البنوك والسياسة النقدية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

البنوك والسياسة النقدية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-09-11, 14:21   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
breave heart
عضو جديد
 
الصورة الرمزية breave heart
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي البنوك والسياسة النقدية

السلام عليكم
بحث حول البنوك والسياسة النقدية


مقدمة :
إن اقتصاد أي دولة يعتمد على مجموعة من الأسس والقواعد والسياسات ليكون قويا ويستطيع الاستمرار و الخروج من أية أزمات قد يقع فيها. ومن المؤسسات المعروفة في كل دولة والتي لا يمكن الاستغناء عنها لأي سبب من الأسباب هي البنوك بنوعيها التجارية والمركزية والسياسات المتبعة من قبل هذه الأخيرة مهما اختلف النظام الاقتصادي المتبع.
ومن خلال بحثنا هذا نحاول إلقاء الضوء على موضوع البنوك والسياسات النقدية ولو بصفة مختصرة وذلك لشساعة المعلومات المتعلقة به. وبداية قسم البحث الى فصلين رئيسيين الأول تحت عنوان البنوك والثاني تحت عنوان السياسات النقدية.
يتضمن الفصل الأول ثلاثة مباحث: 1- ماهية البنوك
2- البنك المركزي.
أما 3- البنوك التجارية.
يتضمن الفصل الثاني بدوره ثلاثة مباحث : 1- السياسة النقدية
2- الإصلاح الاقتصادي والسياسة النقدية في الدول النامية
3- السوق النقدي والسياسة النقدية في الجزائر


الفصل الأول : البنوك
المبحث الأول: ماهية البنوك
المطلب 1 : تعريف البنك

الفرع 1 : لغة
أن كلمة "بنك" ذات أصل ايطالي BANKO وكان معناها في البداية "المصطبة" ثم تطور هذا المعنى وأصبح يقصد بهذه الكلمة المكان الذي توجد فيه المنضدة وتتم فيه عملية التبادل والمتاجرة بالنقود.
أما بالعربية فيقال: *صرف الدنانير* أي بدلها بدراهم أو دنانير سواها و "الصيرفي" نقصد به بائع النقود بنقود أخرى.(1)
الفرع 2 : قانونا
البنك عبارة عن مؤسسة مالية تقوم بالوساطة ما بين المودعين وطالبي القرض، تتلقى أموال الغير وتقدمها على شكل قروض مقابل سعر فائدة محددة من طرف البنك ويعرفه قانون النقد والقرض في المادة 114 على أن: "البنوك أشخاص معنوية مهمتها العادية والرئيسية لجراء العمليات الموصوفة في لمواد من 110 إلى 113 من هذا القانون".
كما يعرف البنك بأنه: "منشأة تنصب عملياتها الرئيسية على تجميع النقود الفائضة عن حاجة الجمهور أو منشأة الأعمال أو الدولة لغرض إقراضها للآخرين،وفق أسس معينة، أو استثمارها في أوراق مالية محددة."
إذن يعتبر البنك من الوسائط المالية التي تسمح بنقل الأموال من المدخرين إلى المستثمرين.(2)
الفرع 3 : اصطلاحا
إن البنك هو المؤسسة التي تتوسط بين طرفين لديهما إمكانات أو حاجات متقابلة مختلفة يقوم البنك بتثميرها أو جمعها أو توصيلها أو تنميتها، أو تنفيذها للوصول إلى هدف أفضل ولقار ربح مناسب.إذن فالبنك وسيط.....والنشاط البنكي يفترض وجود طرفين والهدف هو الخدمة وبالتالي طبعا الحصول على أرباح لقاء الوساطة والخدمة وهذا هو الأصل.
ويكون الطرفان راضيين عن الوساطة لأن كلفتها أقل بكثير مما يتوجب لو قاما بالتنفيذ المباشر وأحيانا تكون الوساطة هي الأساس في التنفيذ ولولاها لما تمت العملية أصلا (3)
المطلب 2 : أنواع البنوك
يمكن تصنيف البنوك إلى أربعة أنواع مع إضافة البنك المركزي:
1- البنوك التجارية "Les banques commerciales"
وتسمى أيضا ببنوك الودائع أو بنوك الائتمان وهي عبارة عن نوع من الوساطة المالية التي تتمثل مهمتها الأساسية في تلقي الودائع الجارية للعائلات والمؤسسات العمومية والسلطات العمومية ويتيح لها القدرة على إنشاء نوع خاص من النقود هي نقود الودائع، أما بالنسبة لعملياتها فهي تتخصص في إقراض الأموال للغير وتعتمد في ذلك على الودائع ورأس مال البنك واحتياطه إضافة إلى الاقتراض المصرفي (والمقصود بذلك تعامل البنوك فيما بينها) ومن بين هذه البنوك CPA،BNA .
2- بنوك الاستثمار "Les banques d'investissements"
تسمى كذلك بنوك الائتمان المتوسط والطويل الأجل وهي بنوك تسعى إلى تنمية رأس مالها وتجديده وتعتمد بالدرجة الأولى على رأس مالها إضافة إلى الودائع وبالخصوص الودائع لأجل وعلى الاقتراض من الغير إضافة إلى المنح الحكومية.
3- بنوك الادخار والتوفير "Les banques d'épargne"
تعمل هذه البنوك على جمع مدخرات الأفراد وتكون غالبا مستحقة عند الطلب أو تكون مدخرات لأجل، وتستعمل هذه الودائع في الإقراض لآجال مختلفة ونذكر مثلا : CNEP
4- بنوك الأعمال "Les banques d'affaires"
هي عبارة عن مؤسسات مالية تعمل في مجال الاستثمار طويل الأجل للحصول على أكبر قدر ممكن من الأرباح مقابل أقل تكلفة ممكنة يساهم في تمويل وإدارة المشاريع والمنشآت و المنشآت الأخرى من خلال الإقراض أو الدخول كشريك في رأس مال المنشأة أو الاستحواذ عليها وعلى سبيل المثال : BEA, UNION BANK . وهذا النوع من البنوك سمح لها قانون النقد والقرض بممارسة هذا النشاط(4).
- البنك المركزي "La banque centrale"
هو مؤسسة وطنية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي. كما يدعى ب (بنك الجزائر) ويخضع للقواعد المطبقة في المحاسبة التجارية وتعود ملكية رأسماله للدولة. وللبنك المركزي خصائص تتمثل في:
أ- البنك المركزي بنك الحكومة: من خلال علاقته مع الدولة والخزينة العمومية.
ب- البنك المركزي بنك البنوك: من خلال علاقته بالبنوك (1)
المطلب 3 : عمليات البنك
للبنوك أهمية كبيرة في التطور الاقتصادي وذلك من خلال العمليات التي تقوم بها و المتمثلة في :
1- جمع الودائع : تعمل البنوك على جمع الودائع المتلقاة من الأفراد أو الزبائن واستخدامها لصالح البنك وتوجيهها إلى التنمية الاقتصادية، بحيث تقوم بتوفير الموارد المالية من أصحاب الفائض المالي إلى أصحاب العجز المالي، وذلك مقابل فائدة مما يشجع الأفراد على الادخار و عدم الاٍكتناز، إضافة إلى أن عملية الإيداع تسهل على الأفراد الحفاظ على أموالهم فالبنك يعتبر مكان آمن للقيام بذالك وفي حالة الضياع أو التعرض لحادث ما يكون البنك مسؤولا عليها فهذا الأخير ملتزم بٍعادة الحق إلى أهله خاصة وان هناك إثباتا خطيا لهذا الحق بالتوقيع و التاريخ.
2- منح القروض : تقوم البنوك بتقديم قروض من رأسمالها الخاص أو من الودائع المتواجدة لديهم وذلك وفق سعر فائدة محدد مع مراعاة ثقة البنك من إمكانية استرداد المبالغ المقرضة بحيث تختلف القروض حسب طبيعتها ومدتها والغرض الممنوحة لأجله ولقد ألغى قانون النقد و القرض في هذا المجال الشروط التميزية لمنح القروض. وهذا يعني أن القروض أصبحت تمنح للمؤسسات العمومية والمؤسسات الخاصة بنفس الشروط عكس ما كانت عليه في السابق بحيث كانت الشروط المطبقة على مؤسسات القطاع الخاص.
3- وضع وسائل الدفع تحت تصرف الزبائن : إن وسائل الدفع عبارة عن أداة تسهل عملية التداول كما أن الاستخدام الجيد لهذه الوسائل يسهل العمليات المالية و يوسع مجال تدخل البنوك، فكلما كان الطلب عليها كبير كلما كان دورها أكثر ايجابية بالنسبة للنظام البنكي، كما ينبغي أن تكون هناك محفزات لإدخال ثقافة استعمال هذه الوسائل وإقناع الجمهور بذلك. وتتمثل أشكال وسائل الدفع في : السند لأمر(Billet à ordre)، السفتجة والكمبيالة (Traite ou lettre de change)، سند الرهن warrant) (Le ، سند الصندوق (Bon de caisse)، السندات العمومية قصيرة الأجل، الشيك (Le chèque)، النقود.(2)

المبحث الثاني : البنك المركزي
المطلب 1 : تعريفه
يعرف بأنه ذلك المصرف الذي وظيفته أن يراعي تدفق النقود والائتمان، بحيث يساعد على النمو الاقتصادي المنتظم، و استقرار الوحدة النقدية، و التوازن الطويل الأجل في المدفوعات الدولية.
ويحتل البنك المركزي مركز الصدارة في سلم الجهاز المصرفي، بل هو في قمة هذا الجهاز. فهو مؤسسة عامة تابع في حركته لسيطرة الدولة في أكثر الأنظمة العالمية. ويعني ذلك ضرورة ملكية الشعب أي الدولة لهذا البنك، وهي ضرورة تمليها أهمية وخطورة الوظائف التي يقوم بها.
وتتميز البنوك المركزية بأنها ليست مؤسسة من أجل الربح بل الغرض الأساسي من أعمالها هو تحقيق المصلحة العامة، والخضوع لأشراف الحكومات، والقيام بمعظم معاملاتها مع المؤسسات المصرفية الأخرى، فقلمْا تقوم بمعاملات مع الجمهور.(1)


المطلب 2 : أهداف البنك المركزي واختصاصاته

* العمل على تحقيق الاستقرار في الأسعار وسلامة النظام المصرفي.
* وضع وتنفيذ السياسة النقدية والائتمانية والمصرفية.
* وضع أهداف السياسة النقدية بالاتفاق مع الحكومة من خلال مجلس تنسيقي يشكل بقرار من رئيس الجمهورية.
* يتخذ الوسائل التي تكفل تحقيق أهدافه والنهوض باختصاصاته ، وله على الأخص ما يأتي:
- إصدار أوراق النقد وتحديد فئاتها ومواصفاتها.
- إدارة السيولة النقدية في الاقتصاد القومي ، وله أن يصدر الأوراق المالية والدخول في عمليات السوق المفتوح.
- التأثير في الائتمان المصرفي بما يكفل التجاوب مع احتياجات النشاط الاقتصادي.
- الرقابة على وحدات الجهاز المصرفي.
- تنظيم احتياطيات الدولة من الذهب والنقد الأجنبي.
- تنظيم وإدارة سوق الصرف الأجنبي .
- الإشراف على نظام المدفوعات القومي.
- حصر ومتابعة المديونية الخارجية على الحكومة والهيئات الاقتصادية والخدمية والقطاع العام والخاص وقطاع الأعمال العام.
* للبنك في حالة حدوث اضطراب مالي أو ظرف طارئ أخر أن يتخذ ما يراه من إجراءات لمواجهة احتياجات الأسواق المالية ، بما في ذلك تقديم تمويل استثنائي للبنوك وله أن يقدم ائتمانا للبنوك الخاضعة لأحكام هذا القانون والمنشآت وللهيئات الأجنبية والدولية طبقا للشروط والقواعد التي يقرها مجلس أداره البنك المركزي وله أن يضمن التمويل والتسهيلات الائتمانية التي تحصل عليها الأشخاص الاعتبارية العامة أو البنوك من المؤسسات المالية والبنوك والهيئات الأجنبية والدولية.(
المطلب 3 : إدارة البنك المركزي
* يكون للبنك المركزي محافظ يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية ،لمدة أربع سنوات قابله للتجديد ، بعد ترشيحه بمعرفة رئيس مجلس الوزراء.
* يكون للمحافظ نائبان يتم تعيينهما بقرار من رئيس الجمهورية بناء علي ترشيح من المحافظ ولمدة أربع سنوات قابله للتجديد
* يكون للمحافظ وكلاء يتم تعيينهم بقرار من مجلس إدارة البنك.
* يتكون مجلس إدارة البنك المركزي من المحافظ رئيسا وعضوية كل من نائبي المحافظ ورئيس الهيئة العامة لسوق المال ، وثلاث أعضاء يمثلون وزارات المالية والتخطيط والتجارة الخارجية ، وثمانية من ذوي الخبرة المتخصصين في المسائل النقدية والمالية والمصرفية والقانونية والاقتصادية يختارهم رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد.
* يعتبر مجلس إدارة البنك هو السلطة المختصة بتحقيق أهداف البنك ووضع السياسات النقدية والائتمانية والمصرفية وتنفيذها وله في سبيل ذلك جميع الصلاحيات وعلى الأخص تحديد أدوات ووسائل السياسة النقدية ، وإجراءات تنفيذها ، وتحديد أسعار الائتمان ، والخصم ، ومعدلات العائد عن العمليات المصرفية حسب طبيعة هذه العمليات وآجالها، وتحديد القواعد الخاصة بتقييم الأصول التي تقابل أوراق النقد ، وكذلك وضع المعايير والضوابط الرقابية التي تكفل سلامة المراكز المالية للبنوك ، والتأكد من تطبيق معايير الجودة الائتمانية والسلامة المالية
* ويعتمد مجلس إدارة البنك المركزي الموازنة التقديرية والقوائم المالية والتقارير الخاصة بمركزه المالي ونتائج أعماله ، والهيكل التنظيمي ، واللوائح والنظم الداخلية المتعلقة بشئون البنك المالية والإدارية والفنية ولائحة العاملين به.(1)

المطلب 4 : وظائفه

وبينما يستهدف البنك التجاري من نشاطه تحقيق الربح ، فان البنك المركزي لا يسعي أساسا إلي الربح من وراء نشاطه ، بل انه يضطلع بمسئولي التشاور مع الحكومة في وضع السياسة النقدية التي تحقق أهدافها الاقتصادية ، كما أنه يضطلع بتنفيذ السياسة النقديــــــــة ولهذا فان ملكية البنك المركزي هي للدولة عادة ، وكما تختلف أهداف النشاط فان وظائف البنك المركزي تختلف عن وظائف البنك التجاري إذ يؤدي البنك المركزي ثلاث وظائف رئيسية بوصفه :
- بنك الاصدار.
- بنك الحكومة.
- بنك البنوك.

أولا : البنك المركزي بنك الإصدار
يحتكر البنك المركزي إصدار أوراق النقد (البنكنوت(
ثانيا : البنك المركزي بنك الحكومة
البنك المركزي يعتبر أيضا " بنك الحكومة " فانه يتولي إيداع حصيلة الضرائب الحكومية ، ويشرف علي إصدار القروض الحكومية ، ويدفع الفائدة المستحقة عن هذه القروض بالإنابة عن الحكومة كما تحتفظ الحكومة بحساباتها طرف البنك ، وتسمي هذه الحسابات بالودائع الحكومية أو الودائع العامة فضلا عن ذلك فان البنك المركزي يقوم بالعمليات المصرفيـة العادية وإنما بالنسبة لعملائه من البنوك المركزية الأجنبية ، والحكومات الأجنبية ، وبعض البيوت العالمية ، ونخبة مختارة من العملاء الأفراد
ثالثا : البنك المركزي بنك البنوك
أما أن البنك المركزي هو أيضا بنك البنوك فلأنه يتعين علي البنوك التجارية أو تحتفظ بعض احتياطياتها النقدية لديه ، ويطلق عليها ودائع البنوك هذه الودائع هي الأساس الذي ينبني عليه الهيكل العام للائتمان المصرفي ، إذ أن أية زيادة في حجم هذه الودائع ( ودائع البنوك لدي البنك المركزي) تسمح للبنوك التجارية أن تطلق يدها في إقراض عملائهـــــــا أي منح الائتمان لهم والعكس صحيح
رابعا : البنك المركزي هو الرقيب علي حجم الائتمان المصرفي
وثمة ثلاثة أساليب ينتهجها البنك المركزي في فرض رقابته علي حجم الائتمان المصرفي
أ- تغيير نسبة الاحتياطي ب- عمليات السوق المفتوحة ج- تغيير سعر البنك (2)
المبحث الثالث : البنوك التجارية
المطلب 1 : تعريفها و نشأتها
الفرع 1 : تعريفها

يعتبر البنك التجاري نوع من أنواع المؤسسات المالية التي يرتكز نشاطها في قبول الودائع، ومنح الائتمان. والبنك التجاري بهذا المفهوم يعتبر وسيطا بين أولئك الذين لديهم أموال فائضة وبين الذين يحتاجون لتلك الأموال، وعلى الرغم من أن البنوك التجارية لا تعتبر الوسيط الوحيد في هذا الإطار، إلا أنها تتسم بصفات معينة ثم تميزا عن غيرها من الوسطاء، كما أنها تقوم بجمع الإيرادات من الأفراد لمدة قصيرة، وتقدم القروض القصيرة الأجل، وعادة ما تكون هذه الأخيرة موجهة نحو الاستثمار، وأداء خدمات بنكية أخرى، إذا أنها تتميز عن غيرها من البنوك المتخصصة حيث تقبل الودائع القابلة للسحب لدى الطلب، والودائع التي لا تستجيب إلا بعد آجال قصيرة بالإضافة إلى ذلك تقوم بتزويد الصناعات والهيئات العامة بالقروض الطويلة الأجل. ويمكن كذلك تعريفه كما يلي:
* هي تلك البنوك التي تقبل ودائع الأفراد وتلتزم بدفعها عند الطلب أو في موعد يتفق عليه والتي تمنح القروض قصيرة الأجل وهي القروض التي لا تزيد مدتها عن سنة ويطلق عليها أحيانا اسم (بنوك الودائع).
* هو المؤسسة المصرفية التي تأتي في المرتبة الثانية في الهرم المصرفي بعد البنك المركزي وهي تقبل الودائع من الأفراد والهيئات (تحت الطلب أو لأجل) ثم تستخدم الودائع في فتح حسابات ومنح قروض بالإضافة إلى عمليات الصرف (بيع وتبديل النقود) وكل هذا من أجل تحقيق الربح.
* هي المنشأة التي تتخذ من الاتجار في النقود حرفة لها.
* هي الوسيط بين الأموال التي تبحث عن الاستثمار وبين الاستثمار الذي يبحث عن التمويل اللازم.
* هو مكان التقاء عرض الأموال بالطلب عليها.(1)

الفرع 2 : نشأتها
بادئ ذي بدء ،ينبغي التذكير بأن نشأة البنوك التجارية ترافقت مع فكرة ظهور النقــود الورقية، و من تم فإن الشكل الأول و البدائي للبنوك التجارية ،هو الصراف أو الصيرفي الذي كان يتعامل ببيع و شراء العملات الأجنبية و مبادلتها بعملات وطنية ، حيث سابقا كان التعامل يتم بالنقود المعدنية التي تتطلب التأكد من وزنها و من عيارها (درجة نقائها) . إن نشأة البنوك برزت من خلال تطور نشاط الصيارفة الذين كانوا يقبلون الودائع ( المعادن الثمينة ) مقابل إيصالات أو شهادات إيداع، بمبلغ الوديعة و يحصلون مقابل ذلك على عمولة ، و تدريجيا لاحظ هؤلاء الصيارفة أن هذه الإيصالات أخذت تلقى قبولا عاما في التداول وفاء لبعض الالتزامات أي تلعب دور النقود في الوفاء بالالتزامات - و أن أصحاب هذه الودائع لا يتقدمون لسحب ودائعهم دفعة واحدة بل بنسب معينة ، أما باقي الودائع فتبقى مجمدة لدى الصراف، لذلك فكر هذا الأخير في إقراضها ، و من هنا أخذ البنك في شكله الأولى يدفع فوائد إلى أصحاب الودائع لتشجيع المودعين، فبعد أن كان الغرض من عملية الإيداع هو حفظ المادة الثمينة من السرقة و الضياع أصبح المودع يتطلع إلى الحصول على فائدة ، لذلك تطور نشاط البنك (الصرفي ) في مجال تلقى الودائع مقابل فائدة و تقديم القروض بناء على هذه الودائع لقاء فائدة كذلك ،و عائد البنك يتمثل في الفرق بين الفائدة التي يتقاضاها على القروض و الفائدة التي يدفعها لأصحاب الودائع .انطلاقا مما سبق نشأت البنوك التجارية ، فظهر أول بنك سنة 1517 بالبندقية ، ثم بنك أمستردام عام 1609 ....... و بعدها بدأت تنتشر البنوك في مختلف أنحاء العالم.(2)
المطلب 2 : أنواعها وأقسامها
الفرع 1 : أنواعها
يمكن تقسيم هذا النوع من البنوك إلى أنواع وفقا لحجم نشاطها وتعظيمها الإداري وملكيتها:
1- البنوك ذات الفروع: هي منشآت تتخذ غالبا شكل شركات مساهمة ولها فروع في كافة أنحاء العالم وتتبع اللا مركزية في إدارتها. ويتصف هذا النوع من البنوك بأنه يعمل على النطاق الأهلي، ويخضع للقوانين العامة للدولة وليس لقوانين المحافظات والولايات التي تقام فيها الفروع.
2- بنوك السلاسل: نشأت مع نمو حجم البنوك التجارية، ونمو حجم الأعمال التي تمولها من أجل تقديم خدماتها إلى مختلف فئات المجتمع، وهي تعد نشاطها من خلال فتح سلسلة متكاملة من الفروع، وهي عبارة عن عدة بنوك منفصلة عن بعضها إداريا ولا توجد إلا في الو.م.أ .
3- بنوك المجموعات : هي أشبه بالشركات القابضة التي تتولى إنشاء عدة بنوك وشركات مالية، فتمتلك معظم رأسمالها وتشرف على سياستها وتقوم بتوجيهها، ولهذا البنك طابع احتكاري وهي توجد في الو.م.أ وغرب اروبا.
4- البنوك الفردية : هي منشآت صغيرة يملكها أفراد أو شركات أشخاص، ويقتصر عملها في الغالب على منطقة صغيرة أو تتميز عن باقي أنواع البنوك بأنها تقتصر توظيف مواردها على أصول بالغة السيولة كالأوراق المالية، وتعتمد في نشاطها على ما يتمتع به أصحابها أو مديروها من خبرات مصرفية، وهي لا توجد إلا في الدول الرأسمالية وحدها.
5- البنوك المحلية : هي تنشأ لتباشر عملها في منطقة جغرافية محددة قد تكون مقاطعة أو ولاية، وإذا كان نظام الحكم المحلي في الدولة تتفاوت فيه قوانين المناطق الجغرافية فان البنك المحلي يخضع لقوانين محلية وبإشراف السلطات الرقابة على البنوك في منطقة عمله.(1)
الفرع 2 : أقسامها
تختلف الخرائط التنظيمية للمصارف التجارية، ولكن هناك عوامل مشترك بين هذه الخرائط وهي وجود مجلس إدارة ومدير عام ودائرة مصرفية وأقسام للاستعلامات وللخزينة وللاعتمادات المستندية وللودائع. ويمكن تصنيف دوائر البنك وظيفيا أي حسب الوظائف التي يتم القيام بها إلى دوائر أهمها:
1- دوائر وأقسام تعمل على حسن سير أعمال البنك مثل المحاسبة، وشؤون الموظفين، والرسائل والأرشيف، والعلاقات العامة.
2- دوائر وأقسام تهدف إلى حماية البنك مثل الخزينة العمومية، الاستعلامات، والتدقيق، والدائرة القانونية.
3- دوائر تهدف إلى جلب الدخل إلى البنك مثل قسم الحسابات المدينة، قسم خصم الكمبيالات، وقسم القروض والسلف، هذه الأقسام تقدم خدمات مصرفية مباشرة. وهناك أقسام تجلب الدخل ولكن عن طريق غير مباشر مثل قسم الاعتمادات المستندية، وخطابات الضمان، والكمبيالات المقبولة والمكفولة، بالإضافة إلى الأقسام التي تعمل ببوالص التحصيل وبالحوالات والعملات الأجنبية.
4- دوائر تهدف إلى خدمة الجمهور مثل أقسام كمبيالات التحصيل وتأجير الصناديق الحديدية، وتخزين البضائع الائتمانية.(2)
المطلب 3 : وظائفها وأهدافها
الفرع 1 : وظائفها
تتركز معظم عمليات البنك في قبول الودائع ومن ثم إعادة استثمار هذه الودائع بشتى أنواع ومجالات الاستثمار المختلفة، وبشكل عام تمارس البنوك التجارية جميع الأعمال التجارية المعتادة للبنوك لحسابها أو لحساب الغير ومن هذه الوظائف :
* قبول ودائع العملاء النقدية بأنواعها الجارية والتوفير والمحافظة عليها.
* منح التسهيلات بأنواعها.
* قطع (خصم) الكمبيالات والحوالات.
* التسليف على مستندات الشحن.
* التسليف لقاء رهن البضاعة والأسهم والسندات والمصوغات الذهبية.
* إصدار خطابات ضمان لمنفعة شخص ثالث.
* فتح الاعتمادات المستندية.
* تحصيل بدل الحوالات والكمبيالات والشيكات ومستندات الشحن لحساب شخص ثالث.
* شراء وبيع الأسهم والسندات لحساب شخص ثالث
* شراء وبيع السبائك الذهبية والعملات الأجنبية وشيكات المسافرين.
* توفير الخزائن الخاصة (صناديق الإيداع) لحفظ الممتلكات الثمينة.
* الإقراض والتسليف لتمويل شراء المعدات المتعلقة بالمشروعات الغالية.
* المساهمة في القروض للبنوك العربية والدولية ذات الطبيعة التجارية.
* الإقراض لتمويل المشروعات الخاصة بالنقل الجوي والبري والبحري. (1)

الفرع 2 : أهدافها
للبنك كأي مؤسسة أهداف يعمل جاهدا على تحقيقها، ومن هاته الأهداف نجد هدف البقاء والاستمرارية والتوسع والاستقرار والربح وحتى الوصول إليها، يجب عليه أولا الحرص على المبالغ المودعة لديه، وثانيا الحفاظ على السيولة النقدية لمواجهة طلب الجمهور أو المؤسسات، وثالثا البحث عن الكيفية أو الوسيلة التي تحقق له أكبر ربح لتعظيم مركزه المالي، وتتلخص هذه الأهداف فيما يلي :
1- الربحية : الغرض من تعامل البنوك التجارية بالأموال هو الربح هذا الربح يكون بين الإيرادات والمصروفات. ويمكن إظهارها كما يلي :
* مصادر الإيرادات : وتتمثل فيما يلي :
- الفوائد المحصلة من القروض المقدمة من قبل البنك.
- أجور الخدمات المختلفة كخدمات الأمانة والوصايا والجباية وأجور خدمات الإيداع.
- الفوائد والأرباح الرأسمالية من الاستثمارات والسندات.
* مجالات المصروفات : تتمثل فيما يلي :
- الفوائد المدفوعة على ودائع الأجل وعلى القروض المقدمة للبنك.
- الرواتب والأجور ومصروفات الضمان الاجتماعي مزايا المهنة للعمال.
- مصروفات عقارية ومصاريف التشغيل كمصاريف التأمين ومصاريف الخسائر الاستثنائية وضريبة الدخل.
2- السيولة : أن البنك يتعامل بأموال الناس، لذا يجب أن يكون مستعدا لمواجهة طلبات الناس، وهذا يحتم على البنك السيولة الكافية، أي المال النقدي الجاهز لديه، لذا فان البنك ملزم بدفع جزء من سيولته عند الطلب نقدا، وعليه يحرص البنك على احتياطه النقدي في حالة دفع السيل للغير.
3- الأمان : يعتبر البنك مؤتمنا على أموال الناس أي المودعين لديه الذين وضعوا ثقتهم فيه وأودعوا أموالهم، لذا على البنك الحرص على هذه الأموال حتى يحوز على ثقة الجمهور فيه، ويتمثل هذا الحرص في الضمانات التي يقدمها للجمهور أو عند إقراضه الأموال للآخرين.(2)
المطلب 4 : مصادر واستخدامات أموال البنوك التجارية
الفرع 1 : مصادر أموال البنوك التجارية
تنقسم المصادر التي تحصل عليها أي مؤسسة مالية كانت على أموالها من مصدرين أساسيين هما :
1- المصادر الداخلية ويعني بها أموال البنك الخاصة.
2- المصادر الخارجية ويقصد بها الودائع والحسابات الدائنة التي تودع لدى البنك التجاري على الأموال.

1- المصادر الداخلية : وتتكون أموال البنك الخاصة من العناصر التالية :
* رأس المال المدفوع : ويتكون من الأموال التي حصل عليها البنك التجاري من أصحاب المشروع عند تأسيسه أو من أية إضافة أو زيادة قد تطرأ عليه في المستقبل. ويمثل رأس المال المدفوع نسبة ضئيلة من مجموع أموال البنك، وذلك لسببين :
- لأن البنك لا يتعامل بشكل رئيسي بأمواله الخاصة وإنما يعتمد على الودائع التي لديه في عمليات الاستثمار.
- صغر حجم رأس المال يمكنه من توزيع أرباح أكبر على المساهمين الأوائل للبنك.
* الأرباح المحتجز ة: تعتبر الأرباح المحتجزة جزء من حقوق المساهمين، وتتخذ الأرباح المحتجزة أشكالا عديدة أهمها :
- الاحتياطات : في أي مؤسسة مالية يقتطع مبلغ معين من صافي الأرباح لمواجهة أي طارئ قد يتعرض له البنك في المستقبل. والتي لها قسمان : الأول قانوني وهو ذلك الاحتياطي الذي يكون فيه البنك مجبرا على تكوينه. أما الثاني فهو احتياطي خاص يكون مخيرا في تكوينه ويلجأ إليه البنك من أجل تغطية أي خسائر على رأس المال والاحتياطي كما يستعمله بهدف ضمان حقوق المودعين وتحقيق السيولة الدائمة للبنك.
2- المصادر الخارجية: وتنقسم إلى ما يلي:
* الودائع: وتمثل الجزء الأكبر من مصادر الأموال لدى البنوك سواء كانت ودائع تحت الطلب أو ودائع ثابتة أو ودائع صندوق التوفير.
* الاقتراض من البنك المركزي : حيث تستطيع البنوك اقتراض النقود وقت الحاجة الماسة لها أو لأغراض خاصة أخرى.
* الاقتراض من الغير : سواء من البنوك الأخرى أو من مؤسسات مالية مختلفة مختصة بالتمويل.(1)

الفرع 2 : استخدامات أموال البنوك التجارية
يقوم البنك بتوزيع موارده على الأوجه التالية :
1- القروض والتسليفات للعملاء.
2- الأوراق التجارية المخصوصة.
3- استثمارات البنك سواء على شكل مستندات حكومية أو أسهم ومستندات الشركات التجارية والصناعية.
4- الأصول الثابتة سواء كانت مباني وآلات وسيارات.......الخ (2)









 


قديم 2011-09-11, 14:31   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
breave heart
عضو جديد
 
الصورة الرمزية breave heart
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الثاني : السياسة النقدية
المبحث الأول: السياسة النقدية
المطلب1 : تعريف السياسة النقدية

السياسة النقدية تعرف بأنها مجموع الوسائل التي تمتلكها السلطات العامة من اجل تنظيم خلق النقود واستعمالها من طرف الأعوان الاقتصادية بشكل يخدم المنفعة العامة.(1)
كما تعبر الساسة النقدية عن الإجراءات اللازمة التي تمكن السلطات النقدية من ضبط عرض النقود أو التوسع النقدي ليتماشى وحاجة المتعاملين الاقتصاديين،وهي هدف البنك المركزي في ممارسته للرقابة على النقود،وعلى معدلات الفائدة وعلى شروط القروض (2)
ويعرفهاGERGE PARIENTEعلى أنها مجموع التدابير المتخذة من قبل السلطات النقدية قصد إحداث اثر على الاقتصاد ،ومن اجل ضمان استقرار أسعار الصرف.
إذا يمكن القول أن السياسة النقدية هي مجموعة من الوسائل تستخدمها الدولة بصفة عامة من اجل التأثير والرقابة على الائتمان بما يتفق وتحقيق مجموعة أهداف السياسة الاقتصادية.
والسياسة النقدية في الولايات المتحدة الأمريكية يقصد بها سياسة القروض المتبعة من طرف البنوك الفيدرالية للاحتياطات على البنوك الأخرى ،وهي تهدف إلى التأثير على قدرة الجهاز المصرفي في منح القروض ،حيث كلما قام النظام الفيدرالي برفع مؤشر الاحتياطات المجبرة للبنوك الأعضاء قام في المقابل بتخفيض قدرة هذه الأخيرة في منح القروض،والعكس صحيح.
أما في فرنسا فيقصد بمصطلح السياسة النقدية خلق النقود من طرف الدولة ويتكون ذلك عن طريق استعمال تسبيقات البنك المركزي ،أو عن طريق شراء سندات الصندوق وقد استعملت السياسة النقدية في اغلب الأحيان من اجل معالجة عدم التوازن.

المطلب 2 : البنك المركزي كسلطة للسياسة النقدية

يعرف دليل الإحصاءات النقدية و المصرفية لسنة 1984 السلطة النقدية على أنها تقوم بمهام عديدة ،وبوصفها الجهة المسؤولة عن إصدار العملة تقوم السلطات النقدية بتزويد الاقتصاد بأوراق نقدية وعملات معدنية يتم تداولها بحرية كوسيلة الدفع المعترف بها.وبوصفها الجهة الحائزة للاحتياطات الدولية بالاقتصاد فان السلطات النقدية مستعدة لقبول أو توفير نقد أجنبي مقابل عملاتها لأغراض ميزان المدفوعات ،وان تم ذلك أحيانا في ظل قيود ،أو لإجراء تعديلات بسعر صرف العملة الوطنية.ويطلب الإشراف على النظام المالي قيام السلطات النقدية بتحديد المستويات الملائمة للسيولة بالاقتصاد المحلي ولدى البنوك أيضا،وبالتأثير على تطور أصول وخصوم المؤسسات المالية تبعا لذلك (3).
ويقوم البنك المركزي بالاشتراك مع الحكومة ،في وضع وتنفيذ السياسة الاقتصادية العامة للدولة،لذلك لا يمكن أن تدار هذه البنوك إدارة مستقلة عن السياسة التي ترسمها الدولة لتحقيق الصالح الاقتصادي العام،وهذا ما يفسر شرط ملكية الدولة للبنك المركزي ،لتضمن بذلك تعاونا وثيقا بينه وبين السلطة الحكومية،ويعتبر البنك المركزي بمثابة المستشار المالي للدولة،بالإضافة إلى ذلك فهو يقف على قمة النظام المصرفي سواء من ناحية الإصدار النقدي أو من ناحية العمليات المصرفية وتحقيق الرقابة عليها. (4)
وبمرور الزمن أصبح البنك المركزي أكثر مرونة في الإصدار وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية ،إذ صار على البنك المركزي أن يقوم بدور أكثر إيجابية في توجيه السياسة النقدية والمالية للدولة ،في هذا الإطار وبصفته بنكا للبنوك ،يقوم البنك المركزي بدور الرقابة على البنوك ويستعين ببعض الوسائل التي تدخل ضمن إطار السياسة النقدية ،والتي يرمي من خلالها إلى تحقيق التوازن الاقتصادي عن طريق التأثير على الكتلة النقدية.
ففي الولايات المتحدة مثلا فان الإشراف على السياسة النقدية يعتبر من مهام مجلس ولاة بنوك الفيدرالية،الذي يقدر كل العمليات الضرورية لتوجيه القروض ،تغيير معدل الخصم ،تغيير معدل الاحتياطي الإجباري ،التدخل في السوق المفتوحة. ويساعده في
نشاطه هذا مؤسسة ذات طابع استشاري هي المجلس الفدرالي ،والذي يضم 12 عضو منهم 7 أعضاء ملاحظين يمثلون البنوك
التجارية وتتكلف إدارة مراقبة البنوك بمراقبة سير كل البنوك التجارية،وقد ظهرت بجانب كل هذه الأجهزة ،بموجب القانون البنكي لسنة 1933..
وعموما فان البنك المركزي في اغلب الدول هو الذي يشرف على السياسة النقدية ،حتى وان اختلفت التسميات والشكل القانوني بين البلدان.ونادرا ما توجد أي شكوك بشان المؤسسة المالية المتوجب اعتبارها البنك المركزي.

المطلب 3 : أهداف السياسة النقدية
الفرع 1 : الأهداف النهائية للسياسة النقدية:

هذه الأهداف ليست محل اتفاق بين الدول من حيث عددها ولهذا نجدها تتباين بينها .
وعموما نجد الأهداف في البلاد العربية نتيجة استقراء التشريعات تدور حول العناصر التالية:
- تحقيق الاستقرار النقدي.
- ضمان قابلية صرف العملة والحفاظ على قيمتها الخارجية.
- تشجيع النمو الاقتصادي.
- المساهمة في إنشاء أسواق مالية ونقدية متطورة .
- تحقيق التوازن الداخلي والخارجي.
أما في الدول الصناعية هناك اتجاه متزايد نحو عدم التوسع في الأهداف ،والاقتصار على هدف واحد للسياسة النقدية يتمثل في استقرار الأسعار،أي استهداف التضخم بوضع معدلات يستخدم البنك المركزي الأدوات الممكنة من اجل الوصول إلى هذه المعدلات.
ففي الولايات المتحدة مثلا فان أهداف السياسة النقدية تنحصر في تحقيق استقرار الأسعار وتعظيم العمالة فقط،مع وجود جدل يتعلق بضرورة حصر هذه الأهداف في تحقيق استقرار الأسعار.
أما في بريطانيا فأهداف السياسة النقدية التي يشرف عليها بنك إنجلترا بشكل مستقل فتتمثل في :
- المحافظة على سلامة العملة وقيمتها.
- المحافظة على استقرار النظام المالي المحلي والدولي .
- تامين الخدمات المالية البريطانية.
أما بالنسبة للبنك المركزي الألماني فان هدف السياسة النقدية هو استقرار الأسعار.
وعموما فان الهدف النهائي للسياسة النقدية في الدول المتقدمة مرتكزا بشكل كبير على استهداف التضخم ،دون أن ننسى مجموعة من الأهداف الأخرى الثانوية من بينها نذكر:
• استقرار أسعار الصرف ،فبما أن السياسة النقدية لها اثر على مستوى الأسعار واستقرارها ،فإنها بذلك لها اثر على أسعار الصرف.
• الوفاء بمتطلبات القطاعات الاقتصادية:فالسياسة النقدية تستهدف توفير القروض اللازمة خاصة في فترة الرواج الاقتصادي أين يتزايد طلب القطاعات الاقتصادية على الائتمان.
• استيعاب الصدمات الناجمة عن التقلبات الاقتصادية:للسياسة النقدية دور مهم في تخفيف الآثار السلبية للتقلبات التي تحدث في الاقتصاد ،خاصة في فترة الكساد أو الانكماش بإتباع سياسة توسعية ائتمانية،وفي فترة الرواج بإتباع سياسة ائتمانية تقييدية.
الفرع 2 : الأهداف الوسيطية:
تستعمل كأدوات من اجل الوصول إلى تحقيق أحد أو بعض الأهداف النهائية للسياسة النقدية (استقرار الأسعار،التشغيل الكامل،تحقيق معدل نمو اقتصادي معين) هذه المتغيرات المختارة يجب أن يتم التحكم فيها بإتقان من طرف البنك المركزي.هناك نوعين من الأهداف الوسيطية الممكنة : أسعار الفائدة والمجمعات النقدية.




* سعر الفائدة : يعتبر المحدد الأساسي لسلوك الأعوان الاقتصاديين (1) فهو يعتبر وسيلة للسياسة النقدية تستعمل من اجل غايات داخلية وخارجية (التأثير على حركة رؤوس الأموال).
يقوم البنك المركزي بالتأثير على السعر المعمول به في البنوك التجارية ،وهذا داخل السوق النقدي ،لكن هذا التأثير لا يبقى محدود داخل هذا السوق وإنما يمتد حتى يصل إلى السوق المالي وكذا سوق الصرف فأي ارتفاع في هذا السعر يتنقل ويؤثر على إجمالي أسواق رأس المال حسب الخطوات التالية:
1- التأثير على عمل البنوك (2) : إن عملية بيع القيم المالية (أوراق تجارية أو مالية حكومية ) من طرف البنك المركزي في السوق النقدي يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة بالنسبة لجميع القيم المالية الأخرى المتداولة في السوق وهذا ما سوف يؤثر على السيولة البنكية .
فالبنوك من جهة سترفع من أسعار الفائدة الدائنة (السعر المقروض) وستبحث من جهة أخرى عن مصادر تمويلية أخرى عن طريق إصدار أوراق مالية في المدى القصير أو الطويل.
2- التأثير على قرارات الجمهور: إن ارتفاع أسعار الفائدة الدائنة سيؤدي بالأفراد والمؤسسات إلى تقليص الطلب على القروض والتوجه نحو أسواق رأس المال ، ثم إن الطلب والإقبال المستمر على الأوراق المالية في السوق خلال الأجل القصير والمتوسط والطويل يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة في هذه السوق .فمن اجل الاستفادة من هذا الارتفاع ،المؤسسات المالية والأفراد سيقللون من توظيف حافظة أوراقهم المالية في الأجل الطويل.
3 - التأثير على سعر الصرف : إن ارتفاع الأسعار داخل السوق الوطني سيجلب مستثمرين أجانب،مما يؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف نظرا لاستبدال العملات الأجنبية بالعملة الوطنية ،ومن الملاحظ كذلك انه لما يكون بلد يتمتع بإمكانية جلب عدة مستثمرين أجانب ،فهذا يؤثر على أسعار صرف الدول الأخرى كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية .
" حدود تطبيق هذه السياسة (سعر الفائدة) (3) : هذه الحدود تظهر لنا في ثلاث نقاط:
1 – من الممكن انه رغم الارتفاع في أسعار الفائدة فان الجمهور يبقى صامدا لظنه أن هذا الارتفاع هو في سعر الفائدة الاسمي وليس الحقيقي ، حيث أن سعر الفائدة الحقيقي هو بالفرق بين سعر الفائدة الاسمي ومعدل التضخم ،فأي ارتفاع في هذا الأخير سيؤدي إلى الانخفاض في سعر الفائدة الحقيقي ،وأي انخفاض في معدل التضخم يؤدي إلى الارتفاع في سعر الفائدة الحقيقي وبذلك فهو يعتبر المؤثر المباشر في قرارات الجمهور .
2- المرونة الكبيرة لأسعار الفائدة الناتجة عن قيام السلطات النقدية برفع أسعار الفائدة أو خفضها بشكل مبالغ فيه من اجل الوصول إلى النتيجة المرجوة .
3- عدم التكامل بين الأهداف الداخلية والخارجية يجعل انه لما بلد يريد أن يشجع النشاط الداخلي فانه يعمل على تخفيض أسعار الفائدة ،هذا مايظهر سلبا في ميزان المدفوعات على شكل هروب لرؤوس الأموال ،وهذا ما يؤدي إلى ارتفاع الطلب على العملة الأجنبية وانخفاض قيمة العملة الوطنية.
* المجمعات النقدية : يمكن للسلطات النقدية أن تحدد الهدف الوسيطي من مراقبة المجمعات النقدية ،والمجمعات النقدية هي عبارة عن مؤشرات إحصائية لكمية النقود المتداولة وتعكس قدرة الأعوان الماليين المقيمين على الإنفاق،بمعنى أنها تضم وسائل الدفع لدى هؤلاء الأعوان .
ومكونات المجمعات النقدية تتغير من بلد لآخر على حسب الميزات الخاصة بنظامه المالي ،فهي ترتبط بطبيعة الاقتصاد ودرجة تطور الصناعة المصرفية والمنتجات المالية ،وتعطي هذه المجمعات معلومات للسلطات النقدية عن وتيرة نمو مختلف السيولات .
يتم ترتيب المجمعات النقدية عادة حسب درجة السيولة وهي كالتالي:
القاعدة النقدية : B
المتاحات النقدية : M1
المتاحات شبه النقدية +M1: M2
الأصول المالية المملوكة من طرف الأعوان المالية +M2: M3
الأصول المالية المملوكة من طرف الأعوان غير مالية+M3: L
المراقبة تكون على احد أو كل هذه المجمعات حسب تطور النظام المالي .
إن الدور الذي يلعبه السوق النقدي كوسيط مالي يجعله يحدد نوع المجمع أو المجمعات التي يمكنها أن تمثل لنا الكتلة النقدية التي تخضع للرقابة.
وفي وقتنا الراهن مع التوسع والتجديد المالي الذي يجعل من عملية الاستبدال بين الأصول السائلة عملية مهمة ،فان السلطات النقدية مطالبة بتحديد مجمع واسع يتضمن كل السيولة المملوكة من طرف الأعوان الماليين وغير الماليين.
مع أن المراقبة تكون على الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (M2أوM3) إلا انه لا يجب إهمال المجمع M1الذي يجب أن يحض بمتابعة دائمة لأنه يعتبر المؤشر الذي يظهر مدى قدرة الأعوان على القيام بالعمليات المالية.

الفرع 3 : أهداف السياسة النقدية في النظام الإسلامي:
إن النظام المصرفي والنقدي الإسلامي هدفه هدف أي نظام آخر ،يساهم في تحقيق الوظائف الخاصة به كنظام قائم بذاته ونتطرق لهذه الأهداف الوظائف فيما يلي )1) :
- الرفاهية الاقتصادية الكاملة والمعدل الأمثل للنمو الاقتصادي: إن الاستخدام الكامل للموارد البشرية بالطريقة الفعالة هي من أهداف السياسة النقدية في الإسلام ،لأنه يساعد على تحقيق الرفاهية الاقتصادية ويعطي الإنسان كرامة بصفته خليفة الله في الأرض كما أن الاستخدام الأمثل للموارد المادية المتوفرة للإنسان هو هدف مهم في الإسلام ولقد أرجع علماء الشريعة على أن الهدف الأساسي هو تحقيق مصلحة البشرية وتقليل مصاعبها ومشاكلها وان تطبيق هذا التصور على السياسة النقدية يعني السعي إلى رفاهية الإنسان بتحقيق جميع حاجاته وبالقضاء على جميع مصادر المصاعب والمعضلات التي تعترضه ،وتحسين حياته ،بالإضافة إلى هذا فان هذه الأهداف تعتبر فضائل في الإسلام مأجور من حققها.
- العدالة الاقتصادية والاجتماعية والتوزيع المصنف للدخل والثروة: إن تحقيق أهداف العدالة الاقتصادية والاجتماعية والتوزيع الإسلامي المصنف للدخل والثروة هو جزء لا يتجزأ من الدعائم الفلسفية الأخلاقية للإسلام والتي بينت على أساس الإنصاف و الأخوة الإسلامية ،وعليه فان النظام المصرفي والنقدي وكذلك السياسات المتعلقة به تسعى دائما إلى تحقيق هذه القيم.
- الاستقرار في قيمة النقود: إن الاستقرار في قيمة النقود (2) هدف إسلامي مهم ذلك أن الإسلام يخلق أهمية قصوى على الأمانة والعدل في جميع المعاملات ،في حين أن التضخم يضر بالعدالة الاجتماعية فهو يمنع النقود من أداء وظائفها المعروفة وكذلك يجعلها معيارا غير منصف للمدفوعات الآجلة،ومستودعا للقيمة غير موثوق به ،والتضخم يقلل من فعالية النظام النقدي كما يفسد القيم ويشجع المضاربة على الأسعار على حسب النشاط الإنتاجي ويزيد من التفاوت في الدخل .كل ذلك يتنافى مع الإسلام .
- توظيف المدخرات : من أهداف النظام النقدي والسياسة النقدية في الإسلام توظيف المدخرات ومحاربة الاكتناز ولقد نصت آيات من القران الكريم على ذلك.وعليه فان تحقيق مقاصد الإسلام يستلزم مؤسسات مالية تتكون من مهارات كفيلة بالتوظيف الأحسن والأمثل ،ويجب أن تكون هذه المؤسسات مجهزة بما يجعلها كفيلة بالقيام بالدور الذي أنشأت من اجله وان لا يكون لها نتائج تضخمية.
تقديم خدمات متنوعة: يجب على النظام الإسلامي (3) أن يكون قادرا على تقديم كل أنواع الخدمات المصرفية بطريقة فعالة وبمستوى أرقي من المصارف الربوية ويجب عليه أن يقوم بالوفاء بالاحتياجات الحكومية غير التضخمية.ويجب أن يكون هناك تطوير تواصل للسوق الأولوية الضرورية لتقديم موارد مالية لمن له القدرة على ترويضها ،والأسواق الثانوية المساعدة والمدخرين والمستثمرين على سير مدخراتهم واستثماراتهم وفي حالة انعدام السوق الثانوية يجبر أصحاب رؤوس الأموال على الاحتفاظ برصيد نقدي كبير وهذا ينعكس بصورة سلبية على معدل النمو الاقتصادي حيث لا تقوم المدخرات بدورها.
المطلب 4 : أدوات السياسة النقدية

إن وضع سياسة نقدية مقنعة لا يكون إلا عن طريق توفير وسائل تعمل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على التأثير في السيولة البنكية أو على سعر القروض الممنوحة (1) .إننا نميز بين نوعين من هذه الوسائل ،النوع الأول قائم على أساس ميكانيزمات تؤثر على إجمالي النظام المالي كما هو الحال بالنسبة لسياسة السوق المفتوحة ،أما النوع الثاني فهو يتضمن وسائل مثل سياسة توجيه وتأطير الائتمان.والبنك المركزي وبصفته المسؤول عن تسيير وتنظيم الكتلة النقدية يستعمل هذه الأدوات لتحقيق الأهداف المسطرة ،بغية تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية سواء في حالة الكساد أو التضخم.وعليه فيمكن تقسيم هذه الأدوات إلى أدوات مباشرة وأخرى غير مباشرة.
الفرع 1 : الأدوات المباشرة للسياسة النقدية
تستخدم هذه الأدوات قصد التأثير على حجم الائتمان الموجه لقطاع أو قطاعات ما ،وتعمل على الحد من حرية ممارسة المؤسسات المالية لبعض الأنشطة كما ونوعا ومن أهمها نذكر:
1- توجيه وتأطير الائتمان: توجيه وتأطير الائتمان هو التأثير على نوعية الائتمان المصرفي من حلال ممارسة السلطات النقدية الممثلة من طرف البنك المركزي لدورها المؤثر على أوجه الاستعمالات الائتمان المصرفي الذي يترك أثره على النشاط الاقتصادي،فتقوم هذه السلطة بتحديد سقوف للقروض الممنوحة من قبل البنوك التجارية بكيفية إدارية مباشرة وفق نسب محددة خلال العام.كما يحدد البنك المركزي أسعار الفائدة على القروض والسلف وأسعار فوائد التأجير ،كما يحدد الأنشطة التي يمكن للمصارف الاستثمارية ممارسة نشاطها الائتماني ضمنه.
كما أن توجيه وتاطير الائتمان مدعم بوسائل أخرى مثل مراقبة الصرف من اجل الحد من حركة رؤوس الأموال والتقليل بذلك من تأثير العلاقات مع العالم الخارجي على كمية النقود .
وللإشارة فان استعمال هذه الأداة يمكن أن يقود إلى تشوهات قطاعية ،وهذا ما دفع إلى الاستغناء عنها في الكثير من الدول المتقدمة والنامية على السواء (2).
2- تنظيم القروض الاستهلاكية (3) : يقوم المصرف المركزي بفرض حد أقصى للأموال التي تستخدمها المصارف في شراء السلع الاستهلاكية المعمرة،ويمكن تنويع هذا الحد حسب درجة أهمية السلع الاستهلاكية المختلفة ،أو يقوم المصرف المركزي بفرض حدود قصوى للمبيعات المؤجلة أو تحديد رصيد من المدفوعات النقدية بطلب من المشتري بنظام التقسيط بان يدفعه كجزء من قيمة الشراء في حين يمكن تجديد جدود قصوى زمنية تسدد خلالها قيم السلع المختلفة وهو ما يؤدي إلى تخفيض عدد الأقساط مع رفع قيمة القسط.
3- النسبة الدنيا للسيولة: بمقتضى هذا الأسلوب يقوم البنك المركزي بإجبار البنوك التجارية على الاحتفاظ بنسبة دنيا يتم تحديدها عن طريق بعض الأصول منسوبة إلى بعض مكونات الخصوم ،وهذا لخوف السلطات النقدية من خطر الإفراط في الإقراض من قبل البنوك التجارية بسبب ما لديها من أصول مرتفعة السيولة ،وها بتجميد بعض هذه الأصول في محافظ البنوك التجارية ،وبذلك يمكن الحد من القدرة على إقراض القطاع الاقتصادي.
4- الإقناع الأدبي: يستطيع البنك المركزي التأثير على البنوك التجارية بالإقناع الأدبي لكي تتصرف بالاتجاه الذي يرغبه.(4) فإذا افترضنا أن البنوك التجارية تتوسع في منح الائتمان وان البنك المركزي يرى أن المصلحة العامة تقتضي إلا تتوسع في ذلك ،فيكون في مقدور لبنك المركزي أن يطلب من البنوك التجارية تقليل منح الائتمان دون الحاجة إلى اتخاذ إجراء كمي معين ،فبطريقة ودية يستطيع ذلك ونجاح هذا الأسلوب يعتمد على طبيعة العلاقة بين البنوك التجارية والبنك المركزي.فالإقناع الأدبي إذن عبارة عن مجرد قبول البنوك التجارية بتعليمات وإرشادات البنك المركزي أدبيا بخصوص تقديم الائتمان .
5- الودائع المشروطة من اجل الاستيراد: يستخدم هذا الأسلوب لدفع المستوردين إلى إيداع المبلغ اللازم لتسديد ثمن الواردات في صورة ودائع لدى البنك المركزي لمدة محددة،وبما أن المستوردين في الغالب يكونون غير قادرين على تجميد أموالهم الخاصة،فيدفعهم ذلك إلى الاقتراض المصرفي لضمان الأموال اللازمة للإيداع وهذا من شانه التقليل من حجم القروض الممكن توجيهها لباقي الاقتصاد ،ويؤدي بدوره إلى رفع تكلفة الواردات.
إن اعتماد الأساليب المباشرة لإدارة السياسة النقدية والرقابة على الائتمان مافتئ التخلي عنه يتزايد من سنة لأخرى خاصة في العشريتين الأخيرتين من القرن العشرين لصالح الأساليب غير مباشرة سواء في الدول المتقدمة أو الدول النامية وذلك لعدة أسباب )1)
- تعمل الأساليب المباشرة على خفض المنافسة المصرفية بين البنوك نتيجة الإفراط في تحديد نشاطها من خلال السقوف والمؤشرات الواجب احترامها ،وهذا من شانه معاقبة البنوك التي تتسم بالحيوية والفعالية.
- تعمل هذه الأساليب على الأضرار بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة أكثر من الشركات الكبرى ،كون هذه الأخيرة بإمكانها القيام بإقراض السيولة الزائدة لديها إلى مؤسسات أخرى بفوائد أعلى .
- تؤدي هذه الأساليب إلى بروز مشاكل إدارية نتيجة التمييز بين القطاعات والأساس الذي يتم وفقه تحديد القطاع الأساسي من غيره.وهذا ما يمكن أن يؤدي إلى تجاوزات يصعب الفصل فيها.
- انعدام الضمانات الكفيلة بكون التسهيلات الائتمانية المقدمة لبعض القطاعات سوف تستخدم للأغراض المحددة لها .حيث أن المقترضين بإمكانهم استخدام تلك القروض في أغراض أخرى.
- يؤدي استخدام هذه الأساليب إلى عدم الكفاءة في تخصيص الموارد نتيجة التمييز غير العقلاني بين القطاعات.بتمكين قطاعات معينة ليست بالضرورة هي الأحسن كفاءة من التسهيلات الائتمانية.

الفرع 2 : الأدوات غير مباشرة للسياسة النقدية:
تعتمد الأدوات غير مباشرة على استخدام السوق للتعديل النقدي بهدف التأثير على عرض وطلب النقود بطريقة تسمح بادراك الأهداف الوسيطة المتعلقة أساسا بالمجمعات النقدية.ومن أهم الأدوات غير المباشرة نذكر:
1- معدل إعادة الخصم: البنوك من اجل إعادة تمويلها تعتمد على وسيلتين:
التوجه إلى السوق النقدي أو إلى البنك المركزي.
إن سياسة إعادة الخصم قائمة على أساس علاقة مباشرة بين البنك المركزي والبنوك الثانوية دون المرور بالسوق النقدي.ومعدا إعادة الخصم هو عبارة عن سعر الفائدة أي يتقاضاه البنك المركزي مقابل إعادة خصمه الأوراق التجارية التي تقدمها البنوك التجارية لخصمها ،وتعتبر عملية إعادة الخصم شكلا من أشكال إعادة التمويل التي يقوم بها البنك المركزي لتزويد البنوك التجارية بالسيولة.
إن سعر إعادة الخصم يلعب دورين أساسيين :السعر الرسمي لعملية إعادة الخصم والسعر المدير للاقتصاد.(2) فهو يعتبر سعر رسمي حيث يضمن للبنوك إعادة تمويل في إطار سعر محدد (أي ارتفاع في هذا السعر يكون له تأثير سلبي على قيمة الأوراق التجارية أو المالية الحكومية) كما يمثل السعر المدير للقروض الممنوحة للاقتصاد لماله من تأثير على عمل البنوك .فأي ارتفاع في سعر إعادة الخصم يدفع بالبنوك إلى الرفع في سعر الفائدة الدائن (سعر فائدة القروض الموزعة)،
فهو لا يؤثر على القدرة الاقراضية وإنما على تكلفة القرض ومن جانب المقترضين .
إن سعر إعادة الخصم كان يعتبر كحق لعملية إعادة التمويل دون أن يلعب دور أداة تستعمل لتحقيق أهداف السياسة النقدية .وهكذا هو الحال في اقتصاد الاستدانة أين تضمن البنوك تمويلها عبر البنوك المركزية .
هناك علاقة بين معدل إعادة الخصم وأسعار الفائدة ذات طابع ايجابي في اتجاه واحد.وتؤدي زيادة معدلات إعادة الخصم إلى خفض حجم النقود في المجتمع .ولهذا تلجا البنوك المركزية عند إرادتها التأثير على تقليص عرض النقود إلى رفع معدل إعادة الخصم مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفائدة في الأسواق المالية .ومنه عدم تشجيع الاقتراض من البنوك التجارية.وبالتالي انخفاض الائتمان .ويتم خفض هذا المعدل عند الرغبة في زيادة حجم الائتمان.
إن سياسة سعر إعادة الخصم تصبح أداة اقل فعالية في حالة الكساد منه في حالة التضخم إذ يؤدي الكساد إذ كان كبير إلى زعزعة ثقة رجال الأعمال ،وفي هذه الحالة يصبح الطلب على القروض عديم المرونة كثيرا اتجاه التغيرات في سعر الفائدة ،فانخفاض سعر الفائدة قد لا يدفع رجال الأعمال إلى الاستثمار حتى وان أصبح صفر إن لم يتوفر الدفع إلى الاستثمار أي الربح.
2- سياسة السوق المفتوحة: تعني سياسة السوق المفتوحة دخول البنك المركزي للسوق النقدية من اجل تخفيض أو زيادة حجم الكتلة النقدية عن طريق بيع أو شراء الأوراق المالية من أسهم وسندات
السياسة النقدية تؤثر على عرض النقود ليس عن طريق المراقبة المباشرة وإنما عن طريق تأثير ميكانيزمات السوق على عملية توزيع القرض.فهذه السياسة تمنح للبنك المركزي فرصة التدخل في السوق النقدي أين تتواجد البنوك من اجل تمويل حاجاتها من النقود .فهي تعتبر أداة من اجل مراقبة حجم السيولة البنكية.يقوم البنك المركزي بالتأثير في أسعار الفائدة عن طريق التغير في حجم السيولة البنكية ،أما بشراء القيم المالية (طرح السيولة ) أو بيعها(امتصاص السيولة ).
الأوراق الحكومية هي الأكثر استعمالا لأنها تمثل عامة الجزء الكبير في حافظة البنوك (أوراق توضع من اجل تغطية الخسارة في الميزانية).البنك المركزي يجد في هذه الأوراق وسيلة فعالة لتحقيق انكماش في السيولة البنكية وإحداث تغيير في بنية الأصول البنكية.
رغم أهمية هذه الأداة في مواجهة المشاكل التي تعترض الاقتصاد فان لها حدود تتمثل في:
- يعتمد نجاحها على مدى تطور سوق الأوراق المالية وحجمه ،ومدى احتفاظ البنوك التجارية بمستويات مستقرة نسبيا من السيولة .وهذا ما يجعل هذه الأداة أكثر فعالية في الدول المتقدمة ،وضعيفة الأثر في الدول النامية التي لا تتوفر على أسواق مالية واسعة.
- إن العلاقة بين بيع وشراء الأصول من قبل البنك المركزي ومستوى النقد المتداول والسيولة لدى البنوك التجارية ليست بالضرورة قائمة .إذ يمكن للبنوك التجارية ،عند بيع البنك المركزي للأوراق المالية قصد التقليل من قدرتها على منح الائتمان ،أن تلجا إلى ذات البنك من اجل إعادة خصمها لتستعيد قدرتها على منح الائتمان ،ومن ثم المحافظة على ربحيتها التي تتأثر بتراجع مستوى القرض.
- يؤدي قيام البنك المركزي ببيع الأوراق المالية إلى زيادة المعروض منها مما يكون له اثر على أسعارها ،وهذا من شانه التأثير على المركز المالي للبنك ومن هنا على البنك المركزي العمل على استقرار أسعار هذه الأوراق حتى يضمن المحافظة على مركزه المالي.
3- سياسة معدل الاحتياطي الإجباري: تتمثل هذه السياسة في أن البنوك تجد نفسها مجبرة على تجميد نسبة من سيولتها في حساب جاري لدى البنك المركزي ،وهذه الاحتياطات في الحقيقة لا ترد إلى البنوك .هذه السياسة تستعمل للحماية من أزمة السيولة التي قد تنتج عن السحب المتكرر للنقود .كما أنها تعتبر أداة من أدوات السياسة النقدية التي تعمل على التغيير في معدل هذه الاحتياطات من اجل خلق الحاجة إلى السيولة.(1)
تعتبر سياسة تغير معدل الاحتياطي النقدي القانوني سهل الإدارة نسبيا ،مقارنة بالأدوات الأخرى ،وتكون هذه الأداة أكثر فعالة ونجاعة إذا كان وعاء الاحتياطات الإجبارية لجميع أنواع الودائع ،وكذا افتراض عدم وجود تسرب نقدي (اكتناز) وعدم وجود طرق أخرى أمام البنوك التجارية للحصول على موارد نقدية خارج البنك المركزي ،ومدى استجابة ومرونة القطاعات الإنتاجية لتلك التغيرات المطبقة من قبل السلطات النقدية.(2)
إن الرفع في معدل الاحتياطي الإجباري يخلق حاجة إلى السيولة على مستوى الجهاز المصرفي ،حيث أن نسبة مرتفعة منه (الاحتياطي الإجباري) تؤدي إلى امتصاص كل السيولة الزائدة .أما فيما يخص خلق النقود ،فان هذه العملية ستتقلص وستنعكس على الاقتصاد بحدوث انكماش في الكتلة النقدية .كما قد يؤثر معدل الاحتياطي القانوني على ربحية البنوك التجارية مما يؤدي إلى زيادة تكلفة الإقراض ،حيث تلجا البنوك التجارية في بعض دول العالم إلى زيادة معدلات الفائدة على القروض المقدمة.كم قد يؤثر أيضا على أسعار الأوراق المالية ،وخصوصا السندات العمومية ،فرفع معدلات الاحتياطي القانوني يؤدي إلى تقليص قدرة البنوك التجارية على الإقراض،مما يجعلها تسعى إلى تعويض النقص في السيولة من خلال بيعها السندات التي توجد لديها .وهذا من شانه زيادة عرض السندات مما يعمل على انخفاض أسعارها.
المبحث الثاني : الاصلاح الاقتصادي
والسياسة النقدية في الدول النامية
المطلب 1 : حدود السياسة النقدية في الدول النامية
الفرع 1 : تحديات نجاح السياسة النقدية في الدول النامية

من التحديات الرئيسية للسياسة النقدية في البلدان النامية أن التضخم ليس مجرد ظاهرة نقدية .فإلى جانب العوامل المعتادة من جانب الطلب والدفع من جانب كانت هناك خمسة مؤثرات إضافية على الأقل تمثل تحديات لسلوك السياسة النقدية .الأول ،إن تحرير الأسعار في بداية مرحلة الانتقال يؤدي إلى تصحيح مبدئي لمستوى الأسعار وتغييرات جوهرية في الأسعار النسبية وبالتالي في التضخم.والثاني،أن هذا التصحيح في الأسعار النسبية يؤدي إلى إعادة توزيع للموارد بدرجة كبيرة وبالتالي إلى التمويل النقدي لأوجه العجز المالي المتصاعد الناجم عن تظافر العائدات المالية المتدهورة وأنماط جامدة من الإنفاق مما يولد أيضا ضغوطا تضخمية .والثالث أن أوجه الجمود النزولية في أسواق السلع والعمالة ،بالإضافة إلى مقايسة الأسعار تولد المزيد من التضخم المعتدل الدائم في كثير من البلدان التي تمر بمرحلة انتقال.والرابع،انه مع نمو الدخل يزداد ايضا مستوى الأسعار في الاقتصاد ،ومن ثم يتعين على السلطات إن تحدد ما إذا كان التضخم يأتي من هذه القناة أو من غيرها .وأخيرا فان الخصخصة ،والبني المؤسسي ،وإنشاء أسواق منافسة يتطلب كثيرا من الوقت .كما أن السرعة التي يتم إدخال المنافسة والكفاءة في القطاع الخاص تؤثر كثيرا على معدلات التضخم خلال مرحلة الانتقال .ونظرا لكل التأثيرات غير تقليدية على التضخم فان وجود علاقات يمكن التكهن بها بين المتغيرات الاقتصادية الرئيسية هو شيء ضروري لانتهاج سياسة نقدية فعالة.(1)
إلى جانب هذه التحديات هناك عوامل جعلت السياسة النقدية في الدول النامية ضعيفة وذلك لافتقارها لعوامل النجاح والتي من بينها نذكر:
- تفتقر الدول النامية لوجود أسواق نقدية منظمة ،كما أنها تتميز بضيق الأسواق المالية إن وجدت ،وهو ما يؤدي إلى ضعف فعالية سياسة معدل الخصم واستحالة تطبيق سياسة السوق المفتوحة على نطاق واسع.
- نتيجة لضعف الدور الذي يقوم به البنك المركزي في التأثير على البنوك التجارية ،فان ذلك يحول دون قيام البنوك التجارية بأي دور فعال في التأثير على النشاط الاقتصادي.
- من بين أهداف السياسة النقدية هدف استقرار الأسعار ،وان كان هذا الهدف يلاءم اقتصاديات الدول التقدمة فهو لا يلاءم اقتصاديات الدول النامية.حيث أن هذه الأخيرة تعتمد في تمويل التنمية على وسائل التمويل التضخمي (التمويل بالعجز) .
- من عوامل ضعف السياسة النقدية في بعض البلدان النامية عدم استقلالية البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية وتدخل السلطة التنفيذية في ذلك .وهو مايؤدي إلى تسخير السياسة النقدية كأداة لتمويل العجز في الميزانية العامة ،مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم .وعندما يتمتع البنك المركزي بالاستقلالية يكون بعيدا عن الضغوط السياسية سواء من الحكومة أو البرلمان .وتؤدي بذلك السياسة التي ينتهجها البنك المركزي إلى التقليل من التضخم.

الفرع 2 : شروط نجاح السياسة النقدية(2)
إن نجاح السياسة النقدية في أي دولة وفي ظل أي نظام اقتصادي ،إنما يتوقف على مجموعة من العوامل والشروط أهمها :
- نظام معلوماتي فعال :وضع الميزانية (عجز /فائض) نوعية وطبيعة الإخلال ،تحديد معدل النم الاقتصادي الحقيقي ،نوعية البطالة ،القدرات الاقتصادية ،ميزان المدفوعات....
- تحديد أهداف السياسة النقدي بدقة :نرى لتعارض الكثير من الأهداف المسطرة .
- هيكل النشاط الاقتصادي :مكان القطاع العام والخاص ،سياسة الحكومة اتجاه المؤسسات الإنتاجية ،حجم التجارة الخارجية في السوق العالمية ...،وبالتالي حرية التجارة الخارجية ومرونة الأسعار.
- مرونة الجهاز الإنتاجي للتغيرات التي تحدث على المتغيرات الاقتصادية لاسيما النقدية منها
- نظام سعر الصرف :تحقق السياسة النقدية فعاليتها في اقتصاد >و سعر صرف مرن أكثر من اقتصاد ذي سعر صرف ثابت.
درجة الوعي الادخاري والمصرفي لمختلف الأعوان الاقتصادية

- استقلالية البنك المركزي في اتخاذ قراراته بشان السياسة النقدية دون تدخل أي سلطة أخرى .
- وجود أسواق مالية ونقدية متطورة
- تعميق الإصلاحات وزيادة الشفافية وتحسين الموقف المالي .

المطلب 2 : الإصلاحات الاقتصادية في الدول النامية

سياسات الإصلاح الاقتصادي هي الإجراءات المتخذة من قبل مختلف السلطات الاقتصادية بقصد تحسين أداء النشاط الاقتصادي وفق قواعد معيارية مختارة مسبقا .

الفرع 1 : أنواع الإصلاحات الاقتصادية
تصنف سياسات الإصلاح إلى مجموعتين أساسيتين (1) :
- السياسات الأصولية : وهي تلك السياسات التي يتبناها صندوق النقد الدولي .وتجد منطلقاتها في الفكر النيوكلاسيكي الذي يعتقد أن التضخم ظاهرة نقدية.
- السياسات غير أصولية : وهي تلك السياسات التي تم اعتمادها على الخصوص في دول أمريكا اللاتينية .بعيدا عن تدخل المنظمات الدولية .
سنركز في مطلبنا هذا على السياسات الأصولية وسنتحدث عن سياسات الإصلاح الاقتصادي التي يشرف عليها صندوق النقد الدولي.ويستند منهج الإصلاح في الدول النامية على ثلاثة فرضيات :
- إن كل اختلال خارجي مصدره وجود فائض في الطلب الكلي عن العرض الكلي ،نتيجة زيادة كمية وسائل الدفع بسرعة اكبر من زيادة كمية السلع والخدمات الحقيقية.
- إن سياسات الإصلاح الاقتصادي ليست انكماشية.
- إن كل إصلاح للاختلال لم يتطلب تخفيضا في الطلب الاسمي .وإعادة تخصيص عناصر الإنتاج بطريقة تؤدي لزيادة العرض الكلي.
وترمي برامج الإصلاح التي يدعمها الصندوق إلى:
- بلوغ وضع سليم لميزان المدفوعات .
- تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع ومستمر .مع الاحتفاظ بمستوى مناسب من العمالة.
- احتواء التضخم أو تخفيضه إلى أن يعادل أو يقرب المعدل العالمي .وتحقيق استقرار في سعر الصرف.
- محاولة تحقيق العدالة في مجالات :توزيع الدخل .التعليم .الصحة....
وتنطوي سياسات الإصلاح هذه على نوعين من السياسات:سياسات التثبيت وسياسات التكييف .أم الأولى (سياسة التثبيت أو الاستقرار) فتعبر عن تلك البرامج الاقتصادية التي يقدمها صندوق النقد الدولي لبعض الدول بغرض إرساء الاستقرار الاقتصادي والمحافظة عليه .بحيث تؤدي إلى تحقيق التوازن الداخلي ،الذي يعد شرطا لحدوث التوازن الخارجي.وتهدف سياسة التثبيت ،بصفة أساسية إلى تخفيض حجم الاستهلاك المحلي ،والعمل على تحريك قوى السوق في اتجاه تعزيز الإنتاج المحلي.كما يوصي الصندوق من خلال سياسة التثبيت بضرورة إتباع سياسة نقدية انكماشية ترمي إلى التحكم في المعروض النقدي،بغرض الحد من التضخم ،وتصحيح ميزان المدفوعات بحيث يأمر الصندوق بوضع سقوف على الائتمان المحلي وبرفع أسعار الفائدة حتى تذهب الموارد المالية من الاستهلاك نحو الادخار .
أما سياسة التكييف أو التعديل فتعمل على اتخاذ الإجراءات الضرورية واللازمة للتكيف مع الأوضاع والمعطيات الاقتصادية المتغيرة سواء كانت داخلية أو خارجية .وتهدف إلى توزيع وتخصيص أفضل للموارد بما يضمن رفع كفاءة الأداء الاقتصادي
وتتجه سياسة التكييف إلى إصلاح الأطر الخاصة بالسياسة الاقتصادية بما يؤدي إلى تحقيق معدلات نمو مرتفعة في المدى المتوسط والطويل.
ولقد تم اللجوء إلى مثل هذه السياسات بعد أن أدركت المنظمات الدولية أن سياسات التثبيت قد لا تتلاءم والأوضاع التي تعرفها معظم دول العالم الثالث،حيث الاختلالات عميقة والية السوق لا تعمل بشكل سليم .وفي هذا السياق تم اعتماد سياسات التكيف حيث عن طريقها تتم العودة إلى التوازن الخارجي عن طريق مجموعة من التدابير المؤسسية أو التنظيمية التي تضمن الممارسة السليمة لآلية السوق وتهدف للقضاء على عراقيل النمو.
للإشارة فانه هناك تداخل بين سياسة التثبيت وسياسة التكييف فهما سياستين متكاملتين ،فسياسة التثبيت تترك في العادة اثر ايجابي على سياسة التكييف ،إذ أن مساهمتها في تراجع معدلات التضخم ونسبة العجز الموازني تمكن من تبني رؤية واضحة ودقيقة لتحديد الأهداف المبقية والمطلوبة من عملية التكييف.كما يكون لسياسة التكييف اثر ايجابي على سياسة التثبيت حال نجاحها.
وتدور شرطية لصندوق حول تخفيض عجز الموازنة العامة ،والعودة إلى حقيقة الأسعار ،وإلغاء الدعم عن طريق الأسعار ،وتحرير أسعار الفائدة الدائنة والمدينة.ولقد تطورت شرطية الصندوق تبعا لاهتمامها بأوضاع الدول النامية ،إذ كانت الشرطية التقليدية ترتبط بتسهيلات الشرائح الائتمانية العليا ،التي يخضع بموجبها البلد المعني إلى معايير أداء متفق عليها ،وتتم التسهيلات في إطار اتفاقيات الاستعداد الائتماني أو اتفاقيات التمويل الممتد والتي تستهدف التغلب على مصاعب ميزان المدفوعات.إلى جانب هذه الاتفاقيات هناك اتفاقيات التصحيح الهيكلي وتسهيل التصحيح الهيكلي المعزز واتفاقية تسهيل التمويل التعويضي للطوارئ ...وغيرها.

الفرع 2 : الإصلاحات المالية والمصرفية في الدول النامية
مرت هذه الإصلاحات بمرحلتين أساسيتين :
المرحلة الأولى من الإصلاحات: شملت المكونات الأساسية للإصلاحات في هذه المرحلة وفق العمل بسياسات الكبح المالي بما في ذلك إزالة كافة الضوابط الإدارية على أسعار الفائدة وهيكل الأصول ،بالإضافة إلى البدا بتحويل نحو أدوات التحكم النقدي التي تستند على عوامل والية السوق.
أ- تحرير أسعار الفائدة : تم تحقيقه عبر مراحل وبصورة متوائمة مع سرعة خطوات الإصلاحات في القطاع الحقيقي ومع التقدم العام في تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي ،وبصورة أساسية ،بدأت الدول النامية برفع أسعار الفائدة الاسمية لديها وتبع على الفور تحرير أسعار الفائدة على الودائع ،أما تحرير معدلات الاقتراض من جهة أخرى فقد تم بصورة تدريجية ونم أثناء مرحلة الانتقال نحو التحرير الكامل لمعدلات الإقراض .واستخدمت معدلات استرشادية للتأثير على تحديد أسعار الفائدة على الأصول المالية الأخرى.(1) وفي هذا الصدد استعملت كل من تونس والأردن معدلات السوق النقدي كعملات استرشادية بينما استخدم المغرب سعر الفائدة التفضيلي .
ب- الابتعاد عن الائتمان الموجه : تم بالتزامن مع تحرير أسعار الفائدة ،حيث تم تدريجيا إزالة المعايير والمبادئ المتشعبة التي كانت هيكل أصول الائتمان ولشراء الإلزامي وكذلك الانتماء المخصص لبعض القطاعات ذات الأولوية وقد سهل تحقيق هذه الأمور تعزيز وتقوية المالية العامة والانتقال نحو آلية السوق في تمويل الخزانة.
ج- التوجه نحو عامل السوق في تمويل الخزانة : تم مقابلة الاحتياجات التمويلية للخزينة،قبل مرحلة الإصلاحات من خلال إلزام المصارف التجارية وشركات الوساطة المالية الغير مصرفية بامتلاك أدوات الدين العام ذات العائد المنخفض عن مستوى السوق .وأدى هذا النوع من التمويل إلى مزاحمة القطاع الخاص وإعاقة نمو الأسواق المالية ،وقد أدت السياسات المالية النقدية إلى تسهيل الانتقال نحو توفير الاحتياجات التمويلية إسنادا إلى العوامل والية السوق وذلك من خلال إصدار أذونات الخزينة التي لم يبيعها بالمزاد .وشكل هذا الانتقال تحولا نوعيا في القطاعات المالية والمصرفية في هذه الدول حيث وفرت أدوات الخزينة أداة جديدة لإدارة غير مباشرة للسياسة النقدية ممهدة للطريق أمام تشجيع وتنمية أسواق الأوراق المالية.(2)
لقد أدركت هذه الدول (3) (الدول القائمة بالإصلاحات) إن تحرير أسعار الفائدة وتحويل الحزينة نحو التمويل الذي يستند على عوامل والية السوق ان الانفتاح التدريجي لاقتصادها يتطلب وجود سياسة نقدية كفؤة ،مما يعني التحول من السقوف الائتمانية التي أثبتت عدم فعاليتها إلى الأدوات غير المباشرة لإدارة السياسة النقدية.
فمثل هذا الانتقال يتطلب تدخل السلطات النقدية في أسواق النقد للتأثير غير مباشر على أسعار الفائدة وكمية النقود ،فقد أصبحت البنوك المركزية في هذه الدول تستخدم عددا من الأدوات النقدية تتضمن أذونات الخزينة وشهادات الإيداع والمزادات الائتمانية واتفاقيات إعادة شراء .وتم في عدد من الدول العمل بتسهيلات إعادة الخصم التي تتيحها البنوك المركزية بصورة تدريجية، وتجدر الإشارة إلى أن الإدارة غير مباشرة للسياسة النقدية مازالت في طور مبكر من النمو في هذه الدول.

المرحلة الثانية من الإصلاحات: تمثل إعادة تأهيل المصارف حجر الزاوية في الإصلاحات المالية والمصرفية في الدول النامية وذلك نظرا للدور الرئيسي الذي يقوم به القطاع المصرفي في حشد الموارد.وقد تضمنت الإصلاحات المصرفية إدخال تعديلات على الأطر القانونية التنظيمية التي تحكم أعمال المصارف وفتح هذا القطاع وإعادة رسملته،وتحرير النشاط المصرفي.وفي الجزائر فقد بدا العمل في بعض الإصلاحات المصرفية على مراحل ،ارتبطت بعملية إعادة هيكلة المؤسسات العامة .أما فبما يتعلق ببرامج إصلاح شامل للقطاع المالي والمصرفي فلا يزال العمل جار لاستكمال تعميمه.
أ- إصلاح الأطر القانونية والتنظيمية : بذلت الدول النامية جهودا كبيرة لتحسين الأوضاع القانونية والتنظيمية لمؤسساتها المالية والمصرفية .فقد تمت في بعض هذه الدول مراجعة التشريعات المالية التي تحكم القطاع المصرفي ،كما تم في بعض الحالات إعادة صياغتها للتوافق مع المتطلبات المصرفية الحديثة ،ولتعكس الوجه الجديد نحو آليات وعوامل السوق ،وفي معظم الحالات تم إدخال تغييرات جوهرية في قوانين البنوك المركزية ،وعلى الأخص بما يتعلق بمسؤولية البنك المركزي في تصميم وتنفيذ سياسة نقدية قادرة على تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في استقرار الأسعار كما شملت هذه التغييرات متطلبات الترخيص للمصارف وتنفيذ القواعد التنظيمية والإشرافية .أما فيما يتعلق بالقوانين المصرفية ،فقد تضمنت التعديلات تبني متطلبات متجانسة للترخيص والتحول نحو الصيرفة الشاملة وتحديد حقوق والتزامات المديرين وتحقيق تكافؤ أكثر للفرص أمام كل من المصارف العامة ومصارف القطاع الخاص .
ب- إعادة هيكلة المصارف المالية : برزت الحاجة لإعادة هيكلت المصارف العامة من اجل استعادة جدواها كأحد متطلبات عملية الخصخصة الحتمية لها ،ولتحقيق ذلك تم انجاز إجراءات التدقيق والتقييم لمحافظ القروض التي شكلت بدورها الأسس لإعادة هيكلة عملية البنوك وحساباتها الختامية.كما برزت الحاجة إلى تحسين وضع سيولة المصارف العامة المتعثرة من خلال إعادة رسملتها ،وبالإضافة إلى إعادة رسملة البنوك ،فقد اشتملت عملية إعادة تأهيل القطاع المصرفي على إعادة هيكلة التخصيص لوظيفي للبنوك العامة وتقليص ملكية الحكومة فيها .وحولت البنوك إلى بنوك تجارية بحتة.
ج- تطوير أسواق الأوراق المالية : شهدت أسواق الأوراق المالية في الهند والصين خلال السنوات القليلة الماضية تطورات ملحوظة في نمو رسملة هذه الأسواق وحجم التداول فيها في ظل تحديث الأطر القانونية والمؤسسية والإجراءات الإصلاحية التي ستتم اتخاذها ،وفي هذا الصدد أخضعت قوانين الشركات إلى تعديلات شاملة .وشهدت هذه الأسواق تطورين هامين ،تمثل الأول بالقيام بفصل دور الإشراف عن التنفيذ من حلال إقامة هيئات تنظيمية مستقلة ،وتمثل الثاني في تخصيص البورصات وذلك بهدف خلق مناخ سليم لتشجيع الابتكار والإبداع لمقابلة الاحتياجات المتنامية للمشاركين في الأسواق.


منقول للامانة
اتمنى لكم الاستفادة والتوفيق جميعا









 

الكلمات الدلالية (Tags)
البنوك, النقدية, والسياسة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:49

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc