لقد استفاد الأشقاء في كل مكان من تجربة الحزن و الأسف و المقتلة التي أصابت وطننا منذ سنوات ...
و ذلك بتجنب مسبباتها ... و هي كثيرة و منها التصلب على رأي واحد و محاولة كل أحد الجلوس منفردا لا مشاركا لأحد
كائنا من كان على كرسي الحكم ... و بذل قصارى جهد العنف من أجل تحقيق هدفه سواء أكان المعني من هو في السلطة أو من هو
خارجها ... كما حدث عندنا تماما ... لتأتي الظروف الإقليمية و الدولية لتقف مع هذا الطرف ضد ذاك و تحاول توجيه الصراع
بما يخدم مصلحة الطفلة المدللة إسراطين كما كان الفقيد القذافي يسميها رحمه الله تعالى ... و غفر له ... و من أجل الحفاظ على
مصالح استراتيجية أخرى ...
فأمريكا التي باتت لا تخفي أنها ترى في الإسلام و كما كانت ترى في الشيوعية مع البون الشاسع مابين المعتقدين الخطر الداهم
التالي الذي يزحف ليسحق عنقها المنكسر أصلا ثقافيا و اقتصاديا و حتى عسكريا في ظل التكتلات و نمو هذه الدولة أو تلك
و محاولتها البروز كقطب قوة في موازنة الحرب الباردة الجديدة ...
و في هذا الإطار و في ظل أطر أخرى مشابهة أو مختلفة تمكن قراءة مآلات الوضع في هذه الدولة أو تلك خاصة دول الإسلام و العروبة
ذات الثقافة الغنية و الثرية و المتينة برغم كل ما يروج له من كونها بدأت تضعف و تنهار لدى شعوبها ...
حيث أنه و في ظل المعطيات الدولية و الإقليمية و في ظل ميزان القوة الداخلي في المغرب و كذا حرص الحكام في المغرب
على بذل كل جهد ليس من أجل البقاء في السلطة فقط و ليس من أجل الحفاظ على طابع الحكم الملكي الذي يسير رويدا رويدا إلى
الملكية نصف البرلمانية كحاله في المملكة المتحدة ,
و إنما أيضا المحاولة غير الخافية ليس للتصدي للإسلاميين و نبذهم و قتالهم و منعهم من الوصول للسلطة كما جرى لدينا و لكن المحاولة
الجادة من أجل إيصال الطرف الأٌقرب لتبني طريقة حكم موائمة
كائنة ما كانت توجهاته إسلامية أو علمانية ثم الحرص على احتواء نشاطه بجملة من التقنينات التي تقيده و عدد من المؤسسات
العسكرية و الشرطية و حتى المدنية الجمعوية التي تظل تمارس عليه ضغطها الاجتماعي من أجل حشره في زاوية السعي بلا توان
من أجل مواجهة المشكلا ت المستجدة في إطار من شراكة سياسية و في ظل أساليب حكم تحاول بجدية رعاية توازن القوى
في الداخل و كذا تلك في الخارج محافظة على أسباب الأمن و الاستقرار و وحدة التراب الوطني و ضبط التباين العرقي و الطائفي .
و أنا شخصيا أصوت لصالح نجاح ملك المغرب الشاب في السير و لو في حدود عشرين سنة المقبلة على الأقل في هذا المسار
الذي يطبعه و يميزه محاولة ضمان الحد الأدنى من التوافق ما بين متطلبات الحركية الاجتماعية الداخلية في إطارها السياسي الثقافي و الحرص
على عدم إثارة حفيظة دول حوض البحر المتوسط باعتبارها الوجه الأقرب للإمبريالية العالمية الجديدة ذات السطوة و الممؤثرة التي تسعى في كل حين جاهدة
للمحافظة ــ و كذا إنشاء لدى دول الجوار الجنوبي ــ على مميزات الحكم المقارب و هي مثالا لا حصراً : العلمانية والديمقراطية و رعاية الحريات الفردية .
و الله تعالى أ‘علم .
تقبلوا تحياتي و صادق دعائي .