الجريمة الالكترونية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الجريمة الالكترونية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-06-12, 17:24   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي الجريمة الالكترونية

بسم الله الرحمان الرحيم


هذه اول مشاركة لي في المنتدى ارجو ان تدعو لي









 


قديم 2009-06-12, 17:26   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

خطة البحث

v الفصل التمهيدي: الأحكام العامة للجريمة الالكترونية.
- المبحث الأول:مفهوم الجريمة الالكترونية.
- المبحث الثاني:خصائص الجريمة الالكترونية.
- المبحث الثالث:صور الجريمة الالكترونية.
v الفصل الأول:مدى انطباق النصوص التقليدية على الجريمة الالكترونية.
- المبحث الأول: جريمة السرقة بين المفهوم التقليدي و الالكتروني
- المبحث الثاني: جريمة خيانة الأمانة بين المفهوم التقليدي و الالكتروني
- المبحث الثالث: جريمة التزوير بين المفهوم التقليدي و الالكتروني
v الفصل الثاني: آليات مواجهة الجريمة الالكترونية.
- المبحث الأول:الحماية الجنائية لبرامج الحاسب الالى كسبيل للمواجهة .
- المبحث الثاني:فكرة المواجهة على الصعيد الداخلي.
- المبحث الثالث:فكرة المواجهة على الصعيد الدولي.














قديم 2009-06-12, 17:26   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مقدمة

لقد عرفت العديد من الدول تطورا هاما في مختلف الميادين ومن نتائجه ظهور ما يعرف بالمعلوماتية هذه الأخيرة التي تعتبر سمة العصر و المقياس الذي يحدد مدى تقدم الشعوب وكذا مساهمتها في تسريع انجاز الأعمال فكان لزاما على الدول من اجل ضمان نهضتها وتماشيا مع عصر المعلوماتية أن تعمل على مواكبة التطور التكنولوجي و الالكتروني الذي نجم عنه تحول العديد من الدول إلى مجتمعات الكترونية تعتمد على الرقمية في أداء أعمالها .
ولقد نجم عن هذه الثورة المعلوماتية آثار سلبية أثرت على حقوق الأفراد و حرياتهم نتيجة استغلال الأفراد و الجهات للتقنيات المعلوماتية في غير الغرض الذي خلقت من اجله و أضحى هذا النظام محلا للاعتداء و إساءة استخدامه. فقد يرتب على ذلك إحاطة هذه الظاهرة بكثير من الغموض حتى دعا ذلك الكثيرين إلى القول بان الجريمة المعلوماتية هي أشبه بالخرافة و انه لا يوجد تهديد حقيقي منبعه الحاسبات ،و أن كافة أشكال السلوك غير المشروع التي قد تربط بالحاسبات الآلية هي في حقيقتها جرائم عادية يمكن بشأنها تطبيق النصوص التقليدية القائمة دون أن تتميز بأية سمات خاصة.كما اختلفت آراء الفقه في شان تطبيق النصوص التقليدية علها،وتضاربت أحكام القضاء في البلد الواحد.
ولقد اهتمت الكثير من الدراسات بالجرائم الالكترونية و بمحاولة إيجاد تقسيمات لها و التعرف على أهم الجرائم الالكترونية بصفة عامة و اتخذت بعض هذه المحاولات طابعا إقليميا و البعض الآخر طابعا دوليا.كما أظهرت هذه المحاولات الطبيعة الخاصة للجريمة المعلوماتية حتى في الحالات التي تلبس فيها هذه الجريمة ثوب بعض الجرائم التقليدية كالسرقة و النصب و التزوير و خيانة الأمانة.
ولهذا القي على عاتق المشرع الجزائري مسؤولية مواجهة الجرائم الالكترونية خاصة في ظل قصور نصوص قانون العقوبات عن الإحاطة بهذه الجرائم.
أهمية الموضوع: تتجلى أهمية دراسة هذا الموضوع في كونه:
- انه يعالج نمط جديد من الجرائم لم تكن معروفة من قبل و هي الجرائم الالكترونية.
- أن هذه الجرائم مرتبطة بتكنولوجيا متطورة هي تكنولوجيا الحاسبات الآلية مما أسفر عن تميزها بمجموعة من الخصائص جعلتها تختلف عن غيرها من الجرائم مما يستتبع ضرورة التعامل معها بما يتلاءم مع هذه الخصوصية.
- انه يبين لنا مدى خطورة هذه الجرائم و تطورها السريع و حداثة الأساليب المستعملة فيها فهي متغيرة عن الجرائم التقليدية.
- تزايد حركة مستخدمي شبكة الإعلام بشكل كبير في كافة المجتمعات .
دوافع الكتابة: من بين الأسباب و الدوافع التي دعتنا إلى معالجة هذا الموضوع:
- انه موضوع حديث.
- موضوع يتسم بالمرونة و التطور الهائل في شتى الميادين.
- عدم سن نصوص قانونية من طرف المشرع الجزائري تجرم و تعاقب على مثل هذا النوع من الجرائم.
صعوبات البحث: من المشاكل التي واجهتنا في هذا البحث:
عدم وجود نصوص قانونية تعالج مثل هذا النوع من الجرائم وقلة المراجع الجزائرية التي تناولت هذا الموضوع، إضافة إلى ندرة المراجع في المكتبة العربية عامة و الجزائرية خاصة.
الإشكالية: الإشكالية التي يطرحها وهل موضوع بحثنا هذا تتمثل في:هل يصدق القول بان الجريمة الالكترونية هي أشبه بالخرافة و لا يوجد تهديد حقيقي منبعه الحاسبات و أن هذه الجرائم في حقيقتها هي جرائم عادية يطبق بشأنها النصوص التقليدية القائمة؟. أم أن هذه الجرائم لها نصوص خاصة بها؟.
ويندرج تحت هذه الإشكالية التساؤلات التالية:
هل ينطبق وصف الجريمة التقليدية على تلك الالكترونية؟. و هل يمكن تطبيق أركان جرائم الأموال ذات الطبيعة المادية الملموسة على تلك القيم غير المادية المتولدة عن المعلوماتية؟وكيف تصدت مختلف التشريعات لمواجهة هذا النمط من الجرائم؟.
المنهج المتبع: لقد اعتمدنا في بحثنا هذا على المنهج التحليلي الوصفي الذي بموجبه حاولنا وضع حلول للإشكالية المطروحة و التي بدورها قمنا بتقسيمها إلى أسئلة جزئية حتى نضع حل لكل مشكل على حدا، ثم اعتمدنا على المنهج المقارن الذي قارنا به بين أركان بعض الجرائم في ظل المفهوم التقليدي وفى ظل المفهوم الحديث للجريمة الالكترونية و أركان الجريمة التقليدية وقارنا بين الحماية ضد هذه الجريمة على المستوى الوطني و على المستوى الدولي. و لأجل كل هذا قمنا بتقسيم بحثنا هذا إلى ثلاث فصول .












قديم 2009-06-12, 18:10   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
حميد20
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حميد20
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مرحبا بيك اخي في المنتدى و مشكور على الموضوع بارك الله فيك
بالتوفيق










قديم 2009-06-12, 22:52   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الأول
مدى انطباق النصوص التقليدية على الجريمة الالكترونية
درسنا في الفصل التمهيدي الجرائم المعلوماتية بصفة عامة ،وقد بينا فيه بيان الجريمة الالكترونية وماهية الجريمة الالكترونية وأوضحنا خصائص هذه الجريمة وما يميزها عن غيرها،لننتقل إلى عرض صور الجريمة المعلوماتية ،فوجدنا أن المعلوماتية لم تعد مجرد وسيلة لإلحاق الضرر بالغير ،بل أن قدرتها على معالجة البيانات ونقلها سواء في شكل منتجات أو خدمات مستحدثة اكتسبت قيمة تجارية ذات طابع مالي وهو ما هيأ الفرصة لظهور قيمة اقتصادية مستحدثة.
_ وموضوع دراستنا في هدا الفصل هو الإشكال الذي تثيره جرائم الاعتداء على الأموال الناجمة عن استخدام الحواسيب المرتبطة بشبكة الانترنت تساؤلات عدة حول طبيعة الاعتداءات،ومدى كفاية النصوص التقليدية لمواجهتها؟؟؟.
فإذا كان موضوع الاعتداء على الأموال في نطاق المعالجة الآلية للمعلومة ينصب على الحاسب الالى ذاته و ما يرتبط به من أسلاك وما يتعلق به من ملحقات،فإنه لم يعد هناك صعوبة فى تطبيق النصوص الجزائية التقليدية كون الأمر يتعلق بمال مادي منقول وفق المفهوم التقليدي الدارج ،أما إذا وقع الاعتداء على ما يتعلق بفن الحاسب الآلي من برمجيات (soft ware)ونظم ،فإن النصوص التقليدية تأتى قاصرة عن حمايتها لهذا المال من طابع خاص غير تقليدي.
وفى نطاق شبكة الانترنت ،يعتبر الحاسب الآلي أداة سلبية لارتكاب الجريمة ضد الفرد،إذا استخدم الحواسب المرتبطة بشبكة الانترنت كوسيلة لتنفيذ الجرائم والاعتداء على أموال الغير والتي اتخذت صور مستحدثة لهذا برزت الدعوى إلى فرض الحماية الجنائية من مخاطر استخدام شبكة الانترنت ممثلة بالنظام والبرامج والبيانات المتبادلة عبرها.
وللإجابة على هذه الإشكالية ،ندرس الجرائم المتعلقة بالاعتداءات على الأموال الالكترونية من خلال التفصيل في جرائم واقعة على المعلوماتية وعما إذا كانت النصوص التقليدية الحالية تكفى لمواجهة هذه الجرائم الجديدة أم لا؟؟وذلك من خلال شرح جريمة السرقة المعلوماتية في المبحث الأول ،و في المبحث الثاني جريمة التزوير المعلومات،وجريمة خيانة الأمانة في المعلوماتية في مبحث ثالث.



المبحث الأول
جريمة السرقة بين المفهوم التقليدي والالكتروني
الواقع أن لموضوع جرائم الاعتداء على المال الإلكتروني أهمية متزايدة سواء من الناحية العملية أو النظرية. فنظريا ينطبق على مجموعة من جرائم الأموال التي لا ستهان بها ومن أهمها السرقة، و عمليا يمس الإجرام الواقع على المال الإلكتروني كثير من مصالح المجتمع وعلى وجه الخصوص البنوك من خلال التعامل الإلكتروني و السحب من الأرصدة بواسطة بطاقات الائتمان أو الدفع الإلكتروني و التجارة الإلكترونية.
و تفتح الثورة المعلوماتية مجالا جديدا لخلق أدوات جديدة في التعامل فبعد أن كان الإثبات في الجرائم عبارة عن مستندات مادية و ورقية أصبحت معظم المستندات المالية عبارة عن تسجيلات و شرائط و اسطوانات، بل الأكثر خطورة من ذلك أصبحت عبارة عن قيمة مالية للمعلومات المسجلة على هذه الأوساط.
و بما أن ظاهرة الإجرام الإلكتروني تتعلق بكل سلوك غير شرعي أو غير مسموح يتعلق بالمعلوماتية ( المعالجة الآلية للبيانات و المعلومات أو نقل هذه البيانات) فهذه المعالجة الآلية غير الشرعية تدفعنا إلى إعمال نصوص القانون الجنائي الذي يعتبر حتى وقتنا هذا عاجز في معظم نصوصه عن مواجهة التطور المعلوماتي، و ذلك للإشكال المطروح حول مدى إمكانية تطبيق قواعد السرقة التقليدية على السرقة الإلكترونية، و لم يطرح هذا الموضوع إشكالات فقط على مستوى الفقه و القضاء الجزائري بل هي إشكالية واسعة المجال تمتد إلى جميع القارات في العالم ككل تجعل قانون عقوبات هذه الدول يخضع لامتحان يحدد مدى مرونة هذه القوانين وقابليتها للتجديد و التطور، نظرا لأن الصورة الغالبة لسرقة المال المعلوماتي المعنوي، أن أمكن الوصف تأخذ صورة اختلاس البيانات و المعلومات ، و الإفادة منها باستخدام السارق للمعلومات الشخصية – مثل الاسم ، العنوان – الخاصة بالمجني عليه و الاستخدام غير الشرعي لشخصية المجني عليه ليبدأ بها عملية السرقة المتخفية عبر الانترنت بحيث تؤدي بالغير إلى تقديم الأموال الكترونية أو المادية إلى الجاني. فيثور التساؤل فيما إذا كان الاعتداء بسرقة المعلومات المادية ، و المخزنة في قواعد البيانات أو المتبادلة عبر خطوط الإنترنت، تشكل جريمة السرقة بنفس المفهوم الذي تشير إليه قواعد السرقة الإلكترونية ؟ أم أنها تختلف عنها ؟ أم أن هذا النوع من الاختلاس لا يعد أصلا من قبيل الأعمال الموصوفة بالسرقة وفقا لقانون العقوبات؟
و للإجابة على كل هذه التساؤلات نتعرض بالدراسة لشرح جريمة السرقة التقليدية وفقا للقانون الجزائري ثم ندرس أحكام السرقة الإلكترونية وفقا لمنهج مقارن باستعراض مختلف الآراء الفقهية العربية و الغربية و كذا موقف القضاء من الموضوع محل الدراسة،؟ لننتقل بعدها إلى عملية المطابقة بين أحكام السرقة التقليدية و السرقة الإلكترونية و كل ذلك تبعا للخطة التالية:
المطلب الأول: أركان جريمة السرقة التقليدية في القانون الجزائري.
المطلب الثاني: القواعد الخاصة بجريمة السرقة الإلكترونية.
المطلب الثالث: مدى تطابق أركان جريمة السرقة الإلكترونية مع أركان جريمة السرقة التقليدية.
المطلب الأول
أركان جريمة السرقة في القانون الجزائري
السرقة هي أول الجرائم الواردة في الفصل الثالث من التقنين الجزائي الجزائري لسنة 1966تحت عنوان : الجنايات والجنح و المخالفات .
يعرفها المشرع في المادة 350 من قانون العقوبات( كل من اختلس شيء غير مملوك له يعد سارقا و يعاقب بالحبس من 1 سنة إلى 5 خمس سنوات بغرامة من 100.000 دج الى 500.000 دج .
و تطبق نفس العقوبة على اختلاس المياه و الغاز و الكهرباء يجوز أن يحكم على الجاني علاوة على ذلك بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر 1 لمدة سنة على الأقل و 5 خمس سنوات على الأكثر، و بالمنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 12 و 13 من هذا القانون .
و يعاقب على الشروع في هذه الجنحة بالعقوبات ذاتها المقررة للجريمة التامة ) في أركانها التكوينية ويحدد عقوبتها في حالتها البسيطة ثم يعلن عن معاقبة المحاولة فيها وعن تطبيق نفس العقوبة على مختلس المياه والغاز والكهرباء ويخصص المواد من 351 إلى 354 للسرقة في صورتها المشددة وبوصفها جناية فيذكر حالات التشديد والعقوبات المنوطة بها . أما المواد: 355-356-357-358-360 فان المشرع أعدها للتدليل. على التوالي على مفهوم السكن المسكون والكسر والتسلق أو المفاتيح المصطنعة والطرق العمومية مضيفا في المادة 359 عقوبة الحبس لمقلد ومزيف المفاتيح أما المواد: 361-362-363-364-365 فان المشرع أخرجها لمعاقبة أنواع خاصة من السرقة أو لسد ثغرات كشفت عنها الممارسة اليومية مثل ما جاء في المادتين 366 و367 أخيرا فان المشرع اعد المادتين 370 و371 لمعاقبة من ينتزع شيئا بالقوة أو يحصل عليه بطريق التهديد ... وخصص المادتين 368 و369 لمعالجة حالات الإعفاء في السرقة المرتكبة بين أفراد العائلة[1].
و من خلال التعريف الوارد في المادة 350 ق.ع جزائري للسرقة كما يلي : "كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا "ومن هذا التعريف يبين أن جريمة السرقة تقوم على ثلاثة أركان هي:
- الفرع الأول : فعل الاختلاس ، وهو الركن المادي للجريمة .
- الفرع الثاني : محل الجريمة ، ويتمثل في شيء منقول مملوك للغير .
- الفرع الثالث : القصد الجنائي، وهو الركن المعنوي للجريمة.[2]
الفرع الأول
الركــن المـــــادي
للركن المادي عنصران وهما:
أولا: فعــل الاختــــــلاس.
ثانيا: عدم رضي الحائز المجني عليه.
أولا: فعل الاختلاس.
لم يحدد القانون معنى الاختلاس ، وهو الركن الأساسي في جريمة السرقة ، وفي غياب تعريف صريح يتفق الفقه والقضاء على أن: " الاختلاس هوالاستيلاء على شيء بغير رضا مالكه أو حائزه " .ولقد تطور مفهوم الاختلاس فلم يعد محصورا في الاستيلاء على الشيء إذ أصبح من المسلم به اليوم أن تسليم الشيء لا ينفي الاختلاس.
ويقوم الاختلاس على عنصرين : عنصر مادي ، وهو الاستيلاء على الحيازة ، وعنصر معنوي ، وهو عدم رضا مالك الشيء أو حائزه عن الفعل .
1_الاستيلاء على الشيء : يتحقق الاختلاس بالاستيلاء على الشـيء أي بنقل الشيء أو نزعه من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازة الجاني .
وهذا يقتضي أن يقوم الجاني بحركة مادية يتم بها نقل الشيء إلى حيازته مهما كانت الطريقة المستعملة سواء النزاع أو السلب أو الخطف أو النـقـل أو أية طريقة أخرى .
وكل ما يشترط هو أن يقع الاستيلاء على الشيء بفعل الجاني ولذلك ليس من الضروري أن يكون بيده فيعد سارقا الشخص الذي يدرب كلبا على السرقـة أو الذي يستعمل آلة لارتكاب السرقة.
ويشترط أيضا لكي يعد الفاعل سارقا أن ينقل الشيء إلى حيازتـه ، أمــا إذا اعدم في مكانه فالفعل يعد إتلافا وليس اختلاسا ، ولكن لا يلزم أن يحتفظ الجاني بالشيء في حوزته ، فقد يتخلى عن حيازته لأخر وقد يستهلكه كذلك في الحال إذا كان من المأكولات أو المشروبات .
يترتب على تحديد الاختلاس على النحو السابق نتيجتان :
النتيجة الأولى: لا يتحقق الاختلاس إذ كان الشيء موجودا أصلا في حوزة المتصرف : فإذا كان الشيء في حوزة الجاني من قبل وامتنع عن رده إلى مالكه الأصلــي أو حائزه أو تصرف فيه تصرفا ضارا فلا يعتبر سارقا لأنه لا ينقل الشيء برفضه أو تصرفه وإنما يستبقيه، الاستبقاء لا يحقق الاختلاس الذي يتحقق بالنقل فقط [3].
النتيجة الثانية: لا يعتبر مختلسا البائع الذي يحبس المبيع بين يديه بعد أن يتسلم ثمنه: وكذلك من يعثر على شيء ملك للغير فيأخذه بدون سوء نية ثم يمسكه بنية التملك.[4]
ومما سبق ، نستخلص أن الاختلاس ينتفي إذا كان المال في حيازة الجاني ابتداء غير انه يشترط أن يظل الشخص محتفظا بالحيازة فان نقلها إلى الضحية ولو لمدة قصيرة ثم اختلسها يعد سارقا، فالبائع الذي يسلم البضاعة للمشتري أو يضعها تحت تصرفه ثم يختلس البعض منها فيما بعد يعد سارقا، كذلك الحال بالنسبة للدائن الذي يحرر مخالصة لمدينه تحت تصرف المدين وإذا ما قبض الدين اختلسها.
2- التسليم يمنع توافر الاختلاس: ينتفي الاختلاس بالتسليم سواء كان حرا أو مبنيا على خطأ أو مشوبا بغلط أو نتيجة تدليس، و تسليم الشيء يتناف مع نزع الحيازة.
ولكن لا ينتفي الاختلاس بأي تسليم إنما يشرط لذلك أن يكون التسليم حاصلا من شخص له صفة على الشيء المسلم ، وان يكون صادرا عن وعي واختيار، وان يكون بقصد نقل الحيازة الكاملة أو الناقصة، كما نوضح في ما يلي :
أ- شروط التسليم النافي للاختلاس : يشترط فيه ما يأتي :
1– يجب أن يكون التسليم حاصلا من شخص له صفة على الشيء المسلم : يقتضي التسليم النافي للاختلاس أن يكون قد حصل من شخص له صفة على الشيء كمالكه أو حائزه ، وأما إذا حصل من شخص لا صفة له على الشيء فلا ينفي هذا التسليم قيام الاختلاس .
2- يجب أن يكون التسليم قد حصل عن إدراك واختيار : ويقصد به التسليم الحر، وعلى هذا الأساس لا ينتفي الاختلاس بالتسليم الحاصل من الطفل غير المميز أو المجنون أو من المعتوه أو السكران أو النائم أو المكره ماديا أو معنويا وهكذا قضى في فرنسا بقيام جنحة السرقة في حق من استلم شيئا من شخص غير مميز بسبب صغر سنه، أو ناقص التمييز.
ويكون التسليم حاصلا عن إدراك واختيار ، ولو بني على خطا أو كان مشوبا بغلط أو كان نتيجة تدليس .
-التسليم الحاصل بخطأ : ينتفي الاختلاس بالتسليم إذا حصل بخطأ لأنه تم عن إرادة واختيار وإدراك، وفي هذه الحالة لا يمكن القول أن الفاعل انتزع حيازة الشيء من صاحبه ، فالخطأ الذي وقع به التسليم يرتب المسؤولية المدنية ليس إلا .والأمثلة على ذلك كثيرة كمن يسلم شخصا ورقة نقدية بألف دينار ظنا منه أنها ورقة بخمس مائة دينار يصرفها له فيعطيه بدلها نقودا معدنية قيمتها بخمس مائة دينار فقط وهو يعلم حقيقة الورقة النقدية التي تسلمها .
أو العكس إذ أعطاه ورقة بخمس مائة دينار فاعتقد الصراف أنها من فئة ألف دينار وصرفها له على هذا الأساس .
ومن هذا القبيل أيضا الدائن الذي يستلم من المدين مبلغا يزيد عن الدين دفعه خطا ولا تهم هنا نية المستلم فسيان أن يكون حسنا أو سيء النية .[5] فالقضاء الفرنسي كان يعتبر التسليم في حالة جهل قيمة أو طبيعة الشيء المسلم تسليما غير إرادي سرقة لكن الفقه استنكر هذا الحل واعتبره توسعا في التجريم يتعارض مع مبادئ القانون الجنائي, رغم تطابقه مع الحلول التي يقول بها القانون المدني إذ يعتبر الخطأ من عيوب الرضاء .
وكذلك الحال بالنسبة للموظف الذي يحول لحسابه خطا راتبا شهريا يفوق راتبه.[6]
وعلى ذلك قضى في فرنسا حديثا بعدم قيام الاختلاس في حق من استغل خللا في سير الموزع الآلي للبنزين فحصل على كمية من البنزين بسعر اقل من سعرها الحقيقي.
وقد يكون الخطأ واقعا على شخصية المسلم كمن يسلم الدين لغير الدائن أو كساعي البريد الذي يسلم طردا إلى غير المرسل إليه ففي الحالتين ينتفي الاختلاس.
التسليم المشوب بالغش: ينفي التسليم المشوب بالغش ركن الاختلاس للأسباب نفسها، وهي أن التسليم قد حصل باختيار المسلم ولم تنزع منه حيازة الشيء.
وعلى هذا الأساس يكون التسليم عن إدراك واختيار إذا حصل ممن يملك الشيء ولو لجأ المستفيد من الشيء إلى استخدام الغش والتدليس لاستلامه فهذه الأساليب مهما بلغت جسامتها لا يمكن أن يتوفر بها ركن الاختلاس في السرقة وان جاز أن تقوم بها جريمة النصب .
وهكذا لا يعتبر اختلاسا استخدام أساليب الغش للاستيلاء على نقود لاعبي القمار أو إخفاء قطع من النقود أثناء استلام صرف ورقة مالية أو الغش في كمية المبيع بإخفاء بعضه أثناء عده أو كيله أو وزنه .
وبالمقابل يقوم الاختلاس بالتسليم الحاصل بخطأ إذا كان الخطأ نتيجة لغش أو تدليس ، بشرط أن لا يكون الضحية هي المتسببة في الخطأ وإلا انتفى الاختلاس كما بينا سابقا ، ومن ثم لا يقوم الاختلاس إلا إذا كان الغير هو المتسبب في الخطأ .
وهكذا قضي في فرنسا بقيام الاختلاس في حق مدير تجاري بشركة قدم طلبا لاقتناء المازوت لحساب الشركة ودفع الثمن من مالها ثم أمر موزع البنزين بتسليمه البضاعة ببيته ليس بمقر الشركة[7].
_ مسألة التسليم الرمزي : ليس من الضروري أن يكون تسليم المنقولات بالمناولة فالمادة 367 قانون مدني جزائري تجيز التسليم الرمزي ويقصد به أن " يتم التسليم بوضع المبيع تحت تصف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يتسلمه تسلما ماديا ما دام البائع قد اخبره بأنه مستعد لتسليمه ذلك ، ويحصل التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع " . ومن قبيل التسليم الرمزي تسليم مفتاح المخزن الذي يحتوى الشيء المبيع ،فلا يرتكب جريمة السرقة المشترى إذا تصرف في الشيء المبيع حتى لو لم يكن بعد قد دفع الثمن لان حيازة الشيء قد انتقلت إليه نهائيا بهذا التسليم الرمزي .
أما إذا كان صاحب الأشياء لم يسلم المفتاح إلى الشخص إلا بقصد معاينة الأشياء تحضيرا لاستئجارها مثلا فاختلس هذا الشخص بعض الأشياء من المخزن ، ففي مثل هذه الحالة يعد الشخص سارقا لان وضع يده على الأشياء لم تكن إلا يدا عارضة .
وإذا كان تسليم المفتاح قد تم بناء على عقد إيجار فان تصرف المستأجر في الأشياء المسلمة إليه يكون تبديدا لا سرقة لان صاحب الأشياء قد نقل إليه الحيازة الناقصة.)[8]



و لقد طبق القضاء هذه النظرية بصفة شاسعة.[9]، مما يمنحنا العديد من الأمثلة التطبيقية.[10]
3- يجب أن يكون التسليم بقصد نقل الحيازة كاملة بقصد التمليك: أو ناقصة أي على سبيل الأمانة: و الحيازة نوعين، الحيازة الكاملة ( possession proprement dite) والحيازة الناقصة ( possession prècaire ) فالحيازة الكاملة تكون لمن يضع يده على الشيء بصفة المالك، و هي تتكون من ركنين: المادي و الأدبي، و الحيازة الناقصة تكون لمن يضع يده على الشيء بمقتضى سند لا يخوله أي حق في الملكية بل يشعر باعترافه بحق الغير فيها كالمرتهن والمستأجر و غيرهم ممن يحوزون الشيء على ذمة الغير، و هذه الحيازة تنقل إلى الحائز الركن الــمادي فقط، و يبقى للمالك الركن الأدبي. أما الحيازة المادية فلا يترتب عليها غير وضع الشيء بين يدي مستلمه لغرض وقتي و لا يخول للمستلم أي حق على الشيء لا لنفسه ولا لذمة غيره، بل تكون يده على الشيء يدا عارضة، و يبقى للمالك الركن المادي فضلا عن الركن الأدبي.[11]
يمكن تعريف الحيازة بأنها سيطرة إرادية للشخص على الشيء، سيطرة تمكنه من الانتفاع به أو تعديله أو تحطيمه أو نقله وعلى هذا الأساس فهي حالة واقعية وليست مركزا قانونيا.
والأصل أن تثبت الحيازة للمالك، ومع ذلك فقد تثبت لغيره ولذلك فهي إما كاملة وإما ناقصة.
فأما الحيازة الكاملة أو التامة فتكون لمالك الشيء لو لم يدعي ملكيته ، سواء أكان حسن النية أو سيء النية ، كالسارق خائن الأمانة. وأما الحيازة المؤقتة أو الناقصة فتكون من يحوز شيء بمقتضى سند يخوله الجانب المادي في الحيازة دون الملكية التي تظل لغيره ، كالمستأجر الدائن المرتهن رهنا حيا زيا والعامل الذي يعهد إليه بشيء لإصلاحه والمستعير والمودع لديه والوكيل : فالحائز في هذه الحالات وان كانت لديه بعض مظاهر العنصر المادي للحيازة إلا أن الحيازة تكون لحساب المالك .
يشترط في الحيازة السابقة المعتدي عليها أن تكون أولا لغير الجاني، فإذا كانت الحيازة بيد الجاني لا يقوم الاختلاس. ولا يشترط أن يكون هذا الغير حائزا للشيء بسند مشروع ، إذ تتحقق الحيازة السابقة ولو كانت حيازة الغير للشيء جاءت نتيجة سرقة وقعت منه ، فإذا اختلس الغير هذا الشيء المسروق وقعت جريمة جديدة يكون فيها السارق السابق مجنيا عليه في سرقة جديدة ويجد هذا الحل سنده في كون الحيازة مركزا واقعيا لا قانونيا .
كما يشترط أن تكون حيازة غير الجاني المعتدي عليها إما كاملة وإما ناقصة على المعنى الذي سبق توضيحه ، أما في حالة اليد العارضة على الشيء فلا تكون الحيازة لواضع اليد ، وإنما تكون لمن له السيطرة على الشيء ويكون هو المجني عليه في اختلاس هذا الشيء .فالمسافر لا يفقد حيازته لحقيبته لمجرد أن يكلف حمالا بنقلها له أن المطار إلى خارجه إذ تظل له السيطرة الفعلية على الحقيبة بينما لا يكون للحمال على الحقيبة إلا اليد العارضة فإذا اختلسها كان سارقا وإذا اختلسها من الحمال آخر كان سارقا وكان المسافر هو المجني عليه في الجريمة لا الحمال .
ويعتبر الشيء في حيازة الغير ، ولو كان الغير قد أودعه في آلة من آلات التسليم الميكانيكي التي تبيع السلع للجمهور، كالماكينات المخصصة لبيع المشروبات أو الحلويات إذ تظل الحيازة لمالكها ولو كان قد تركها وانصرف ومن هنا فان الاعتداء عليه يعتبر اعتداء على حيازة الغير.[12]
ومن ناحية أخرى، لا يعتبر مختلسا المدين الذي يقترض مالا ثم يرفض سداده وان كان عازما على عدم السداد من أول الأمر. وكذا البائع الذي يمتنع عن تسليم المبيع بعد قبض الثمن والمشترى الذي يمتنع عن دفع الثمن بعد استلام المبيع ، فلا يعد البائع سارقا للثمن ولا المشترى سارقا للشيء لان كلا منهما تسلم الشيء على سبيل التمليك
وهو ما خلصت إليه محكمة النقض الفرنسية في دعاويها.[13].
ب- التسيلم غير النافي للاختلاس : وهو التسليم الذي يفقد شرطا من شروط التسليم الناقل للحيازة و أهمها إرادة نقل للحيازة إلى المتسلم أو إرادة التخلي عن الحيازة من جانب المسلم، فمثل هذا التسليم لا ينفي الاختلاس لأنه لا ينقل حيازة على الشيء وإنما يعطي الآخر مجرد يد عارضة لا تخوله حقا ولا تحمله التزاما . و من ثم فان مجرد التسليم المادي الذي لا ينقل الحيازة ويتكون به يد المستلم على الشيء يدا عارضة لا ينفي الاختلاس .
ومن قبيل هذا التسليم من يسلم كتابا لشخص آخر لمجرد الاطلاع عليه فيهرب به ولا يرده إلى صاحب الكتاب إذ لا يكون صاحب الكتاب هنا قد نقل حيازة الكتاب كاملة أو ناقصة إلى الغير وإنما سلمه له فقط ليطلع عليه تحت إشرافه ومراقبته ثم يرده إليه في الحال ،فيد الغير على الكتاب تكون مجرد يد عارضة ولذا فان رفضه رد الكتاب يعد سرقة .
ومن هذا القبيل أيضا تسلم الشيء لمجرد الاختبار أو التجربة ، فمثل هذا التسليم لا يكون سوى حركة مادية للشيء لا تتجاوز مجرد وضعه بين يدي متسلمه ، لمجرد رؤيته ا فحصه أو تقدير قيمته أو استعماله تحت إشراف ومراقبة حائزه كما لا ينفي الاختلاس التسليم بالإكراه العنف ، والتسليم من قبل فاقد الوعي ، كما سبق لنا بيانه[14].
ثانيا: عدم رضي الحائز المجني عليه.
إن التسليم غير الإرادي للشيء لا يمنع من وقوع الاختلاس إذ في هذه الحالة يكون التملك بالشيء بدون رضاء صاحبه الشرعي،[15] فلا يكفي لتوافر ركن الاختلاس أن تخرج حيازة الشيء من حيازة أو مالكه إلى الغير وإنما يشترط أن يتم ذلك بدون رضا المجني عليه. فإذا وقع برضائه فلا توجد جريمة السرقة لانتفاء ركن الاختلاس لان مالك الشيء أو حائزه يكون قد رضي بالتخلي أو التنازل عن حيازة الشيء فلم تنزع منه قسرا . وحتى يكون الرضا نافيا للاختلاس يجب أن يكون رضا حقيقيا صادرا عن إدراك وإدارة فإذا كان عن طريق التحايل فانه لا يعد رضا صحيحا ، كما يشترط أن يكون الرضاء صادرا قبل وقوع الاختلاس أو معاصرا له وإذا كان لاحقا عليه فانه لا ينفي الجريمة وإنما يمكن أن يكون له أثره في تخفيض العقوبة [16].
الفرع الثاني
محل جريمة السرقة
بالرجوع إلى نص المادة 350 ق ع يجب أن تقع السرقة على شيء منقول غير مملوك للغير و منه لكي تقوم جريمة السرقة يجب أن تتوفر ثلاث شروط في محل السرقة هي:
أولا: أن يكون محل السرقة شــيء مادي.
ثانيا: أن يكون محل السرقة شــيء منقول.
ثالثا: أن يكون محل السرقة مال مملوك للغير.


أولا: أن يكون محل السرقة شــيء مادي.
لا يقع الاختلاس إلا على شيء فلا يقع الاختلاس على الإنسان الذي لا يكون محلا للسرقة بل للحجز أو القبض التعسفي أو للخطف. وكل شيء قابل أن يكون محل سرقة، كما يستفاد ذلك من القضاء الفرنسي الذي يصلح تطبيقه عندنا نظرا لتطابق التشريعين بشان هذه المسألة.
ولا يهم إن كان الشيء غير مشروع ، فمن الجائز أن تنصب السرقة على المخدرات، ويشترط أن يكون للشيء قيمة، فلا يصلح أن يكون محلا للسرقة أعقاب السجائر وأحجار الطرق وقشور البرتقال الخ ....
ولكن لا يشترط أن تكون هذه القيمة تجارية أو مادية فقد تكون قيمة أدبية كالخطابات الحميمة وطوابع البريد المستعملة والصور الفوتوغرافية للأسرة كما لا يشترط أن تكون هذه القيمة كبيرة فقد تكون ضئيلة إذ لا تأثير لتفاهة الشيء مادام له قيمة[17].
ثانيا: أن يكون محل السرقة شــيء منقول:
لقد أجمع الشراح على أن المنقولات وحدها هي التي تصلح محلا للسرقة و علة ذلك أن السرقة لا تتم إلا بأخذ الشيء و نقله من حيازة المجني عليه إلى حيازة الجاني، و هذا لا ينطبق إلا على المنقولات. أما العقارات فلا تصلح محلا للسرقة لأنه لا يمكن نقلها إلى مكان آخر. ويستوي الأمر أن يكون الشيء المنقول من قبل حصول السرقة أو أن يصير منقولا بالسرقة نفسها. و يعتبر منقولا كذلك كل ما كان متصلا في شيء ثابت و صار بفعل السارق منقول ومنه تدخل في حكم المنقول[18] منقولات العقارات بالتخصيص كآلات الزراعة والماشية التابعة للأرض الزراعية والآلات الصناعية في المصنع .وكذلك الحال بالنسبة للعقارات بالاتصال متى فصلت عن المال الثابت كالنوافذ وأبواب المنازل والأشجار والمحاصيل الزراعية والأحجار المنتزعة من الأرض والرمال المنتزعة من الشواطئ.
و حتى إذا لم يرد هذا الشرط صراحة في المادة 350 من قانون العقوبات الجزائري، فالسرقة لا تقع على العقارات لعدم قابليتها للنقل من مكانها.ويعتبر منقولا في القانون الجزائري كل مال يمكن نقله من مكان إلى آخر وهذا يختلف عن معنى المنقول في القانون المدني . ولا أهمية لشكل ونوع وطبيعة المال محل السرقة فكل الأشياء المادية القابلة للانتقال من يد إلى أخرى تكون محلا للسرقة سواء كانت من الأجسام الصلبة أو السائلة أو الغازية ، فالماء والغاز والكهرباء إذا حازه شخص يصبح بذلك ملكا خاصا له يعد منقولا قابلا للسرقة وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 350ق.ع في فقرتها الأخيرة حيث نصت على ما يلي : "وتطبق العقوبات ذاتها أيضا على مختلس المياه والغاز والكهرباء" . وهكذا يعد سارقا من يعطل حركة المؤشر أو يبطئ من سيره أثناء مرور تيـار الكهـرباء، كما يعد سارقا من يوصل الغاز إلى بيته بدون ترخيص من شركة توزيع الغاز وقضي أيضا في فرنسا بقيام السرقة في حق من استولى غشا على كمية من الماء عن طريق وضع أنبوب خلسة، لا يمر على العداد، وكذا المستهلك الخاضع لنظام الدفع الجزافي الذي يضع أنبوبا إضافيا دون علم مصلحة توزيع المياه .
في حين أن تغيير الرقم الحقيقي المبين في العداد إلى رقم اقل منه بواسطة فك العداد لا يعد سرقة، لان كمية الكهرباء ( أو الغاز أو الماء ) وقت أخذها واستهلكها بطريقة مشروعة لان العداد كان يحتسبها في أثناء الأخذ بصورة صحيحة فلم تؤخذ بغير رضاء صاحبها ، أما إنقاص مقدار ما يجب دفعه من ثمن فهذا يعتبر غشا في مقدار دين الشركة على مدينها وهو غش غير مشروع يصلح أن يكون نصبا ولكنه ليس سرقة. أما الأشياء المعنوية فلكونها غير مجسمة لا يتصور انتزاع حيازتها ولذلك لا تكون محلا للسرقة ومثال ذلك الأفكار والآراء والحقوق الشخصية والعينية كحق الاستئجار وحق الارتفاق وحق الانتفاع لكن السندات المثبتة لها تكون محلا للسرقة[19]، أما الوثائق التي تثبتها فتبقى صالحة للسرقة مثاله: رسالة أو سند ملكية أو دين[20].
وعموما أن نتاج الفكر كالآراء والأشعار والألحان والرسم ليست محلا لحق عيني ولذلك لا تقع عليها السرقة وإنما هي محل لحق معنوي ولهذا يحميها القانون حماية خاصة وفقا لقانون حقوق المؤلف بتجريم الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية.[21]
ثالثا –يجب أن يكون محل السرقة مالا مملوكا للغير:
كي تتوافر أركان السرقة يشترط أن يكون محل السرقة مالا غير مملوك للسارق وقت الاختلاس وان يكون هذا المال مملوكا للغير وقت السرقة أيضا .
1- المال غير مملوك للسارق: فالشيء المختلس يجب ألا يكون ملكا للسارق وعلى عكس ذلك أن يكون ملكا لشخص آخر. أما عن القاضي فهو غير ملزم بتعيين صاحب الشيء في حكم الإدانة، بل أن حكمه يبقى صحيحا ولو ظل مالك الشيء مجهولا. ومن يختلس شيئا ملكا له لا يرتكب سرقة ولو كان هذا الشيء في حيازة الغير، [22] ولقد استثنى المشرع من هذه القاعدة بعض الحالات لاعتبارات خاصة، فيعد سرقة:
- اختلاس الأشياء المحجوز عليها، ولو كان حاصلا من مالكها ( المادة 364 فقرة 1).
- استيلاء الشريك أو الوارث على الأموال الشائعة بين الشركاء أو الورثة ( المادة 363).
وتبعا لذلك يعد سارقا الشريك الذي يفتح مخزن الشركة بمفتاح مصطنع ويستولي على شيء من السلع ، وكذلك الحال الفلاح الذي يختلس جزءا من المحصول، والوارث الذي يستولي على بعض الأشياء التي خلفها المورث.[23]
وعليه فان الدفع بالملكية أو الحيازة أمر مهم في مادة السرقة والقاضي الجزائي هو المختص للفصل فيه عندما يتعلق الأمر بالمنقولات طبقا للقاعدة التي تقضى أن المختص في الدعوى هو المختص في الاستثناء أما إذا تعلق الأمر بالعقارات فيعود الاختصاص للنظر فيه إلى القاضي المدني[24].
2-المال مملوك للغير وقت السرقة: لا يكفي لاعتبار الشخص سارقا أن يكون الشيء المختلس غير مملوك له ولكن يجب أن يكون هذا الشيء مملوكا لشخص آخر وقت الاختلاس.
ونتيجة لذلك لا تكون محلا للسرقة الأشياء التي لا مالك لها مثل الأموال المباحة والمتروكة في حين تكون محلا للسرقة الأشياء التي خرجت من حيازة أصحابها ماديــا ولكنها بقيت في ملكيتهم مثل الأشياء المفقودة أو الضائعة.
ا -الأشياء المباحة : ( res nullius ) هو المال الذي لا مالك له إطلاقا ويجوز أن يكون ملكا لأول واضع يد عليه، ومن هذا القبيل الحيوانات والطيور البرية والقطط والكلاب والأسماك والسلاحف الأصداف في البحار والرمال في الصحاري إذا لم تكن الدولة قد وضعت اليد عليها بتحديدها.
لا يعد الاستيلاء على مثل هذه الأموال اختلاسا بل إن الاستيلاء عليها شرعيـا ويـؤدي إلـى ملكيتها قانونا ، ولكن متى أصبحت في حيازة أو ملكية احد تزول عنها صفة المال المباح وتصبح محلا لجريمة السرقة فالأسماك والطيور مثلا تصبح مالا مملوكا بصيدها بمجرد إصابتها إصابة مميتة أو مسكها حية ، والأسماك بدخولها أشباك ولو كانت لا تزال في الماء.
ويجب التمييز بين الأموال المباحة وأموال الدولة ، فالأولى لا مالك لها أما الثانية فهي ملك عمومي تكون مخصصة للنفع العام كالشوارع والميادين والطرق الزراعية والقلاع والحصون والحدائق والشواطئ وهذه الأموال تصلح محلا للسرقة، ولذلك يعد سارقا من يختلس أتربة من الطرق العمومية أو يقطع الأشجار التي تغرس فيها ، كما يعد سارقا من يستخرج الرمل من شط البحر .
ب- الأموال المتروكة: ( res derelectae ) : ويقصد بها الأموال التي تخلي مالكها عن حيازتها المادية والمعنوية بإرادته ، ومن هذا القبيل القاذورات وفضلات الطعام والقمامة والملابس القديمة وأعقاب السجائر .
ولا يعتبر الشيء متروكا إلا إذا انصرفت نية مالكه إلى التخلي عنه نهائيا ويرجع تقدير قيام التخلي النافي للسرقة إلى قاضي الموضوع يستشفه من الوقائع والقرائن .
وغالبا ما يستشف القاضي وجود نية التخلي من تفاهة قيم الشيء ، ومع ذلك فقد تتوافر نية التخلي رغم قيمة الشيء الكبيرة ، والمسألة هنا نسبية فقد يتخلي شخص ثري عن بدلة بعد استعمالها مرة واحدة فقيمة هذه البدلة تافهة في نظر صاحبها وذات قيمة معتبرة في نظر من عثر عليها من المعوزين[25].
* ويثار التساؤل كذلك فيما يخص الحمام الذي يعيش في المدن,هل يعتبر من الأشياء التي لا مالك لها أو من الأشياء المهملة التي لا يشكل الاستحواذ عليها سرقة ؟ أم يستحق الحماية؟ بعد تردد في الفقه و القضاء استقر الرأي على تطبيق نص السرقة على من يستحوذ على الحمام الذي يعيش في المدينة باعتبارها ملكا لها[26].
ج- الأشياء المفقودة: وهي أشياء منقولة مملوكة لشخص معين ضاعت منه فانقطعت حيازته لها لكنه ظل متمسكا بملكيتها وهو يسعى للبحث عنها واستردادها دون أن تدخل بعد في حيازة شخص آخر، كأن تسقط من شخص حافظة نقوده أو يتركها في كان سهوا.
وتختلف الأشياء المفقودة عن الأشياء المباحة وكذا الأشياء المتروكة في كون الأشياء المفقودة لا تخرج عن ملك صاحبها، ولذا فان القانون يعتبره مالكا ويعطيه الحق في استرداد الشيء المفقود من أي شخص يوجد تحت يده ولو كان قد اشتراه بحس نية طالما لم يسقط حقه فيه بالتقادم .
كما تختلف الأشياء المفقودة التي تنقطع حيازة صاحبها لها عن الأشياء التائهة التي لم تزل في حيازة صاحبها لكنه يجهل مكانها كالمسافر الذي نسي أين وضع حقيبته ، فلا جدال في أن الحقيبة تبقى في حيازة صاحبها ومن ثم يعد سارقا من عثر عليها واختلسها .
* ويثار التساؤل حول ما إذا كان الاستيلاء على الأشياء الضائعة التيانقطعت عنها حيازة صاحبها يشكل اختلاسا أم لا ؟.
يتفق الفقه والقضاء في فرنسا على أن التقاط الشيء الضائع بنية التملك يعد سرقة على أساس أن المالك لا يزال متمسكا بنية استرداد الشيء فهو مازال محتفظا بالركن المعنوي للحيازة وإنما فقد الركن المادي لها[27].
الفرع الثالث
الركـن المعنــــوي
لقد عرفت محكمة النقض المصرية القصد الجنائي في جريمة السرقة " أن القصد الجنائي في جريمة السرقة ينحصر في قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الجريمة أنه يختلس المنقول المملوك للغير رغم إرادة مالكه بنية أن يمتلكه هو لنفسه "[28].
من التعريف السابق نستنتج أن الركن المعنوي لجريمة السرقة يحتوى على عنصرين أساسيين هما:
- أولا : القصـد العـــام.
- ثانيا : القصـد الخـاص.
أولا: القصـد العـــــام.
السرقة وبصفتها جريمة قصديه تفترض عند مرتكبها، طبقا للأحكام العامة قصدا عاما أي شعور الشخص انه يرتكب فعلا ممنوعا، فإذا كان الشخص يعتقد انه يختلس شيئا ملكا له أو شيئا مهملا أو غير مملوك فلا تقوم جريمة السرقة[29].و لقيام القصد الجنائي العام في جريمة السرقة يجب أن تنصرف إرادة الجاني إلى تحقيق الجريمة بجميع أركانها مع علمه بان القانون يعاقب على ذلك، وعليه يشترط في السرقة أن يكون الجاني مدركا بان الشيء محل السرقة ملكا لغيره وان تكون لديه إرادة التصرف بدون رضا المالك .
وتأسيسا على ذلك، ينفي الغلط في الواقع توافر القصد الجنائي ، وهكذا قضى في فرنسا بعدم قيام السرقة في حق من اخذ ، عند مغادرته المطعم معطف غيره خطأ معتقدا انه معطف لتشابه المعطفين ، ولا في حق من اعتقد صادقا أن مالك الشيء راض عن الفعل أو تنازل عن الشيء[30].



ثالثا: القصـد الخــاص.
يطرح التساؤل حول ما إذا كانت جريمة السرقة تقتضي قصدا جنائيا خاصا يتمثل في نية التملك، أي ضم ما استولى عليه الجاني لملكه أو لملك غيره.
كان القضاء يشترط توافر قصد خاص( Dolus generails) ويتمثل عند الشخص في نية التملك بالشيء المختلس أو التصرف فيه بصفته المالك، فلا تقوم سرقة في حق من اختلس شيئا ملكا للغير بنية المزاح أو للاطلاع عليه أو استعماله مؤقتا ثم رده لا يعتد بالباعث الذي دفع بالمجرم إلى ارتكاب السرقة قد يسرق الشخص بدافع الاحتياج أو دافع الأضرار بغيره أو دافع الانتقام منه فلا أهمية لذلك[31].
وتأسيسا على ذلك قضي في فرنسا بأنه لا يعد سارقا من يختلس كتابا في غيبة صاحبه ليطلع على محتواه ويرده في الحال ، أو من يختلس سيارة بقصد استعمالها في نزهة ثم ردها.
ثم تطور موقف القضاء في اتجاه عدم اشتراط نية التملك لقيام جريمة السرقة وأصبح يكتفي بمجرد استعمال الشيء ولو مؤقتا متى توفرت لدى الجاني في تلك الفترة نية التصرف في الشيء تصرف المالك.
كما قضي بتوافر الركن المعنوي في حالة طبع أو استنساخ وثائق، وهكذا قضت محكمة النقض الفرنسية بقيام السرقة في حق مستخدم استنسخ وثائق كانت في حوزته، وذلك بدون علم وبغير رضا رب العمل، مالك الوثائق ولا يعتد بالباعث في جريمة السرقة، وهكذا قضي في فرنسا بقيام السرقة في حق عمال مصلحة الغابات الذين لم يتقاضوا راتبهم الشهري فقاموا ببيع حطب رب العمل للحصول على مقابل راتبهم ، ونفس الحكم صدر في حق عمال اعتبروا أن جزء من أجورهم مهضوم فقاموا ببيع جزء من سلع مستخدمهم وتقاسموا ثمن البيع . كما قضي بقيام جريمة السرقة في حق من استولى على صحف في كنيسة لإتلافها وذلك للحيلولة دون بث أفكار يدعي بأنها خبيثة[32].
و بهذا نكون قد انتهينا من دراسة جريمة السرقة التقليدية من خلال المواد الجزائية الجزائرية، لنتقل في المطلب الثاني إلى دراسة جريمة السرقة المعلوماتية في ضوء القانون المقارن.
و بهذا نكون قد تطرقنا إلى دراسة أركان جريمة السرقة التقليدية، و لننتقل بعدها إلى دراسة القواعد الخاصة بجريمة السرقة الإلكترونية و نشرح الموضوع بالتفصيل في المطلب الثاني.

[1]- دردوس مكي، القانون الجنائي الخاص في التشريع الجزائري، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005، ص14.

[2]_ أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائري الخاص، الجرائم ضد لأشخاص و الجرائم ضد الأموال، الجزء الأول،الطبعة الثالثة، دار هومة للطباعة و النشر، الجزائر، 2005، ص247.

[3]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص248.

[4]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

-[5] أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص248 -249.

-[6]دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[7]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص249.

[8]- أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص249.

[9]_دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[10]- و يرى القضاء انه لا مانع من اعتبار الفعل سرقة في حالة حصول التسليم في حالة الضرورة أو بصفة قصريه أن المدعى عليه الذي يتسلم وثيقة من خصمه بهدف الاطلاع والرد عليها ثم يرفض إرجاعها إلى الملف يرتكب السرقة يبرر هذا الحل بالقول إن التسليم في الحالة الأولى لم يكن إراديا وانه في الحالة الثانية وقع لضرورة الإجراءات.

[11]- جندي عبد المالك، الموسوعة الجنائية، رشوة- ظروف الجريمة، الجزء الرابع، الطبعة الثانية، دار العلوم للجميع، لبنان، دون سنة النشر، ص 162-163.


[12] -2أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 252_الي255.



[14]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[15]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق ، ص 255.

[16]_ أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص 257.

[17]- دردوس مكي، المرجع السابق.ص17.

[18]_ جندي عبد المالك، المرجع السابق، ص 200.

[19]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 257-258.

[20]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[21]_ أحسن بوسقيعة، نفس المرجع ، ص 258.

[22]_ دردوس مكي، المرجع نفسه ، ص 17.

[23]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق ، ص 262.

[24]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 17.

[25]- أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 263-264.

[26]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص18.

[27]- أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 264 – 265.

[28]_ جندي عبد المالك، المرجع السابق، ص 233.

[29] _.دردوس مكي، المرجع السابق، ص 18.

[30]- أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص 265.

[31]- دردوس مكي، المرجع السابق، ص 18.

[32]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 266-267.









قديم 2009-06-12, 22:53   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الأول
مدى انطباق النصوص التقليدية على الجريمة الالكترونية
درسنا في الفصل التمهيدي الجرائم المعلوماتية بصفة عامة ،وقد بينا فيه بيان الجريمة الالكترونية وماهية الجريمة الالكترونية وأوضحنا خصائص هذه الجريمة وما يميزها عن غيرها،لننتقل إلى عرض صور الجريمة المعلوماتية ،فوجدنا أن المعلوماتية لم تعد مجرد وسيلة لإلحاق الضرر بالغير ،بل أن قدرتها على معالجة البيانات ونقلها سواء في شكل منتجات أو خدمات مستحدثة اكتسبت قيمة تجارية ذات طابع مالي وهو ما هيأ الفرصة لظهور قيمة اقتصادية مستحدثة.
_ وموضوع دراستنا في هدا الفصل هو الإشكال الذي تثيره جرائم الاعتداء على الأموال الناجمة عن استخدام الحواسيب المرتبطة بشبكة الانترنت تساؤلات عدة حول طبيعة الاعتداءات،ومدى كفاية النصوص التقليدية لمواجهتها؟؟؟.
فإذا كان موضوع الاعتداء على الأموال في نطاق المعالجة الآلية للمعلومة ينصب على الحاسب الالى ذاته و ما يرتبط به من أسلاك وما يتعلق به من ملحقات،فإنه لم يعد هناك صعوبة فى تطبيق النصوص الجزائية التقليدية كون الأمر يتعلق بمال مادي منقول وفق المفهوم التقليدي الدارج ،أما إذا وقع الاعتداء على ما يتعلق بفن الحاسب الآلي من برمجيات (soft ware)ونظم ،فإن النصوص التقليدية تأتى قاصرة عن حمايتها لهذا المال من طابع خاص غير تقليدي.
وفى نطاق شبكة الانترنت ،يعتبر الحاسب الآلي أداة سلبية لارتكاب الجريمة ضد الفرد،إذا استخدم الحواسب المرتبطة بشبكة الانترنت كوسيلة لتنفيذ الجرائم والاعتداء على أموال الغير والتي اتخذت صور مستحدثة لهذا برزت الدعوى إلى فرض الحماية الجنائية من مخاطر استخدام شبكة الانترنت ممثلة بالنظام والبرامج والبيانات المتبادلة عبرها.
وللإجابة على هذه الإشكالية ،ندرس الجرائم المتعلقة بالاعتداءات على الأموال الالكترونية من خلال التفصيل في جرائم واقعة على المعلوماتية وعما إذا كانت النصوص التقليدية الحالية تكفى لمواجهة هذه الجرائم الجديدة أم لا؟؟وذلك من خلال شرح جريمة السرقة المعلوماتية في المبحث الأول ،و في المبحث الثاني جريمة التزوير المعلومات،وجريمة خيانة الأمانة في المعلوماتية في مبحث ثالث.



المبحث الأول
جريمة السرقة بين المفهوم التقليدي والالكتروني
الواقع أن لموضوع جرائم الاعتداء على المال الإلكتروني أهمية متزايدة سواء من الناحية العملية أو النظرية. فنظريا ينطبق على مجموعة من جرائم الأموال التي لا ستهان بها ومن أهمها السرقة، و عمليا يمس الإجرام الواقع على المال الإلكتروني كثير من مصالح المجتمع وعلى وجه الخصوص البنوك من خلال التعامل الإلكتروني و السحب من الأرصدة بواسطة بطاقات الائتمان أو الدفع الإلكتروني و التجارة الإلكترونية.
و تفتح الثورة المعلوماتية مجالا جديدا لخلق أدوات جديدة في التعامل فبعد أن كان الإثبات في الجرائم عبارة عن مستندات مادية و ورقية أصبحت معظم المستندات المالية عبارة عن تسجيلات و شرائط و اسطوانات، بل الأكثر خطورة من ذلك أصبحت عبارة عن قيمة مالية للمعلومات المسجلة على هذه الأوساط.
و بما أن ظاهرة الإجرام الإلكتروني تتعلق بكل سلوك غير شرعي أو غير مسموح يتعلق بالمعلوماتية ( المعالجة الآلية للبيانات و المعلومات أو نقل هذه البيانات) فهذه المعالجة الآلية غير الشرعية تدفعنا إلى إعمال نصوص القانون الجنائي الذي يعتبر حتى وقتنا هذا عاجز في معظم نصوصه عن مواجهة التطور المعلوماتي، و ذلك للإشكال المطروح حول مدى إمكانية تطبيق قواعد السرقة التقليدية على السرقة الإلكترونية، و لم يطرح هذا الموضوع إشكالات فقط على مستوى الفقه و القضاء الجزائري بل هي إشكالية واسعة المجال تمتد إلى جميع القارات في العالم ككل تجعل قانون عقوبات هذه الدول يخضع لامتحان يحدد مدى مرونة هذه القوانين وقابليتها للتجديد و التطور، نظرا لأن الصورة الغالبة لسرقة المال المعلوماتي المعنوي، أن أمكن الوصف تأخذ صورة اختلاس البيانات و المعلومات ، و الإفادة منها باستخدام السارق للمعلومات الشخصية – مثل الاسم ، العنوان – الخاصة بالمجني عليه و الاستخدام غير الشرعي لشخصية المجني عليه ليبدأ بها عملية السرقة المتخفية عبر الانترنت بحيث تؤدي بالغير إلى تقديم الأموال الكترونية أو المادية إلى الجاني. فيثور التساؤل فيما إذا كان الاعتداء بسرقة المعلومات المادية ، و المخزنة في قواعد البيانات أو المتبادلة عبر خطوط الإنترنت، تشكل جريمة السرقة بنفس المفهوم الذي تشير إليه قواعد السرقة الإلكترونية ؟ أم أنها تختلف عنها ؟ أم أن هذا النوع من الاختلاس لا يعد أصلا من قبيل الأعمال الموصوفة بالسرقة وفقا لقانون العقوبات؟
و للإجابة على كل هذه التساؤلات نتعرض بالدراسة لشرح جريمة السرقة التقليدية وفقا للقانون الجزائري ثم ندرس أحكام السرقة الإلكترونية وفقا لمنهج مقارن باستعراض مختلف الآراء الفقهية العربية و الغربية و كذا موقف القضاء من الموضوع محل الدراسة،؟ لننتقل بعدها إلى عملية المطابقة بين أحكام السرقة التقليدية و السرقة الإلكترونية و كل ذلك تبعا للخطة التالية:
المطلب الأول: أركان جريمة السرقة التقليدية في القانون الجزائري.
المطلب الثاني: القواعد الخاصة بجريمة السرقة الإلكترونية.
المطلب الثالث: مدى تطابق أركان جريمة السرقة الإلكترونية مع أركان جريمة السرقة التقليدية.
المطلب الأول
أركان جريمة السرقة في القانون الجزائري
السرقة هي أول الجرائم الواردة في الفصل الثالث من التقنين الجزائي الجزائري لسنة 1966تحت عنوان : الجنايات والجنح و المخالفات .
يعرفها المشرع في المادة 350 من قانون العقوبات( كل من اختلس شيء غير مملوك له يعد سارقا و يعاقب بالحبس من 1 سنة إلى 5 خمس سنوات بغرامة من 100.000 دج الى 500.000 دج .
و تطبق نفس العقوبة على اختلاس المياه و الغاز و الكهرباء يجوز أن يحكم على الجاني علاوة على ذلك بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر 1 لمدة سنة على الأقل و 5 خمس سنوات على الأكثر، و بالمنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 12 و 13 من هذا القانون .
و يعاقب على الشروع في هذه الجنحة بالعقوبات ذاتها المقررة للجريمة التامة ) في أركانها التكوينية ويحدد عقوبتها في حالتها البسيطة ثم يعلن عن معاقبة المحاولة فيها وعن تطبيق نفس العقوبة على مختلس المياه والغاز والكهرباء ويخصص المواد من 351 إلى 354 للسرقة في صورتها المشددة وبوصفها جناية فيذكر حالات التشديد والعقوبات المنوطة بها . أما المواد: 355-356-357-358-360 فان المشرع أعدها للتدليل. على التوالي على مفهوم السكن المسكون والكسر والتسلق أو المفاتيح المصطنعة والطرق العمومية مضيفا في المادة 359 عقوبة الحبس لمقلد ومزيف المفاتيح أما المواد: 361-362-363-364-365 فان المشرع أخرجها لمعاقبة أنواع خاصة من السرقة أو لسد ثغرات كشفت عنها الممارسة اليومية مثل ما جاء في المادتين 366 و367 أخيرا فان المشرع اعد المادتين 370 و371 لمعاقبة من ينتزع شيئا بالقوة أو يحصل عليه بطريق التهديد ... وخصص المادتين 368 و369 لمعالجة حالات الإعفاء في السرقة المرتكبة بين أفراد العائلة[1].
و من خلال التعريف الوارد في المادة 350 ق.ع جزائري للسرقة كما يلي : "كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا "ومن هذا التعريف يبين أن جريمة السرقة تقوم على ثلاثة أركان هي:
- الفرع الأول : فعل الاختلاس ، وهو الركن المادي للجريمة .
- الفرع الثاني : محل الجريمة ، ويتمثل في شيء منقول مملوك للغير .
- الفرع الثالث : القصد الجنائي، وهو الركن المعنوي للجريمة.[2]
الفرع الأول
الركــن المـــــادي
للركن المادي عنصران وهما:
أولا: فعــل الاختــــــلاس.
ثانيا: عدم رضي الحائز المجني عليه.
أولا: فعل الاختلاس.
لم يحدد القانون معنى الاختلاس ، وهو الركن الأساسي في جريمة السرقة ، وفي غياب تعريف صريح يتفق الفقه والقضاء على أن: " الاختلاس هوالاستيلاء على شيء بغير رضا مالكه أو حائزه " .ولقد تطور مفهوم الاختلاس فلم يعد محصورا في الاستيلاء على الشيء إذ أصبح من المسلم به اليوم أن تسليم الشيء لا ينفي الاختلاس.
ويقوم الاختلاس على عنصرين : عنصر مادي ، وهو الاستيلاء على الحيازة ، وعنصر معنوي ، وهو عدم رضا مالك الشيء أو حائزه عن الفعل .
1_الاستيلاء على الشيء : يتحقق الاختلاس بالاستيلاء على الشـيء أي بنقل الشيء أو نزعه من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازة الجاني .
وهذا يقتضي أن يقوم الجاني بحركة مادية يتم بها نقل الشيء إلى حيازته مهما كانت الطريقة المستعملة سواء النزاع أو السلب أو الخطف أو النـقـل أو أية طريقة أخرى .
وكل ما يشترط هو أن يقع الاستيلاء على الشيء بفعل الجاني ولذلك ليس من الضروري أن يكون بيده فيعد سارقا الشخص الذي يدرب كلبا على السرقـة أو الذي يستعمل آلة لارتكاب السرقة.
ويشترط أيضا لكي يعد الفاعل سارقا أن ينقل الشيء إلى حيازتـه ، أمــا إذا اعدم في مكانه فالفعل يعد إتلافا وليس اختلاسا ، ولكن لا يلزم أن يحتفظ الجاني بالشيء في حوزته ، فقد يتخلى عن حيازته لأخر وقد يستهلكه كذلك في الحال إذا كان من المأكولات أو المشروبات .
يترتب على تحديد الاختلاس على النحو السابق نتيجتان :
النتيجة الأولى: لا يتحقق الاختلاس إذ كان الشيء موجودا أصلا في حوزة المتصرف : فإذا كان الشيء في حوزة الجاني من قبل وامتنع عن رده إلى مالكه الأصلــي أو حائزه أو تصرف فيه تصرفا ضارا فلا يعتبر سارقا لأنه لا ينقل الشيء برفضه أو تصرفه وإنما يستبقيه، الاستبقاء لا يحقق الاختلاس الذي يتحقق بالنقل فقط [3].
النتيجة الثانية: لا يعتبر مختلسا البائع الذي يحبس المبيع بين يديه بعد أن يتسلم ثمنه: وكذلك من يعثر على شيء ملك للغير فيأخذه بدون سوء نية ثم يمسكه بنية التملك.[4]
ومما سبق ، نستخلص أن الاختلاس ينتفي إذا كان المال في حيازة الجاني ابتداء غير انه يشترط أن يظل الشخص محتفظا بالحيازة فان نقلها إلى الضحية ولو لمدة قصيرة ثم اختلسها يعد سارقا، فالبائع الذي يسلم البضاعة للمشتري أو يضعها تحت تصرفه ثم يختلس البعض منها فيما بعد يعد سارقا، كذلك الحال بالنسبة للدائن الذي يحرر مخالصة لمدينه تحت تصرف المدين وإذا ما قبض الدين اختلسها.
2- التسليم يمنع توافر الاختلاس: ينتفي الاختلاس بالتسليم سواء كان حرا أو مبنيا على خطأ أو مشوبا بغلط أو نتيجة تدليس، و تسليم الشيء يتناف مع نزع الحيازة.
ولكن لا ينتفي الاختلاس بأي تسليم إنما يشرط لذلك أن يكون التسليم حاصلا من شخص له صفة على الشيء المسلم ، وان يكون صادرا عن وعي واختيار، وان يكون بقصد نقل الحيازة الكاملة أو الناقصة، كما نوضح في ما يلي :
أ- شروط التسليم النافي للاختلاس : يشترط فيه ما يأتي :
1– يجب أن يكون التسليم حاصلا من شخص له صفة على الشيء المسلم : يقتضي التسليم النافي للاختلاس أن يكون قد حصل من شخص له صفة على الشيء كمالكه أو حائزه ، وأما إذا حصل من شخص لا صفة له على الشيء فلا ينفي هذا التسليم قيام الاختلاس .
2- يجب أن يكون التسليم قد حصل عن إدراك واختيار : ويقصد به التسليم الحر، وعلى هذا الأساس لا ينتفي الاختلاس بالتسليم الحاصل من الطفل غير المميز أو المجنون أو من المعتوه أو السكران أو النائم أو المكره ماديا أو معنويا وهكذا قضى في فرنسا بقيام جنحة السرقة في حق من استلم شيئا من شخص غير مميز بسبب صغر سنه، أو ناقص التمييز.
ويكون التسليم حاصلا عن إدراك واختيار ، ولو بني على خطا أو كان مشوبا بغلط أو كان نتيجة تدليس .
-التسليم الحاصل بخطأ : ينتفي الاختلاس بالتسليم إذا حصل بخطأ لأنه تم عن إرادة واختيار وإدراك، وفي هذه الحالة لا يمكن القول أن الفاعل انتزع حيازة الشيء من صاحبه ، فالخطأ الذي وقع به التسليم يرتب المسؤولية المدنية ليس إلا .والأمثلة على ذلك كثيرة كمن يسلم شخصا ورقة نقدية بألف دينار ظنا منه أنها ورقة بخمس مائة دينار يصرفها له فيعطيه بدلها نقودا معدنية قيمتها بخمس مائة دينار فقط وهو يعلم حقيقة الورقة النقدية التي تسلمها .
أو العكس إذ أعطاه ورقة بخمس مائة دينار فاعتقد الصراف أنها من فئة ألف دينار وصرفها له على هذا الأساس .
ومن هذا القبيل أيضا الدائن الذي يستلم من المدين مبلغا يزيد عن الدين دفعه خطا ولا تهم هنا نية المستلم فسيان أن يكون حسنا أو سيء النية .[5] فالقضاء الفرنسي كان يعتبر التسليم في حالة جهل قيمة أو طبيعة الشيء المسلم تسليما غير إرادي سرقة لكن الفقه استنكر هذا الحل واعتبره توسعا في التجريم يتعارض مع مبادئ القانون الجنائي, رغم تطابقه مع الحلول التي يقول بها القانون المدني إذ يعتبر الخطأ من عيوب الرضاء .
وكذلك الحال بالنسبة للموظف الذي يحول لحسابه خطا راتبا شهريا يفوق راتبه.[6]
وعلى ذلك قضى في فرنسا حديثا بعدم قيام الاختلاس في حق من استغل خللا في سير الموزع الآلي للبنزين فحصل على كمية من البنزين بسعر اقل من سعرها الحقيقي.
وقد يكون الخطأ واقعا على شخصية المسلم كمن يسلم الدين لغير الدائن أو كساعي البريد الذي يسلم طردا إلى غير المرسل إليه ففي الحالتين ينتفي الاختلاس.
التسليم المشوب بالغش: ينفي التسليم المشوب بالغش ركن الاختلاس للأسباب نفسها، وهي أن التسليم قد حصل باختيار المسلم ولم تنزع منه حيازة الشيء.
وعلى هذا الأساس يكون التسليم عن إدراك واختيار إذا حصل ممن يملك الشيء ولو لجأ المستفيد من الشيء إلى استخدام الغش والتدليس لاستلامه فهذه الأساليب مهما بلغت جسامتها لا يمكن أن يتوفر بها ركن الاختلاس في السرقة وان جاز أن تقوم بها جريمة النصب .
وهكذا لا يعتبر اختلاسا استخدام أساليب الغش للاستيلاء على نقود لاعبي القمار أو إخفاء قطع من النقود أثناء استلام صرف ورقة مالية أو الغش في كمية المبيع بإخفاء بعضه أثناء عده أو كيله أو وزنه .
وبالمقابل يقوم الاختلاس بالتسليم الحاصل بخطأ إذا كان الخطأ نتيجة لغش أو تدليس ، بشرط أن لا يكون الضحية هي المتسببة في الخطأ وإلا انتفى الاختلاس كما بينا سابقا ، ومن ثم لا يقوم الاختلاس إلا إذا كان الغير هو المتسبب في الخطأ .
وهكذا قضي في فرنسا بقيام الاختلاس في حق مدير تجاري بشركة قدم طلبا لاقتناء المازوت لحساب الشركة ودفع الثمن من مالها ثم أمر موزع البنزين بتسليمه البضاعة ببيته ليس بمقر الشركة[7].
_ مسألة التسليم الرمزي : ليس من الضروري أن يكون تسليم المنقولات بالمناولة فالمادة 367 قانون مدني جزائري تجيز التسليم الرمزي ويقصد به أن " يتم التسليم بوضع المبيع تحت تصف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يتسلمه تسلما ماديا ما دام البائع قد اخبره بأنه مستعد لتسليمه ذلك ، ويحصل التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع " . ومن قبيل التسليم الرمزي تسليم مفتاح المخزن الذي يحتوى الشيء المبيع ،فلا يرتكب جريمة السرقة المشترى إذا تصرف في الشيء المبيع حتى لو لم يكن بعد قد دفع الثمن لان حيازة الشيء قد انتقلت إليه نهائيا بهذا التسليم الرمزي .
أما إذا كان صاحب الأشياء لم يسلم المفتاح إلى الشخص إلا بقصد معاينة الأشياء تحضيرا لاستئجارها مثلا فاختلس هذا الشخص بعض الأشياء من المخزن ، ففي مثل هذه الحالة يعد الشخص سارقا لان وضع يده على الأشياء لم تكن إلا يدا عارضة .
وإذا كان تسليم المفتاح قد تم بناء على عقد إيجار فان تصرف المستأجر في الأشياء المسلمة إليه يكون تبديدا لا سرقة لان صاحب الأشياء قد نقل إليه الحيازة الناقصة.)[8]



و لقد طبق القضاء هذه النظرية بصفة شاسعة.[9]، مما يمنحنا العديد من الأمثلة التطبيقية.[10]
3- يجب أن يكون التسليم بقصد نقل الحيازة كاملة بقصد التمليك: أو ناقصة أي على سبيل الأمانة: و الحيازة نوعين، الحيازة الكاملة ( possession proprement dite) والحيازة الناقصة ( possession prècaire ) فالحيازة الكاملة تكون لمن يضع يده على الشيء بصفة المالك، و هي تتكون من ركنين: المادي و الأدبي، و الحيازة الناقصة تكون لمن يضع يده على الشيء بمقتضى سند لا يخوله أي حق في الملكية بل يشعر باعترافه بحق الغير فيها كالمرتهن والمستأجر و غيرهم ممن يحوزون الشيء على ذمة الغير، و هذه الحيازة تنقل إلى الحائز الركن الــمادي فقط، و يبقى للمالك الركن الأدبي. أما الحيازة المادية فلا يترتب عليها غير وضع الشيء بين يدي مستلمه لغرض وقتي و لا يخول للمستلم أي حق على الشيء لا لنفسه ولا لذمة غيره، بل تكون يده على الشيء يدا عارضة، و يبقى للمالك الركن المادي فضلا عن الركن الأدبي.[11]
يمكن تعريف الحيازة بأنها سيطرة إرادية للشخص على الشيء، سيطرة تمكنه من الانتفاع به أو تعديله أو تحطيمه أو نقله وعلى هذا الأساس فهي حالة واقعية وليست مركزا قانونيا.
والأصل أن تثبت الحيازة للمالك، ومع ذلك فقد تثبت لغيره ولذلك فهي إما كاملة وإما ناقصة.
فأما الحيازة الكاملة أو التامة فتكون لمالك الشيء لو لم يدعي ملكيته ، سواء أكان حسن النية أو سيء النية ، كالسارق خائن الأمانة. وأما الحيازة المؤقتة أو الناقصة فتكون من يحوز شيء بمقتضى سند يخوله الجانب المادي في الحيازة دون الملكية التي تظل لغيره ، كالمستأجر الدائن المرتهن رهنا حيا زيا والعامل الذي يعهد إليه بشيء لإصلاحه والمستعير والمودع لديه والوكيل : فالحائز في هذه الحالات وان كانت لديه بعض مظاهر العنصر المادي للحيازة إلا أن الحيازة تكون لحساب المالك .
يشترط في الحيازة السابقة المعتدي عليها أن تكون أولا لغير الجاني، فإذا كانت الحيازة بيد الجاني لا يقوم الاختلاس. ولا يشترط أن يكون هذا الغير حائزا للشيء بسند مشروع ، إذ تتحقق الحيازة السابقة ولو كانت حيازة الغير للشيء جاءت نتيجة سرقة وقعت منه ، فإذا اختلس الغير هذا الشيء المسروق وقعت جريمة جديدة يكون فيها السارق السابق مجنيا عليه في سرقة جديدة ويجد هذا الحل سنده في كون الحيازة مركزا واقعيا لا قانونيا .
كما يشترط أن تكون حيازة غير الجاني المعتدي عليها إما كاملة وإما ناقصة على المعنى الذي سبق توضيحه ، أما في حالة اليد العارضة على الشيء فلا تكون الحيازة لواضع اليد ، وإنما تكون لمن له السيطرة على الشيء ويكون هو المجني عليه في اختلاس هذا الشيء .فالمسافر لا يفقد حيازته لحقيبته لمجرد أن يكلف حمالا بنقلها له أن المطار إلى خارجه إذ تظل له السيطرة الفعلية على الحقيبة بينما لا يكون للحمال على الحقيبة إلا اليد العارضة فإذا اختلسها كان سارقا وإذا اختلسها من الحمال آخر كان سارقا وكان المسافر هو المجني عليه في الجريمة لا الحمال .
ويعتبر الشيء في حيازة الغير ، ولو كان الغير قد أودعه في آلة من آلات التسليم الميكانيكي التي تبيع السلع للجمهور، كالماكينات المخصصة لبيع المشروبات أو الحلويات إذ تظل الحيازة لمالكها ولو كان قد تركها وانصرف ومن هنا فان الاعتداء عليه يعتبر اعتداء على حيازة الغير.[12]
ومن ناحية أخرى، لا يعتبر مختلسا المدين الذي يقترض مالا ثم يرفض سداده وان كان عازما على عدم السداد من أول الأمر. وكذا البائع الذي يمتنع عن تسليم المبيع بعد قبض الثمن والمشترى الذي يمتنع عن دفع الثمن بعد استلام المبيع ، فلا يعد البائع سارقا للثمن ولا المشترى سارقا للشيء لان كلا منهما تسلم الشيء على سبيل التمليك
وهو ما خلصت إليه محكمة النقض الفرنسية في دعاويها.[13].
ب- التسيلم غير النافي للاختلاس : وهو التسليم الذي يفقد شرطا من شروط التسليم الناقل للحيازة و أهمها إرادة نقل للحيازة إلى المتسلم أو إرادة التخلي عن الحيازة من جانب المسلم، فمثل هذا التسليم لا ينفي الاختلاس لأنه لا ينقل حيازة على الشيء وإنما يعطي الآخر مجرد يد عارضة لا تخوله حقا ولا تحمله التزاما . و من ثم فان مجرد التسليم المادي الذي لا ينقل الحيازة ويتكون به يد المستلم على الشيء يدا عارضة لا ينفي الاختلاس .
ومن قبيل هذا التسليم من يسلم كتابا لشخص آخر لمجرد الاطلاع عليه فيهرب به ولا يرده إلى صاحب الكتاب إذ لا يكون صاحب الكتاب هنا قد نقل حيازة الكتاب كاملة أو ناقصة إلى الغير وإنما سلمه له فقط ليطلع عليه تحت إشرافه ومراقبته ثم يرده إليه في الحال ،فيد الغير على الكتاب تكون مجرد يد عارضة ولذا فان رفضه رد الكتاب يعد سرقة .
ومن هذا القبيل أيضا تسلم الشيء لمجرد الاختبار أو التجربة ، فمثل هذا التسليم لا يكون سوى حركة مادية للشيء لا تتجاوز مجرد وضعه بين يدي متسلمه ، لمجرد رؤيته ا فحصه أو تقدير قيمته أو استعماله تحت إشراف ومراقبة حائزه كما لا ينفي الاختلاس التسليم بالإكراه العنف ، والتسليم من قبل فاقد الوعي ، كما سبق لنا بيانه[14].
ثانيا: عدم رضي الحائز المجني عليه.
إن التسليم غير الإرادي للشيء لا يمنع من وقوع الاختلاس إذ في هذه الحالة يكون التملك بالشيء بدون رضاء صاحبه الشرعي،[15] فلا يكفي لتوافر ركن الاختلاس أن تخرج حيازة الشيء من حيازة أو مالكه إلى الغير وإنما يشترط أن يتم ذلك بدون رضا المجني عليه. فإذا وقع برضائه فلا توجد جريمة السرقة لانتفاء ركن الاختلاس لان مالك الشيء أو حائزه يكون قد رضي بالتخلي أو التنازل عن حيازة الشيء فلم تنزع منه قسرا . وحتى يكون الرضا نافيا للاختلاس يجب أن يكون رضا حقيقيا صادرا عن إدراك وإدارة فإذا كان عن طريق التحايل فانه لا يعد رضا صحيحا ، كما يشترط أن يكون الرضاء صادرا قبل وقوع الاختلاس أو معاصرا له وإذا كان لاحقا عليه فانه لا ينفي الجريمة وإنما يمكن أن يكون له أثره في تخفيض العقوبة [16].
الفرع الثاني
محل جريمة السرقة
بالرجوع إلى نص المادة 350 ق ع يجب أن تقع السرقة على شيء منقول غير مملوك للغير و منه لكي تقوم جريمة السرقة يجب أن تتوفر ثلاث شروط في محل السرقة هي:
أولا: أن يكون محل السرقة شــيء مادي.
ثانيا: أن يكون محل السرقة شــيء منقول.
ثالثا: أن يكون محل السرقة مال مملوك للغير.


أولا: أن يكون محل السرقة شــيء مادي.
لا يقع الاختلاس إلا على شيء فلا يقع الاختلاس على الإنسان الذي لا يكون محلا للسرقة بل للحجز أو القبض التعسفي أو للخطف. وكل شيء قابل أن يكون محل سرقة، كما يستفاد ذلك من القضاء الفرنسي الذي يصلح تطبيقه عندنا نظرا لتطابق التشريعين بشان هذه المسألة.
ولا يهم إن كان الشيء غير مشروع ، فمن الجائز أن تنصب السرقة على المخدرات، ويشترط أن يكون للشيء قيمة، فلا يصلح أن يكون محلا للسرقة أعقاب السجائر وأحجار الطرق وقشور البرتقال الخ ....
ولكن لا يشترط أن تكون هذه القيمة تجارية أو مادية فقد تكون قيمة أدبية كالخطابات الحميمة وطوابع البريد المستعملة والصور الفوتوغرافية للأسرة كما لا يشترط أن تكون هذه القيمة كبيرة فقد تكون ضئيلة إذ لا تأثير لتفاهة الشيء مادام له قيمة[17].
ثانيا: أن يكون محل السرقة شــيء منقول:
لقد أجمع الشراح على أن المنقولات وحدها هي التي تصلح محلا للسرقة و علة ذلك أن السرقة لا تتم إلا بأخذ الشيء و نقله من حيازة المجني عليه إلى حيازة الجاني، و هذا لا ينطبق إلا على المنقولات. أما العقارات فلا تصلح محلا للسرقة لأنه لا يمكن نقلها إلى مكان آخر. ويستوي الأمر أن يكون الشيء المنقول من قبل حصول السرقة أو أن يصير منقولا بالسرقة نفسها. و يعتبر منقولا كذلك كل ما كان متصلا في شيء ثابت و صار بفعل السارق منقول ومنه تدخل في حكم المنقول[18] منقولات العقارات بالتخصيص كآلات الزراعة والماشية التابعة للأرض الزراعية والآلات الصناعية في المصنع .وكذلك الحال بالنسبة للعقارات بالاتصال متى فصلت عن المال الثابت كالنوافذ وأبواب المنازل والأشجار والمحاصيل الزراعية والأحجار المنتزعة من الأرض والرمال المنتزعة من الشواطئ.
و حتى إذا لم يرد هذا الشرط صراحة في المادة 350 من قانون العقوبات الجزائري، فالسرقة لا تقع على العقارات لعدم قابليتها للنقل من مكانها.ويعتبر منقولا في القانون الجزائري كل مال يمكن نقله من مكان إلى آخر وهذا يختلف عن معنى المنقول في القانون المدني . ولا أهمية لشكل ونوع وطبيعة المال محل السرقة فكل الأشياء المادية القابلة للانتقال من يد إلى أخرى تكون محلا للسرقة سواء كانت من الأجسام الصلبة أو السائلة أو الغازية ، فالماء والغاز والكهرباء إذا حازه شخص يصبح بذلك ملكا خاصا له يعد منقولا قابلا للسرقة وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 350ق.ع في فقرتها الأخيرة حيث نصت على ما يلي : "وتطبق العقوبات ذاتها أيضا على مختلس المياه والغاز والكهرباء" . وهكذا يعد سارقا من يعطل حركة المؤشر أو يبطئ من سيره أثناء مرور تيـار الكهـرباء، كما يعد سارقا من يوصل الغاز إلى بيته بدون ترخيص من شركة توزيع الغاز وقضي أيضا في فرنسا بقيام السرقة في حق من استولى غشا على كمية من الماء عن طريق وضع أنبوب خلسة، لا يمر على العداد، وكذا المستهلك الخاضع لنظام الدفع الجزافي الذي يضع أنبوبا إضافيا دون علم مصلحة توزيع المياه .
في حين أن تغيير الرقم الحقيقي المبين في العداد إلى رقم اقل منه بواسطة فك العداد لا يعد سرقة، لان كمية الكهرباء ( أو الغاز أو الماء ) وقت أخذها واستهلكها بطريقة مشروعة لان العداد كان يحتسبها في أثناء الأخذ بصورة صحيحة فلم تؤخذ بغير رضاء صاحبها ، أما إنقاص مقدار ما يجب دفعه من ثمن فهذا يعتبر غشا في مقدار دين الشركة على مدينها وهو غش غير مشروع يصلح أن يكون نصبا ولكنه ليس سرقة. أما الأشياء المعنوية فلكونها غير مجسمة لا يتصور انتزاع حيازتها ولذلك لا تكون محلا للسرقة ومثال ذلك الأفكار والآراء والحقوق الشخصية والعينية كحق الاستئجار وحق الارتفاق وحق الانتفاع لكن السندات المثبتة لها تكون محلا للسرقة[19]، أما الوثائق التي تثبتها فتبقى صالحة للسرقة مثاله: رسالة أو سند ملكية أو دين[20].
وعموما أن نتاج الفكر كالآراء والأشعار والألحان والرسم ليست محلا لحق عيني ولذلك لا تقع عليها السرقة وإنما هي محل لحق معنوي ولهذا يحميها القانون حماية خاصة وفقا لقانون حقوق المؤلف بتجريم الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية.[21]
ثالثا –يجب أن يكون محل السرقة مالا مملوكا للغير:
كي تتوافر أركان السرقة يشترط أن يكون محل السرقة مالا غير مملوك للسارق وقت الاختلاس وان يكون هذا المال مملوكا للغير وقت السرقة أيضا .
1- المال غير مملوك للسارق: فالشيء المختلس يجب ألا يكون ملكا للسارق وعلى عكس ذلك أن يكون ملكا لشخص آخر. أما عن القاضي فهو غير ملزم بتعيين صاحب الشيء في حكم الإدانة، بل أن حكمه يبقى صحيحا ولو ظل مالك الشيء مجهولا. ومن يختلس شيئا ملكا له لا يرتكب سرقة ولو كان هذا الشيء في حيازة الغير، [22] ولقد استثنى المشرع من هذه القاعدة بعض الحالات لاعتبارات خاصة، فيعد سرقة:
- اختلاس الأشياء المحجوز عليها، ولو كان حاصلا من مالكها ( المادة 364 فقرة 1).
- استيلاء الشريك أو الوارث على الأموال الشائعة بين الشركاء أو الورثة ( المادة 363).
وتبعا لذلك يعد سارقا الشريك الذي يفتح مخزن الشركة بمفتاح مصطنع ويستولي على شيء من السلع ، وكذلك الحال الفلاح الذي يختلس جزءا من المحصول، والوارث الذي يستولي على بعض الأشياء التي خلفها المورث.[23]
وعليه فان الدفع بالملكية أو الحيازة أمر مهم في مادة السرقة والقاضي الجزائي هو المختص للفصل فيه عندما يتعلق الأمر بالمنقولات طبقا للقاعدة التي تقضى أن المختص في الدعوى هو المختص في الاستثناء أما إذا تعلق الأمر بالعقارات فيعود الاختصاص للنظر فيه إلى القاضي المدني[24].
2-المال مملوك للغير وقت السرقة: لا يكفي لاعتبار الشخص سارقا أن يكون الشيء المختلس غير مملوك له ولكن يجب أن يكون هذا الشيء مملوكا لشخص آخر وقت الاختلاس.
ونتيجة لذلك لا تكون محلا للسرقة الأشياء التي لا مالك لها مثل الأموال المباحة والمتروكة في حين تكون محلا للسرقة الأشياء التي خرجت من حيازة أصحابها ماديــا ولكنها بقيت في ملكيتهم مثل الأشياء المفقودة أو الضائعة.
ا -الأشياء المباحة : ( res nullius ) هو المال الذي لا مالك له إطلاقا ويجوز أن يكون ملكا لأول واضع يد عليه، ومن هذا القبيل الحيوانات والطيور البرية والقطط والكلاب والأسماك والسلاحف الأصداف في البحار والرمال في الصحاري إذا لم تكن الدولة قد وضعت اليد عليها بتحديدها.
لا يعد الاستيلاء على مثل هذه الأموال اختلاسا بل إن الاستيلاء عليها شرعيـا ويـؤدي إلـى ملكيتها قانونا ، ولكن متى أصبحت في حيازة أو ملكية احد تزول عنها صفة المال المباح وتصبح محلا لجريمة السرقة فالأسماك والطيور مثلا تصبح مالا مملوكا بصيدها بمجرد إصابتها إصابة مميتة أو مسكها حية ، والأسماك بدخولها أشباك ولو كانت لا تزال في الماء.
ويجب التمييز بين الأموال المباحة وأموال الدولة ، فالأولى لا مالك لها أما الثانية فهي ملك عمومي تكون مخصصة للنفع العام كالشوارع والميادين والطرق الزراعية والقلاع والحصون والحدائق والشواطئ وهذه الأموال تصلح محلا للسرقة، ولذلك يعد سارقا من يختلس أتربة من الطرق العمومية أو يقطع الأشجار التي تغرس فيها ، كما يعد سارقا من يستخرج الرمل من شط البحر .
ب- الأموال المتروكة: ( res derelectae ) : ويقصد بها الأموال التي تخلي مالكها عن حيازتها المادية والمعنوية بإرادته ، ومن هذا القبيل القاذورات وفضلات الطعام والقمامة والملابس القديمة وأعقاب السجائر .
ولا يعتبر الشيء متروكا إلا إذا انصرفت نية مالكه إلى التخلي عنه نهائيا ويرجع تقدير قيام التخلي النافي للسرقة إلى قاضي الموضوع يستشفه من الوقائع والقرائن .
وغالبا ما يستشف القاضي وجود نية التخلي من تفاهة قيم الشيء ، ومع ذلك فقد تتوافر نية التخلي رغم قيمة الشيء الكبيرة ، والمسألة هنا نسبية فقد يتخلي شخص ثري عن بدلة بعد استعمالها مرة واحدة فقيمة هذه البدلة تافهة في نظر صاحبها وذات قيمة معتبرة في نظر من عثر عليها من المعوزين[25].
* ويثار التساؤل كذلك فيما يخص الحمام الذي يعيش في المدن,هل يعتبر من الأشياء التي لا مالك لها أو من الأشياء المهملة التي لا يشكل الاستحواذ عليها سرقة ؟ أم يستحق الحماية؟ بعد تردد في الفقه و القضاء استقر الرأي على تطبيق نص السرقة على من يستحوذ على الحمام الذي يعيش في المدينة باعتبارها ملكا لها[26].
ج- الأشياء المفقودة: وهي أشياء منقولة مملوكة لشخص معين ضاعت منه فانقطعت حيازته لها لكنه ظل متمسكا بملكيتها وهو يسعى للبحث عنها واستردادها دون أن تدخل بعد في حيازة شخص آخر، كأن تسقط من شخص حافظة نقوده أو يتركها في كان سهوا.
وتختلف الأشياء المفقودة عن الأشياء المباحة وكذا الأشياء المتروكة في كون الأشياء المفقودة لا تخرج عن ملك صاحبها، ولذا فان القانون يعتبره مالكا ويعطيه الحق في استرداد الشيء المفقود من أي شخص يوجد تحت يده ولو كان قد اشتراه بحس نية طالما لم يسقط حقه فيه بالتقادم .
كما تختلف الأشياء المفقودة التي تنقطع حيازة صاحبها لها عن الأشياء التائهة التي لم تزل في حيازة صاحبها لكنه يجهل مكانها كالمسافر الذي نسي أين وضع حقيبته ، فلا جدال في أن الحقيبة تبقى في حيازة صاحبها ومن ثم يعد سارقا من عثر عليها واختلسها .
* ويثار التساؤل حول ما إذا كان الاستيلاء على الأشياء الضائعة التيانقطعت عنها حيازة صاحبها يشكل اختلاسا أم لا ؟.
يتفق الفقه والقضاء في فرنسا على أن التقاط الشيء الضائع بنية التملك يعد سرقة على أساس أن المالك لا يزال متمسكا بنية استرداد الشيء فهو مازال محتفظا بالركن المعنوي للحيازة وإنما فقد الركن المادي لها[27].
الفرع الثالث
الركـن المعنــــوي
لقد عرفت محكمة النقض المصرية القصد الجنائي في جريمة السرقة " أن القصد الجنائي في جريمة السرقة ينحصر في قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الجريمة أنه يختلس المنقول المملوك للغير رغم إرادة مالكه بنية أن يمتلكه هو لنفسه "[28].
من التعريف السابق نستنتج أن الركن المعنوي لجريمة السرقة يحتوى على عنصرين أساسيين هما:
- أولا : القصـد العـــام.
- ثانيا : القصـد الخـاص.
أولا: القصـد العـــــام.
السرقة وبصفتها جريمة قصديه تفترض عند مرتكبها، طبقا للأحكام العامة قصدا عاما أي شعور الشخص انه يرتكب فعلا ممنوعا، فإذا كان الشخص يعتقد انه يختلس شيئا ملكا له أو شيئا مهملا أو غير مملوك فلا تقوم جريمة السرقة[29].و لقيام القصد الجنائي العام في جريمة السرقة يجب أن تنصرف إرادة الجاني إلى تحقيق الجريمة بجميع أركانها مع علمه بان القانون يعاقب على ذلك، وعليه يشترط في السرقة أن يكون الجاني مدركا بان الشيء محل السرقة ملكا لغيره وان تكون لديه إرادة التصرف بدون رضا المالك .
وتأسيسا على ذلك، ينفي الغلط في الواقع توافر القصد الجنائي ، وهكذا قضى في فرنسا بعدم قيام السرقة في حق من اخذ ، عند مغادرته المطعم معطف غيره خطأ معتقدا انه معطف لتشابه المعطفين ، ولا في حق من اعتقد صادقا أن مالك الشيء راض عن الفعل أو تنازل عن الشيء[30].



ثالثا: القصـد الخــاص.
يطرح التساؤل حول ما إذا كانت جريمة السرقة تقتضي قصدا جنائيا خاصا يتمثل في نية التملك، أي ضم ما استولى عليه الجاني لملكه أو لملك غيره.
كان القضاء يشترط توافر قصد خاص( Dolus generails) ويتمثل عند الشخص في نية التملك بالشيء المختلس أو التصرف فيه بصفته المالك، فلا تقوم سرقة في حق من اختلس شيئا ملكا للغير بنية المزاح أو للاطلاع عليه أو استعماله مؤقتا ثم رده لا يعتد بالباعث الذي دفع بالمجرم إلى ارتكاب السرقة قد يسرق الشخص بدافع الاحتياج أو دافع الأضرار بغيره أو دافع الانتقام منه فلا أهمية لذلك[31].
وتأسيسا على ذلك قضي في فرنسا بأنه لا يعد سارقا من يختلس كتابا في غيبة صاحبه ليطلع على محتواه ويرده في الحال ، أو من يختلس سيارة بقصد استعمالها في نزهة ثم ردها.
ثم تطور موقف القضاء في اتجاه عدم اشتراط نية التملك لقيام جريمة السرقة وأصبح يكتفي بمجرد استعمال الشيء ولو مؤقتا متى توفرت لدى الجاني في تلك الفترة نية التصرف في الشيء تصرف المالك.
كما قضي بتوافر الركن المعنوي في حالة طبع أو استنساخ وثائق، وهكذا قضت محكمة النقض الفرنسية بقيام السرقة في حق مستخدم استنسخ وثائق كانت في حوزته، وذلك بدون علم وبغير رضا رب العمل، مالك الوثائق ولا يعتد بالباعث في جريمة السرقة، وهكذا قضي في فرنسا بقيام السرقة في حق عمال مصلحة الغابات الذين لم يتقاضوا راتبهم الشهري فقاموا ببيع حطب رب العمل للحصول على مقابل راتبهم ، ونفس الحكم صدر في حق عمال اعتبروا أن جزء من أجورهم مهضوم فقاموا ببيع جزء من سلع مستخدمهم وتقاسموا ثمن البيع . كما قضي بقيام جريمة السرقة في حق من استولى على صحف في كنيسة لإتلافها وذلك للحيلولة دون بث أفكار يدعي بأنها خبيثة[32].
و بهذا نكون قد انتهينا من دراسة جريمة السرقة التقليدية من خلال المواد الجزائية الجزائرية، لنتقل في المطلب الثاني إلى دراسة جريمة السرقة المعلوماتية في ضوء القانون المقارن.
و بهذا نكون قد تطرقنا إلى دراسة أركان جريمة السرقة التقليدية، و لننتقل بعدها إلى دراسة القواعد الخاصة بجريمة السرقة الإلكترونية و نشرح الموضوع بالتفصيل في المطلب الثاني.

[1]- دردوس مكي، القانون الجنائي الخاص في التشريع الجزائري، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005، ص14.

[2]_ أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائري الخاص، الجرائم ضد لأشخاص و الجرائم ضد الأموال، الجزء الأول،الطبعة الثالثة، دار هومة للطباعة و النشر، الجزائر، 2005، ص247.

[3]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص248.

[4]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

-[5] أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص248 -249.

-[6]دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[7]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص249.

[8]- أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص249.

[9]_دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[10]- و يرى القضاء انه لا مانع من اعتبار الفعل سرقة في حالة حصول التسليم في حالة الضرورة أو بصفة قصريه أن المدعى عليه الذي يتسلم وثيقة من خصمه بهدف الاطلاع والرد عليها ثم يرفض إرجاعها إلى الملف يرتكب السرقة يبرر هذا الحل بالقول إن التسليم في الحالة الأولى لم يكن إراديا وانه في الحالة الثانية وقع لضرورة الإجراءات.

[11]- جندي عبد المالك، الموسوعة الجنائية، رشوة- ظروف الجريمة، الجزء الرابع، الطبعة الثانية، دار العلوم للجميع، لبنان، دون سنة النشر، ص 162-163.


[12] -2أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 252_الي255.



[14]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[15]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق ، ص 255.

[16]_ أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص 257.

[17]- دردوس مكي، المرجع السابق.ص17.

[18]_ جندي عبد المالك، المرجع السابق، ص 200.

[19]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 257-258.

[20]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[21]_ أحسن بوسقيعة، نفس المرجع ، ص 258.

[22]_ دردوس مكي، المرجع نفسه ، ص 17.

[23]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق ، ص 262.

[24]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 17.

[25]- أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 263-264.

[26]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص18.

[27]- أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 264 – 265.

[28]_ جندي عبد المالك، المرجع السابق، ص 233.

[29] _.دردوس مكي، المرجع السابق، ص 18.

[30]- أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص 265.

[31]- دردوس مكي، المرجع السابق، ص 18.

[32]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 266-267.









قديم 2009-06-12, 22:55   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الأول


مدى انطباق النصوص التقليدية على الجريمة الالكترونية

درسنا في الفصل التمهيدي الجرائم المعلوماتية بصفة عامة ،وقد بينا فيه بيان الجريمة الالكترونية وماهية الجريمة الالكترونية وأوضحنا خصائص هذه الجريمة وما يميزها عن غيرها،لننتقل إلى عرض صور الجريمة المعلوماتية ،فوجدنا أن المعلوماتية لم تعد مجرد وسيلة لإلحاق الضرر بالغير ،بل أن قدرتها على معالجة البيانات ونقلها سواء في شكل منتجات أو خدمات مستحدثة اكتسبت قيمة تجارية ذات طابع مالي وهو ما هيأ الفرصة لظهور قيمة اقتصادية مستحدثة.
_ وموضوع دراستنا في هدا الفصل هو الإشكال الذي تثيره جرائم الاعتداء على الأموال الناجمة عن استخدام الحواسيب المرتبطة بشبكة الانترنت تساؤلات عدة حول طبيعة الاعتداءات،ومدى كفاية النصوص التقليدية لمواجهتها؟؟؟.
فإذا كان موضوع الاعتداء على الأموال في نطاق المعالجة الآلية للمعلومة ينصب على الحاسب الالى ذاته و ما يرتبط به من أسلاك وما يتعلق به من ملحقات،فإنه لم يعد هناك صعوبة فى تطبيق النصوص الجزائية التقليدية كون الأمر يتعلق بمال مادي منقول وفق المفهوم التقليدي الدارج ،أما إذا وقع الاعتداء على ما يتعلق بفن الحاسب الآلي من برمجيات (soft ware)ونظم ،فإن النصوص التقليدية تأتى قاصرة عن حمايتها لهذا المال من طابع خاص غير تقليدي.
وفى نطاق شبكة الانترنت ،يعتبر الحاسب الآلي أداة سلبية لارتكاب الجريمة ضد الفرد،إذا استخدم الحواسب المرتبطة بشبكة الانترنت كوسيلة لتنفيذ الجرائم والاعتداء على أموال الغير والتي اتخذت صور مستحدثة لهذا برزت الدعوى إلى فرض الحماية الجنائية من مخاطر استخدام شبكة الانترنت ممثلة بالنظام والبرامج والبيانات المتبادلة عبرها.
وللإجابة على هذه الإشكالية ،ندرس الجرائم المتعلقة بالاعتداءات على الأموال الالكترونية من خلال التفصيل في جرائم واقعة على المعلوماتية وعما إذا كانت النصوص التقليدية الحالية تكفى لمواجهة هذه الجرائم الجديدة أم لا؟؟وذلك من خلال شرح جريمة السرقة المعلوماتية في المبحث الأول ،و في المبحث الثاني جريمة التزوير المعلومات،وجريمة خيانة الأمانة في المعلوماتية في مبحث ثالث.





المبحث الأول


جريمة السرقة بين المفهوم التقليدي والالكتروني

الواقع أن لموضوع جرائم الاعتداء على المال الإلكتروني أهمية متزايدة سواء من الناحية العملية أو النظرية. فنظريا ينطبق على مجموعة من جرائم الأموال التي لا ستهان بها ومن أهمها السرقة، و عمليا يمس الإجرام الواقع على المال الإلكتروني كثير من مصالح المجتمع وعلى وجه الخصوص البنوك من خلال التعامل الإلكتروني و السحب من الأرصدة بواسطة بطاقات الائتمان أو الدفع الإلكتروني و التجارة الإلكترونية.
و تفتح الثورة المعلوماتية مجالا جديدا لخلق أدوات جديدة في التعامل فبعد أن كان الإثبات في الجرائم عبارة عن مستندات مادية و ورقية أصبحت معظم المستندات المالية عبارة عن تسجيلات و شرائط و اسطوانات، بل الأكثر خطورة من ذلك أصبحت عبارة عن قيمة مالية للمعلومات المسجلة على هذه الأوساط.
و بما أن ظاهرة الإجرام الإلكتروني تتعلق بكل سلوك غير شرعي أو غير مسموح يتعلق بالمعلوماتية ( المعالجة الآلية للبيانات و المعلومات أو نقل هذه البيانات) فهذه المعالجة الآلية غير الشرعية تدفعنا إلى إعمال نصوص القانون الجنائي الذي يعتبر حتى وقتنا هذا عاجز في معظم نصوصه عن مواجهة التطور المعلوماتي، و ذلك للإشكال المطروح حول مدى إمكانية تطبيق قواعد السرقة التقليدية على السرقة الإلكترونية، و لم يطرح هذا الموضوع إشكالات فقط على مستوى الفقه و القضاء الجزائري بل هي إشكالية واسعة المجال تمتد إلى جميع القارات في العالم ككل تجعل قانون عقوبات هذه الدول يخضع لامتحان يحدد مدى مرونة هذه القوانين وقابليتها للتجديد و التطور، نظرا لأن الصورة الغالبة لسرقة المال المعلوماتي المعنوي، أن أمكن الوصف تأخذ صورة اختلاس البيانات و المعلومات ، و الإفادة منها باستخدام السارق للمعلومات الشخصية – مثل الاسم ، العنوان – الخاصة بالمجني عليه و الاستخدام غير الشرعي لشخصية المجني عليه ليبدأ بها عملية السرقة المتخفية عبر الانترنت بحيث تؤدي بالغير إلى تقديم الأموال الكترونية أو المادية إلى الجاني. فيثور التساؤل فيما إذا كان الاعتداء بسرقة المعلومات المادية ، و المخزنة في قواعد البيانات أو المتبادلة عبر خطوط الإنترنت، تشكل جريمة السرقة بنفس المفهوم الذي تشير إليه قواعد السرقة الإلكترونية ؟ أم أنها تختلف عنها ؟ أم أن هذا النوع من الاختلاس لا يعد أصلا من قبيل الأعمال الموصوفة بالسرقة وفقا لقانون العقوبات؟
و للإجابة على كل هذه التساؤلات نتعرض بالدراسة لشرح جريمة السرقة التقليدية وفقا للقانون الجزائري ثم ندرس أحكام السرقة الإلكترونية وفقا لمنهج مقارن باستعراض مختلف الآراء الفقهية العربية و الغربية و كذا موقف القضاء من الموضوع محل الدراسة،؟ لننتقل بعدها إلى عملية المطابقة بين أحكام السرقة التقليدية و السرقة الإلكترونية و كل ذلك تبعا للخطة التالية:
المطلب الأول: أركان جريمة السرقة التقليدية في القانون الجزائري.
المطلب الثاني: القواعد الخاصة بجريمة السرقة الإلكترونية.
المطلب الثالث: مدى تطابق أركان جريمة السرقة الإلكترونية مع أركان جريمة السرقة التقليدية.

المطلب الأول


أركان جريمة السرقة في القانون الجزائري

السرقة هي أول الجرائم الواردة في الفصل الثالث من التقنين الجزائي الجزائري لسنة 1966تحت عنوان : الجنايات والجنح و المخالفات .
يعرفها المشرع في المادة 350 من قانون العقوبات( كل من اختلس شيء غير مملوك له يعد سارقا و يعاقب بالحبس من 1 سنة إلى 5 خمس سنوات بغرامة من 100.000 دج الى 500.000 دج .
و تطبق نفس العقوبة على اختلاس المياه و الغاز و الكهرباء يجوز أن يحكم على الجاني علاوة على ذلك بالحرمان من حق أو أكثر من الحقوق الواردة في المادة 9 مكرر 1 لمدة سنة على الأقل و 5 خمس سنوات على الأكثر، و بالمنع من الإقامة طبقا للشروط المنصوص عليها في المادتين 12 و 13 من هذا القانون .
و يعاقب على الشروع في هذه الجنحة بالعقوبات ذاتها المقررة للجريمة التامة ) في أركانها التكوينية ويحدد عقوبتها في حالتها البسيطة ثم يعلن عن معاقبة المحاولة فيها وعن تطبيق نفس العقوبة على مختلس المياه والغاز والكهرباء ويخصص المواد من 351 إلى 354 للسرقة في صورتها المشددة وبوصفها جناية فيذكر حالات التشديد والعقوبات المنوطة بها . أما المواد: 355-356-357-358-360 فان المشرع أعدها للتدليل. على التوالي على مفهوم السكن المسكون والكسر والتسلق أو المفاتيح المصطنعة والطرق العمومية مضيفا في المادة 359 عقوبة الحبس لمقلد ومزيف المفاتيح أما المواد: 361-362-363-364-365 فان المشرع أخرجها لمعاقبة أنواع خاصة من السرقة أو لسد ثغرات كشفت عنها الممارسة اليومية مثل ما جاء في المادتين 366 و367 أخيرا فان المشرع اعد المادتين 370 و371 لمعاقبة من ينتزع شيئا بالقوة أو يحصل عليه بطريق التهديد ... وخصص المادتين 368 و369 لمعالجة حالات الإعفاء في السرقة المرتكبة بين أفراد العائلة[1].
و من خلال التعريف الوارد في المادة 350 ق.ع جزائري للسرقة كما يلي : "كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا "ومن هذا التعريف يبين أن جريمة السرقة تقوم على ثلاثة أركان هي:
- الفرع الأول : فعل الاختلاس ، وهو الركن المادي للجريمة .
- الفرع الثاني : محل الجريمة ، ويتمثل في شيء منقول مملوك للغير .
- الفرع الثالث : القصد الجنائي، وهو الركن المعنوي للجريمة.[2]

الفرع الأول


الركــن المـــــادي

للركن المادي عنصران وهما:
أولا: فعــل الاختــــــلاس.
ثانيا: عدم رضي الحائز المجني عليه.
أولا: فعل الاختلاس.
لم يحدد القانون معنى الاختلاس ، وهو الركن الأساسي في جريمة السرقة ، وفي غياب تعريف صريح يتفق الفقه والقضاء على أن: " الاختلاس هوالاستيلاء على شيء بغير رضا مالكه أو حائزه " .ولقد تطور مفهوم الاختلاس فلم يعد محصورا في الاستيلاء على الشيء إذ أصبح من المسلم به اليوم أن تسليم الشيء لا ينفي الاختلاس.
ويقوم الاختلاس على عنصرين : عنصر مادي ، وهو الاستيلاء على الحيازة ، وعنصر معنوي ، وهو عدم رضا مالك الشيء أو حائزه عن الفعل .
1_الاستيلاء على الشيء : يتحقق الاختلاس بالاستيلاء على الشـيء أي بنقل الشيء أو نزعه من حيازة المجني عليه وإدخاله في حيازة الجاني .
وهذا يقتضي أن يقوم الجاني بحركة مادية يتم بها نقل الشيء إلى حيازته مهما كانت الطريقة المستعملة سواء النزاع أو السلب أو الخطف أو النـقـل أو أية طريقة أخرى .
وكل ما يشترط هو أن يقع الاستيلاء على الشيء بفعل الجاني ولذلك ليس من الضروري أن يكون بيده فيعد سارقا الشخص الذي يدرب كلبا على السرقـة أو الذي يستعمل آلة لارتكاب السرقة.
ويشترط أيضا لكي يعد الفاعل سارقا أن ينقل الشيء إلى حيازتـه ، أمــا إذا اعدم في مكانه فالفعل يعد إتلافا وليس اختلاسا ، ولكن لا يلزم أن يحتفظ الجاني بالشيء في حوزته ، فقد يتخلى عن حيازته لأخر وقد يستهلكه كذلك في الحال إذا كان من المأكولات أو المشروبات .
يترتب على تحديد الاختلاس على النحو السابق نتيجتان :
النتيجة الأولى: لا يتحقق الاختلاس إذ كان الشيء موجودا أصلا في حوزة المتصرف : فإذا كان الشيء في حوزة الجاني من قبل وامتنع عن رده إلى مالكه الأصلــي أو حائزه أو تصرف فيه تصرفا ضارا فلا يعتبر سارقا لأنه لا ينقل الشيء برفضه أو تصرفه وإنما يستبقيه، الاستبقاء لا يحقق الاختلاس الذي يتحقق بالنقل فقط [3].
النتيجة الثانية: لا يعتبر مختلسا البائع الذي يحبس المبيع بين يديه بعد أن يتسلم ثمنه: وكذلك من يعثر على شيء ملك للغير فيأخذه بدون سوء نية ثم يمسكه بنية التملك.[4]
ومما سبق ، نستخلص أن الاختلاس ينتفي إذا كان المال في حيازة الجاني ابتداء غير انه يشترط أن يظل الشخص محتفظا بالحيازة فان نقلها إلى الضحية ولو لمدة قصيرة ثم اختلسها يعد سارقا، فالبائع الذي يسلم البضاعة للمشتري أو يضعها تحت تصرفه ثم يختلس البعض منها فيما بعد يعد سارقا، كذلك الحال بالنسبة للدائن الذي يحرر مخالصة لمدينه تحت تصرف المدين وإذا ما قبض الدين اختلسها.
2- التسليم يمنع توافر الاختلاس: ينتفي الاختلاس بالتسليم سواء كان حرا أو مبنيا على خطأ أو مشوبا بغلط أو نتيجة تدليس، و تسليم الشيء يتناف مع نزع الحيازة.
ولكن لا ينتفي الاختلاس بأي تسليم إنما يشرط لذلك أن يكون التسليم حاصلا من شخص له صفة على الشيء المسلم ، وان يكون صادرا عن وعي واختيار، وان يكون بقصد نقل الحيازة الكاملة أو الناقصة، كما نوضح في ما يلي :
أ- شروط التسليم النافي للاختلاس : يشترط فيه ما يأتي :
1– يجب أن يكون التسليم حاصلا من شخص له صفة على الشيء المسلم : يقتضي التسليم النافي للاختلاس أن يكون قد حصل من شخص له صفة على الشيء كمالكه أو حائزه ، وأما إذا حصل من شخص لا صفة له على الشيء فلا ينفي هذا التسليم قيام الاختلاس .
2- يجب أن يكون التسليم قد حصل عن إدراك واختيار : ويقصد به التسليم الحر، وعلى هذا الأساس لا ينتفي الاختلاس بالتسليم الحاصل من الطفل غير المميز أو المجنون أو من المعتوه أو السكران أو النائم أو المكره ماديا أو معنويا وهكذا قضى في فرنسا بقيام جنحة السرقة في حق من استلم شيئا من شخص غير مميز بسبب صغر سنه، أو ناقص التمييز.
ويكون التسليم حاصلا عن إدراك واختيار ، ولو بني على خطا أو كان مشوبا بغلط أو كان نتيجة تدليس .
-التسليم الحاصل بخطأ : ينتفي الاختلاس بالتسليم إذا حصل بخطأ لأنه تم عن إرادة واختيار وإدراك، وفي هذه الحالة لا يمكن القول أن الفاعل انتزع حيازة الشيء من صاحبه ، فالخطأ الذي وقع به التسليم يرتب المسؤولية المدنية ليس إلا .والأمثلة على ذلك كثيرة كمن يسلم شخصا ورقة نقدية بألف دينار ظنا منه أنها ورقة بخمس مائة دينار يصرفها له فيعطيه بدلها نقودا معدنية قيمتها بخمس مائة دينار فقط وهو يعلم حقيقة الورقة النقدية التي تسلمها .
أو العكس إذ أعطاه ورقة بخمس مائة دينار فاعتقد الصراف أنها من فئة ألف دينار وصرفها له على هذا الأساس .
ومن هذا القبيل أيضا الدائن الذي يستلم من المدين مبلغا يزيد عن الدين دفعه خطا ولا تهم هنا نية المستلم فسيان أن يكون حسنا أو سيء النية .[5] فالقضاء الفرنسي كان يعتبر التسليم في حالة جهل قيمة أو طبيعة الشيء المسلم تسليما غير إرادي سرقة لكن الفقه استنكر هذا الحل واعتبره توسعا في التجريم يتعارض مع مبادئ القانون الجنائي, رغم تطابقه مع الحلول التي يقول بها القانون المدني إذ يعتبر الخطأ من عيوب الرضاء .
وكذلك الحال بالنسبة للموظف الذي يحول لحسابه خطا راتبا شهريا يفوق راتبه.[6]
وعلى ذلك قضى في فرنسا حديثا بعدم قيام الاختلاس في حق من استغل خللا في سير الموزع الآلي للبنزين فحصل على كمية من البنزين بسعر اقل من سعرها الحقيقي.
وقد يكون الخطأ واقعا على شخصية المسلم كمن يسلم الدين لغير الدائن أو كساعي البريد الذي يسلم طردا إلى غير المرسل إليه ففي الحالتين ينتفي الاختلاس.
التسليم المشوب بالغش: ينفي التسليم المشوب بالغش ركن الاختلاس للأسباب نفسها، وهي أن التسليم قد حصل باختيار المسلم ولم تنزع منه حيازة الشيء.
وعلى هذا الأساس يكون التسليم عن إدراك واختيار إذا حصل ممن يملك الشيء ولو لجأ المستفيد من الشيء إلى استخدام الغش والتدليس لاستلامه فهذه الأساليب مهما بلغت جسامتها لا يمكن أن يتوفر بها ركن الاختلاس في السرقة وان جاز أن تقوم بها جريمة النصب .
وهكذا لا يعتبر اختلاسا استخدام أساليب الغش للاستيلاء على نقود لاعبي القمار أو إخفاء قطع من النقود أثناء استلام صرف ورقة مالية أو الغش في كمية المبيع بإخفاء بعضه أثناء عده أو كيله أو وزنه .
وبالمقابل يقوم الاختلاس بالتسليم الحاصل بخطأ إذا كان الخطأ نتيجة لغش أو تدليس ، بشرط أن لا يكون الضحية هي المتسببة في الخطأ وإلا انتفى الاختلاس كما بينا سابقا ، ومن ثم لا يقوم الاختلاس إلا إذا كان الغير هو المتسبب في الخطأ .
وهكذا قضي في فرنسا بقيام الاختلاس في حق مدير تجاري بشركة قدم طلبا لاقتناء المازوت لحساب الشركة ودفع الثمن من مالها ثم أمر موزع البنزين بتسليمه البضاعة ببيته ليس بمقر الشركة[7].
_ مسألة التسليم الرمزي : ليس من الضروري أن يكون تسليم المنقولات بالمناولة فالمادة 367 قانون مدني جزائري تجيز التسليم الرمزي ويقصد به أن " يتم التسليم بوضع المبيع تحت تصف المشترى بحيث يتمكن من حيازته والانتفاع به دون عائق ولو لم يتسلمه تسلما ماديا ما دام البائع قد اخبره بأنه مستعد لتسليمه ذلك ، ويحصل التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة الشيء المبيع " . ومن قبيل التسليم الرمزي تسليم مفتاح المخزن الذي يحتوى الشيء المبيع ،فلا يرتكب جريمة السرقة المشترى إذا تصرف في الشيء المبيع حتى لو لم يكن بعد قد دفع الثمن لان حيازة الشيء قد انتقلت إليه نهائيا بهذا التسليم الرمزي .
أما إذا كان صاحب الأشياء لم يسلم المفتاح إلى الشخص إلا بقصد معاينة الأشياء تحضيرا لاستئجارها مثلا فاختلس هذا الشخص بعض الأشياء من المخزن ، ففي مثل هذه الحالة يعد الشخص سارقا لان وضع يده على الأشياء لم تكن إلا يدا عارضة .
وإذا كان تسليم المفتاح قد تم بناء على عقد إيجار فان تصرف المستأجر في الأشياء المسلمة إليه يكون تبديدا لا سرقة لان صاحب الأشياء قد نقل إليه الحيازة الناقصة.)[8]



و لقد طبق القضاء هذه النظرية بصفة شاسعة.[9]، مما يمنحنا العديد من الأمثلة التطبيقية.[10]
3- يجب أن يكون التسليم بقصد نقل الحيازة كاملة بقصد التمليك: أو ناقصة أي على سبيل الأمانة: و الحيازة نوعين، الحيازة الكاملة ( possession proprement dite) والحيازة الناقصة ( possession prècaire ) فالحيازة الكاملة تكون لمن يضع يده على الشيء بصفة المالك، و هي تتكون من ركنين: المادي و الأدبي، و الحيازة الناقصة تكون لمن يضع يده على الشيء بمقتضى سند لا يخوله أي حق في الملكية بل يشعر باعترافه بحق الغير فيها كالمرتهن والمستأجر و غيرهم ممن يحوزون الشيء على ذمة الغير، و هذه الحيازة تنقل إلى الحائز الركن الــمادي فقط، و يبقى للمالك الركن الأدبي. أما الحيازة المادية فلا يترتب عليها غير وضع الشيء بين يدي مستلمه لغرض وقتي و لا يخول للمستلم أي حق على الشيء لا لنفسه ولا لذمة غيره، بل تكون يده على الشيء يدا عارضة، و يبقى للمالك الركن المادي فضلا عن الركن الأدبي.[11]
يمكن تعريف الحيازة بأنها سيطرة إرادية للشخص على الشيء، سيطرة تمكنه من الانتفاع به أو تعديله أو تحطيمه أو نقله وعلى هذا الأساس فهي حالة واقعية وليست مركزا قانونيا.
والأصل أن تثبت الحيازة للمالك، ومع ذلك فقد تثبت لغيره ولذلك فهي إما كاملة وإما ناقصة.
فأما الحيازة الكاملة أو التامة فتكون لمالك الشيء لو لم يدعي ملكيته ، سواء أكان حسن النية أو سيء النية ، كالسارق خائن الأمانة. وأما الحيازة المؤقتة أو الناقصة فتكون من يحوز شيء بمقتضى سند يخوله الجانب المادي في الحيازة دون الملكية التي تظل لغيره ، كالمستأجر الدائن المرتهن رهنا حيا زيا والعامل الذي يعهد إليه بشيء لإصلاحه والمستعير والمودع لديه والوكيل : فالحائز في هذه الحالات وان كانت لديه بعض مظاهر العنصر المادي للحيازة إلا أن الحيازة تكون لحساب المالك .
يشترط في الحيازة السابقة المعتدي عليها أن تكون أولا لغير الجاني، فإذا كانت الحيازة بيد الجاني لا يقوم الاختلاس. ولا يشترط أن يكون هذا الغير حائزا للشيء بسند مشروع ، إذ تتحقق الحيازة السابقة ولو كانت حيازة الغير للشيء جاءت نتيجة سرقة وقعت منه ، فإذا اختلس الغير هذا الشيء المسروق وقعت جريمة جديدة يكون فيها السارق السابق مجنيا عليه في سرقة جديدة ويجد هذا الحل سنده في كون الحيازة مركزا واقعيا لا قانونيا .
كما يشترط أن تكون حيازة غير الجاني المعتدي عليها إما كاملة وإما ناقصة على المعنى الذي سبق توضيحه ، أما في حالة اليد العارضة على الشيء فلا تكون الحيازة لواضع اليد ، وإنما تكون لمن له السيطرة على الشيء ويكون هو المجني عليه في اختلاس هذا الشيء .فالمسافر لا يفقد حيازته لحقيبته لمجرد أن يكلف حمالا بنقلها له أن المطار إلى خارجه إذ تظل له السيطرة الفعلية على الحقيبة بينما لا يكون للحمال على الحقيبة إلا اليد العارضة فإذا اختلسها كان سارقا وإذا اختلسها من الحمال آخر كان سارقا وكان المسافر هو المجني عليه في الجريمة لا الحمال .
ويعتبر الشيء في حيازة الغير ، ولو كان الغير قد أودعه في آلة من آلات التسليم الميكانيكي التي تبيع السلع للجمهور، كالماكينات المخصصة لبيع المشروبات أو الحلويات إذ تظل الحيازة لمالكها ولو كان قد تركها وانصرف ومن هنا فان الاعتداء عليه يعتبر اعتداء على حيازة الغير.[12]
ومن ناحية أخرى، لا يعتبر مختلسا المدين الذي يقترض مالا ثم يرفض سداده وان كان عازما على عدم السداد من أول الأمر. وكذا البائع الذي يمتنع عن تسليم المبيع بعد قبض الثمن والمشترى الذي يمتنع عن دفع الثمن بعد استلام المبيع ، فلا يعد البائع سارقا للثمن ولا المشترى سارقا للشيء لان كلا منهما تسلم الشيء على سبيل التمليك
وهو ما خلصت إليه محكمة النقض الفرنسية في دعاويها.[13].
ب- التسيلم غير النافي للاختلاس : وهو التسليم الذي يفقد شرطا من شروط التسليم الناقل للحيازة و أهمها إرادة نقل للحيازة إلى المتسلم أو إرادة التخلي عن الحيازة من جانب المسلم، فمثل هذا التسليم لا ينفي الاختلاس لأنه لا ينقل حيازة على الشيء وإنما يعطي الآخر مجرد يد عارضة لا تخوله حقا ولا تحمله التزاما . و من ثم فان مجرد التسليم المادي الذي لا ينقل الحيازة ويتكون به يد المستلم على الشيء يدا عارضة لا ينفي الاختلاس .
ومن قبيل هذا التسليم من يسلم كتابا لشخص آخر لمجرد الاطلاع عليه فيهرب به ولا يرده إلى صاحب الكتاب إذ لا يكون صاحب الكتاب هنا قد نقل حيازة الكتاب كاملة أو ناقصة إلى الغير وإنما سلمه له فقط ليطلع عليه تحت إشرافه ومراقبته ثم يرده إليه في الحال ،فيد الغير على الكتاب تكون مجرد يد عارضة ولذا فان رفضه رد الكتاب يعد سرقة .
ومن هذا القبيل أيضا تسلم الشيء لمجرد الاختبار أو التجربة ، فمثل هذا التسليم لا يكون سوى حركة مادية للشيء لا تتجاوز مجرد وضعه بين يدي متسلمه ، لمجرد رؤيته ا فحصه أو تقدير قيمته أو استعماله تحت إشراف ومراقبة حائزه كما لا ينفي الاختلاس التسليم بالإكراه العنف ، والتسليم من قبل فاقد الوعي ، كما سبق لنا بيانه[14].
ثانيا: عدم رضي الحائز المجني عليه.
إن التسليم غير الإرادي للشيء لا يمنع من وقوع الاختلاس إذ في هذه الحالة يكون التملك بالشيء بدون رضاء صاحبه الشرعي،[15] فلا يكفي لتوافر ركن الاختلاس أن تخرج حيازة الشيء من حيازة أو مالكه إلى الغير وإنما يشترط أن يتم ذلك بدون رضا المجني عليه. فإذا وقع برضائه فلا توجد جريمة السرقة لانتفاء ركن الاختلاس لان مالك الشيء أو حائزه يكون قد رضي بالتخلي أو التنازل عن حيازة الشيء فلم تنزع منه قسرا . وحتى يكون الرضا نافيا للاختلاس يجب أن يكون رضا حقيقيا صادرا عن إدراك وإدارة فإذا كان عن طريق التحايل فانه لا يعد رضا صحيحا ، كما يشترط أن يكون الرضاء صادرا قبل وقوع الاختلاس أو معاصرا له وإذا كان لاحقا عليه فانه لا ينفي الجريمة وإنما يمكن أن يكون له أثره في تخفيض العقوبة [16].









قديم 2009-06-12, 23:00   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني


محل جريمة السرقة

بالرجوع إلى نص المادة 350 ق ع يجب أن تقع السرقة على شيء منقول غير مملوك للغير و منه لكي تقوم جريمة السرقة يجب أن تتوفر ثلاث شروط في محل السرقة هي:
أولا: أن يكون محل السرقة شــيء مادي.
ثانيا: أن يكون محل السرقة شــيء منقول.
ثالثا: أن يكون محل السرقة مال مملوك للغير.


أولا: أن يكون محل السرقة شــيء مادي.
لا يقع الاختلاس إلا على شيء فلا يقع الاختلاس على الإنسان الذي لا يكون محلا للسرقة بل للحجز أو القبض التعسفي أو للخطف. وكل شيء قابل أن يكون محل سرقة، كما يستفاد ذلك من القضاء الفرنسي الذي يصلح تطبيقه عندنا نظرا لتطابق التشريعين بشان هذه المسألة.
ولا يهم إن كان الشيء غير مشروع ، فمن الجائز أن تنصب السرقة على المخدرات، ويشترط أن يكون للشيء قيمة، فلا يصلح أن يكون محلا للسرقة أعقاب السجائر وأحجار الطرق وقشور البرتقال الخ ....
ولكن لا يشترط أن تكون هذه القيمة تجارية أو مادية فقد تكون قيمة أدبية كالخطابات الحميمة وطوابع البريد المستعملة والصور الفوتوغرافية للأسرة كما لا يشترط أن تكون هذه القيمة كبيرة فقد تكون ضئيلة إذ لا تأثير لتفاهة الشيء مادام له قيمة[17].
ثانيا: أن يكون محل السرقة شــيء منقول:
لقد أجمع الشراح على أن المنقولات وحدها هي التي تصلح محلا للسرقة و علة ذلك أن السرقة لا تتم إلا بأخذ الشيء و نقله من حيازة المجني عليه إلى حيازة الجاني، و هذا لا ينطبق إلا على المنقولات. أما العقارات فلا تصلح محلا للسرقة لأنه لا يمكن نقلها إلى مكان آخر. ويستوي الأمر أن يكون الشيء المنقول من قبل حصول السرقة أو أن يصير منقولا بالسرقة نفسها. و يعتبر منقولا كذلك كل ما كان متصلا في شيء ثابت و صار بفعل السارق منقول ومنه تدخل في حكم المنقول[18] منقولات العقارات بالتخصيص كآلات الزراعة والماشية التابعة للأرض الزراعية والآلات الصناعية في المصنع .وكذلك الحال بالنسبة للعقارات بالاتصال متى فصلت عن المال الثابت كالنوافذ وأبواب المنازل والأشجار والمحاصيل الزراعية والأحجار المنتزعة من الأرض والرمال المنتزعة من الشواطئ.
و حتى إذا لم يرد هذا الشرط صراحة في المادة 350 من قانون العقوبات الجزائري، فالسرقة لا تقع على العقارات لعدم قابليتها للنقل من مكانها.ويعتبر منقولا في القانون الجزائري كل مال يمكن نقله من مكان إلى آخر وهذا يختلف عن معنى المنقول في القانون المدني . ولا أهمية لشكل ونوع وطبيعة المال محل السرقة فكل الأشياء المادية القابلة للانتقال من يد إلى أخرى تكون محلا للسرقة سواء كانت من الأجسام الصلبة أو السائلة أو الغازية ، فالماء والغاز والكهرباء إذا حازه شخص يصبح بذلك ملكا خاصا له يعد منقولا قابلا للسرقة وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 350ق.ع في فقرتها الأخيرة حيث نصت على ما يلي : "وتطبق العقوبات ذاتها أيضا على مختلس المياه والغاز والكهرباء" . وهكذا يعد سارقا من يعطل حركة المؤشر أو يبطئ من سيره أثناء مرور تيـار الكهـرباء، كما يعد سارقا من يوصل الغاز إلى بيته بدون ترخيص من شركة توزيع الغاز وقضي أيضا في فرنسا بقيام السرقة في حق من استولى غشا على كمية من الماء عن طريق وضع أنبوب خلسة، لا يمر على العداد، وكذا المستهلك الخاضع لنظام الدفع الجزافي الذي يضع أنبوبا إضافيا دون علم مصلحة توزيع المياه .
في حين أن تغيير الرقم الحقيقي المبين في العداد إلى رقم اقل منه بواسطة فك العداد لا يعد سرقة، لان كمية الكهرباء ( أو الغاز أو الماء ) وقت أخذها واستهلكها بطريقة مشروعة لان العداد كان يحتسبها في أثناء الأخذ بصورة صحيحة فلم تؤخذ بغير رضاء صاحبها ، أما إنقاص مقدار ما يجب دفعه من ثمن فهذا يعتبر غشا في مقدار دين الشركة على مدينها وهو غش غير مشروع يصلح أن يكون نصبا ولكنه ليس سرقة. أما الأشياء المعنوية فلكونها غير مجسمة لا يتصور انتزاع حيازتها ولذلك لا تكون محلا للسرقة ومثال ذلك الأفكار والآراء والحقوق الشخصية والعينية كحق الاستئجار وحق الارتفاق وحق الانتفاع لكن السندات المثبتة لها تكون محلا للسرقة[19]، أما الوثائق التي تثبتها فتبقى صالحة للسرقة مثاله: رسالة أو سند ملكية أو دين[20].
وعموما أن نتاج الفكر كالآراء والأشعار والألحان والرسم ليست محلا لحق عيني ولذلك لا تقع عليها السرقة وإنما هي محل لحق معنوي ولهذا يحميها القانون حماية خاصة وفقا لقانون حقوق المؤلف بتجريم الاعتداء على الملكية الأدبية والفنية.[21]
ثالثا –يجب أن يكون محل السرقة مالا مملوكا للغير:
كي تتوافر أركان السرقة يشترط أن يكون محل السرقة مالا غير مملوك للسارق وقت الاختلاس وان يكون هذا المال مملوكا للغير وقت السرقة أيضا .
1- المال غير مملوك للسارق: فالشيء المختلس يجب ألا يكون ملكا للسارق وعلى عكس ذلك أن يكون ملكا لشخص آخر. أما عن القاضي فهو غير ملزم بتعيين صاحب الشيء في حكم الإدانة، بل أن حكمه يبقى صحيحا ولو ظل مالك الشيء مجهولا. ومن يختلس شيئا ملكا له لا يرتكب سرقة ولو كان هذا الشيء في حيازة الغير، [22] ولقد استثنى المشرع من هذه القاعدة بعض الحالات لاعتبارات خاصة، فيعد سرقة:
- اختلاس الأشياء المحجوز عليها، ولو كان حاصلا من مالكها ( المادة 364 فقرة 1).
- استيلاء الشريك أو الوارث على الأموال الشائعة بين الشركاء أو الورثة ( المادة 363).
وتبعا لذلك يعد سارقا الشريك الذي يفتح مخزن الشركة بمفتاح مصطنع ويستولي على شيء من السلع ، وكذلك الحال الفلاح الذي يختلس جزءا من المحصول، والوارث الذي يستولي على بعض الأشياء التي خلفها المورث.[23]
وعليه فان الدفع بالملكية أو الحيازة أمر مهم في مادة السرقة والقاضي الجزائي هو المختص للفصل فيه عندما يتعلق الأمر بالمنقولات طبقا للقاعدة التي تقضى أن المختص في الدعوى هو المختص في الاستثناء أما إذا تعلق الأمر بالعقارات فيعود الاختصاص للنظر فيه إلى القاضي المدني[24].
2-المال مملوك للغير وقت السرقة: لا يكفي لاعتبار الشخص سارقا أن يكون الشيء المختلس غير مملوك له ولكن يجب أن يكون هذا الشيء مملوكا لشخص آخر وقت الاختلاس.
ونتيجة لذلك لا تكون محلا للسرقة الأشياء التي لا مالك لها مثل الأموال المباحة والمتروكة في حين تكون محلا للسرقة الأشياء التي خرجت من حيازة أصحابها ماديــا ولكنها بقيت في ملكيتهم مثل الأشياء المفقودة أو الضائعة.
ا -الأشياء المباحة : ( res nullius ) هو المال الذي لا مالك له إطلاقا ويجوز أن يكون ملكا لأول واضع يد عليه، ومن هذا القبيل الحيوانات والطيور البرية والقطط والكلاب والأسماك والسلاحف الأصداف في البحار والرمال في الصحاري إذا لم تكن الدولة قد وضعت اليد عليها بتحديدها.
لا يعد الاستيلاء على مثل هذه الأموال اختلاسا بل إن الاستيلاء عليها شرعيـا ويـؤدي إلـى ملكيتها قانونا ، ولكن متى أصبحت في حيازة أو ملكية احد تزول عنها صفة المال المباح وتصبح محلا لجريمة السرقة فالأسماك والطيور مثلا تصبح مالا مملوكا بصيدها بمجرد إصابتها إصابة مميتة أو مسكها حية ، والأسماك بدخولها أشباك ولو كانت لا تزال في الماء.
ويجب التمييز بين الأموال المباحة وأموال الدولة ، فالأولى لا مالك لها أما الثانية فهي ملك عمومي تكون مخصصة للنفع العام كالشوارع والميادين والطرق الزراعية والقلاع والحصون والحدائق والشواطئ وهذه الأموال تصلح محلا للسرقة، ولذلك يعد سارقا من يختلس أتربة من الطرق العمومية أو يقطع الأشجار التي تغرس فيها ، كما يعد سارقا من يستخرج الرمل من شط البحر .
ب- الأموال المتروكة: ( res derelectae ) : ويقصد بها الأموال التي تخلي مالكها عن حيازتها المادية والمعنوية بإرادته ، ومن هذا القبيل القاذورات وفضلات الطعام والقمامة والملابس القديمة وأعقاب السجائر .
ولا يعتبر الشيء متروكا إلا إذا انصرفت نية مالكه إلى التخلي عنه نهائيا ويرجع تقدير قيام التخلي النافي للسرقة إلى قاضي الموضوع يستشفه من الوقائع والقرائن .
وغالبا ما يستشف القاضي وجود نية التخلي من تفاهة قيم الشيء ، ومع ذلك فقد تتوافر نية التخلي رغم قيمة الشيء الكبيرة ، والمسألة هنا نسبية فقد يتخلي شخص ثري عن بدلة بعد استعمالها مرة واحدة فقيمة هذه البدلة تافهة في نظر صاحبها وذات قيمة معتبرة في نظر من عثر عليها من المعوزين[25].
* ويثار التساؤل كذلك فيما يخص الحمام الذي يعيش في المدن,هل يعتبر من الأشياء التي لا مالك لها أو من الأشياء المهملة التي لا يشكل الاستحواذ عليها سرقة ؟ أم يستحق الحماية؟ بعد تردد في الفقه و القضاء استقر الرأي على تطبيق نص السرقة على من يستحوذ على الحمام الذي يعيش في المدينة باعتبارها ملكا لها[26].
ج- الأشياء المفقودة: وهي أشياء منقولة مملوكة لشخص معين ضاعت منه فانقطعت حيازته لها لكنه ظل متمسكا بملكيتها وهو يسعى للبحث عنها واستردادها دون أن تدخل بعد في حيازة شخص آخر، كأن تسقط من شخص حافظة نقوده أو يتركها في كان سهوا.
وتختلف الأشياء المفقودة عن الأشياء المباحة وكذا الأشياء المتروكة في كون الأشياء المفقودة لا تخرج عن ملك صاحبها، ولذا فان القانون يعتبره مالكا ويعطيه الحق في استرداد الشيء المفقود من أي شخص يوجد تحت يده ولو كان قد اشتراه بحس نية طالما لم يسقط حقه فيه بالتقادم .
كما تختلف الأشياء المفقودة التي تنقطع حيازة صاحبها لها عن الأشياء التائهة التي لم تزل في حيازة صاحبها لكنه يجهل مكانها كالمسافر الذي نسي أين وضع حقيبته ، فلا جدال في أن الحقيبة تبقى في حيازة صاحبها ومن ثم يعد سارقا من عثر عليها واختلسها .
* ويثار التساؤل حول ما إذا كان الاستيلاء على الأشياء الضائعة التيانقطعت عنها حيازة صاحبها يشكل اختلاسا أم لا ؟.
يتفق الفقه والقضاء في فرنسا على أن التقاط الشيء الضائع بنية التملك يعد سرقة على أساس أن المالك لا يزال متمسكا بنية استرداد الشيء فهو مازال محتفظا بالركن المعنوي للحيازة وإنما فقد الركن المادي لها[27].

الفرع الثالث


الركـن المعنــــوي

لقد عرفت محكمة النقض المصرية القصد الجنائي في جريمة السرقة " أن القصد الجنائي في جريمة السرقة ينحصر في قيام العلم عند الجاني وقت ارتكابه الجريمة أنه يختلس المنقول المملوك للغير رغم إرادة مالكه بنية أن يمتلكه هو لنفسه "[28].
من التعريف السابق نستنتج أن الركن المعنوي لجريمة السرقة يحتوى على عنصرين أساسيين هما:
- أولا : القصـد العـــام.
- ثانيا : القصـد الخـاص.
أولا: القصـد العـــــام.
السرقة وبصفتها جريمة قصديه تفترض عند مرتكبها، طبقا للأحكام العامة قصدا عاما أي شعور الشخص انه يرتكب فعلا ممنوعا، فإذا كان الشخص يعتقد انه يختلس شيئا ملكا له أو شيئا مهملا أو غير مملوك فلا تقوم جريمة السرقة[29].و لقيام القصد الجنائي العام في جريمة السرقة يجب أن تنصرف إرادة الجاني إلى تحقيق الجريمة بجميع أركانها مع علمه بان القانون يعاقب على ذلك، وعليه يشترط في السرقة أن يكون الجاني مدركا بان الشيء محل السرقة ملكا لغيره وان تكون لديه إرادة التصرف بدون رضا المالك .
وتأسيسا على ذلك، ينفي الغلط في الواقع توافر القصد الجنائي ، وهكذا قضى في فرنسا بعدم قيام السرقة في حق من اخذ ، عند مغادرته المطعم معطف غيره خطأ معتقدا انه معطف لتشابه المعطفين ، ولا في حق من اعتقد صادقا أن مالك الشيء راض عن الفعل أو تنازل عن الشيء[30].



ثالثا: القصـد الخــاص.
يطرح التساؤل حول ما إذا كانت جريمة السرقة تقتضي قصدا جنائيا خاصا يتمثل في نية التملك، أي ضم ما استولى عليه الجاني لملكه أو لملك غيره.
كان القضاء يشترط توافر قصد خاص( Dolus generails) ويتمثل عند الشخص في نية التملك بالشيء المختلس أو التصرف فيه بصفته المالك، فلا تقوم سرقة في حق من اختلس شيئا ملكا للغير بنية المزاح أو للاطلاع عليه أو استعماله مؤقتا ثم رده لا يعتد بالباعث الذي دفع بالمجرم إلى ارتكاب السرقة قد يسرق الشخص بدافع الاحتياج أو دافع الأضرار بغيره أو دافع الانتقام منه فلا أهمية لذلك[31].
وتأسيسا على ذلك قضي في فرنسا بأنه لا يعد سارقا من يختلس كتابا في غيبة صاحبه ليطلع على محتواه ويرده في الحال ، أو من يختلس سيارة بقصد استعمالها في نزهة ثم ردها.
ثم تطور موقف القضاء في اتجاه عدم اشتراط نية التملك لقيام جريمة السرقة وأصبح يكتفي بمجرد استعمال الشيء ولو مؤقتا متى توفرت لدى الجاني في تلك الفترة نية التصرف في الشيء تصرف المالك.
كما قضي بتوافر الركن المعنوي في حالة طبع أو استنساخ وثائق، وهكذا قضت محكمة النقض الفرنسية بقيام السرقة في حق مستخدم استنسخ وثائق كانت في حوزته، وذلك بدون علم وبغير رضا رب العمل، مالك الوثائق ولا يعتد بالباعث في جريمة السرقة، وهكذا قضي في فرنسا بقيام السرقة في حق عمال مصلحة الغابات الذين لم يتقاضوا راتبهم الشهري فقاموا ببيع حطب رب العمل للحصول على مقابل راتبهم ، ونفس الحكم صدر في حق عمال اعتبروا أن جزء من أجورهم مهضوم فقاموا ببيع جزء من سلع مستخدمهم وتقاسموا ثمن البيع . كما قضي بقيام جريمة السرقة في حق من استولى على صحف في كنيسة لإتلافها وذلك للحيلولة دون بث أفكار يدعي بأنها خبيثة[32].
و بهذا نكون قد انتهينا من دراسة جريمة السرقة التقليدية من خلال المواد الجزائية الجزائرية، لنتقل في المطلب الثاني إلى دراسة جريمة السرقة المعلوماتية في ضوء القانون المقارن.
و بهذا نكون قد تطرقنا إلى دراسة أركان جريمة السرقة التقليدية، و لننتقل بعدها إلى دراسة القواعد الخاصة بجريمة السرقة الإلكترونية و نشرح الموضوع بالتفصيل في المطلب الثاني.

[1]- دردوس مكي، القانون الجنائي الخاص في التشريع الجزائري، الجزء الأول، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2005، ص14.

[2]_ أحسن بوسقيعة، الوجيز في القانون الجزائري الخاص، الجرائم ضد لأشخاص و الجرائم ضد الأموال، الجزء الأول،الطبعة الثالثة، دار هومة للطباعة و النشر، الجزائر، 2005، ص247.

[3]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص248.

[4]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

-[5] أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص248 -249.

-[6]دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[7]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص249.

[8]- أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص249.

[9]_دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[10]- و يرى القضاء انه لا مانع من اعتبار الفعل سرقة في حالة حصول التسليم في حالة الضرورة أو بصفة قصريه أن المدعى عليه الذي يتسلم وثيقة من خصمه بهدف الاطلاع والرد عليها ثم يرفض إرجاعها إلى الملف يرتكب السرقة يبرر هذا الحل بالقول إن التسليم في الحالة الأولى لم يكن إراديا وانه في الحالة الثانية وقع لضرورة الإجراءات.

[11]- جندي عبد المالك، الموسوعة الجنائية، رشوة- ظروف الجريمة، الجزء الرابع، الطبعة الثانية، دار العلوم للجميع، لبنان، دون سنة النشر، ص 162-163.


[12] -2أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 252_الي255.



[14]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[15]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق ، ص 255.

[16]_ أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص 257.

[17]- دردوس مكي، المرجع السابق.ص17.

[18]_ جندي عبد المالك، المرجع السابق، ص 200.

[19]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 257-258.

[20]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 15.

[21]_ أحسن بوسقيعة، نفس المرجع ، ص 258.

[22]_ دردوس مكي، المرجع نفسه ، ص 17.

[23]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق ، ص 262.

[24]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص 17.

[25]- أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 263-264.

[26]_ دردوس مكي، المرجع السابق، ص18.

[27]- أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 264 – 265.

[28]_ جندي عبد المالك، المرجع السابق، ص 233.

[29] _.دردوس مكي، المرجع السابق، ص 18.

[30]- أحسن بوسقيعة، المرجع نفسه، ص 265.

[31]- دردوس مكي، المرجع السابق، ص 18.

[32]_ أحسن بوسقيعة، المرجع السابق، ص 266-267.









قديم 2009-06-12, 23:04   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطلب الثاني
القواعد الخاصة بجريمة السرقة الإلكترونية
عرضنا من خلال دراستنا إلى الجرائم الإلكترونية في الفصل التمهيدي بأنها جرائم لها طبيعة خاصة و متميزة و أن محل الجريمة الإلكترونية ينصب على الأنظمة الإلكترونية سواء ما يقع عليها أو ما يقع باستخدام أدواتها الإلكترونية المادية من أجهزة وشرائط وكابلات و دعامات ممغنطة و نظرا لان دراستنا في هذا الفصل تتعلق بالاعتداء على المال الإلكتروني فقد قمنا بإيضاح القواعد العامة لجريمة السرقة و بينا أركانها و رأي القضاء فيها .
في هذا المطلب سوف نبين جريمة السرقة من حيث اتصالها وعلاقتها بالمعلوماتيـــة (المعالجة الإلكترونية ) ونظرا لان هذا الموضوع يتسم بقدر كبيــر من الدقـة و المشقة بما يتطلبه من تحليل لعناصر المعلوماتية و معرفة قابليتها لكي تكون محـلا للسرقـــة. و مدى قبول هذه العناصر إلى الحماية المقررة لجريمة السرقة بسبب أوجه القصور التي ما زالت موجودة حتى الآن سواء في القانون الجزائري أو في القوانيـن المقارنة التي لم تتعرض بشكل مباشر إلى حل تشريعي في سرقة المال الإلكتروني فكان من الواجب علينا في هذه الدراسة المقارنة أن نوضح آراء الفقه و القضاء في العناصر المكونة لجريمة السرقة وفقا للنص الجنائي القائم و بين عناصر سرقة المال الإلكتروني .
فتدور دراستنا بين الرأي المعارض و الرأي المؤيد لجريمة السرقة الإلكترونية هل يمكن أن تقع جريمة السرقة على المال الإلكتروني أم لا؟ و في حالة الإجابة بالنفي فما هو موقف المشرع و الفقه و القضاء في التصدي لهذه الظاهرة الإجرامية الخطيرة ؟ لأنه من الواجب أمام هذه الصورة المستحدثة من جرائم السرقة الإلكترونية تبيين مدى تطابق القواعد القانونية العامة لجريمة السرقة مع القواعد الخاصة لسرقة المال الإلكتروني أو أن يقترح ما يمكن من التشريع ليساير تلك الظاهرة. و إذا كانت الإجابة بالقبول فكيف يمكن تحديد العناصر المكونة لجريمة السرقة الإلكترونية ؟ .
و سوف نتناول في دراستنا للموضوع الإجابة على هذه الأسئلة ذلك من خلال الفروع التالية :
الفرع الأول: الركن المادي لسرقة المال الإلكتروني.
الفرع الثاني: محل جريمة السرقة الإلكترونية.
الفرع الثالث: الركن المعنوي في لسرقة المال الإلكتروني.
مع تبيان الرأي المأيد و الرأي المعارض ضمن كل فرع على حدي.
الفرع الأول
الركن المادي لسرقة المال الإلكتروني
بينا في الركن المادي للقواعد العامة للسرقة(الاختلاس)بأنه الاستيلاء على حيازة الشيء بغير رضاء مالكه أو حائزه و يتوافر الاختلاس إذا قام الجاني بحركة مادية ينقل بها الشيء إلى حيازته أيا كانت طريقته في ذلك بالنزع أو السلب أو الخطف أو النقل وما إليها.و يشترط أن يكون الاستيلاء بفعل الجاني وليس من الضروري أن يكون بيده بل بواسطة أشياء أخرى خاصة بالجاني ، ثم عرضنا عنصري الاختلاس وهما العنصر الموضوعي و الذي يعني الاستيلاء على حيازة المال المنقول موضوع السرقة,و العنصر المعنوي و الذي يعني عدم رضاء المجني عليه بالإضافة إلى نية التملك لدى الجاني ثم بينا التسليم وآثاره في الاختلاس من خلال التسليم الصادر من المالك أو الحائز القانوني و التسليم الناقل للحيازة و التسليم الصادر عن إرادة حرة ونظرا لان موضوع دراستنا في هذا الفرع هو إيضاح الركن المادي لجريمة السرقة في الإلكترونية [1].
سوف نبين أراء الفقهاء المتباينة بين الرفض و التأييد، و أحكام المحاكم الصادرة بخصوص الركن المادي للسرقة الإلكترونية من خلال النقطتين التاليتين:
الأول: فعل الاختلاس وعناصره في السرقة الإلكترونية.
الثاني: التسليم في السرقة الإلكترونية.
أولا: فعل الاختلاس و عناصره في السرقة الإلكترونية:
لا خلاف بين الفقهاء على أن الاختلاس الواقع على المكونات المادية للنظام الإلكتروني من أجهزة وملحقاتها و البرامج و البيانات المدونة على دعامات مادية كالاسطوانات و الشرائط و التي يتم نقلها و الاستيلاء عليها و حيازتها بدون رضاء مالكها أو حائزها و بنية تملكها تخضع وفقا للمفهوم التقليدي للقواعد العامة للسرقة و لا يشترط أن تكون الحيازة الجديدة للمتهم نفسه بل يمكن أن تكون لشخص آخر غيره و على ذلك فمن يقوم باختلاس برامج معالجة الكترونية و يسلمها لشخص آخر لتدخل في حيازة هذا الأخير تقوم بها جريمة السرقة حال اكتمال أركانها لأنه يفترض هنا دخول الشيء في حيازة المتهم قبل دخوله في حيازة الآخر.
ويبقى الخلاف قائما بين الفقهاء فيما يتعلق بتطبيق فعل الاختلاس وعناصره على المكونات غير المادية للنظام الإلكتروني و.بهمنا إيضاح ذلك من خلال عنصري الاختلاس.

1_العنصر الموضوعي: الاستيلاء في السرقة الإلكترونية.
نشأ خلاف بين الفقهاء حول الاستيلاء في السرقة الإلكترونية من خلال رأيين
الأول-:يرى عدم توافر ركن الاختلاس في حالة الاستيلاء في السرقة الإلكترونية .
الثاني-:يرى توافر ركن الاختلاس في حالة الاستيلاء في السرقة الإلكترونية.
و قد ظهر أوجه هذا الخلاف من خلال الصور التالية:
أ_الصورة الأولى: الطبيعــة الإلكترونية.
ب_الصورة الثانية: المعلومات المخزنة بالنظام الإلكتروني.
ج_الصورة الثالثة: المعلومات المخزنة علـى دعــامات.
د_الصورة الرابعة: سرقـــة وقت النظـام الإلكتروني.
أ_الصورة الأولى:-الطبيعة الإلكترونية.
الرأي الأول: يرى أنصار هذا الرأي عدم خضوع المعلومات الإلكترونية إلى الاختلاس: وهذا يرجع لان طبيعة المال الإلكتروني طبيعة معنوية بينما طبيعة الاختلاس طبيعة مادية واستندوا إلى الأدلة التالية:
1- إن المحل في جريمة السرقة، لابد أن يكون ذا طبيعة مادية، و يقصد بالشيء المادي الشيء الذي ينتمي إلى عالم المحسوسات فيمكن لمسه مباشرة واستغلاله على الوجه الذي يحقق منفعة مالكه أو حائزه ، و بعبارة أخرىالشيء المادي الذي يقبل السلطات المادية التي تنطوي عليها الملكية والحيازة. وتتطلب بعض التشريعات صراحة أن يكون المحل ماديا وذلك بالإشارة إلى المنقول المملوك للغير ومن ذلك على سبيل المثال قانون العقوبات المصري و الاسباني و السويسري و الفنلندي ولا شك أن المعلومات في ذاتها منفصلة عن إطارها المادي تخرج من مجال السرقة وفقا لهذه القوانين لافتقارها للطبيعة المادية التي تشترطها هذه النصوص[2].
2- المعلومات غير قابلة للقياس أو للتحديد، بالإضافة إلى أن هناك اختلاف من حيث الطبيعة بين المعلومة المختزنة في النظام ألمعلوماتي و التي يجرى البحث عن محتواها المعنوي وبين الطاقة الكهربائية التي هي حقيقة مادية حتى ولو كانت غير ملموسة.
3- المعلومات تتعارض مع اعتبارها من قبل الأشياء حيث يتم الحصول عليها عن طريق السمع أو بقراءة المعطيات على الشاشة أو بطريقة إعداد نسخ البرامج على دعامات (اسطوانات)يملكها الجاني ذاته و في جميع الفروض فان المعلومات لا تعد من الأشياء.
4- أن الاختلاس اللازم لوقوع السرقة بمعناها المعروف غير متحقق لأنه ينطوي على تبديل الحيازة و ينحصر في الحصول على منفعة الشيء فقط دون أصله الذي يبقى في حيازة صاحبه و لا صعوبة في القول بأننا نكون هنا بصدد سرقة منفعة بشرط وجود نص بهذا الأمر وفي حالة عدم وجود نص فلا سرقة في الأمر[3].
الرأي الثاني: يرى أنصار هذا الرأي خضوع المال الإلكتروني إلى الاختلاس: وذلك للأسباب التالية:
1 - إن المعلومة قابلة للتحديد و القياس مثل الطاقة الكهربائية و يمكن قياسها عن طريق كمية المعلومات الموجودة بالشريط أو الاسطوانة، أو عن طريق طول الشريط أو الفترة التي يستغلها[4].
2- ليس من الضروري أن يكون المحل في جريمة السرقة ماديا ويتضح ذلك من نصوص قانون العقوبات الفرنسي وغيره من القوانين المشابهة كالقانون البلجيكي فكلمة"" شيء"" الواردة بالنصوص الخاصة بجريمة السرقة في هذه القوانين هي من العموم بحيث تسمح بإدراج الأشياء غير المادية كالمعلومات ويدلل أنصار هذا الاتجاه بالنصوص التي تعالج الجرائم الأخرى كالنصب على سبيل المثال إذ تحدد نصوصها الأشياء القابلة لان تكون محلا للجريمة على سبيل الحصر[5].
3- يمكن اختلاس المال الإلكتروني باعتباره (خلق فكرى) و أن ركن الاختلاس سيكون من نفس طبيعة الشيء أي الحيازة الفكرية لهذا الشيء ألمعلوماتي .
4- استند أنصار هذا الرأي إلى الحكم الصادر في قضية بوركان (Bourquin) و التي تتلخص وقائعه في قيام مبرمج كان قد ترك عمله في احد الشركات ونتقل إلى شركة أخرى ثم قام بعد ذلك بزيارة الشركة الأولى التي كان يعمل بها وزار مطبعتها وأخذ شرائط أخرى نسخها بمعرفته في مطبعته بهدف إنشاء شركة منافسة فحكمت عليه محكمة الاستئناف بالحبس شهرا مع إيقاف التنفيذ تطبيقا للمواد 401 ,379قانون العقوبات الفرنسي بتهمة السرقة.
ب_ الصورة الثانية: المعلوماتية المخزنة بالنظام الإلكتروني.
نعرض في هذه الصورة مدى صلاحية المعلومات المخزنة بالنظام لإلكترونيي للاختلاس من خلال موضوعين:

أ- نسخ ونقل المعلومات من النظام الإلكتروني.
ب- الالتقاط الذهني و السمعي للمعلوماتية من النظام الإلكتروني.
أ- نسخ و نقل المعلومات من النظام الإلكتروني:
اختلف الفقهاء من حيث صلاحية نسخ و نقل المعلوماتية من النظام الإلكتروني للاختلاس إلى رأيين :
الرأي الأول : يرى عدم صلاحية نسخ و نقل المعلومات من النظام الإلكتروني.
الرأي الثاني: يرى صلاحية نسخ و نقل المعلومات من النظـــام الإلكتروني.
الرأي الأول : يرى عدم صلاحية نسخ و نقل المعلومات من النظام الإلكتروني:
فلا يتحقق فعل السرقة حتى و إن أدى ذلك في بعض الأحيان إلى الإضرار بالمعلومات أو إتلافها أو التأثير على قيمتها و يؤيد هذا الرأي مايلي:
1- إن المعلومات المخزنة على النظام الإلكتروني و إن كانت لا تعتبر في ذاتها أشياء مادية فلا يتصور انتزاع حيازتها ولا تكون محلا للسرقة إلا إذا أمكن تحيزها داخل إطار مادي.
2- الصعوبة التي تثار في عدم اعتبار نسخ ونقل المعلوماتية اختلاس يرجع إلى أن الجاني لم يستولي على أصل المعلومة ولكن نقل الصورة منها وبالتالي لا ينطبق عليها وصف السرقة ومما لاشك فيه أن مشروعية هذا الفعل قد يعد تقليدا أو سرقة منفعة بشرط وجود نص خاص في هذا الشأن أما في حالة عدم وجود هذا النص فلا يعد سرقة. كما أن ذلك لا يعد سرقة لأصل المعلومة حتى ولم تم تدميرها أو إتلافها[6] .
الرأي الثاني: يرى صلاحية نسخ و نقل المعلومات من النظـــام الإلكتروني: وذلك للأسباب التالية:

[1]- أحمد خليفة الملط، المرجع السابق،ص249.


[2]- نائلة عادل محمد فريد قورة، جرائم الحاسب الآلي الاقتصادية، دراسة نظرية وتطبيقية، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، 2005، ص 157- 158.

[3]_ أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 252.

[4]- أحمد خليفة الملط، نفس المرجع ، ص 252.

[5]- نائلة عادل محمد فريد قورة، المرجع السابق، ص152.

[6]-2 أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 253 الى256.









قديم 2009-06-12, 23:07   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


1- اعتناق القضاء الفرنسي في تعريف السرقة مفهوما واسعا يعطي الإمكانية لتجريم السرقة الإلكترونية و طبقا للحكم الصادر من محكمة مون بليه ( montbéliarde ) في 26 مايو عام 1978.[1]
2- يقع فعل الاختلاس على المعلومات لوجودها بكل فوائدها ومراياها الاقتصادية تحت سيطرة الجاني فيصبح بمقدوره التصرف فيها بحرية وتوجيهها.ويظهر عليها بمظهر المالك ويغتصب سلطة أو ميزة إعادة الإنتاج التي تخصه ويجرد المعلومات كليا أو جزئيا من القيمة وبخاصة القيمة الاقتصادية التي تمثلها في الذمة المالية للمجني عليه، ويؤيد أصحاب هذا الرأي ضرورة وجود نشاط مادي بعد هذا الاختلاس يتمثل في بيع المال الإلكتروني أو وضعها موضع التنفيذ.
3- فكرة الاستيلاء الاحتيالي لنسخ ونقل المال الالكتروني هي إحدى صور التفسير الواسع للاختلاس وأيدت المحكمة ذلك في قضية ( logabax ) والتي أدانت فيه المحكمة احد العمال بالسرقة عن حالة النسخ الفوتوغرافي للمستندات السرية حيث أن هذه المستندات تم الاستيلاء عليها احتيالا وانه وفقا لرأي فقهاء المعلوماتية بان سرقة المال الإلكتروني تختفي وراء سرقة الأوراق والمستندات[2].
ب- الالتقاط الذهني و السمعي للمعلومات الإلكترونية:
اختلف الفقهاء في صلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس إلى رأيين:
الرأي الأول: يرى عدم الصلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس:
الرأي الثاني: يرى الصلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس.
الرأي الأول: يرى عدم الصلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس. وذلك للأسباب التالية:
1- اختلاس المعلومات قد يتحقق بمجرد قراءة المعلومة أو الاستماع إليها وهو ما لا يمكن العقاب عليه ، فهي لا تعتبر بمثابة شيء و من ثم لا تصلح لأن تكون محلا للسرقة[3].
2- أن الصورة التي تظهر على شاشة النظام ألمعلوماتي ولو أنها تبدو كنشاط إنساني يمكن تقديرها بالجهد الفني الذي يبذله المختص إلا أنها لا تعتبر بمثابة شيء ولا تعتبر مكتوبة بالمرة ولا تصلح للسرقة. وئيد الرأي بحكم محكمة باريس فيما يتعلق بالاختلاس الناتج عن الالتقاط غير المشروع الوارد بقضية قناة التلفزيون في فرنسا والمسماة بـ canal plus من أن فكرة الاختلاس لا توجد اعتداء على العنصر المادي للشبكة المنتجة للبرامج التي تبث بوضوح وتلك التي تبث مشوشة.
فقد اعتبرت المحكمة أن جريمة السرقة لا تتوافر عناصرها وذلك لان " التوصل غير المشروع لالتقاط برامج هذه القناة لم يكن من شانه أن يغل يد مالك البرنامج عنه ".وبناء عليه رأت في حيثيات الحكم عدم توافر جريمة السرقة.
3- توافر فيه مقومات النشاط المادي ذو المظاهر الخارجية الملموسة الذي يقتصر التجريم عليه في الشرائع الحديثة وان وجود جرائم تتمثل مادياتها في محض النشاط الذهني تفتح مجالا لتجريم ما يدور في العقول و الأذهان وهذا غير معقول.
4- القول بأن مجرد الاطلاع على المعلومات دون علم ورضاء صاحبها يمثل جريمة سرقة يؤدي إلى نتائج غير معقولة ومبالغ فيها وان العقاب على سرية المعلومة ليس به شيء من الواقعية[4].
الرأي الثاني: يرى صلاحية الالتقاط السمعي و الذهني للمعلومات الإلكترونية للاختلاس. وذلك للأسباب التالية:
1- الاستيلاء على المعلومات يمكن أن يتحقق عن طريق السمع والمشاهدة ومن ثم فان المعلومة يمكن صبها في إطار مادي عن طريق تحيزها داخل إطار معين والاستئثار به.
ويتحقق ذلك إذا قام الشخص الذي التقط المعلومة بتدوينها أو تسجيلها على دعامة ثم يعرضها للبيع ففي هذه الحالة تنقل المعلومة من ذمة مالية إلى ذمة مالية أخرى حيث لم يعد صاحب المعلومة الشرعي هو الوحيد صاحب الحق في احتكارها.
وبالتالي فان المادة 311 الفقرة الثانية عقوبات فرنسي يمكن أن تطبق إذا تم الالتقاط المتبوع بنشاط مادي وادي إلى نقل المعلومة من ذمة المجني عليه إلى ذمة الجاني سواء على جهاز أو أوساط أو أوراق ، أما إذا احتفظ الشخص بالمعلومة التي التقطها في ذهنه دون تسجيل أو تدوين فانه لا يقع تحت طائلة قانون العقوبات.
2- يمكن الحصول على البرامج وتشغيل الجهاز ورؤية المعلومة على الشاشة فان المعلومات تنتقل من الجهاز إلى ذهن المتلقي وحيث أن موضوع حيازة المعلومات غير مادي فان واقعة الحيازة تكون من نفس الطبيعة أي غير مادية "ذهنية" وبالتالي نصل إلى إمكانية حيازة المعلومات الإلكترونية عن طريق الالتقاط الذهني بالبصر أو بالسمع[5].
ج_ الصورة الثالثة: المعلومات الإلكترونية المخزنة علـى دعــامات.
و اختلف الفقهاء حول صلاحية المعلومات الإلكترونية المخزنة على دعامات للاختلاس إلى رأيين هما:
الرأي الأول: يرى صلاحية المعلومات الإلكترونية المخزنـة علـى دعــامات للسرقة.
الرأي الثاني: يرى عدم صلاحية المعلوماتيـة المخزنة علـى دعامات للسرقة.
الرأي الأول: يرى صلاحية المعلومات الإلكترونية المخزنة علـى دعــامات للسرقة:وذلك للأسباب التالية:
1- إن الاعتداء على الأموال المعلوماتية المادية يصلح موضوعا لجريمة السرقة، والاعتداء على المعلومات و البيانات المنسوخة على الدعامات و الأشرطة الممغنطة يتوافر به جرم السرقة متى تم الاستيلاء عليها و نقل حيازتها من صاحبها الأصلي إلى حيازة الجاني وهو بذلك يشكل اعتداءا على المنقول، إذ إن الاستيلاء على المعلومات هي هدف الجاني و ليس الدعامات الفارغة، و التي لا يمكن فصل المعلومات عنها، و هذا ما أخد به القانون المصري[6].
2- إن سرقة المعلومات وليست سرقة الدعامة هي السبب الذي أدانت من اجله محكمة النقض الفرنسية في قضية " logabax " العامل الذي قام بنسخ مستندات سرية بدون علم ورضاء المالك.
3- أن محكمة النقض الفرنسية أدانت شخص بجريمة إخفاء لأنه قدم للمحكمة صورة منسوخة كان قد أعدها بنفسه من مستند مسروق بمعرفة شخص مجهول الهوية فالاختلاس هنا انصب على المعلومات في حد ذاتها.
الرأي الثاني: يرى عدم صلاحية المعلومات الإلكترونية المخزنة علـى دعامات:وذلك للأسباب التالية:
1- أنه يترتب على سرقة المعلومات والبرامج من على الدعامات المادية إضرارا تفوق القيمة الحقيقية للدعامة ذاتها ويرجع إلى أن اختفاء المعلومات يعقبها إفشاء للأسرار ، وان سرقة الدعامة يتمثل في ضياع وسرقة عمل على قدر كبير من الأهمية ويعتبرها البعض سرقة منفعة.
2-عدم صلاحية المعلوماتية للسرقة من على الدعامات ، ولكن يمكن تطبيقها على سرقة الدعامة التي تحتوي على المعلومات وكذلك المستندات التي تتضمن معلومات فالقضاء الذي اقر سرقة المستند المعلوماتي قد وضع في الاعتبار سرقة الشيء المادي رغم انه لا يمكن فصل المعلومات عن الورقة المنسوخة عليها وكذلك لا يمكن فصل المعلومات عن الدعامة المادية.
3- و انه في حالة افتراض وقوع الاختلاس على الأشياء المعنوية فيجب أن يقابله تشدد في تحقيق طبيعة الاختلاس ، بضرورة تحققه في نشاط مادي بان ينقل على دعامة مادية، فاخذ شيء غير مادي مثل المعلومات لا يكون ماديا إلا إذا كان قد تجسد في هيئة مادية. [7]



[2]- نائلة عادل محمد فريد قورة، المرجع السابق، ص 152.

[3]- محمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 149.

[4]- أحمد خليفة الملط، المرجع السابق ، ص 256 – 257.

[5]- أحمد خليفة الملط، المرجع نفسه، ص 256 – 257.

[6]- احمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 145.

[7]- أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 259 .










قديم 2009-06-12, 23:09   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

د_الصورة الرابعة: سرقـــة وقت النظـام المعلوماتي:
انقسم الفقهاء حول صلاحية وقت النظام ألمعلوماتي للاختلاس إلى رأيين هما:
الرأي الأول: يرى عدم صلاحية سرقـــة وقت النظـام ألمعلوماتي.
الرأي الثاني: يرى صلاحية سرقـــة وقت النظـام ألمعلوماتي.
الرأي الأول: يرى عدم صلاحية سرقـــة وقت النظـام المعلوماتي:وذلك للأسباب التالية:
1- إن جهد النظام المعلوماتي ما هو إلا خدمات تتاح بمقابل مادي ومن ثم فان الحصول على هذه الخدمة بغير المقابل المقرر وبغير رضاء صاحب الحق في اقتضاء ذلك المقابل يعد سرقة منفعة.
2- اعترض بعض الفقهاء على اعتبار الوقت من قبيل الأموال حيث لا يمكن تشبيه وقت النظام المعلوماتي بالمال الذي يتم الاستيلاء عليه ماديا أو بواسطة المتهم الأمر الذي ينفي إمكانية قيام السرقة.
الرأي الثاني: يرى صلاحية سرقـــة وقت النظـام المعلوماتي: وذلك للأسبابالتالية:
1- سرقة وقت النظام المعلوماتي تستند إلى اعتبار أن وقت استخدام المكونات المادية للنظام الإلكتروني يمكن تقويمه بالمال أو أي قيمة مادية وبذلك يصلح للاختلاس.
2- إن الاستيلاء على وقت النظام ألمعلوماتي يعد استيلاء مادي يتمثل في تعبئة إمكانيات الجهاز كليا أو جزئيا لأجل المتهم الأمر الذي يفيد استيلائه على وقت النظام لنفسه كما انه لم يسمح لبقية المشتغلين بالاستفادة من هذا الوقت ولذلك فان الأحكام القضائية متعددة لتجريم واقعة السرقة في حالة قيام الشخص بالعمل على نظام لا يخصه أو بدون إذن إذا كان هذا الشخص ليس له الحق مطلقا في العمل على هذا النظام.
3- إن حالة سرقة وقت النظام ألمعلوماتي ليست في حاجة للإثبات حيث أن تشغيل الغير مشروع في حد ذاته سرقة وقت العمل ويخضع لنصوص السرقة.[1]
2_ العنصر المعنوي: عدم رضي المجني عليه.
لا يتحقق فعل الاختلاس إلا إذا كان بغير رضاء المجني عليه، لأن الاختلاس اعتداء على حيازة الغير، و لا يتحقق هذا الاعتداء إلا إذا ارتكب الفعل بغير موافقة الغير، و القول بغير ذلك ينفي الاعتداء على ملكية هذا الغير. و يشترط في الرضا أن يكون سابقا أو معاصرا لتبديل الحيازة، أما الرضا اللاحق فلا ينفي فعل الاختلاس.[2]
ثانيا: التسليم فـي المعلوماتيـة.
أدى التقدم التكنولوجي والرواج الاقتصادي وانتشار الأنظمة المعلوماتية وظهور الشبكات العالمية ودخولها إلى عالم المعلوماتية بالبنوك والمؤسسات الكبرى إلى اعتناق التقنية الحديثة من التطور المعلوماتي والتسهيل على عملائها والتشجيع للرواج التجاري والاقتصادي إلي قيام البنوك بإصدار بطاقات ائتمانية ممغنطة وبأرقام خاصة وسرية يطلق عليها "فيزا كارت" , وهذه البطاقات سهلت المعاملات البنكية بين البنك والعميل وسهلت للعميل عدم الاحتفاظ بمبالغ كبيرة قد تعرضه للسرقة أو السطو.
فسمحت البنوك لعملائها أن يستخدموا هذه البطاقات من أي مكان في العالم في عملية السحب النقدي للأوراق المالية من أي منفذ للتوزيع الآلي للنقود أو الشراء بها من أي محل يتعامل في هذا المجال، وزيادة من التيسير على العملاء قامت البنوك بربط المنافذ بالحساب الجاري بالبنك المصدر لهذه البطاقة وفقا للنظام الإلكتروني، ومع كل هذه المميزات التي سهلت على العملاء كان لابد أن توجد بعض المخاطر التي تنتج عن هذه المعاملات بين العميل والبنك والتي تتمثل فيما أطلق عليه الاستخدام التعسفي من العميل لبطاقة الائتمان الممنوحة إليه وكذلك استخدام الغير لها في حالة فقدها أو سرقتها.
وما يهمنا في موضوع السرقة المعلوماتية هو حالة إساءة العميل استخدام بطاقة الائتمان الصادرة له في السحب أكثر من الرصيد المسموح له به في البنك ويثار التساؤل هنا في واقعة التسليم التي تصدر من جهاز التوزيع الآلي للنقود للعميل هل هذا التسليم ينفى الاختلاس أم لا؟ وما هو التكيف القانوني لهذا التسليم ؟ [3].
وسوف نوضح الإجابة على هذه الأسئلة من خلال آراء الفقه والقضاء فيما يلي:
1: موقف الفقـــه.
2: موقف القضـاء.
1- موقف الفقـــه.
انقسم الفقه بشأن واقعة التسليم الصادرة من الجهاز الآلي لتوزيع النقود للعميل بمقتضى بطاقة الائتمان الممنوحة له وسحبه لرصيد أكثر من المسموح له بسحبه إلي رأيين :
أ-الرأي الأول: يرى استبعاد وصف السرقة عن فعل العميل:وذلك للأسباب التالية:
1- إن التسليم قد تم بطريقة رضائية حيث أن منافذ التوزيع تعمل وفقا لأوامر البنك, ومن ثم فالمفترض أن البنك وضع تعليماته الخاصة بالسحب من خلال برنامجه لمنافذ التوزيع وما على الجهاز إلا تنفيذها والدليل على ذلك سحب جهاز التوزيع لأي كرت لعميل يخطأ في إدخال الرقم السري خلال ثلاث محاولات.
فكان من الممكن برمجته بأن لا يعطي أكثر من الرصيد فلو أراد صاحبه ذلك لأعطى للجهاز حدود معينه بالتسليم في حالة عدم وجود رصيد يكفي ولكن تجاهل البنك لهذا الأمر يجعل من التسليم الذي لا ينتج عن محاولات احتيالية تسليم إرادي ينفي الاختلاس.
2- إن تسليم النقود قد تم بطريق الخطأ من جانب البنك عن طريق الآلة ومن المعروف أن التسليم بطريق الخطأ يمنع من توافر عنصر الاختلاس في جريمة السرقة.
3- ما اتجهت إليه محكمة النقض الفرنسية من أن تجاوز العميل السحب أكثر من الرصيد يعتبر إخلالا بالتزام تعاقدي نشأ بين العميل والبنك محددا فيه الحد المسموح للسحب، وبذلك لا يخضع هذا العمل للسرقة.
4- إن وصف السرقة لا يستقيم مع البرمجة الإلكترونية لأجهزة التوزيع الآلي للنقود على نحو يجعلها تستجيب لكل طلب مطابقا للنظام المحدد سلفا من جانب البنك، فالبنك يعطي للجهاز تعليمات بتسليم أوراق البنكنوت للعميل الذي يضع بطاقته في الجهاز ويضرب الرقم السري الخاص به، ثم يسجل المبلغ المراد سحبه ملتزما في ذلك حدود المبلغ المصرح به دوريـا. ولكن الصيرفي لم يطلب من الجهاز أن يمتنع عن التسليم في الحالة التي يطلب فيها العميل مبالغ تتجاوز رصيده في البنك, فاستجابة المبرمج من قبل البنك لطلب صاحب البطاقة معناه أن التسليم قد تم برضاء البنك وليس رغما عنه.
ب _الرأي الثاني:الذي يضفى وصف السرقة على هذا الفعل: وذلك للأسباب التالية:
1- تشبيه حالة سحب العميل لمبالغ تتجاوز رصيده في البنك باستخدام بطاقة الائتمان الممغنطة بحالة الدائن الذي يقدم له مدينة حافظة نقوده ليأخذ منها الدين المستحق له ، فيستولى منها على مبلغ أكثر من حقه وبدون رضاء المدين, فالتشابه هنا قائم بالنسبة لجهاز التوزيع الآلي للنقود لأنه وان كان هناك تسليم إلا أنه تم من أجل التنفيذ المادي للالتزام , وعلى ذلك يعد الفعل سرقة.
2-إن التسليم بطريق الخطأ فالآلة مجردة من الإرادة والتفكير لا يمكن أن ترتكب خطأ بالمعنى القانوني فهي ليست كموظف البنك الذي لا يمكن أن يقع في مثل هذه الأخطاء وبالتالي فإنه تسليم غير واعي وليس تسليما بطريق الخطأ أما من ناحية توافر الرصيد بصفة دائمة فأن الرصيد يتعلق بكروت الدفع وليس الرصيد بالمعنى التقليدي ولا يعقل أن نجد فتح ائتمان بطريقة ضمنية بينما يستبعد الاتفاق الصريح بين البنك وعملائه.
3- وردا على اعتبار الفعل خطأ تعاقدي فإنه يعد منتقدا تأسيس على أن الجهاز الذي يقوم بعملية التوزيع ليس سوى وسيط بين العميل الذي يستخدمه وبين موظف البنك وحيث أن الجهاز ليس سوى أداه فإن التسليم لا يعد تسليما ناقلا للحيازة الكاملة بل مجرد تسليم مادي لا ينفي معه إمكانية قيام السرقة لحدوث الاستيلاء المكون للركن المادي للجريمة والمتمثل في المال الزائد عما يملكه صاحبه طالما توافرت سوء النية من جانبه أما إذا كان صاحب الرصيد حسن النية ويعتقد خطأ بأنه مالكا لهذا المبلغ الذي سحبه فلن يعاقب بجريمة السرقة استنادا إلى انتفاء القصد الجنائي.
4- تطابق هذه الحالة مع التسليم المعلق على شرط وهي حالة حصول شخص على سلعة بطريق الغش من جهاز البيع لآلي بوضع قطعة معدنية غير نقدية توافق ما يتم وضعها في الجهاز للسلعة المطلوبة ولكنها تقل عنها في القيمة أو تنعدم قيمتها كلية وان يعبث في الجهاز فتخرج له السلعة ولا شك أن هذا الفعل اختلاس يكون جريمة السرقة.
وهو ما ينطبق على أي شخص يعبث بأي طريقة في جهاز الصرف الآلي للنقود من احد البنوك سواء ببطاقة عثر عليها واحتسبها لنفسه بنية تملكها, أو سرقتها من أي شخص آخر بأي كارت ممغنط لغرض آخر ولكنه افلح في استخدامه على النحو ، وادخل رقما تصادف انه رقم صحيح وحصل عن طريق ذلك على مبلغ من النقود فالواقعة سرقة.
2- موقف القضــاء:
لا يوجد حتى الآن في الجزائر أحكام قضائية بشأن الجرائم الإلكترونية، ولكن القضاء الفرنسي اتجه بشأن العميل الساحب من جهاز التوزيع الآلي للنقود لأكثر من رصيده المسموح له به إلى اتجاهين: -
أ- الاتجاه الأول: يرى عدم خضوع هذا التصرف إلى السرقة استنادا إلى الأحكام الصادرة بمحاكم الاستئناف الفرنسية التي أكدت في أحكامها أن التصرف الصادر من قبل صاحب البطاقة لا يخضع لنصوص التجريم المتعلقة بخيانة الأمانة أو النصب أو السرقة حيث أن المستحق للبطاقة يعد مالكا للأوراق النقدية وان التسليم قد تم آليا من البنك كما أن التسليم تم بإرادة ورضا المؤسسة البنكية التي تقوم الآلة بتنفيذ تعليماتها .
وبالتالي لا يتحقق مفهوم الاستيلاء الاحتيالي المكون للركن المادي لجريمة السرقة , ومن هذه الأحكام مايلي :
1- استئناف أنجه في 2/12/1980.
2- استئناف ليون في 9/8/1981.
3- استئناف أنجية في 4/2/1982.
و قد أيدت محكمة النقض الفرنسية هذا الاتجاه في حكمها الصادر في 24 نوفمبر عام 1983 حيث جاء بمنطوق الحكم أن " سحب النقود من منافذ التوزيع الآلي بواسطة بطاقة الائتمان الممغنطة متجاوزا بذلك الرصيد الدائن لحسابه بالبنك لا يعدوا إلا أن يكون مخالفا لالتزام تعاقدي ولا يخضع لأي نص من نصوص القانون الجنائي.
ب- الاتجاه الثاني: يرى بان تجاوز السحب يصلح للسرقة استنادا إلى الأحكام الصادرة من المحاكم الفرنسية حيث قضت بأحكام أخرى بقيام السرقة في حالة استخدام البطاقة من قبل صاحبها في سحب مبالغ نقدية تزيد عن الرصيد من البنك مع علمه بذلك مثال الحكم الصادر من محكمة تروى في 27/4/1976 حيث اعتبر أن العميل استولى على مال البنك بإخراجه من ذمته بدون رضائه مخالفا بذلك الاتفاق المبرم بينه وبين البنك الأمر الذي يجعل حيازة هذا المال غير مشروعة،وهناك حكم صادر عن محكمة ليون،وحكم صادر عن محكمة لبيه.
_ والحكم الصادر من محكمة ليون في 20/4/1982 والذي أدان فيه شخص بتهمة السرقة لقيامه بسحب مبالغ نقدية تتجاوز رصيده الموجود في إدارة الشيكات البريدية وهده الشيكات تختلف عن الشيكات العادية الصادرة عن البنوك في أن الإدارة متقيدة بحساب العميل وبالرصيد الموجود فيه.فلا تستطيع منح العميل أي ائتمان على المكشوف ، فإدارة الشيكات البريدية ليست مؤسسة مالية تشبه البنوك ، وورد في حكم محكمة ليون إن إدارة الشيكات البريدية قد أخذت تعهد على العميل – لحظة حصوله على البطاقة – بأنه ملزم بعدم السحب إلا في حدود الرصيد الدائن فقط.وعليه فإذا ما خالف العميل هذا الالتزام وحصل على مبالغ تتجاوز الرصيد الدائن في حسابه يكون قد اخذ أموالا مملوكة لإدارة الشيكات البريدية بدون رضائها،لأنها سبق أن عبرت عن إرادتها بان أوضحت للعميل بعدم إمكانية تجاوز الرصيد الدائن في حسابه، فالعبرة بان الحكم يجد أساسه في مضمون العقد الذي يوجد بين العميل وإدارة الشيكات البريدية.
_ الحكم الصادر من محكمة لبيه في 15 ديسمبر 1990 والذي أدان شخص عن جريمة السرقة لأنه اخذ كمية من الملبس من احد الأجهزة الآلية للتوزيع وذلك باستخدام عملات معدنية أجنبية في نفس الحجم العملة المحلية ولكن ذات قيمة اقل من قيمة العملة المحلية التي صمم لها الجهاز.[4]






[1] _أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 260 – 261.

[2]_محمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 157.

[3]_أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 262 – 263.

[4]_ أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 267 الى270.










قديم 2009-06-12, 23:19   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني
محل جريمة السرقة
محل السرقة هو الشيء الذي يقع عليه الاعتداء و تتعلق به الحقوق و المصالح التي يحميها القانون.[1] ولقد بينا وفقا للقواعد التقليدية للسرقة ما انتهى إليه رأي الفقه والقضاء من أن محل السرقة ينصب على مال منقول مملوك للغير و أن المال هو كل شيء يصلح للحيازة والنقل والتملك ولا يشترط أن يكون للمال قيمة محددة حتى يكون صالحا للسرقة حيث تنتفي السرقة عن الأشياء التي ليست لها قيمة مالية وعرضنا أيضا للحيازة غير المشروعة للمال في منفعته و ما يتعلق بالقوى الطبيعية والكهرباء و خطوط التليفون باعتبارها من الأموال التي ينطبق عليها النص الجنائي في السرقـــــــة .[2]
و سوف نقوم من خلال هذا الفرع بتوضيح وجهه نظر الفقه و القضاء بين مدى صلاحية محل السرقة في السرقة الإلكترونية ليكون محل جريمة السرقة في ثلاثة نقاط هي:
أولا: طبيعة المــال في جريمة السرقة الإلكترونية.
ثانيا: طبيعة المنقول في جريمة السرقة الإلكترونية .
ثالثا: ملكية الغير للمـال جريمة السرقة الإلكترونية .
أولا : طبيعة المــال في جريمة السرقة الإلكترونية.
يقصد بالمال الإلكتروني المنطقي( المعنوي )، هو مكونات العناصر المنطقية للنظام الإلكتروني وهي ما تحويه هذه العناصر من برامج أو بيانات صالحة للاستخدام إي المعالجة آليا يثار السؤال عن هذا المال الإلكتروني المعنوي هل يصلح لان يكون محلا للسرقة أم لا ؟ وهي يتطابق اعتباره مالا و محلا للسرقة مع القواعد العامة للسرقة من عدمه.[3]
و لقد اختلف الفقهاء في تحديد ما إذا كانت المعلومات تعد أموالا أم لا، و ذلك بتحديد ما إذا كانت تصطبغ بالصبغة المادية أم أنها تتجرد عنها، و ذلك في اتجاهين متباينين:
الرأي الأول :- يعتبر المعلوماتية ليست مالا و بالتالي لا تخضع للسرقة.
الرأي الثاني :- يعتبر المعلوماتية مالا و يمكن خضوعهـــا للسرقة .
سوف نبين كل من الرأيين و أدلته على الوجه التالي :


الرأي الأول: المعلومات ليست مالا.
1- يرى رأي من هذا الاتجاه أن المعلومات ليست لها طبيعة مادية، إذ أن الأشياء المحسوسة هي فقط التي تعتبر من قبيل الأشياء المادية. و انعدام الكيان المادي للمعلومات لا يجعلها محلا لحق مالي من نوع الحقوق المتعارف عليها في الفقه، و التي ترد على كيانات مادية، مما يؤدي إلى ضرورة استبعادها من طائفة الأموال.[4]
2- رأي آخر يرى أن ما يحدث في حالة اقتناء المعلومات عن طريق شخص آخر غير صاحبها الشرعي لا يعني سرقة مثال ذلك الشخص الذي يعرض على شاشة جهازه عن طريق محطة طرفية المعلومات و المعطيات المختزنة في بنك المعلومات الخاص بشخص أخر، فالمجني عليه في هذا المثال يحتفظ دائما ببنك المعلومات خاصته و ما يحتويه دون المساس به من جانب الغير، إذ لم يؤخذ منه شيء، و كل ما في الأمر أن الشخص الذي قام بنسخ هذه المعلومات أو بعضها عن طريق تصويرها يكون بذلك تقاسم الاطلاع على هذه المعلومات مع صاحبها الشرعي، و يضاف إلى ذلك انه ليس لديه نية حرمان صاحبها مما أخذه بصفة دائمة أو بصفة مؤقتة فلم يكن لديه سوى نية الاطلاع على المعلومة و معرفتها.
3- رأي آخر يرى أن المعلومات لا تصلح أن تكون مالا أو محل للسرقة إلا إذا اقترنت بالمادية، و على ذلك فان البرامج المعلوماتية التي تكبد خسائر فادحة نتيجة الاعتداء عليها بالسرقة لا يعتد بها إلا في حالة وجودها مسجلة على دعامات أو اسطوانات فهي تصبح بذلك أموالا تصلح بذلك أموالا محلا للسرقة.
الرأي الثاني : المعلوماتية مالا .
هناك جانب من الفقهاء يعترفا للمعلومات بأنها مال أي لها قيمة مالية و يمكن من خلال ذلك إن تخضع للسرقة . حيث إن المعلومات هي مجموعة من الأفكار تنطوي على رسالة يمكن إدراكها عن طريق النقل أو الحفظ أو المعالجة ، فالمعلومات تعتبر نتاجا ذهنيا لمبتكرها أو مبتدعها، و يترتب على ذلك وجود علاقة بين المعلومة و مبتدعها مثل تلك التي تنشا بين المالك و الشئ الذي يمتلكه ، فيكون له نقلها و إيداعها و حفظها و تأجيرها و بيعها فالمعلوماتية تعتبر أموالا لأنها ذات قيمة اقتصادية ، حيث أنها تطرح في الأسواق للتداول مثل أي سلعة و لها سوقا تجاريا يخضع لقوانين السوق الاقتصادية.[5] و استندوا في ذلك لما يلي:
1- أن الاتجاه الفقهي الفرنسي الحديث يفسر كلمة شيء الواردة في المادة 311 من قانون العقوبات الفرنسي لتشمل الأشياء المادية و غير المادية، و طالما أمكن حيازة الأشياء غير المادية مثل حق الارتفاق و الدين و حق الانتفاع، فإنه من الممكن حيازة المعلومات و في المقابل سلب هذه الحيازة.
2- إن الاستيلاء على المعلومات يمكن أن يتحقق عن طريق السمع و المشاهدة، ومن ثم يمكن أن تنتقل المعلومة من عقل لآخر،و من ذمة مالية لأخرى، كون المعلومة محل الاختلاس يمكن تحيزها داخل إطار و الاستئثار بها. و ذلك بتدوينها أو بتسجيلها على دعامة وحرمان صاحبها من الانتفاع بها.[6]
3- و البعض يعتبر المعلومة أموالا بالنظر إلى الإستراتيجية التعاقدية و الحق في المنافسة لان ذلك يضع في الاعتبار القيمة الاقتصادية للمعلومة مع إسباغ الحماية التي يقررها قانون حق المؤلف على الإبداعات المعلوماتية و هي حماية حقيقية[7].
ثانيا: طبيعة المنقول في جريمة السرقة الإلكترونية.
تفترض جريمة السرقة انتقال الشيء محل فعل الاختلاس من حيازة المالك إلى حيازة من اختلسه فالاختلاس في جريمة السرقة يتم بانتزاع المال من حيازة المجني عليه بغير رضاه، [8]ولكي يتحقق ذلك يجب أن يكون المال المسروق قابل لنقل . و منه ثار جدل فقهي بين شراح القانون الجنائي حول طبيعة المنقول في المال الإلكتروني.
و ثار السؤال التالي: هل المعلوماتية مال منقول يمكن تطبيق القواعد العامة عليه أم لا؟
و للإجابة على هذا السؤال وجدنا أن الفقه انقسم إلى رأيين:
الرأي الأول :- يرى أن المعلوماتية ليست منقولا ولا تصلح للسرقة
الرأي الثاني :- يرى أن المعلوماتية منقولا و تصلح للسرقة .
الرأي الأول : -المعلوماتية ليست منقولا و لا تصلح للسرقة: وذلك للأسباب التالية:
1- ذهب رأي إلى انه قد يقع في كثير من الأحيان اعتداء على المعلومات الموجودة على الدعامة المادية ( شريط ، اسطوانة ) ، و يترتب على هذا الاعتداء اضطرارا تفوق القيمة الحقيقية للدعامة ذاتهــا. و ترجع الإضرار إما لان اختفاء المعلومات يعقبه إفشاء الأسرار التي تتضمنها معطيات معينة كان متوقع بقائها في نطاق الأسرار، وإما لان هذا الاعتداء يتعلق بمعطيات لم يتم نسخها بعد. و في الحالتين لا تتوافر عناصر جريمة السرقة الأمر الذي يستبعد معه عقاب المتهم عن هذه الجريمة. فالسرقة لا تقع إلا على الأشياء، والمعلومات لا تعتبر من قبل الأشياء فقد يتم الحصول عليها، بالسمع أو بقراءة المعطيات على الشاشة أو بإعادة نسخ البرامج على دعامات ( اسطوانة ) يملكها الجاني ذاته .
2- و ذهب رأي أخر إلى أن المعلومات المخزنة سواء بالنظام ألمعلوماتي أو أي وسيط لا تعتبر في حد ذاتها أشياء مادية فلا يتصور انتزاعها و حيازتها و لا تكون محلا للسرقة.
إلا أن المستندات المثبتة لها أو التي تكون وسيلة للتسجيل عليها هي التي تصلح للسرقة لان لها كيان مادي، ولكن إذا تجسدت تلك المعلومات على أي ركيزة فهي تعد من الأشياء وتصلح للسرقة .
2- رأي ثالــث يرى أن الصورة التي تظهر على شاشات النظام ألمعلوماتي ولو أنها تبدو كنتاج لنشاط إنساني و يمكن تقديرها بالجهد الفني الذي يبذل في إعدادها إلا إنها لا تعتبر بمثابة شيء ولا تعتبر مكتوبة بالمرة و بالتالي لا تصلح لان تكون محلا للسرقـــــــة[9].
الرأي الثاني:المعلومات منقول وتصلح للسرقة.
قام بعض الفقهاء بالرد على الرأي القائل بان المعلومات منقولا بتوضيح رأيهم بان المعلومات منقول و تصلح أن تكون محلا للسرقة و برهنوا على ذلك بما يلــــي:
1- و ذهـب رأي إلى أن الاستيلاء على المعلومة يمكن أن يتحقق عـن طريق السمع أو المشاهدة و من ثم فان المعلومة يمكن أن تنتقل من عقل إلى أخر و في هذه الحالة يمكن صب المعلومة في إطار مادي، عن طريق تحييزها داخل إطار و الاستئثار به .
2- هناك رأي يرى أن العقبة في تطبيق نص قانون العقوبات الخاص بالسرقة لا تكمن في طبيعة الشيء المسروق لان قانون العقوبات سلطة مستقلة كافية جدا لكي يدرج في فكرة الشيء الوارد في م 311 مصري ، 311 فرنسي الأشياء ذات الطبيعة المعنوية ، و من المعلوم أن النص الجنائي الخاص بالسرقة لا يحمي من حيث المبدأ سوى المنقولات و لكن قانون العقوبات يعامل بعض الأموال التي ينظر إليها القانون المدني بوصفها عقارات على أنها من قبيل المنقولات عندما يتطلب الأمر حمايتها و بالمثل أيضا يمكن الانتقال من الأشياء المادية إلى الأشياء المعنوية متى بدا ذلك مناسبا ، و أن حماية هذا النوع من الأموال عن طريق النص الجنائي الخاص بالسرقة أمر مقبول[10].
و نستطيع القول أن المعلومة شيء منقول و ذلك وفقا للقانون الفرنسي رقم ( 82/652) الصادر في 29 يوليو 1982، و الذي يعرف المعلومات على أنها( أصوات و صور و وثائق و معطيات أو رسائل أيا كانت طبيعتها)، و ترتبط المعلومات بشكل الرسالة التي تنقلها. و قد قضت محكمة النقض الفرنسية بأنه منذ انفصال الشيء عن الأصل الذي كان فيه ملتصقا، فانه يعد منقولا قابلا للسرقة، و أن الخطاب مما يجوز سرقته[11].
ثالثا: ملكية الغير للمال الإلكتروني.
1- أن جوهر الاختلاس في السرقـــــة هو دخول الشيء في حيازة الجاني و هو الشرط المفترض لوقوع السرقة على شيء منقول مملوك للغير مثال المال الإلكتروني باعتباره ذات أهمية اقتصادية و سياسية[12].
2- و هو ما أكده الفقه الفرنسي في تفسيره للمادة 311 ق ع فرنسي، فيلزم أن يكون المال مملوكا للجاني وقت اختلاسه، فلا تقوم جريمة السرقة إذا اختلس الشخص مالا منقولا له، و لو كان للغير على هذا المنقول حقوقا تخوله حبسه و تجعله أولى بحيازته من مالكه، أو كان مالك الشيء ملزما بترك حيازته إلى غيره لسبب ما ( كالوعد بالبيع). و كذلك الأمر فيما لو استخدم الشخص مالا لا يملكه أحد و تصرف فيه، إذ يمثل ذلك اكتسابا مشروعا لملكيته.
3- يوضح ذلك أن سرقة الدعامات المملوكة للغير و المنسوخ عليها معلومات هي سرقة للمعلومات نفسها لان الدعامات بلا معلومات لا قيمة لها.و بالتالي في حالة السرقة ينتقل المال الإلكتروني من حيازة مالكه إلى حيازة الغير(الجاني).
وهناك رأى ثالث يرى انه إذا كان الاستيلاء على المعلومات المنسوخة على دعامات هي سرقة للمعلومات ذاتها، وان كانت تحميها قواعد الملكية الفكرية و ينتج عن ذلك قبول وصف السرقة حماية لمبدعيها و أصحاب المؤسسات المنتجة للبرامج المعلوماتية فإذا كان المال الإلكتروني محل السرقة مملوك للغير فقد تحقق بذلك الاعتداء على الملكية و يعد الفعل سرقة سواء كان اسم صاحب المال معروفا أو لم يكن معروفا وسواء كان مملوكا لشخص طبيعي أو شخص معنوي أو عدة أشخاص.
4- لا يقتصر وصف المال المنقول على ما كان مجسما أو قابلا للوزن طبقا لنظريات الطبيعة بل يتناول كل شيء مقوما وقابلا للحيازة و النقل من مكان لا أخر ,فالتيار الكهربائي مما يتوافر فيه هذه الخصائص و التي قاس عليها البعض سرقة وقت النظام ألمعلوماتي.

[1]- محمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 148.

[2]- أحمد خليفة الملط،المرجع السابق، ص 269-270.

[3]_أحمد خليفة الملط، المرجع نفسه، ص 234 -235.

[4]_محمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 150- 151.

[5]-أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 238.

[6] _محمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 151.

[7]_ أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 240.

[8]_ محمد أمين أحمد الشوابكة، نفس المرجع ، ص 153.

[9]_ أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 242 – 243.

[10]- أحمد خليفة الملط، المرجع نفسه ، ص 242 – 243.

[11]_ محمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 153.

[12]- أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 273.









قديم 2009-06-12, 23:24   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثالث
الركن المعنوي في جريمة السرقة الإلكترونية
ويتكون القصد الجنائي للسرقة المعلوماتية من عنصرين هما : القصد العام والقصد الخاص.
أولا - القصد العام.
في إطار المعلوماتية الممثلة في شبكة الانترنت يكون الاعتداء على النظام الإلكتروني بفعل الدخول غير المشروع، طبقا للمادة 323/1 من قانون العقوبات الفرنسي، أو البقاء غير المشروع في النظام الإلكتروني [1] و ارتكاب الجرائم الأخرى. و بالإضافة إلى علمه بدخول نظلم معلوماتي بطريق غير مشروع، يتعين أيضا أن تتجه إرادته للاستيلاء على المعلومات وإخراجها من حوزة صاحبها و إدخالها في حيازته.
ثانيا- القصد الخاص.
يتمثل القصد الجنائي الخاص في نية تملك الشيء محل الاعتداء و ذلك باتجاه إرادة الجاني إلى الاستيلاء على المعلومات و تبديله حيازتها و ممارسة سلطات المالك عليها.
و يجب أن يكون هناك تزامن بين هذه النية و فعل الاختلاس، أما إذا كان القصد الجنائي الخاص لاحقا لفعل الاختلاس فان الجريمة لا تقع، و يدق الأمر في كيفية إثبات سوء النية لمن قام بالدخول في نظام معلوماتي بقصد تملك محل الاعتداء فلا بد من إثبات القصد الجنائي ولحظة تواجده، و التي يجب أن تكون لحظة ارتكاب الفعل.
و يمكن من الناحية القانونية استخلاص القصد بمجرد الدخول غير المشروع في النظام وتجاوز أنظمة الحماية المنذرة بعدم أحقية الدخول إلى النظام الآلي، و من الناحية الواقعية، فإن وجود نظام الحماية، يسمح للشخص المتواجد في النظام بالمعرفة.
و لقد أقر الفقه الفرنسي أن انتهاك نظام الأمن يعتبر في حد ذاته دليلا ضمنيا على وجود القصد و سوء النية لدى مرتكب الفعل، ويعد هذا الانتهاك في حد ذاته وسيلة إثبات، وأن الدخول غير المشروع يلزم كعنصر مقترن للجريمة لفكرة الاعتداء على النظام[2].




المطلب الثالث
مدى تطابق أركان جريمة السرقة الالكترونية مع أركان جريمة السرقة التقليدية
من خلال ما تمت دراسته مسبقا فيما يتعلق بالأركان العامة في جريمة السرقة التقليدية والأركان الخاصة لجريمة السرقة الإلكترونية نتناول في هذا المطلب مدى إمكانية تطابق أركان جريمة السرقة التقليدية مع أركان جريمة السرقة الإلكترونية الحديثة.
الفرع الأول
من حيث الركن المادي
أولا: فعل الاختلاس.
أن الاختلاس بالنسبة لجرائم الكمبيوتر يتصور في سلوك الجاني للاستحواذ على المعلومة من على حاسب الغير بطريقة آلية تخلو من استخدام العنف المادي المتصور في السرقات المادية على أن يتوافر بين فعل الجاني ونتيجته وهو الاستحواذ على المعلومة، رابطة السببية وذلك في إطار الشروط المكملة لجريمة السرقة من عدم رضاء المجني عليه بهذا الاستحواذ للمعلومة محل سلوك الجاني[3].ويرى الأستاذ الدكتور احمد خليفة الملط لأخذ بما يلي:
1- خضوع المعلوماتية للاختلاس و التي تجعلها محلا لجريمة السرقة لأنها تمثل مال منقول، قياسا على سرقة الكهرباء والتي تمثلها النبضات الكهربائية من خلال الأسلاك ، حيث يمكن تحديد قيمة وكمية المعلومات المختلفة من خلال الشريط أو الاسطوانة ، وبإمكانية حيازة الأشياء المادية و غير المادية و الاستيلاء عليها.
2- أن المعلومات الموجودة على الجهاز كما سبق أن بينا سواء كانت عبارة عن برامج أو معلومات معالجة آلية طالما انه تم وضعها والتعامل عليها فإنها تصبح مادية ومالية وبالتالي تصلح لان تكون موضوعا للاختلاس سواء تم نقلها أو نسخها أو الاطلاع عليها بالبصر أو السمع أي على طريق الالتقاط الذهني لأنه يمكن أن يترتب على ذلك إضرار بمالكها وبقيمتها الاقتصادية إذا ما قام الجاني باستخدامها وترجمتها على أي مخرجات سواء كانت اسطوانات أو شرائط أو أوراق وعرضها للبيع.
3- صلاحية المعلوماتية المخزنة على دعامات للاختلاس باعتبارها مال منقول لها قيمة اقتصادية لان الدعامة بدون المعلوماتية لا قيمة لها لدى العامة[4].
4- صلاحية وقت النظام ألمعلوماتي للاختلاس صواب يجب إتباعه والعمل به و ذلك يرجع أن النظام الإلكتروني المصمم للعمل عليه لمصلحة الجهة المالكة وليس للشخص الذي يعمل عليه والجهة في هذا تقوم بوضع مقابل مالي لهذا النظام من خلال ما به من مكونات ومستلزمات تشغيل وخلافه وبالتالي فان قيامه باستخدام الجهاز لمصلحته الشخصية يعد سرقة.
ثانيا: التسليم في المعلوماتية .
يرى الدكتور الملط خضوع عملية تجاوز العميل لرصيده في السحب من أجهزة التوزيع الآلي للنقود إلى جريمة السرقة، فالعبرة إذا هي مضمون العقد أو الالتزام الذي يوجد بين العميل والبنك.
كما انه يمكن للبنوك أيضا تعديل مضمون الالتزامات التي تفرضها على العملاء في حالة السحب من أجهزة التوزيع الآلي للنقود بان تفرض عليهم عدم السحب فيما يجاوز الرصيد الدائن، على أن يتم ربط أجهزة التوزيع الآلي للنقود بحسابات العملاء لأنه في هذه الحالة لن تقوم هذه الأجهزة بالصرف للعملاء إلا في حدود الرصيد الموجود فعلا في حسابهم لحظة السحب. وبالتالي يسأل العميل عن جريمة السرقة إذا تجاوز في سحبه المبالغ الموجودة في رصيده، حتى و لو تم التسليم برضا البنك [5].
الفرع الثاني
من حيث محل الاختلاس
أما فيما يتعلق بطبيعة المال المنقول الإلكتروني المملوك للغير فيمكن الأخذ بالرأي الذي اتجه إليه الدكتور أحمد خليفة الملط على أساس أنه اتجاه حديث و لا يتحالف مع مبدأ الشرعية من حيث النقاط التالية:
1- اعتبار المعلومات أموالا و تخضع للقواعد العامة للسرقة ، و ذلك لمنطقية المبررات التي أبداها، أما ما ذهب إليه الرأي المعرض في تبريره يرجع إلى أن الوقت الذي وضعت فيه نصوص السرقة قديما كانت في الأموال المعنوية قليلة القيمة ، وكان التركيز على حماية الأموال المنقولة ذات القيمة الكبيرة ، فضلا عن أن الأموال المعنوية و المعلومات أصبحت في هذا العصر بفضل التطور العلمي و التقني تشكل قيمة اقتصادية كبيرة بدرجة تفوق الأموال المادية المنقولة و العقارات . كما و أن هذه المعلوماتية لم تكن في ذهن المشرع عندما وضع نصوص السرقة .
2- صلاحية المعلومات لان تكون منقولا ، و يرجع ذلك إلى أن تحليل الأمور المنطقي يتفق مع التطور التكنولوجي الموجود و المحتمل وجوده فيما بعد بفرض فكرة الكيان المادي للشيء الناتج عن اختلاس المال الإلكتروني للبرامج والمعلومات فالبرامج و المعلومات و أن لم يكن لها شيء ملموس أو محسوس إلا أن لها كيان مادي يظهر من رؤيتها على شاشات النظام المعلوماتي و تنتقل عبر الأسلاك و عن طريق نبضات و رموز و شفرات و يمكن حلها إلى معلومات معينة إي أنها لها و مولد صادرة عنه و يمكن سرقتها و بالتالي لها محل مادي و يمكن الاستحواذ عليها و نقلها[6].
كما و انه نتيجة للتطور التكنولوجي في الأنظمة المعلوماتية و ظهور أشياء معنوية مثل المعلوماتية لها قيمة مالية أو اقتصادية تفوق بكثير في عددها و قيمتها الأشياء المادية والعقارية على السواء .
3- أن المعلومات تصلح لان تكون محلا للملكية باعتبار أن التحليل المنطقي الذي لا يمكن إنكاره هو ملكيتها لشخص ما و بالتالي فهي ليست ملكا للسارق بل يقوم بالاستحواذ عليها كشيء ليس مملوكا له وهذا هو جوهر الاختلاس في السرقة .وأيضا بالقياس على الأحكام الصادرة من محكمة النقض المصرية و التي أقرت بصلاحية التيار الكهربائي لان يكون محلا للاختلاس بالرغم من انه مال غير ملموس ,حيث أقرت باعتبار التيار الكهربائي وأن كان ليس مالا ماديا ملموسا فهو ذو كيان مادي متمثل في الأسلاك و التوصيلات التي تمر من خلالها وبالتالي يمكن اختلاسه و انطباق نص السرقة عليه .ما قضت به محكمة النقض بشأن سرقة الخط التليفوني في حكمها الصادر في 17 نوفمبر 1980 ويرى عدم الاكتفاء بتطبيق تلك النصوص بعمومها و أنما يجب أن يتدخل المشرع بالنص صراحة على صلاحية المعلوماتية بان تكون محلا لجريمة السرقة أو حمايتها بنصوص خاصة و ذلك لتزايد الجرائم الإلكترونية وانتشارها وتنوعها مثلما فعل حينما تزايدت سرقة منفعة السيارات فاصدر تشريع لها للحد من خطورتها[7].
الفرع الثالث
من حيث الركن المعنوي
فالسرقة جريمة عمدية ويفترض إثبات السرقة توافر القصد الجنائي الخاص وهو الذي يعبر عنه بنية التملك لأنها هي التي تكشف عن نية الجاني في حيازة الشيء ألمعلوماتي ويستدل على توافر القصد من القرائن والظروف .
ونية التملك المتصورة في جرائم الكمبيوتر هي نية الاستحواذ على الشيء المسروق وهي المعلومة أو البرنامج أو الملف المخزن على الحاسب[8].
المبحث الثاني
جريمة خيانة الأمانة بين المفهوم التقليدي و الالكتروني
سنتعرف من خلال هذا المبحث على أركان جريمة الخيانة في مفهوم قانون العقوبات الجزائري.و ذلك من خلال نص المادة 376 والتي تنص:" كل من اختلس أو بدد بسوء نية أوراقا تجارية أو نقودا أو بضائع أو أوراقا مالية أو مخالصات أو أية محررات أخرى تتضمن أو تثبت التزاما أو إبراء لم تكن قد سلمت إليه إلا على سبيل الإجارة أو الوديعة أو الوكالة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو لأداء عمل بأجر أو بغير أجر بشرط ردها أو تقديمها أو لاستعمالها أو لاستخدامها في عمل معين وذلك إضرارا بمالكيها أو واضعي اليد عليها أو حائزيها يعد مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة و يعاقب بالحبس من ثلاث سنوات و بغرامة من 500 إلى 20.000 دينار." ثم في المفهوم الالكتروني لنصل في الأخير لمعرفة مدى انطباق أركان الجريمة التقليدية مع الالكترونية.
المطلب الأول
أركان جريمة خيانة الأمانة التقليدية في القانون الجزائري
حسب المادة 376 من قانون العقوبات الجزائري"كل من اختلس أو بدد بسوء نية..."تعرف خيانة الأمانة على أنها قيام الجاني بتبديد أو اختلاس مال منقول سلم إليه بعقد أمانة إضرارا بمالكه أو حائزه أو واضع اليد عليه, أين يحوز الشيء حيازة ناقصة و يتصرف فيه بتبديده أو اختلاسه.
ولذلك حتى نفهم أكثر هذه الجريمة لابد من التطرق إلى الركن المادي لها كفرع أول ثم إلى محل الجريمة كفرع ثاني و أخيرا الركن المعنوي كفرع ثالث.
الفرع الأول
الركن المادي
حسب نص المادة 376 من قانون العقوبات الجزائري: "كل من اختلس أو بدد بسوء نية..." تتحقق جريمة خيانة الأمانة بكل فعل يدل على أن الأمين اعتبر المال المؤتمن عليه مملوكا له يتصرف فيه تصرف المالك, ومن ثم فله الحق في تبديده أو اختلاسه.
وأن القانون لا يعاقب مبدئيا على عدم تنفيذ عقد من العقود المذكورة في المادة 376 قانون العقوبات الجزائري بصفتها عقود أمانة أو غيرها من العقود وإنما يعاقب على عدم رد الأمانة باعتبار الرد أهم واجب ملقى على الأمين, إذ بعدمه يتحقق الاعتداء على ملك الغير[9] وعليه فما المقصود بالاختلاس و التبديد؟.
أولا الاختلاس:
هو أن يقصد المختلس تغير نوع الحيازة التي له على الشيء من حيازة مؤقتة ناقصة إلى حيازة تامة و دائمة. فمن يبيع شيء مودع لديه فقد تصرف بشيء تصرف المالك بملكه و يفيد بذلك اختلاسه. و يقبل القضاء كقاعدة عامة بان الاستعمال المتعسف للشيء لا يترتب عنه تطبيق م 376 من قانون العقوبات الجزائري، و لكن الاختلاس يمكن أن ينشأ إذا كان استعمال الشيء مخالفا بوضوح تام لتخصيص ذلك الشيء كما اتفق عليه الطرفان و قصداه. فنكون بصدد خيانة أمانة مثلا عندما يقوم تاجر بالتصرف عمدا لحاجات تجارته في مبلغ مالي تلقاه تحت وصف الوديعة. كما يوجد الاختلاس إذا كان عدم تقديم الأشياء أو إتلافها، كان الهدف منه غش المالك في حقوقه و حرمانه في استعمالها على الشيء و مثال ذلك: أن يحطم الفاعل عمدا الشيء المسلم له على سبيل الأمانة.
ثانيا :التبديد:
إن المبدد مثله مثل المختلس, يتصرف في الشيء المسلم إليه تصرف المالك في ملكه وكلاهما يغير حيازته الناقصة في الشيء إلى حيازة تامة لكن في حالة التبديد كثيرا ما يتجسد هذا التغيير في عمل مادي كإتلاف أو إحراق أو استهلاك الشيء المسلم أو في عمل قانوني كالبيع و الهبة و الرهن[10].
ففي جريمة خيانة الأمانة قد يتبدد الشيء و لا يدل ذلك على أن الجاني عاجز عن رد ما بدد، و عليه أن القول باكتمال الجريمة لا بد من مراجعة العقد المبرم بين الجاني و الضحية. فإذا كانت الأشياء المسلمة معينة و مطلوب ردها بعينها فان مجرد تبديدها يقيم الجريمة لان ردها يصبح مستحيلا. أما إذا كانت الأشياء مثلية فبإمكان المؤتمن استهلاكها و يرد قيمتها أو مثلها فلا تقوم الجريمة.



[1]_ أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 273.

[2]_ محمد أمين أحمد الشوابكة، المرجع السابق، ص 160 الى 162.

[3]_ عبد الفتاح مراد، شرح جرائم الكمبيوتر و الإنترنت، دون دار النشر، دون سنة النشر، ص 458.

[4]_ أحمد خليفة الملط، المرجع السابق،من ص 254 إلى 260 .



[6]_ أحمد خليفة الملط، المرجع السابق، ص 241 – 245.

[7]_ أحمد خليفة الملط، المرجع نفسه ، ص 245 – 248 - 249 .

[8]_ عبد الفتاح مراد،المرجع السابق ، ص459.

[9]_2دردوس مكي، المرجع السابق ،ص51_52.

[10]- عبد الله سليمان، دروس في شرح قانون العقوبات الجزائري، القسم الخاص، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1996، ص277.









قديم 2009-06-12, 23:25   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني
محل الجريمة
سوف نتعرف في هذا الجزء على مضمون محل جريمة خيانة الأمانة أولا أنها مال منقول ثانيا التسليم.
أولا :مال منقول.
تقع هذه الجريمة على مال منقول و هو بحسب نص المادة 376 من قانون العقوبات الجزائري:
"... أوراق تجارية أو نقودا أو بضائع أو أوراق مالية أو مخالصات أو أية محررات أخرى تتضمن أو تثبت التزاما أو إبراء...".[1]
يتضح من نص هذه المادة أنه لا يمكن أن تنصب خيانة الأمانة على العقارات و يستثنى من ذلك العقارات بالتخصيص و التي تدخل ضمن المنقولات التي يمكن أن تقع عليها جريمة خيانة الأمانة. فعبارة "أوراق تجارية و النقود" لا تثيران أية مشكلة، في حين تعني عبارة " بضائع" كل شيء من إنتاج الطبيعة أو من عمل و صنع الإنسان, و يمكن أن يكون محلا للتجارة. و على ذلك يعد بضاعة:.[2]
* مخطط مهندس معماري.
* حمامات الصباغة المملوكة لمصنع يستعملها مدير المصنع لصبغ أقمشة ملكا له بدون إبلاغ الشركة بذلك الاستعمال.
* أفلام أو أوراق اليانصيب أو الماشية أو سبائك ذهبية أو غيرها من البضائع.
أما الأوراق المالية و المخالصات و كذا المحررات يشترط فيها أن تكون متضمنة أو مثبتة لالتزام أو لإبراء.
و يتضح من نص المادة 376 من قانون العقوبات الجزائري أنها لا تنص إلا على التصرفات التي ينتج عنها ضررا ماديا. و مثال تلك المحررات نجد القيم المنقولة. أو السندات العمومية أو السندات الصادرة عن الشركات المدنية أو التجارية أو العقود الرسمية أو العرفية, عندما تكون تحتوي على التزام أو إبراء.
و يدخل ضمنها كذلك.[3]
* ورقة الضد.
* رسالة تحتوي على حوالات بريدية.
* الوصية.
* عقد إيجار مكتوب.
بالإضافة إلى هذا لابد أن يكون المنقول مما يمكن تقييمه بالمال و لا عبرة بعد ذلك أن تكون الأشياء مما يعتبر اقتناؤه مشروعا أو غير مشروع. و حسب المادة 376 من قانون العقوبات الجزائري يكون تسليم الأشياء المنقولة المذكورة مسبقا على سبيل الإجارة أو الوديعة أو الوكالة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو لأداء عمل بأجر أو بغير الأجر.
ثانيا تسليم هذه الأموال.
يكون بتسليم المال المنقول من يد صاحبه أو حائزه أو واضع اليد عليه إلى المودع إليه وأن يكون تسليما إراديا إذ لا يعتد بتسليم المكره أو الصغير أو المجنون ، و يستوي بعد ذلك أن يكون التسليم اختياريا أو اضطراريا.
كما يجب أن يكون التسليم على سبيل الأمانة فلا يعتد بالتسليم الناقل للملكية الذي يمكن من الحيازة التامة .كالبيع أو القرض أو عارية الاستعمال أو المصارفة أو الشراكة أو عقد الحساب الجار .
الفرع الثالث
الركن المعنوي
خيانة الأمانة جريمة عمديه تتطلب لقيامها توفر القصد الجنائي العام و هو العلم و الإرادة أولا . ثم توافر القصد الجنائي الخاص المتمثل في نية تملك المال محل الائتمان ثانيا و الضرر ثالثا.
أولا القصد العام.
هو أن يعلم الجاني أن المال موضوع التصرف هو ملك للغير، و إن حيازته للمال ليست إلا حيازة ناقصة على ذمة مالكه. و بمعنى آخر، أن يتصرف الحائز في الشيء المسلم إليه تصرف المالك و هو يعلم أن الشيء سلم إليه بصفة مؤقتة و على شرط الرد، و أن هذا التصرف من شأنه إحداث ضرر للغير.[4]. أما إذا اختلط الأمر عليه حقيقة و تصرف بالمال معتقدا انه مالكه فلا جريمة في ذلك.
ثانيا القصد الخاص.
تكون بتوافر نية الغش و هي نية اغتيال ملك الغير، و هذه النية يمكن استخلاصها من تصرف الجاني بالمال المتجسد في تبديده أو اختلاسه وذلك بعرض الأمانة للبيع أو رهنها أو المقايضة عليها أو بأي فعل يظهر الجاني نيته في تغيير حيازته من حيازة ناقصة إلى حيازة تامة أو الظهور بمظهر المالك الحقيقي للشيء المودع.
ثالثا الضرر.
لقد اشترط القانون أن يكون في اختلاس الأشياء أو تبديدها ضرر لمالكها أو واضعي اليد عليها أو حائزيها و هذا المفهوم يتسع ليشمل المشتري و من له حق الانتفاع و المستأجر والمستعير أيضا. و هذا يعني أن هناك ضحية و قع عليها ضرر ما من فعل الجاني و إن كان لا يشترط تحقق الضرر فعلا إذ يكفي أن يكون الضرر محتمل الوقوع أو حتى ممكن الوقوع.
و لا يمنع من قيام الجريمة كون المختلس موسرا و باستطاعته تعويض الشيء المسلم بمثله أو بتسديد ثمنه في صورة ما إذا أرغم على الرد بالقوة لأن التنفيذ الإجباري ليس عنصرا في الجريمة، بل يكفي لتأسيسها رفض الجاني رد الشيء المسلم[5].
و بعد أن تعرفنا على أركان خيانة الأمانة التقليدية سوف نتطرق في المطلب الثاني إلى مفهومها الالكتروني.من خلال معرفة الحالات التي يمكن أن تقع فيها جريمة خيانة الأمانة على المعلومات التي هي الأخرى أصبحت في الوقت الراهن تتعرض إلى أنواع كثيرة من الاعتداءات . لنصل في الأخير إلى مدى انطباقها على الجانب الالكتروني و الحلول التي وضعت من اجل حماية المعلومات من الاعتداءات الواقعة عليها من الجرائم .
المطلب الثاني
أركان جريمة خيانة الأمانة في المفهوم الالكتروني
إذا كان من الممكن أن تقع جريمة خيانة الأمانة في المفهوم التقليدي عن طريق استيلاء الجاني على مال منقول مملوك للغير مسلم له بموجب عقد من عقود الأمانة بحيث انه تستقل له حيازة هذا المال حيازة ناقصة دون الحيازة التامة، فانه من الممكن أيضا أن تقع جريمة خيانة الأمانة على المعلومات، كما لو قام المجني عليه بتسليم الجاني مجموعة برامج في دعامات أو وسائط الكترونية و أعطاه إياه بموجب عقد من عقود الأمانة ثم بعد ذلك قام الجاني بنقل حيازتها إليه و تصرف فيها كما لو كان هو مالكها و قام بنسخها و بيعها أو بددها.و سنتعرف على كل ذلك من خلال الركن المادي و محل جريمة خيانة الأمانة الالكترونية.

الفرع الأول
الركن المادي لجريمة خيانة الأمانة الالكترونية
يتصور وقوع جريمة خيانة الأمانة في نطاق المعلوماتية, كما لو تسلم الجاني من المجني عليه مجموعة برامج موجودة على دعامات أو وسائط إلكترونية على أن يردها إليه و ذلك بموجب عقد من عقود الأمانة التي نص عليها القانون ثم يقوم الجاني بعد ذلك بنقل الحيازة الناقصة لتتحول حيازة كاملة و ذلك بالتصرف في البرامج أو تبديدها أو إعارتها على غير المتفق عليه[6].
فالأشياء غير المادية مثل مستخرجات الحاسب الآلي، تصلح لان تكون موضوعا لجريمة خيانة الأمانة فهي أموال إما مادية أو معنوية.
و قد قضى في هولندا بقيام جريمة خيانة الأمانة في حق محلل برامج إحدى الشركات الذي قام خلال عملية الصيانة بنسخ أقراص ممغنطة تخص الشركة بغرض إنشاء مشروع خاص به.
أما القضاء الفرنسي فقد ابتدع فكرتي البضائع و المحرر للقول بوقوع جريمة خيانة الأمانة بالطريق ألمعلوماتي و يقصد بفكرة البضائع كل شيء ناتج عن الطبيعة أو من صنع الإنسان ذاته يمكن أن يكون محلا للتجارة أو الاستخدام في عمليات تجارية. لذلك اعتبر المحرر ذو القيمة الكبيرة في ذاته حتى من دون اشتماله على تمليك أو مخالصة من قبيل البضائع طبقا للمادة 1108 القانون المدني الفرنسي.
كما يعد من قبيل خيانة الأمانة اختلاس وثائق محاسبية و شرائط ممغنطة باستخدام دعامة لتسجيل المسلسلات الإذاعية و كذا في حالة الغش ألمعلوماتي, أين يقوم المبرمجون بالتعدي على أنظمة المعلومات و تسجيلها بغرض استخدامها في أغراض غير مشروعة.
كما أن الوسيط الالكتروني قد يسلم إلى الجاني على سبيل الأمانة بمقتضى عقد من عقود الأمانة الواردة على سبيل الحصر. و يصدر عن الجاني فعل يمثل الاختلاس أو الاستعمال أو التبديد الذي تقوم به جريمة خيانة الأمانة المعلوماتية.
أولا : السلوك الإجرامي الالكتروني لخيانة الأمانة
1- الاختلاس.
ويتحقق بكل فعل يفصح عن سلوك الجاني ( الأمين) اتجاه نيته إلى إضافة المال المسلم إليه إلى ملكه و الحلول محل صاحبه و ذلك دون أن يترتب على ذلك خروج المال من حيازته. و بتوافر نية الجاني في تحويل حيازته الناقصة إلى حيازة كاملة للمال المسلم إليه يتحقق فعل الاختلاس و من ثم تغيير نيته في تملك هذا المال.
_أمثلة الاختلاس في جريمة خيانة الأمانة
* امتناع العميل عن رد بطاقة الائتمان إلى البنك الذي أصدرها بناءا على طلب هذا الأخير لان البنك هو المالك الشرعي للبطاقة و أعطاها للحامل على سبيل عارية الاستعمال.
*الدعامات المسجل عليها المعلومات المسلمة إلى الجاني بعقد من عقود الأمانة كالاسطوانات والشرائط المسجل عليها البيانات و المعلومات.[7]
* أفعال الغش المحاسبية التي يستخدم الحاسب الآلي في إخفائها كمندوب عام التامين الذي يستغل صفته حتى يحصل على تبرعات و يحتفظ بفوائدها نفسه.
2-التبديد .
ترى المحكمة المصرية في تفرقتها بين التبديد و الاختلاس "أن التبديد لا يتحقق إلا باستهلاك الأمانة أو التصرف فيها للغير أو التخلي له عن حيازتها. أما اختلاس الأمانة فانه يتحقق بكل ما دل به الأمين على اعتبار الأمانة مملوكة له يتصرف فيها تصرف المالك.فهو يقع من غير الحائز حيازته الناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك".
و يرى جانب من الفقه الجنائي أن التبديد بمعناه الضيق غير متصور حصوله في حالات الغش ألمعلوماتي لان التبديد سلوك ايجابي أو سلبي يخرج به الأمين المال من حيازته و يضيفه على صاحبه دون أن تكون نيته قد اتجهت إلى تملكه .
في حين يرى جانب آخر وقوعه حين يتسلم الجاني مجموعة برامج وشرائط و اسطوانات معلوماتية معدات و أجهزة تحتوى على هذه المعلومات ثم يقوم باستعمالها على نحو يؤدى إلى تبديدها.
و هناك صورة للتبديد تتحقق في الاستعمال متى كان المصنف المعلوماتي محميا وليس من حق المودع إليه التصرف فيه فقام بنسخه وسلم النسخة لآخر. ففي هذه الحالة تم انتهاك الحماية القانونية المقررة و أفقد المالك الشرعي لهذا المصنف حقه في الاستغلال المالي للمصنف بسبب واقعة النسخ غير المشروع.[8]
3- الاستعمال .
وهو الذي يؤدي إلى إعدام قيمة المال قيمته كليا أو جزئيا مع بقاء مادته على حالها ويتحقق باستعمال الشيء على خلاف الغاية المخصص لها و بإرادة الطرفين ,فتقوم في حق الجاني جريمة خيانة الأمانة عند اغتصاب جهد الآلة ووظيفتها لتحقيق أغراض شخصية باستخدام الحاسب الآلي لمخالفته الغرض المنصوص عليه في العقد المبرم بين الأمين و الجهة المجني عليها على اثر الاستعمال غير المشروع للآلة و التي قام ببرمجتها بحيث تجعل المراقبة الداخلية للحاسب الآلي حقيقة واقعية. وذلك لان العامل الذي يستخدم النظام خارج ساعات العمل قد دخل إليه بطريقة الغش.
ثانيا : محل الجريمة : لابد من توافر شرطين لقيام جريمة خيانة الأمانة:
1- الطبيعة الخاصة للمال المختلس.
يستلزم في جريمة خيانة الأمانة أن يكون المال منقولا و أن يكون مالا ماديا و أخيرا أن يكون مملوكا لغير الجاني و تطبيقا لذلك فان المكونات المادية للأنظمة المعلوماتية (الأجهزة والمعدات) تصلح لان يكون الاعتداء عليها يشكل جريمة خيانة الأمانة. أما المكونات المعنوية (البيانات و البرامج ) فلا تصلح محلا لهذه الجريمة، و مرد ذلك أن البرامج ليست شيئا ماديا مجسما يمكن أن يقع عليها الاستيلاء و مع ذلك فان الأوعية و الوسائط التي تحويها هذه البيانات و البرامج كالاسطوانات و الأقراص الممغنطة و الأشرطة و الأوراق تصلح لان تكون محلا لهذه الجريمة.
و قد قضى في فرنسا بان الأوراق التي لا تحتوي التزاما أو إبراء تعتبر من قبيل البضائع بالمعنى الوارد في المادة 308 قانون العقوبات الفرنسي، طالما كان لها قيمة يمكن تقديرها بالمال و بأنه يصلح محل لخيانة الأمانة الأقراص المضغوطة و الأشرطة المثبت عليها المعلومات و البرامج في حالة نسخها من قبل الأمين لحسابه الخاص متجاوزا الاتفاق الذي يربطه بصاحب البرامج أو في حالة نقل الأمين شفويا لهذه المعلومات.[9]
2-أن يسلم المال على وجه الأمانة.
تتم جريمة خيانة الأمانة عند تسلم الجاني المنقول تسليما ناقلا للحيازة الناقصة بموجب عقد من عقود الأمانة هي عقود العمل، الوكالة، و عارية الاستعمال هذه الأخيرة التي يشهد الواقع العملي بكثرة وجودها.
الفرع الثاني
عنصر الضرر
يلزم لقيام جريمة خيانة الأمانة بالإضافة إلى اعتداء الجاني على ملكية الشيء محل الأمانة عن طريق أفعال الاختلاس ,التبديد , الاستعمال أن يكون من شان هذا الفعل إلحاق الضرر بالمجني عليه سواء مالك الشيء أو غيره و بمعنى أخر فان عنصر الضرر هو عنصر جوهري في جريمة خيانة الأمانة ولا يشترط أن يكون الضرر ماديا بل يمكن أن يكون أدبيا محضا كالضرر الذي يصيب المجني عليه في سمعته و اعتباره .كما لا يشترط أن يكون الضرر على جسامة معينة ا وان يكون محققا بل يكفي أن يكون محتمل الوقوع.
و من التطبيقات القضائية في مجال المعلوماتية ما صدر في فرنسا بان حامل بطاقة الائتمان المنتهية الصلاحية الذي يستمر في استعمالها على الرغم من الإخطار من قبل البنك المصدر للبطاقة .و يتسلم بمقتضاها بضائع من الغير . سالبا ثروته يعد مرتكبا لجريمة خيانة الأمانة و تأسيس ذلك إلى كون الاتفاق بين الحامل و البنك يجعل وجودها لديه على سبيل عارية الاستعمال مع بقاء ملكيتها لمصدرها.
الفرع الثالث
الركن المعنوي
جريمة خيانة الأمانة هي جريمة عمديه تتخذ فيها الركن المعنوي صورة القصد الجنائي ويتكون هذا الأخير من عنصرين احدهما العلم الذي ينصرف إلى العناصر المكونة للجريمة بان يكون الجاني يعلم بان المال المنقول مملوك لغيره و بأنه سلم إليه بمقتضى عقود أمانة . فإذا تخلف لدى الجاني العلم بان المال مملوك لغيره و كان يعتقد بملكيته فان الجريمة تتخلف بتخلف القصد الجنائي لديه.
وأن تتجه إرادة الجاني إلى السلوك المتمثل في أفعال الاختلاس أو التبديد أو الاستعمال للمال المسلم إليه على وجه الأمانة و إلى تغير الحيازة الناقصة إلى حيازة كاملة مع وقوع ضرر من وراء هذا السلوك سواء كان قائما أو محتمل.
و لا يكفي لقيام هذه الجريمة توافر القصد العام بل ينبغي أن يتوافر قصد خاص يتمثل في نية التملك للمال المنقول للغير و الذي سلم للجاني بمقتضى عقد من عقود الأمانة.[10]
فبعد أن تعرفنا على أركان جريمة الخيانة الجانب التقليدي و الالكتروني ،لابد أن نتعرف على مدى انطباق أحكام جريمة خيانة الأمانة التقليدية على جريمة خيانة الأمانة الالكترونية ،إضافة إلى نظرة الآراء الفقهية حول هذه المسالة.وفيما إذا وجدت حلول لمثل هذا النوع الجديد من الجرائم التي أصبحت تواكب التطور العلمي و التكنولوجي.




[1]- عبد الله سليمان، المرجع السابق، ص277.

[2]بنشيخلحسين،مذكراتفيالقانونالجزائيالخاص،دارهومهللطباعةوالنشروالتوزيع،الجزائر ص216.


[3]_بن شيخ لحسن، المرجع السابق،ص219.

[4]- دردوس مكي،المرجع السابق،ص54.

[5]- دردوس مكي، المرجع السابق،ص54.

[6]- احمد حسام طه تمام،الجرائم الناشئة عن استخدام الحاسب الآلي و شبكة الانترنت،دراسة مقارنة، دار النهضة العربية،القاهرة،2000،ص558.

[7]- احمد حسام طه تمام،المرجع السابق،ص 564.563.

[8]- احمد حسام طه تمام،المرجع نفسه،ص 564.563.

[9]- عبد الفتاح بيومي حجازي, مكافحة جرائم الكمبيوتر و الانترنت في القانون العربي النموذجي، الطبعة الأولى، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، 2006، ص516.

[10]- محمد علي العريان، المرجع السابق، ص132.









قديم 2009-06-12, 23:28   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
رمزي49
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية رمزي49
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفرع الثاني


محل الجريمة

سوف نتعرف في هذا الجزء على مضمون محل جريمة خيانة الأمانة أولا أنها مال منقول ثانيا التسليم.
أولا :مال منقول.
تقع هذه الجريمة على مال منقول و هو بحسب نص المادة 376 من قانون العقوبات الجزائري:
"... أوراق تجارية أو نقودا أو بضائع أو أوراق مالية أو مخالصات أو أية محررات أخرى تتضمن أو تثبت التزاما أو إبراء...".[1]
يتضح من نص هذه المادة أنه لا يمكن أن تنصب خيانة الأمانة على العقارات و يستثنى من ذلك العقارات بالتخصيص و التي تدخل ضمن المنقولات التي يمكن أن تقع عليها جريمة خيانة الأمانة. فعبارة "أوراق تجارية و النقود" لا تثيران أية مشكلة، في حين تعني عبارة " بضائع" كل شيء من إنتاج الطبيعة أو من عمل و صنع الإنسان, و يمكن أن يكون محلا للتجارة. و على ذلك يعد بضاعة:.[2]
* مخطط مهندس معماري.
* حمامات الصباغة المملوكة لمصنع يستعملها مدير المصنع لصبغ أقمشة ملكا له بدون إبلاغ الشركة بذلك الاستعمال.
* أفلام أو أوراق اليانصيب أو الماشية أو سبائك ذهبية أو غيرها من البضائع.
أما الأوراق المالية و المخالصات و كذا المحررات يشترط فيها أن تكون متضمنة أو مثبتة لالتزام أو لإبراء.
و يتضح من نص المادة 376 من قانون العقوبات الجزائري أنها لا تنص إلا على التصرفات التي ينتج عنها ضررا ماديا. و مثال تلك المحررات نجد القيم المنقولة. أو السندات العمومية أو السندات الصادرة عن الشركات المدنية أو التجارية أو العقود الرسمية أو العرفية, عندما تكون تحتوي على التزام أو إبراء.
و يدخل ضمنها كذلك.[3]
* ورقة الضد.
* رسالة تحتوي على حوالات بريدية.
* الوصية.
* عقد إيجار مكتوب.
بالإضافة إلى هذا لابد أن يكون المنقول مما يمكن تقييمه بالمال و لا عبرة بعد ذلك أن تكون الأشياء مما يعتبر اقتناؤه مشروعا أو غير مشروع. و حسب المادة 376 من قانون العقوبات الجزائري يكون تسليم الأشياء المنقولة المذكورة مسبقا على سبيل الإجارة أو الوديعة أو الوكالة أو الرهن أو عارية الاستعمال أو لأداء عمل بأجر أو بغير الأجر.
ثانيا تسليم هذه الأموال.
يكون بتسليم المال المنقول من يد صاحبه أو حائزه أو واضع اليد عليه إلى المودع إليه وأن يكون تسليما إراديا إذ لا يعتد بتسليم المكره أو الصغير أو المجنون ، و يستوي بعد ذلك أن يكون التسليم اختياريا أو اضطراريا.
كما يجب أن يكون التسليم على سبيل الأمانة فلا يعتد بالتسليم الناقل للملكية الذي يمكن من الحيازة التامة .كالبيع أو القرض أو عارية الاستعمال أو المصارفة أو الشراكة أو عقد الحساب الجار .

الفرع الثالث


الركن المعنوي

خيانة الأمانة جريمة عمديه تتطلب لقيامها توفر القصد الجنائي العام و هو العلم و الإرادة أولا . ثم توافر القصد الجنائي الخاص المتمثل في نية تملك المال محل الائتمان ثانيا و الضرر ثالثا.
أولا القصد العام.
هو أن يعلم الجاني أن المال موضوع التصرف هو ملك للغير، و إن حيازته للمال ليست إلا حيازة ناقصة على ذمة مالكه. و بمعنى آخر، أن يتصرف الحائز في الشيء المسلم إليه تصرف المالك و هو يعلم أن الشيء سلم إليه بصفة مؤقتة و على شرط الرد، و أن هذا التصرف من شأنه إحداث ضرر للغير.[4]. أما إذا اختلط الأمر عليه حقيقة و تصرف بالمال معتقدا انه مالكه فلا جريمة في ذلك.
ثانيا القصد الخاص.
تكون بتوافر نية الغش و هي نية اغتيال ملك الغير، و هذه النية يمكن استخلاصها من تصرف الجاني بالمال المتجسد في تبديده أو اختلاسه وذلك بعرض الأمانة للبيع أو رهنها أو المقايضة عليها أو بأي فعل يظهر الجاني نيته في تغيير حيازته من حيازة ناقصة إلى حيازة تامة أو الظهور بمظهر المالك الحقيقي للشيء المودع.
ثالثا الضرر.
لقد اشترط القانون أن يكون في اختلاس الأشياء أو تبديدها ضرر لمالكها أو واضعي اليد عليها أو حائزيها و هذا المفهوم يتسع ليشمل المشتري و من له حق الانتفاع و المستأجر والمستعير أيضا. و هذا يعني أن هناك ضحية و قع عليها ضرر ما من فعل الجاني و إن كان لا يشترط تحقق الضرر فعلا إذ يكفي أن يكون الضرر محتمل الوقوع أو حتى ممكن الوقوع.
و لا يمنع من قيام الجريمة كون المختلس موسرا و باستطاعته تعويض الشيء المسلم بمثله أو بتسديد ثمنه في صورة ما إذا أرغم على الرد بالقوة لأن التنفيذ الإجباري ليس عنصرا في الجريمة، بل يكفي لتأسيسها رفض الجاني رد الشيء المسلم[5].
و بعد أن تعرفنا على أركان خيانة الأمانة التقليدية سوف نتطرق في المطلب الثاني إلى مفهومها الالكتروني.من خلال معرفة الحالات التي يمكن أن تقع فيها جريمة خيانة الأمانة على المعلومات التي هي الأخرى أصبحت في الوقت الراهن تتعرض إلى أنواع كثيرة من الاعتداءات . لنصل في الأخير إلى مدى انطباقها على الجانب الالكتروني و الحلول التي وضعت من اجل حماية المعلومات من الاعتداءات الواقعة عليها من الجرائم .

المطلب الثاني


أركان جريمة خيانة الأمانة في المفهوم الالكتروني

إذا كان من الممكن أن تقع جريمة خيانة الأمانة في المفهوم التقليدي عن طريق استيلاء الجاني على مال منقول مملوك للغير مسلم له بموجب عقد من عقود الأمانة بحيث انه تستقل له حيازة هذا المال حيازة ناقصة دون الحيازة التامة، فانه من الممكن أيضا أن تقع جريمة خيانة الأمانة على المعلومات، كما لو قام المجني عليه بتسليم الجاني مجموعة برامج في دعامات أو وسائط الكترونية و أعطاه إياه بموجب عقد من عقود الأمانة ثم بعد ذلك قام الجاني بنقل حيازتها إليه و تصرف فيها كما لو كان هو مالكها و قام بنسخها و بيعها أو بددها.و سنتعرف على كل ذلك من خلال الركن المادي و محل جريمة خيانة الأمانة الالكترونية.









 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:41

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc