اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة syrus
الذي أردت قوله هو أن الخطاب القرآني و القصصي بالتحديد لا يخوض في التفاصيل لكي لا تنصرف أذهاننا عن الأصل . فالقصة القرآنية تتميز بالإيجاز و لغة القرآن دقيقة لا تستخدم المفردات اعتباطا . و التعامل معها يكون بمحاولة فهم العلاقات التي تربطها ببعض و استكشاف الكلمات المفتاحية و ما يمكن أن تشير إليه . لكن العقل النصوصي الذي يفسر القرآن عن طريق حزمة من الروايات هو عقل غير تحليلي . أي انه عقل لا ينتج عنه الفهم لأنه يهتم بالحشو و التجميع دون تحليل . و لنأخذ قصة سيدنا موسى عليه السلام مع العبد الصالح ... سنجد أن القرآن سكت عن اسم العبد الصالح و سكت عن اسم فتى موسى و سكت عن كيفية اتخاذ الحوت سبيله سربا و سكت عن ذكر هوية أصحاب السفينة وهوية الملك الظالم و سكت عن كيفية إغراق السفينة و كيفية قتل الغلام و عن اسم الغلام و غيرها من التفاصيل . و لو كانت هذه التفاصيل مهمة لما أغفلها النص , لكن هناك ما هو أهم بكثير من هذه التفاصيل و هو جوهر القصة الذي يجب تأمله و محاولة فهمه ... و المشكلة هي انك عندما تأتي لكتب التفسير القائمة على الرواية كتفاسير الطبري و القرطبي و ابن كثير ستجد أنهم راحوا يخوضون في التفاصيل التي سكت عنها القرآن و غفلوا عن محاولة فهم لغة القصة و ما يمكن أن تشير إليه لنأخذ تفسير ابن كثير للقصة كمثال ... يخبرنا ابن كثير أن الرجل الصالح يدعى الخضر و أن الفتى هو يوشع بن نون و أن مجمع البحرين هما بحر فارس و بحر الروم ثم يروي رواية أخرى انه عند طنجة و أن الحوت كان مملحا و انه عند مجمع البحرين كانت عين الحياة من شرب منها لا يموت و أصاب الحوت بعض ذلك الماء و سار في البحر و كان كل ما يلمسه الحوت يتجمد و في رواية أخرى شق لهما الحوت طريقا في البحر فتبعاه حتى وجدا الخضر في جزيرة . ثم يذكر لنا أن أهل السفينة حملا موسى و العبد الصالح دون اجر و أن العبد الصالح خرقها في رواية بالمنقار و المطرقة و في رواية بأن نزع احد ألواحها ... و يستمر ابن كثير في نقل الروايات فيذكر لنا اسما محتملا للملك الظالم و هو "هدد بن بدد" و اسما للغلام "جيسور" , ثم يروي لنا أن العبد الصالح قتل الغلام بان اجتز رأسه و في رواية بان ذبحه و في رواية بان ضربه بحجر على رأسه . و لا يتسع المقام بذكر كل التفاصيل التي يوردها ابن كثير و تفسيره متوفر لكل من أراد الإطلاع عليه . لكن الذي يتضح من مطالعة التفاسير القائمة على الرواية أنها تركز على هوامش النص الذي سكت عنها لأنها غير مهمة و تهمل جوهر النص و لهذا فهي لا تساعدنا على فهم القصة بل تحشو رؤوسنا بمئات التفاصيل التي لا فائدة منها . و لهذا أيضا قلت أن العقل النصوصي يمارس التشويش و لا يساعدنا على فهم القصة . و معظم ما جاء به هو لغو لا فائدة منه .
و هذا التشويش يمنعنا من رؤية الأمور بوضوح . و لهذا قلت أن أصحاب التفاسير القائمة على الرواية فشلوا في فهم القصة و في فهم معظم قصص القرآن . و في هذه القصة بالذات فشلوا في إدراك رمزيتها بسبب الفهم المجتزء للنصوص و عدم التعامل مع القرآن كوحدة عضوية . لأنهم طرحوا الأسئلة التي لا فائدة منها ثم اجتهدوا في الإجابة عليها .... و لو أنهم ركزوا على السؤال الأساسي و هو ما الذي أراده الله لموسى عليه السلام أن يدركه و لماذا السفينة و الغلام و الجدار و ما دلالتها لأدركوا المغزى من القصة .... فالحلالات الثلاثة ترمز للحظات حاسمة في حياة موسى عليه السلام . فرمز لحادثة وضعه في الصندوق و رميه في اليم بالسفينة لأن الظاهر من رمي الرضيع في اليم هو الهلاك لكنه كان في الحقيقة سبب نجاته من الموت , و قتل الغلام يرمز لقتل سيدنا موسى للرجل المصري و خروجه من مصر بسبب ذلك و هو الحدث الذي شكل انقلابا في حياته , و أما الجدار و الغلامين اليتيمين فيرمزان لمساعدته للفتاتان عند وصوله لمدين و كيف شكل ذلك الأمر نقطة تحول جوهرية في حياتة بان تزوج والتقى نبي الله شعيب ثم صار نبيا بعد ذلك .... و هذا تأويل ما لم يستطع السي عبد الوهاب و اصطحاب العقل النصوصي فهمه لأنهم يهتمون بالحشو و الكم بدل التحليل و الفهم .
|
لالالا أنت بعيدا بعد السماء عن الأرض و ما هكذا تأول الأمور يا أخي إنما أنت بعيدا جدا ألا تلاحظ هذا معي حين قلت ان القصة جاءت لموسى و لم تأتي لامة من بعده بأكملها بل انت تعرف بانها حكمة فلا علاقة لها بالصندوق باليم و لا هروب موسى الى مدين و لا مساعدته الفتاتان و بالتالي لكل أمر حكمة و موعظة .
ثم إنك لم تقف عند من اتى بعرش سبأ قبل أن ترتدّ طرف سليمان اليه وهذا علما و ليس وحي و كثير من العلماء من قالوا أن الرجل هو نفسه الخضر و في هذا أختلف بعض العلماء ، لكن ما سنتناوله نحن الان هو ليس نقطة الاختلاف في كونه الخضر او آخر كما سمّاه بن كثير في تفسيره
و إنما أقول لك و لكل من مرّ على الموضوع ما كان من أمر الخضر هو علم عظيم لم يصله الإنسان بعد و ليس وحي و هو نفسه العلم الذي اتى به الرجل الصالح بعرش سبأ و لم يكن وحيا كذلك
بل هو علم قائم و العلماء و الفقهاء يسيرون في هذا الطريق إلى أن يعرفوا سرّ عن كل حرف من الحروف التي لم يستطيعوا لها تأويل و لهذا كان على رأس كل قرن من القرون مجددا للأمة الإسلامية يجدد لها دينها حتى يكون مسايرا مع الوقت و الزمان
فيقول لي أحد إن القرآن لكل زمان و مكان
فأقول له نعم و هل تعرف تفسير الحواميم أم يحتاج كل زمان و مكان عالم و مجدد ؟
و هل تعرف تفسير نون إلا كما فسرها ابن كثير ام لكم تفسيرا آخر يا أولي العقول !
بل ستحتاجون مفسرين و علماء و فقهاء عبر الأزمان رغم انوف الفلاسفة و مؤولي الكلام على حسب الأهواء ولو كره الكارهون
بخصوص تعقيبك هو بعيدا بعد عظيم حتّى عن الأمور البديهية فما بالك الشرعية أخي
بارك الله فيك