: تسويـة المنازعـات المتعلقـة بالتأمينـات الإجتماعيـة.
إن تطبيق القانون 83/11 المتعلق بالتأمينات الإجتماعية، و كغيره من القوانين الأخرى قد يؤدي إلى نشوء منازعات فيما بين الأشخاص المعنيين بتطبيقه. و على ذلك كان من اللازم وضع نظام قانوني لنظر في هذه المنازعات مع تحديد الآليات و الأجهزة المكلفة بذلك. و يتجسد ذلك من خلال القانون 08/08 المؤرخ في 23 فبراير 2008 المتعلق
بالمنازعات في مجال الضمان الإجتماعي، بحيث قسمها إلى ثلاثة (03) أنواع.
و باعتبار التأمينات الإجتماعية جزء من الإطار العام للضمان الإجتماعي فإن المنازعات المتعلقة بها لا تخرج عن نطاق المنازعات المتعلقة بالضمان الإجتماعي.
و منه، و بالرجوع إلى القانون المذكور نجد أن المنازعات في مجال الضمان الإجتماعي تتمثل في المنازعات العامة، الطبية و التقنية ذات الطابع الطبي.
فالمنازعات العامة: هي كل الخلافات التي تنشأ بين هيئات الضمان الإجتماعي من جهة و المؤمن لهم اجتماعيا أو المكلفين من جهة أخرى بمناسبة تطبيق التشريع و التنظيم المتعلق بالضمان الإجتماعي حسب المادة 03 من القانون 08/08.
و في مفهوم التأمينات الإجتماعية يدخل في إطار المنازعات العامة، تلك الخلافات المتعلقة بحقوق المؤمن لهم أو ذوي حقوقهم حول الأداءات العينية و النقدية في إطار الأخطار المضمونة. كما قد تكون تلك الخلافات التي تحدث بين المستفيد من التأمين حول إثبات الحق في التكفل به أو بذوي حقوقه. كالمنازعة المتعلقة بقبول ملف طلب منحة الوفاة، أو رفض التعويض عن المرض إذا تم التصريح بالتوقف عن العمل خارج الآجال القانونية حسب للمادة 18 من القانون 83/11 و المقدرة بيومي عمل لبتي تلي يوم التوقف، أو بسبب رفض ملف التعويضات العينية إذا تبين لهيئة الضمان الإجتماعي بأن العلاجات المقدمة لم توصف من طرف طبيب أو شخص مؤهل طبقا للقانون، كما يعد من قبل المنازعات العامة قرار هيئة الضمان الإجتماعي الذي يقضي بوقف الخدمات العينية و الأداءات النقدية للمستفيد بسبب رفضه إجراء المراقبات و الفحوص الطبية التي تطلبها منه. كما تعد كذلك من المنازعات العامة في مجال التأمينات الإجتماعية القرار الذي يقضي برفض منح الأداءات العينية المتعلقة بتعويض المصاريف الطبية إذا ما قدم الملف بعد انتهاء أجل الثلاثة (03) أشهر التي تلي العمل الطبي، أو إنتهاء العلاج في حالة ما إذا تعلق الأمر بعلاج طبي مستمر. أو القرار الذي يقضي بالرفض الجزئي للملف الطبي للمستفيدة من تأمين الولادة بسبب تخلف أحد شروط الإستفادة منها، أو إخلال المستفيدة منه بإحدى الإلتزامات المفروضة عليها.
و الجدير بالملاحظة و بحسب ما هو جاري به العمل على مستوى هيئات الضمان الإجتماعي، فإن بعض القرارات التي تصدر عنها و رغم أنها تتعلق بالحالة الصحية للمستفيد من التأمين و تصدر من طرف الطبيب الخبير إلا أنها تدرج و يتم دراستها ضمن المنازعات العامة على غرار القرار الطبي الذي يقضي برفض طلب العلاج بالمياه المعدنية الذي يقدمه المستفيد من التأمين.
أما المنازعات الطبية: فيقصد بها تلك الخلافات المتعلقة بالحالة الصحية للمستفيدين من الضمان الإجتماعي، لاسيما المرض و القدرة على العمل و الحالة الصحية للمريض و التشخيص و العلاج و كذا كل الوصفات الطبية الأخرى.
و في مجال التأمينات الإجتماعية يدخل في باب المنازعات الطبية تلك الخلافات التي تتعلق بحالة المستفيد من تأمين المرض، الولادة و العجز، باعتبار أن كل هذه الأخطار لها علاقة مباشرة بالحالة الصحية للمستفيد من التأمين و على قدرته على العمل كذلك.
و مما لا شك فيه أن إتباع مدى صحة كل هذه الأوضاع الفنية يحتاج إلى الإستعانة بأهل الخبرة من أطباء و المتخصصين و ذلك لمراقبة الحالة الصحية للمستفيد من التأمين و تقدير نسبة العجز اللاحق به. و في هذه الحالة يمكن لرأي الطبيب المستشار لدى هيئة الضمان الإجتماعي أن يصدر رأي مخالف لرأي الطبيب المعالج مما يؤدي إلى قيام المنازعة الطبية.
و فيما يخص المنازعات التقنية ذات الطابع الطبي: فهي كل الخلافات التي تنشأ بين هيئات الضمان الإجتماعي و مقدمي العلاج و الخدمات المتعلقة بالنشاط المهني للأطباء و الصيادلة و جراحي الأسنان و المساعدين الطبيين و المتعلقة بطبيعة العلاج و الإقامة في المستشفى أو في العيادة.
و بالنظر إلى طبيعة المخاطر التي تشملها التغطية في مجال التأمينات الإجتماعية و التي تتمثل في المرض، الولادة، العجز و الوفاة، فإن المنازعات التي يمكن أن تنشأ عنها تكون إما منازعات عامة أو طبية. ذلك أنه و بالرجوع إلى أطراف المنازعات التقنية و التي تتمثل في هيئات الضمان الإجتماعي و المكلفين تقديم العلاج، فإنه لا يتصور وجود مثل هذه المنازعات في مجال التأمينات الإجتماعية. و بالتالي فإن دراستنا سوف تقتصر على تناول المنازعات العامة و المنازعات الطبية.
و لتسوية هذه المنازعات ضبط المشرع قواعد إجرائية تنظم سيرها سواء من حيث التسوية الداخلة أو الإدارية، أو من حيث التسوية القضائية و ولاية المحاكم المختصة للفصل فيها. و هو ما سوف نتعرض إليه على النحو التالي.