تأملات في سورة الغاشية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تأملات في سورة الغاشية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-03-17, 18:41   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
miramer
عضو محترف
 
الصورة الرمزية miramer
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي تأملات في سورة الغاشية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد..
فسَمِعنا جميعًا ما افتتحنا به الصلاة في الركعة الأولى من سورة الغاشية وما كان في صدرها, والغاشية هنا هي الساعة, تغشى الناس بهَوْلِها وفَزِعها وشِدَّتها، كما قال جلَّ وعلا:﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَىٰ وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ اللَّـهِ شَدِيدٌ، أسأل الله العافية والسَّلامة واللُّطف والرحمة بنا وبعباد الله المسلمين المؤمنين.
هذه الآيات فيها عِظَةٌ وعبرة لمن تأمَّل صَدْرَ هذه السورة, وتدبَّرها وتفهَّمها, فإنها تفيده بإذن الله تبارك وتعالى في دُنياه وفي آخرته. فإنَّ الله جلَّ وعلا يقول بعد أن قال: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ أي: نبؤها وخبرها, وقد قصَّه الله علينا في آيات متعددة من كتابه جلَّ وعلا، ومن ذلك ما سمعتموه ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ فيما تلونا من آياتٍ سابقة.


والناس يوم القيامة يُجازَوْنَ بهذه الأعمال, كما قال الله – سبحانه وتعالى -: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ﴿٧وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ فلا يُظلمون عنده سبحانه وتعالى، كما قال جلَّ وعز: ﴿فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿١٠٢وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَـٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ ﴿١٠٣تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَعياذًا بالله من ذلك،
﴿الْقَارِعَةُ ﴿١مَا الْقَارِعَةُ والقارعة هي الغاشية نفسها،﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ ﴿٣يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ﴿٤وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ﴿٥فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴿٦فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴿٧وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴿٨فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌفثِقَل الموازين وخفَّة الموازين هي بالأعمال، ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ، فالوزن بالأعمال التي يُقَدِّمها الإنسان, تثقل بها الموازين وتخِفُّ بها الموازين، والأعمال لا تنفع صاحبها إلَّا إذا اجتمعت فيها شروط الصحة, فإنَّ صَدْرَ هذه الصورة: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ساكنة، خائفة، ذليلة، ﴿عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ يعني كانت عاملةً ناصبة والنتيجة ﴿تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً ﴿٤تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾,
﴿ليس لهم طعام إلا من ضريع طعام أهل النار - عياذًا بالله من ذلك-، ما نفعت هذه الأعمال، ولا نفع هذا التعب في الدنيا، والنَّصب في الدُّنيا؛ لأن هذه الأعمال ليست نافعة لصاحبها لأنها فاقدة شروط النفع، شروط الصحة ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا، والمراد بالصَّلاح الصواب على سُنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم-: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)) فاسِد مَرْدود على صاحبه ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا، ((أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ)) يقوله - جلَّ وعز-: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ))وفي روايةٍ ((هُوَ لِلَّذِي أَشْرَكَ))، فليس العبرة بكثرة الأعمال وإتعاب النفس، وإنَّما العبرة بموافقة العمل لأمر الله وأمر رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيكون حينئذٍ صوابًا، وكذلك يكون خالصًا من الشِّرك؛ فحينئذٍ ينتفع الإنسان بهذا العمل، ومن أعظم ما خافه علينا النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم- الشرك الأصغر وهو الرِّياء؛ وهذا شرك الصالحين، يتسَرَّب إلى الصالحين، حينما يَئِس الشيطان منهم أن يعبدوا غير الله جاءَهُم من هذا الباب، فيدخل الرياء في العبادة فإمِّا أن يُحْبِطَها بالكليَّة، وإمَّا أن يُنَقِّصها، فعلينا جميعًا معشر الأحبة أن نتأمَّل وأن نتدبَّر، وأن نعلم أنَّ الخلق لا ينفعونا شيئًا، وإنَّما العبرة بالقدوم على الله - تبارك وتعالى- فمراقبة الله سبحانه هي رأس كُلِّ فلاح، (أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ)، فالمرتبتان هاتان للإحسان؛ مرتبة المُحِب، ومرتبة المُحب الخائف أيضًا، فإذا لم تكن المراقبة على النحو الأول منك؛ أن تعبد الله كأنك تراه، هذا فيه تمام المحبة وكمال المحبة وكمال الطاعة لله جلَّ وعلا فاستحضره في كل شئونك أو أمورك، وجميع عباداتك، وحركاتك وسكناتك، فتستحي منه وإلَّا فتخاف منه، مع المحبة الخوف إذا ذَهَلت عن الأولى فلا أقل من أن تعلم أنه يراك، فحينئذٍ يحسن العمل ويصلح، وهذا الصالح ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا خلق الموت والحياة، فالحياة للعمل، والموت ليَنظر في هذا العمل الذي قَدَّمه، هل هو صالح أو غير صالح، أَحْسَنَ عملا؛ ولا يمكن أن يكون العمل صالحًا ولا أحسن إلَّا إذا كان خالصًا لله صوابًا على سُنَّة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -، فيجب علينا جميعا أن نراقب الله - سبحانه وتعالى - في أنفسنا وأن نبتعد عن ما يُذهب حسنات أعمالنا، والحذر كُل الحذر من الشّرك صغيره وكبيره، وإذا حذرت من الشرك صغيره وكبيره قمت بالعمل على الوجه المطلوب، أفردت هذا النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم – بالمتابعة، لا تُقَدِّم على قوله قول أحد كائنًا من كان، فقد ربحت وَوَفِرت وفزت بإذن الله - تبارك وتعالى -.

وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم جميعًا لما يحبه ويرضاه، وأن يُجَنِّبنا وإياكم أسباب سخطه إنه جوادٌ كريم، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه.

المصدر
كلمة للشيخ محمد بن هادي حفظه الله
ضمن لقاء المفتوح مع بعض طلبة العلم
بالمدينة النبوية
3/ربيع الثاني/ 1435هـ











 


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الغازية, تأملات, صورة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:00

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc