كلام العلامة صالح آل الشيخ في" تحكيم القوانين" - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كلام العلامة صالح آل الشيخ في" تحكيم القوانين"

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-05-03, 15:04   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي كلام العلامة صالح آل الشيخ في" تحكيم القوانين"

قال فضيلة الشيخ العلامة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ في شرحه على "كتاب التوحيد": في باب قول تعالى: الم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت الآيات

"هذه المسألة وهي مسألة التحاكم إلى غير شرع الله من المسائل التي يقع فيها خلط كثير خاصة عند الشباب؛ وذلك في هذه البلاد وفي غيرها، وهي من أسباب تفرّق المسلمين؛ لأن نظر الناس فيها لم يكن واحدا.
والواجب أن يتحرّ طالب العلم ما دلت عليه الأدلة وما بيَّن العلماء من معاني تلك الأدلة وما فقهوه من أصول الشرع والتوحيد وما بينوه في تلك المسائل.
ومن أوجه الخلط في ذلك أنهم جعلوا المسألة في مسألة الحكم والتحاكم واحدة؛ يعني جعلوها صورة واحدة، وهي متعددة الصور:
فمِن صورها أن يكون هناك تشريع لتقنين مستقل يضاهى به حكم الله جل وعلا؛ يعني قانون مستقل يشرَّع، هذا التقنين من حيث وَضْعُه كفر، والواضع له -يعني المشرِّع، والسَّان لذلك، وجاعل هذا التشريع منسوبا إليه- وهو الذي حكم بهذه الأحكام، هذا المشرِّع كافر، وكفره ظاهر؛ لأنه جعل نفسه طاغوتا فدعا الناس إلى عبادته وهو راض -عبادة الطاعة-.
وهناك من يحكم بهذا التقنين، هذه الحالة الثانية.
·فالمشرِّع حالة.
·ومن يحكم بذلك التشريع حالة.
·ومن يتحاكم إليه حالة.
·ومن يجعله في بلده -من جهة الدول- هذه حالة رابعة.
وصارت عندنا الأحوال أربعة.
المشرِّع ومن أطاعه في جعل الحلال حراما والحرام حلالا ومناقضة شرع الله هذا كافر، ومن أطاعه في ذلك فقد اتخذه ربا من دون الله.
والحاكم بذلك التشريع فيه تفصيل:
فإن حكم مرة أو مرتين أو أكثر من ذلك، ولم يكن ذلك ديدنا له، وهو يعلم أنه عاص؛ يعني من جهة القاضي الذي حكم يعلم أنه عاص وحكم بغير شرع الله، فهذا له حكم أمثاله من أهل الذنوب، ولا يكفَّر حتى يستحل، ولهذا تجد أن بعض أهل العلم يقول: الحكم بغير شرع الله لا يكفر به إلا إذا استحل. فهذا صحيح؛ ولكن لا تنزل هذه الحالة على حالة التقنين والتشريع، فالحاكم كما قال ابن عباس: كفر دون كفر ليس الذي يذهبون إليه، هو كفر دون كفر؛ يعني من حكم في مسألة، أو في مسألتين بهواه بغير شرع الله، وهو يعلم أنه عاص ولم يستحل، هذا كفر دون كفر.
أما الحاكم الذي لا يحكم بشرع الله بتاتا، ويحكم دائما ويلزم الناس بغير شرع الله، فهذا:
µ من أهل العلم من قال يكفر مطلقا ككفر الذي سنّ القانون؛ لأن الله جل وعلا قال (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) فجعل الذي يحكم بغير شرع الله مطلقا جعله طاغوتا، وقال (" وقد أمروا أن يكفروا به).
µومن أهل العلم من قال: حتى هذا النوع لا يكفر حتى يستحل؛ لأنه قد يعمل ذلك ويحكم وهو في نفسه عاصي، فله حكم أمثاله من المدمنين على المعصية الذين لم يتوبوا منها.
والقول الأول من أن الذي يحكم دائما بغير شرع الله ويُلزم الناس بغير شرع الله أنه كافر هو الصحيح عندي، وهو قول الجد الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله في رسالة تحكيم القوانين؛ لأنه لا يصدر في الواقع من قلبٍ قد كفر بالطاغوت؛ بل لا يصدر إلا ممن عظّم القانون وعظم الحكم بالقانون.
الحال الثالثة حال المتحاكم, الحالة الأولى -ذكرنا- حال المشرِّع، الحال الثاني حال الحاكم.
ƒ الحال الثالثة حال المتحاكم؛ يعني الذي يذهب هو وخصمه ويتحاكمون إلى قانون، فهذا فيه تفصيل أيضا وهو:
µإن كان يريد التحاكم له رغبة في ذلك ويرى أن الحكم بذلك سائغ وهو يريد أن يتحاكم إلى الطاغوت ولا يكره ذلك، فهذا كافر أيضا؛ لأنه داخل في هذه الآية، ولا يجتمع ذلك كما قال العلماء إرادة التحاكم إلى الطاغوت مع الإيمان بالله؛ بل هذا ينفي هذا والله جل وعلا قال الم تر إلى الذين يزعمون ).
µالحالة الثانية أنه لا يريد التحاكم؛ ولكنه حاكم إما بإجباره على ذلك كما يحصل في البلاد الأخرى أنه يجبر أن يحضر مع خصمه إلى قاض يحكم بالقانون، أو أنه علم أن الحق له في الشرع، فرفع الأمر إلى القاضي في القانون لعلمه أنه يوافق حكم الشرع، فهذا الذي رفع أمره في الدعوة على خصمه إلى قاض قانوني لعلمه أن الشرع يعطيه حقه وأن القانون وافق الشرع في ذلك:
·فهذا الأصح أيضا عندي أنه جائز.
·وبعض أهل العلم يقول يشركه ولو كان الحق له.
والله جل وعلا وصف المنافقين بقوله ﴿وَإِن يَّكُنْ لَهُم الحَقّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ﴾[النور:49]، فالذي يرى أن الحق ثبت له في الشرع وما أجاز لنفسه أن يترافع إلى غير الشرع إلا لأنه يأتيه ما جعله الله جل وعلا له مشروعا، فهذا لا يدخل في إرادة التحاكم إلى الطاغوت، فهو كاره ولكنه حاكم إلى الشرع، فعلم أن الشرع يحكم له فجعل الحكم الذي عند القانوني جعله وسيلة لإيصال الحق الذي ثبت له شرعا إليه.
هذه ثلاث أحوال.
الحال الرابع حال الدولة التي تحكم بغير الشرع؛ تحكم بالقانون, الدول التي تحكم بالقانون أيضا بحسب كلام الشيخ محمد بن إبراهيم وتفصيل الكلام في هذه المسألة في فتاويه قال أو مقتضى كلامه وحاصله: أن الكفر بالقانون فرض، وأن تحكيم القانون في الدول:
·إن كان خفيا نادرا فالأرض أرض إسلام؛ يعني الدولة دولة إسلام، فيكون له حكم أمثاله من الشِّركيات التي تكون له في الأرض.
·قال: إن كان ظاهرا فاشيا فالدار دار كفر؛ يعني الدولة دولة كفر.
فيصبح الحكم على الدولة راجع إلى هذا التفصيل:
·إن كان تحكيم القانون قليلا وخفيا، فهذا لها حكم أمثاله من الدول الظالمة أو التي لها ذنوب وعصيان، وظهور أو وجود بعض الشركيات في دولتها.
·وإن كان ظاهرا فاشيا -الظهور يضاده الخفاء والفشو يضاده القلة- قال: فالدار دار كفر.
وهذا التفصيل هو الصحيح؛ لأننا نعلم أنه في دول الإسلام صار هناك تشريعات غير موافقة لشرع الله جل وعلا، والعلماء في الأزمنة الأولى ما حكموا على الدار بأنها دار كفر ولا على تلك الدول بأنها دول كفرية؛ ذلك لأن الشرك له أثر على الدار -إذا قلنا الدار يعني الدولة- فمتى كان ظاهرا فاشيا فالدولة دولة كفر، ومتى كان قليلا ظاهرا وينكر فالأرض أرض إسلام والدار دار إسلام، وبالتالي فالدولة دولة إسلام.

وهذا التفصيل يتضح به هذا المقام، وبه تجمع بين كلام العلماء، ولا تجد مضادة بين قول عالم وعالم، ولا تشتبه المسألة إن شاء الله تعالى"
2-وقال الشيخ صالح في درسه نواقض "الإيمان عند أهل السنة والجماعة وضوابط ذلك":
"هناك المشرع هذه حالة، السانّ القوانين، وهناك المطيع؛ المطيع لهذا المشرع،المشرع له حكم، المشرع كافر سواء استحل ما استحل المشرع الذي جعل نفسهمضاهيا لله جل وعلا في حق التشريع وسنّ قوانين وضعية، سنها قوانين وضعيةمناقضة لشرع الله جل وعلا فهذا كافر".









 


قديم 2011-05-14, 11:58   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










Hot News1

مع أن هذه الحالة من أشد الحالات نزاعاً بين طلاب العلم ، إلا أن علماء العصرالثلاثة :
ابن باز والألباني وابن عثيمين -رحمهم الله - اتفقوا على عدم التكفير بها .


قال ابن باز - رحمه الله -: « فإذا سن قانوناً يتضمن أنه لا حد على الزاني ، أو لا حد
على السارق ... : فهذا قانون باطل ، وإذا استحله الوالي كفر » ( الفتاوى 7/124 ) .


وانظر كلام الألباني - رحمه الله - بعدم تكفير من شرع القانون إلا إن استحله ، في « سلسلة الهدى والنور » ( الشريط 849 ، الدقيقة 72 ) .


وقال ابن عثيمين - رحمه الله -: « الحكم بغير ما أنزل الله ليس بكفر مخرج عن الملة ، لكنه كفر عملي [ = أصغر ] ؛ لأن الحاكم بذلك خرج عن الطريق الصحيح . ولا يفرّق في ذلك بين الرجل الذي يأخذ قانوناً وضعياً من قبَل غيره ويحكمه في دولته وبين من ينشيء قانوناً ويضع هذا القانون الوضعي ؛ إذ المهم هو هل هذا القانون يخالف القانون السماوي ؟ أم لا ؟

([1]) » ( فتنة التكفير ص 25 ، حاشية 1 ) .



([1]) مراده رحمه الله : أن العبرة بمخالفة أو موافقة القانون للحكم الشرعي ، وأنه لا يُنظر لمصدر ذلكم القانون ؛ هل هو من وَضْع ذلك الحاكم ؟ أم أنه أخذه عن غيره ؟










قديم 2011-05-15, 12:32   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أخ أبو الحارث-وفقك الله_ النقل الذي نقلته عن الامامين ابن باز و الألباني هذا معروف عنهما .
لكن فيما يخص ما نقلته عن العلامة ابن عثيمين أنا أستغرب كيف تنقل عنه هذا النقل و تظن أنه يوافق الشيخان اللهم الا اذا كنت نقلته بواسطة وهذا هو الظاهر ،أنصحك باستماع شريطه في التعقيب على فتنة التكفير كاملا فان الشيخ ابن عثيمين ارتضى كلام الأباني فيما عدا حالة التشريع العام ارجع الى الشريط و ستعرف .
و ارجع أيضا الى شرح الشيخ ابن عثيمين على ثلاثة الأصول عند شرح معنى الطاغوت و شرحه على رياض الصالحين عند كلامه على هذه القضية في الجزء الثاني أو الثالث أظن ،و أيضا ارجع الى كتابه فقه العبادات عند كلامه عن هذه القضية .
و أحيلك أيضا على "كتاب التوحيد"للشيخ صالح الفوزان ،وكتاب"ضوابط تكفير المعين "لأبي العلا الراشد تقديم الفوزان ،وأحيلك أيضا الى رسالة "تحكيم القوانين "لابن ابراهيم و غير ذلك كثير .
اعلم أخي أنه ليس مقصودي من ذلك الترجيح بين أحد القولين-و من أكون حتى أرجح- و لكن الاشارة الى عظم المسألة حتى أن أهل العلم اختلفوا في كفر من نحى الشريعة و نصب الطاغوت مع اتفاقهم أنه ظالم فاجر عاص .
و ينبني على ذلك مسائل عملية متعلقة بالولاء و البراء و التعامل مع الهيئات التي تشرع من دون الله و نحو ذلك اذ الخطب عظيم و جسيم مرتبط بالتوحيد و تحقيق الشهادتين .
و أما قضية الخروج على و لي الأمر أو تكفيره فهذه ليست لي و لا لك ولكن نرجع فيها الى أهل الذكر و العلم ائتمارا بأمر الله في الرجوع اليهم و بالله التوفيق .










قديم 2011-05-15, 15:31   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

[quote=ابوزيدالجزائري;5921147]

أخ أبو الحارث- وفقك الله - النقل الذي نقلته عن الامامين ابن باز و الألباني هذا معروف عنهما .


أخانا "أبا زيد" جزاك الله خيراً ، وبارك فيك على حسن ظنك بأخيك


واسأل الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح


وبحكم أنك على سابق علم بما عليه إماما أهل السنة في هذا العصر


العلامة الإمام عبد العزيز ابن باز، والإمام المحدث ناصر الدين الألباني- عليهما من الله الرحمة والرضوان-


فمحل الاتفاق بيننا أكثر بكثير من وجه الافتراق (وَلِكُلٍّ وجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا)


لكن فيما يخص ما نقلته عن العلامة ابن عثيمين أنا أستغرب كيف تنقل عنه هذا النقل و تظن أنه يوافق الشيخان اللهم الا اذا كنت نقلته بواسطة وهذا هو الظاهر ،أنصحك باستماع شريطه في التعقيب على فتنة التكفير كاملا فان الشيخ ابن عثيمين ارتضى كلام الألباني فيما عدا حالة التشريع العام ارجع الى الشريط و ستعرف .
و ارجع أيضا الى شرح الشيخ ابن عثيمين على ثلاثة الأصول عند شرح معنى الطاغوت و شرحه على رياض الصالحين عند كلامه على هذه القضية في الجزء الثاني أو الثالث أظن ،و أيضا ارجع الى كتابه فقه العبادات عند كلامه عن هذه القضية .


بارك الله فيك على تلك الإحالات التي تدل على التواصي بالعلم والحض عليه


ولا مانع أيضا أن أنبهك الى أخر ما قرره وحرره الإمام الفقيه


محمد بن صالح بن عثيمين-رحمه الله-



الفتوى المتأخرة لابن عثيمين -رحمه الله- في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله





.. والتي سُمِّيت بـ : " التحرير في مسألة التكفير »








السؤال(1) :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك
له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، أما بعد ؛ فهذا السؤال أقدمه عبر الهاتف ، وعبر تسجيله في الهاتف أيضاً لفضيلة الوالد الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله ، ومتع به ، وجعل فيه وفي أمثاله العوض عن سماحة الوالد رحمة الله عليه .

وهذا السؤال حول مسألة كثر فيها النزاع بين طلبة العلم ، وكثر بها – أيضاً – الاستدلال من بعض كلمات لفضيلة الوالد العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى ، أولاً أقول للشيخ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وزادكم الله علماً ، ورفع قدركم في الدنيا وفي الآخرة .


فضيلة الشيخ سلمكم الله : هنا كثير من طلبة العلم يدندنون حول الحاكم الذي يأتي بشريعة مخالفة لشريعة الله عز وجل ، ولا شك أنه يأمر الناس بها ويلزمهم بها ، وقد يعاقب المخالف عليها و يكافئ أو يجازي بالخير وبالعطاء الملتزم بها ، وهذه الشريعة في كتاب الله وفي سنة نبيه عليه الصلاة والسلام تعتبر مخالفة ومصادمة لنصوص الكتاب والسنة ، هذه الشريعة إذا ألزم هذا الحاكم بها الناس ومع أنه يعترف أن حكم الله هو الحق وما دونه هو الباطل وأن الحق ما جاء في الكتاب والسنة ، ولكنه لشبهة


أو لشهوة جرى إلزام الناس بهذه الشريعة ، كما وقع مثل ذلك كثيراً في بني أمية وفي بني العباس وفي أمراء الجور الذين ألزموا الناس بأمور لا تخفى على مثلكم بل لا تخفى على كثير من الناس عندما ألزموا الناس بما لا يرضي الله عز وجل كالأمور الوراثية وجعلوا الملك عاضّاً بينهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقربوا شرار الناس وأبعدوا خيارهم وكان من يوافقهم على ما هم فيه من الباطل قربوه ومن يأمرهم وينهاهم ربما حاربوه .. إلى آخره .



فلو أن الحاكم في هذا الزمان فعل مثل هذه الشريعة؛ هل يكون كافراً بهذه الشريعة إذا ألزم الناس بها ؟ معاعترافه أن هذا مخالف للكتاب والسنة، وأن الحق في الكتاب والسنة؛ هل يكون بمجرد فعله هذا كافراً ؟ أم لا بد أن يُنظر إلى اعتقاده بهذه المسالة ؟ كمن – مثلاً – يلزم الناس بالربا ، كمن يفتح البنوك الربوية في بلاده ، ويأخذ من البنك الدولي – كما يقولون – قروضاً ربوية ، ويحاول أن يؤقلم اقتصادها على مثل هذا الشيء ، ولو سـألته قـال : ( الربـا حــرام ، ولا يجـوز ) ، لكـنْ لأزمة اقتصادية


أو لغير ذلك ، يعتذر مثل هذه الاعتذارات ، وقد تكون الاعتذارات مقبولة ، وقد لا تكون ، فهل يكفر بمثل ذلك ؟ أم لا ؟ ..



ومع العلم أن كثيراً من الشباب ينقلون عن فضيلتكم أنكم تقولون أن من فعل ذلك يكون كافراً ، ونحن نلاحظ في بلاد الدنيا كلها أن هذا شيء موجود ؛ بين مُقلّ ومستكثر ، وبين مصرح وغير مصرح ، نسأل الله العفو والعافية .. نريد من فضيلتكم الجواب على ذلك عسى أن ينفع الله سبحانه وتعالى به طلاب العلم ، وينفع الله


عز وجل به الدعاة إلى الله عز وجل ؛ لأنه لا يخفى عليكم أن الخلاف كم يؤثر


في صفوف الدعوة إلى الله عز وجل .



هذا ؛ وأني لأنقل لفضيلتكم محبـة أبنائكم وطلابكم طلبـة العلم في هذه البـلاد ، ورغبتهم أيضاً في سماع صوتكم ، وتوجيهاتكم ، ونصائحكم ؛ سواء عبر الهاتف


أو غير ذلك . والله سبحانه وتعالى المسؤول أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال .


مُقدّم هذا السؤال لفضيلتكم : ابنكم وطالبكم أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني منمأرب باليمن في يوم الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ألف وأربعمائة وعشرين من الهجرة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الجواب :




[ مُقدمة ]







« الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينـا محمـد وعـلى آلـه و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد ..




[ تأريخ الفتوى ]







ففي هذا اليوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول عام عشرين وأربعمائة وألف ؛ استمعت إلى شريط مسجل باسم أخينا أبى الحسن في مأرب ، ابتدأه بالسلام عليَّ فأقول : عليك السلام ورحمة الله وبركاته .




[ خطر التكفير ]





وما ذكره من جهة التكفير ؛ فهي مسألة كبيرة ، عظيمة ، ولا ينبغي إطلاق القول فيها إلا مع طالب علم يفهمويعرف الكلمات بمعانيها ، ويعرف العواقب التي تترتب على القول بالتكفير أو عدمه ، أما عامة الناس ؛ فإن إطلاق القول بالتكفير أو عدمه في مثل هذه الأمور يحصل فيه مفاسد .




[ نصيحة قيمة ]







والذي أرى أولاً ألّا يشتغل الشباب بهذهالمسألة ، وهل الحاكم كافر ؟ أو غير كافر ؟ وهل يجوز أن نخرج عليه ؟ أو لا يجوز ؟ .. على الشباب أن يهتموا بعباداتهم التي أوجبها الله عليهم ، أو ندبهم إليها ، وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه كراهة أو تحريماً ، وأن يحرصوا على التآلف بينهم ، والاتفاق ، وأن يعلموا أن الخلاف في مسائل الدين والعلم قد جرى في عهد الصحابة رضي الله عنهم ولكنه لم يُؤدّ إلى الفرقة ، وإنما القلوب واحدة ، والمنهج واحد .




[ التفصيل في المسألة ]







أما فيما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله : فهو كما في الكتاب العزيز ينقسم إلى ثلاثة
أقسام : كفر ، وظلم ، وفسق ؛ على حسب الأسباب التي بُنيَ عليها هذا الحكم .
فإذا كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله تبعاً لهواه مع علمه بأن الحق فيما قضى الله به : فهذا لا يكفر لكنه بين فاسق وظالم.


وأما إذا كان يَشْرَع حكماً عاماً تمشي عليه الأمة ، يرى أن ذلك من المصلحة ، وقد لُبِّس عليه فيه :
فلا يكفر أيضاً(2) ؛ لأن كثيراً من الحكام عندهم جهل في علم الشريعة ، ويتصل بهم من لا يعرف الحكم الشرعي ، وهم يرونه عالماً كبيراً فيحصل بذلك المخالفة .


وإذا كان يعلم الشرعَ ولكنه حكم بهذا ، أو شَرَع هذا ، وجعله دستوراً يمشي الناس عليه ؛ يَعتقد أنه ظالم في ذلك ، وأن الحق فيما جاء به الكتاب والسنة : فإننا لا نستطيع أن نكفِّر هذا .


وإنما نكفِّر : من يرى أن حكم غير الله أولى أن يكون الناس عليه ، أو مثل حكم الله

عز وجل ؛ فإن هذا كافر ؛ لأنه مكذب لقول الله تبارك وتعالى : ﴿
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ[ التين 8 ] ، وقوله : ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[ المائدة 50 ] .






[ لا تلازم بين التكفير والخروج ]







ثم هذه المسائل ؛ لا يعني أننا إذا كفرنا أحداً فإنه يجب الخروج عليه ؛ لأن الخروج يترتب عليه مفاسد عظيمة أكبر من السكوت ، ولا نستطيع الآن أن نضرب أمثالاً فيما وقع في الأمة العربية وغير العربية .




[ من شروط الخروج على الكافر ]







وإنما إذا تحققنا جواز الخروج عليه شرعاً فإنه لابد من استعداد وقوة تكون مثل قوة الحاكم أو أعظم .





[ الخروج مع عدم القدرة : سفه ]







وأما أن يخرج الناس عليه بالسكاكين والرماح ومعه القنابل والدبابات وما أشبه هذا ؛ فإن هذا من السفه بلا شك وهو مخالف للشرع » انتهت الفتوى .


(1) أخذتُ هذه الفتوى من شريط : « التحرير في مسألة التكفير » ، إصدار تسجيلات « ابن القيم » بالكويت ، وفصَلْتُ فقراتها بعناوين وضعتها بين قوسين [ هكذا ] .
(2) وهذا تراجع من الشيخ-رحمه الله-عن الاستثناء الذي ذكره في تقريره لفتوى الشيخ الالباني -رحمه الله- حيث قال:"وأقرها كاملة إلا في حالة التشريع العام"
وبهذا يكون قد انتظم عقد الفتوى جملة وتفضيلا
فليهنأ دعاة الكتاب والسنة بذلك - ومنهم أخونا ابو زيد - ولتقر عيون السلفيين بدرر مقالات أشياخهم الربانيين- رحمهم الله -





و أحيلك أيضا على "كتاب التوحيد"للشيخ صالح الفوزان ،




أما "كتاب التوحيد" لفضيلة الشيخ: صالح الفوزان الفوزان-حفظه الله-


فمع التبجيل والاحترام للشيخ - حفظه الله- إلا أن في مسألة الحكم ..


لا أخفيك سراً ؛ بأني قد لاحظت ملاحظتان
الملاحظة الاولى:

الاحتجاج بجزء من فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله- وهو اختصار قد يخل بتمام الفتوى

وإليك البيان- والعون من الله المنَّان-


قال الشيخ- رحمه الله- في "رسالة تحكيم القوانين"ص(15-25):

[ولهذا قال الله تعالى بعد ذلك: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [ المائــدة 44 ] ،
وقــال تعـالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [ المائــدة 45 ] ،
وقــال تعـالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ [ المائدة 47 ]
فانظر كيف سجّل تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل اللهُ الكفرَ والظلمَ والفسوقَ، ومِن الممتنع أنْ يُسمِّي اللهُ سبحانه الحاكمَ بغيرما أنزل اللهُ كافرًا ولا يكون كافرًا، بل كافرٌ مطلقًا، إمّاكفر عمل وإما كفر اعتقاد، وما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في تفسير هذه الآية من رواية طاووسوغيره يدلُّ أنّ الحاكم بغير ما أنزل اللهُ كافرٌ إمّا كفرُ اعتقادٍ ناقلٌ عن الملّة، وإمّاكفرُ عملٍ لا ينقلُ عن الملّة.
أمّا الأول: وهو كفر الاعتقاد فهو أنواع،
أحدها:أن يجحد الحاكمُ بغير ما أنزل الله أحقيّة حُكمِ الله ورسوله وهو معنى ما رُوي عن ابن عباس، واختاره ابن جرير أنّ ذلك هو جحودُ ما أنزل اللهُ من الحُكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم، فإنّ الأصول المتقررة المتّفق عليها بينهم أنّ مَنْ جَحَدَ أصلاً من أصول الدين أو فرعًا مُجمعًا عليه، أو أنكر حرفًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قطعيًّا، فإنّه كافرًا الكفرَ الناقل عن الملّة
الثاني: أنْ لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كونَ حُكم اللهِ ورسولِهِ حقًّا، لكن اعتقد أنّ حُكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسنُ من حُكمه، وأتمّ وأشمل... لما يحتاجه الناسُ من الحُكم بينهم عند التنازع، إمّا مُطلقا أو بالنسبة إلى ما استجدّ من الحوادث، التي نشأت عن تطوّر الزمان وتغير الأحوال، وهذا أيضًا لا ريب أنه كافرٌ، لتفضيله أحكامَ المخلوقين التي هي محضُ زبالةِ الأذهان، وصرْفُ حُثالة الأفكار، على حُكم الحكيم الحميد وحُكمُ اللهِ ورسولِه لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان، وتطور الأحوال، وتجدّد الحوادث،فإنّه ما من قضية كائنة ما كانت إلاّ وحُكمها في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، نصًّا أو ظاهرًا أو استنباطًا أو غير ذلك، عَلِمَ ذلك مَن علمه، وجَهِلَه مَن جهله وليس معنى ما ذكره العلماء من تغيّر الفتوى بتغير الأحوال ما ظنّه مَن قلَّ نصيبُه أو عدم من معرفة مدارك الأحكام وعِلَلها، حيث ظنّوا أنّ معنى ذلك بحسب ما يُلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية، وأغراضهم الدنيوية وتصوّراتهم الخاطئة ولهذا تجدُهم يحامون عليها، ويجعلون النصوص تابعة لها منقادة إليها، مهما أمكنهم فيحرفون لذلك الكَلِم عن مواضعه.
وحينئذٍ معنى تغيُّر الفتوى بتغير الأحوال والأزمان مراد العلماء منه: "ما كان مُستصحبه فيه الأصول الشرعية، والعلل المرعية،والمصالح التي جِنْسُها مرادٌ لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أنّ أرباب القوانين الوضعية عن ذلك بمعزل، وأنهم لا يقولون إلاّ على ما يلائم مراداتهم،كائنة ما كانت، والواقع أصدقُ شاهدٍ.
الثالث: أنْ لا يعتقد كونَه أحسن من حُكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله، فهذا كالنوعين الذين قبله،في كونه كافرًا الكفرَ الناقل عن الملّة،لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق والمناقضة والمعاندة لقوله عزّ وجلّ"(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء) ". ونحوها من الآيات الكريمة، الدالّة على تفرُّدِ الربّ بالكمال،وتنزيهه عن ممثالة المخلوقين، في الذات والصفات والأفعال والحُكم بين الناس فيما يتنازعون فيه.
الرابع: أنْ لا يعتقد كون حُكم الحاكم بغير ماأنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله، فضلاً عن أنْ يعتقدَ كونه أحسن منه، لكن اعتقد جواز الحُكم بما يخالف حُكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله يصدُقُ عليه ما يصدق عليه، لاعتقاده جوازَ ماعلم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه.
الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ورسوله،ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا، وتفريعا وتشكيلا وتنويعا، وحكما وإلزاما، ومراجع ومستندات فكما أنّ للمحاكم الشرعية مراجعَ مستمدّات، مرجعها كلُّها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجعٌ، هي: القانون المُلفّق من شرائعَ شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.
فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناس إليها أسرابٌ إثْر أسراب، يحكُمُ حُكّامُها بينهم بما يخالف حُكم السُنّة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتُلزمهم به، وتُقِرُّهم عليه، وتُحتِّمُه عليهم.. فأيُّ كُفر فوق هذا الكفر، وأيُّ مناقضة للشهادة بأنّ محمدًا رسولُ اللهِ بعد هذه المناقضة.
وذِكْرُ أدلّة جميع ما قدّمنا على وجه البسْطِ معلومةٌ معروفة، لا يحتمل ذكرها في هذا الموضوع.(1)
فيا معشر العُقلاء، ويا جماعات الأذكياء وأولي النهى كيف ترضون أنْ تجري عليكم أحكامُ أمثالكم، وأفكارُ أشباهكم، أو مَن هم دونكم، مِمّن يجوز عليهما لخطأ، بل خطأهم أكثرُ من صوابهم بكثير، بل لا صواب في حُكمهم إلاّ ما هو مُستمدٌّ من حُكم اللهِ ورسولهِ، نصًّا أو استنباطًا، تَدَعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائر حقوقكم؟؟
ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحُكم الله ورسوله، الذي لا يتطرّق إليه الخطأ، ولايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد..وخُضوع الناس ورضوخهم لحكم ربِّهم خضوعٌ ورضوخٌ لِحُكم مَنْ خلقهم تعالى ليعبدوه فكما لا يسجدُ الخلقُ إلاّ للهِ، ولايعبدونَ إلاّ إياه ولا يعبدون المخلوق، فكذلك يجب أن لايرضخوا ولا يخضعوا أو ينقادوا إلاّ لحُكمالحكيم العليم الحميد، الرءوف الرحيم، دون حُكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكته الشكوكُ والشهواتُ والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات فيجبعلى العُقلاء أن يربئوا بنفوسهم عنه، لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهمبالأهواء والأغراض، والأغلاط والأخطاء، فضلاً عن كونه كفرًا بنصِّ قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
السادس:ما يحكُم به كثيرٌ من رؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم، وعاداتهم التي يسمُّونها "سلومهم"، يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحُضُّون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاء علىأحكام الجاهلية، وإعراضًا ورغبةً عن حُكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلاّبالله .
وأمّا القسم الثاني من قسمي كُفر الحاكم بما أنزل الله، وهوالذي لا يُخرجُ من الملة فقد تقدّم أنّ تفسير ابن عباس، رضي الله عنهما، لقول الله عزّ وجلّ: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، قد شمل ذلك القسم، وذلك في قوله - رضي الله عنه- في"الآية: "كُفر دون كفر"، وقوله أيضًا: "ليس بالكفر الذي تذهبون إليه" وذلك أنْ تَحْمِلَهُ شهوتُه وهواهُ على الحُكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أنّ حُكم الله ورسوله هو الحقّ، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى وهذا وإنْ لم يُخرِجْه كُفْرُه عنالملّة، فإنه معصية عُظمى أكبرُ من الكبائر، كالزنا وشُرب..الخمر، والسّرِقة واليمين الغموس،وغيرها فإنّمعصية ً سمّاها اللهُ في كتابه كفرًا، أعظمُ من معصية لم يُسمِّهاكُفرًا نسأل الله أنْ يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه،
انقيادا ورضاءً، إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه.]
(1) تدبر كلامه- رحمه الله – في كل ما مضى؛ فإنه يدور على : جحود ما انزل الله من الحكم الشرعي، أو اعتقد أن حكم غير الرسول (r) أحسن من حكمه، ففضَّل أحكام المخلوقين، أو اعتقد أنه مثله، أو اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله، أو عاند الشرع، وسادسها الإعراض عن حكم الله ورسوله ، فهذا ما نعتقده وندين الله به
ومع ذلك اقرأ ما قاله اعرف الناس به ممن تتلمذ على يديه، وهو سماحة الوالد الشيخ بن باز –رحمه الله- .


الدمعة البازية


قال السائل :سماحة الشيخ ـ الشيخ محمد - الله يرحمه -ابن إبراهيم في رسالته ذكر أن الدول التي تحكم بالقانون دول كفرية يجب الهجرة منها .
قال الشيخ ابن باز: لظهور الشر لظهور الكفر والمعاصي .
فقال السائل : الذين يحكمون بالقانون . .
فقال الشيخ ابن باز: شفت رسالته ـ الله يغفر له ـ بل يرى ظاهرهم الكفر ، لأن وضعهم للقوانين دليل على رضى واستحلال ، هذا ظاهر رسالته ـ رحمه الله ـ ، لكن أنا عندي فيها توقف ، أنه ما يكفي هذا حتى يعرف أنه استحله ، أما مجرد أنه حكم بغير ما أنزل الله أو أمر بذلك ما يكفر بذلك مثل الذي أمر بالحكم على فلان أو قتل فلان ما يكفر بذلك حتى يستحله ، الحجاج بن يوسف ما يكفر بذلك ولو قتل ما قتل حتى يستحل ، لأن لهم شبهة ، وعبد الملك بنمروان ، ومعاوية وغيرهم ، ما يكفرون بهذا لعدم الاستحلال ، وقتل النفوس أعظم من الزنا وأعظم من الحكم بالرشوة .


وعلى فرض أنه يقول بالتكفير من غير تفصيل ، فاقرأ- حفظك الله- .



الفتوى البازية في تحكيم القوانين الوضعية


في مجلة الفرقان: (82)


وسئل الإمام ابن باز -رحمه الله-: هناك فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
-رحمه الله- يستدل بِهَا أصحاب التكفير هؤلاء على أن الشيخ لا يفرق بين من حكم بغير شرع الله مستحلاًّ ومن ليس كذلك، كما هو التفريق المعروف عند العلماء؟
الشيخ ابن باز: "هذا الأمر مستقرأ عند العلماء كما قدمت أن من استحل ذلك فقد كفر، أما من لَمْ يستحل ذلك كأن يحكم بالرشوة ونحوها فهذا كفر دون كفر، أما إذا قامت دولة إسلامية لديها القدرة فعليها أن تجاهد من لا يحكم بما أنزل الله حتى تلزمه بذلك.
ثم سئل: وهم يستدلون بفتوى الشيخ ابن إبراهيم؟.
الشيخ ابن باز: محمد بن إبراهيم ليس بمعصوم فهو عالم من العلماء، يخطئ ويصيب، وليس بنبي ولا رسول، وكذلك شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم وابن كثير، وغيرهم من العلماء، كلهم يخطئ ويصيب، ويؤخذ من قولهم ما وافق الحق، وما خالف الحق يرد على فاعله".


والحق أن للشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله- كلامًا آخر يذهب فيه إلى التفصيل


ففي "مجموع الفتاوى" (1/80) له- رحمه الله –


(( وكذلك تحقيق معنى محمد رسول الله: من تحكيم شريعته، والتقيُّد بها، ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما انزل الله بها من سلطان، والتي من حكم بها[ يعني القوانين الوضعية] أو حاكم إليها، معتقدا صحة ذلك وجوازه، فهو كافر الكفر الناقل عن الملة، وان فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة ))

وهذه الفتوى مؤرخة بتاريخ (9/1/1385هـ) أي بعد طباعة رسالة تحكيم القوانين بخمس سنين


لأن طبعتها الأولى سنة (1380) في مكة.



الملاحظة الثانية:



النقل عن شيخ الإسلام – رحمه الله – من منهاج السنة النبوية (5/130) حيث قال:


(( ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر فإنه من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله سبحانه وتعالى كسوالف البادية وكأوامر المطاعين فيهم ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر فإن كثيرا من الناس أسلموا ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار [ وإلا كانوا جهالاً كمن تقدم أمرهم] ))



ما بين معقوفين من كلام شيخ الإسلام – رحمه الله – يوضح مقصده، ويبين مرامه، ولكن للأسف الشديد؛ قد حذف من "كتاب التوحيد" من أول طبعة إلى آخر طبعة من غير استدراك أو تدارك



وقد نقل هذا النص المهم عن شيخ الإسلام – رحمه الله – مؤلف كتاب العلمانية: (683) إلى قوله: "فهم كفار". وحذف ما بعده


وكما فعل منظر الحركيين: محمد قطب في كتابه " واقعنا المعاصر"(ص330)


ووضع صاحب كتابي "إن الله هو الحكم" (34) و"الطريق إلى الخلافة" (55) عدة نقاط بدل قوله : "وإلا كانوا جهالاً"!!. وهذه خصلة تبكي لها عيون الإسلام!!.




وهذا التصرف في بعض النصوص المنقولة عن أهل العلم حذفًا أو تغييرًا على وجه يفهم منه نقيض الحق الذي أراده صاحبه .....هو عين تحريف الغالين



ومع ذلك أنزه الشيخ الفاضل من تقصد ذلك، بخلاف هؤلاء الذين سبق ذكرهم



والحق أحق أن يتبع، والله المستعان وعليه التكلان





.









قديم 2011-05-15, 16:17   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
فصيح محمد
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

موضوع مميز










قديم 2011-05-15, 19:49   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أخ أبو الحارث بارك الله فيك و رزقني الله و اياك علما نافعا و عملا صالحا متقبلا و رزقا طيبا حلالا و دعاء مستجابا ، وجعلني و اياك ممن اذا أعطي شكر واذا ابتلي صبر و اذا أذنب استغفر ، وجنبني و اياك علما لا ينفع و دعاء لا يسمع و عينا لا تدمع و قلبا لا يخشع .آمين.










قديم 2011-05-16, 17:38   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال العلامة عبد العزيز الراجحي في شرح "نواقض الاسلام":
من اعتقد أن هناك هديا أحسن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم كأن يقول : الفلاسفة أو الصابئة أو الصوفية طريقتهم أحسن من طريقة محمد صلى الله عليه وسلم فهذه الطريقة فيها الهداية أو مماثلة لهداية النبي صلى الله عليه وسلم فهذا كافر ؛ فإنه ليس هناك هدي أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لإنه لا ينطق عن الهوى إنما هو وحي يوحى فمن قال إن هناك هديا أحسن من هدي الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو مماثل له كأن يتدين أو يطلب الطريق إلى الله عن طريق الفلاسفة أو طريق الفلسفة أو الصبو (( الصابئة )) أو التصوف أو غير ذلك فهذا كافر مرتد . وكذلك إذا اعتقد أن هناك حكما أحسن من حكم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كأن يعتقد أن الحكم بالقوانين أحسن من الحكم بالشريعة فهذا مرتد بإجماع المسلمين . وكذلك إذا اعتقد أن الحكم بالقوانين مماثل لحكم الشريعة يكفر أيضا .

وكذلك إذا اعتقد أن الحكم بالشريعة أحسن من الحكم بالقوانين , لكن يجوز الحكم بالقوانين كأن يقول : الإنسان مخير يجوز له أن يحم بالقوانين , ويجوز له أن يحكم بالشريعة , لكن الشريعة أحسن فهذا يكفر بإجماع المسلمين فالإنسان ليس مخيرا , وهذا أنكر معلوما من الدين بالضرورة ؛ فالحكم بالشريعة هذا أمر واجب على كل أحد وهذا يقول : إنه ليس بواجب وأنه يجوز للإنسان أن يحكم بالقوانين فهذا يكفر ولو قال : إن أحكام الشريعة أحسن . فعلى هذا :
إذا حكم بالقوانين واعتقد أنها أحسن من حكم الشريعة كفر
وإذا حكم بالقوانين واعتقد أنها مماثلة لحكم الشريعة كفر
وإذا حكم بالقوانين واعتقد أن حكم الشريعة أحسن من الحكم بالقوانين لكن يجوز الحكم بالقوانين كفر أيضا
ففي الحالات الثلاث كلها يكفر .


وهناك حالة رابعة إذا حكم بالقوانين أو بالقانون في مسألة من المسائل أو في قضية من القضايا وهو يعتقد أن الحكم بالشريعة هو الواجب , وأنه لا يجوز الحكم بالقوانين , وأنه لا يجوز أن يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أ،ظالم وأنه مستحق للعقوبة لكن غلبته نفسه وهواه وشيطانه فحكم بغير ما أنزل الله , حكم بغير ما أنزل الله لشخص حتى ينفع المحكوم له أو حتى يضر المحكوم عليه , فينفع المحكوم له ؛ لأنه صديق له أو قريب له , أو جار له , أو يضر المحكوم عليه لأنه عدو له , وهو يعلم أن الحكم يما أنزل الله واجب وأنه مرتكب للمعصية هذا يكفر كفرا أصغر ولا يخرج من الملة .


فيكون الحكم بغير ما أنزل الله أربع حالات , ثلاث حالات يكفر فيها كفرا أكبر , والرابعة يكفر كفرا أصغر .


مسألة : ( حكم إزالة الشريعة كلها والحكم بالقوانين ):
إذا كان سن القوانين كلها , وأزال الشريعة كلها رأسا على عقب هذا بدل الدين , وهذا ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يكفر لأنه بدل دين الله , وهذا هو الذي أفتى به سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم ـ رحمه الله ـ مفتي الديار السعودية سابقا قال : إن هذا بدل الدين رأسا على عقب ليس في قضية من القضايا , إنما بدل الأحكام كلها فأزال الشريعة كلها وأبدلها بالقوانين في كل صغيرة وكبيرة .


وذهب سماحة شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز ـ وفقه الله ـ إلى أنه أيضا ولو بدل الدين لا بد أن يعتقد أنه يجوز الحكم بالقوانين حتى تقوم عليه الحجة . إذن هذه هي الحالة الخامسة وهي إذا بدل الدين . وهناك حالة سادسة وهي أن الحاكم الشرعي إذا بذل وسعه , واستفرغ جهده في تعرف الحكم الشرعي لكن أخطأ وحكم بغير ما أنزل الله خطأً فهذا ليس كافرا ولا عاصيا بل هو مجتهد له أجر واحد لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران , وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر )) فهذا خطأه مغفور وله أجر على اجتهاده . وإذا بذل وسعه وأصاب الحق فله أجران أجر الاجتهاد وأجر الإصابة .









قديم 2011-05-17, 00:01   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الأخ أبو زيد بارك الله فيك على النقل.
مع أنني لست على مذهب الشيخ صالح آل الشيخ في المسألة إلا أنني أشكرك على النقل ولا بد أن يعلم الإخوة القراء أن مسألة الحكم بالقوانين الوضعية تعد من المسائل الكبيرة الشائكة التي اشتد نزاع أهل العلم فيها في هذا العصر؛ حيث ذهب فريق من أهل العلم -كالأخوين شاكر، وابن إبراهيم (على قول)، وابن عثيمين (في القديم)، والفوزان، والشيخ بكر أبي زيد- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أكبر يخرج من ملة الإسلام، وذهب آخرون -كابن باز، والألباني، وابن عثيمين (في الأخير)، والعبَّاد، والسدلان- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أصغر لا يخرج من ملة الإسلام.
أما عن العلماء السابقين فلم أقرأ عنهم خلاف فكلهم لا يقولون بالتكفير (الكفر الأكبر) إنما يشترطون الإستحلال.
والله أعلم.
أما عن تحرير مذهب ابن باز فكيفينا ما جاء في شريط الدمعة البازية فهو واضح جلي بل حتى بعض القائلين بالتكفير يعترفون أنهم مخالفون لمذهب ابن باز
مذهب الإمام ابن باز رحمه الله في حكم تحكيم القوانين الوضعية :
https://www.djelfa.info/vb/showpost.p...6&postcount=46
**شريط الدمعة البازية :
https://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...esson_id=16099

تحرير مذهب العلامة العثيمين رحمه الله صوتا وتفريغا والرد على المدعوا طارق عبد الحليم؛ فيما يتعلق بفتوى الشيخ رحمه الله:
https://www.djelfa.info/vb/showpost.p...&postcount=114

**الرد على فتوى صالح المنجد- في إنكاره مذهب ابن عثيمين الأخير- ومن احتج بها :
https://www.djelfa.info/vb/showpost.p...&postcount=115

**الرد على من استدل بإحدى فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
https://www.albaidha.net/vb/showpost....1&postcount=18


والله أعلم وأحكم.










قديم 2011-05-17, 17:33   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

و فيك بارك .










قديم 2012-04-21, 08:42   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
محمد سعيد زعلان
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو الحارث مهدي مشاهدة المشاركة


ولا مانع أيضا أن أنبهك الى أخر ما قرره وحرره الإمام الفقيه
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

دخلت على الموقع بالصدفة ثم رايت في مشاركة الاخ مهدي من الجهل و التلبيس ما يشيب له الولدان و هذا لا يعيبه ان شاء الله لعله نقل الموضوع من احد المنتديات و لا يعلم


اقتباس:
]

محمد بن صالح بن عثيمين-رحمه الله-



الفتوى المتأخرة لابن عثيمين -رحمه الله- في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله


.. والتي سُمِّيت بـ : " التحرير في مسألة التكفير »


السؤال(1) :

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك
له ، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ، أما بعد ؛ فهذا السؤال أقدمه عبر الهاتف ، وعبر تسجيله في الهاتف أيضاً لفضيلة الوالد الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله ، ومتع به ، وجعل فيه وفي أمثاله العوض عن سماحة الوالد رحمة الله عليه .

وهذا السؤال حول مسألة كثر فيها النزاع بين طلبة العلم ، وكثر بها – أيضاً – الاستدلال من بعض كلمات لفضيلة الوالد العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله تعالى ، أولاً أقول للشيخ : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وزادكم الله علماً ، ورفع قدركم في الدنيا وفي الآخرة .


فضيلة الشيخ سلمكم الله : هنا كثير من طلبة العلم يدندنون حول الحاكم الذي يأتي بشريعة مخالفة لشريعة الله عز وجل ، ولا شك أنه يأمر الناس بها ويلزمهم بها ، وقد يعاقب المخالف عليها و يكافئ أو يجازي بالخير وبالعطاء الملتزم بها ، وهذه الشريعة في كتاب الله وفي سنة نبيه عليه الصلاة والسلام تعتبر مخالفة ومصادمة لنصوص الكتاب والسنة ، هذه الشريعة إذا ألزم هذا الحاكم بها الناس ومع أنه يعترف أن حكم الله هو الحق وما دونه هو الباطل وأن الحق ما جاء في الكتاب والسنة ، ولكنه لشبهة


أو لشهوة جرى إلزام الناس بهذه الشريعة ، كما وقع مثل ذلك كثيراً في بني أمية وفي بني العباس وفي أمراء الجور الذين ألزموا الناس بأمور لا تخفى على مثلكم بل لا تخفى على كثير من الناس عندما ألزموا الناس بما لا يرضي الله عز وجل كالأمور الوراثية وجعلوا الملك عاضّاً بينهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وقربوا شرار الناس وأبعدوا خيارهم وكان من يوافقهم على ما هم فيه من الباطل قربوه ومن يأمرهم وينهاهم ربما حاربوه .. إلى آخره .



فلو أن الحاكم في هذا الزمان فعل مثل هذه الشريعة؛ هل يكون كافراً بهذه الشريعة إذا ألزم الناس بها ؟ معاعترافه أن هذا مخالف للكتاب والسنة، وأن الحق في الكتاب والسنة؛ هل يكون بمجرد فعله هذا كافراً ؟ أم لا بد أن يُنظر إلى اعتقاده بهذه المسالة ؟ كمن – مثلاً – يلزم الناس بالربا ، كمن يفتح البنوك الربوية في بلاده ، ويأخذ من البنك الدولي – كما يقولون – قروضاً ربوية ، ويحاول أن يؤقلم اقتصادها على مثل هذا الشيء ، ولو سـألته قـال : ( الربـا حــرام ، ولا يجـوز ) ، لكـنْ لأزمة اقتصادية


أو لغير ذلك ، يعتذر مثل هذه الاعتذارات ، وقد تكون الاعتذارات مقبولة ، وقد لا تكون ، فهل يكفر بمثل ذلك ؟ أم لا ؟ ..



ومع العلم أن كثيراً من الشباب ينقلون عن فضيلتكم أنكم تقولون أن من فعل ذلك يكون كافراً ، ونحن نلاحظ في بلاد الدنيا كلها أن هذا شيء موجود ؛ بين مُقلّ ومستكثر ، وبين مصرح وغير مصرح ، نسأل الله العفو والعافية .. نريد من فضيلتكم الجواب على ذلك عسى أن ينفع الله سبحانه وتعالى به طلاب العلم ، وينفع الله


عز وجل به الدعاة إلى الله عز وجل ؛ لأنه لا يخفى عليكم أن الخلاف كم يؤثر


في صفوف الدعوة إلى الله عز وجل .



هذا ؛ وأني لأنقل لفضيلتكم محبـة أبنائكم وطلابكم طلبـة العلم في هذه البـلاد ، ورغبتهم أيضاً في سماع صوتكم ، وتوجيهاتكم ، ونصائحكم ؛ سواء عبر الهاتف


أو غير ذلك . والله سبحانه وتعالى المسؤول أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال .


مُقدّم هذا السؤال لفضيلتكم : ابنكم وطالبكم أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني منمأرب باليمن في يوم الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول سنة ألف وأربعمائة وعشرين من الهجرة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الجواب :




[ مُقدمة ]







« الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينـا محمـد وعـلى آلـه و أصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، أما بعد ..




[ تأريخ الفتوى ]







ففي هذا اليوم الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر ربيع الأول عام عشرين وأربعمائة وألف ؛ استمعت إلى شريط مسجل باسم أخينا أبى الحسن في مأرب ، ابتدأه بالسلام عليَّ فأقول : عليك السلام ورحمة الله وبركاته .




[ خطر التكفير ]





وما ذكره من جهة التكفير ؛ فهي مسألة كبيرة ، عظيمة ، ولا ينبغي إطلاق القول فيها إلا مع طالب علم يفهمويعرف الكلمات بمعانيها ، ويعرف العواقب التي تترتب على القول بالتكفير أو عدمه ، أما عامة الناس ؛ فإن إطلاق القول بالتكفير أو عدمه في مثل هذه الأمور يحصل فيه مفاسد .




[ نصيحة قيمة ]







والذي أرى أولاً ألّا يشتغل الشباب بهذهالمسألة ، وهل الحاكم كافر ؟ أو غير كافر ؟ وهل يجوز أن نخرج عليه ؟ أو لا يجوز ؟ .. على الشباب أن يهتموا بعباداتهم التي أوجبها الله عليهم ، أو ندبهم إليها ، وأن يتركوا ما نهاهم الله عنه كراهة أو تحريماً ، وأن يحرصوا على التآلف بينهم ، والاتفاق ، وأن يعلموا أن الخلاف في مسائل الدين والعلم قد جرى في عهد الصحابة رضي الله عنهم ولكنه لم يُؤدّ إلى الفرقة ، وإنما القلوب واحدة ، والمنهج واحد .




[ التفصيل في المسألة ]







أما فيما يتعلق بالحكم بغير ما أنزل الله : فهو كما في الكتاب العزيز ينقسم إلى ثلاثة
أقسام : كفر ، وظلم ، وفسق ؛ على حسب الأسباب التي بُنيَ عليها هذا الحكم .
فإذا كان الرجل يحكم بغير ما أنزل الله تبعاً لهواه مع علمه بأن الحق فيما قضى الله به : فهذا لا يكفر لكنه بين فاسق وظالم.


وأما إذا كان يَشْرَع حكماً عاماً تمشي عليه الأمة ، يرى أن ذلك من المصلحة ، وقد لُبِّس عليه فيه :
فلا يكفر أيضاً(2) ؛ لأن كثيراً من الحكام عندهم جهل في علم الشريعة ، ويتصل بهم من لا يعرف الحكم الشرعي ، وهم يرونه عالماً كبيراً فيحصل بذلك المخالفة .


وإذا كان يعلم الشرعَ ولكنه حكم بهذا ، أو شَرَع هذا ، وجعله دستوراً يمشي الناس عليه ؛ يَعتقد أنه ظالم في ذلك ، وأن الحق فيما جاء به الكتاب والسنة : فإننا لا نستطيع أن نكفِّر هذا .


وإنما نكفِّر : من يرى أن حكم غير الله أولى أن يكون الناس عليه ، أو مثل حكم الله

عز وجل ؛ فإن هذا كافر ؛ لأنه مكذب لقول الله تبارك وتعالى : ﴿
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ[ التين 8 ] ، وقوله : ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ[ المائدة 50 ] .






[ لا تلازم بين التكفير والخروج ]







ثم هذه المسائل ؛ لا يعني أننا إذا كفرنا أحداً فإنه يجب الخروج عليه ؛ لأن الخروج يترتب عليه مفاسد عظيمة أكبر من السكوت ، ولا نستطيع الآن أن نضرب أمثالاً فيما وقع في الأمة العربية وغير العربية .




[ من شروط الخروج على الكافر ]







وإنما إذا تحققنا جواز الخروج عليه شرعاً فإنه لابد من استعداد وقوة تكون مثل قوة الحاكم أو أعظم .





[ الخروج مع عدم القدرة : سفه ]







وأما أن يخرج الناس عليه بالسكاكين والرماح ومعه القنابل والدبابات وما أشبه هذا ؛ فإن هذا من السفه بلا شك وهو مخالف للشرع » انتهت الفتوى .


(1) أخذتُ هذه الفتوى من شريط : « التحرير في مسألة التكفير » ، إصدار تسجيلات « ابن القيم » بالكويت ، وفصَلْتُ فقراتها بعناوين وضعتها بين قوسين [ هكذا ] .
(2) وهذا تراجع من الشيخ-رحمه الله-عن الاستثناء الذي ذكره في تقريره لفتوى الشيخ الالباني -رحمه الله- حيث قال:"وأقرها كاملة إلا في حالة التشريع العام"
وبهذا يكون قد انتظم عقد الفتوى جملة وتفضيلا
فليهنأ دعاة الكتاب والسنة بذلك - ومنهم أخونا ابو زيد - ولتقر عيون السلفيين بدرر مقالات أشياخهم الربانيين- رحمهم الله -
أقول اما تسمية أهل الإرجاء بدعاة الكتاب و السنة فهذا جهل بمسميات الشريعة و الشيخ رحمه الله لم يتراجع و هذا واضح في كلامه و الحمد لله فالشيخ لم يشترط الاستحلال انما تكلم عن إقامة الحجة و تأمل قوله (لبس عليه)

و أذكرم بقول سعيد ابن جبير في المرجئة : هم أخبث قوم، وحسبك الرافضة خبثاً، ولكن المرجئة يكذبون على الله


/q
اقتباس:
][
center][size=3]و أحيلك أيضا على "كتاب التوحيد"للشيخ صالح الفوزان ،



أما "كتاب التوحيد" لفضيلة الشيخ: صالح الفوزان الفوزان-حفظه الله-


فمع التبجيل والاحترام للشيخ - حفظه الله- إلا أن في مسألة الحكم ..


لا أخفيك سراً ؛ بأني قد لاحظت ملاحظتان
الملاحظة الاولى:

الاحتجاج بجزء من فتوى الشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله- وهو اختصار قد يخل بتمام الفتوى

وإليك البيان- والعون من الله المنَّان-


قال الشيخ- رحمه الله- في "رسالة تحكيم القوانين"ص(15-25):

[ولهذا قال الله تعالى بعد ذلك: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [ المائــدة 44 ] ،
وقــال تعـالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [ المائــدة 45 ] ،
وقــال تعـالى : ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ [ المائدة 47 ]
فانظر كيف سجّل تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل اللهُ الكفرَ والظلمَ والفسوقَ، ومِن الممتنع أنْ يُسمِّي اللهُ سبحانه الحاكمَ بغيرما أنزل اللهُ كافرًا ولا يكون كافرًا، بل كافرٌ مطلقًا، إمّاكفر عمل وإما كفر اعتقاد، وما جاء عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في تفسير هذه الآية من رواية طاووسوغيره يدلُّ أنّ الحاكم بغير ما أنزل اللهُ كافرٌ إمّا كفرُ اعتقادٍ ناقلٌ عن الملّة، وإمّاكفرُ عملٍ لا ينقلُ عن الملّة.
أمّا الأول: وهو كفر الاعتقاد فهو أنواع،
أحدها:أن يجحد الحاكمُ بغير ما أنزل الله أحقيّة حُكمِ الله ورسوله وهو معنى ما رُوي عن ابن عباس، واختاره ابن جرير أنّ ذلك هو جحودُ ما أنزل اللهُ من الحُكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم، فإنّ الأصول المتقررة المتّفق عليها بينهم أنّ مَنْ جَحَدَ أصلاً من أصول الدين أو فرعًا مُجمعًا عليه، أو أنكر حرفًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قطعيًّا، فإنّه كافرًا الكفرَ الناقل عن الملّة
الثاني: أنْ لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كونَ حُكم اللهِ ورسولِهِ حقًّا، لكن اعتقد أنّ حُكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسنُ من حُكمه، وأتمّ وأشمل... لما يحتاجه الناسُ من الحُكم بينهم عند التنازع، إمّا مُطلقا أو بالنسبة إلى ما استجدّ من الحوادث، التي نشأت عن تطوّر الزمان وتغير الأحوال، وهذا أيضًا لا ريب أنه كافرٌ، لتفضيله أحكامَ المخلوقين التي هي محضُ زبالةِ الأذهان، وصرْفُ حُثالة الأفكار، على حُكم الحكيم الحميد وحُكمُ اللهِ ورسولِه لا يختلف في ذاته باختلاف الأزمان، وتطور الأحوال، وتجدّد الحوادث،فإنّه ما من قضية كائنة ما كانت إلاّ وحُكمها في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، نصًّا أو ظاهرًا أو استنباطًا أو غير ذلك، عَلِمَ ذلك مَن علمه، وجَهِلَه مَن جهله وليس معنى ما ذكره العلماء من تغيّر الفتوى بتغير الأحوال ما ظنّه مَن قلَّ نصيبُه أو عدم من معرفة مدارك الأحكام وعِلَلها، حيث ظنّوا أنّ معنى ذلك بحسب ما يُلائم إرادتهم الشهوانية البهيمية، وأغراضهم الدنيوية وتصوّراتهم الخاطئة ولهذا تجدُهم يحامون عليها، ويجعلون النصوص تابعة لها منقادة إليها، مهما أمكنهم فيحرفون لذلك الكَلِم عن مواضعه.
وحينئذٍ معنى تغيُّر الفتوى بتغير الأحوال والأزمان مراد العلماء منه: "ما كان مُستصحبه فيه الأصول الشرعية، والعلل المرعية،والمصالح التي جِنْسُها مرادٌ لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أنّ أرباب القوانين الوضعية عن ذلك بمعزل، وأنهم لا يقولون إلاّ على ما يلائم مراداتهم،كائنة ما كانت، والواقع أصدقُ شاهدٍ.
الثالث: أنْ لا يعتقد كونَه أحسن من حُكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله، فهذا كالنوعين الذين قبله،في كونه كافرًا الكفرَ الناقل عن الملّة،لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق والمناقضة والمعاندة لقوله عزّ وجلّ"(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء) ". ونحوها من الآيات الكريمة، الدالّة على تفرُّدِ الربّ بالكمال،وتنزيهه عن ممثالة المخلوقين، في الذات والصفات والأفعال والحُكم بين الناس فيما يتنازعون فيه.
الرابع: أنْ لا يعتقد كون حُكم الحاكم بغير ماأنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله، فضلاً عن أنْ يعتقدَ كونه أحسن منه، لكن اعتقد جواز الحُكم بما يخالف حُكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله يصدُقُ عليه ما يصدق عليه، لاعتقاده جوازَ ماعلم بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه.
الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ورسوله،ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا، وتفريعا وتشكيلا وتنويعا، وحكما وإلزاما، ومراجع ومستندات فكما أنّ للمحاكم الشرعية مراجعَ مستمدّات، مرجعها كلُّها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجعٌ، هي: القانون المُلفّق من شرائعَ شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.
فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناس إليها أسرابٌ إثْر أسراب، يحكُمُ حُكّامُها بينهم بما يخالف حُكم السُنّة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتُلزمهم به، وتُقِرُّهم عليه، وتُحتِّمُه عليهم.. فأيُّ كُفر فوق هذا الكفر، وأيُّ مناقضة للشهادة بأنّ محمدًا رسولُ اللهِ بعد هذه المناقضة.
وذِكْرُ أدلّة جميع ما قدّمنا على وجه البسْطِ معلومةٌ معروفة، لا يحتمل ذكرها في هذا الموضوع.(1)
فيا معشر العُقلاء، ويا جماعات الأذكياء وأولي النهى كيف ترضون أنْ تجري عليكم أحكامُ أمثالكم، وأفكارُ أشباهكم، أو مَن هم دونكم، مِمّن يجوز عليهما لخطأ، بل خطأهم أكثرُ من صوابهم بكثير، بل لا صواب في حُكمهم إلاّ ما هو مُستمدٌّ من حُكم اللهِ ورسولهِ، نصًّا أو استنباطًا، تَدَعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائر حقوقكم؟؟
ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحُكم الله ورسوله، الذي لا يتطرّق إليه الخطأ، ولايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد..وخُضوع الناس ورضوخهم لحكم ربِّهم خضوعٌ ورضوخٌ لِحُكم مَنْ خلقهم تعالى ليعبدوه فكما لا يسجدُ الخلقُ إلاّ للهِ، ولايعبدونَ إلاّ إياه ولا يعبدون المخلوق، فكذلك يجب أن لايرضخوا ولا يخضعوا أو ينقادوا إلاّ لحُكمالحكيم العليم الحميد، الرءوف الرحيم، دون حُكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكته الشكوكُ والشهواتُ والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات فيجبعلى العُقلاء أن يربئوا بنفوسهم عنه، لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهمبالأهواء والأغراض، والأغلاط والأخطاء، فضلاً عن كونه كفرًا بنصِّ قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ
السادس:ما يحكُم به كثيرٌ من رؤساء العشائر، والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم، وعاداتهم التي يسمُّونها "سلومهم"، يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحُضُّون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاء علىأحكام الجاهلية، وإعراضًا ورغبةً عن حُكم الله ورسوله، فلا حول ولا قوة إلاّبالله .
وأمّا القسم الثاني من قسمي كُفر الحاكم بما أنزل الله، وهوالذي لا يُخرجُ من الملة فقد تقدّم أنّ تفسير ابن عباس، رضي الله عنهما، لقول الله عزّ وجلّ: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، قد شمل ذلك القسم، وذلك في قوله - رضي الله عنه- في"الآية: "كُفر دون كفر"، وقوله أيضًا: "ليس بالكفر الذي تذهبون إليه" وذلك أنْ تَحْمِلَهُ شهوتُه وهواهُ على الحُكم في القضية بغير ما أنزل الله، مع اعتقاده أنّ حُكم الله ورسوله هو الحقّ، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى وهذا وإنْ لم يُخرِجْه كُفْرُه عنالملّة، فإنه معصية عُظمى أكبرُ من الكبائر، كالزنا وشُرب..الخمر، والسّرِقة واليمين الغموس،وغيرها فإنّمعصية ً سمّاها اللهُ في كتابه كفرًا، أعظمُ من معصية لم يُسمِّهاكُفرًا نسأل الله أنْ يجمع المسلمين على التحاكم إلى كتابه،
انقيادا ورضاءً، إنّه وليُّ ذلك والقادر عليه.]
[size=6](1) تدبر كلامه- رحمه الله – في كل ما مضى؛ فإنه يدور على : جحود ما انزل الله من الحكم الشرعي، أو اعتقد أن حكم غير الرسول (r) [color=blue][font=traditional arabic]أحسن من حكمه، ففضَّل أحكام المخلوقين، أو اعتقد أنه مثله، أو اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله، أو عاند الشرع، وسادسها الإعراض عن حكم الله ورسوله ، فهذا ما نعتقده وندين الله به[


اللهم إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور‏

يقول الشيخ رحمه الله

الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ورسوله،ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا، وتفريعا وتشكيلا وتنويعا، وحكما وإلزاما، ومراجع ومستندات فكما أنّ للمحاكم الشرعية مراجعَ مستمدّات، مرجعها كلُّها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجعٌ، هي: القانون المُلفّق من شرائعَ شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.
فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناس إليها أسرابٌ إثْر أسراب، يحكُمُ حُكّامُها بينهم بما يخالف حُكم السُنّة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتُلزمهم به، وتُقِرُّهم عليه، وتُحتِّمُه عليهم.. فأيُّ كُفر فوق هذا الكفر

فالشيخ يقرر إجماع أهل الاسلام كما نقله غير واحد من الائمة على كفر من بدل شرع الله
و هذا المشرع ما فعل ذلك إلا مستحلا أو معاندا وإن لم يستحل و هذا كفر إبليس فابليس لم يجحد و لم يكذب إنما إستكبر و في هذا إلزام لصاحب المقال الذي يقول (تدبر كلامه- رحمه الله – في كل ما مضى؛ فإنه يدور على : جحود ما انزل الله من الحكم الشرعي) فالظاهر من كلانه أنه يحصر الكفر في الجهود على مذهب الجهم نسأل الله السلامة

وأما المشايخ (ابن إبراهيم والعثيمين) فهم يرون أن الفعل كفر لذاته و لا يقولون أنه كفر لأنه مستلزم لكفر الباطن كما تقول المرجئة



اقتباس:
]
ومع ذلك اقرأ ما قاله اعرف الناس به ممن تتلمذ على يديه، وهو سماحة الوالد الشيخ بن باز –رحمه الله- .
اقتباس:


الدمعة البازية


قال السائل :سماحة الشيخ ـ الشيخ محمد - الله يرحمه -ابن إبراهيم في رسالته ذكر أن الدول التي تحكم بالقانون دول كفرية يجب الهجرة منها .
قال الشيخ ابن باز: لظهور الشر لظهور الكفر والمعاصي .
فقال السائل : الذين يحكمون بالقانون . .
فقال الشيخ ابن باز: شفت رسالته ـ الله يغفر له ـ بل يرى ظاهرهم الكفر ، لأن وضعهم للقوانين دليل على رضى واستحلال ، هذا ظاهر رسالته ـ رحمه الله ـ ، لكن أنا عندي فيها توقف ، أنه ما يكفي هذا حتى يعرف أنه استحله ، أما مجرد أنه حكم بغير ما أنزل الله أو أمر بذلك ما يكفر بذلك مثل الذي أمر بالحكم على فلان أو قتل فلان ما يكفر بذلك حتى يستحله ، الحجاج بن يوسف ما يكفر بذلك ولو قتل ما قتل حتى يستحل ، لأن لهم شبهة ، وعبد الملك بنمروان ، ومعاوية وغيرهم ، ما يكفرون بهذا لعدم الاستحلال ، وقتل النفوس أعظم من الزنا وأعظم من الحكم بالرشوة .


وعلى فرض أنه يقول بالتكفير من غير تفصيل ، فاقرأ- حفظك الله- .



الفتوى البازية في تحكيم القوانين الوضعية


في مجلة الفرقان: (82)


وسئل الإمام ابن باز -رحمه الله-: هناك فتوى للشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
-رحمه الله- يستدل بِهَا أصحاب التكفير هؤلاء على أن الشيخ لا يفرق بين من حكم بغير شرع الله مستحلاًّ ومن ليس كذلك، كما هو التفريق المعروف عند العلماء؟
الشيخ ابن باز: "هذا الأمر مستقرأ عند العلماء كما قدمت أن من استحل ذلك فقد كفر، أما من لَمْ يستحل ذلك كأن يحكم بالرشوة ونحوها فهذا كفر دون كفر، أما إذا قامت دولة إسلامية لديها القدرة فعليها أن تجاهد من لا يحكم بما أنزل الله حتى تلزمه بذلك.
ثم سئل: وهم يستدلون بفتوى الشيخ ابن إبراهيم؟.
الشيخ ابن باز: محمد بن إبراهيم ليس بمعصوم فهو عالم من العلماء، يخطئ ويصيب، وليس بنبي ولا رسول، وكذلك شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم وابن كثير، وغيرهم من العلماء، كلهم يخطئ ويصيب، ويؤخذ من قولهم ما وافق الحق، وما خالف الحق يرد على فاعله".
وأما رأي الشيخ ابن باز فالشيخ له قولان في المسالة و لا عزاء لاهل الارجاء

و لم نسمع ان الشيخ اعلن تراجعه إلا من كاتب في منتدى مجهول العين و الحال او من وضاع مثل العنبري و العتيبي او من متهم بالكذب و السرقات العلمية مثل الحلبي والهلالي

و في الدمعة البازية التي طار بها المرجئة ولم يفقهو ما فيها رغم أن الشيخ رحمه الله تناقضت أقواله أثناء الحوار إلا أن فيها من الخير الكثير و لله الحمد

قال الشيخ ابن جبرين ـ حفظه الله ـ : إذا أباح الزنا برضى الطرفين …فقاطعه الإمام ابن باز قائلا : كذلك هذا كفر .فأكمل الشيخ ابن جبرين كلامه بقوله : المرأة حرة في نفسها فلها أن تبذل نفسها ؟فقال الإمام ابن باز : إذا أحلوا ذلك بالرضا فهو كفر .

وأيضا

فقال الشيخ سلمان : حفظكم الله ـ الآن بالنسبة لمانع الزكاة إذا قاتل عليها قلنا إنه يقاتل قتال كفر …
فقاطعة الإمام ابن باز بقوله : لا شك ، لا شك .
فأكمل الشيخ سلمان كلامه : لأن امتناعه ، امتناعه وقتاله على ذلك …
فقاطعه الشيخ ابن باز قائلا : هو …… [ كلمة لم أعرفها ] دفاع من يحكم بغير ماأنزل …
فأكمل الشيخ سلمان كلامه بقوله : دليل على جحده للوجوب …
فقال الإمام ابن باز مقاطعا الشيخ الشيخ سلمان : إذا دافع عن الحكم بغير ماأنزل الله وقال ما أرجع فهو دفاع المستحل ، يكون كافرا .


و أحيلك إلى كتاب الشيخ نقض القومية تجد فيه ما يثلج ضدرك ان شاء الله


اقتباس:
]

والحق أن للشيخ محمد بن إبراهيم –رحمه الله- كلامًا آخر يذهب فيه إلى التفصيل


ففي "مجموع الفتاوى" (1/80) له- رحمه الله –


(( وكذلك تحقيق معنى محمد رسول الله: من تحكيم شريعته، والتقيُّد بها، ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما انزل الله بها من سلطان، والتي من حكم بها[ يعني القوانين الوضعية] أو حاكم إليها، معتقدا صحة ذلك وجوازه، فهو كافر الكفر الناقل عن الملة، وان فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة ))

وهذه الفتوى مؤرخة بتاريخ (9/1/1385هـ) أي بعد طباعة رسالة تحكيم القوانين بخمس سنين


لأن طبعتها الأولى سنة (1380) في مكة.
هذا دجل أصلع له قرنان كلام الشيخ رحمه الله واضح لا يحتمل التأويل؛ لأنه واضح ومحدد خصوصا لمن يفقه اللغة العربية أما بالنسبة للاعاجم فربما يكون غير مفهوم

فالمشرع مستحل كافر عند الشيخ





قال العودة : - سماحة الشيخ - الشيخ محمد - الله يرحمه - ابن إبراهيم في رسالته ذكر : أن الدول التي تحكم بالقانون دول كفرية يجب الهجرة منها .
فقال الشيخ ابن باز : لظهور الشر ؛ لظهور الكفر والمعاصي .




فقال العودة : الذين يحكمون بالقانون .
فقال الشيخ ابن باز : شفت رسالته - الله يغفر له - بل يرى ظاهرهم الكفر ، لأن وضعهم للقوانين دليل على رضى واستحلال ، هذا ظاهر رسالته - رحمه الله*

اقتباس:
]
الملاحظة الثانية:



النقل عن شيخ الإسلام – رحمه الله – من منهاج السنة النبوية (5/130) حيث قال:


(( ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله فهو كافر فمن استحل أن يحكم بين الناس بما يراه هو عدلا من غير اتباع لما أنزل الله فهو كافر فإنه من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرهم بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله سبحانه وتعالى كسوالف البادية وكأوامر المطاعين فيهم ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة وهذا هو الكفر فإن كثيرا من الناس أسلموا ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم إلا بما أنزل الله فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما أنزل الله فهم كفار [ وإلا كانوا جهالاً كمن تقدم أمرهم] ))
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى : إذا لم تستح فاصنع ما شئت

من سمات أهل البدع عامة والمرجئة خاصة أنهم يتعامون عن النصوص المحكمة و يتشبتون بالكلام المتشابه
فالشيخ يتكلم هنا عن اقامة الحجة و أما معنى الاستحلال عند شيخ الاسلام يكون تارة بالعمل و تارة بالاعتقاد

قال رحمه الله

والاستحلال اعتقاد أنها حلال له
وذلك يكون تارة باعتقاد أن الله أحلها
وتارة باعتقاد أن الله لم يحرمها
وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها
وهذا يكون لخلل في الايمان بالربوبية أو لخلل في الإيمان بالرسالة
ويكون جحدا محضا غير مبني على مقدمة
وتارة يعلم ان الله حرمها ويعلم أن الرسول إنما حرم ما حرمه الله
ثم يمتنع عن التزام هذا التحريم ويعاند المحرم
فهذا أشد كفرا ممن قبله

وقد يكون هذا مع علمه بأن من لم يلتزم هذا التحريم عاقبه الله وعذبه
ثم إن هذا الامتناع والإباء إما لخلل في اعتقاد حكمة الأمر وقدرته فيعود هذا إلى عدم التصديق بصفة من صفاته
وقد يكون مع العلم بجميع ما يصدق به تمردا او اتباعا لغرض النفس
وحقيقته كفر
هذا لانه يعترف لله ورسوله بكل ما اخبر به ويصدق بكل ما يصدق به المؤمنون
لكنه يكره ذلك ويبغضه ويسخطه لعدم موافقته لمراده ومشتهاه
ويقول أنا لا أقر بذلك ولا ألتزمه وأبغض هذا الحق وأنفر عنه
فهذا نوع غير النوع الأول وتكفير هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع "


اقتباس:
]
ما بين معقوفين من كلام شيخ الإسلام – رحمه الله – يوضح مقصده، ويبين مرامه، ولكن للأسف الشديد؛ قد حذف من "كتاب التوحيد" من أول طبعة إلى آخر طبعة من غير استدراك أو تدارك



وقد نقل هذا النص المهم عن شيخ الإسلام – رحمه الله – مؤلف كتاب العلمانية: (683) إلى قوله: "فهم كفار". وحذف ما بعده


وكما فعل منظر الحركيين: محمد قطب في كتابه " واقعنا المعاصر"(ص330)


ووضع صاحب كتابي "إن الله هو الحكم" (34) و"الطريق إلى الخلافة" (55) عدة نقاط بدل قوله : "وإلا كانوا جهالاً"!!. وهذه خصلة تبكي لها عيون الإسلام!!.




وهذا التصرف في بعض النصوص المنقولة عن أهل العلم حذفًا أو تغييرًا على وجه يفهم منه نقيض الحق الذي أراده صاحبه .....هو عين تحريف الغالين



ومع ذلك أنزه الشيخ الفاضل من تقصد ذلك، بخلاف هؤلاء الذين سبق ذكرهم



والحق أحق أن يتبع، والله المستعان وعليه التكلان





.
قال شيخ الاسلام ناقلا الاجماع على كفر من لم يحكم بما أنزل الله

شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض كما قال تعالى { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً} . ( مجموع الفتاوى 28/524 )

و إن أتى بهلوان و تشبت بكلمة سوغ قلنا له القوانين الوضعية تُسوِّغ الزنا و الربا وووو لا عزاء للمرجئة









قديم 2012-04-21, 09:35   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
محمد سعيد زعلان
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

أقوال العلماء فيمن حكم بغير شرع الله






بسم الله وكفى :
الحمد لله ثم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله واله وصحبه وسلم وبعد :
واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله.

قال عز وجل :

(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65)

{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. ( المائدة 50)
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْل}. ( النساء 58) .

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) (النساء:59)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً(النساء : 60)

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً (النساء : 61 )

{وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْط}. ( المائد42) .

{إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}. ( الأنعام 57) .

{أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ}. ( الأنعام 63) .

{أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَاب} . ( الأنعام 114) .

{إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}. ( يوسف40 ) .

{إِنْ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ} . ( يوسف67) .

{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ}. ( الرعد37) .

{وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَاب}. ( الرعد41) .

{وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا}. ( الكهف 26) .

{وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون}. ( القصص 70) .

وقال : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ}. ( المائدة44) .

وقال : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُون}.َ( المائدة 45) .

وقال : {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ}. ( المائدة47) .


============



ما هو حكم من حكم غير شرع الله ؟ :


يدعي مرجئة العصر أن تحكيم غير شرع الله ليس كفرا اكبر مخرج من الملة بل هو كفر دون كفر أي معصية لا تخرج صاحبها من الملة وقد زل بعض المتأخرة في هذا الخطأ المخالف لاجماع المسلمين

لكن ماذا يقول أئمة المسلمين؟ :

قال ابن كثير في تفسير هذه الآية : ( أي ردوا الخصومات والجهالات إلى كتاب الله وسنة رسوله فتحاكموا إليهما فيما شجر بينكم ( إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) فدل ذلك على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنّة ولا يرجع إليهما فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر).(تفسير ابن كثير : 1/519 ) .

قال ابن كثير رحمه الله في كلامه عن الياسق (قوانين التتار التي اختلط فيها ما يوافق الشرع وما يخالفه) :

( فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر ، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه ؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين …) [ البداية والنهاية 13 / 119]



ويؤكد هذا الإجماع إجماع آخر نقله ابن عبد البر رحمه الله أيضا عن إمام السنة إسحاق بن راهويه رحمه الله قال فيه :

( وقد أجمع العلماء أن من سب الله عز وجل أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دفع شيئا أنزله الله أو قتل نبيا من أنبياء الله وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر ) ا.هـ [ التمهيد لابن عبد البر ج: 4 ص: 226 ]

يقول الامام الجصاص رحمه الله في قوله تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيما (النساء:65)

( في هذه الآية دلالة على أن من يرد شيئاً من أوامر الله أو أوامر رسوله ? أنه خارج عن دائرة الإسلام سواء رده من جهة الشك فيه أو من جهة " ترك القبول والامتناع عن التسليم" )أ.هـ

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

( كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة فإنه يجب قتالها باتفاق أئمة المسلمين ، وإن تكلمت بالشهادتين. فإذا أقروا بالشهادتين وامتنعوا عن الصلوات الخمس وجب قتالهم حتى يصلوا … وكذلك إن امتنعوا عن الحكم في الدماء والأموال والأعراض والأبضاع ونحوها بحكم الكتاب والسنة …)



قال الشيخ محمد بن إبراهيم في رسالة تحكيم القوانين : ( وتأمل ما في الآية كيف ذكر النكرة وهي قوله (شيء) في سياق الشرط وهو قوله جلَّ شأنه { فإن تنازعتم } المفيد للعموم ثم تأمل كيف جعل ذلك شرطاً في حصول الإيمان بالله واليوم الآخر بقوله: { إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر}). ( رسالة تحكيم القوانين ص: 6-7 ) .

قال ا بن القيم في أعلام الموقِّعين (1/85): ( ثم أخبر سبحانه أن من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول فقد حكّم الطاغوت وتحاكم إليه , والطاغوت كل ما تجاوز به العبد حدَّه من معبود أو متبوع أو مطاع , فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة له ) .

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله النجدي في تيسير العزيز الحميد(ص554) : ( فمن شهد أن لا إله إلا الله ثم عدل إلى تحكيم غير الرسول في موارد النزاع فقد كذب في شهادته ) .

ويقول الإمام ابن كثير في تفسيره (1/521) : ( يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحكِّم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد إليه ظاهراً و باطناً ) .

وقال الإمام ابن القيم : ( أقسم سبحانه بنفسه على نفي الإيمان عن العباد حتى يُحكِّموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الدقيق والجليل ولم يكتف في إيمانهم بهذا التحكيم بمجرده حتى ينتفي عن صدورهم الحرج والضيق عن قضائه وحكمه ولم يكتف منهم أيضاً بذلك حتى يسلِّموا تسليماً وينقادوا انقياداً ).( إعلام الموقعين 1/86 ) .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم : ( فتأمل هذه الآية الكريمة وكيف دلَّت على أن قسمة الحكم ثنائية وأنه ليس بعد حكم الله تعالى إلا حكم الجاهلية الموضح أن القانونيين في زمرة أهل الجاهلية شاءوا أم أبوا بل هم أسوأ منهم حالاً وأكذب منهم مقالاً , ذلك أن أهل الجاهلية لا تناقض لديهم حول هذا الصدد وأما القانونيين فمتناقضون حيث يزعمون الإيمان بما جاء به الرسول ( ويناقضون ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا وقد قال تعالى في أمثال هؤلاء { أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً } ) . ( رسالة تحكيم القوانين ص: 11-12 ) .

ويقول ابن كثير في تفسير هذه الآية من تفسيره (2/68) : (فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحكم سواه في كثير ولا قليل ) .

فتح المجيد (ص79 ) : ( فظهر بهذا أن الآية دلت على أن من أطاع غير الله ورسوله وأعرض عن الأخذ بالكتاب والسنة في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحله الله وأطاعه في معصية الله واتبعه في ما لم يأذن به الله فقد اتخذه رباً ومعبوداً وجعله لله شريكاً ) .

الشيخ الشنقيطي في أضواء ال بيان (4/91) عن د حديثه عن قول ه تعالى : { ولا يشرك في حكمه أحداً } : " ويفهم من هذه الآيات كقوله {ولا يشرك في حكمه أحداً } أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرع الله أنهم مشركون بالله ) .

ابن كثير في البداية والنهاية (13/128) بعد أن نقل عن الجويني نتفاً من الياسق أو الياسا التي كان يتحاكم إليها التتار : ( فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر , فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه ؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ) .

شيخ الإسلام ابن تيمية : ( ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض كما قال تعالى { إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً} . ( مجموع الفتاوى 28/524 ) .

وقال أيضاً في مجموع الفتاوى (3/267) : ( والإنسان متى حلل الحرام - المجمع عليه - أو حرم الحلال -المجم ع عليه - أو بد ل الشرع - المجمع عليه - كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء ) .

قال عبد القادر عودة رحمه الله: ( ولا خلاف بينهم ( أي الأئمة المجتهدين ) قولاً واعتقاداً في أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق , وأن إباحة المجمع على تحريمه كالزنا والسكر واستباحة إبطال الحدود وتعطيل أحكام الإسلام وشرع ما لم يأذن به الله إنما هو كفر وردة وأن الخروج على الحاكم المسلم إذا ارتد واجب على المسلمين) . ( الإسلام وأوضاعنا القانونية ص:60 ) .

الشيخ محمد بن إبراهيم حيث قال في رسالة تحكيم القوانين : ( إن من الكفر الأكبر المستبين تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم ليكون من المنذرين بلسان عربي مبين في الحكم به بين العالمين والرد إليه عند تنازع المتنازعين مناقضة ومعاندة لقول الله { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً } ) . ( رسالة تحكيم القوانين ص: 5).

وقال الشيخ محمد ابن ابراهيم رحمه الله :

(وأما الذي قيل فيه كفر دون كفر إذا حاكم إلى غير الله مع اعتقاده أنه عاص وأن حكم الله هو الحق فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع فهو كفر وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل ) أ. هـ فتاوى محمد بن إبراهيم 12/280

العلامة المحدث أحمد شاكر رحمه الله تعليقاً على ما سبق نقله من كلام ابن كثير حول الياسق الذي كان يتحاكم إليه التتار : ( أفرأيتم هذا الوصف ال قوي من الحافظ ابن كثير - في القرن الثامن- لذاك القانون الوضعي الذي صنعه عدو الإسلام جنكيز خان ؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر في القرن الرابع عشر ؟ إلا في فرق واحد أشرنا إليه آنفاً : أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام أتى عليها الزمان سريعاً فاندمجت في الأمة الإسلامية وزال أثر ما صنعت , ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالاً وأشد ظلماً منهم لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة والتي هي أشبه شيء بذاك الياسق الذي اصطنعه رجل كافر ظاهر الكفر إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس هي كفر بواح لا خفاء فيه ولا مداورة ولا عذر لأحد ممن ينتسب للإسلام كائناً من كان في العمل بها أو الخضوع لها أو إقرارها فليحذر امرؤ لنفسه وكل امرئ حسيب نفسه ). ( عمدة التفسير 4/ 173-174 ) .

 يقول إمام أهل السنة محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى : ( إن هؤلاء الطواغيت الذين يعتقد الناس فيهم وجوب طاعة من دون الله كلهم كفار مرتدون عن الإسلام, كيف لا وهم يحلون ما حرم الله, ويحرمون ما أحل الله, ويسعون في الأرض فسادا بقولهم وفعلهم وتأييدهم, ومن جادل عنهم, أو أنكر على من كفرهم, أو زعم أن فعلهم هذا لو كان باطلا لا ين قلهم إلى الكفر , فأقل أحوال هذا المجادل أنه فاسق, لأنه لا يصح دين الإسلام إلا بالبراءة من هؤلاء وتكفيرهم ) . ( الرسائل الشخصية,188 ) . فإذا كان مجرد عدم التكفير جريمة كبرى عند الشيخ محمد بن عبد الوهاب, فكيف بمن يصفهم بأحسن أوصاف الإسلام يزكي دولتهم ونظامهم, ويحمل على من أنكر عليهم ؟!! .

الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله تعالى
قال: «...فمن خالف ما أمر الله به ورسوله صلي الله عليه وسلم بأن حكم بين الناس بغير ما أنزل الله، أو طلب ذلك اتباعاً لما يهواه ويريده فقد خلع ربقة الإسلام والإيمان من عنقه وإن زعم أنه مؤمن، فإن الله تعالى أنكر على من أراد ذلك، وأكذبهم في زعمهم الإيمان لما في ضمن قوله {يزعمون} من نفي إيمانهم، فإنّ {يزعمون} إنما يقال غالباً لمن ادّعى دعوى هو فيها كاذب لمخالفته لِمُوجبها وعمله بما يُنافيها، يحقّق هذا قوله تعالى {وقد أمروا أن يكفروا به} لأن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد، كما في آية البقرة، فإذا لم يحصل هذا الركن لم يكن موحداً، والتوحيد هو أساس الإيمان الذي تصلح به جميع الأعمال وتفسُد بعدَمِه، كما أنّ ذلك بيِّنٌ في قوله تعالى {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256] وذلك أن التَّحاكم إلى الطاغوت إيمانٌ به».

 الإمام جمال الدين القاسمي رحمه الله تعالى
قال وهو يفسر قوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله} أن في: «الجملة تزييلٌ مقررٌ لمضمونِ ما قبلها أبلغ تقرير، وتحذيرٌ عن الإخلال به أشدّ تحذير، حيث علّقَ فيه الحكم بالكفر بمجرد ترك الحكم بما أنزل الله فكيف وقد انضم إليه الحكم بخلافه، لا سيما مع مباشرة ما نهوا عنه...».

 الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن بن محمد
بن عبدالوهاب رحمهم الله تعالى
سُئل الشيخ عما يحكم به أهل السوالف من البوادي وغيرهم من عادات الآباء والأجداد هل يُطلق عليهم بذلك الكفر بعد التعريف؟ فأجاب: «مَن تحاكَم إلى غير كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم بعد التعريف فهو كافر، قال الله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأُلئك هُمُ الكافرون}».

 الشيخ سليمان بن عبدالله بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب
رحمه الله تعالى
قال: «وقد جنح الخوارج إلى العموم لظاهر الآية وقالوا أنّها نصّ في أنّ كلّ من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر، وكلّ من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل الله فوجب أن يكون كافراً. وقد انعقد إجماع أهل السنة والجماعة على خلافهم. ونحن لم نكفّر إلاّ من لم يحكم بما أنزل الله من التوحيد بل حكم بضدّه وفعل الشرك ووالى أهله وظاهرهم على الموحّدين».
وقال: «سبب النزول وإن كان خاصّاً فعموم اللفظ إذا لم يكن منسوخاً معتبر، ولأنّ قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله} كلام داخل فيه كلمة {من} في معرض الشرط فتكون للعموم».

 الشيخ حَمَد بن علي بن عتيق النجدي رحمه الله تعالى
قال عندما ذكر قول ابن كثير في حكم من تحاكم إلى غير شرع الله تعالى وذكر فتواه في تكفيره للتتار: «قلت: ومثل هؤلاء ما وقع فيه عامة البوادي ومن شابههم من تحكيم عادات آبائهم، وما وضعه أوائلهم من الموضوعات الملعونة التي يُسمونها شرع الرفاقة يقدمونها على كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ومن فعل ذلك فإنه كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم».

 الشيخ عبد الله بن حَميد رحمه الله تعالى
قال: «ومَن أصدر تشريعاً عاماً مُلزماً للناس يتعارض مع حكم الله فهذا يَخرج من الملة [ويكون] كافراً» فمناط التكفير هو التشريع من دون الله تعالى. 

الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله تعالى قال في تفسير قوله تعالى {وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله} أن: «الآية ناطقة بأن من صدّ وأعرض عن حكم الله ورسوله صلي الله عليه وسلم عمداً ولا سيما بعد دعوته إليه وتذكيره به، فإنه يكون منافقاً لا يُعتدُّ بما يزعمه من الإيمان، وما يدعيه من الإسلام».
ويقول كذلك في تفسير قوله تعالى {إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات...}: «هذه الآية جارية على الرؤساء الذين يحرّمون على الناس ما لم يحرّمه الله، ويشرّعون لهم ما لم يشرّعه من حيث يكتمون ما شرعه بالتأويل أو الترك، فيدخل فيه اليهود والنصارى ومن حذا حذوهم في شرع ما لم يأذن به الله وإظهار خلافه، سواء كان ذلك في أمر العقائد ككتمان اليهود أوصاف النبيّ صلي الله عليه وسلم، أو الأكل والتقشّف وغير ذلك من الأحكام التي كانوا يكتمونها إذا كان لهم منفعة في ذلك، كما قال تعالى: {تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيراً} [الأنعام: 91]. وفي حكمهم كلّ من يبدي بعض العلم ويكتم بعضه لمنفعة لا لإظهار الحقّ وتأييده».

 الشيخ العلامة المحدث أحمد شاكر رحمه الله
قال معلقاً على كلام الحافظ ابن كثير عند تفسيره لقوله تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون} :«أقول: أَفَيَجُوز في شرع الله تعالى أن يُحكم المسلمون في بلادهم بتشريع مقتبس عن تشريعات أوربا الوثنية الملحدة؟ بل بتشريع تدخله الأهواء والآراء الباطلة، يغيّرونه ويبدلونه كما يشاؤون، لا يبالي واضعه أَوَافق شِرعة الإسلام أم خالفها؟ إن المسلمين لم يُبلوا بهذا قط -فيما نعلم من تاريخهم- إلاّ في ذلك العهد عهد التتار، وكان من أسوأ عهود الظلم والظلام، ومع هذا فإنهم لم يخضعوا له، بل غلب الإسلام التتار، ثم مزجهم فأدخلهم في شِرعته، وزال أثر ما صنعوا بثبات المسلمين على دينهم وشريعتهم، وبما أن الحكم السيئ الجائر كان مصدره الفريق الحاكم إذ ذاك، لم يندمج فيه أحد من أفراد الأمم الإسلامية المحكومة، ولم يتعلّموه ولم يعلّموه أبناءهم، فما أسرع ما زال أثره، أفرأيتم هذا الوصف القوي من الحافظ ابن كثير -في القرن الثامن- [الهجري] لذاك القانون الوضعي، الذي صنعه عدو الإسلام جنكيز خان؟ ألستم ترونه يصف حال المسلمين في هذا العصر، في القرن الرابع عشر الهجري؟ إلاّ في فرق واحد أشرنا إليه آنفاً: أن ذلك كان في طبقة خاصة من الحكام أتى عليها الزمن سريعاً فاندمجت في الأمة الإسلامية وزال أثر ما صنعت، ثم كان المسلمون الآن أسوأ حالاً، وأشد ظلماً وظلاماً منهم، لأن أكثر الأمم الإسلامية الآن تكاد تندمج في هذه القوانين المخالفة للشريعة، والتي هي أشبه شيء بذاك "الياسق" الذي اصطنعه رجلٌ كافرٌ ظاهرُ الكفر، هذه القوانين التي يصطنعها ناس ينتسبون للإسلام، ثم يتعلّمها أبناء المسلمين ويفخرون بذلك آباءً وأبناء، ثم يجعلون مردّ أمرهم إلى معتنقي هذا "الياسق العصري" ويُحَقِّرون من يخالفهم في ذلك، ويسمون من يدعوهم إلى الاستمساك بدينهم وشريعتهم "رجعياً" و "جامداً" إلى مثل ذلك من الألفاظ البذيئة، بل إنهم أدخلوا أيديهم فيما بقي في الحكم من التشريع الإسلامي، يريدون تحويله إلى "ياسقهم" الجديد بالهوينا واللين تارة، وبالمكر والخديعة تارة، وبما ملكت أيديهم من السلطات تارات، ويصرّحون ولا يستحيون بأنهم يعملون على فصل الدولة من الدين! أفيجوز إذن -مع هذا- لأحد من المسلمين أن يعتنق هذا الدين الجديد، أعني التشريع الجديد؟ أَوَيَجوز لرجل مسلم أن يليَ القضاء في ظل هذا "الياسق العصري" وأن يعمل به ويُعرِض عن شريعته البيّنة؟ ما أظنّ أن رجلاً مسلماً يعرف دينه ويُؤمن به جملة وتفصيلا ويؤمن بأن هذا القرآن أنزله الله تعالى على رسوله صلي الله عليه وسلم كتاباً مُحكماً لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وبأن طاعته وطاعة الرسول صلي الله عليه وسلم الذي جاء به واجبة قطعية الوجوب في كل حال، ما أظنه يستطيع إلاّ أن يجزم غير متردد ولا متأول، بأن ولاية القضاء في هذه الحال باطلة بطلاناً أصلياً، لا يلحقه التصحيح ولا الإجازة، إن الأمر في هذه القوانين الوضعية واضح وضوح الشمس، هي كُفرٌ بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عُذر لأحد ممن ينتسب للإسلام -كائناً من كان- في العمل بها، أو الخضوع لها أو إقرارها، فليحذر امرؤٌ لنفسه، وكل امرئٍ حسيبُ نفسه».

 الشيخ العلامة محمود شاكر رحمه الله تعالى قال: «اللهم إني ابرأ إليك من الضلالة وبعد: فإن أهل الريب والفتن ممن تصدّروا الكلام في زماننا هذا قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله تعالى وفي القضاء في الأموال والأعراض والدماء بغير شريعة الله تعالى التي أنزلها في كتابه وفي اتخاذهم قانون أهل الكفر شريعة في بلاد الإسلام... فهذا الفعل إعراض عن حكم الله تعالى ورغبة عن دينه، وإيثارٌ لأحكام أهل الكفر على حكمه سبحانه وتعالى، فهذا كفرٌ لا يشكُّ فيه أحد من أهل القبلة -على اختلافهم- في تكفير القائل به والداعي إليه، والذي نحن فيه اليوم هو هجر لأحكام الله تعالى عامّة بلا استثناء، وإيثارُ أحكامٍ غيرُ حكمه في كتابه وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم وتعطيلٌ لكل ما في شريعة الله تعالى، بل بلغ مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضوع على أحكام الله تعالى المنزلة... فمن احتجّ بهذين الأثرين وغيرهما في غير بابها وصرفها إلى غير معناها، رغبة في نصرة سلطان أو احتيالاً على تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ورضي بتبديل الأحكام، فحكم الكافر المصرّ على كفره معروف لأهل هذا الدين».

 فتوى الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى
قال في تفسير قوله تعالى {ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك} أن: (الرد إلى الكتاب والسنة شرط في الإيمان، فدل ذلك على أن من لم يرد إليهما مسائلَ النزاع فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت ... فإن الإيمان يقتضي الإنقياد لشرع الله وتحكيمه، في كل أمر من الأمور، فمن زعم أنه مؤمن، واختار حكم الطاغوت على حكم الله فهو كاذب في ذلك)

 شيخ جامع الأزهر الشيخ محمد الخضر حسين رحمه الله تعالى
قال أن: «فصل الدين عن السياسة هدم لمعظم حقائق الدين ولا يقدم عليه المسلمون إلاّ بعد أن يكونوا غير مسلمين».

 الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي
قال: «...فالحكم بالقوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية إلحاد وكفر وفساد وظلم للعباد، فلا يسود الأمن ولا تحفظ الحقوق الشرعية إلاّ بالعمل بشريعة الإسلام كلها عقيدة وعبادة وأحكاماً وأخلاقا وسلوكاً ونظاماً، فالحكم بغير ما أنزل الله هو حكم بعمل مخلوق لمخلوق مثله، هو حكم بأحكام طاغوتية... ولا فرق بين الأحوال الشخصية والعامة والخاصة، فمن فرّق بينها في الحكم فهو ملحدٌ زنديقٌ كافرٌ بالله العظيم».

 الإمام العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله تعالى
قال مقسّماً الحكم بغير ما أنزل الله تعالى إلى ستة أقسام كلها مكّفرة: «أحدها: أن يجحد الحاكمُ بغير ما أنزل الله تعالى أحقيَّةَ حُكمِ الله تعالى وحكم رسوله صلي الله عليه وسلم... الثاني: أن لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى كونَ حكم الله ورسوله صلي الله عليه وسلم حقاً، لكن اعتقد أن حكمَ غير الرسول صلي الله عليه وسلم أحسنُ من حكمه وأتم وأشمل... الثالث: أن لا يعتقد كونَه أحسنَ من حكم الله تعالى ورسوله  لكن اعتقد أنه مثله... الرابع: أن لا يعتقد كونَ حُكمِ الحاكم بغير ما أنزل الله تعالى مماثلاً لحكم الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم... لكن اعتقد جواز الحُكم بما يُخالف حُكمَ الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم... الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقة لله تعالى ولرسوله صلي الله عليه وسلم ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعداداً وإمداداً وإرصاداً وتأصيلاً وتفريعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً... فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناسُ إليها أسرابٌ إثر أسراب، يحكم حكّامها بينهم بما يخالف حُكم السنة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتلزمهم به وتقرّهم عليه، وتُحتِّمُهُ عليهم، فأيُّ كُفرٍ فوق هذا الكفر، وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً صلي الله عليه وسلم رسولُ الله بعد هذه المناقضة.... فيجب على العقلاء أن يربأوا بنفوسهم عنه لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط، والأخطاء، فضلاً عن كونه كفراً بنص قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}. السادس: ما يحكم به كثيرٌ من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمونها "سلومهم" يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحضون على التحاكم إليه عند النزاع، بقاءً على أحكام الجاهلية، وإعراضاً ورغبةً عن حكم الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم فلا حول ولا قوة إلاّ بالله تعالى».

 الشيخ العلامة محمد حامد الفقي رحمه الله تعالى
قال وهو يعرّف معنى الطاغوت أن: «الذي يُستخلص من كلام السلف  أن الطاغوت [هو] كل ما صرف العبد وصدّه عن عبادة الله تعالى وإخلاص الدين والطاعة لله ولرسوله صلي الله عليه وسلم... ويدخل في ذلك بلا شك: الحكم بالقوانين الأجنبية عن الإسلام وشرائعه وغيرها من كل ما وضعه الإنسان ليحكم به في الدماء والفروج والأموال، وليبطل بها شرائع الله تعالى، من إقامة الحدود وتحريم الربا والزنا والخمر ونحو ذلك مما أخذت هذه القوانين تحللها وتحميها بنفوذها ومنفذّيها، والقوانين نفسها طواغيت، وواضعوها ومروجوها طواغيت...» وقال أيضاً وهو يعلق على قول ابن كثير رحمه الله تعالى في التتار: «ومثل هذا وشرٌّ منه مَنِ اتّخذ من كلام الفرنجة قوانين يتحاكم إليها في الدماء والفروج والأموال، ويقدّمها على ما عَلِم وتبين له من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم فهو بلا شك كافر مرتد إذا أصر عليها ولم يرجع إلى الحكم بما أنزل الله ولا ينفعه أي اسم تسمّى به، ولا أيّ عمل من ظواهر أعمال الصلاة والصيام ونحوها».

 الشيخ العلامة عبد القادر بن عبد العزيز حفظه الله تعالى
قال بعد أن سرد أقوال العلماء في تكفير من لم يحكم بما أنزل الله تعالى: «...والذي يخرج به أن كفر الحكام الحاكمين بالقوانين الوضعية هو محل اتفاق بين أهل العلم، وقد تعاضدت النصوص مع الإجماع على بيان كفرهم ولا يخالف في هذا إلاّ أحد رجلين: جاهلٌ، أو صاحب هوى، وإن كان من المنتسبين إلى العلم الشرعي».
وقال أيضاً: «والحاصل أنّه ينبغي التنبّه على أنّ الحكم بالقوانين الوضعيّة -كما هو الحال اليوم- ينطوي على ثلاث مناطات مكفّرة وهي:
1- ترك الحكم بما أنزل الله: لأنّ الحكم بالقوانين الوضعيّة في مسألة ما يلازمه ترك الحكم بما أنزل الله فيها (...).
2- إختراع شرع مخالف لشرع الله وهي القوانين الوضعيّة نفسها.
3- الحكم بغير ما أنزل الله أي الحكم بهذا الشرع المخالف لشرع الله.
[وهذه المناطات المكفّرة] لم يقع شيء منها في زمن ابن عبّاس (توفّي سنة 68هـ)، ولا فيما بعده بعدّة قرون... غاية ما كان يقع من الحكّام والقضاة هو الجور في الحكم في بعض الأمور بحيلة أو تأويل يصعب معه تأثيمه قضاءً وإن كان يأثم ديانةً...».

 الشيخ أبو عبدالرحمن السبيعي
قال: «ونحن نقول، بل هو [أي الحاكم المبدّل للشريعة] من أكفر الكافرين ومَن شكّ في كفره فهو على شفا جرف هار، والأمر كما قال الشنقيطيّ في أضواء البيان 4/84 أنّه "لا يشكّ في كفرهم وشركهم إلاّ من طمس الله على بصيرته وأعماه من نور الوحي مثلهم"».

 الشيخ محمد محمود أبو رحيم حفظه الله تعالى
قال في رده على صاحب كتاب "التحذير من فتنة التكفير" وهو علي الحلبي المعروف بولائه لكلّ طاغوت مبدّل للشريعة وعدائه لكلّ من عاداهم: «...أن من اعتقد عدم وجوب الحكم بما أنزل الله مع علمه، كافٍ للدلالة على كفره، ولو لم يستحلّ الحكم بغير ما أنزل الله بل ولو حكم بما أنزل الله، [وأن] من استحل الحكم بغير ما أنزل الله مع علمه كاف للدلالة على كفره ولو اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله ولأن منتهى هذه البدعة، [بدعة مرجئة هذا العصر وهي] "معرفة واعتقاد ثم استحلال= كفر وإلا فلا" [هذا الحكم فيه] إلغاء للتكفير المشروع من سجل المسلمين وإذا لم يكن هذا إرجاءً فماذا يكون؟».

 الشيخ محمّد مصطفى المقرئ (أبو إيثار) حفظه الله تعالى
قال: «...فمقتضى شهادة التوحيد: أن يُسلم المسلم بالحاكميّة لله وحده وبمرجعيّة شريعته دون غيرها أيّاً كانت... والذي نحن فيه ها هنا: حاكم تارك لحكم الله داخل في غيره، يبتغي الحكم عند أرباب الجاهلية وقد انعقدت إراداته، وتواطأت سلطته، تصريحاً وتنفيذاً على التحاكم إلى طواغيت الحكم، وليس وراء ترك حكم الله سوى التحاكم إلى الطاغوت، وابتغاء حكم الجاهليّة كما قال تعالى {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يُوقِنُونَ} [سورة المائدة: 50]... هذا التارك: نابذٌ للحق فاعل للباطل، خارج من مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله داخل في تأليه الطاغوت... فإن هو بدّل ولو في حكم واحد، مع كون الأصل عنده حكم الله فقد كفر وأشرك. وكفره وشركه هو من جهة تشريعه من دون الله، ومنح نفسه خصيصة هي من أخصّ خصائص الإلاهيّة، ولأنّه -بتبديله هذا- دلّل على عدم رضاه بحكم الله، وأنّه لا يسلم بصحّته وأحقّيته. وكذا إن استحلّ ترك حكم الله ولو في واقعة، أو جحد حكم الله ولو في مسألة...» وفي ردّه على مرجئة العصر الذين يردّون كفر الحكّام ببعض الشبه يقول الشيخ: «أولم يكفهم تنحية هؤلاءّ الحكّام لشريعة الله وإحلالهم قوانين الضلال محلّها، وهذه الحرب المعلنة والخفيّة -على الشريعة ودعاتها- التي لا تتوقّف رحاها، أليس ذلك أشنع من الجحد المحض الذي هو مجرّد اعتقاد قلبي لا يتبعه عمل ولا غيره؟؟ وكذلك استحلال الحكم بغير ما أنزل الله: كما أنّه يكون صريحاً، كذلك يكون ضمنيّاً، إذ يعتبرون شرائع أخرى غير الشريعة الإسلامية من المصادر الشرعية التي يستقون منها قوانينهم. فأقلّ ما يقال: إنّهم أباحوا الأخذ عن مصادر أخرى وأحلّوا التشريع والحكم لغير الله والرسول صلي الله عليه وسلم، وقد يكون استحلالهم للحكم بغير ما أنزل الله بغير لفظ الحلّ أو الإباحة ولكن يرون أنّ هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنّة... وإذا تبّين لك هذا، فإنّ الحاكم المستبدل كافر كفراً أكبر مخرجاً له من الملّة غير مأسيّ عليه ولا كرامة، وذلك لوجوه من التكفير على قواعد أهل السنّة ذكرتها في مواضع من كتبي، واقتصرت هنا على خمسة منها فقط وإنّي مذكّرك بها مجموعةً ها هنا:
- الوجه الأوّل: أنّ التشريع هو من أخصّ خصائص الإلاهيّة، فمن منح نفسه أو غيره هذا الحقّ فقد جعل نفسه أو ذلك الغير ندّاً لله ربّ العالمين.
- الوجه الثاني: تحليل ما حرّم الله وتحريم ما أحلّ، وهذا وجه في التكفير لا ينكره إلا جاهل أو مكابر.
- الوجه الثالث: أنّ المبدّل شاكّ في أفضليّة حكم الله، مستحسن حكم غيره مقدّم لآرائه أو لآراء ذلك الغير بين يدي الله تعالى ورسوله صلي الله عليه وسلم، مستقبل تشريع المخلوقين، مستدبر تشريع أحسن الخالقين.
- الوجه الرابع: أنّ الشرك في التشريع مناقض للتوحيد كلّه، لأنّه يقتضي جحد ربوبيّة الله، ومنازعته سبحانه في ألوهيّته، ومضاهاة بعض خلقه به في أسمائه وصفاته.
- الوجه الخامس: أنّه لا يسع المخلوق -وإن ملكاً مقرّباً، أو نبيّاً مرسلاً- أن يخالف وحي الله... وبهذا البيان يتمّ المراد، والحمد لله ربّ العالمين.»
إختصرتُ هذه الفتوى من رسالة خاصّة بعنوان: «الحكم بغير ما أنزل الله بين الترك والتبديل»

 الشيخ محمد بوالنيت (المغربي) رحمه الله تعالى قال: «إنّ مجرّد تسويغ الحكم بغير ما أنزل الله تعالى، أو تسويغ التحاكم إلى غير شرع الله تعالى أو عدم الالتزام بالتحاكم إلى شرع الله تعالى، أو تبديله بغيره كفر، لأنّ التبديل استحلالٌ بنفسه، فاحفظ هذا تنجُ من شبه الإرجاء والمرجئة».

 الشيخ سليمان بن ناصر بن عبدالله العلوان حفظه الله تعالى قال: «إنّ كفر الحاكم بغير ما أنزل الله أخفّ من كفر من كفر بالله وملائكته.. ولا يعني هذا أنّ الحاكم مسلم وأنّ كفره كفر أصغر، كلاّ بل هو خارج عن الدين لتنحيته الشرع، وقد نقل ابن كثير الإجماع على هذا، فانظر البداية والنهاية 13/119».

قال الشيخ علي الخضير في خاتمة رسالته الممتعة الوجازة في شرح الأصول الثلاثة : "- من حكم بغير ما أنزل الله وهذا هو الطاغوت الخامس وهو على أقسام :
أ- أن يحكم بغير ما أنزل الله وهذا هو الطاغوت الخامس مع اعتقاد أن هذا الذي حكم به مثل حكم الله أو أحسن من حكم الله أوأنه يجوز أن يحكم به فهذا كفر أكبر والدليل قوله تعالى : { أفحكم الجاهلية يبغون } وقوله : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ، وهذه مرت بالنواقض العشر.
ب- أن يحكم بغير ما أنزل الله أحياناً في قضايا معينة قليلة ليس عن قانون ولا تعميم ولا لائحة ولا نظام ولا عرف أو تقليد وهو يعرف أن هذا الذي حكم به باطل ولا يجوز ، ولكنه في باب الشهوة والهوى أو الرشوة ، فهذا كفر دون كفر مثاله كأن يكون هنا قاض يحكم بين الناس بالشرع وهو دائماً يحكم على السارق إذا ثبتت عليه السرقة بالقطع وعلى من شرب الخمر بالحد هذا فعله دائماً لكن في بعض الأحيان القليلة إذا جاءه سارق قريب له أو أعطاه شيئاً من المال وقد ثبتت عليه السرقة لم يحكم بقطع يده وإنما حكم عليه بالسجن والتعزير هوى لا عن قانون ولا تعميم ولا لائحة ولا نظام ولا عرف ونحو ذلك ، وهو يعرف في قرارة نفسه أنه مخطئ لكن الهوى والمجاملة دفعه لذلك ، فهذا يعتبر من الكفر الأصغر والدليل يحمل عليه قول ابن عباس أنه كفر دون كفر إن صح ، ويحمل عليه ما صح عن التابعين أنه كفر دون كفر وهو قول أبي مجلز التابعي لما ناقش الخوارج حول آية { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } .
ج- من يعرف أنه مخطئ ولكن كثيراً ما يحكم بغير ما أنزل الله وهو نفس المثال السابق لكن بدل القول ( في قليل من القضايا ) يكون في كثير من قضاياه يحكم بغير ما أنزل الله . فالقاضي الذي يحكم على السارق بالقطع أحياناً وإلاّ فأكثر السراق يحكم عليهم بغير حكم الله فهذا حكمه كفر أكبر وأدلته أدلة القسم الأول . وأشد منه الذي يحكم في كل القضايا بغير ما أنزل الله حتى ولو كان يعرف أنه مخطئ وأن حكم الله سبحانه أحسن ، وهذا التقسيم في حكم من حكم بغير ما أنزل الله .
د- القاضي الذي يحكم بما أنزل الله لكن في بعض القضايا يحكم بالقانون وباللائحة وبالتعميم وبالنظام أو العرف والتقليد والسلوم ولو مرة واحدة وهو يعرف أنه مخطئ فهذا يكفر ولو كان كل عمره يحكم بما أنزل الله لكن في قضية واحدة حكم من أجل قانون أو تعميم ونحو ذلك يخالف شرع الله فهذا يكفر .
والفرق بين هذا وبين القاضي الذي يحكم بما أنزل الله لكن في قليل من القضايا يحكم بها شهوة :- أن الذي يحكم بالقانون أو التعميم يتضمن الرضى بالقوانين الوضعية .
مسألة : وهو المشرع وليس بقاض يسن القوانيين وهو لا يحكم بها فهذا طاغوت ، ولو سموا أنفسهم هيئة استشارية ونحو ذلك فالعبرة بالمعاني والحقائق لا بالألفاظ
مسألة : وشروط تسمية الشيء تشريعا سواءً أكان قانونا أو غيره :
أ ـ أن يعين من ذي سلطة كالملك والرئيس والأمير والمدير العام ورئس اللجنة .
ب ـ أن يعين إلى أناس من شأنهم أن ينفذون كالشرطة والموظفين والقضاة.
ج ـ أن يكون بألفاظ عامة مثل إذا جاءكم سارق فيؤخذ منه غرامة ، أما إذا كان بلفظ خاص كأن يقول إذا جاءكم محمد وقد سرق فاتركوه فهذا من الظلم وليس من التشريع العام .
* وإذا اجتمعت هذه الثلاثة الشروط سُمى تشريعا ولا يشترط أن يكون تحريريا بل ولو كان شفويا أو عرفا جاريا أو عادة متبعة .
مسألة : عرفنا حكم من حكم بغير ما أنزل الله بقي حكم من تحاكم إلى غير ما أنزل الله كالذي يتحاكم إلى المحاكم غير الشرعية ؟ على نفس التقسيم السابق كالتالي :
أ- إن ذهب إلى المحاكم الوضعية وهو يعتقد أنها أفضل أو مثل ما أنزل الله أو أنه يجوز الذهاب إليها فهذا كفر أكبر : { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون } وقال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )
ب- يذهب إلى المحاكم الشرعية سواء أغلب ذهابه أو أقل ذهابه (فلا فرق) بمعنى كل من ذهب إلى المحاكم الوضعية باختياره ورغبة منع عالما بأنها وضعية فهو يكفر كفرا مخرجا من الملة ، قال تعالى : { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم أمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت } .
6- هذا الصنف السادس لم يذكره المصنف في هذا الكتاب لكنه ذكره في رسالته عن الطواغيت ورؤوسهم وهو الحاكم الجائر المغير لأحكام الله ويقصد به من يُشَرع وهذا القسم كافر بإطلاق وليس فيه تفصيل ولو شرع حكماً واحداً يضاد به حكم الله حتى ولو كان يعتقد في قرارة نفسه أن ما شرعه لا يجوز أن يحكم به أو أن حكم الله أفضل فلا عبرة باعتقاده ، فالكفر مناط بفعله وهو التشريع بغض النظر عن ما في قلبه ويدل عليه قوله تعلى : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } قال تعالى { فلا تجعلوا لله أنداداً } .
ثم ذكر المصنف الدليل على وجوب الكفر بالطاغوت قوله تعلى : { لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها .. } والآية فيها معنى لا إله إلا الله وهو معنى الكفر بالطاغوت ثم ختم الشيخ – رحمه الله تعالى – هذه الرسالة برد العلم إلى الله – عز وجل – والصلاة والسلام على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ..



الجلسات اليومية للشيخ المحدث سليمان بن ناصرالعلوان من 1 - 15
فضيلة الشيخ ما هو تعريف الإيمان عند أهل السنة ؟ وما هي نوا قضه ؟

الجواب : الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإيمان قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح يزيد وينقص وهذا الذي اتفق عليه الصحابة والتابعون وأهل السنة .

والمقصود من قول القلب هو اعتقاده ، وعمل القلب هو نيته وإخلاصه .

وقد حكى الإمام الشافعي إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم أن الإيمان قول وعمل ونية لا يجزئ واحد من الثلاثة عن الآخر .

وقال البغوي رحمه الله . اتفقت الصحابة والتابعون فمن بعدهم من علماء السنة على أن الأعمال من الإيمان وقالوا : إن الإيمان قول وعمل وعقيدة يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية على ما نطق به القرآن في الزيادة وجاء في الحديث بالنقصان في وصف النساء .

وقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن تارك جنس العمل مطلقاً كافر والمراد بجنس العمل أعمال الجوارح فلا يجزئ التصديق بالقلب والنطق باللسان حتى يكون عمل الجوارح .

وقال الآجري رحمه الله في كتابه الشريعة . اعلموا أنه لا تجزئ المعرفة بالقلب والتصديق إلا أن يكون معه الإيمان باللسان نطقاً ولا يجزئ معرفة بالقلب ونطق باللسان حتى يكون عمل بالجوارح فإذا كملت فيه هذه الخصال الثلاث كان مؤمناً دل على ذلك القرآن والسنة وقول علماء المسلمين .

وقال رحمه الله . فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان فمن لم يصدق الإيمان بعمله بجوارحه مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه ورضي من نفسه بالمعرفة والقول لم يكن مؤمناً ولم تنفعه المعرفة والقول وكان تركه للعمل تكذيباً لإيمانه وكان العمل بما ذكرناه تصديقاً منه لإيمانه .. ) .

وقد حكى إسحاق بن راهويه . إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة قال تعالى { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } وقال r بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ، رواه مسلم من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ومن طريق ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير عن جابر .

وقال سفيان بن عينية : المرجئة سموا ترك الفرائض ذنباً بمنـزلة ركوب المحارم ، وليسا سواء لأن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية .

وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر وبيان ذلك في أمر آدم و إبليس وعلماء اليهود الذين أقروا ببعث النبي صلى الله عليه وسلم بلسانهم ولم يعملوا بشرائعه .

وقال إسحاق . غلت المرجئة حتى صار من قولهم إن قوماً يقولون : من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج وعامة الفرائض من غير جحود لها لا نكفره يرجى أمره إلى الله بعد إذ هو مقر . فهؤلاء الذين لا شك فيهم أنهم مرجئة .

وذكر الخلال في السنة عن الإمام الحميدي عبد الله بن الزبير أنه قال . أخبرت أن قوماً يقولون . إن من أقر بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت أو يصلي مسند ظهره مستدبر القبلة حتى يموت فهو مؤمن مالم يكن جاحداً إذا علم أن تركه ذلك في إيمانه إذا كان يقر بالفروض واستقبال القبلة . فقلت هذا الكفر بالله الصراح وخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وفعل المسلمين قال الله عز وجل { حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ } . قال حنبل قال أبو عبد الله أحمد أو سمعته يقول من قال هذا فقد كفر بالله ورد على الله أمره وعلى الرسول ما جاء به .










قديم 2012-04-21, 09:37   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
محمد سعيد زعلان
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

وهذا قول كل أهل السنة والجماعة فهم متفقون على ما جاء في الكتاب والسنة أن تارك أعمال الجوارح مطلقاً كافر بالله خارج عن الإسلام . قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في آخر رسالته كشف الشبهات : ولا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلماً .. ) .

وخالف في ذلك غلاة الجهمية والمرجئة فزعموا أنه لا يكفر تارك جنس العمل مطلقاً وقد تقدم بيان فساده ومخالفته للكتاب والسنة والإجماع .

وزعموا أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح لا يكفر حتى يجحد أو يستحل . و هذا باطل ليس عليه أثارة من علم .

فمناط الكفر هو مجرد القول الذي تكلموا به وقال تعالى { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ } وقد دل الكتاب والسنة على فساد هذا القول فقال تعالى { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكمَ }.

وقد أجمع أهل العلم على أن سب الرسول r كفر دون اشتراط البغض أو الاستحلال .

وأجمع العلماء أن السجود للأصنام أو الطواف على القبور كفر دون ربط ذلك بالاستحلال .

وأجمع العلماء على أن تعمد إلقاء المصحف بالقاذورات كفر دون اشتراط الاستحلال .

وهذا كله ينقض أصول الجهمية والمرجئة ويبطل قولهم في مسألة الإيمان .

وقد جاء في سؤال الأخ طلب بيان نواقض أصل الإيمان وهي كثيرة وقد تقدمت الإشارة إلى شيء منها :-

كترك جنس العمل مطلقاً
وترك الصلاة بالكلية
و الطواف على القبور والسجود للأصنام
و إلقاء المصحف في القاذورات
و دعاء غير الله
و التقرب بالذبح لغير الله
و النذر للأولياء.
و سب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم
و الاستهزاء بالدين .
و تبديل شرع الله ووضع القوانين الوضعية وإقامتها مقام حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم وقد قال تعالى { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } .
فمناط الكفر في هذه الآية هو ترك حكم الله والإعراض عنه وسبب نزول الآية يقضي بكفر من ترك حكم الله واعتاض عنه بغيره من أحكام البشر .

والكفر إذا عرف باللام فيراد به الكفر الأكبر .وما روي عن ابن عباس من كونه كفراً دون كفر فلا يثبت عنه وقد بينت نكارته في غير موضع وأبنت أن المحفوظ عنه إطلاق الكفر على من حكم بغير مـا أنزل الله ، وقد سئل ابن مسعود عن الرشوة فقال من السحت فقيل لـه أفي الحكم قال ذاك الكفر ثم تلا هـذه الآية { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } وهذا أثر صحيح رواه ابن جرير في تفسيره ورواه أبو يعلى في مسنده و البيهقي و وكيع في أخبار القضاة .

فمن حكم بهذه القوانين الوضعية والتشريعات الجاهلية أو قننها أو شارك في تشريعها أو فرضها على العباد وألزم بالتحاكم إليها وأعرض عن شرع الله والتحاكم إليه أو استخف بمن ينادي بتحكيم الكتاب والسنة فإنه كافر بالله العظيم وأي كفر أكبر من الإعراض عن شرع الله والصد عنه ومحاكمة من دعا إليه ولمزه بالرجعية والتخلف عن الحضارة والمناداة عليه بالجهل وسوء الفهم .

ومن عظيم نفاق هؤلاء المشرّعين أنهم إذا دعوا إلى حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم أعرضوا عن ذلك وصدّوا واستكبروا استكباراً وقد صرح أحدهم بأن حكم الله غير مناسب لمثل عصرنا فنحن في عصر التطور والحضارة ومجاراة الدول الأوربية بينما تحكيمُ الشريعة يعود بنا إلى الوراء والتخلف ، وهذا لسان حال الجميع من محكمي القوانين وإن لم يتكلم به أكثرهم والأفعال شاهدة على القلوب والأقوال ولا أدل من ذلك محاربتهم للناصحين وإقصاؤهم شرع رب العالمين .

وإعطاؤهم المخلوق حق التشريع بحيث تعرض الأحكام الشرعية القطعية على البرلمان فما أجازه فهو نظام الدولة وما حضره فهو ممنوع .

وهذا الصنيع إعتداء كبير على التشريع الإلهي وتطاول على الأحكام القطعية ولا ريب أن هذا منازعة لله في حكمه وحكمته وإلاهيته .

وتقييد الكفر بالجحود أو الاستحلال لا أصل لـه فإن الجحود أو الاستحلال كفر ولو لم يكن معه تحكيم القوانين .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المجلد الثالث من الفتاوى : متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه أو بدّل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء .

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية في ترجمة جنكيز خان . من ترك الشرع المحكم المنـزل على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه من فعل هذا كفر بإجماع المسلمين .

قال تعالى { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } وقال تعالى { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً } .

فإن قيل إن الحاكم بغير ما انزل الله لا يفضل القانون على حكم الله بل يعتقد أنه باطل ، فيقال :
هذا ليس بشيء ولا يغير من الحكم شيئاً فان عابد الوثن مشرك ومرتد عن الدين وإن زعم أنه يعتقد أن الشرك باطل ولكنه يفعله من أجل مصالح دنيوية قال تعالى { وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً } .

والاعتذار عن هؤلاء المشرعين المعرضين عن الدين بأنهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
يقال عنه : بأنّ المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار يشهدون الشهادتين ويصلون ويصومون ويحجون وليس هذا بنافع لهم .

والذين يطوفون حول القبور ولها يصلون وينذرون ويذبحون يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وقد قال تعالى { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ }.
والذين قالوا ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه ونزل القرآن ببيان كفرهم . كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويصومون ويجاهدون .
والرافضة الإثنا عشرية الذين يسبون الصحابة ويزعمون ردة أبي بكر وعمر وعثمان ويقذفون عائشة بالإفك يتكلمون بالشهادتين .
والسحرة والكهان والمنجمون يلفظون بالشهادتين .
وبنوعبيد القداح كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويبنون المساجد وقد أجمعت الأمة على كفرهم وردتهم عن الإسلام .
وهذا أمر يعرفه صغار طلبة العلم ناهيك عن كبارهم وقد صنف أهل العلم كتباً كثيرة في الردة و نوا قض الإسلام يمكن مراجعتها في مضانها .

وأهل العلم والسنة يفرقون بين ذنب ينافي أصل الإيمان وبين ذنب ينافي كماله الواجب فلا يكفرون بكل ذنب .

وقد أجمعوا على أنه لا يكفر صاحب الكبيرة ما لم يستحلها فلا يكفر المسلم بفعل الزنا وشرب الخمر وأكل الربا لأنه هذه المحرمات لا تنافي أصل الإيمان .

والحديث عن هذه المسألة يطول ذكره وقد تحدثت عن هذه القضية في غير موضع وبينت كفر تارك أعمال الجوارح مطلقاً وردة المبدّلين لشرع الله المعرضين عمّا جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم . بيد أني أقول إن الحديث عن هذه المسألة وغيرها من النواقض هو حديث عن النوع دون العين بمعنى أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح كفر وهذا ليس بلازم منه تكفير المعين ، لأنه لا يحكم على العين بالكفر حتى تقام عليه الحجة وتنتفي عنه الشبهة لاحتمال أن يكون جاهلاً جهلاً معتبراً أو متأولاً تأويلاً سائغاً أو مكرهاً . وحين تقوم عليه الحجة وتنتفي عنه موانع التكفير يصبح حينئذ مرتداً عن الدين ويجب على ولىّ أمر المسلمين تطبيق حكم الله فيه . ويمتنع على آحاد الناس إقامة الحدود والأحكام دون السلطان فان هذا يسبب فوضى في المجتمع ولا يحقق المصلحة المطلوبة .

وللحديث بقية لعلي أتحدث عنه في جلسة أخرى .

وأشير إلى أسباب الضلال في هذا الباب ومواطن الزلل في كلام كثير من المعاصرين .

فقد زلّ في هذه المسألة الكبيرة طائفتان :-
1. الخوارج حيث أخرجوا عصاه الموحدين من الإسلام وجعلوا ذنباً ما ليس بذنب ورتبوا على ذلك أحكام الكفر ولم يراعوا في ذلك الأحكام الشرعية ولا المطلق من المقيد ولا موانع التكفير .

2. وقابلهم في هذا الضلال أهل الإرجاء حيث زعموا أنه لا يكفر أحد بذنب مهما كان ذنبه حتى يستحل أو يجحد .

وقد دل الكتاب والسنة والإجماع على فساد هذين المذهبين وعلى ضلال تلك الطائفتين .
وأختم بمسألة مهمة وأنبه على أنه ليس كل من شابه المرجئة بقول أصبح مرجئاً ولا كل من دان بقول من أراء الخوارج صار خارجياً فلا يحكم على الرجل بالإرجاء المطلق ولا أنه من الخوارج حتى تكون أصوله هي أصول المرجئة أو أصول الخوارج .

وقد يقال عن الرجل فيه شيء من الإرجاء في هذه المسألة وذاك فيه شيء من مذاهب الخوارج .

وحذار حذار من الظلم والبغي حين الحديث عن الآخرين من العلماء والدعاة والمصلحين وغيرهم . فالعدل في القول والفعل من صفات المؤمنين وهو مما يحبه الله ويأمر به قال تعالى { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا } ، وقال تعالى { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان } .

وقد اتفق الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم إنسهم وجنهم على حب العدل .

واتفق الناس كلهم على بغض الظلم وذمه وبغض أهله وذمهم ومهما كانت منـزلة عدوك من الانحراف والضلال فهذا لا يسّوغ لك ظلمه وبهته . فكن من خير الناس للناس ولا تتحدث عن الآخرين إلا بعلم وعدل واجعل قصدك نصرة الحق والنصيحة للآخرين . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت . متفق عليه من حديث أبي هريرة

-----------------------------------

هل تراجع الشيخ محمد بن إبراهيم عن تكفيره مَنْ ألزم الناس بالتحاكم إلى القانون الوضعي؟
ذكر الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله في رسالته (تحكيم القوانين) أن الحالات التي يكون فيها الحكم بغير ما أنزل الله تعالى كفراً أكبر قوله : وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه ، ومشاقة الله ورسوله ، مضاهاة بالمحاكم الشرعية إعداداً وإمداداً وإرصاداً وتأصيلاً ، وتفريغاً وتشكيلاً ، وتنويعاً وحكماً وإلزاماً ، ومراجع ومستندات . فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع ومستندات ، مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلهذه المحاكم مراجع هي : القانون الملفق من شرائع شتى ، وقوانين كثيرة كالقانون الفرنسي ، والقانون الأمريكي ، والقانون البريطاني ، وغيرها من القوانين ، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك . فهذه المحاكم الآن ، في كثير من أمصار الإسلام ، مهيأة مكملة ، مفتوحة الأبواب ، والناس كلها أسراب إثر أسراب ، يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب ، من أحكام ذلك القانون وتلزمهم بها ، وتقرهم عليه ، وتحتمه عليهم ، فأي كفر فوق هذا الكفر ؟ . وقال رحمه الله في جواب آخر : وأما الذي قيل فيه كفر دون كفر ، إذا حاكم إلى غير الله مع اعتقاد أنه عاص وأن حكم الله هو الحق ، فهذا الذي يصدر منه المرة ونحوها ، أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع فهو كفر ، وإن قالوا أخطأنا وحكم الشرع أعدل . السؤال : أليس كلام الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم صحيحاً متسقاً ومنضبطاً مع قواعد أهل السنة ؟ وهل للشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى كلام آخر يخالف ما سبق إيراده ؟ فقد ذكر أحد المؤلفين في كتابه (الحكم بغير ما أنزل الله وأصول التكفير) أن للشيخ محمد بن إبراهيم كلاماً آخر وقال ما نصه : وقد حدثني فضيلة الشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن آل جبرين حفظه الله أن له – أي الشيخ محمد بن إبراهيم – كلاماً آخر ... إلخ ص 131 .

الحمد لله
أجاب على هذا السؤال فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن آل جبرين حفظه الله فقال :
"شيخنا ووالدنا سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ كان شديداً قوياً في إنكار المحدثات والبدع ، وكلامه المذكور من أسهل ما كان يقول في القوانين الوضعية . وقد سمعناه في التقرير يشنع ويشدد على أهل البدع وما يتبعون فيه مِنْ مخالفةٍ للشرع ، ومِنْ وضعهم أحكاماً وسنناً يضاهئون بها حكم الله تعالى ، ويبرأ من أفعالهم ويحكم بردتهم وخروجهم من الإسلام ؛ حيث طعنوا في الشرع ، وعطلوا حدوده ، واعتقدوها وحشية كالقصاص في القتلى ، والقطع في السرقة ، ورجم الزاني ، وفي إباحتهم للزنى إذا كان برضا الطرفين ونحو ذلك ، وكثيراً ما يتعرض لذلك في دروس الفقه والعقيدة والتوحيد .
ولا أذكر أنه تراجع عن ذلك ، ولا أن له كلاماً يبرر فيه الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ، أو يسهل فيه التحاكم إلى الطواغيت الذين يحكمون بغير ما أنزل الله . وقد عدهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من رؤوس الطواغيت ، فمن نقل عني أنه رجع رحمه الله عن كلامه المذكور فقد أخطأ في النقل . والمرجع في مثل هذا إلى النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ، وكلام أجلة العلماء عليها ، كما في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ) النساء/60 ، وشروحه لأئمة الدعوة رحمهم الله تعالى وغيره من المؤلفات الصريحة . والله أعلم .
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .
"فتاوى علماء البلد الحرام" (ص 49- 51) .
الإسلام سؤال وجواب










قديم 2012-04-21, 09:39   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
محمد سعيد زعلان
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الإسلام سؤال وجواب


رد الشيخ الشعيبى على مرجئة العصر بقولهم عدم تكفير المبدل إلا بالجحود أو بالأستحلال



أملاه؛ أ. حمود بن عقلاء الشعيبي
الأستاذ - سابقا - بكلية الشريعة وأصول الدين
بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
فرع القصيم
20/4/1421 هـ


رد الشيخ العلامة حمود الشعيبى على مرجئة العصر فى قولهم بعدم تكفير المبدل للشرع بالقوانين الوضعية إلا بالجحود أو بالأستحلال
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إله الأولين والآخرين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الصادق الأمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد...

فقد اطلعت على مجموع مقالات خالد العنبري، فاتضح لي من قراءتي لهذه المقالات وبعض كتبه أنه مرجئ محض من المرجئة الخلّص الذين ينتمون إلى مدرسة الجهم بن صفوان في الإرجاء.

تلك المدرسة التي من أصولها؛ أن أحداً لا يكفر إلا بالجحود والاستحلال، أما من عرف الله وأقر به؛ فإنه لا يكفر ولا يخرج من الملة، وهذه الضلالة انتشرت في هذا العصر، وما كان هذا الانتشار إلا بسبب هذا وأمثاله من مرجئة العصر، فضلوا وأضلوا.

ولقد اجترأ خالد العنبري على الكذب والافتراءات على علماء الأمة وأئمتها الذين يرون كفر من يحكّم القوانين الوضعية.

من هؤلاء الأئمة شيخنا الشيخ الإمام المجاهد محمد بن إبراهيم آل الشيخ يرحمه الله، فقد موّه العنبري وحرف وتصرف في كلام شيخنا وكذب عليه عدة مرات - كما سوف يتضح بعد قليل - وأراد أن يوهم الناس أن الشيخ؛ يرى أن الحكم بالقوانين الوضعية فيه تفصيل، وأنه لا يكفر إلاّ إذا جحد واعتقد واستحل فقط، وإن حكم بالقوانين الوضعية من غير ذلك؛ فهو غير كافر.


* * *

أما افتراؤه فهو كالتالي...
الافتراء الأول؛

ذكر العنبري في كتابه "الحكم بغير ما أنزل الله وأصول التكفير" [ص: 131] عن رسالة الشيخ محمد بن إبراهيم "رسالة تحكيم القوانين"، قال: (إن في هذه الرسالة ما يدل دلالة واضحة على التفصيل)، ويقصد بـ "التفصيل" هو ما يذهب إليه العنبري؛ أن الحكم بالقوانين الوضعية لا يكفر صاحبه إلا بالجحود والاستحلال.

والنص الذي نقله كالتالي: (فانظروا كيف سجل الله تعالى على الحاكمين بغير ما أنزل الله الكفر والظلم والفسوق، ومن الممتنع أن يسمى الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافراً، ولا يكون كافراً، بل هو كافر مطلقاً - إما كفر عملي وإما اعتقادي - وما جاء عن ابن عباس في تفسير هذه الآية من رواية طاووس وغيره، يدل؛ على أن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر، إما كفر اعتقادي ناقل عن الملة وإما كفر عملي لا ينقل عن الملة...) انتهى ما نقله بحروفه.

وترك ما نقله وكتبه الشيخ في القوانين الوضعية بعد هذا، حيث قال الشيخ: (أما الأول وهو كفر الاعتقاد، فهو أنواع؛

أحدها: أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله.

الثاني: ألا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كون حكم الله ورسوله حقاً، لكن اعتقد أن حكم غير الرسول صلى الله عليه وسلم أحسن من حكمه وأتم وأشمل.

الثالث: أن لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله.

الرابع: أن لا يعتقد كون حكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله فضلاً عن كونه أحسن منه، لكن اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله.

الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه ومشاقة لله ورسوله ومضاهاة بالمحاكم الشرعية - إعداداً وإمداداً وإرصاداً وتأجيلاً وتفريعاً وتشكيلاً وتنويعاً وحكماً وإلزاماً ومراجع ومستندات - فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع ومستندات مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجع هي القانون الملفق من شرائع شتى وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي والقانون الأمريكي والقانون البريطاني وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك...).

إلى أن قال: (فأي كفر فوق هذا الكفر وأي مناقضة للشهادة بأن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة؟) انتهى.

فانظر إلى العنبري يريد بنقله السابق أن يوحي إليك؛ أن الشيخ لا يكفر بالقوانين الوضعية، مع أنه هنا قال فيها: (وأي كفر فوق هذا الكفر؟)، أي الحكم بالقوانين الوضعية.

* * *

الافتراء الثاني؛

أن العنبري قال في مقالاته - المقال الأول - قال: (فقد ألفيت كلام الشيخ - أي محمد بن إبراهيم - الآخر في فتاواه [1/80]، إذ يقول في كلام أوضح من أن يوضح مؤرخ في 9/1/1385 هـ، أي بعد طباعة "رسالة تحكيم القوانين" بخمس سنين).

وسوف ننقل كلام الشيخ محمد بعد قليل، لكن المقصود؛ أنه هنا أراد أن يُقنع القارئ أن الشيخ تراجع عن فتواه في القوانين الوضعية، ولذا ذكر التاريخ بعده بخمس سنوات، فالمتأخر ناسخ ومبطل للقول الأول، في حين أنه في نفس المقال قال: (وأنا لم أقل أن الشيخ تراجع)، وبعده بأسطر يقول؛ أن الشيخ تراجع! ليوهم أنه فعلاً تراجع فيدعي عدم القول بالتراجع، ثم يكذب على الشيخ محمد بأنه تراجع بعد رسالته في تحكيم القوانين بخمس سنين.

* * *

الافتراء الثالث؛

أنه لما نقل التراجع الذي يزعمه في فتاوى الشيخ محمد [1/80]، قال العنبري نص التراجع هو: (وكذلك تحقيق معنى محمد رسول الله من تحكيم شريعته والتقيد بها ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي من حكم بها أو حاكم إليها معتقداً صحة ذلك وجوازه؛ فهو كافر، الكفر الناقل عن الملة، وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو كافر الكفر العملي، الذي لا ينقل عن الملة).

قال العنبري: (فهذا التفصيل المبين من الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم رحمه الله هو الذي بنيت عليه كتابي، وواجهت به المكفرين للحاكم بإطلاق) اهـ.

فيجاب عن هذا الافتراء بأجوبة:

1) كيف أن الشيخ يتراجع ولا يعلم ولا يشتهر تراجعه بين طلابه وبين الناس؟!

2) ولو كان هناك تراجع لما خفي على الشيخ محمد بن عبد الرحمن القاسم - جامع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم وكتبه - على ذلك، بل إنه ذكر "رسالة تحكيم القوانين" في أجزاء لاحقة من الفتاوى.

بل إن تلميذه الجامع للفتاوى نقل تقرير للشيخ محمد في [12/280]، قال الشيخ محمد: (والقوانين كفر ناقل عن الملة، اعتقاد أنها حاكمة وسائغة، وبعضهم يراها أعظم).

ثم قال: (أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع؛ فهو كفر، وإن قالوا؛ أخطأنا وحكم الشرع أعدل، ففرق بين المقرر والمثبت، والمرجع جعلوه هو المرجع، فهذا كفر ناقل عن الملة).

ونقل القاسم أيضاً [12/284]، تحت عنوان "تحكيم القوانين من الكفر الأكبر"، ثم نقل نفس "رسالة تحكيم القوانين"، فلو كان هناك تراجع لبيّنه أو حذف هذه الرسالة، ولم يجعلها في أجزاء بعد الجزء المزعوم أن فيه تراجع.

3) كيف يكون الشيخ تراجع عن فتوى عامة ظهرت وانتشرت، فيتراجع عنها في رسالة خاصة بعثها إلى جمعية خاصة؟! كان الأولى أن يتراجع في رسالة عامة، فإن النص الذي ادعى فيه العنبري أنه تراجع هو ضمن رسالة جوابية خاصة كتبها إلى "جمعية العلماء المركزية في دلهي"، وقد أثنى على الجمعية وأنها تهدف للإصلاح.

4) ثم "رسالة تحكيم القوانين" طبعت عدة مرات، فلو كان هناك تراجع لما أعيد طبعها.

5) أن الشيخ عبدالله بن جبرين حفظه الله - وهو من طلاب الشيخ - أنكر على من قال أن الشيخ محمد بن إبراهيم تراجع، كما في تعقيبه على كلام العنبري، وهو منقول في مقال العنبري الأول.

6) وكذا "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء" في فتواها في تاريخ [24/10/1420 هـ] ضد كتاب العنبري، قالت؛ أن في كتاب العنبري الحكم بغير من أنزل الله فيه الكذب على أهل العلم، وذلك في نسبته للعلامة الشيخ محمد ابن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله ما لم يقله.

نعود الآن إلى النص الذي ادعى فيه العنبري التراجع، ونذكر مناسبته ونصه كاملاً، وهي موجودة في فتاوى الشيخ محمد [1/78]، وهي رسالة جوابية أرسلها السكرتير العام لـ "جمعية العلماء المركزية" / دلهي، حيث قرر المجلس التنفيذي للجمعية أن يتصل بالهيئات الإسلامية ليستنير بآراء رجالها وما وضعوه من قوانين في سبيل الإصلاح الديني والاجتماعي الذي يتلاءم مع التعاليم والأخلاق الإسلامية، تمهيداً لإصدار قوانين إصلاحية شاملة للنهوض بالمسلمين في الهند.

ثم سألوا الشيخ محمد عن أسئلة فقهية لكي يستنيروا برأيه فيها، فأجاب عن المسائل الفقهية، لكن جعل مقدمة قبلها، فقال قبل الشروع في الجواب: (أحب أن أقدم مقدمة مختصرة مهمة؛ وهي أنه مما يسرنا ويسر كل مسلم غيور على دينه أن يتكون من الجمعيات العامة التي تهدف إلى إصلاح الأوضاع والتمسك بأصل الدين وتعاليمه الشريفة ومحاربة كل ما خالف الشريعة الإسلامية من البدع والخرافات والدجل، وكذلك ما هو أهم من ذلك ما يدخله الملحدون والزنادقة والمستشرقون وغيرهم في أفكار بعض المسلمين في تشكيكهم في أصل دينهم وتضليلهم عن سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وشريعته وتحكيم القوانين الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية، وأهم من ذلك معرفة أصل التوحيد الذي بعث الله به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وتحقيقه علماً وعملاً ومحاربة ما يخالفه من الشرك الأكبر الذي يخرج من الملة أو من أنواع الشرك الأصغر، وهذا هو تحقيق معنى لا إله إلا الله، وكذلك تحقيق معنى محمد رسول الله من تحكيم شريعته والتقيد بها ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي من حكم بها أو حاكم إليها معتقداً صحة ذلك وجوازه؛ فهو كافر الكفر الناقل عن الملة، وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو كافر الكفر العملي الذي لا ينقله عن الملة) انتهى بحروفه.

فالشيخ محمد تكلم مرتين عن القوانين، في المرة الأولى قال: (القوانين)، وأضاف إليها: (الوضعية)، وجعلها مما يدخله الملحدون والزنادقة والمستشرقون على المسلمين، فجعل القوانين الوضعية من عمل الملاحدة والزنادقة، وحث الجمعية على محاربته حماية للمسلمين، وجعل ذكر القوانين الوضعية هنا من باب تحقيق الألوهية، ومن باب تحقيق معنى لا إله إلا الله.

أما المرة الثانية التي نقل فيها القوانين؛ فهي في معنى تحقيق أن محمداً رسول الله، والملاحظة أنه لم يضف كلمة وضعية، إنما أضاف معها أشياء أخرى مثل القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان، فأراد بالقوانين والأوضاع؛ هي البدع التي يضعها المبتدعة التي تناقض تحقيق متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وجعل في هذه القوانين والأوضاع تفصيلاً، لأنها من باب البدع.

فالقوانين ذكرها مرتين، مرة في معنى تحقيق لا إله إلا الله، ومره في تحقيق معنى محمد رسول الله، لذا فهما في تحقيقين فيختلف معناهما، وإلا اقتضى التكرار، ثم الأُولى أضاف إليها "الوضعية" والثانية مجردة، إنما أضاف إليها "الأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان"، وهذه فيها تفصيل.

وعلى كل حال؛ فهذا التماس وتفسير مبني على حسن الظن بالشيخ محمد، ومبني أيضاً على فتواه في القوانين الوضعيةـ وكوننا نجعل كلامه يفسر بعضه بعضاً ويؤيد بعضه بعضاً؛ أولى من ضرب كلامه بعضه ببعض، وادعاء تراجع وتناقض واختلاف.


* * *

افتراؤه على شيخنا محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:

نقل العنبري في كتابه "الحكم بغير ما أنزل الله وأصول التكفير"، في صفحة [70 – 71]، وأراد أن يوهم أن الشيخ الشنقيطي؛ لا يرى أن القوانين الوضعية كفر، حيث نقل كلام شيخنا الشنقيطي، فهو من العلماء الذين ادعى العنبري أنهم لا يكفّرون بالقوانين الوضعية إلا بالجحود.

ونقْله الذي نقله عن الشنقيطي: (واعلم أن تحرير المقام في هذا البحث؛ أن الكفر والظلم والفسق كل واحد منهما أطلق في الشرع مراداً به المعصية تارة، والكفر المخرج من الملة أخرى، {ومن لم يحكم بما أنزل الله}؛ معارضة للرسل وإبطالاً لأحكام الله فظلمه وفسقه غير مخرج من الملة) اهـ.

مع أنه هنا لم يتكلم عن القوانين الوضعية!

وترك العنبري كلام شيخنا الشنقيطي الواضح في القوانين الوضعية، حيث قال في تفسيره في سوره الكهف عن آية {ولا يشرك في حكمه أحداً}، فقال: (وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور؛ أن الذين يتتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه، مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام، أنه لا يشك في كفرهم وشركهم، إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم).

ثم قال الشنقيطي مباشرة: (تنبيه؛ اعلم أنه يجب التفصيل بين النظام الوضعي الذي يقتضي تحكيمه الكفر بخالق السماوات والأرض، وبين النظام الإداري الذي لا يقتضي ذلك...).

ثم قال: (أما النظام الوضعي المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض؛ فتحكيمه كفر بخالق السماوات والأرض).

ثم ذكر بعض قوانينهم الوضعية في الميراث والزواج والحدود وإنها مخالفة للشرع، ثم قال: (فتحكيم هذا النوع من النظام في أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأديانهم؛ كفر بخالق السماوات والأرض) اهـ.

فلماذا يترك هذا الكلام الصريح في القوانين الوضعية إلى غيره؟!


* * *

افتراؤه على الإمام ابن كثير رحمه الله:

حيث ينقل عنه نصوصاً يوهم بها أنه مع من لم يكفّر بالقوانين الوضعية، حيث نقل عنه صفحة [69] ضمن من ادعى أنهم لا يكفرون بالقوانين، مع أن ابن كثير له كلام صريح في "ياسق" التتار - وهو أنه عبارة عن قوانين وضعية - وكفرهم بذلك، بل نقل الإجماع عليه.

فقال رحمه الله عند تفسيره لآية {أفحكم الجاهلية يبغون} [سورة المائدة]، قال: (ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال، بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان، الذي وضع لهم الياسق، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً، يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك منهم؛ فهو كافر يجب قتله...).

وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" [13/118 – 119]: (فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة؛ كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه، من فعل ذلك فقد كفر بإجماع المسلمين) اهـ.

الأمر الآخر؛ أن العنبري ينقل كلام علماء لم يعاصروا نازلة تحكيم القوانين الوضعية، إنما ماتوا قبلها، فينقل كلامهم، يوهم أنهم على مذهبه في أنه لا يكفر بالحكم بالقوانين إلا إذا جحد واستحل.

وهذه النازلة التي نزلت في المسلمين - وهي الحكم بالقوانين الوضعية - لم تقع إلا في عصر التتار وعصر ابن تيمية وابن كثير، فلا ينقل من كلام هذين الإمامين ما يدل على كفر من تحاكم إلى الياسق.

بل إنه في كتابه المذكور [صفحة: 138] ذكر؛ أن تكفير ابن كثير وابن تيمية للتتار لأن لهم نواقض أخرى غير "الياسق"! مع أن كلام ابن كثير واضح أن الحكم علقه بـ "الياسق".

ثم وقعت هذه النازلة - وهي تحكيم القوانين الغربية - مرة أخرى أيام حكم الاستعمار العسكري على العالم الإسلامي، وأحدثوا المحاكم القانونية، فتكلم العلماء المعاصرين لهذه النازلة، كالشيخ أحمد شاكر.

حيث قال في تحقيقه لتفسير ابن كثير عن آية {أفحكم الجاهلية يبغون} [4/174]، فقال: (إن الأمر في هذه القوانين الوضعية؛ واضح وضوح الشمس، هي كفر بواح، لا خفاء فيه ولا مداورة، ولا عذر لأحد فيمن ينتسب للإسلام كائناً من كان في العمل بها) اهـ.

وكذا الشيخ محمود شاكر - الذي حاول العنبري في كتابه [ص: 130] أن يوهم أنه لا يكفر بالقوانين الوضعية إلا الجاحد -

قال الشيخ محمود شاكر - وقد نقل كلامه أخوه أحمد شاكر في تفسير ابن كثير - قال محمود شاكر: (وإذن فلم يكن سؤالهم كما احتج به مبتدعة زماننا من القضاء في الأموال والأعراض والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فهذا الفعل؛ إعراض عن حكم الله ورغبة عن دينه، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله سبحانه وتعالى، وهذا كفر لا يشك أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه) اهـ.

ومثل شيخنا الشيخ محمد بن إبراهيم؛ حيث أفتى في القوانين الوضعية، ومثل شيخنا محمد الأمين الشنقيطي، كل هؤلاء وغيرهم ممن عاصر القوانين الوضعية، كان الأولى أن يأخذ كلامهم وفتاويهم في القوانين، إلا أنه يأتي بكلامه الآخر في غير القوانين؛ ليوهم أنهم على مذهبه واعتقاده أنه لا يكفر من حكم بالقوانين إلا بالاستحلال والجحود، فهي كبيرة من كبائر الذنوب.

بل أن العنبري يتجرأ أكثر، فينقل الإجماع على أنه لا يكفر من حكم بغير ما أنزل الله بالقوانين والتشريع العام؛ إلا المستحل، علماً بأن العنبري لا يفرق بين الحكم بغير ما أنزل الله؛ هوى أو شهوة أو بقوانين وضعية، كلاهما عنده واحد، وإذا نقل الإجماع فإنما يقصد جميع ذلك ولا يفرق.

أما علماء الإسلام؛ ففرقوا، فإذا ذكروا الحكم بغير ما أنزل الله هنا فصلوا بين من يفعله هوى أو شهوة، أما إذا تكلموا عن القوانين الوضعية؛ فلا يفصلون بين المستحل والجاحد أو من فعله هوى.

كما سبق في تقرير الشيخ محمد بن إبراهيم، فقال: (أما الذي جعل قوانين بترتيب وتخضيع؛ فهو كفر، وإن قالوا؛ أخطأنا وحكم الشرع أعدل، ففرق بين المقرر والمثبت، والمرجع جعلوه هو المرجع، فهذا كفر ناقل عن الملة...).

وكذا فيما نقلنا عن ابن كثير؛ كَفَّرَ بمجرد التحاكم - فارجع إلى قوله - ومثله شيخنا الشنقيطي وابنا شاكر وغيرهم، كلهم لا يفصِّلون في القوانين الوضعية.

هذا ما تيسر في الرد عليه على عجالة وشغل.

ونسأل الله أن يهدي الجميع لما يحبه ويرضاه، وأن يوفق العنبري وأمثاله من مرجئة العصر إلى الرجوع إلى مذهب سلف الأمة، إنه على كل شيء قدير.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


---------------------------------------


فتوى الشيخ العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي في تكفير الحكام والمشرعين للقوانين الوضعيه؟

بسم الله الرحمن الرحيم

فتوى الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي في تكفير الحكّام والمشرعين للقوانين الوضعية

فضيلة شيخنا الشيخ حمود بن عبدالله بن عقلاء الشعيبي حفظه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد
فقد كثر في هذا العصر اعتماد الحكام في العالم الإسلامي والعربي وغيرهم على تحكيم القوانين الوضعية بدلا من تحكيم شرع الله فما هو الحكم على هؤلاء الحكام ؟
نرجوا أن يكون الجواب مدعما بالأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال العلماء .

الجواب ..


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد على آله وصحبه أجمعين ، أما بعد .......

فإن الله سبحانه وتعالى عندما بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم بهذا الدين القويم الذي أخرج البشرية من الظلمات إلى النور ، وكان الناس إذ ذاك يهيمون في ظلمات الجهل والضلال ، غارقين في بحر الخرافات والتقاليد البالية ، التي ورثوها عن آبائهم وأسلافهم في جميع أمورهم ، في المعتقدات والعبادات والتقاضي والمحاكمات ، فكانت معتقداتهم وعباداتهم قائمة على الشرك بالله سبحانه وتعالى ، فيجعلون له شركاء وأندادا من شجر وحجر وملائكة وجن وبشر وغير ذلك ، يتقربون إليهم بشتى أنواع القرب التي لا يجوز صرفها لغير الله ، كالذبح والنذر وغير ذلك .

أما التقاضي والمحاكمات فهي لا تقل ضلالا وفسادا عن طريقتهم في العبادة ، إذ كانوا ينصبون الطواغيت والكهان وعرافين ، يتولون القضاء بين الناس في جميع ما ينشأ بينهم من خلاف وخصومة في الأموال والدماء والفروج وغير ذلك ، يقيمون في كل حي واحدا من هؤلاء الطواغيت ، وإذا صدر الحكم فهو نافذ لا يقبل النقض ولا التعقيب ، على الرغم من كونه جائرا ظالما ، فلما بعث الله محمدا صلى لله عليه وسلم بهذه الشريعة المطهرة أبطل هذه العادات ، والتقاليد وقضى عليها ، وقصر العبادة على الله سبحانه وتعالى ، وقصر التقاضي والتحاكم على شرع الله ، قال تعالى ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ) الآية ، وقوله ( إن الحكم إلا لله ) قصر الحكم على شرع الله ، و( ألا تعبدوا إلا إياه ) : قصر العبادة لله سبحانه وتعالى على عبادته سبحانه وتعالى بطريقة هي أبلغ طرق القصر وهي النفي والاستثناء .

ثم إن المستقرئ لكتاب الله يجد في الآيات الكثيرة التي تنص على وجوب التحاكم إلى ما أنزله الله من الشرع المطهر على نبيه


صلى الله عليه وسلم :

1 - قال تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ، فهذه الآية الكريمة نص في كفر من عدل عن حكم الله ورسوله إلى غيره .

وقد حاول الجهلة من مرجئة العصر أن يصرفوا دلالة هذه الآية عن كفر الحاكم بغير ما أنزل الله فقالوا : الآية نزلت في اليهود ، فلا يشملنا حكمها .
وهذا يدل على مدى جهلهم بالقواعد الأصولية التي وضعها علماء التفسير والحديث وأصول الفقه ، وهي أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فإذا نزل حكم على سبب معين فإنه لا يقتصر على سببه ، بل يتعداه ، فيشمل كل من يدخل تحت اللفظ ، و ( مَنْ ) في الآية صيغة عموم ، فلا يكون الحكم مقصورا على سببه إلا إذا اقترن به نص من الشرع يقصر الحكم على سببه ، كقوله صلى الله عليه وسلم لما سأله أحد الصحابة رضي الله عنه : يا رسول الله إنه كانت لي عناق أحب إلىّ من شاة فضحيت بها فهل تجزئني ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : تجزئك ولا تجزئ أحدا بعدك .


وقالوا أيضا (أي المرجئة ) قد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن تفسير هذه الآية ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) فقال ابن عباس : كفر دون كفر ، وفي رواية : ليس الكفر الذي يذهبون إليه .

والجواب عن هذا أن نقول : هشام بن حجير راوي هذا الأثر عن طاووس عن ابن عباس متكلم فيه من قبل أئمة الحديث كالإمام أحمد و يحي بن معين وغيرهما ، وقد خالفه في هذه الرواية عن طاووس من هو أوثق منه وهو عبدالله بن طاووس ، وقد روى عن أبيه أن ابن عباس لما سئل عن تفسير هذه الآية قال : هي به كفر .

2 – قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) .


هذه الآية نص في انتفاء الإيمان عمن لم يحكّم شرع الله ، لأن الله أقسم فيها على انتفاء الإيمان عن المرء حتى توجد منه غايات ثلاث :

أ – التحاكم إلى شرع الله .

ب – إلا يجد في نفسه حرجا في ذلك ، بل يرضى به .

ج _ أن يسلم لحكم الله ويرض به .


وكما حاول المرجئة صرف دلالة الآية السابقة عن كفر الحاكم بغير ما أنزل الله ، فقد حاولوا أيضا صرف دلالة الآية عن انتفاء الإيمان ، فقالوا : إن النفي لكمال الإيمان ، لا لنفي حقيقته ، وما علم هؤلاء الجهلة أن الأصل في الكلام العربي الحقيقة ، ولا يصار إلى المجاز إلا إذا اقترن به قرينة توجب صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح ، فأي دليل وأي قرينة توجب صرف هذه الآية عن نفي حقيقة الإيمان إلى نفي كماله .

3 – قال تعالى ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا * وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ) ، هذه الآية الكريمة نص في أن من يتحاكم إلى الطاغوت أو يحكمه فقد انتفى عنه الإيمان بدليل قوله تعالى (يزعمون أنهم آمنوا ) ، إذ لو كانوا مؤمنين حقا لما عبر عن ادعائهم الإيمان بالزعم ، فلما عبر بالزعم دل على انتفاء حقيقة الإيمان بالله ، كما أن في قوله تعالى ( وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) دليل أيضا على انتفاء حقيقة الإيمان عنهم ، ويتضح كفر من تحاكم إلى الطاغوت أو حكّمه بمعرفة سبب نزول هذه الآية ، وقد ذكر المفسرون أن سبب نزول الآية أنها كانت بين رجل من اليهود وآخر من غير اليهود خصومة ، فقال اليهودي : نترافع إلى رسول الله ، وقال ا










قديم 2012-04-21, 09:55   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
محمد سعيد زعلان
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

و السلام عليكم










قديم 2012-05-12, 01:14   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










Hot News1

أولاً أقول للأخ صاحب الموضوع :" أبو زيد الجزائري" وفقك الله لكل خير على دعاءك الطيب


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوزيدالجزائري مشاهدة المشاركة
أخ أبو الحارث بارك الله فيك و رزقني الله و اياك علما نافعا و عملا صالحا متقبلا و رزقا طيبا حلالا و دعاء مستجابا ، وجعلني و اياك ممن اذا أعطي شكر واذا ابتلي صبر و اذا أذنب استغفر ، وجنبني و اياك علما لا ينفع و دعاء لا يسمع و عينا لا تدمع و قلبا لا يخشع .آمين.

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد سعيد زعلان مشاهدة المشاركة
دخلت على الموقع بالصدفة ثم رايت في مشاركة الاخ مهدي من الجهل و التلبيس ما يشيب له الولدان
أقول اما تسمية أهل الإرجاء بدعاة الكتاب و السنة فهذا جهل بمسميات الشريعة
فالظاهر من كلانه أنه يحصر الكفر في الجهود على مذهب الجهم نسأل الله السلامة
وأما رأي الشيخ ابن باز فالشيخ له قولان في المسالة و لا عزاء لاهل الارجاء
هذا دجل أصلع له قرنان
من سمات أهل البدع عامة والمرجئة خاصة أنهم يتعامون عن النصوص المحكمة و يتشبتون بالكلام المتشابه
و إن أتى بهلوان و تشبت بكلمة سوغ .....
و السلام عليكم

وعليكم السلام.ورحمة.الله وبركاته
قال الله تعالى:




( لاَ يُحِبُ اللهُ الجَهْرَ بالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (184) ) [ النساء]


كم كنتُ أتمنى أن تُقلع عن هذاالأسلوب المنحط في الحوار إذا أردت أن يحترمك مخالفوك!!!
والرد على كلامك المتهافت في موضوع مستقل بعنوان

صفعات البرهان على صفحات البهتان
في الرد على المدعو: محمد سعيد زعلان
وإليكم الرابط ( هنا)












 

الكلمات الدلالية (Tags)
القوانين, تحكيم, كمال


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:57

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc