حكي أن الحجاج أمر صاحب حراسته أن يطوف بالليل فمن وجده بعد العشاء ضرب عنقه، فطاف ليلة فوجد ثلاثة صبيان يتمايلون وعليهم أثر شراب الخمر، فأحاط بهم وقال لهم من أنتم حتى خالفتم الأمير؟
فقال الأول
أنا ابن من دانت الرقاب له
ما بين مخزومها وهاشمها
تأتي إليه الرقاب صاغـرة
يأخذ من مالها ومن دمهـا
فأمسك عن قتله، وقال: لعله من أقارب أمير المؤمنين وقال الثاني
أنا ابن الذي لا ينزل الدهر قـــدره
وإن نزلت يوماً فســــــوف تعـود
ترى الناس أفواجاً إلى ضوء ناره
فمنهـم قيـامٌ حـولهـا و قــــعـود
فأمسك عن قتله، وقال: لعله من أشراف العرب وقال الثالث
أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه
وقومهـا بالسيـف حتى استقامـت
ركابـاه لا تنفـك رجـلاه منهـما
إذا الخيل في يوم الكريهـة ولـت
فأمسك عن قتله، وقال: لعله من شجعان العرب فلما أصبح رفع أمرهم إلى الحجاج، فأحضرهم وكشف عن حالهم فإذا الأول ابن حجام، والثاني ابن فــــوال، والثالث ابن حا ئـــك فتعجب الحجاج من فصاحتهم وقال لجلسائه: علموا أولادكم الأدب، فوالله لولا الفصاحة لضربت أعناقهم ثم أطلقهم الحجاج وأنشد يقول
كن ابن من شئت واكتسب أدباً
يغنيك محمـوده عن النسـب
إن الفتى من يقول : ها أنـا ذا
ليس الفتى من يقول : كان أبي