محور التفكير العلمي /نص السؤال " هل القطيعة شرط بناء العلم ؟ المقدمة "ان مسالة العلم لاتطرح الا بالنسبة للانسان فهو وحده الدي يتميز بامتلاكه للعقل وهو وحده الدي يريد ان يجعل من ظواهر الكون ظواهر معقولة .فبادراكه لموضوعات العالم الخارجي يعيد تنظيم عناصرها و يحكم عليها لكنه كان قديما يحكم على ما يحيط به حكما غيبيا جاهزا فجاءت احكامه غيبية ميتافيزيقية لم تفسر له ظواهر الكون فاظطر الى اعادة النظر في معرفته وبدء يفكر تفكيرا وضعيا في كل ما يحيط به فكانت احكامه اكثر انطباقا مع الواقع ولكن "هل بناء صرح العلم يقتضي من العقل البشري التخلص نهائيا من كل تفكير ليس وضعيا ؟او بمعنى اخرهل العلم حلقات متواصلة بناها العقل تدريجيا مند القديم ام ان العلم معارف جديدة تولدت بعد ان قطع الدهن صلته بالافكار السابقة؟ الموقف الاول :اتصال المعرفة العلمية بالمعرفة العامية (فلا قطيعة بينهما):يدهب انصار النظرية الاتصالية الى ان المعارف السابقة التي امتلكها الانسان هي الارضية و القاعدة التي ينطلق منها العقل لاكتشاف حقائق جديدة و هدا يعني ان المعرفة العامية هي معرفة ضرورية لكل انجاز علمي يحققه العلماء فمثلا اعمال مندل في علم الوراثة كانت منطلقا لما حققه مورغان فيما بعد و بهدا تكون مسيرة العلم عبارة عن حلقات متواصلة و مراحل متتابعة لا انفصال بينهما وبعبارة فان العقل البشري على حد تعبير اوغست كومت "انه بطبيعته يستعمل على التوالي في كل بحث من ابحاثه ثلاثة مناهج في التفلسف يختلف طابعها اختلافا جوهريا "و هو ما يعرف بقانون الاحوا الثاث و مفاده ان العقل البشري في تطوره مر على التوالي بثلاثة احوا نظرية متباينة هي الحالة الاهوتية و الميتافيزيقية و الوضغية مما يفسر ان العلم تطور بشكل تدريجي و ان المعرفة العلمية مجرد امتداد للمعرفة العامية التي تطورت و تحسنت فصارت علمية موضوعية . النقد: لكن هدا التفسير لا ينطبق على كل العلوم و ان الربط المحكم بين حلقات العلم قد يكون عائقا امام تطور العلم لان كثيرا من الحقائق قامت على تجاوز ماكان سائدا من قبل. الموقف الثاني :انفصال المعرفة العلمية عن المعرفة العامية (اقامة قطيعة بينهما):يدهب انصار النظرية الانفصالية الى ان بناء العلم و تقدمه ينطلق من التعارض القائم بين المعرفة السابقة و بين الحوادث المكتشفة التي كثيرا ما تاتي متناقضة معما سبقها من افكار مما يفسر ان العلم في نظر الانفصاليين لا ينمو ولا يتطور لا على اساس الكشف عن الاخطاء و من ثم تصحيحها و على هدا الاساس تكون المعرفة العلمية متعارضة مع المعرفة العامية كون الاولى موضوعية و الثانية داتية وعليه لايمكن اقامة ماهو موضوعي على اساس ماهو داتي بل يجب قطع الصلة مع المعارف السابقة حيث يقول غاستون باشلار "و الواقع ان الموضوعية العلمية ليست ممكنة الا ادا سبقها قطع الصلة مع الموضوع المباشر و الا ادا وضع حد للافكار التي تولدها الملاحظة الاولى و الا ادا عورضت هده الافكار "و على هد الاساس كانت القطيعة الابستمولوجية شرط بناء العلم ويضيف غاستون باشلار "كل موضوعية محققة كما ينبغي تكدب نتائج الاتصال الاول مع الموضوع "فالافكار السابقة في نظر باشلار هي العائق الاول الدي يجب تجاوزه و مسيرة العلم تكشف عن اخطاء كثيرة لم يتقدم الا بعد تصحيحها مثلا تجاوز غاليلي لنظرية ارسطو القائلة ان الطبيعة تخاف الفراغ و هكدا فان المعرفة العلمية الموضوعية تبدء عندما يتمكن العقل من قطع صلته بالمعرفة السابقة . النقد:لكن هدا التحليل لا يمكن تعميمه على كل الافكار اد لايمكن اعتبار كل المعارف السابقة خاطئة و يجب تصحيحها بل منها ما بقي صحيحا وكان بداية قوية في بناء العلم. التركيب: العلم يقتضي مراجعة الماضي: انه من غير الممكن محو معارف اعتاد عليها الانسان مرة واحدة وبشكل سريع ثم البدء من الصفر لتاسيس معرفة جديدة كما انه من غير الممكن ان يتقدم العلم دون ان يكتشف عن الاخطاء و العوائق التي سببت الركود في مسيرة تطور العلم بسبب نقص الادوات او ضعف الحواس و العقل بل ان بناء العلم يتم عن طريق مراجعة الماضي من اجل العثور على الخطا ومن ثمة تصحيحه فيكون العلم لغزا يتجدد باستمرار على حد تعبير غاستون باشلار فهو في سير دائم ما ينفك خلاله يصحح نفسه . الخاتمة :ان العقل البشري و امام غموض الواقع لا يمكنه ان يبقى سليما فما يعتبره معرفة صحيحة واضحة قد يتعرض فيها للنقد و لكن بمراجعة الماضي يقع العثور الحقيقة فتكون توبة عقلية و هكدا فان العلم هو بمثابة العودة الى الماضي مع تحول يعارض هدا الماضي و يصححه او يجدده فالعلم يحل مشكلة ولكنه لا يلبث ان يفضي الى مشكلة جديدة