هل يلزم من قيام الحجة فهمها ؟؟؟ - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هل يلزم من قيام الحجة فهمها ؟؟؟

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-12-09, 23:26   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوزيدالجزائري مشاهدة المشاركة

يقول الامام محمد بن عبد الوهاب في (ستة مواضع من السيرة )
الموضع السادس :قصة الردة بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم ،فمن سمعها ثم بقي في قلبه مثقال ذرة من شبهة الشياطين الذين يسمون العلماء ،و هي قولهم :هذا هو الشرك ،لكن يقولون :لا اله الا الله ،و من قالها لا يكفر بشيء)(مجموعة التوحيد)ص33


وبحكم أنكَ اقتصرتَ على الشاهد من كلام الشيخ، فأنا لا أقولُ أخي الحبيب كما قلتَ:


اقتباس:
و إذا نقلتم عنهم تنقلون نقولا مبتورة



الموضع السادس [قصة الردة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم]:


( فمن سمعها لا يبقى في قلبه مثقال ذرة من شبهة الشياطين الذين يسمون "العلماء" وهي قولهم: (هذا هو الشرك، لكن يقولون: لا إله إلا الله، ومن قالها لا يكفر بشيء!) وأعظم من ذلك وأكبر تصريحهم بأن البوادي ليس معهم من الإسلام شعرة، ولكن يقولون: لا إله إلا الله، وهم بهذه اللفظة أهل إسلام، وحرم الإسلام مالهم ودمهم، مع إقرارهم بأنهم تركوا الإسلام كله، ومع علمهم بإنكارهم البعث واستهزائهم بمن أقرّ به، واستهزائهم وتفضيلهم دين آباءهم المخالف لدين النبي صلى الله عليه وسلم، ومع هذا كله يصرخ هؤلاء الشياطين المردة الجهلة: (إن البدو أسلموا، ولو جرى ذلك كله، لأنهم يقولون: أن لا إله إلا الله), ولازم قولهم أن اليهود أسلموا لأنهم يقولونها، وأيضاً كفر هؤلاء أغلظ من كفر اليهود بأضعاف مضاعفة - أعني البوادي المتصفين بما ذكرنا - والذي يبين ذلك من قصة الرّدّة )


تَنَبَّه أخي -بارك الله- فيك إلى قول الشيخ -رحمه الله-:"ليس معهم من الإسلام شعرة....مع إقرارهم بأنهم تركوا الإسلام كله، ومع علمهم بإنكارهم البعث واستهزائهم بمن أقرّ به، واستهزائهم وتفضيلهم دين آباءهم المخالف لدين النبي صلى الله عليه وسلم"


فهل هؤلاء الذين هذا حالهم؛ يَشُكُّ أحد شمَّ رائحة الإسلام في أن كفرهم-كما قال الشيخ - أغلظ من كفر اليهود بأضعاف مضاعفة ؟


لكن هل هذا يدخل في مسألة العذر بالجهل-على نحو التفصيل الآتي- أم هو حال المرتدين عن الإسلام جملة وتفصيلا ؟


أظن أن هذا من التداخل الذي لا يحمد صاحبه، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل أن الاستشهاد بقول عالم ما، ووضعه في غير محله، هو نوع من أنواع التَّقوُّل عليه بغير حق ونسبته إلى مذهب هو برئ منه، وبخاصة إذا تعلقت المسألة بالأعيان وهذا من الحرص على التوحيد وخشية أن يتهم من لا ينطبق عليه الحكم فيتنزل عليه حكم رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-(فقد باء بها أحدهما )


وإليك أخي الحبيب قول الشيخ - رحمه الله – في مسألة العذر بالجهل؛ حيث قال:


( وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم إنا نكفر بالعموم ونجيب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه وإنا نكفر من لم يكفر ومن لم يقاتل ،ومثل هذا وأضعاف أضعافه فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما لأجل جهلهم وعدم من ينبههم فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر الينا أو لم يكفر ويقاتل سبحانك هذا بهتان عظيم ) .


وقال أيضا- رحمه الله تعالى-: ( بل نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد وتبرأ من الشرك وأهله فهو المسلم في أي زمان وأي مكان وإنما نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك) .


وقال أيضا- رحمه الله تعالى- :( ما ذكر لكم عني أني أكفر بالعموم فهذا من بهتان الأعداء وكذلك قولهم إني أقول من تبع دين الله ورسوله وهو ساكن في بلده أنه ما يكفيه حتى يجيء عندي فهذا أيضا من البهتان إنما المراد إتباع دين الله ورسوله في أي أرض كانت ولكن نكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه وكذلك من عبد الأوثان بعدما عرف أنه دين المشركين وزينه للناس فهذا الذي أكفره وكل عالم على وجه الأرض يكفر هؤلاء إلا رجلا معاندا أو جاهلا ) .


وقال أيضا - رحمه الله تعالى-: ( وأما ما ذكر الأعداء عني أني أكفر بالظن وبالمولاة أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة فهذا بهتان عظيم يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله) .



((وبعد جمع النصوص عن الإمام –رحمه الله- في هذه المسألة يتضح أن منهجه فيها ، مؤتلف غير مختلف يصدق بعضه بعضا ،فهو يرى العذر بالجهل لمن لم تقم عليه الحجة مثل من كان حديث عهد بإسلام ، أو ببادية بعيدة عن العلم ، أو كان في المسائل الخفية ، ولا يرى العذر بالجهل لمن قامت عليه الحجة ، ففرط في التعلم ، أو ادعى الجهل في أصول الدين التي أوضحها الله في كتابه ، وكانت مما يُعلم من الدين بالضرورة .

الذي يظهر أن هذه الأمور التي يعذر بها الشيخ مسائل نسبية يدور مريد الحق في فلكها فكلُ من أراد الحكم على معين لا بد أن ينظر إلى هذه المسألة وإلى المحيط الذي تقع فيه مثل هذه المسألة ومن المتلبس بها




لا أن يقال بإطلاق بالعذر أو عدمه !!))(¹)


وقد تكون المسائل الخفية بل حتى المسائل الجلية ظاهرة في زمان خافية في آخر ، لأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والبيئات ، فقد يكون الأمر ضروريا في بيئة ويكون نظريا في أخرى .


(¹) ( الجهل بمسائل الاعتقاد وحكمه ) للشيخ عبد الرزاق بن طاهر معاش








 


قديم 2011-12-09, 23:41   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوزيدالجزائري مشاهدة المشاركة
يقول شيخ الاسلام:
(وَاَلَّذِينَ يَحُجُّونَ إلَى الْقُبُورِ يَدْعُونَ أَهْلَهَا وَيَتَضَرَّعُونَ لَهُمْ وَيَعْبُدُونَهُمْ وَيَخْشَوْنَ غَيْرَ اللَّهِ وَيَرْجُونَ غَيْرَ اللَّهِ كَالْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ آلِهَتَهُمْ وَيَرْجُونَهَا...)
(مجموع الفتاوى)ج27 ص256.


قال شيخ الإسلام ابن تيمية : - رحمه الله-:

(...وهذا يضاهى ما كان المشركون عليه في المسجد الحرام لما كانت فيه الأوثان وكانوا يقصدونه لأجل تلك الأوثان التي فيه لم يكونوا يصلون فيه بل كما قال تعالى ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) لكن كانوا يعظمون نفس البيت ويطوفون به كما كانوا يحجون كل عام مع ما كانوا غَيَّرُوهُ من شريعة إبراهيم حتى بعث الله محمدا بالهدى ودين الحق وأمره بإتباع ملة إبراهيم فأظهرها ودعا إليها وأقام الحج على ما شرعه الله لإبراهيم ونفى الشرك عن البيت وأنزل الله تعالى ( ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفى النار هم خالدون إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين )
فبين أن عمار المساجد هم الذين لا يخشون إلا الله ومن لم يخش إلا الله فلا يرجو ويتوكل إلا عليه فإن الرجاء والخوف متلازمان
والذين يحجون إلى القبور يدعون أهلها ويتضرعون لهم ويعبدونهم ويخشون غير الله ويرجون غير الله كالمشركين الذين يخشون ألهتم ويرجونها ولهذا لما قالوا لهود عليه السلام ( إن نقول إلا إعتراك بعض آلهتنا بسوء....).) إلى أخر كلامه رحمه الله.

ولا يسعني في بداية توجيه هذا النقل عن شيخ الإسلام إلا إضافة توطئة منهجية من درر العلامة الفهامة الشيخ صالح آل الشيخ-حفظه الله- حيث قال في " كيف تقرأ كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ":

(الأمر الثالث: تميز كلامه رحمه الله بأنه يؤصل ويستطرد؛ يعني تميز كلامه بتأصيل واستطراد، فالتأصيل ما يذكر فيه أصل المسألة ويذكر فيه صورتها، ويذكر فيه الحكم عليها، ثم يستطرد إما ناقلا للأقوال التي تؤيد كلامه، وإما ينقل النظائر التي تدل على أن قوله الذي ذكره صواب وأنه هو الراجح وأنه هو الذي لا يسوغ القول بغيره في بعض المسائل، وإما يكون استطر ببيان أقوال المخالفين في هذه المسألة والرد عليها.
فإذا أتى طالب العلم ونظر إلى تأصيله يقف عنده، ثم إذا نظر نظرة أخرى ووجد بداية الاستطراد يضع هنا بداية الاستطراد حتى يفرق بين كلامه في التأصيل وكلامه في الاستطراد.
وكلامه رحمه الله في الاستطراد إنما هو -كما ذكرتُ- لأسباب قد يكون يذكر النظائر والكلام المستطرد لا يراد منه تأصيل المسألة وإنما يراد منه التدليل على صحة الأصل؛ إما بتقعيد أو تنظير أو استدلال أو نُقُول أو برد على مخالف أو بيان ضعف حجة من خالف ذلك التأصيل.
لهذا ينتبه طالب العلم بأنه لا يأخذ كلامه دائما من المستطردات؛ بل يأخذها من التأصيلات؛ لأن الاستطراد قد يكون -كما ذكرتُ- عنى به شيئا عرض فيه لبعض ما يريد من هذه المسألة التي استطرد إليها، كنظيره لمسألة بمسألة........ فينتبه طالب العلم أنه إذا نظر في كلام شيخ الإسلام يفرق ما بين التأصيل والتنظير، ما بين التأصيل والاستطراد، ولا يأخذ المسألة دائما من الاستطراد ).


قلت : وعليه فإن كلام شيخ الإسلام -سابق الذكر- كان تأصيلا لبيان ما كان عليه المشركون ومشابهة عبَّاد القبور لهم في ذلك
وهذا خارج عن محل النزاع في مسألة العذر بالجهل من جهة ، وأنه جاء في حكم العموم لا على التعيين من جهة أخرى، وهذا هو الذي وجدته في جميع الكتب التي لا يعذر أصحابها بالجهل، في استشهادهم بكلام شيخ الإسلام، وهو بمثابة من يستدل بنصوص الشرع العامة ولا يرفع رأساً بالنصوص الخاصة القاضية على ذلك العموم(¹)، وإلاّ فكلام شيخ الإسلام في هذا واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ، وإليك نص كلامه -رحمه الله تعالى-وهو يتكلم عن الشرك الأكبر ،حيث قال في "الرد على البكري (ص377)":


( نعلم بالضرورة أنه لم يشرع لأمته أن تدعو أحدا من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم لا بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها ولا بلفظ الاستعاذة ولا بغيرها كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا لغير ميت ونحو ذلك، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله، لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم مما يخالفه)


وقال - رحمه الله -:


( وحقيقة الأمر : أنهم أصابهم في ألفاظ العموم في كلام الأئمة ما أصاب الأولين في ألفاظ العموم في نصوص الشارع

كلما رأوهم قالوا : من قال كذا فهو كافر،اعتقد المستمع أن هذا اللفظ شامل لكل من قاله

ولم يتدبروا أن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وأن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين
إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع
يبين هذا أن الإمام أحمد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات لم يكفروا أكثر من تكلم هذا الكلام بعينه
فإن الإمام أحمد مثلا قد باشر الجهمية الذين دعوه إلى القول بخلق القرآن ونفي الصفات ، وامتحنوه وسائر علماء وقته وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقوهم على التجهم بالضرب والحبس

وذكر أن أكثر أولي الأمر كانوا يكفرون كل من لم يكن جهميا موافقا لهم ويعاملونهم معاملة الكفارالخ ،
إلى قوله : ( ومعلوم أن هذا من أغلظ التجهم فإن الدعاء إلى المقالة أعظم منقولها
وإثابة قائلها وعقوبة تاركها أعظم من مجرد الدعاء إليها …..
ثم إن الإمام أحمد دعا للخليفة وغيره ، ممن ضربه وحبسه ، واستغفر لهم وحللهم مما فعلوه
ولو كانوا مرتدين عن الإسلام لم يجز الاستغفار لهم
فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنة والإجماع
وهذه الأقوال والأعمال منه ومن غيره من الأئمة صريحة في أنهم لم يكفروا المعينين من الجهمية ….
وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كفر به قوما معينين ، فأما أن يذكر عنه في المسألة روايتان ففيه نظر ، أو يحمل الأمر على التفصيل ، فيقال : من كفر بعينه ، فلقيام الدليل على أنه وجدت فيه شروط التكفير وانتفت موانعه، ومن لم يكفره بعينه فلانتفاء ذلك في حقه ،هذا مع إطلاق قوله بالتكفير على سبيل العموم )أهـ.


مجموع الفتاوى(12/261-262)

(¹)1-كمَنْ يستدل على تحريم السمك؛ بقوله تعالى ( حرِّمت عليكم الميتة ...)
2-نقل ابن عبد البر -رحمه الله- في كتاب: التمهيد عن الإمام أحمد، قال: إن الذين يعارضون الأحاديث بظاهر القرآن عملهم منكر، لا ينبغي أن تعترض على الأحاديث بظاهر القرآن؛ لأن القرآن حمال ذو وجوه، والسنة بينت القرآن، فينبغي أن يؤخذ بالمبيِّن، وهذا معنى قول يحيى بن أبي كثير رحمه الله: إن السنة قاضية على كتاب الله، وهذا أيضاً كلام الإمام الدارمي ، وابن عبد البر ، وجماعة من السلف. سئل الإمام أحمد هل تذهب إلى أن السنة قاضية على كتاب الله؟ فقال: ما أجسر أن أقوله، إنما السنة مبينة لكتاب الله، إذاً: المسألة لفظية فقط، كأن الإمام أحمد كره هذا اللفظ الذي يتصور منه تقديم السنة على القرآن، فلأجل هذا تحاشى الإمام أحمد تحاشى إطلاق اللفظ، وأتى بلفظ يفهم منه المعنى تماماً، وهو أن السنة مبينة للقرآن.









قديم 2011-12-10, 08:20   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوزيدالجزائري مشاهدة المشاركة
و قال القرافي في(أنوار البروق في أنواء الفروق)... وَمَنْ أَقْدَمَ مَعَ الْجَهْلِ فَقَدْ أَثِمَ خُصُوصًا فِي الِاعْتِقَادَاتِ فَإِنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ قَدْ شَدَّدَ فِي عَقَائِدِ أُصُولِ الدِّينِ تَشْدِيدًا عَظِيمًا بِحَيْثُ إنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ بَذَلَ جَهْدَهُ وَاسْتَفْرَغَ وُسْعَهُ فِي رَفْعِ الْجَهْلِ عَنْهُ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ فِي شَيْءٍ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ مِنْ أُصُولِ الدِّيَانَاتِ، وَلَمْ يَرْتَفِعْ ذَلِكَ الْجَهْلُ فَإِنَّهُ آثِمٌ كَافِرٌ بِتَرْكِ ذَلِكَ الِاعْتِقَادِ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِيمَانِ وَيَخْلُدُ فِي النِّيرَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ منْ الْمَذَاهِبِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ أَوْصَلَ الِاجْتِهَادَ حَدَّهُ.
وَصَارَ الْجَهْلُ لَهُ ضَرُورِيًّا لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يُعْذَرْ بِهِ حَتَّى صَارَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ فِيمَا يُعْتَقَدُ أَنَّهَا مِنْ بَابِ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ فَإِنَّ تَكْلِيفَ الْمَرْأَةِ الْبَلْهَاءِ الْمَفْسُودَةِ الْمِزَاجِ النَّاشِئَةِ فِي الْأَقَالِيمِ الْمُنْحَرِفَةِ عَمَّا يُوجِبُ اسْتِقَامَةَ الْعَقْلِ كَأَقَاصِي بِلَادِ السُّودَانِ وَأَقَاصِي بِلَادِ الْأَتْرَاكِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَقَالِيمَ لَا يَكُونُ لِلْعَقْلِ فِيهَا كَبِيرُ رَوْنَقٍ....)ج2ص 150-151 ط عالم الكتب.
و قال أيضا (... حجة الجاحظ: أن المجتهد في أصول الدين إذا بذل جهده فقد فنيت قدرته فتكليفه بعد ذلك بما زاد على ذلك تكليف بما لا يطلق وهو منفي في الشريعة، وإن قلنا بجوازه لقوله تعالى: «لا يكلف الله نفساً إلها وسعها» .
حجة الجمهور: أن أصول الديانات مهمة عظيمة فلذلك شرع الله تعالى فيها الإكراه دون غيرها فيكره على الإسلام بالسيف والقتال والقتل وأخذ الأموال والذراري وذلك أعظم الإكراه، وإذا حصل الإيمان في هذه الحالة اعتبر في ظاهر الشرع وغيره لو وقع بهذه الأسباب لم يعتبر، ولذلك لم يعذره الله بالجهل في أصول الدين إجماعاً)(شرح تنقيح الفصول)ص439ط شركة الطباعة الفنية.


قال القرافي في (أنوار البروق في أنواء الفروق) :
(النوع الثاني جهل لم يتسامح صاحب الشرع عنه في الشريعة فلم يعف عن مرتكبه وضابطه أن كل ما لا يتعذر الاحتراز عنه ولا يشق لم يعف عنه وهذا النوع يطرد في أصول الدين وأصول الفقه وفي بعض أنواع من الفروع أما أصول الدين فلأن صاحب الشرع لما شدد في جميع الاعتقادات تشديدا عظيما بحيث إنالإنسان لو بذل جهده واستفرغ وسعه في رفع الجهل عنه في صفة من صفات الله أو في شيء يجب اعتقاده من أصول الديانات ولم يرتفع ذلك الجهل لكان بترك ذلك الاعتقاد آثما كافرا يخلد في النيران على المشهور من المذاهب مع أنه قد أوصل الاجتهاد حده وصار الجهل له ضروريا لا يمكنه رفعه عن نفسه حتى صارت هذه الصورة فيما يعتقد أنها من باب تكليف ما لا يطاق وبحيث إنه يكلف بأدلة الوحدانية ودقائق أصول الدين نحو المرأة البلهاء المفسودة المزاج الناشئة في الأقاليم المنحرفة عما يوجب استقامة العقل كأقاصي بلاد السودان وأقاصي بلاد الأتراك فإن هذه الأقاليم لا يكون للعقل فيها كبير رونق.............
وأما أصول الفقه فقال العلماء يلحق بأصول الدين قال أبو الحسين في كتاب المعتمد في أصول الفقه إن أصول الفقه اختص بثلاثة أحكام عن الفقه أن المصيب فيه واحد والمخطئ فيه آثم ولا يجوز التقليد فيه وأما بعض أنواع الفروع فأحدها نوع العبادات لما مر عن العلامة الأمير من أن القاعدة أن الجاهل فيها كالعامد.....)

أليس هذا القول مناقض لقوله تعالى:

( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ...)الآية
فأخبر الله تعالى أنه لا يكلف أحداً من هذه الأمة إلاَّ وسعه، ثم حكى دعاءها إياه بألاّ يؤاخذها بالنسيان والخطأ
وما ذكر من الدعاء في الآية
وثبت هذا في صحيح مسلم أن الله تعالى قال: (قد فعلت)

أليس هذا القول: "والمخطئ فيه آثم"

مناقض لقوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
" إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران , وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ".

وباتفاق الشراح أن أجر الاجتهاد ثابت لكليهما، وأن الأجر الاضافي للمصيب هو أجر الإصابة إجمالا

قال شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله- :
( ومنهم من قال المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي قال أولئك وهذا الفرق خطأ أيضا فان كثيرا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها وغيرهم لم يعرفها وفيها ما هو قطعي بالإجماع كتحريم المحرمات ووجوب الواجبات الظاهرة ثم لو أنكرها الرجل بجهل وتأويل لم يكفر حتى تقام عليه الحجة كما أن جماعة استحلوا شرب الخمر على عهد عمر منهم قُدَامَة ورأوا أنها حلال لهم ولم تكفرهم الصحابة حتى بينوا لهم خطأهم فتابوا ورجعوا ...

وقد كان على عهد النبي– صلى الله عليه وسلم - طائفة أكلوا بعد طلوع الفجر حتى تبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود ؛ ولم يؤثمهم النبي– صلى الله عليه وسلم -فضلا عن تكفيرهم، وخطؤهم قطعي ...
وفي زماننا لو أسلم قوم في بعض الأطراف ولم يعلموا بوجوب الحج أو لم يعلموا تحريم الخمر لم يحدوا على ذلك وكذلك لو نشئوا بمكان جهل.

وقد زنت على عهد عمر امرأة فلما أقرت به، قال عثمان: إنها لتستهل به استهلال من لا يعلم أنه حرام، فلما تبين للصحابة أنها لاتعرف التحريم لم يحدوها واستحلال الزنا خطأ قطعا. ...فمن قال: إن المخطئ في مسألة قطعية أو ظنية يأثم؛ فقد خالف الكتاب والسنة والإجماع القديم..
قالوا وأيضا فكون المسألة قطعية أو ظنية هو أمر إضافي بحسب حال المعتقدين ليس هو وصفا للقول في نفسه فان الإنسان قد يقطع بأشياء علمها بالضرورة أو بالنقل المعلوم صدقه عنده وغيره لا يعرف ذلك لا قطعا ولا ظنا وقد يكون الإنسان ذكيا قوى الذهن سريع الإدراك فيعرف من الحق ويقطع به مالا يتصوره غيره ولا يعرفه لا علما ولا ظنا ، فالقطع والظن يكون بحسب ما وصل إلى الإنسان من الأدلة وبحسب قدرته على الاستدلال والناس يختلفون في هذا وهذا فكون المسألة قطعية أو ظنية ليس هو صفة ملازمة للقول المتنازع فيه حتى يقال كل من خالفه قد خالف القطعي بل هو صفة لحال الناظر المستدل المعتقد وهذا مما يختلف فيه الناس فعلم أن هذا الفرق لا يطرد ولا ينعكس)
مجموع الفتاوى (19/209).


وقال – رحمه الله - :" فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان , سواء كان في المسائل النظرية أو العملية , هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام .
وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها .
فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع ,فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان , ولا أئمة الإسلام , وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع , وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم , وهو تفريق متناقض , فانه يقال لمن فرق بين النوعين :
ما حد مسائل الأصول التي يكفر المخطئ فيها ؟
وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع ؟
فان قال : مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد ومسائل الفروع هي مسائل العمل
قيل له : فتنازع الناس في محمد هل رأى ربه أم لا, وفى أن عثمان أفضل من على أم على أفضل , وفى كثير من معاني القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هي من المسائل الاعتقادية والعلميةولا كفر فيها بالاتفاق......" مجموع الفتاوى (23/346).

وأكاد أقطع جازماً أنّ أخي"أبو زيد"-حفظه الله - لا يتبنى هذا المذهب الردئ الذي حكاه القَرَافي
لكن السؤال الذي لا بدَّ منه، لماذا يَتَكَثَّر بما لم يعتقد ؟

ولعَلَّ عذري في طرح السؤال هو ما صرح به حيث قال:
سادسا:ما أعتقده في هذه المسألة ما قرره العلامة الفوزان في بيانه عن "الجهل و العذر به" بقوله:
......................
ثالثًا: يعذر بالجهل في الأمور الخفية التي تحتاج إلى بيان حتى تبين له حكمها ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد ستبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه"، فالحلال بين يؤخذ والحرام البين يتجنب والمختلف فيه يتوقف فيه حتى يتبين حكمه بالبحث وسؤال أهل العلم.









قديم 2011-12-10, 09:01   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
سفيان الثوري السلفي
محظور
 
إحصائية العضو










B11 الفرق بين إقامة الحجة وفهم الحجة ..

الفرق بين إقامة الحجة وفهم الحجة
بسم الله الرحمن الرحيم .

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد .
إن فقه الحجة و فهمها والتزامها لا يعتبر من شروط إقامة الحجة ، فيكفي لإقامة الحجة على المخالف أن تأتيه بالدليل الذي يدفع به عجزه وجهله بالمسألة ، بلغة يعيها ، ويفهم معها مدلولات الخطاب الشرعي الذي سيرفع عنه عجزه بالجهل في المسألة .
فالفرق واضح بين فهم الحجة كمدلول ولغة وكلمات ، وبين فهم الحجة كفقه والتزام ، فالأولى شرط في إقامة الحجة ، والثانية ليست كذلك ، وإليكم أمثلة على ذلك :
ـ قال الله تعالى : " ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاؤوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين " ، يقول السعدي رحمه الله تعالى : " أي : ومن هؤلاء المشركين ، قوم يحملهم بعض الأوقات ، بعض الدواعي إلى الاستماع ، ولكنه استماع خال من قصد الحق واتباعه ، ولهذا لا ينتفعون بذلك الاستماع ، لعدم إرادتهم للخير " ا ـ هـ .
فهؤلاء المشركون سمعوا الخطاب بلغتهم ، لكنهم لم يلتزموه أو يفقهوه ، ومع هذا سماهم الله مشركين .
ـ وقال الله تعالى : " وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ " ، قال الطبري رحمه الله في تفسيره : " يقول تعالى ذكره للمؤمنين بالله ورسوله من أصحاب نبيّ الله صلى الله عليه وسلم : لا تكونوا أيها المؤمنون في مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كالمشركين الذين إذا سمعوا كتاب الله يتلى عليهم , قالوا قد سمعنا بآذاننا وهم لا يسمعون يقول : وهم لا يعتبرون ما يسمعون بآذانهم . ولا ينتفعون به لإعراضهم عنه , وتركهم أن يوعوه قلوبَهم ويتدبروه فجعلهم الله لما لم ينتفعوا بمواعظ القرآن وإن كانوا قد سمعوها بآذانهم , بـمنزلة من لـم يسمعها " ا ـ هـ .
" سَمِعْنَا " هي سماع الخطاب الشرعي بالمدلولات اللغوية المفهومة ، " وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ " أي لا يفقهون ولا يلتزمون .
ـ وقال تعالى : " وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ " ، يقول البغوي رحمه الله تعالى في تفسيره : " فقال: ( ومنهم من يستمعون إليك ) بأسماعهم الظاهرة فلا ينفعهم ، ( أفأنت تسمع الصم ) ، يريد: سمع القلب ، ( ولو كانوا لا يعقلون ) " ا ـ هـ .
وغيرها الكثير من الآيات التي تثبت بأن للكفار جوارح ، لكنها جوارح لا تنفعهم بالاهتداء للحق رغم ما يسمعوه من الحجج والبراهين ، وبالتالي هؤلاء لايمكن أن يقال عنهم أنهم معذورون بالجهل لأن الحجة لم تقم عليهم ، ولعدم فقههم لحقيقة الخطاب .
وقد ترد هاهنا شبهة ،تقول بأن كثير من كفار زماننا يجهلون الإسلام ، وبالتالي هم معذورون بجهلهم هذا ! فأقول :
ضابط الجهل الذي يعذر صاحبه هو الجهل المعجِز ، الذي لا يمكن لصاحبه أن يدفعه ، رغم بذله كل جهده في سبيل ذلك ، أما وأننا اليوم نعيش زمن التقدم التقني ، وسرعة الاتصالات ، ونقل المعلومات ، فإن العذر بالجهل يضيق بها ، لأنه لا عذر لمن كانت هذه الوسائل حوله ، ثم هو لا يرفع لها رأسا رغم قدرته على ذلك ! .. أحسب أولئك أن تتنزل الصحف من السماء على كل أحد منهم ؟ .. قال الله تعالى : " فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ * كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ * بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً " .

والله أعلم .. وصل الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم ....نقله اخوكم سفيان الثوري تبيانا لحكم مسالة هامة.










قديم 2011-12-10, 09:09   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

أرجو من الاخوة الكرام التريُّض في المشاركات حتي أكمل المناقشة
مع أخي الحبيب "أبو زيد"-حفظه الله -
حتى لا ينحرف الطريق عن مساره

وبارك الله فيكم على التجاوب

ولا تعجل عليَّ أخي "أبا زيد"حتى أكمل









قديم 2011-12-10, 10:32   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










B12 أول الملاقاة بالشيخ أبي عبد المعز - حفظه الله -

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوزيدالجزائري مشاهدة المشاركة
9- (توجيه الاستدلال بالنصوص في مسألة العذر بالجهل ).للشيخ -الفقيه الأصولي- أبو عبد المعز محمد علي فركوس ،و هذا الكتاب رجوع منه وفقه الله عما قرره في كتابه( مجالس تذكيرية) كما أشار الى ذلك في مطلع الكتاب ،و شافه به بعض اخواننا.


بالمناسبة لازلتُ أتذكر ملاقاتي بالشيخ الفاضل "أبو عبد المعز محمد علي فركوس-حفظه الله ورعاه-
في سنة 1419 الموافق لسنة: 1999 م

وذلك قبل وفاة سماحة الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز-رحمه الله- :بنحو شهرين تقريبا.
حيث صليت في مسجد الفرقان بباب الزوار، وبعد لحظات من اذكار الصلاة، التفتُ خلفي فإذا بالاخوة
ملتفين حول شيخ وقور ذا شيبة وتكسوه الهيبة فعلمتُ أنه هو من غير سؤال .
وتقدمت نحو ذلك الجمع الطيب، وجلستُ بعد إلقاء السلام أستمعُ لـِمَا ينثرُهُ من علمٍ مُدقق وفهمٍ مُصَوَّب
واغتنمتُ فرصة صمت الحاضرين استماعهم للشيخ
فما إن خُتِمَ الجواب إلا وبادرت بالسؤال التالي: فقلتُ:
بارك الله فيك يا شيخ....إنه قد بلغنا عنكَ باسناد منقطع وفيه إرسال ؛ قولكَ بكراهة القاء السلام على المصلين في المسجد، فما صحة ذلك ؟
وكيف التعامل مع حديث ابن عمر-رضي الله عنه- في زيارة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مسجد قباء
وأنّ الأنصار كانوا يسلمون عليه وهو قائم يصلي(¹) ؟
وبعدما أكمل الجواب سألني مِنْ أين أنتَ ؟.....
وبعد حوالي شهر من ذلك الحين حضرت له محاضرة ( ولا اذكر عنوانها الآن) المهم بعد انتهاء المحاضرة
وعند خروجه ترقبته عن كثب حتى تمكنتُ من الدنوي منه
متلطفا بسؤال: ياشيخ ! الشيخين الألباني وابن باز في تعليقهما على متن الطحاوية
ذكرا بأن القديم ليس من اسماء الله الحسنى!
فما معنى ما جاء في دعاء الدخول الى المسجد
(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ :
أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
نظر إليَّ الشيخ مبتسما وهو يقول ألستَ أنتَ.....
فقلت له: نعم
فقال أنت مِنْ مدينة ...
فقلت: يا شيخ لكَ ذاكرة قوية، ما كنتُ أظنُّ أنك تذكر أشياءً هامشية في زحمة التعايش مع مختلف صنوف الناس
ثم كان جوابه - -حفظه الله ورعاه- أنَّ القديم ليس اسماً لله عز وجل وإنما هو صفة للسلطان.




(¹)قَالَ نَافِعٌ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ
قَالَ: فَجَاءَتِ الأَنْصَارُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا بِلَالُ
كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي؟
قَالَ: يَقُولُ هَكَذَا.. وَبَسَطَ كَفَّهُ...»









قديم 2011-12-10, 11:25   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










New1 اعتقادي في مسألة العذر بالجهل

الذي أعتقده وأدين الله به في مسألة العذر بالجهل
هو ما قرره الشيخ الفاضل " أبو عبد المعز محمد علي فركوس- حفظه الله ورعاه- " في هذه الفتوى

هذا باستثناء ما ذكره في الحيثية الأخيرة - (من حيث التسميةُ والعقوبة) فستأتي مناقشة حجج القائلين بذلك
- وهي متأخرة عن الفتوى التي ذكرها أخونا "أبو زيد"-حفظه الله-
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=781960





فاعلم -وفقك اللهُ، وسدَّدَ خُطاك- أنَّ الجهل بأمور الدِّين ومسائل الشرع يدلُّ على انخفاض مَنْزِلة الجاهل ونَقص إيمانه على قدر جهله، والجهل -في الجملة- أحد موانع تكفير المعيَّن؛ لأنَّ الإيمان يتعلَّق بالعلم، ووجود العلم بالمؤمن به شرط من شروط الإيمان، إذ لا يقوم التكليف مع الجهل أو عدم العلم، غير أنَّ العذر بالجهل مؤقَّت، وتأقيته متوقِّف على عدم توفُّر الأسباب وتحقُّق الشروط، أو في إمكان وجودها وتحقُّقها تقديرًا، ومنه يعلم أنَّ إثبات العذر مُطلقًا لا يسوغ، كما أنَّ نفي العذر بالجهل مُطلقًا لا يصحُّ -أيضًا-، وقد ذكرت هذا المعنى صراحةً في رسالتي «مجالس تذكيرية» بقولي: «وإذا ترجَّح القولُ بأنَّ الجهل عُذْرٌ شرعيٌّ فليس ذلك على إطلاقه»(١- انظر (ص 95) من «مجالس تذكيرية على مسائل منهجية» - دار الإمام أحمد، الطبعة الأولى: (1426ﻫ/2005م))، غير أَنَّني عَدَلْتُ عن الاستدلال بالنصوص الشرعية المذكورة في رسالتي المشار إليها، وأعدت بيانها بتوجيه آخر، أراه أقرب للحقِّ وأجدر بالصواب.


هذا، واللائق بهذا المقام النظر في مسألة العذر بالجهل في المسائل الدِّينية إلى جزئياتٍ متعدِّدةٍ تتبلور من خلالها المسألة وتنضبط، ويمكن بيان هذه الجزئيات -باختصار- من الحيثيات التالية:


-فمن حيث نوعيةُ المسائل المجهولة وضوحًا وخفاءً:


فالمسائلُ الخفية التي قد يخفى دليلُها على بعض الناس كاستعمال الصرف والعطف -وهو: نوعٌ من السحر يزعمون أنه يحبِّب المرأةَ لزوجها فلا ينصرف عنها- أو المسائل الدقيقة والخفية المختلف فيها، أو المسائل التي لا يسعه معرفتها إلاَّ بعد إعلامه بحكم الله فيها، أو المسائل التي تحتاج إلى علمٍ بها لا يدرك بالعقل كالأسماء والصفات، كما قال الشافعي -رحمه الله-: «لله أسماءٌ وصفاتٌ لا يسع أحدًا ردُّها، ومَن خالف بعد ثبوت الحُجَّة عليه فقد كفر، وأمَّا قبل قيام الحُجَّة فإنه يعذر بالجهل؛ لأنَّ علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر»(٢- «فتح الباري» لابن حجر (13/407))، أو المسائل التي وقع فيها خطأ لشبهةٍ وسوء فهمٍ، أو اعتمد على أحاديث ظنَّها ثابتةً وهي ضعيفة أو باطلة، فيعذر بجهله، كما يعذر المجتهد بنظره واجتهاده في مسائل اجتهادية انتفى فيها وجود نصٍّ قطعي الثبوت والدلالة، ونحو ذلك.


أمَّا المسائل الظاهرة البيِّنة الجلية، أو المعلومة من الدِّين بالضرورة كأصول الدِّين والإيمان التي أوضحها الله في كتابه، وبلَّغها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم أتمَّ البلاغ، فالعذر بالجهل فيها غير مقبولٍ لكلِّ مَن ادعاه بعد بلوغ الحُجَّة وظهور المحجَّة، قال الشافعي رحمه الله -مُبيّنًا علم العامَّة-: «ما لا يسع بالغًا غير مغلوب على عقله جهلُه، مثل الصلوات الخمس، وأنَّ لله على الناس صوم شهر رمضان، وحج البيت إذا استطاعوه، وزكاة في أموالهم وأنه حرم عليهم الزِّنا والقتل، والسرقة والخمر، وما كان في معنى هذا ممَّا كُلِّف العباد أن يَعقلوه ويَعلموه ويُعطوه من أنفسهم وأموالهم، وأن يَكُفُّوا عنه ما حَرَّم عليهم منه»(٣- «الرسالة» للشافعي (357)). وقال محمَّد بن عبد الوهاب -رحمه الله-: «إنَّ الشخص المعيَّن إذا قال ما يوجب الكفر فإنه لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحُجَّة التي يكفر تاركها، وهذا في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلُها على بعض الناس، وأمَّا ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية، أو ما يُعلم من الدِّين بالضرورة فهذا لا يتوقَّف في كفر قائله، ولا تجعل هذه الكلمة عكازة تدفع بها في نحر من كفَّر البلدة الممتنعة عن توحيد العبادة والصفات بعد بلوغ الحُجَّة ووضوح المحجة»(٤- «الدرر السنية» (8/244)).


- ومن حيث حال الجاهل وصفتُه:


فإنَّ مدارك الناس تتفاوت قُوَّةً وضعفًا، فالذي لم تقم عليه الحُجَّة كحال الجاهل لكونه حديثَ عهدٍ بالإسلام، أو مَن نشأ في بادية نائيةٍ، فَجَهْلُ مَن كان هذا حاله معذور به إلاَّ بعد البلاغ، قال ابن تيمية -رحمه الله-: «لا يُكَفِّرُ العلماءُ مَن استحلَّ شيئًا من المحرَّمات لقرب عهده بالإسلام أو لنشأته ببادية بعيدة، فإنَّ حكم الكفر لا يكون إلاَّ بعد بلوغ الرسالة، وكثيرٌ من هؤلاء قد لا يكون قد بلغته النصوص المخالفة لما يراه، ولا يعلم أنَّ الرسول بعث بذلك»(٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (28/501)).


غير أنه ينبغي التفريق بين الجاهل المتمكِّن من التعلُّم والفهم، القادر على معرفة الحقِّ، لكنَّه مُفرِّطٌ في طلب العلم، ثمَّ أعرض عن ذلك تاركًا ما أوجب اللهُ عليه، وخاصة إذا وجد في دار الإسلام حيث مَظِنَّة العلم، وبين الجاهل العاجز عن طلب العلم والفهم، فأمَّا الأول: فلا عذر له لتقصيره(٦- وضع العلماء قاعدة وهي أنه: «لاَ يُقْبَلُ فِي دَارِ الإِسْلاَمِ عُذْرُ الجَهْلِ بِالحُكْمِ الشَّرْعِيِّ»)، وينتفي عنه وصف العجز لتمكُّنه من العلم الذي هو شرط الإيمان؛ لأنَّ الشرع أمرَ بالعلم والتعلُّم وسؤال أهل الذِّكر، ويسَّره وبيَّنه لمن صَلَحت نيَّتُه وحسن منهاجه، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ [سورة القمر]، وقال سبحانه: ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43، الأنبياء: 7]، وفي الحديث: «أَلاَ سَأَلُوا إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا إِنَّمَا شِفَاءُ العَيِّ(٧- العي: الجهل. [«النهاية» لابن الأثير (3/334)]) السُّؤَالُ»(٨- أخرجه أبو داود في «الطهارة» (1/240)، باب في المجروح يتيمَّم، وابن ماجه في «الطهارة وسننها» (1/189)، باب في المجروح تصيبه جنابة فيخاف على نفسه إن اغتسل، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. والحديث حسَّنه الألباني في «صحيح أبي داود» (1/101)، وفي «صحيح ابن ماجه» (1/178)).


وأمَّا الجاهل العاجز عن طلب العلم والفهم، فهذا على قسمين:


الأول: الجاهل العاجز عن طلب العلم والفهم، وهو محبُّ للهُدَى، مُؤْثِرٌ له، مريدٌ للاسترشاد والهدايةِ، لكنه غير قادرٍ عليه، أو على طلبه، عجزًا وجهلاً، أو استفرغ جُهدَه في طلبه ولم تصله حُجَّة صحيحة، فهذا حكمه كأهل الفترة ومن لم تبلغه الدعوة، ومن طلب الدِّين ولم يظفر به فعجزه عجز الطالب، وهذا معذور بجهله.


الثاني: الجاهل العاجز عن العلم والفهم، لكن لا إرادةَ له في الطلب، بل مُعرِض عنه -وهو راضٍ بما هو عليه- ولا تطلب نفسه سواه، ويتقاعس عن نيل مزيد الهدى لنفسه، فحال عجزه وقدرته سواء بلا فرق، فهذا عجزه عجز المُعرِض، فهو لا يُلحق بعجز الطالب للتباين الحاصل بينهما(٩- انظر: «طريق الهجرتين» لابن القيم (412، 413)).


- ومن حيث حال البيئة:


فإنه يفرَّق بين أماكن الناس وزمانهم من جهة انتشار العلم أو عدم انتشاره، أي: بين مجتمعٍ ينتشر فيه العلم والتعليم، وتعرَف أماكنه بنشاط أهل البصيرة بالدعوة إلى الله تعالى والنهوض بالعلم والتوحيد، بحيث لا تخفى مظانُّه ومدارسه وأهله، وبين زمن فتور العلم وضعف القائمين به، حتى لا يبقى من يبلِّغ، فينتشر الجهل ويَضْمَحِلُّ العلم، وتأكيدًا لهذا المعنى يقول ابن تيمية -رحمه الله-: «إنَّ الأمكنة التي تفتر فيها النُّبوَّة لا يكون حكمُ من خَفِيت عليه آثار النبوة حتى أنكر ما جاءت به خطأ، كما يكون حكمه في الأمكنة والأزمنة التي ظهرت فيها آثار النبوة»(١٠- «بغية المرتاد» (السبعينية) لابن تيمية (311)).


ويقول -أيضًا-: «وكثيرٌ من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة الذي يَنْدَرِسُ فيها كثيرٌ من علوم النُّبوَّات حتى لا يبقى من يبلِّغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة، فلا يعلم كثيرًا ممَّا يبعث الله به رسوله ولا يكون هناك من يبلِّغه ذلك، ومثل هذا لا يكفر، ولهذا اتفق الأئمَّة على أنَّ من نشأ بباديةٍ بعيدةٍ عن أهل العلم والإيمان، وكان حديثَ العهد بالإسلام فأنكر شيئًا من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة فإنه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء به الرسول، ولهذا جاء في الحديث: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَعْرِفُونَ فِيهِ صَلاَةً وَلاَ زَكَاةً وَلاَ صَوْمًا وَلاَ حَجًّا إِلاَّ الشَّيْخَ الكَبِيرَ وَالعَجُوزَ الكَبِيرَةَ، يَقُولُونَ: أَدْرَكْنَا آبَاءَنَا وَهُمْ يَقُولُونَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَهُمْ لاَ يَدْرُونَ صَلاَةً وَلاَ زَكَاةً وَلاَ حَجًّا، فَقَالَ: وَلاَ صَوْمٌ يُنْجِيهِمْ مِنَ النَّارِ»(١١- أخرجه ابن ماجه في «سننه»، كتاب «الفتن»، باب ذهاب القرآن والعلم (2/1344)، والحاكم في «المستدرك» (4/520)، من حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه. والحديث قوَّى إسناده الحافظ في «فتح الباري» (13/16)، وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (1/171))(١٢- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (11/407)).


- من حيث التسميةُ والعقوبة:


فالذي وقع في مَظهرٍ شِرْكِيٍّ ولم يعلم مناقضتَه للإسلام كأن يكون حديث عهد بالإسلام، أو يعيش في بلدِ جهلٍ، أو نشأ في بادية نائية، أو كانت المسألةُ خفيةً غيرَ ظاهرةٍ فإنه يفرَّق بين قُبح المعصية وتسميةِ فاعلها بها، سواء قبل ورود الشرع وقيام الحُجَّة، أو بعد البيان وظهور الحجة الرِّسالية -كما في فتوى سابقة-(١٣- انظر رقم (667) من فتاوى العقيدة والتوحيد، تحت عنوان: «في ثبوت وصف الشرك مع الجهل قبل قيام الحجة») وبين كون مرتكبها لا يستحقُّ العقوبةَ في الدارين؛ لأنَّ العقوبة والعذابَ متوقِّفٌ على بلاغ الرسالة، لقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء: 15].


فالمتلبِّس بالشرك كالساجد لغير الله مِن وَلِيٍّ أو صاحبِ قبرٍ فهو مشركٌ مع الله غيرَه في العبادة، ولو نطق بالشهادتين وقت سجوده؛ لأنه أتى ما ينقض قولَه من سجود لغير الله، فمن حيث التسميةُ فهو مشرك بما حدث منه من معصية السجود لغير الله، لكنه قد يُعذر بجهله من جهة إنزال العقوبة التي لا تتمُّ في الدارين إلاَّ بعد البيان وإقامة الحُجَّة للإعذار إليه. قال ابن تيمية -رحمه الله-: «واسم المشرِك ثبت قبل الرسالة، فإنه يشرك بربِّه ويعدل به، ويجعل معه آلهةً أخرى، ويجعل له أندادًا قبل الرسول، ويثبت أنَّ هذه الأسماءَ مقدم عليها، وكذلك اسم الجهل والجاهلية، يقال: جاهلية وجاهلاً قبل مجيء الرسول، وأمَّا التعذيب فلا»(١٤- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (20/38))، وقال النووي: «وأمَّا الجاهلية فما كان قبل النبوة سمُّوا بذلك لكثرة جهالاتهم»(١٥- «شرح مسلم» للنووي (3/87)).


قلت: ومِن بين الأدلة القرآنية على ثُبوت وصف الشرك والكفر مع الجهل -فضلاً عن سائر المعاصي- وذلك قبل قيام الحُجَّة والبيان، قوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ﴾ [التوبة: 6]، فوصفهم اللهُ بالشِّرك مع شِدَّة الجهل لاندراس آثار الشرائع، وقوله تعالى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ [البينة: 1]، والمراد بالبيِّنة هو الرسول صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم فإنه بيّن لهم ضلالهم وجهلهم ودعاهم إلى الإيمان، فأنقذهم الله به من الجهل والضلالة، والله سبحانه سمَّاهم كفارًا ومشركين فدلَّ على ثبوت وصف الكفر والشرك قبل البعثة المحمَّدية وقيام الحجة القرآنية.


فالحاصل: أنه ينبغي -في مسألة العذر بالجهل- مراعاة نوعية المسائل المجهولة من جهة الوضوح والخفاء، والنظرُ إلى أحوال الناس وتفاوت مداركهم من جهة القُوَّة والضعف، واعتبار حال بيئتهم -مكانًا وزمانًا- من جهة وجود مَظِنَّة العلم من عدمه، مع مراعاة التفريق في الحكم بين أحكام الدنيا والآخرة.


والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.


الجزائر في: 12 من ذي القعدة 1429ﻫ

الموافق ﻟ: 09 نوفمبر 2008م









قديم 2011-12-10, 12:17   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

"توجيه الاستدلال بالنصوص الشرعية
على العذر بالجهل في المسائل العقدية"

للشيخ -الفقيه الأصولي- أبو عبد المعز محمد علي فركوس -حفظه الله ورعاه-





مناقشة بعض التوجيهات الواردة في الكتاب

بعد حين إن شاء الله









قديم 2011-12-10, 13:05   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
نور العقل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع متمي بالحوار البناء
جزيل الشكر للجميع.
في تصوري الحجة لاتلزم إلا صاحبها،أماغيره من الناس تلزمهم إذا فهموها واقنعوا بصدقها،وصحتها،فالكفر بشيء هو معرفة للحق وإنكار له جحودا.
والحجة مهما كانت طبيعتها ليست البرهان الرياضي،بل مجرد وسيلة إثبات في قضية مختلف حولها.
لذا دراسة قواعد الإستدلال تكشف أن المقياس هو تطابق الفكر مع نفسه(النتائج مع المقدمات)أو تطابق الفكر مع الواقع(تكرار التجاب والوصول لنفس النتائج).
ولايمكن اعتبار أي حجة دامغة إلا إذا كانت: نص قطعي الثبوت والدلالة،أو برهان ياضي دقيق.أو تجارب علمية أوصلت لنفس النتائج.
غير ذلك مجرد محاجات من أجل الدفاع أو الرفض.
الفهم والإقتناع شرطا الأخذ بالحجة.
والفتاوي تلزم أصحابها ،ومن يقتنع بحججهم.










قديم 2011-12-10, 20:37   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










Hot News1

بارك الله فيكم









قديم 2011-12-12, 11:57   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

من المعلوم ضرورةً أن النبي صلى الله عليه و سلَّم قد بلَّغ الرسالة و أدى الأمانة ، و كان ممّا بلَّغه لأمته مسائل الإيمان و الكفر
و إن كان ذلك على سبيل الإجمال في بيان المكفِّرات ، دون تعداد آحاد المسائل القولية و الفعلية التي يكفر صاحبها
و على هذا الأساس ساغ اختلاف الأمَّة في التكفير ببعض الذنوب العظيمة كترك الصلاة ، و تعاطي السحر
و اتِّخاذ سبِّ الصحابة و تكفيرهم ديناً ؛ و إن كان الحقُّ فيها واحداً لا يتعدد و إن خفي على بعض أهل العلم .



قال أبو محمد بن حزم الظاهري - رحمه الله - :


(مَن ادعى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدَع أحداً يُسلم حتى يوقِفَه على هذه المعاني كان قد كذب بإجماع المسلمين
من أهل الأرض ، و قال ما يدري أنه فيه كاذب ، و ادعى أن جميع الصحابة رضي الله عنهم تواطئوا على كتمان ذلك
من فعله عليه السلام ، و هذا المحال ممتنع في الطبيعة ، ثم فيه نسبة الكفر إليهم ؛ إذ كتموا ما لا يتم إسلام أحد إلا به .


وإن قال : إنه صلى الله عليه و سلم لم يدع قط أحد إلى شيء من هذا ، و لكنه مودع في القرآن
و في كلامه صلى الله عليه و سلم قيل له : صدقت )


[الفصل في الملل والأهواء والنحل : (3 /141)].



وبناءً على هذا الأصل وقع الخلاف بين أهل العلم في مسألة العذر بالجهل في أصول الدين ، أو عدَمه
فذهب جلُّهُم إلى اعتبار العذر بالجهل ممن لم تُقَم عليه الحجَّة ، و ذهب آخرون إلى عدم اعتباره .



و الأدلَّة الشرعية تشهد لمذهب الجمهور، و هم القائلون :



يُعذَر الجاهل بجهله في أصول الدين ما لم تبلغه الحجَّة ، و هذا فيما إذا كان مِثْلُه يجهلها لبُعده عن ديار الإسلام
أو عدَم من يُعلِّمه ، أو نحو ذلك .









قديم 2011-12-12, 12:01   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

وقد قرر هذا عدد من الأئمة الأعلام ، كالإمام الشافعي -رحمه الله-

فقد أخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى ، قال : سمعت الشافعي يقول:
( لله أسماء و صفات لا يسع أحدا ردها ، و من خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر
و أما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل و لا الرؤية و الفكر )


و قال ابن عبد البر -رحمه الله- : ( من جهل بعض الصفات وآمن بسائرها لم يكن بجهل البعض كافرا
لأن الكافر من عاند لا من جهل ، و هذا قول المتقدمين من العلماء و من سلك سبيلهم من المتأخرين )


[ التمهيد :(18 /42) ] .



و إلى هذا ذهب ابن حزم الظاهري ، الذي أفاض في تقرير عُذر الجاهل ما لم يبلُغه الحقُّ فيعاند



و هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله –وقد سبق النقل عنه



و قد صرَّح في مقام آخر باشتراط قيام الحجة على الجاهل قبل الحكم بكفره، فقال -رحمه الله- :


( و الاستغاثة بالرسول ؛ بمعنى أن يطلب من الرسول ما هو اللائق بمنصبه لا ينازع فيها مسلم كما أنه يستغاث بغيره


بمعنى أن يطلب منه ما يليق به ، و من نازع في هذا المعنى فهو إما كافر إن أنكر ما يكفر به و إما مخطئ ضال
و أما بالمعنى الذي نفاه الرسول عليه الصلاة و السلام فهي أيضاً مما يجب نفيها


ومن أثبت لغير الله ما لا يكون إلا لله فهو كافر إذا قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها )


[ الاستغاثة الكبرى : (1 /298)] .



وهناك الكثير من أقوال السلف و الخلف في تقرير العذر بالجهل في أصول الدين فضلاً عن فروعه ، ولكن بشرطه ،


و حسبنا في هذا المقام ما قدَّمنا ، و هو المذهب الصحيح الذي تشهد له الأدلة النقلية والعقلية ، منها :









قديم 2011-12-12, 12:09   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

أوَّلاً :


ما رواه الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ:


(أَنَّ رَجُلاً كَانَ قَبْلَكُمْ رَغَسَهُ – أي رزقه - اللَّهُ مَالاً فَقَالَ لِبَنِيهِ لَمَّا حُضِرَ : أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ ؟ قَالُوا : خَيْرَ أَبٍ .
قَالَ : فَإِنِّي لَمْ أَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ؛ فَإِذَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي ثُمَّ ذَرُّونِي فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ فَفَعَلُوا فَجَمَعَهُ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ مَا حَمَلَكَ قَالَ مَخَافَتُكَ فَتَلَقَّاهُ بِرَحْمَتِهِ) .


[و في رواية عند مسلم ]

عن أَبِي هُرَيْرَةَ - ضي الله عنه- ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ - قَالَ :


(أَسْرَفَ رَجُلٌ عَلَىَ نَفْسِهِ ، فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَىَ بَنِيهِ فَقَالَ : إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِي ، ثُمَّ اسْحَقُونِي ،
ثُمَّ اذْرُونِي فِي الرِّيحِ فِي الْبَحْرِ ، فَو اللهِ لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي ، لَيُعَذِّبُنِي عَذَاباً مَا عَذَّبَهُ أَحَداً ، قَالَ : فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ ،


فَقَالَ[الله]لِلأَرْضِ : أَدِّ مَا أَخَذْتِ ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ . فَقَالَ لَهُ : مَا حَمَلَكَ عَلَىَ مَا صَنَعْتَ ؟ فَقَالَ : خَشْيَتُكَ يَا رَبِّ !


-أَوْ قَالَ : مَخَافَتُكَ !- فَغَفَرَ لَهُ بِذَلِكَ) .



قال الحافظ في الفتح : ( قال الخطابي : قد يستشكل هذا فيقال : كيف يغفر له و هو منكر للبعث و القدرة على إحياء الموتى ؟ و الجواب : أنه لم ينكر البعث و إنما جهل فظن أنه إذا فعل به ذلك لا يعاد فلا يعذب ، و قد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله .

قال ابن قتيبة : قد يغلط في بعض الصفات قوم من المسلمين فلا يكفرون بذلك ) .



قال أبو محمد بن حزم : ( فهذا إنسان جهل إلى أن مات أن الله عز و جلّ يقدر على جمع رماده و إحيائه
و قد غفر الله له لإقراره ، و خوفه ، و جهله )

[ الفصل في الملل والأهواء والنحل : (3 /141)] .


و ذهب بعض شراح الحديث إلى تأويل قوله : ( لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي ) فأبعد النجعة ،
و صرف النص عن ظاهره بلا قرينة صارفة .

قال ابن حجر (... و قال ابن الجوزي : جحده صفة القدرة كفر اتفاقاً، وإنما قيل : إن معنى قوله : ( لَئِنْ قَدَرَ عَلَيَّ رَبِّي )
أي ضَيَّقَ ، و هي قوله : ( و من قُدِر عليه رزقه ) أي ضيق ، و أما قوله – في رواية - : ( لعلي أضل الله )
فمعناه لعلي أفوته ، يقال : ضل الشيء إذا فات و ذهب ، و هو كقوله : ( لا يضل ربي و لا ينسى )
و لعل هذا الرجل قال ذلك من شدة جزعه و خوفه كما غلط ذلك الآخر فقال أنت عبدي و أنا ربك ، و يكون قوله :
( لَئِنْ قَدَّرَ عَلَيَّ رَبِّي ) بتشديد الدال ؛ أي قدر علي أن يعذبني ليعذبني ، أو على أنه كان مثبتاً للصانع و كان في زمن
الفترة فلم تبلغه شرائط الإيمان . و أظهر الأقوال أنه قال ذلك في حال دهشته و غلبة الخوف عليه حتى ذهب بعقله لما يقول
و لم يقله قاصدا لحقيقة معناه بل في حالة كان فيها كالغافل و الذاهل و الناسي الذي لا يؤاخذ بما يصدر منه
و أبعد الأقوال قول من قال : إنه كان في شرعهم جواز المغفرة للكافر .اهـ.

و هذه التأويلات لا وجه لصرف ظاهر النص إليها ، و لا قرينة تدل عليها ، و إنَّما صار إليها من قال بها
تحرُّجاً من القول بالعُذر بالجهل في أصول الدين ، فلجأ إلى التأويل ، و أبعدَ في الطلب .


و قد شنَّع ابن حزم على من جاء بها – و إن لم يسمِّه - فقال رحمه الله :

( وقد قال بعض من يحرف الكلم عن مواضعه أن معنى قوله ( لئن قدر الله علي ) : إنما هو لَئِن ضيَّق الله علي
كما قال تعالى : ( و أما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه ) ؛ وهذا تأويل باطل لا يمكن ؛ لأنه كان يكون معناه حينئذ
لئن ضيق الله علي ليضيقن علي ، و أيضا فلو كان هذا لما كان لأمره بأن يحرق و يُذَرَّ رماده معنى
و لا شك في أنه إنما أمره بذلك ليُفلت من عذاب الله تعالى ).اهـ .


[ الفصل في الملل والأهواء والنحل : (3 /141-142) ] .









قديم 2011-12-12, 12:37   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله –


(( ... وأصل ذلك هل يثبت حكم الخطاب فى حق المكلف قبل التمكن من سماعه على ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره :
قيل : يثبت مطلقاً
وقيل : لا يثبت مطلقاً
وقيل : يفرق بين الخطاب الناسخ والخطاب المبتدأ ؛ كأهل القبلة .
والصحيح الذي تدل عليه الادلة الشرعية : أن الخطاب لا يثبت في حق أحد قبل التمكُّن من سماعه ... )) إلى أن قال :
(( وكثير من الناس قد ينشأ في الأمكنة والأزمنة التي يندرس فيها كثير من علوم النبوات ؛ حتى لا يبقى من يُبَّلغ ما بعث الله به رسوله من الكتاب والحكمة ، فلا يعلم كثيرا مما يبعث الله به رسوله ، ولا يكون هناك من يبلغه ذلك ؛ ومثل هذا لا يكفر .

ولهذا اتفق الأئمة على أنَّ من نشأ ببادية بعيدة عن أهل العلم والإيمان ، وكان حديث العهد بالإسلام ؛ فأنكر شيئاً من هذه الأحكام الظاهرة المتواترة ؛ فإنه لا يحكم بكفره حتى يعرف ما جاء به الرسول .

ولهذا جاء في الحديث :
((يأتي على الناس زمان لا يعرفون فيه صلاة ولا زكاة ولا صوما ولا حجا ؛ إلا الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة ؛ يقول : أدركنا آباءنا وهم يقولون : لا إله إلا الله وهم لا يدرون صلاة ولا زكاة ولا حجا فقال ولا صوم ينجيهم من النار)) .

وقد دل على هذا الأصل ما أخرجاه في الصحيحين ، عن أبى هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال :

((قال رجل - لم يعجل حسنة قط - لأهله إذا مات فحرقوه ، ثم اذروا نصفه في البر ، ونصفه في البحر ، فو الله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبنه أحداً من العالمين ؛ فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم ، فأمر الله البر فجمع ما فيه ، وأمر البحر فجمع ما فيه ، ثم قال : لمفعلت هذا ؟
قال : من خشيتك يا رب ، وأنت أعلم فغفر الله له ... ))


إلى أن قال:
(( فهذا الرجل ظن أن الله لا يقدر عليه إذا تفرق هذا التفرق، فظن أنه لا يعيده إذا صار كذلك.

وكل واحد من إنكار قدرة الله تعالى ، وإنكار معاد الأبدان وان تفرقت كفر ؛ لكنه كان مع إيمانه بالله وإيمانه بأمره وخشيته منه جاهلاً بذلك ، ضالاً في هذا الظن ، مخطئاً فغفر الله له ذلك .

والحديث صريح في أن الرجل طمع أن لا يعيده إذا فعل ذلك ، وأدنى هذا أن يكون شاكاً في المعاد ، وذلك كفر ؛ إذا قامت حجَّة النبوة على منكره حكم بكفره ، وهو بين في عدم إيمانه .
فغاية ما في هذا : أنه كان رجلاً لم يكن عالماً بجميع ما يستحقه الله من الصفات ، وبتفصيل أنه القادر ، وكثير من المؤمنين قد يجهل مثل ذلك فلا يكون كافراً .
ومن تتبع الأحاديث الصحيحة وجد فيها من هذا الجنس ما يوافقه ... )) .

[مجموع الفتاوى(11/407-411)]


قال الإمام ابن القيم-رحمه الله-



: ( وأما جحد ذلك جهلا أو تأويلا يعذر فيه صاحبه فلا يكفر صاحبه به كحديث الذي جحد قدرة الله عليه ، وأمر أهله أن يحرقوه ويذروه في الريح ، ومع هذا فقد غفر الله له ورحمه لجهله ، إذ كان ذلك الذي فعله مبلغ علمه ، ولم يجحد قدرة الله على إعادته عنادا أو تكذيبا )


. [مدارج السالكين: : (1/338)]









قديم 2011-12-12, 14:37   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو الحارث مهدي مشاهدة المشاركة

اللَّهُمَّ آمين أخي الحبيب

جزاك الله خيراً


هَا قَدْ عُدْنَا وَالعَوْدُ أَحْمَدُ

وعذراً على التأخير فقد حبسني حابس الفيل




- وددتُ منك أخي - طبعا لو تكرمت -لو تُعيد تعديل المشاركتين الأخيرتين رقم (23)(24)، من ناحية الحجم



وذلك أن حجم الحروف غير مُتَّسِق، ويا حبذا لو كانت الحروف مكبلة بقيد الحجم رقم (6) لا تتجاوزه، فتكون بذلك أيسر للقارئ .


أهلا أبا الحارث ...الحمد لله على سلامتك ...

توقعت منك مثل هذه الملاحظات فذوقك "اللغوي" و "الأدبي" و حتى "الفني" رفيع .
و لكن عذري في شكل المشاركتين أني كنت قد كتبتهما في الوارد -الخاص بحاسوبي -،ثم نقلتهما بطريقة القص و اللصق الى المربع الذي يخصصه الموقع لارسال المشاركات فحدث الخلل الذي تراه فبعض ما كنت كتبته بالبند العريض تحول الى نقيضه و العكس ،فاستدركت بعض المواضع فعدلتها و بقيت الأخرى من دون تعديل ثم أرسلت المشاركة و لم أعد لتعديلها ...و على كل "عذرا "









 

الكلمات الدلالية (Tags)
الحدث, يلزم, فهمها, قيام


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:54

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc