i-3- السياسة التجارية
إن الطريقة الصحيحة للاقتراب من الموضوعات المعقدة في لسياسات التجارية الملائمة للتنمية هي المفاضلة بين النظرة الخارجية والداخلية، فالنظرة الخارجية (تشجيع الصادرات) لسياسات التنمية تعمل على تشجيع حرية التجارة وحرية انتقال رؤوس الأموال والعاملين والشركات المتعددة الجنسيات, في حين النظرة الداخلية لسياسات التنمية (إحلال الواردات) تؤكد على احتياجات الدول النامية لتطوير شكل ونظام التنمية الخاص بها لتسيطر على مصيرها ومقدراتها وحاجاتها الأساسية.
فالسياسات الداخلية وسيلة لتشجيع نظرية التعلم من خلال العمل في الصناعة وفي طبيعة المتطلبات التكنولوجية الملائمة لموارد الدولة الطبيعية (ميزتها النسبية).
فوفقا لمؤيدي النظرة الداخلية (إحلال الواردات) فإن الاعتماد على النفس بشكل أكبر لا يمكن أن يتحقق إلا في حالة تقييد التجارة والحد منها وكذلك انتقال الأفراد وغيرها إضافة إلى تجنب الشركات متعددة الجنسيات بكل منتجاتها واحتياجاتها المحفزة للتصدير وحتى التكنولوجيا الخاصة.
ومؤيدي إحلال الواردات يعتقدون أن الدول النامية يجب عليها أولا إحلال الإنتاج المحلي محل السلع المستوردة سابقا في مرحلة أولى ثم تقوم بالإحلال من خلال الإنتاج المحلي بالنسبة لنطاق أوسع لسلع مصنعة أكثر تعقيدا في مرحلة ثانية مع ضرورة الأخذ في الاعتبار حماية الإنتاج المحلي بالتعريفات الجمركية.
وهؤلاء يؤكدون على فوائد تنويع الصناعة المحلية بشكل أكبر وهو ما يسمى بإستراتيجية النمو المتوازن والقدرة على تصدير السلع المصنعة المحمية والاستفادة من تكاليف العمالة الأقل وغيرها، وعلى العكس من كل هذا نجد مؤيدي فكرة تشجيع الصادرات (النظرة الخارجية) لكل السلع الأولية والسلع المصنعة يشيدون بكفاءة وفوائد النمو التي تعود من التجارة الحرة والمنافسة الكاملة وأيضا أهمية إحلال أسواق عالمية كبيرة محل أسواق محلية صغيرة.
i-4- سياسات تمويل التنمية
وسنبرز فيما يلي أهم السياسات تمويل التنمية الداخلية والخارجية:
i-4-1- السياسات الداخلية لتمويل التنمية:
تتمثل السياسات الداخلية لتمويل التنمية أساسا في تعبئة الموارد الداخلية ونذكر منها مايلي:
· إن الملكية والريادة الوطنيتين للاستراتيجيات الإنمائية والحوكمة الرشيدة مهمتان لفعالية تعبئة الموارد المالية المحلية وحفز النمو الاقتصادي المطرد، وفي هذا السياق يجب مراعاة اختلاف الخصائص والسمات التي يتميز بها كل بلد؛
· إن وجود القطاع الخاص جيد الأداء ومسئول من الناحية الاجتماعية يتسم بالحيوية والشمول، يشكل أداة قيمة لتوليد النمو الاقتصادي والحد من الفقر، ولحفز تنمية القطاع الخاص يجب العمل على تهيئة مناخ ييسر قيام الجميع بتنظيم المشاريع وممارسة الأعمال التجاريةبمن في ذلك النساء والفقراء والضعفاء؛
· يجب العمل على إتباع السياسات والأطر التنظيمية المناسبة على الصعيد الوطني وبطريقة تتسق مع القوانين الوطنية من أجل تشجيع المبادرات العامة والخاصة، وتعزيز قطاع أعمال حيوي وجيد الأداء، مع القيام في نفس الوقت بتحسين الدخل وتوزيعه وزيادة الإنتاجية وتمكين المرأة وحماية حقوق العمل والبيئة؛
· تعتبر التنمية البشرية أولوية أساسية، والموارد البشرية هي أثمن الأصول التي تمتلكها البلدان وأعلاها قيمة، وعليه فيجب محاولة تحقيق العمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق للجميع، ومواصلة الاستثمار في رأس المال البشري لوضع سياسات اجتماعية شاملة في مجالات منها الصحة والتعليم ؛
· إنه لمن الضروري وضع سياسات تربط بين الاعتبارات الاقتصادية والاجتماعية من أجل الحد من التفاوتات داخل البلدان وفيما بينها وكفالة استفادة الفقراء والفئات الضعيفة من النمو الاقتصادي والتنمية، ومن الضروري كذلك اتخذ تدابير ترمي إلى إدماج الفقراء في الأنشطة المنتجة والاستثمار في مهارات العمل لديهم وتيسير دخولهم إلى سوق العمل؛
· يجب أن تهدف سياسات الاقتصاد الكلي إلى الحفاظ على معدلات نمو اقتصادي مرتفعة وعمالة كاملة وإلى القضاء على القفر، وإبقاء معدلات التضخم منخفضة ومستقرة ؛
· الإصلاح المالي بما فيه الإصلاح الضريبي والذي يساعد كثيرا على تعبئة الموارد العامة المحلية؛
· تكثيف الجهود متعددة الوطنية الأطراف من أجل التصدي لمختلف العوامل التي تسهم في هروب رأس المال، ومن الأهمية بم كان معالجة مشكلة التدفقات المالية غير المشروعة وخاصة غسيل الأموال، وينبغي تنفيذ تدابير إضافية لمنع تحويل الأصول المسروقة إلى الخارج والمساعدة على استردادها وإعادتها وبخاصة إلى بلدانها الأصلية؛