رحالة في زمن الصراع
قد نكون في هذه الحياة قطرات غيث ,وقد نكون ندى ورد , أو عبرات دمع أو شذى زهر, نسير فوق سلم الحياة ,و نمضي على جسر الخطى, فهل نحن رحالة في هذه الدنيا أم قراصنة فيها , نعيش تحت أنغام الزمان, و نرقص على ألحان الأيام, حتى نلتقي ببوابة القدر,ندخل إليها رضعا, ونخرج منها عجزا فيا ترانا فالحين فيها أم راسبين,نطوي الأيام ونصارع الزمن ,بحثا عن الاستقرار و الأمن,لكن عواصف الزمان تمضي بنا إلى الآلام , تغرقنا بين دواخلها أو نسيرها بعقولنا , فيكون العقل هو الحكم والقلب هو مفتاح الدخول إلى بر الأمان.
نرى في كل صبح الغيوم تسبح تحت زرقة السماء, ونرى الزهور تتمايل على خضرة الحقول, أما عنا فلم نخلق لشيء واحد في هذه الحياة,تتعدد أعمالنا باختلاف أفكارنا , أرسلنا لمهمة إلهية قد تكون أعظم ما يقوم به الإنسان ,وتبقى عثرات الدنيا كغدير سيل أو هبوب ريح علينا ,لتختبر إرادتنا و كينونتنا.
قد تطغى علينا الإنسانية و العواطف, وقد تطغى علينا الملذات و الأحاسيس, لكن الإيمان يبقى هو النهر الذي يزرع الألفة في القلوب والطهارة في النفوس واليقين في العقول. قد نكون أسماكا تصارع القروش, و قد نكون غزلانا تحارب الأسود, وقد نكون أرانب تقاتل الذئاب, لكن جلنا ضعاف أمام أشواك العصرنة, إلا من جعلوا الله هو الرفيق الأنيس في درب لا يخلو من الحفر. قد نقع في مصيدة الزمن فتأكل من لحمنا الصعاب و تستنشق من نسيمنا الآلام لكن المعين هو الدعاء.
خلقت الثلوج بيضاء وخلقت السماء زرقاء و الأرض خضراء والليالي سوداء,أما القلوب فهي لوحة صاحبها من يختار ألوانها بأعماله و علاقاته ومعاملاته بيضاء إن زرع الخير و سوداء إن حصد الشر, وتبقى الحياة هي الميزان الذي يقيس مقدار ما فعله الإنسان في دنياه, وما حصده هو نتيجة أكبر اختبار في الكينونة.