أحداث أكتوبر 1988 و إستغلال الإسلام .. - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > خيمة الجلفة > الجلفة للمواضيع العامّة

الجلفة للمواضيع العامّة لجميع المواضيع التي ليس لها قسم مخصص في المنتدى

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أحداث أكتوبر 1988 و إستغلال الإسلام ..

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-03-28, 16:31   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
خوجة 22
عضو جديد
 
إحصائية العضو










B2 أحداث أكتوبر 1988 و إستغلال الإسلام ..

تعاملت كل من السلطة و حركة الدعوة الإسلامية مع إنتفاضة أكتوبر بطريقة متباينة ،حيت إتخد كل منهما الدين متكئا ، هذا المخزون الشعبي الحاضر الغائب أبدا في السياسة الجزائرية تم توظيفه بطريقة إنتقائية تستجيب و الظرف الطارئ الذي أفرزته حركة أكتوبر 1988 التي تعتبر تتويجا لمجموعة من الحركات الإجتماعية عرفتها الجزائر منذ بداية الثمانينات (1) لكنها تميزت بدرجة من الشمولية ، و إنتهاك لحقوق الإنسان لم تعرفها البلاد منذ إستقلالها سنة 1962 ، الشيئ الذي أحدت صدمة لدى رجل الشارع أفقد السلطة آخر و صيد من الإجتماع الشعبي تمتعت به طيلة ست وعشرين سنة في ظل شرعية تاريخية قامت على النظرة الميتورة للتاريخ متجاهلة شطرى حقيقتها – حقيقة ماقبل 1954 – مهملة عوامل التواصل و الإستمرارية للتاريخ الجزائري (2) و مشروعية تنموية بوصفها "الدولة المغدية" إستطاعت تصنيع المجتمع و تعليمه وتحفيزه عن طريق الإستثمار والتوزيع للربح النفطي ، وفق نمودج شعبوي يقوم على "تسكين" السياسي و مفاضلة الإقتصادي على التقافي ، معتبرة الشعب قاعدتها المغلقة عاملة على إعادة الثروة الوطنية لمجموعة إعتمادا على وظيفة التوزيع و الإنتاج المزدوجة للدولة .
أدت هذه السياسة و التي تتنافى ومنطق الإنتاج إلى مجموعة من الإفرازات ، اهمها نمو "طبقات" إجتماعية من خلال الممارسة السياسية أصبحت تنادي بمشروع إجتماعي يختلف عن الذي أنتجتها ، وأزمة إندماج لفئة الشباب و التي تمثل 70 بالمئة من مجموع السكان ، هذه الفئة وجدت نفسها مهمشة على مختلف الأصعدة ، دافعة ثمن فشل سياسة التوزيع و التي زاد من حدتها إنخفاض العائدات النفطية، و التي شكلت أبرز مظاهر التبعية لسلطة تقوم على التنظيم الرأسي ناقضة أي معرفة بالمجتمع الذي قادت تحولاته ، فكانت إنتفاظة أكتوبر مفاجأتها الكبرى ، هذه الإنتفاضة التي مرت بمرحلتين أساسيتين :
الأولـــــى : من 05 إلى 12 أكتوبر تاريخ إنهاء الحصار العسكري ، تميزت بالعنف الشديد من طرف السلطة ، و السيطرة المطلقة على مسار الإنتفاضة من طرف الجماهير الشعبية .
الثانـــــية : هي مرحلة النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ، و التي تميزت بدخول العنصر المثقف قائدا ،إبتداءا من 17 اكتوبر .
بدات الأحداث يوم الثلاثاء 04 أكتوبر 1988 بحي" باب الواد " الشعبي عندما خرج أطفال المدارس وطلاب الثانويات في مظاهرات للإحتجاج على ندرة مواد الإستهلاك الأساسية ،لكن سرعان ما تطورت صبيحة يوم 05 أكتوبر لتأخد بعدا جماهيريا مستهدفة رموز الدولة من قسمات الحزب ومقرات الوزارات وبصفة أخص مراكز الشرطة و أسواق الفلاح رمز معاناة المواطن اليومية ،فوجدت الشرطة نفسها امام حركة لة تعهدها من قبل ،مما أدى برئيس الجمهورية إلى إعلان حالة الحصار العسكري في 06 أكتوبر طبقا لأحكام المادة 119 من دستور 1976 ،ولكن هذا لم يزدها إلا إشتعالا يوم 08 أكتوبر لتغ ذروتها يوم 10 أكتوبر ،تم إمتدت الأحداث على عشر مدن كبرى منها مدينة وهران عاصمة الغرب الجزائري ،وعنابة مركز الصناعات التقليدية ،ومستغانم وتيارت ،وبالرغم من ان الأسرار الكاملة لهذه الأحداث لم تطشف بعد ،إلا أنها أدت إلى إنتهاكات لحقوق الإنسان وخسائر في الأرواح بلغت 159 قتيل حسب الإحصائيات الرسمية وأكثر من 500 قتيل حسب التقديرات غير الرسمية .
- لكن كيف تعاملت كل من السلطة وحركة الدعوى الإسلامية مع الأحداث ؟
لقد كانت العملية مساجلة بينهما ،وكل منهما إتخد الدين متكئا لشرعيته وذلك على النحو التالي :
1)- السلطة : حاولت توظيف الدين بعد أن فشلت كل الوسائل في تهدئة الاوضاع إعتمادا على مرونة الخطاب الديني ، فالإسلام واحد و الخطاب متعدد متباين ، وخاصة في الفترات التاريخية ذات الطبيعة المفصلية ، محاولة الالتوفيق بين مشروعها الإجتماعي ذي الطبيعة الشعبوية ،ومتطلبات إسترجاع الهوية الوطنية التي يعتبر الإسلام أحد مكوناتها الأساسية والذي وظف لتبرير عملية التنمية التي تقوم على الثلاثية المشهورة : الثورة الصناعية ،الثورة الزراعية ،الثورة الثقافية ، وهذا لمواجهة بعض الشرائح الإجتماعية ذات الأصول الطبقية التي تشربت من النمط الرأسمالي و خاصة في المناطق الحضارية التي ظلت طيلة الفترة الكولونيالية تتعرض لعملية "تثاقف مكثف" وفق المعاينة السوسيولوجية ، حيث عمل النظام على تبرير عملية التنمية ، والتي تقوم على علاقات إنتاجية تختلف و النمط الذي كان سائدا قبل 1962 على أنها لا تتناقض و إرادة ترميم خصائص الشخصية الوطنية والتي يعتبر الإسلام ولغة القرآن إحدى ركائزها الأساسية ، وأمام المواجهة التي حدتث بينها وبين الجمتهير في أكتوبر وفشل إيديوليجية الشرعية التاريخية التنموية لمواجهة الأحداث ، لم يجد النظام بدا من العودة إلى المخزون الشعبي للسيطرة على الأحداث ، وهذا من خلال تجنيد المؤسسات الدينية الرسمية على النحو التالي :
أ- المسجد : لقد حولت السلطة الخطب المسجدية إبتداءا من 07 اكتوبر من الحديث عن "الساعة" إلى حديث الساعة مستغلة في ذلك المساجد ذات الطبيعة الرمزية التاريخية مثل مسجد "إبن باديس " في قسنطينة وغيره ،حيث يتجمع العدد الكبير من المواطنين كل يوم جمعة كالعادة ،من غير توجيه إستدعاء ومن دون حاجة إلى إعلان بوسائل الإعلان ،إنه التجمع التلقائي إستجابة للوازع الديني ،فعملت السلطة على إستغلال هذه الفرصة فركز الحديث المسجدي على قيم التضامن للتنديد بالأحداث راجعا أسبابها على قلة الوازع الديني و الضمير محذرا من الذين يخربون بيوتهم بأيديهم (3) ،داعيا إلى تحكيم العقل و الحكمة وهما ميزات المسلم الصالح للقضاء على الفتنة التي تهدد إستقرار الأمة وإصلاح أحوالها (4) محرما أحداث الشغب " كل مسلم على مسلم حرام ،دمه ،وماله ، وعرضه "(5)، محثا على التجند للقضاء على الفتنة عملا بقول الرسول (ص) :" من رآى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان " .
ب – المجلس الإسلامي الأعلى : وهو مؤسسة رسمية يترأسها الشيخ "أحمد حماني" عضو سابق في جمعية العلماء المسلمين ،أدلى بدلوه في الأحداث ببيان و عظى (6) ،داعيا الشعب الجزائري إلى التوقف لكي لايثير إشمئزاز العالم بالإنقياد إلى المشاغبة و التخريب والمحافظة على الدولة – لكي لايعود إلى العدم – وإسلامه بدعوه إلى حماية وطنه وثورته ووحدته عملا بقول الله تعالى: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" ،وقوله " ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " .
*فالقوة والدولة من الله* فإن دعيت إلى غير مادعاك الله فاعلم أنك مخدوع واعلم أن داعيك خادع إحذره، فتمثل للأوامر لأن شأن المسلم الطاعة و الإلتزام ،واحذر المساس برموز الدولة لأنه فساد في الدين،وفساد في الدنيا وخراب بقوله تعالى : "إن الله لا يحب المفسدين"
ج – مفتشو الشؤون الدينية المركزيون : وبعد 17 أكتوبر وهي فترة النضال من أجل الديمقراطية و الدفاع عن حقوق الإنسان عملت السلطة على توظيف فئة أخرى تتجاوب وطبيعة المرحلة وهي فئة المفتشين المركزيين للشؤون الدينية الذين أصدروا البيان التالي نصا بتاريخ : 31 أكتوبر 1988 ،تحت عنوان "واجب المسلمين عدم التخلف عن العمل الصالح لإصلاح شأن المواطنين ، و الإستفتاء نوع من أنواع الشورى الإسلامية" . ومما جاء في هذا البيان :
أ - إستنكار بكل شدة ما وقع أثناء هذه الأحداث من تخريب وحرق ونهب الممتلكات العمومية والخاصة ، ويتبرؤون من الذين يتخذون الإسلام مطية لكسب زعامات مشبوهة لاتتورع عن إيجاد مبررات للتخريب والنهب والوقوف في ذلك إلى جانب المفسدين (7) ، والله لايحب الفساد ، كما ينوهون بعمل الذين قاموا بإطفاء نار الفتنة (8) والحيلولة دون الشغب والعنف بأقوالهم وأفعالهم .
ب – ينددون بكل الذين كانوا وراء هذه الأحداث من العابثين بالقيم الصائدين في الماء العكر ، زجوا بجماعات من الأطفال والشباب فاقدي الوعي والشعور في أثون الفتنة والفوضى التي لا تسلم عواقبها على مر العصور واختلاف المجتمعات من أرواح تزهق ودماء تسيل إذ الفتنة كما ورد في القرآن أشد من القتل ، وهي كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم (الفتنة نائمة لعن الله من أيقضها) .
ج – يحذرون من كيد الماكرين من أذناب الشيوعية بالجزائر مهما كانت الأقنعة التي يلبسونها الذين ما أتيحت لهم الفرصة يوما إلا أقدموا على إيقاع العداوة بين أبناء الشعب الواحد وإشاعة الشحناء في صفوفه ، نشر الفساد بين أهله ، هكذا فعلو زمن الإستعمار وهكذا فعلو منذ الإستقلال .
د – يهببون بكل المواطنين أن يتسلحوا باليقضة والأخلاق الإسلامية التي تعصمهم من الوقوع في حبال الماكرين والمندسين في كل قطاعات المجتمع وتنظيماته .
هـ - يستبشرون بالإصلاحات المقترحة الإدارية (9) والسياسية (10) ، ويعتبرونها بعد الموافقة عليها فاتحة خير على الأمة ومفتاح لممارسة الديمقراطية ويرون في الإستفتاء القادم (11) نوعا من الشورى الواردة في القرآن والسنة يتعين على كل مسلم أن لايتأخر عنها .
و – يدعون جماعة المسلمين إلى نبذ الخلافات وإلى رفض الوقوف على صعيد واحد مع أعداء الشعب الذين يدعون إلى الإمتناع عن التصويت (12) بصورة أو بأخرى ولا يريدون له إلا تشتيت لاصف وفساد الرأي والتنكر لأصوله العربية الإسلامية .
ز – يعلنون أن ما لم يقدر على الإتيان به الحزب الواحد في حل مشاكل المجتمع لا يمكن أن تأتي به أحزاب متعددة ما دامت تغلب على النفوس الأنانية وحب الذات وترجيح المصلحة الخاصة على المصلحة العامة ، هذا عن السلطة .
موقف حركة الدعوة الإسلامية : لقد لعبت هذه الحركة دورا فعالا في الأحداث ، لا من ناحية تفجيرها ولكن من ناحية ركوبها و محاولة توجيهها" الوجهة الإسلامية " حسب تعبير رموز هذه الحركة ، ولكن إستراتيجيتها تعددت بتعدد التيارات المشكلة لها مما يدفع بنا للتركيز على إتجاهين رئيسيين وهما " الإتجاه الإصلاحي " بزعامة الشيخ أحمد سحنون ، " الإتجاه السلفي " بقيادة على بلحاج (14) .
1- الإتجاه الإصلاحي : إعتمدت هذه الجماعة في تعاملها في إنتفاضة أكتوبر على البيانات السياسية وسيلة متخذة من مسجد دار الرقم مقرا ، رافضة المشاركة الفعلية في الأحداث شرعا ، طارحة نفسها كبديل للسلطة تنهار حتما وذلك وفق الإستراتيجية التالية :
أ – التكامل والتأييد : في البيان الأول الصادر بتاريخ 10/10/1988 أعلنت هذه الجماعة تاييدها الصريح للإنتفاضة : " إننا متضامنون مع الشعب في مطالبه المشروعة ونحن جزء منه ولا نتخلى عنه " معتبرة من سقط في هذه الأحداث شهيدا ، الشئ الذي يعتبر تغيرا واضحا في موقف هذا الإتجاه ، إذا قارناه بموقفه من حركة بوعلي سنة 1985 ، ثم بدأ التحرك طبقا لمبدأ التكافل في الإسلام وفق الخطة التالية :
1- عيادة الجرحى في منازلهم ومستشفياتهم .
2- تقديم المساعدات المالية لهم ومواساتهم معنويا .
3- زيارة ضحايا القمع الذين تم إطلاق سراحهم ومساعداتهم ماديا و معنويا.
4- الإتصال بأسر القتلى وإشعارهم بوجودهم إلى جانبهم .
هذا فيما يخص تعامل هذا الإتجاه مع الجماهير الشعبية .
ب- البديل : في تعامله مع السلطة ركز على تحميلها مسؤولية الأحداث طارحا نفسه كبديل حتمي لها وهذا يظهر جليا من خلال البيان الأول والبيان الثالث والصادر بتاريخ 23 نوفمبر بمناسبة إنعقاد المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير الوطني .
البيان الأول جاء غاضبا منددا بالسياسة غير الرشيدة والتي فوتت على الأمة فرصتها التاريخية للإنطلاقة الحضارية ، سياسة أملاها التعصب الإيديولوجي أحيانا وأملاها الإرتجال والجزئية والرغبة الجامحة في السلطة أحيانا أخرى ، محذرا من أن ساعة التغير قد أذنت وإرادة الشعب قد أزفت .
طارحا مجموعة من المطالب المستعجلة شعورا بالمسؤولية التي يفرضها الواجب الديني و الإهتمام بمصالح الأمة في المعاش و المعاد وهي :
1 – إنهاء حالة الأحكام العرفية المستمرة منذ الإستقلال بشكل مقنع .
2 – إصدار العفو الشامل على كل المعتقلين من أجل آرائهم بغض النظر عن الوسيلة التي إستعملوها .
3- توفير فرص العمل وتشغيل الطاقات المعطلة في الشعب ،مع إعادة الإعتبار والقيمة للجهد و الكفاءة والعلم ومحاربة السبل غير المشروعة للرقى والثراء كالمحسوبية والرشوى والغش والنفود و"الإقطاع الإداري".
4 - تطبيق قيم العدالة الإسلامية في توزيع ثروات البلاد على مختلف فئات الشعب .
5 – مكافاة العمل حسب نوعه ومقداره ومشقته وآثاره العاجلة والآجلة وفق القواعد الآتية :
- الرجل وبلاءه ، "وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما".
- لكل حسب طاقته، "لايكلف الله نفسا إلا وسعها".
- لكل حسب عمله "إنما تجزون ماكنتم تعملون" .
6 – ضمان حرية نشر الدعوة الإسلامية بكل السبل المشروعة مع توفير الحصانة للإمام الواعظ و المدرس ،طالما كان توجيهه في حدود آداب الإسلام ، وإذا أخل بهذه الآداب يسند أمر تقويمه إلى هيئة من أهل الحل والعقد في الأمة لا إلى مصالح خاصة .
لكن بعد تصاعد النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ،إبتداءا من 17 أكتوبر 1988 ،وبمناسبة انعقاد المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير الوطني يومي 27 و 28 نوفمبر من نفس السنة ،قدم هذا الإتجاه مايمكن أن نطلق عليه البرنامج البديل الذي تناول تحليلا مفصلا للأسباب التي أدت إلى إنتفاضة أكتوبر ،متصورا سبل حلها على النحو التالي :
الأسباب : يرى هذا الإتجاه أن الهزة التي عرفتها الجزائر ترجع إلى الأسباب التالية :
أ- إبعاد الإسلام بعد الإستقلال من ان يكون مصدر إلهام للذين تحملوا وزر صياغة معالم مستقبل الجزائر المسلمة ،وترتيب عن ذلك النتائج التالية :
- التغريب في الثقافة حيث أن ما انتشر من العناصر الثقافية الإستعمارية بعد الإستقلال لم يأت للإستعمار يوم كان يباشر العملية بنفسه .
ب – تهميش الطاقة الشعبية والعناصر المخلصة وأصبح مصير الشعب يقرر دون أن يكون له رأي أو مساهمة فعلية حرة في صنع حاضره والتخطيط لمستقبله ، وهذا ما فوت تلك الفرصة التاريخية على الشعب للإنطلاقة الحضارية التي توفرت لها الشروط اللازمة من العصر البشري إلى الموارد المالية المعتبرة إلى العقيدة الجامعة المحفزة .
ج - إتباع المنهج الإستبدادي في تسيير شؤون البلاد ، وهو ما جعل النظام يحرم الوطن من كفاءات معتبرة ، كما اضطرته هذه السياسة إلى رفض أي صوت ناقد ، يتجاهله أحيانا وباسكاته بالقوة أحيانا أخرى .
د - إبعاد الإسلام ، عزل النظام عن الإرادة الشعبية التي كان ينبغي أن يستمد منها الشرعية التي يمنحها الشعب عن الإختيار، لا المصادقة على ما يتقرر في غيابه ، وعندما يفقد النظام الدعم الشعبي يلجأ إلى البطش تارة وإلى الإنتفاعيين تارة أخرى .
هـ - سياسة الحزب الواحد ، أفضت بالبلاد إلى الطريق المسدود وهذا ما جسدته الإنتفاضة ...
وللخروج من هذه الأزمة يطرح هذا الإتجاه نفسه كبديل لحل هذه الأزمة وفق التصور الإسلامي ، فهذه الأزمة لايمكن لأي كان القدرة على حلها دون المساهمة الفعالة من كل أبناء الوطن المخلصين النزهاء والأكفاء ، ودون الرجوع إلى عقيدة الأمة ودينها الذي يمثل مفتاح شخصيتنا ، وهذا يتطلب :
أولا : الحكم : إن الإسلام دين ودولة وليس مجرد شعائر تعبدية ، لذا يجب أن يحكم الشعب بما يحقق المقاصد العليا التي جاء بها الإسلام ويكون ذلك بـ :
أ – التطبيق الصادق لمبدأ الشورى في إختيار الحاكم وفي إدارة شؤون البلاد .
ب - أن يكون الحاكم نائبا عن الأمة في التنفيذ وأن يكون مسؤولا أمام الله وأمام ممثلي الأمة من أهل الحل والعقد .
ج – أن يكون للشعب حق المراقبة المباشرة في إطار ضوابط ، تحقيقا لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وهذا يتطلب إعادة صياغة الدستور والميثاق الوطني وفق مبادئ الإسلام .
ثانيا : التشريع : أن وضيفة المجلس المنتخب تتلخص في وضيفتين أساسيتين :
1- سن القوانين ومراقبتها وذلك بممارسة الإجتهاد
الجماعي ،وهذا يستلزم ان يكون في المجلس هيئة تراقب القوانين حتى لاتتصادم ونصوص الشريعة أو روحها ،وهذا يتطلب من المجلس أن يتقيد بالضوابط التالية :
- ليس من حقه ان يلغي حكما مبنيا على نص شرعي صحيح في ثبوته ودلالته .
- أن يصدر قانونا يخالف مقاصد الشريعة أو نصوصها القطعية .
ثالثا : القضاء : يجب فصل القضاء ومنحه الاستقلالية ليتمكن رجل القضاء من ممارسة مهمته بكل حرية مع الشعور بالأمن على نفسه ، على أن تكون القوانين التي يحكم بها منسجمة مع روح الأمة وعقيدتها ،لذا يجب أن تطهر المنظومة القضائية من كل رواسب القضاء الاستعماري لتصبح نابعة من واقع هذا الشعب المسلم ،وهذا يقتضي ان يعني في تكوين رجل القضاء بالجانب الشرعي .
لكي يقوم بوظيفته يجب التأكيد على الجوانب التالية : رابعا : الإعلام :
أ – تحصينه من كل مادة إعلامية تثقيفية تستهدف طمس معالم شخصية الأمة ،أو تكوين الأنماط الاستهلاكية الغربية ،وهو ماجعل الإغتراب الثقافي تكثر مظاهره في المجتمع .
ب – تمكينه من أداء الرسالة الإعلامية بكل حرية في إطار الضوابط الشرعية .
ج – إعتبار رسالة الإعلام مكملة لرسالة مختلف الأجهزة التي تربى وتعلم وتثقف ،إذا يجب أن تراعي إحالة الشعب في كل مادة تثقيفية تبث عن طريق أجهزة الإعلام .
د- وهذا يستلزم تشكيل هيئة متخصصة لرعاية الآداب العامة في البرنامج .
خامسا : التربية : يؤكد في صياغة المنظومة التربوية على ما يأتي :
أ – اللغة العربية لتصبح أداة للتفكير و التعبير .
ب – غرس القيم الأخلاقية الإسلامية في نفوس النشئ مع التركيز و العناية بقيمة الحرية و ضبطها ، العدالة ،والشورى، والإيثار، والشجاعة، والصدق، والشعائر التعبدية .
ج – رفع مستوى التحصيل العلمي ،لتحرير الأمة من التبعية العلمية والتكنولوجية للبلاد الغربية .
د – وضع حد لسياسة الاختلاط ،خاصة بعدما تبينت نواحيها الوخيمة على المستوى التربوي ،والأخلاقي والعلمي ،ويرى فيها جريمة ترتكبها هذه السياسة في حق الجيل ،حيت تجعله ممزقا في شخصيته بما تعلمه نظريا وما تفرضه عليه علميا .
هـ - إعادة المعلمين إعدادا متكاملا علميا وأخلاقيا وتربويا .
سادسا : الثقافة : مراجعة السياسة الثقافية لتصبح منسجمة مع ثوابت الأمة وأصالتها الإسلامية .
سابعا : الأسرة : أهم عامل في صيانتها هو حسن الإعداد و التربية لكل من الرجل والمرأة وهذا على أساس القواعد التالية :
أ – المرأة يجب أن ينص القانون على حقها في التفرغ للمهمة الأساسية التي تفرضها عليها فطرتها ،كما يجب على المجتمع أن يعتبر عملها التربوي عملا اجتماعيا تكافأ عليه ماديا و أدبيا .
ب – بالرغم من كون القانون الأسرة خطوة إيجابية لكن ينبغي بتر مالم يكن محروسا بالأحكام الشرعية المتعلقة بحماية النسل و العرض والأسرة .
ثامنا : الحريات السياسية : يجب أن تقوم على القواعد التالية :
أ – ضمان الحريات العامة لكل المواطنين مع مراعاة مقدسات الأمة .
ب – ضمان حرية الدعوة ونشر تعاليم الإسلام وإصلاح المجتمع بكل وسائل النشر ،مع توفير الحصانة للأمة والدعاة ،وأن يحاسبوا على كل فعل أو قول يحرمه الشرع .
ج – توفير حرية النقد و الرأي لكل من يتولى الإشراف على مصلحة عامة دون التعرض لحياته في حدود الآداب الشرعية .
د – حرية الإجتماع والتنظيم بما يتيح الفرصة لكل أبناء الأمة لأن يشعروا بواجب حماية الحرية التي يتمتعون بها .
تاسعا : الإقتصاد : يجب أن ينظم فوق الضوابط الشرعية التالية :
أ – فتح السبل الشرعية للكسب الحلال في التجارة والصناعة والزراعة .
ب – تشجيع الإستثمار الإقتصادي في القطاعات التي تسد إحتياجات الأمة وتوفير مناصب الشغل .
ج – إعادة ثقة المواطن في الدولة ليطمئن على مستقبل رؤوس أمواله وثروته .
د – إعادة النظر في توزيع الأراضي الزراعية ومنحها لمن يخدمها كما يجب إعادة الأراضي المأخودة من أهلها الشرعيين في إطار الثورة الزراعية .
عاشرا : السياسة الخارجية : يجب أن تقوم على الثوابت التالية :
أ – أن تخضع لمبادئ الإسلام وأخلاقه وتراعي دوائر الإنتماء ،فيكون تعاملنا مع العالم على أساس العدل مع الناس .
ب – أن تتبنى قضايا العالم الإسلامي العادلة ،وتنشر الثقافة الإسلامية خارج الوطن .
هذا هو البرنامج البديل الذي تقدم به الاتجاه الإصلاحي في حركة الدعوة الإسلامية منذ بداية تأسيسه سنة 1963 ليخرج لأول مرة في إطار المعارضة المتقطعة لنهج السلطة طارحا نفسه كبديل لها .
ولكن الرياح تهب بما لا تشتهي السفن ،إذ خرج المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير الوطني بقرارات تؤكد تمسكه بالسلطة في ظل نظام الحزب الواحد ،لتتطور الأحداث إبتداءا من 05 فبراير تاريخ الإعلان عن مشروع الدستور بديلا لدستور سنة 1976 والذي تمت المصادقة عليه بتاريخ 23 فبراير معلنا عهدا جديدا ،يقوم على أساس الدستور "القانون" بدل الدستور "المشروع" وعلى نظام التعددية بدل نظام الحزب الواحد ،فكان لحركة الدعوة الإسلامية موقف ،سنتعرض له لاحقا .
موقف الإتجاه السلفي من إنتفاضة أكتوبر : يطلق على نفسه هذا الإسم طبقا لتعريف راشد الغنوشي (14)، من أبرز رموز الإمام علي بلحاج ،حاول هذا الإتجاه ركوب الأحداث إبتداءا من 07 اكتوبر 1988 وتوجيهها الوجهة الإسلامية ،باعتبارها ثورة إسلامية قام بها "عصاة" من عامة المسلمين داعيا المشاركة الفعلية في الأحداث إبتداءا من 09 أكتوبر ،مما جعله يدخل في جدول فقهي مع رموز الإتجاه الإصلاحي بزعامة الشيخ سحنون ، معيدا بذلك إلى الأذهان إختلاف رموز الدعاة حول حركة بوعلي سنة 1985 ،فيرى هذا الإتجاه من بين ما رأوا أنها ثورة على المظالم وغياب العدل والإنصاف بين الناس وتحطيما لرموز الطاغوت ،ودعوة لتطبيق شرع الله يحرمها الشيء الذي جعله يدخل طرفا إبتداءا من 09 أكتوبر بحجة عدم وجود نص من كتاب الله يحرم ذلك ،فكل قضية مالم يكن يحرمها نص فهي تدخل في المصالح المرسلة يقوم بها المسلمون ويعمل بها (15) مدللا على وجوب المشاركة بقوله تعالى : "إن طائفتين من المؤمنين اقتتلا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الآخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء لأمر الله" .
وفي هذه الحالة اقتتل الشعب مع الحكومة فبغت هذه الأخيرة فلابد من قتالها ،وعملا برأي الغزالي الذي يذهب إلى وجوب القتال على المسلم في ثلاث حالات وهي : الفتنة ،تامين الدعوة ،والحفاظ على الدم والمال ،ووفق رأي عبد الله العزام الذي جاء في كتابه " الرسالة الخالدة " والذي يؤكد وجوب القتال لنصرة المظلوم ،فردا وجماعة ولم يتوقف هذا الإتجاه في تبرير موقفه بل ذهب إلى توظيف مواقف السلف الصالح من أمثال أبو بكر الصديق ،والإمام بن تيمية في موقفه من غزو التتار لدمشق ،ومواقف رجال الإصلاح في الجزائر ،مثل مشاركة عبد الحميد بن باديس في المظاهرة التي نظمت سنة 1934 ودعوته للقيام بحركة إحتجاج على المضايقات التي تعرض لها التعليم الحر من طرف الإدارة الفرنسية سنة 1938 .
أما هدفه من هذه المشاركة على شكل مسيرة هو المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية وليس إزالة نظام الحكم ،ومما يتميز به موقف الإتجاه هو غياب البرنامج البديل ،بالرغم من محاولة تبنيه للبرنامج الذي طرحته جماعة الإصلاح .
يتبع ...........









 


رد مع اقتباس
قديم 2009-04-18, 18:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الوليـد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية الوليـد
 

 

 
الأوسمة
وسام المسابقة اليومية 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :

بارك الله فيك على المقال .

نرجو اكماله في أقرب وقت ممكن .فضلاً وليس أمراً










رد مع اقتباس
قديم 2009-04-19, 13:12   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
خوجة 22
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة cestlamiwalid مشاهدة المشاركة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :

بارك الله فيك على المقال .

نرجو اكماله في أقرب وقت ممكن .فضلاً وليس أمراً
-السلام .
يمكنكم قراءة الموضوع كاملا في نفس المنتدى و هو معنون " الإسلام السياسي و أحداث أكتوبر 1988"









رد مع اقتباس
قديم 2009-04-19, 16:56   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
yahia960
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

هل استخلصنا العبر ام لا نزال نقرا ولا نفهم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الاسلام بريء يا ناس ....................










رد مع اقتباس
قديم 2009-04-21, 07:09   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ساعد العقبي
عضو جديد
 
الصورة الرمزية ساعد العقبي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

إشرح لي العبارة التالية "بالعلم والمال تبني الناس ملكهم"










رد مع اقتباس
قديم 2009-04-21, 13:13   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
سعدالله محمد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية سعدالله محمد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

( المطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية وليس إزالة نظام الحكم ،ومما يتميز به موقف الإتجاه هو غياب البرنامج البديل...)
البرنامج هو كل المعاملات التجارية والأسرية وعلاقة الفرد بالحاكم والعكس والذي نظمته شريعة الله ورسوله ولم يترك لنا مانضيف عليه ..

راجع دينك .










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:19

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc