التحذير من نشر صور مأساة إخواننا من الشعب السوري عبر مواقع التواصل الاجتماعي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فقد انتشر في الصحف والشبكات الإعلامية العنكبوتية والفضائيات العالمية والواتسبات نقل أخبار مؤلمات مفزعات مروعات، محزنه تؤثر في قلب المؤمن، وللجهاد البدعي العشوائي من المهيجات، حتى انصرف المسلم عن العبادة والواجبات، ونشر صورها المروعات؛ من تقطيع أطراف ودفن أحياء وضرب شديد بالقضبان حتى الموت، ونشر أعضاء بالمناشير وقذف أموات، ومثل هذه الأخبار والمنشورات لا تصلح ولا تنبغي لما يلي:
أولاً: أن فيها إرجاف وتخويف وترويع للمؤمنين والمؤمنات و لا يحل ترويع المؤمن، فقد خرج أبو داود السجستاني في سننه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً)).
ثانيا: أن فيها إحزان لقلب المؤمن وهو من مقاصد الشيطان فلا يجوز التشبه بالشيطان في إدخال الأحزان على المؤمنين، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَعَلَى اللَّـهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾[المجادلة: ١٠]، وإنا يريد الشيطان تنفيس حقده على أهل الاسلام بإدخال الحزن عليهم وإشغالهم عما خلقوا له.
ثالثا: إن مثل هذه الصورة المروعة المحزنة تشغل الفكر وتؤلم القلب فلا ينصرف للتدبر القران والخشوع في الصلاة، فينشغل عن الواجبات الدينية والدنيوية.
رابعا: أن فيها إثارة للاعتراض على أقدار الله المؤلمة وسوء الظن بالرب وحكمته سبحانه.
خامسا: أنها تحتوي على صور، والقول المحقق والأصح ماذهب إليه العلامة الغديان والعلامة الألباني وغيرهم أنه لا فرق بين الصور اليدوية والآلية، ولاتقاس على المرآة، ويقال حبس ظل لأنه قياس مع الفارق فتلك، منعكسه وهذه مثبته، قال الإمام أحمد: ((لاينظر الى الصور))، واستثنى العلماء الضرورة كالبطاقة الشخصية ونحوها وقال العلامة ابن عثيمين في آخر فتاويه لا يجوز الاحتفاظ بالصور للذكرى، ولا تعليقها على الجدران لافرق بين اليدوية والفوتغرافية الآلية، قال ابن حزم: ((الصورة اذا عرضت طردت الملائكة، ولايجوز طردها)).
سادسا: انها احيانا لاتخلو من صور نساء وعورات وهذا لا يجوز، فمن الأمانة ترك النظر للعورات في غير الضرورات، كما في الحديث إن استطعت الا ينظر إلى عورتك أحد فافعل.
سابعا: أن صاحبها الذي تعرض لذل الجريمة القتل وتقطيع الأطراف، أحيانا لمسلم، وأحيانا ذمي ولو كان ذميا أو معاهداً كافراً كتابياًّ ولا يحب لو كان حياًّ أن ينظر الناس لهلكته وتقطيع أطرافه، وإنما جاء في القرآن من قوله: ﴿وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾[النور: ٢]، في الحد الشرعي فلا ينبغي هضم حقه.
ثامنا: إن بعض الصور المتتالية قد تكون مدبلجة مكذوبة ملفقة بفن التصوير المتقدم، أو مبالغ فيها أو كذب على أعيان وأشخاص لا حقيقة لها والناقل مجهول في اليوتيوب وخبر المجهول يقول ابن تيمية لا يعتمد عليه.
تاسعاً: فيها أضرار نفسية وقلبية، وفي الحديث لا ضرر ولا ضرار، حتى ربما ترك المسلم الأكل والطعام والقيام بالمصالح الواجبة، كما تقدم وحكى البعض من المشاهدين.
عاشراً: لا بأس بالتحذير العام من منطقه في مجرمون يعتدون بسفك الدم والظلم وتقطيع الأطراف، إذا ثبت من غير نشر الصور المحزنه من تقطيع أطراف وكسر عظام وسلخ الجلود وفقء العيون للأحياء، وكذلك الأخبار وليس الخبر كالمعاينة.
الحادية عشر: قد روى البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً ((لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ))، ولعل من الحكمه أن بعض الأمراض منفرة مقززة تتلف نفس المصح كالجذام، إذا نظر إليه مع الحذر من العدوى، ومن هذا الباب ما صححه العلامة الألباني من حديث: ((لا تديموا النظر للمجذوم وإن كان قيل قد أعله البعض)).
نسأله سبحانه العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأن يحفظ علينا قلوبنا من الحزن ولا يرينا مكروه في أنفسنا وأموالنا وآباءنا وأولادنا.
الثانية عشر: أن فيها إثارة على الجهاد البدعي وهو مواجهة العدو وقت الضعف انتقاماً، وإنما كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم وقت الضعف مسالمة العدو أو الهجرة أو الصلح والهدنة وترك المواجهة، ولذلك لم يفرض الجهاد الا بعدما صارت للمسلمين شوكة في المدينة
فأذن للذين آمنوا من الصحابة أن يقاتلوا وكان الله على نصرهم لقدير.
﴿رَبَّنَا لَاتُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾[آل عمران: ٨].
اخوكم
أبو عبد الله ماهر بن ظافر القحطاني
https://www.alwaraqat.net/*******.php?4651
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2013-05-08, 20:27
التحذير من نشر صور مأساة إخواننا من الشعب السوري عبر مواقع التواصل الاجتماعي- للشيخ ماهر القحطاني
العرض العادي
