السؤال :
هل يجوز الرمي في أيام التشريق قبل الزوال لما فيه من مشقة وزحام ومعي أمي المسنة ؟
الجواب :
الحمد لله
جمهور الفقهاء على أن الرمي قبل الزوال لا يجزئ ، لما ثبت من رمي النبي صلى الله عليه وسلم بعد الزوال ، وقد قال : ( خذوا عني مناسككم )
رواه مسلم (1297).
وكون الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخر الرمي ـ إلى هذا الوقت ـ مع أنه في شدّة الحر ، ويدع أول النهار مع أنه أبرد وأيسر ، دليل على أنه لا يحل الرمي قبل هذا الوقت .
ويدل لذلك أيضاً :
أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرمي من حين تزول الشمس قبل أن يصلي الظهر ، وهذا دليل على أنه لا يحل أن يرمي قبل الزوال وإلا لكان الرمي قبل الزوال أفضل ، لأجل أن يصلي الصلاة ـ صلاة الظهر ـ في أوّل وقتها ، لأن الصلاة في أول وقتها أفضل
قال ابن قدامة رحمه الله (3/233) :
" ولا يرمي في أيام التشريق إلا بعد الزوال , فإن رمى قبل الزوال أعاد . نصّ عليه [أي الإمام أحمد] .
وروي ذلك عن ابن عمر ، وبه قال مالك , والثوري , والشافعي , وإسحاق , وأصحاب الرأي . وروي عن الحسن , وعطاء , إلا أن إسحاق وأصحاب الرأي , رخصوا في الرمي يوم النفر قبل الزوال , ولا ينفر إلا بعد الزوال . وعن أحمد مثله . ورخص عكرمة في ذلك أيضا .
وقال طاوس : يرمي قبل الزوال , وينفر قبله ".
ثم استدل على أنه لا يجوز الرمي قبل الزوال بـ :
" أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رمى بعد الزوال ; لقول عائشة : يرمي الجمرة إذا زالت الشمس .
وقول جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة ضحى يوم النحر , ورمى بعد ذلك بعد زوال الشمس .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خذوا عني مناسككم ) .
وقال ابن عمر :
كنا نتحين إذا زالت الشمس رمينا .
وأي وقت رمى بعد الزوال أجزأه , إلا أن المستحب المبادرة إليها حين الزوال , كما قال ابن عمر .
وعلى هذا فالرمي بعد الزوال هو الراجح دليلا ، والأكثر مذهبا ، وهو الأحوط للعبادة ، لأن من أتى به صح رميه اتفاقا ، وأما من رمى قبل الزوال ، فرميه مختلف فيه ، بل لا يصح عند أكثر العلماء .
وأما ما ذكرت من الزحام ، فإن الزحام موجود قبل الزوال أيضا ، لا سيما مع تساهل كثير من الناس وأخذهم بهذا القول الضعيف .
وقد يكون الرمي قبيل العصر أو بعده أخف منه زحاما .