2012.10.02
لجأت الدولة الجزائرية، مؤخرا، إلى إجراء تاريخي في قطاع الشغل من أجل امتصاص أكبر عدد ممكن من البطالين خاصة حاملي الشهادات الجامعية، وهو توسيع دائرة التشغيل عن طريق عقود ما قبل التشغيل، وعقود الادماج المهني، وهو الأمر الذي لقي استحسان البعض، في حين انتقده البعض الآخر.. وسوف تظهر الأيام القادمة مدى نجاح هذا الإجراء أوفشله.
مع العلم أن العمل بصفة التعاقد استحدث في الجزائر منذ عشرين سنة عن طريق أجهزة التشغيل، لكن هذا الإجراء الذي تقبله البطالون ظل محل انتقاذ العديد من المتتبعين الذين يعتبرون أنه ليس حلا ناجعا، لاسيما بالإدارات والمؤسسات العمومية.
وقفت “الفجر” عند هذه القضية بإجراء استطلاع حول فئة المتعاقدين في هذه المؤسسات لمعرفة الحالة المهنية لهذه الفئة التي تشكو من عدة مشاكل، فخلال جولة قادتنا إلى العديد من المقرات الإدارية والمؤسسات العمومية قمنا بعدة مقابلات مع متعاقدي ما قبل التشغيل، فأكد معظمهم عدم الرضا بهذه المناصب المؤقتة، معتبرين الواقع الذي يمارسون فيه العمل شرا لابدّ منه بحكم الظروف المحيطة التي دفعتهم إلى مزاولة تلك المهن المؤقتة في ظل غياب البديل من جهة، ولكسب الخبرة المهنية من جهة أخرى.
وقد تفاءل البعض منهم بترقبهم الترسيم، ذلك الإجراء الذي علقت عليه آمال كبيرة من طرف كل من السيد (ن.ع) ،(خ.ع) و(س.أ) الذين تحدثت إليهم “الفجر” في إحدى المصالح التابعة لبلدية ماوكلان، بعين أرنات في سطيف.
معنويات منحطة والتفكير في الاستقالة..
أكد العديد ممن اقتربنا منهم والذين أوشكوا على التفكير في الاستقالة من تلك الوظائف المؤقتة وإراحة ضمائرهم، منهم شاب يعمل بإحدى دوائر ولاية سطيف، قال إنه منذ أن وطئت رجلاه تلك المؤسسة لم يسلم من التعليقات والملاحظات، تدور كلها حول التقليل من أمل الترسيم. وما زاد من تحطيم معنويات البعض الآخر هي الأعداد الهائلة من الموظفين بعقود ما قبل التشغيل وعقود الإدماج المهني، الأمر الذي يستبعد إجراء الترسيم، حسبما أدلت به إحدى الفتيات التي تعمل بمؤسسة استشفائية عمومية منذ ثلاث سنوات، والتي تستبعد إمكانية إدماج كوطة الـ 358 ألف موظف التي تتغنى بها وزارة الداخلية، مؤكدة أنها متعودة على سماع مثل هذه الأخبار منذ سنوات لكن لاشيء تجسد على أرض الواقع. ويبقى الإدماج - حسبها - مستحيلا خاصة بعدما أن ولج علم التشغيل بالعقود آلاف المتخرجين خلال سنة 2011. فيما ترى الآنسة (س.ك) أن تمديد فترة العقود من سنة واحدة قابلة للتجديد إلى ثلاث سنوات قابلة للتجديد يمكن اعتبارها فترة لتمديد معاناة هذه الفئة، واستنزافا لطاقة الشباب الضائعة وسط معنويات و عزائم منحطة.
أصحاب المناصب القارة في مهن حرة والمتعاقدون يخلفون أماكنهم
لعل الأمر الذي لفت انتباهنا خلال تواجدنا ببعض المؤسسات والبلديات، هو الغياب التام لأصحاب المناصب القارة الذين تركوا أصحاب العقود في أماكنهم، حيث أقحموهم في العمل طيلة ساعات اليوم، في حين انتقل هؤلاء الدائمون إلى مزاولة المهن الحرة التي تتمثل معظمها في التجارة، النقل.. إلخ، تاركين وراءهم مسؤولياتهم في مختلف المصالح العمومية، ولا يحضرون حسب شهادة بعض رؤساء المصالح في العديد من البلديات، لاسيما المعزولة، إلا مرة أومرتين في الأسبوع للتوقيع على ورقة الحضور، حيث يقومون بتهديد المتعاقدين بتوقيف عقودهم وطردهم في حالة حضورهم للعمل يوميا، و يتحججون لهم - حسب الآنسة (م. أ) التي استخلفت أحد الموظفين في قسم الممتلكات بالبلدية، بإيهامهم بعدم وجود قانون يحمي فئة المتعاقدين المغلوبين على أمرهم، وإمكانية فسخ العقد واردة في أي لحظة.
مستواهم العلمي لم يشفع لهم في كسب الاحترام والتقدير
ورغم المساعدة الواسعة التي يمنحها هؤلاء المتعاقدون في فك أعباء العمل بالنظر إلى مستواهم العلمي الجيد وعملهم المتقن بشهادة الكل، إلا أن ذلك لم يشفع لهم في كسب الاحترام والتقدير، بل يعمل الكل بما فيهم الموظفون أوالمسؤولون على إحباط معنوياتهم دون أدنى ضمير، ناهيك عن النظرات التي تلاحق هؤلاء المتعاقدين من كل جانب بسبب الأجرة المتدنية التي تجعل من هم أقل منهم في المستوى يعتلون عليهم، كون أجرتهم تفوق أجرة المتعاقدين. لكن رغم كل هذه الضغوطات التي تتعرض لها هذه الفئة إلا أن أملهم في الترسيم يبقى قائما، خاصة أن رئيس الجمهورية أعطى تعليمات في العديد من المرات بترسيم أصحاب العقود خاصة الجامعيين منهم، وعلى أمل اتخاذ تلك القرارات يبقى هؤلاء صامدين في وجه كل المعاملات إلى أن يأتي الفرج.