بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف العالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد ..
نحمد الله تعالى أن من علينا ببدء هذه الدورة المباركة بإذنه تعالى وأن يسر لنا وهيئ لنا هذا الجمع المبارك .
إفتتحنا دورتنا المباركة إن شاء الله بالتعريف بالقارئ نافع وراويه ورش رحمهما الله..
||~ الدرس الأول ~||
التعريف بالإمامين نافع المدني و ورش
- الاسم : هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم
- الكنية : أبو رويم
- صفاته البدنية : كان أسود اللون ، شديد السواد ، وأصله من أصبهان .
- صفاته الخلقية : كان حسن الخلق وفيه دعابة .
- شيوخه : قرأ على سبعين من التابعين ، منهم أبو جعفر ، وشيبة بن نصاح ، ومسلم بن جندب ، ويزيد بن رومان ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، وعبد الرحمن بن هرمز بن الأعرج ، وقرأ أبو جعفر على مولاه عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، وعلى عبد الله بن عباس أيضا ، على زيد بن ثابت رضي الله عنهم .
وقرأ زيد وأبي على النبي صلى الله عليه وسلم .
وقرأ شيبة ومسلم وابن رومان على عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، وسمع شيبة القراءة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقرأ الزهري على سعيد بن المسيب ، وقرأ سعيد على ابن عباس وأبي هريرة .
وقرأ الأعرج على ابن عباس ، وأبي هريرة وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ، وقرأ ابن أبي ربيعة وابن عباس وأبو هريرة على أبي بن كعب ، وقرأ ابن عباس أيضا على زيد بن ثابت ، وقرأ عمر وزيد وأبي على الرسول صلى الله عليه وسلم .
وقراءة نافع متواترة ، وليس أدل على تواترها من أنه تلقاها من سبعين من التابعين وهي متواترة في جميع الطبقات .
- نبذة عن سيرته : كان نافع إمام الناس في القراءة بالمدينة ، انتهت إليه رئاسة الإقراء بها ، وأجمع الناس على قراءته واختياره بعد التابعين .
تصدى للإقراء والتعليم أكثر من سبعين سنة ، وكان عالما بوجوه القراءات متتبعا لآثار الأئمة الماضيين في بلده .
قال سعيد بن منصور : سمعت مالك بن أنس يقول : قراءة أهل المدينة سنة ، أي مختارة ، فقيل له : قراءة نافع ؟ قال نعم .
وروي عن الإمام نافع رحمه الله ، أنه كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك ، فقيل له : أتتطيب كلما قعدت تقرئ الناس ؟ فقال : إني لا أقرب الطيب ولا أمسه ن ولكني رأيت فيما يرى النائم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في فيَّ ، فمن ذلك الوقت يشم من فمي هذه الرائحة .
وقيل له : ما أصبح وجهك وأحسن خلقك ، فقال كيف لا أكون كما ذكرتم وقد صافحني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه قرأت القرآن في النوم .
وكان زاهدا جوادا ، صلى في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستين سنة .
قيل : لما حضرته الوفاة ، قال له أبناؤه : أوصنا : قال لهم : اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين .
ولد رحمه الله في حدود سنة سبعين من الهجرة ، وتوفي سنة تسع وستين ومائة على الصحيح .
روى عنه القراءة عرضا وسماعا : طوائف لايأتي عليها العد من المدينة والشام ومصر وغيرها من بلاد الإسلام .
وممن تلقوا عنه : الإمامان مالك بن أنس ، والليث بن سعد ، ومنهم أبو عمرو بن العلاء ، والمسيبي ، وعيسى بن وردان ، وسليمان بن مسلم بن جماز ، وإسماعيل ويعقوب ابنا جعفر .
- وأشهر الرواة عنه : قالون وورش.
الإمام ورش رحمه الله :
- الاسم : هو عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو بن سليمان بن إبراهيم ، مولى لآل الزبير بن العوام .
- كنيته : أبو سعيد .
- لقبه : ورش
- مولده : ولد سنة عشر ومائة بقفط ، بلد من بلاد صعيد مصر ، وأصله من القيروان ، ورحل إلى الإمام نافع بالمدينة ، فعرض عليه القرآن عدة ختمات سنة خمس وخمسين ومائة .
- صفاته البدنية : كان أشقرا ، أزرق العينين ، أبيض اللون قصيرا ، وكان إلى السمن أقرب منه إلى النحافة .
- سبب تلقيبه بورش : قيل إن نافعا لقبه بالورشان ( بفتح الواو والراء ـ طائرا يشبه الحمامة ) لخفة حركته ، وكان يلبس ثيابا قصارا ، فإذا مشى بدت رجلاه .
وكان نافع يقول : هات ياورشان ، اقرأ ياورشان ، أين الورشان ؟ ثم خفف فقيل ورش ، وقيل إن الورش شيئ يصنع من اللبن لقبه به لشده بياضه ، وهذا اللقب لزمه حتى صار لايعرف إلا به ، ولم يكن شيئ أحب إليه منه ، فيقول أستاذي سماني به .
انتهت إليه رئاسة الإقراء بالديار المصرية في زمانه لاينازعه فيها منازع ، مع براعته في العربية ، ومعرفته بالتجويد ، وكان حسن الصوت جيد القراءة لايمله سامعه .
يقال إنه قرأ على نافع أربع ختمات في شهر ثم رجع إلى بلده ، وله اختيار خالف فيه شيخه نافعا .
وتوفي ورش بمصر في أيام المأمون سنة سبع وتسعين ومائة عن سبع وثمانين سنة .
ثم شرعنا في إيضاح بعض التعاريف الهامة المتعلقة بعلم القرآن والقراءات .
1. الأصول :
لغة : جمع أصل ، وهو في اللغة : مايبنى عليه غيره .
اصطلاحا : هو عبارة عن الحكم المطرد اي الحكم الكلي الجاري في كل ما تحقق فيه شرط ذلك الحكم ، كالمد والقصر ، والفتح والتقلل والأمالة ... الخ .
فالأصول هي قواعد عامة مطردة لها شروط يندرج تحتها كل ما تحقق فيه هذه الشروط ، سواء كثر وروده في القرآن مثل قاعدة تسهيل الهمزة الثانية من الهمزتين من كلمة لورش ، أو ندر وجوده .
2. الفرش :
لغة : النشر والبسط ، وهو مصدر فرش إذا نشر وبسط .
اصطلاحا : هو ما يذكر في السور من كيفية قراءة كل كلمة قرآنية مختلف فيها بين القراء مع عزو كل قراءة إلى صاحبها .
ويمكن القول بأنه هو الكلمات القرآنية المنتشرة في القرآن على غير قاعدة مطردة تجمعها ، سواء كثرت وتكررت الكلمة الواحدة منها ، نحو ( بيوت ) وبابها ، فقالون بكسر الباء في القرآن كله ، وذلك في سبعة وثلاثين موضعا ، ونحو ( وما يخدعون ) فلم تأت سوى مرة واحدة موضع البقرة ، ولا ثاني له .
3. القراءة :
لغة : قرأ
اصطلاحا : هي الاختيار المنسوب لإمام من الأئمة العشرة بكيفية القراءة للفظ القرآني على ما تلقاه مشافهة متصلا سنده برسول الله صلى الله عليه وسلم .
4. الرواية :
لغة : مادة روى .
اصطلاحا : هي كل ما نسب للراوي عن الإمام ولو بواسطة ،رواية حفص عن عاصم ، راوية قالون عن نافع وهكذا ، مثل كلمة ( بيوت ) في القرآن كله ، رواية شعبة بكسر الباء ورواية حفص بضم الباء ، فنلاحظ ان الخلاف نسب للراوي ولم ينسب للإمام ( عاصم ) لاختلاف الروايتين ، وعلى هذا يقال روايات القرآن الصحيحة المتواترة عشرون رواية .
5. الطريق :
لغة : السبيل ، فيقال : تطارقت الإبل إذا جاءت يتبع بعضها بعضا ، ويقال للنخل الذي على صف واحد ك طريق فكأنه شبه بالطريق في تتابعه .
واصطلاحا : هو ما نسب للآخذ عن الراوي مثل طريق أبي نشيط عن قالون ، طريق الأزرق عن ورش ، وإن سفل ، يسمى أيضا طريقا ، وكذلك الكتاب الذي يقرأ بمضمونه يسمى طريقا ، لذى يسمى كتاب التيسير لأبي عمرو الداني طريقا .
وكذلك نظم الشاطبية وغيرها ، وذلك لأنه طريق موصول إلى الراوي والرواية ، وبمعنى آخر إن الطريق هو السبيل ، فكأن صاحب الطريق كان هو السبيل للوصول إلى رواية الراوي عن الشيخ الإمام .
6. الوجه :
لغة : الوجه بمعنى المقابلة لشيئ .
اصطلاحا : اختيار القراءة بكيفية من الكيفيات العامة التي تنسب لقارء بعينه ، وهو الخلاف الجائز الذي يكون على سبيل التخيير والإباحة ، وجمعها أوجه ، كأوجه الوقف على العارض للسكون .
فالقارئ مخير في الإتيان بأي وجه منها غير ملزم بالإتيان بها كلها .
ما معنى كلمة الاختلاف ؟؟
الإختلاف يكون إما واجبًا وإما جائزًا:
أولا : الاختلاف الواجب : هو قراءة القرآن بالكيفية الصحيحة المنسوبة لقارئ من القراء العشرة أو لراو من العشرين ، أو لطريق عن الراوي وهذا يسمى ( خلاف رواية ) ، لأنه قائم على أساس ونص من النصوص ، فإذا اختل منها شيئ كان نقصا في الرواية ، كأوجه البدل مع ذات الياء لورش ، فهي طريق وإن شاع التعبير عنها بأنها اوجه .
ثانيا : الاختلاف الجائز : هو خلاف ( دراية ) وهي قراءة القرآن بالكيفية غير المنسوبة لقارئ بعينه أو لراو بعينه أو لطريق من الطرق ، ويسمى اختلاف دراية لأنه قائم على القياس والاختيار فإذا أتى القارئ بأي منها أجزأه ، ولا يكون إخلالا بالرواية نحو الوقف على كلمة ( الرحيم ـ العالمين ) ونحو تسهيل الهمزة الثانية أو إبدالها مدا من نحو كلمة ( أأنذرتهم ) وما يترتب على ذلك .