تقرير جديد لـ "كناس" يؤكد سيطرتهن على قطاعات التربية والصحة والعدالة
100 ألف سيّدة أعمال بالجزائر و50 % من المناصب للنساء
2009.06.16 المصدر جريدة الشروق
تسجيل انخفاض مهم للفوارق بين الجنسين وارتفاع دخل النساء بنسبة 20 بالمائة
شهدت الجزائر خلال الأعوام العشرة الماضية، تحولات وصفها خبراء المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي بـ "العميقة" في بنيتها الاقتصادية والاجتماعية، إذ ارتفعت حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12 بالمائة، من 1555 دولار في العام 1998 إلى 5034 دولار العام الماضي، فيما عرف مؤشر الناتج بارتفاع القدرة الشرائية بنسبة 14 بالمائة خلال الفترة نفسها.
وكشف تقرير حول التنمية البشرية أعده "المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي" وفق نموذج برنامج الأمم المتحدة للتنمية، سيطرة النساء على أكثر من 50 بالمائة من وظائف قطاعات حساسة، مثل التعليم العالي والصحة والعدالة والتربية والتعليم، مع تسجيل قفزة عملاقة في عدد المقاولات من النساء، خلال الأعوام العشرة الماضية، في إطار سلسلة من التحولات العميقة في البنية الاجتماعية للجزائر، على مدار الأعوام العشرة الماضية.
وقال التقرير الذي حصلت "الشروق" على نسخة منه، إن الجزائر ستشهد في الأعوام المقبلة تحولات اجتماعية مهمة تتعلق بالجنس، نظراً للارتفاع الذي سجله مؤشر الجنس النوعي للتنمية البشرية في كل قياساته، كما تعكس الإحصاءات المتعلقة به حركية تغير حقيقية ذات بعد كبير ووتيرة متسارعة في آن واحد، لمصلحة النساء.
ويعتبر وجود المرأة مكثفاً في قطاعات التربية والجامعات والصحة والعدالة، إذ بلغت النسبة مستويات قياسية فاقت 60 بالمائة من عدد المعلمين في قطاع التربية الوطنية، وأكثر من 60 بالمائة في قطاع الصحة، و50 بالمائة من عدد الأساتذة في الجامعات الجزائرية، وأكثر من 35 بالمائة من عدد القضاة.
وتجاوزت نسبة النساء من العدد الإجمالي للموظفين في العام الماضي نسبة 30 بالمائة، فضلا عن حضورهن القوي في القطاع الخاص، إضافة إلى الاندماج الكبير للنساء في المسؤولية الاقتصادية، حيث بلغ عدد النساء المقاولات 100 ألف امرأة مسجلة في العام الماضي بين تاجرة ومقاولة.
وقال محمد الصغير بابس رئيس "المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي"، إن التقرير الثالث من نوعه منذ العام 2006، جاء في شكل مسح شامل لدراسة التحولات العميقة التي عرفها المجتمع الجزائري على نطاق واسع طيلة الأعوام العشرة الماضية في البنية الاجتماعية للمجتمع.
وكشف بابس، أن العرض الشامل للتقرير الوطني للتنمية البشرية، سيتم في شهر جوان الجاري مباشرة بعد قيام خبير الأمم المتحدة للتنمية بالمصادقة النهائية على جميع البروتوكولات المعنية، بما في ذلك نتائج الأشغال المنبثقة عن التجزئة الإقليمية الذي يعتبر شكلها أكثر تطوراً من ذلك المعتمد في تقرير سنة 2007.
وأوضح بابس، أن إنجاز التقرير تم بمشاركة جميع القطاعات المعنية بتطبيق السياسات والبرامج الموجهة للتنمية البشرية، وبعض فئات المجتمع المدني التي تعمل تقليدياً في ميدان النشاط الجواري الخاص بالتنمية البشرية، والهيئات المنتجة للإحصاءات والمعلومات، مضيفا أن فريق الخبراء الذي أعد الدراسة أدخل عنصراً جديداً مهماً من خلال استغلاله للنتائج المتعلقة بـ "الإحصاء العام للسكان والسكن" للعامين 1998 و2008، وهو ما سمح للمرة الأولى في الجزائر، بتقييم وإلقاء نظرة شاملة على التطورات التي طرأت في ميدان التنمية البشرية خلال عشرية كاملة على أساس معطيات حقيقية سنوية.
وكشف التقرير، تطور مؤشر التنمية البشرية بأكثر من نقطة (1 بالمائة) خلال عام واحد، منتقلاً من 0.767 بالعام 2007 إلى 0.778 في العام 2008، أي بزيادة قدرها 1 بالمائة بين عامي 2006 و2007.
ونتجت الزيادة حسب التقرير عن التطور المهم في مؤشر الناتج الداخلي الخام الذي قدر بأكثر من 1 بالمائة بين عامي 2006 و2007 ونحو 2.5 بالمائة بين 2007 و2008، وكذا تحسن مؤشر مستوى التعليم الذي ازداد بنسبة 2 بالمائة خلال الفترة نفسها.
وحقق مؤشر مستوى التعليم نسبة نمو قدرها 17 بالمائة منتقلة من 0.643 عام 1998 إلى 0.740 عام 2008، أي بمعدل نمو سنوي قدره 2 بالمائة، ما سمح بارتفاع معدل تعلم فئة الأعمار 6 - 24 عاماً من 59 بالمائة العام 1998 إلى 72 بالمائة في العام 2008 محققاً زيادة بـ 13 نقطة، تتجلى في تطور عدد المتعلمين الذي انتقل من 8.2 مليون شخص في العام 1998 إلى 9.3 مليون في العام 2008. ويعتبر قطاع التعليم العالي الأكثر تقدماً حسب الدراسة، حيث ارتفع عدد الطلبة في الجامعات الجزائرية من 430 ألف طالب العام 1998 إلى 1.16 مليون طالب في العام 2008.
5034 دولار للفرد
ورصد التقرير ارتفاعاً في حصة الفرد من الناتج المحلي بنسبة 12 بالمائة سنوياً، مرتفعا من 1555 دولار في العام 1998 إلى 5034 دولار العام الماضي، فيما عرف مؤشر الناتج بارتفاع القدرة الشرائية بنسبة 14 بالمائة خلال الفترة الممتدة بين 1998 و2008.
وسجل المعدل السنوي لاستهلاك الأسر ارتفاعاً فاق النمو الديموغرافي في إطار نسبة تضخم سنوية متوسطة، ما سمح بتحسن الوضعية الاقتصادية للأسر بفضل عودة النمو التي سايرتها التحويلات الاجتماعية المهمة، والنفقات الاجتماعية للدولة التي سجلت معدل نمو قدره 18 بالمائة، ما سمح بخفض معدل الفقر العام.
ويعكس تراجع معدل الفقر العام والتوجه نحو تحسن الظروف الاجتماعية، عددا من العوامل، من بينها ارتفاع عدد الزيجات الذي انتقل من 158 ألف في العام 1998 إلى 332 ألف العام 2008، بمعدل زواج يقدر بـ 9.55 بالمائة، في حين أنه في أعلى ذروة ديموغرافية التي حدثت في السبعينيات لم يُتجاوز هذا المعدل.
وارتفع معدل استهلاك الأسر بمعدل وتيرة سنوية يقارب 8 بالمائة خلال هذه الفترة، أما بالنسبة لمعدل ادّخار الأسر فقد انتقل خلال الفترة نفسها من 5.3 بالمائة العام 1998 إلى أكثر من 35 بالمائة في العام 2008، خصوصاً أن نمط الاستهلاك في الجزائر يقترب تدريجياً من نمط الاستهلاك في البلدان المتقدمة.
دخل النساء يرتفع بنسبة 20 بالمائة
يعكس ارتفاع مؤشر الجنس النوعي للتنمية البشرية الذي بلغ 8 بالمائة في الفترة ما بين 1998 و2008 التوجه الواضح نحو انخفاض الفوارق بين الرجال والنساء في المقاييس الثلاثة للتنمية البشرية والمتمثلة في مؤشر المساواة في توزيع الدخل وفرص التعليم.
وسجل دخل النساء ارتفاعاً بنسبة 20 بالمائة خلال الفترة الممتدة بين 1998 و2008، نتج عنه استفادة عدد كبير من النساء من مناصب وظيفية ومن دخولهن التي ارتفعت من 1365 دولار بتكافؤ القدرة الشرائية في العام 1998 إلى 2317 دولار بتكافؤ القدرة الشرائية العام 2008، أي بارتفاع لافت قدر بنحو 70 بالمائة.