطلقا ضرورياً للوقوف على أبعاد الفكر اليهودي ومن ثم نستطيع أن نفهم لماذا يتصرف اليهود بهذه الكيفية، وماذا تحمل عقولهم، وبالتالي كيف يفكِّرون فكتاب التلمود صورة صادقة التعبير عن الشخصية اليهودية التي أفرزته أو قل التي أفرزها، وعند الوقوف على معنى كلمة «التلمود» تجد أنها كلمة مشتقة من الأصل العبري «لامد» الذي يعني الدراسة والتعلّم،ويعد التلمود Talmud من أهم الكتب الدينية عند اليهود، ويمكن تعريفه بأنه: هو الكتاب العقائدي الذي يفسِّر ويبسِّط كل معارف الشعب الإسرائيلي وتعاليمه وقوانينه الأخلاقية وآدابه.
ويدَّعي حاخامات اليهود أنّ موسى (عليه السلام) هو المصدر الأول لهذا الكتاب، ويفسرون ذلك بقولهم: إن موسى قد تسلّم القانون المكتوب على ألواح الحجر فوق الجبل، كما قد تسلّم من الله أيضاً تفسيرات وشروحاً لهذا القانون، وهو ما يُدعى بالقانون الشفوي، أو القانون الثاني.ويُصرِّحون بأنّ «من يقرأ التوراة بدون المِشنا والجمارا فليس له إله».وينقسم التلمود إلى جزئين رئيسين، هما: المِشنا Mishnah، وهو الأصل (المتن).والجمارا Gemara، شرح المِشنا. والجمارا معناها الإكمال Completion. وقد تكوَّنت من مناقشات علماء اليهود حول محتويات المِشنا، فهي إذاً عبارة عن الشرح والتعليق أو التفسير والحواشي للمِشنا.
تصور الإله في التلمود
وبنظرة سريعة في التلمود يتبين لك أن الإله فيه بعيد عن صفات التنزيه والعلو فقد ورد في التلمود: «النهار اثنتا عشرة ساعة: في الثلاث الأولى منها يجلس الله ويطالع الشريعة، وفي الثلاث الثانية يحكم، وفي الثلاث الثالثة يطعم العالم، وفي الثلاث الأخيرة يجلس ويلعب مع الحوت ملك الأسماك». والحوت كبير جداً يمكن أنْ يدخل في حلقة سمكة طولها ثلاثمائة فرسخ بدون أن تضايقه، ونظراً لحجمه الكبير رأى الله أنْ يحرمه من زوجته، لأنه لو لم يفعل ذلك لامتلأت الدنيا وحوشاً أهلكت من فيها، ولذلك حبس الله الذَكَر بقوِّته الإلهية، وقتل الأنثى، وملّحها وأعدها لطعام المؤمنين في الفردوس.
ولم يلعب الله مع الحوت ـ كما يَذْكُر التلمود ـ بعد هَدْم الهيكل، كما أنه من ذلك الوقت لم يرقص مع حواء بعدما زينها بملابسها، وعقص لها شعرها، وقد اعترف الله بخطئه في تصريحه بتخريب الهيكل، فصار يبكي ويمضي ثلاثة أجزاء الليل يزأر كالأسد قائلاً: تباً لي لأني أمرتُ بخراب بيتي وإحراق الهيكل وتشريد أولادي.
وعندما يسمع الباري تعالى تمجيد الناس لـه يطرق رأسه ويقول: ما أسعد الملِك الذي يُمدَح ويبخل مع استحقاقه لذلك. ولكن لا يستحق شيئاً من المدح الأب الذي يترك أولاده في الشقاء.
ويزعم اليهود في تلمودهم أن الله يتندم على تركه اليهود في حالة التعاسة، حتى إنه يلطم ويبكي كل يوم، فتسقط من عينيه دمعتان في البحر، فيسمع دويهما من بدأ العالم إلى أقصاه، وتضرب المياه، وترتجف الأرض في أغلب الأحيان، فتحصل الزلازل.
وقد وردت في التلمود تخطئة القمر لله، فإنه قال لـه: أخطأت حيث خلقتني أصغر من الشمس، فأذعن الله لذلك واعترف بخطئه، وقال: اذبحوا لي ذبيحة أكفِّر بها عن ذنبي لأني خلقتُ القمر أصغر من الشمس.
وليس الله على حسب ما جاء في التلمود ـ معصوماً من الطيش، لأنه حالما يغضب يستولي عليه الطيش، كما حصل ذلك منه يوم غضب على بني إسرائيل وحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية. ولكنه ندم على ذلك بعد ذهاب الطيش منه، ولم ينفِّذ ذلك اليمين، لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة. جاء في التلمود:
«إن الله إذا حلف يميناً غير قانونية، احتاج إلى من يحلّه من يمينه، وقد سمع أحد العقلاء من الإسرائيليين الله تعالى يقول: من يحللني من اليمين التي أقسمتُ بها؟ ولما علم باقي الحاخامات أنه لم يحلله منها اعتبروه حماراً، لأنه لم يحلل الله من يمينه، ولذلك نصبوا ملكاً بين السماء والأرض اسمه (مي) لتحليل الله من أيمانه ونذوره عند اللزوم».
وكما حصل لله أنْ يحنث في يمينه فقد كذب أيضاً – حسب زعمهم- بقصد الإصلاح بين إبراهيم وامرأته سارة. وينظر التلمود إلى الله على أنه مصدر الشر كما أنه مصدر الخير وأنه أعطى الإنسان طبيعة رديئة، وسنَّ لـه شريعة لولاها لما كان يخطئ، وقد جبر اليهود على قبولها، فينتج عن ذلك أنَّ داود الملك لم يرتكب بقتله لأوريا، وبزناه بامرأته خطيئة يستحق العقاب عليها من الله تعالى لأن الله هو السبب في كل ذلك.
ويذكر العلامة ابن حزم في كتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل" أنّ سِفراً من أسفار التلمود يسمّى "سفر توما" قد وصف جبهة الخالق وعِظم مساحتها؛ فقال: إنها من أعلاها إلى أنفه خمسة آلاف ذراع. وأنه قد جاء في سفرٍ آخر، يقال له "سادر ناشيم" أن في رأس الخالق تاجاً فيه ألف قنطار من ذهب، وفي إصبعه خاتم تضيء منه الشمس والكواكب، وأنَّ المَلَك الذي يخدم ذلك التاج اسمه صندلفون .
نظرة اليهود إلى الآخرين كما يعكسها التلمود
بعد أن وقفنا على تصور الإله في هذا الكتاب دعونا نقف على نظرة اليهود إلى الآخرين كما جاءت في التعاليم اليهودية التلمودية لترى الزعم القائل بأنهم "شعب الله المختار" . وقد جاء في التلمود بأنَّ أرواح اليهود تتميز عن باقي الأرواح بأنها جزء من الله كما أنَّ الابن جزءٌ من والده، أما الأرواح غير اليهودية فهي أرواح شيطانية وشبيهة بأرواح الحيوانات .
كما جاء في التلمود "أنَّ الإسرائيلي معتبرٌ عند الله أكثر من الملائكة، فإذا ضرب أميٌّ إسرائيلياً فكأنه ضرب العزة الإلهية". ويعتقد اليهود بما سطّره لهم حاخاماتهم من أنّ اليهودي جزء من الله،كما أنّ الابن جزء من أبيه. ولذلك ذُكر في التلمود "أنه إذا ضرب أميٌّ إسرائيلياً فالأميّ يستحق الموت. وأنه لو لم يُخلق اليهود لانعدمت البركة من الأرض، ولما خُلقت الأمطار والشمس، ولما أمكن باقي المخلوقات أن تعيش. والفرق بين درجة الإنسان والحيوان، هو بقدر الفرق الموجود بين اليهود وباقي الشعوب".
وفي ذلك يقول الحاخام (أباربانيل): «الشعب المختار (أي اليهود) فقط يستحق الحياة الأبدية، وأما باقي الشعوب فمثلهم كمثل الحمير».
ويروي التلمود أنه لما قدم بختنصر ابنته إلى زعيم اليهود ليتزوجها، قال لـه هذا الزعيم: إني يهودي ولستُ من الحيوانات. ويعتبر اليهود من سواهم أعداءً لهم، ولا يجيز التلمود أنْ يشفق اليهود على أعدائهم، ويُلزم التلمود بني إسرائيل أن يغشُّوا من سواهم. فقد جاء فيه: « يَلزم أنْ تكون طاهراً مع الطاهرين ودنساً مع الدنسين». ويمنع التلمود اليهود أنْ يُحَيُّوا غير اليهود ما لم يخشوا ضررهم، ويجيز التلمود استعمال النفاق مع غير اليهود، ولا يجيز أن يقدم اليهود صدقة لغير اليهود.
هذه نظرة سريعة وخاطفة لهذا الكتاب المهم لدي اليهود وقد رأينا إنَّه كتاباً يحوي كلَّ أنواع الانحراف والضلال، وكلّ هذه السَّخافات، وهو بهذا لا بدَّ وأنْ يكون ذا أثرٍ في صياغة الشخصية اليهودية على مرّ العصور، ويكفينا استدلالا على ذلك أنْ ننظر إلى ممارسات اليهود في مراحل التاريخ كلِّه، عندها سنخرج بنتيجة مفادُها أنَّ تعاليم هذا الكتاب الملعون هي أوضح صورة لنفسية اليهود، بل هي انعكاسٌ لدخائل أعماقهم على صفحات تلمودهم ، منطبعة كانطباع الصورة في المرآة. حتى ليحق لنا أن نتساءل أيهما الأثر أو المؤثر؟
وحقيقة الأمر أنَّ كلاً منهما تجسيدٌ للآخر. فالتلمود تجسيدٌ مكتوبٌ لأخبث ما في النفسية اليهودية من الضلال والانحراف، واليهوديُّ تجسيدٌ حيٌّ لهذه الترهات المكتوبة، والمنسوبة إلى الوحي زوراً وبهتاناً. فضلالات التلمود وجدت طريقها ممهداً إلى نفوس اليهود فتمكَّنت منها، ولعل ذلك لأنها وُضعت في عصور الشَّتات، والقوم سمَّاعون للكذب وخاصَّة إذا صدر من أحبارهم. أو لأنها جاءت بعد انقطاع النبوة عن بني إسرائيل، وتحويلها عنهم لمّا كفروا بآخر أنبيائهم عيسى عليه السلام، وقالوا فيه وفي أمّه بهتاناً عظيماً. وكذلك لتوافقها التام مع ظلمات النفسية اليهودية الضالَّة المنحرفة.وعلى هذه التعاليم الفاسدة ينشأ الصغير، ويموت الكبير، وتتأصَّل العادات وتستقر، وتنتقل الصِّفات والأخلاق الدينية جيلاً بعد جيل، وتتشابه بها قلوب اليهود في كلّ مكان وزمان، لأنها تستقي من معين واحد.
فاليهودي المعاصر الذي يتفنن في سب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويزدري الأديان ويغتصب الأرض ويمارس مايمارس في فلسطين المحتلة ، هو الحصاد المباشر للتلمود، وصورته الخبيثة اللعينة.