تسجيل مصور لرئيس حركة النهضة في تونس قد يشعل البلاد
تشهد الساحة السياسية التونسية المحتقنة منذ مدة، والتي تجعل أكثر من مراقب يخشى من تفجر الأوضاع فيها في أية لحظة، جدلاً كبيراً حول تسجيل مصور للشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة قيل إنه سجل في غفلة عنه وتم نشره على الفايسبوك وانتشر بين الناس انتشار النار في الهشيم، يتحدث فيه في مقر حركة النهضة مع منتمين إلى التيار السلفي حول الأوضاع في أرض الخضراء.
فريقان
الشيخ الغنوشي قال في هذا التسجيل الكثير حيث قسم ضمنياً إلى فريقين: الإسلاميين والعلمانيين الذين لم يتصوروا أن حركة النهضة ستحرز ذلك النصر الكاسح رغم القانون الانتخابي الذي اعتبره الغنوشي جائراً. وقال إن العلمانيين الذين انهزموا في الانتخابات ما زالوا يسيطرون على الإعلام والاقتصاد والإدارة وإن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم السابق بدأ يعود.
كما اعتبر الغنوشي في حديثه مع السلفيين أن الجيش والشرطة ولاؤهما غير مضمون، وعدد أنصار الإسلاميين الكبير لا يجب أن يجعل الإسلاميين يغترون بأنفسهم لأن أركان الدولة ومفاصلها لا زالت بأيدي العلمانيين.
ودعا الغنوشي ضيوفه من التيار السلفي إلى تكوين الجمعيات الأهلية للسيطرة على المجتمع وعدم الاستعجال والتمهل لأن ما تحقق للإسلاميين قابل للتراجع على غرار ما حصل في الجزائر. كما اعتبر رئيس حركة النهضة أن وزراء حركته لا يسيطرون بعد على مفاصل الدولة فالذين تحت إشرافهم ملغمون ويحتاج الأمر إلى بعض الوقت حتى تتم السيطرة على مفاصل الدولة.
ازدواجية الخطاب
المعارضة التونسية وكثير من وسائل الإعلام ومستقلين اعتبروا ما جاء في هذا التسجيل دليلاً قاطعاً على ازدواجية الخطاب الإخواني فهم يتحدثون من جهة عن مدنية الدولة ومن جهة أخرى يخططون على مراحل لفرض أجندتهم الخاصة وتدجين المجتمع على طريقتهم. ويتحدثون من جهة على ضرورة العيش المشترك وإقامة مجتمع ديمقراطي تعددي ومن جهة أخرى يقسمون المجتمع التونسي المتماسك إلى فريقين، إسلاميين وعلمانيين أو مسلمين وكفار لدى البعض من غلاة التطرف.
كما اعتبر البعض أنهم كانوا محقين حين لم يميزوا بين التيار السلفي وحركة النهضة فكلاهما حامل لنفس المشروع وهو ضرب "الفكر الحداثي التنويري الإصلاحي" الذي ميز تونس على مدى تاريخها والاستعاضة عنه بأجندة "ظلامية هدامة قادمة من بلاد نجد لا علاقة لها بالموروث الحضاري للبلاد التونسية".
فبركة
أنصار النهضة وبعض قيادييها على غرار عامر العريض عضو المجلس الوطني التأسيسي، تحدثوا في البداية عن فبركة للتسجيل وأنه غير صحيح. لكنهم أقروا في النهاية بصحته لكنهم أكدوا على أنه ليس كاملاً وتم حذف مقاطع منه وترك مقاطع أخرى لتشويه صورة الحركة، ولو تم الاستماع إلى كامل التسجيل فإن المتلقي سيخرج بانطباع مختلف عما خرج به من شاهد المقاطع المقطعة من التسجيل. واعتبر أنصار النهضة أن كلام الشيخ راشد يدخل في إطار تهدئة السلفيين وحثهم على العمل المدني والانخراط في مجتمعهم لا أكثر ولا أقل.
واعتبر الشيخ راشد الغنوشي نفسه في مقابلة مع القناة الوطنية الأولى أنه كان عالماً حين كان يتحدث بأن هناك من كان يصور اللقاء وأن الأمر لا يتعلق بكاميرا خفية مثلما يتم ترويجه، وأن المعارضة تقوم بعملية شيطنة لحركة النهضة من خلال التأويل الخاطئ لكلامه. ولعل ما أثار خوف بعض الجهات في تونس هو خبر تم تداوله لم يتم التأكد من صحته من أن أحد جنرالات المؤسسة العسكرية دعا الجيش إلى التدخل وإنقاذ البلاد وتحمل مسؤولياته التاريخية بعد هذا التسجيل. ويشار إلى أن وزارة الدفاع أصدرت بلاغاً أعلنت من خلاله أن المؤسسة العسكرية تقف على الحياد من جميع الفرقاء السياسيين.
12-10-2012