كتاب التربية المدنية للسنة الخامسة ابتدائي طبع مبتورا
حذف مقطع ''يا فرنسا'' من النشيد الوطني
تفاجأ معلمو الطور الابتدائي ومعهم المتمدرسون والأولياء، عندما اكتشفوا أن النشيد الوطني الرسمي مبتور من أحد مقاطعه في كتاب التربية المدنية للسنة الخامسة ابتدائي، حيث غاب عن رائعة مفدي زكريا المقطع الثالث الذي تتصدره العبارات التالية: ''يا فرنسا قد مضى وقت العتاب''.
تضمن كتاب السنة الخامسة ابتدائي من مادة التربية المدنية، الذي عرض لأول مرة على التلاميذ هذا الموسم، النشيد الوطني منقوصا من المقطع الثالث من النشيد الوطني المتشكل من خمسة مقاطع. وينص المقطع المحذوف على ما يلي: ''يا فرنسا قد مضى وقت العتاب وطويناه كــما يطوى الكـــتاب. يا فرنسا إن ذا يوم الـحــساب فاستعدي وخذي منــا الجواب. إن في ثــورتنا فصل الـخطاب وعقدنا العزم أن تـحيا الجزائر. فاشهدوا.. فاشهدوا.. فاشهدوا''.
وخلف اكتشاف الأمر حيرة واستياء لدى العديد من مهنيي القطاع وأعضاء ما يسمى بالأسرة الثورية ممن تحدثت إليهم ''الخبر'' أمس. حيث يأتي هذا ''الحادث'' في الوقت الذي ظلت وزارة التربية الوطنية ''تمطر المربين'' بالتعليمات التي تصب في مجملها على ضرورة ''إرساء معالم الوطنية والهوية والشخصية الجزائرية في التلاميذ''، وذلك في أعقاب ''الملاحظات شديدة اللهجة'' التي أبداها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ووجهها مباشرة لوزير التربية قبل سنة، عندما تحدث عن لامبالاة التلاميذ بالروح الوطنية.
وفي هذا السياق، طالبت المنظمة الوطنية للمجاهدين، في رسالة موجهة لوزارة التربية ومختلف الهيئات الرسمية، بتصحيح الخطأ ''الخطير'' الذي ورد في كتاب التربية المدنية للسنة الخامسة.
وعبر السعيد عبادو، الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين عن أمله ''أن لا تكون القضية مقصودة وإنما خطأ مطبعي فقط، وإذا كانت متعمدة فهي ''كارثة''. وأضاف السيد عبادو، الذي اتصلت به ''الخبر'' أمس، أن المجاهدين في عدد من الولايات اتصلوا بالمنظمة الوطنية للمجاهدين بالعاصمة، وعبروا عن أسفهم الشديد لما ورد في الكتاب الجديد للسنة الخامسة، بعد ملاحظتهم لحذف المقطع المذكور.
وفي السياق نفسه، قال السعيد عبادو إن النشيد الوطني هو ''نشيد رسمي مؤسس بقانون ولا يمكن لأي كان حذف أي فقرة أو جملة منه''. معتبرا قضية من هذا النوع بـ''المقدسة''، لكن مع الأسف جاء هذا الحادث في كتاب جديد طبعه الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية. وقال رئيس المنظمة الوطنية للمجاهدين إنه راسل السلطات حول الموضوع، سيما وزارة التربية، رافضا الإفصاح عن مضمون رسالته. مكتفيا بالقول إنه ونظرا لأهمية الموضوع ''طالبنا بتصحيح الوضع في أقرب وقت''.
وفي رد فعلها على ''الخطأ''، استنكرت وزارة التربية الوطنية ذلك، وقال المستشار الإعلامي للوزارة إن السيد بن بوزيد كلف، منذ أسبوعين، المفتش العام للوزارة بفتح تحقيق عاجل حول أسباب حصول الخطأ الوارد في الكتاب المذكور. وسيسلم الوزير التقرير بعد أسبوع على الأكثر. مشيرا ''إن إجراءات وعقوبات صارمة ستتخذ''. وقال ذات المسؤول إن الوزير يولي للثوابت الوطنية عناية خاصة في المنظومة التربوية تطبيقا لتعليمات الرئيس بوتفليقة. بينما ربط الأخطاء الحاصلة بحجم الكتب التي طبعت هذا العام والمقدرة بأكثر من 58 مليون كتاب.
يذكر أن هذه الحادثة ليست معزولة، فقد كانت محاولات لحذف المقطع ذاته من النشيد الوطني خلال فترة الرئيس الشاذلي بن جديد. وقال المسؤول الأول للمنظمة الوطنية للمجاهدين إنه كانت هناك محاولات لتقديم مشروع قانون لتعديل النشيد الوطني، وهي محاولة قال عنها السعيد عبادو ''ليست بالبعيدة عن محاولة إلغاء وزارة المجاهدين في ذلك الوقت''.
ولم يستسغ بدوره الطيب الهواري، رئيس المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء، الحادث، وقال إنه تم تنبيه السلطات المعنية للموضوع.
من جهته، اعتبر مزيان مريان، رئيس النقابة الوطنية لأساتذة الثانوي والتقني، المساس بالنشيد الوطني ''أمرا مفضوحا ولا يمكن السكوت عنه'' كونه شيئا مقدسا ويمس بالسيادة الوطنية، التي ضحى من أجلها مليون ونصف مليون شهيد لأجل أن تعيش الجزائر حرة ومستقلة.
وقال مزيان مريان إنه خلال فترة حكم الرئيس الشاذلي بن جديد كانت هناك ضغوطات لحذف مقطع ''يا فرنسا'' من النشيد الوطني، لتتم إعادة المقطع بعد ذلك، والآن حذف من جديد. هذا أمر غير مقبول يقول مزيان مريان. مشيرا أنه ''لحد الآن لا ندري إن كان الأمر متعمدا أم لا، لكن في كلا الحالتين هي غلطة ''لا تغتفر''.
فيما قال عصمان رضوان، الأمين العام لمجلس ثانويات الجزائر، أنه، من الناحية السياسية، حذف الفقرة الثالثة من النشيد الوطني أمر خطير لا يمكن السكوت عنه.