انها فتاة لا تتجاوز السادسة عشر من عمرها لا تكاد تجلب انتباه أحد . قصيرة القامة ، ضعيفة البنية ، نصف متحجبة فخمارها يبدي جزءا من شعرها الأسود الفاحم .
قليلة الكلام كثيرة أو دائمة السكوت ، هادئة هدوء البركان الخامد ساكنة سكون أهل القبور .
عرفتها منذ عامين مع بداية العام الدراسي وفي كل يوم اكتشف وراء هذا البركان ما يفزع ويرعب ويجعل قلب الإنسان يرتعش ويحس بالرهبة وما يجعل الأسنان تصطك داخل الأفواه دون برد أو زمهرير .
وجدتها غارقة في طوفان الآلام متشحة بسواد حياتها البائسة التعيسة الباردة .تمدد السواد إلى ملامح وجهها الصغير فأحرقه بلفحاته المضطرمة ، وترك بصمات التعاسة والشقاء مرتسمة على هذا الوجه الذي غضنته يد الأحزان قبل موعد الشيخوخة بكثير وكأنها تستبق الزمن .
عرفت أنها لا تملك إلا أخا وحيدا ووالدا أبعدته الحياة القاسية عن ابنيه فهو معهم وغائب عنهم ملتهيا بأعماله يجري لاهثا وراء ضروريات الحياة .يأتي به الليل ليبعده النهار ...
أما والدتها فقد صفعتها الحياة بكف الغدر وطعنتها في أمومتها وسحقتها بأقدام عسكرية لا ترحم ؛ فغادرت بيت الزوجية تجر أذيال الهزيمة و الخيبة والانكسار، والعين تذرف الدموع ، واليد تمسك بالقلب المرتجف حتى لا يمزق الصدر ، ويكسر الضلوع ؛ ويذهب بها إلى حيث الردى يرفرف على النفوس ....
تعيش في منطقة نائية مع أسرة تتصف بالعنف ولا تعرف للحنان والشفقة معنى .
مع جدة عجوز أحنى ظهرها الزمن وقوستها السنون فأبقتها مكومة في جانب من جوانب البيت لا تتوقف عن الشكوى والأنين و التعليق والتذمر من كل شيء ...
وعمة جبارة عاتية حرمت الزواج والولد ، كرهت زوجة أخيها فحاربتها وقهرتها في ساحة الحياة وها هي الآن توجه حرابها ورماحها نحو الفتاة الصغيرة التي ما زالت تحت صدمة رحيل الأم ...وانشغال الأب وغدر الزمن ....
................................
إنها فقط البداية
القصة ما زالت لم تكتمل فمفاجآتها مذهلة تلعثم الشفاه ....
يتبع ان شاء الله....