مَطَرَتْهُم السَّماءُ تُمْطِرُهُم:ولا يقال:أَمْطَرَتْهُمْ إلاّ في العذاب خاصّة،وبه اطّرد في القرآن الكريم،وهو رأي الأكثرين من أئمّة العربيّة،وقال جماعة:مَطَرَ، وأَمْطَرَ بمعنًى،أي هما لغتان،إحداهما أفصح وأعلى من الأخرى،قال تعالى: (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ) ،وقال عزّوجلّ: (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ) ،وقال عزّ شأنُه: (قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ) ...،وفي مواضع أخر منها:الأعراف /84 ،هود/82،الحجر/ 74،الأنفال/92.
هذا على اللّغة العالية،وفي اللّغة الأخرى الفصيحة لا الأفصح وردت أحاديث صحاح منها في صحيح البخاري (3 /190 - 191 رقم 1013، 3 /199 رقم 1014، 6 /443 رقم 3206 فتح)،وصحيح مسلم (3 /6 /192 رقم 897 نووي).
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6 /445) : (قَوْلُهُ:" فَإِذَا أَمْطَرَتْ السَّمَاء سُرِّيَ عَنْهُ " فِيهِ رَدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُقَال:" أَمْطَرَتْ " إِلاّ فِي الْعَذَاب،وَأَمَّا الرَّحْمَة فَيُقَال مَطَرَتْ).وقال النّوويّ في شرحه لصحيح مسلم (3 /6 /192 رقم 897): (قَوْله:" ثُمَّ أَمْطَرَتْ " هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخ،وَكَذَا جَاءَ فِي الْبُخَارِيّ:أَمْطَرَتْ بِالْأَلِفِ،وَهُوَ صَحِيح.وَهُوَ دَلِيل لِلْمَذْهَبِ الْمُخْتَار الَّذِي عَلَيْهِ الأكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْل اللُّغَة أَنَّهُ يُقَال:مَطَرَتْ وَأَمْطَرَتْ لُغَتَانِ فِي الْمَطَر، وَقَالَ بَعْض أَهْل اللُّغَة:لَا يُقَال أَمْطَرَتْ بِالألِفِ إِلاّ فِي الْعَذَاب كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَة}،وَالْمَشْهُور الأوّل،وَلَفْظَة " أَمْطَرَتْ " تُطْلَق فِي الْخَيْر وَالشَّرّ،وَتُعْرَف بِالْقَرِينَةِ.قَالَ اللَّه تَعَالَى:{قَالُوا هَذَا عَارِض مُمْطِرنَا} وَهَذَا مِنْ أَمْطَرَ،وَالْمُرَاد بِهِ الْمَطَر فِي الْخَيْر؛لا أَنَّهُمْ ظَنُّوهُ خَيْرًا،فَقَالَ اللَّه تَعَالَى:{بَلْ هُوَ مَا اِسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ} ).ولمزيد بيان ينظر:
1- أساس البلاغة (ص432 مطر).
2- مختار الصّحاح (ص626 – 627).
3- لسان العرب (2 /96 نبت) و (5 /178 – 179 مطر).
4- القاموس المحيط (1 /613).
5- تاج العروس (3 /544 – 545).
6- العين (7 /425).
7- المصباح المنير (ص341 ع 2 مطر).
8- غريب الخطّابي (1 /289).
9- الفائق في غريب الحديث (3 /303).
10- مفردات الرّاغب (كتاب الميم/مطر).
11- فقه اللّغة (ص251).
12- كتاب الأفعال (3 /161).
13- شرح لامية الأفعال (ص94).
14- تصحيح التّصحيف وتحرير التّحريف (513 /1782).
15- معجم الأغلاط اللّغويّة المعاصرة (ص631 – 632).
16- الأذكار للنّوويّ (208 /454).
17- معجم المناهي اللّفظيّة (ص609 ع1).
يتبع / وكتب : محمد تبركان