بسبب تلوّث الجو والسباحة الجماعية
جراثيم تصيب العين
تختلف الحالة المرضية التي تصيب المولود الجديد في عينيه أثناء مروره عبر المهبل المصاب بالجرثوم، وتتظاهر في اليوم الثالث أو الرابع بعد الولادة، عن تلك التي تصيب الطفل أو الراشد في عين واحدة·
تزداد الأمراض المعدية انتشارا في فصل الصيف عند الأطفال خاصة والراشدين عامة، بسبب تزايد الاحتكاك والاختلاط والسباحة الجماعية في الشواطئ والمسابح والوديان، ثم نقص النظافة الجسدية، وانعدام شروط النظافة المحيطية في المخيمات مثلا، سواء على شواطئ البحار أو على ضفاف الوديان أو في القرى والجبال، أين تكون المياه ناقصة أو منقولة في أوان مشبوهة، وأين تكون المراحيض جماعية أو غائبة تماما·
من بين هذه الأمراض التهاب الملتحمة الذي يتظاهر بالتهاب واحمرار الغشاء الذي يحيط بمقلة العين والطبقة الداخلية للأجفان، مع الإحساس بنوع من الاحتراق على أطراف هذه الأخيرة، ثم وكأن العين المصابة بداخلها رمل يعيق حركتها والنظر إلى الضوء بصعوبة، يلي هذا الاحمرار وتوسع الأوعية الدموية الذي يوحي بنزيف دموي مع إفراز العين لمادة لزجة قد تكون وافرة أحيانا، لونها يختلف حسب الجرثوم المسبب سواء صافية أو مقيحة أو شفافة تلصق الأجفان فيما بينها، وتمنع فتح العين في الصباح إلا بصعوبة· لكن الرؤية تبقى سليمة طوال المدة التي يستغرقها المرض، وهذا ما يسمح بتمييزه عن باقي الأمراض التي تمس العين بهذه الصفة مثل التهاب القرنية أو قزحية العين أو الجسم الهدبي··
يتظاهر هذا الداء الفصلي على أنواع عدة حسب الجرثوم الذي يسببه· قد يكون جرثوم الفونوكوك وخاصة عند المولود الجديد الذي يصاب بالجرثوم أثناء الولادة، إذا كانت الأم مصابة بهذا الجرثوم الذي يصيب كثيرا الجهاز التناسلي سواء عند المرأة أو عند الرجل اللذين يعديان بعضهما·
تختلف هذه الحالة التي تصيب المولود الجديد في عينيه الاثنتين، وتتظاهر في اليوم الثالث أو الرابع بعد الولادة، بانتفاخ هام للأجفان حتى يصعب فتحهما، وإفرازات مقيّحة وافرة التي تحتوي على جرثوم الفونوكوك، والتي تتطلب معالجة سريعة، وإلا قد تؤدي إلى مضاعفات على مستوى القرنية في منتهى الخطورة أو ثقب في المقلة وفقدان البصر للأبد·
أما الحالة التي تصيب الطفل أو الراشد، فهي تصيب عينا واحدة غالبا، عكس الحالة السابقة، سواء عن طريق منديل ملوث بالنسبة للطفل، أو عن طريق الإصابة الذاتية انطلاقا من إصابة في الجهاز التناسلي بالنسبة للراشد· هذه الحالة أيضا خطيرة وتحتاج إلى معالجة سريعة وكثيفة حتى نتفادى المضاعفات السالفة الذكر· يمكن أن يكون جرثوم آخر مثل الستافيلوكوك أو البنوموكوك أو كلاميديا أو غيرها المنتشرة بكثرة في الطبيعة والمسؤولة عن أمراض أخرى عدة تنفسية وجلدية ومفصلية الخ·· سببا في ظهور هذا الداء المتمثل في التهاب الملتحمة، حيث نشاهد نفس الأعراض والتي تشفى بسهولة باستعمال المضادات الحيوية المناسبة على شكل قطرات لمدة بضعة أيام فقط· بينما تتطلب بعض الأنواع الأخرى متابعة العلاج لمدة أطول ولعدة أسابيع·
تقتضي كل حالات التهاب الملتحمة شروطا وقائية لا بد منها حتى نتوصل إلى القضاء عليها نهائيا، بصفتها مازالت تظهر بكثرة في بلدان شمال إفريقيا والبلدان الفقيرة عبر العالم· بينما اختفت أغلبها في البلدان التي تحترم هذه الشروط الضرورية المتمثلة في الاعتناء الجيد بالنظافة الجسدية ونظافة الملابس والأغطية وأدوات الحمام، واستعمال الصابون لغسل الأيدي والوجه عدة مرات في اليوم· كما يجب تفادي انتقال الداء من شخص لآخر بالاحتكاك والملامسة؛ فالشخص المصاب بداء معد لا بد أن يتجنب الاحتكاك بالآخرين والمصافحة والأماكن العمومية والمواصلات الجماعية الخ·· أما بالنسبة للطفل، فلا بد أن لا يذهب إلى المدرسة حتى يشفى· بإمكان عوامل غير جرثومية أن تكون سببا في الإصابة بالتهاب الملتحمة؛ كالتعرض للضوء بإفراط أو الغبار أو تغير مفاجئ لدرجة الحرارة، أو تغيير المناخ كقضاء فترة في أعالي الجبال أو في شواطئ البحر الخ·