تفضل أخي الكريم
هل يمكن الاستغناء عن الفرض العلمي؟
♣ مقدمة: لقد أحدث المنهج التجريبي الحديث ثورة جذرية في ميدان الدراسة العلمية تجلت بوضوح فيما حققه العلم من تطورات مذهلة ومتسارعة وإذا كانت هذه القيمة موضع إنفاق بين كل الفلاسفة والعلماء على حد سواء فإن مراحل تجسيده إجرائيا لم تكن كذلك بل بالعكس عرفت تناقض جدلي حيث رأى البعض أنه يمكن الاستغناء عن الفرض بدعوى تخيلاته الذاتية المسبقة في حين رأى البعض الآخر من العقلانيين أن الفرضية خطوة منهجية ضرورية في البحث العلمي شأنها شأن الملاحظة والتجربة وأمام هذا الاختلاف نتساءل نحن هل يمكن الاستغناء عن الفرضية؟.
التحليل ق1 يرى التجربيون انه لابد من استبعاد الفرض العلمي باعتباره انه يقوم على التكهن والظن. و العلم اسمى من ذلك لذا كان نيوتن يقول أنا لا اسطنع الفروض ،كما ان الفرض يقوم على الخيال ولا يقوم على التجربة الحسية لذا كان ماجندي يقول : ***أترك عباءتك وخيالك عند باب المخبر ، والفرض يقيدالملاحظة ويصبح العالم اسيرا له ***، يقول آلان:*** اننا لا نلاحظ الا ما افترضناه من قبل و يعتبر ماجندي ان الملاحظة الجيدة تكفي يقول " ان الملاحظة الجيدة تغنينا عن سائر الفروض ، ولكل هذا وضع يكون بطرق الاستقراء ليستطيع العالم ان ينتقل مباشرة من الملاحظة والتجربة الى القانون دون الحاجة الى وضع الفروض*** ، وقد جاء جون استيوارت ميل ونظم هذه الطرق واخرجها على الشكل التالي : طريقة الاتفاق او التلا زم في الحضور ونصها : إن وجود العلة تلزم وجود المعلول وطريقة الإختلاف او التلازم في الغياب ونصها ان غياب العلة يستلزم غياب المعلول ثم طريقة التغير السلبي او التلازم في التغير ونصها ان تغير العلة يستلزم تغير المعلول واخيرا طريقة البواقي ونصها العلة الباقية للمعلول الباقي.
مناقشة: ينكر التجربيون مبادرة العقل في انشاء المعرفة العلمية لكن : الكشف العلمي يرجع الى تاثير العقل واحتياجته يقول بوانكريه :*** ان الحوادث تتقدم الى الفكر بدون رابطة الى ان يجئ الفكر المبدع ، فكما كومة الحجارة ليست بيتا كذلك اجتماع الحقائق بدون ترتيب ليست علما فالجواهر موجودة ولكن لا يتشكل عقدا " مالم يجيء احدهم بخيط ، كما ان الواقعة الخرساء ليست هي التي تهب الفكر بل العقل و الخيال ***، اما طرق الاستقراء فقد وجهت لها الكثير من الانتقادت لذا اعلن بشلار :*** ان البحث العلمي صحيح يتنافى مع هذه الطرق التي تعزود الى عصر ما قبل العلم***.
ق2 يرى العقلانيون ان الفرض العلمي هو المنطلق الضروري لكل استدلال تجريبي فلولا الفروض لما استطاع العالم ان يجرب برنارد :*** ان الملاحظة توحي بالفكرة والفكرة تقود يد المجرب ولاتكفي ما تعطيه الملاحظة من امورحسية ولكن لابد من تدخل العقل يقول ابن الهيثم :*** اني لا اصل الى الحق الا من اراء تكون عناصرها امور حسية وصورتها عقلية***.
تركيب اذن لايجب التقليل من الفرض العلمي فبدونه لايقوم أي نشاط عقلي فالتجريب بدون فرض مسبق يؤدي الى المخاطرة والملاحظة بدون تجريب مسبقة تقيد عملنا،ولكي يؤدي الفرض العلمي في المنهج التحربي يجب ان يستوفي الشروط التالية يجب ان يعتمد على الملاحظة والتجربة العلميتين كما يجب ان يكون قابلا للتحقيق بالتجربة وان يكون خاليا من التناقض وان لا يتعارض مع حقائق ثابة اكدها العلم يقول برنارد :*** "ان الذين ادانوا استخدام الفروض أخطؤوا بخلطهم بين اختراع التجربة وعاينة نتائجها ... فمن الصواب ان يقول يجب علينا معاينة التجربة بروح مجردة من الفروض ،ولكن لابد من الفرض عندما يتعلق الامر بتاسيس التجربة بل على العكس هنا لابدا أن نترك العنان لخيالنا.
خاتمة اذن يبقي الفرض العمي هو المسعى الاساسي الذي يعطي المعرفة العلمية خصبها سواء ثبت صحته او لم تثبت لان الفرض الخاطئ سيساعد على توجيه الذهن الى فرض خاطئ وهكذا حتى نصل الى الفرض
الدعاء لي بالنجاح