![]() |
|
قسم الأمير عبد القادر الجزائري منتدى خاص لرجل الدين و الدولة الأمير عبد القادر بن محيي الدين الحسني الجزائري، للتعريف به، للدفاع عنه، لكلُّ باحثٍ عن الحقيقة ومدافع ٍعنها، ولمن أراد أن يستقي من حياة الأمير ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الأمير عبد القادر من خلال مخطوط نادر
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() أهم النقاط الواردة في النص: ولعل من أهم النقاط التي تناولها المؤرخ, وأضاف لنا فيها الجديد: 1 البيعة: "فتعلقت أهل العقد والحل بأذيال شيخ الوسيلة سيدي "محي الدين بن المصطفى بن المختار القادري المختاري الحسني"( [9])، واختاروه للإمامة لخوفه من ربه وصلاحه ودينه فلم يجبهم لما طلبوا بعد أن راودوه كثيرا وهو يمتنع حتى هددوه، فأخرج لهم ولده عبد القادر وهو يومئذ صغير وبايعه بخط يده، فتبعه العلماء وأعيان الرعية من الحشم وغيرهم...". وقد حضر البيعة آل المشرفي وقد يكون أبو حامد معهم, سواء في البيعة الخاصة أو البيعة العامة. 2 إشارة إلى بعض معاركه: تحدث المشرفي عن بعض انتصارات الأمير عبد القادر, وأشار إلى بعض معاركه الحربية التي قادها ضد جيوش الاحتلال وذلك قبل خروجه إلى الأراضي المغربية, ويكون بذلك قد قسم المقاومة إلى مرحلتين: أ قبل إقامة الدائرة: "وسل عن تردده في الميدان "بيجو"( [10]) وأحبار الرهبان، وسل عن تردده في الصفوف أودية "سيك" وشعاب"خروف"، وسل نصارى مستغانم، وكم أخذ لهم من أسارى في الغنائم، وسل ثنية "مُزايا" وما نال في قتالها من المزايا، وسل بسيط "متيجة" وكم ظهرت لهم فيه من نتيجة، معارك سهل متيجة، وسل"وادي الزيتون" وكم سفك من دم في روضة الهتون، وسل جبال"زواوة" الشوامخ والأطواد الرواسخ، عن دخوله على العدو فيها دخول النواسخ، وسل جبال أحواز "الجزائر" و"شرشال"..." ولا بأس من التذكير ببعض المعارك الهامة التي ورد ذكرها هنا: في شهر نوفمبر 1839, وفي أواخر ديسمبر 1839 كان الأمير قد سيطر على كل المناطق المجاورة للجزائر العاصمة. 27 مارس 1840 هجومات جيش الأمير على المراكز الفرنسية المقامة بشرشال. وقعة موزايا: 17 ماي 1840: خرج الماريشال فالي, على رأس جيش عدده 12 ألف مقاتل, باتجاه مدينة المدية لاحتلالها, وفي مضيق موزايا, هاجمهم الأمير عبد القادر, وأسفر القتال عن هزيمة الجيش الفرنسي وقتل المئات من الجنود. وقد حاصرت قوات الأمير بقيادة مصطفى بن التهامي المدينة, واستطاعت الوصول إلى سور المركز الفرنسي, وأسرت العديد من الجنود الفرنسيين, وأثارت هذه الأحداث ردود فعل كبيرة في الأوساط الاستعمارية. ب بعد إقامة الدائرة: وتحدث فيها عن المعارك التي كان يقوم بها الأمير من حين إلى آخر, كما سيأتي معنا في موضعه. 3 موقف أهل تلمسان من الأمير: لعل من أهم النقاط التي تعرض لها المؤلف هي موقف كراغلة تلمسان من الأمير عبد القادر, وموقف قبائل بني عامر من خليفته البوحميدي، وجعله من الأسباب الرئيسة في انهيار المقاومة, وذلك في قوله:"لكن أبى الله أن يمضي له أمر الخلافة في أمة نبيه صلى الله عليه و سلم بسبب رجل أمّره على قبائل "بني عامر" وجعله نائبا عليهم وخليفة في مدينة تلمسان، وأحوازها فخيَّم بها، وأجرى أحكامه في جبال "بني سنوس" وجبال" تراره" والسواحل التي بعدها، ومدَّ يده في قبائل بني عامر بحكم التفويض، فرموه بعشق امرئ القيس، وجار في حكمه وعسفهم وخفض رتبة أكابرهم وصناديدهم، فركّب ونزّل وولىّ وعزل ورفعوا به الشكوى إليه فلم يزل شكواهم، فصبت قلوبهم إلى الخروج عنه مقدمة بأن اجتمع أكابرهم ورؤساؤهم على تأمير رجل بوشيخي يقال له "محمد بن عبد الله" فأمَّروه عليهم بواسطة أكابر الدوائر وصاروا يتحاكمون عنده، وكان بليد الطبع لا يحسن الحكم إلى أن قضى الله باضمحلال "البوحميدي" ومن والاه رجع الحكم للإفرنج وسلم الحد لمحدوده". وهنا نستطيع القول أنه يسجل موقف القبائل التي تسبب البوحميدي في إخراجها من دائرة الأمير عبد القادر وهي قبائل بني عامر, وقد اضطرت إلى الذهاب إلى فاس, وإلا فالمعروف عنه البوحميدي أنه من خلفاء الأمير عبد القادر الأشداء والذين وقفوا معه إلى آخر أيام المقاومة حتى وفاته بسجن السلطان عبد الرحمن مسموما. وهو الأمر الذي يؤكده الأمير محمد باشا من أنه كان "سببا في نزوح بني عامر إلى المغرب، بما بثه فيهم من الرعب وبتحريضهم على إعلان العصيان على الخليفة مصطفى بن التهامي"( [11]). وهو ما يذهب إليه أيضا المؤرخ عبد الرحمن الجيلالي في تاريخ الجزائر العام( [12]). 4 دائرة الأمير عبد القادر: تحدث المشرفي عن الدور البارز الذي لعبته دائرة الأمير في مقاومة المحتل الأجنبي.، فقال: "و((دائرة)) أميرنا الحاج عبد القادر انتقلت إلى نواحي وجدة بخيلها ورجلها، ولم تترك غزوا على عدوها، وكانت تغنم من الروم الغنائم بحيث لا تخلو غزوة من قتلى وأسرى". فبعد سقوط الزمالة وهي عاصمة الأمير المتنقلة, يوم 16 ماي 1843, وبقي معه عدد قليل من القبائل ومن المقاتلين, أعاد تكوين عاصمته المتنقلة وصارت تسمى "الدائرة", ولكن سكانها لم يتجاوزوا الألف نسمة, بينما كان سكان الزمالة ييجاوزون 60 ألف نسمة, وتمتد خيامها من نبع طاقين إلى سفح جبل عمور( [13]). ولما اشتدت محاصرة الجيش الفرنسي لتحركات الأمير انتقل بدائرته إلى الحدود المغربية, أين أقام حول نهر ملوية وراء جبل بني يزناس. وظلت من هناك تقوم بعمليات هجوم على الجيش الفرنسي, ويحاول من خلالها تخفيف الضغط عن خلفائه داخل الوطن. وهي دليل آخر على إيمان الأمير عبد القادر بتمسكه بشعبه وإيمانه أنه سيعيد ترتيب الجيش من جديد, وأنه بإمكانه أن يعطي نفسا جديدا للمقاومة المسلحة, وأن النصر سيأتي بإذن الله. 5 معركة سيدي إبراهيم: "تعرض يوما لغزوة الحاج عبد القادر بطريق من بطارقة الفرنسيس يقال له "القريني"( [14]) وهو من أبطالهم وفرسانهم مشهور عندهم بالشجاعة، ولقي الحاج عبد القادر في بلاد الأعشاش فالتقى الجمعان، فلم تمض ساعة من النهار حتى لم يبق من جيش البطريق إلا عشرة رجال أو أقل من جنده دخلوا قبة ولي وتحصنوا بها في أرض خالية من العمران ومن حام حولهم من المسلمين يرمونه من باب القبة، ولما جنَّ عليهم الليل خرجوا فأخذوا وقتلوا وبقيت أجسادهم مطعمة للرخم وللنسور وما مات جيش القريني حتى مات بطريقه. يقال أن الحاج عبد القادر بارزه فكانت رمية الحاج عبد القادر في مقتله، ولم تصب رمية البطريق مقتل الحاج عبد القادر بل أصابت عضوا من أعضاء جسده فجرحته والله أعلم". في إشارة إلى معركة "سيدي إبراهيم" قرب الغزوات، والتي انهزم فيها العدو، بتاريخ 25 أكتوبر 1845، وكان على رأس الجيش الفرنسي الكولونيل "دومونتنياك", وقد قضى الأمير فيها على كبار ضباطه منهم: كوربي وهو ربما الذي تناقلته الألسن العربية فأصبح القريني وكونيار وكوسط( [15]), ولم ينج من القتل سوى ثمانين جنديا، التجأ كلهم إلى ضريح الولي الصالح سيدي إبراهيم، وأحاطت بهم جنود الأمير من كل جهة وضيقت عليهم الحصار وقتلت منهم نحو السبعين جنديا وأسرت العشرة الباقية، ولأول مرة منذ أشهر الأمير سلاحه مسته رصاصة، وذلك في شحمة أذنه( [16]). 6 معركة عين تيموشنت: "وغدوة صباح هذه الوقعة زاد الحاج عبد القادر بمن معه من الفرسان مجدا في السير إلى أن دخل أرض "بني عامر"، فصادف جيشا للروم خرج في طلبه أو ذاهبا إلى تلمسان فوقف السيد المذكور ليتهيأ لمحاربته، فقلب الجيش راية المكاحل وأسلم نفسه للانقياد، جرَّده الحاج عبد القادر من السلاح وساقه بدوابه ومئونته أسيرا إلى أن أتى به للموضع الذي هو مخيم به قتل من قتل وأبقى من أبقى". الحديث هنا عن قافلة عين تموشنت, بقيادة الملازم أول "ماران", يوم 28 أيلول, التي استسلمت للأمير: وهي القافلة التي أرسلها كافينياك بحراسة 204 من عناصر بإمرة الملازم أول ماران, لتعزيز حامية عين تموشنت, فأسرع الأمير إلى سيدي موسى حيث فاجأها في 28 أيلول, واستسلمت دون مقاومة, وأرسل الأمير جميع عناصرها وهم ثلاث ضباط, و10 رتباء, و20 عريف, و171 جندي إلى دائرته وضمهم إلى أسرى واقعة سيدي إبراهيم( [17]), ويبدو أنهم قتلوا مع من قتل في قضية مقتل أسرى سيدي إبراهيم الذي أمر بقتلهم مصطفى بن التهامي, كما هو معروف تاريخيا. ويؤكد المشرفي حقيقة سيطرة الأمير على الجيش الفرنسي في هذه الفترة فيقول: "واشتدت وطئته على الفرنسيس"، وذلك بعد تطبيق طريقة الكر والفر التي اعتمدها الأمير ضد قوات الاحتلال, إذ كان يهاجم سراياها ثم ينسحب من أمامها ليتمركز في موقع آخر, يشرف على تحركاتها, وهو ما يتجلى في مراسلة كافينياك بتاريخ 30 أيلول 1844 إلى لامورسيار الحاكم العام بالوكالة, إذ قال: "لقد أصبح عبد القادر سيد البلاد التي تمتد بين الحدود الشمالية وأعلي نهر التافنة, إنه لنجاح هائل لعبد القادر, وأنا أشعر أنني عاجز عن وضع عوائق في طريق زحفه"( [18]). 7 الصراع بين المغاربة والفرنسيين: ثم يرجع المشرفي إلى الوراء ليتحدث عن الخلاف الواقع بين المغاربة والفرنسيين, والذي أدى في الأخير إلى قيام الحرب بين الطرفين, ونتج عنها اتفاقياتي الصلح المعروفتين: طنجة, للا مغنية. "إلى أن خرج ابن أمير المؤمنين مولانا محمد بن مولانا عبد الرحمن بن هشام العلوي لمحاربة الفرنسيس في قضية وجدة، وفاجأه المارشال "بيجوا" وهو بساحة المدينة نازلا على ضفتي الوادي عند طلوع الشمس فحصل الروع لمحله الشريف فمنها من ركب لملاقاة العدو، ومنها من صار يجمع حوائجه وافتتن خوفا من الهزيمة وجيش الروم بساحة المحلة.... وانهزمت الركبان مجردة عن أمتعتها وفساطيطها وأخبيتها وخيامها، وتبعت خيل الفرنسيس من أعراب الدجن وغيرهم خيل الهزيمة. وآخر المنهزمين أمير المحلة لأنه لم يظن من قومه أنهم يولون عدوهم الأدبار". يعود فيتحدث عن الخلاف المغربي الفرنسي, وبالضبط عن معركة وادي سلي 19 جوان 1844 م، التي وقعت بين الجيوش المغربية بقيادة ولي العهد مولاي محمد والجيوش الفرنسية بقيادة "بيجو"، وقد كانت هذه المعركة حاسمة في تقرير مصير الأحداث التاريخية في المنطقة، إذ جعلت حدا للتضامن الذي كان سائدا بين الجزائريين والمغاربة, وقد نتج عنها احتلال بيجو منطقة وادي أيسلي, وتمكن من طرد قوات الأمير محمد في أقل من 10 ساعات. وبعد هزيمة جيش ولي العهد, أرسل بيجو إلى السلطان المغربي يطلب الهدنة: "...وبهذا كله إن أردت الهدنة بيني وبينك تقبل كذا وكذا, ومن جملة الشروط التي لابد منها إخراج الحاج عبد القادر بن محي الدين من أرضك فإنه مستند عليك. فقبل مولاي عبد الرحمن الشروط وارتفع النزاع بينهما". وفعلا تمت الهدنة بين الطرفين، فبعد هزيمة ولي العهد المغربي, طلب السلطان المغربي من حكومة سولت الفرنسية توقيع معاهدة صلح لوضع حد لخلافاتهما, وألف المسئولون في كل من باريس وفاس وفدين للتباحث, وبعد مفاوضات عدة في مدينة كاديكس وافق أعضاء الفريقين, على ثمانية شروط ووقعا معاهدة بتاريخ 10 سبتمبر 1844 سميت معاهدة طنجة, أهم شرط هو اعتبار الأمير عبد القادر خارجا عن القانون أينما وجد, وبذلك يجب على السلطتين الفرنسية والمراكشية ملاحقته والقبض عليه, ومن سجنه في إحدى المدن الساحلية المغربية على المحيط الأطلسي( [19]). 8 الصراع بين السلطان عبد الرحمن والأمير: "وكان يراصد السلطان عبد الرحمن الحاج عبد القادر بسُبة يعتمد عليها ويخرجه من بلاده لأجلها حتى أوقع بفئة "أرغنغان"( [20]) من "ريف قلعية" وقتل منهم عددا عديدا في ما أخذوه له من الماشية التي كاتبهم مولاي عبد الرحمن على ردها له، فلم يمتثلوا أمره ثالث مرة فأصبحوا يقولون السلطان هذا يريد منا بيعته ونصرته". وفئة "ارغنغان" من ريف قلعية, وقد جاء عن هذه الواقعة في تحفة الزائر ما يلي: "... ولما اتصل الخبر بالأمير وهو بمخيمه ببلاد مكناسة رجع إلى الدائرة ووجد قبيلة "قلعية" أغاروا على كراع الدائرة، فأخذوا منها عددا وفيرا فأسرها في نفسه، وبعد أيام نزل على قبيلة قلعية وبعث إليهم برد ما اختطفوه من الدائرة فأبوا ذلك، وأصروا على بغيهم، فحينئذ سار إليهم في جموعه فأثخن فيهم بالقتل والأسر وأذاقهم شديد النكال ورجع إلى دائرته، وكان أكثر الأسارى من أعيانهم فتعهدوا برد جميع ما أخذته قبيلتهم من الدائرة، وبعد الوفاء بذلك أطلق سراحهم، واشتهرت الواقعة." وبعد ذلك قامت الحرب بين الجيش المحمدي وجيش السلطان:"...فجهز له السلطان للأمير محلتين عليهما ابناه فقاتلاه وأخرجاه من بلاد السلطان، ونزل بأهله في جبل "بني يزناس" بعد افتراق جمعه". والمعروف تاريخيا أن السلطان عبد الرحمن قد جهز بناء على طلب الفرنسيين ثلاثين ألف مقاتل بقيادة ولديه محمد وسليمان, وقائد منطقتي الريف ووجدة, وقرر مساعدة الفرنسيين في إلقاء القبض على الأمير, الذي أرسل خليفته البوحميدي إلى السلطان للسماح لهم بالانسحاب إلى الصحراء إلا أن السلطان قتل رسول الأمير. وبدأت المعارك بين الطرفين يوم 10 ديسمبر 1847، وذلك بالقرب من قلعة سلوان القريبة من بلدة مليلة في الريف المغربي, وهو مكان إقامة الأمير بمخيمه, وكان فرسان الأمير لا يتجاوز عددهم الألفين, وخسر الأمير 150 من جنده, وانسحب إلى نهر الملوية, الذي حاصرته القوات الفرنسية والمغربية, مما أدى إلى استسلام الأمير, بعد نفاذ كل الوسائل والسبل. 9 (استسلام) الأمير: سجل لنا أحداث (الاستسلام), والمشاورة التي وقعت بين الأمير وكبار القادة ومن بينهم مصطفى بن التهامي, وقد كان الأمير يريد الخروج إلى الصحراء كما مر معنا ولكن غلبه وزيره المصطفى, مما يدل على استعداد الأمير لقبول الآراء والتشاور في القضايا المصيرية, ونحن نعلم أنه قبل ذلك قد تم (استسلام) أخويه محمد السعيد, فصاحب فكرة التوجه إلى الفرنسيين هو مصطفى بن التهامي. "وأراد الخروج لأرض الصحراء يخيم بها، فغلبه "الحاج مصطفى"( [21]) خليفته ووزيره الأعظم وقال له: "الرأي عندي أن نكتب للفرنسيس يحملنا للإسكندرية، فإن وفى بما نشترطه عليه فذاك، وإن استشعرنا خيانته نبذنا أمره ونظرنا لأنفسنا الموضع الذي يصلح بنا"، فكاتبوه وانتظروا بما يرجع المرسلون فرجعوا بمكتوب جلناراتهم ورؤوسائهم مختومة بخواتمهم وأشهدوا على أنفسهم أن يجيبوهم لما طلبوه منهم، وعاملوا رسل الحاج عبد القادر معاملة التعظيم والتقريب وأعطوهم عهدا وميثاقا بوفاء ما طلب منهم، فوثق الحاج عبد القادر برسلهم وأسلم نفسه بأهله والطائفة التي معه، (واستسلم) لقضاء الله فواجهوه عند ملاقاته بهم بالترحيب والتعظيم، وظن في ركوبه البحر بمن معه أنهم يخرجوه للإسكندرية ويوفوا بالعهد والميثاق الذي واثقوه به، فإذا بهم كاتبوا "رايهم"( [22]) أنهم ظفروا بالحاج عبد القادر وجاءوا به وبأهله وبطائفته أسيرا وأخرجوه لباريس بعد أن طافوا به على مدائن "طلون". 10 منفاه بالشام: "فها هو بمن معه في حرم القدس، وفي جوار الأنبياء، مطهرا من الرجس وحسد الأنس، مكرَّما عند الناس، معظما بين الأجناس، يذكر ويتذكر، ويتعرف ولا يتنكر، يأمر ويأتمر، ويحج ويعتمر، يشكر ربه ويستغفر ذنبه، نصب نفسه للعبادة، وجعل التقوى ذخيرته وزاده، يصلي الرغائب والغيب يكشف عن العجائب، والله على أمره غالب، ويجمع بين الحاضر والغائب". النتائج: يبدو على الكاتب الإعجاب الشديد بشخص الأمير, وقد شبه جهاده بجهاد الصحابة الكرام: "بعد أن جرَّد سيفه على الأعداء وناضلهم مناضلة الصحابة الأشداء، فمشاهد قتالهم أمام وهران عديدة، جاءهم فيها بجنود عريضة طويلة مديدة، وخيله كم لها من غارة على السواحل والثغور فكانت تصهل عليهم في النجد والغور، وكم فرَّق من جموع وأخلى لهم من أماكن وربوع". قارن بينه وبين الثورات الأخرى, وذلك في ما نستشفه من خلال حديثه عن بقية الثورات التي قامت بالبلاد: كثورة بوعمامة مثلا, التي لم يكن راضيا عنها, واعتبرها مجازفة ومغامرة, فهو يقول عنهم:" وأولاد سيدي الشيخ( [23]) لهم عصبية وحمية، وكمات وأنصار سمية، ولكن ليس لهم عقول تعقلهم عن الرذائل وترشدهم إلى أسنى المقاصد والوسائل، بل قادهم الجهل إلى المهالك، وتدبيرهم تدبير المفالس والصعالك، فالدولة لا تقابلها إلاَّ الدولة، وربما كانت صولة إحداها لا تقابل الصولة، وإن أرادوا التشبه بالصحابة فمطر الديمة لا يشبه السحابة، وأين رأيت المشبه يقوى قوة المشبه به ؟ ". لم تكن الكتابة بذلك العمق أو الدقة التي نجدها عند الكتاب الغربيين لكن أهم ما ميزها هو الصدق والعفوية في الطرح والتعبير, فهو عند حديثه عن المعارك التي قادها يتحدث بإطلاق وإسهاب, دون ذكر التفاصيل أو الدقائق التي يحتاج إليها المؤرخ, فكتابته كتابة هاوي للتاريخ, أراد أن يدافع عن موقف الأمير تجاه خصومه سواء من الفرنسيين أو من المغاربة أو من الذين خانوه, وأظهر في الأخير أن نية الأمير كانت صادقة إنما الأعمال بالنيات, وهو ما يجازى عليه الإنسان يوم القيام, فنحن مطالبون بالعمل والله يتولى النتائج. وقد أرجع المشرفي سبب الهزيمة إلى عوامل ثلاثة: أ البوحميدي, ب محاصرة السلطان عبد الرحمن: ج تخلي العرب عنه. ولعل من الحقائق التي نستفيدها من هذه الكلمة عن الأمير عبد القادر هو وصف المشرفي للشيخ محي الدين والد الأمير, وهو يذكرنا لنا حقائق لم نجدها في غيره من المصادر, مثل: بلوغ محي الدين درجة أمير المؤمنين في الحديث, وأن الأتراك كانوا يتلمحون فيه المهدوية, مما يدل على شيوع هذه العقيدة لدى الأتراك, حتى لدى الجزائريين أنفسهم, وهو ما يفسر لنا اتخاذ هذه الدعوى لدى بعض من قاد الجهاد في الجزائر, في بداية الاحتلال. وأن سبب منعه من الحج هو خوف السلطات التركية من التفاف القبائل والأعراش حول الشيخ, مما سيؤثر حتما على مكانتهم, أو مما يثير ثورة أخرى مثل التي قادها الشريف بن الأحرش أو الشيخ التيجاني في بداية القرن التاسع عشر ضد الأتراك وهي الثورات التي قمعتها السلطات التركية بشدة وقسوة. خاتمة: هذه أهم النقاط التي جاءت في هذا النص النادر لمؤرخ جزائري عاصر تلك الفترة, وعايش أحداث ثورة الأمير, سجل لنا اعتزازه بثورة هذا القائد البطل, وتمجيده لها, وما كان ينتظرها من تحرير واستقلال. ثم شعوره باليأس والمرارة بعد فشلها, وأنه يجب الإعداد الجيد والتحضير السليم للقيام بثورة أخرى تعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي أما هذه الحركات والانتفاضات من غير استعداد ولا تحضير فقد يؤدي إلى نتائج عكسية, لا تحمد عقباها والموقف نفسه نجده عند صاحب القول الأوسط في تاريخ المغرب الأوسط . ويتضح لنا من خلال هذا النص اعتزاز المثقف الجزائري بثورته, واحترامه التام لما قام به الأمير من أعمال ومواقف. أرجو أن يكون قد وضح بعض النقاط الهامة في تاريخ ثورة الأمير وأنه فتح تساؤلات أخرى, عن مواقف كل من القبائل التي ساندت الثورة, وخلفاء الأمير, موقف بيجو من السلطات المغربية...وما إليها من النقاط التي إن واصلنا البحث والتنقيب, سنصل إلى فك رموزها وألغازها بحول الله. النص: "....فتعلقت أهل العقد والحل بأذيال شيخ الوسيلة سيدي "محي الدين بن المصطفى بن المختار القادري المختاري الحسني"( [24])، واختاروه للإمامة لخوفه من ربه وصلاحه ودينه فلم يجبهم لما طلبوا بعد أن راودوه كثيرا وهو يمتنع حتى هددوه، فأخرج لهم ولده عبد القادر وهو يومئذ صغير وبايعه بخط يده، فتبعه العلماء وأعيان الرعية من الحشم وغيرهم، فجلس للإمارة وأعطاها حقها، فتح الأصداف وجمع الأصناف وركب الأكتاف ومنح الأعراف ونجع الأكتاف ومرى الأخلاف، فلم يدرك من تولى الإمارة شأوه ولا قاربه أو حاذى حذوه، قام بالأمر واستبد به وهجر اللذات وأحوال الصبا والتفنن في الشهوات، وجاهد وأحسن السيرة وأمسك نفسه، فكانت لديه أسيرة. لكن أبى الله أن يمضي له أمر الخلافة في أمة نبيه صلى الله عليه و سلم بسبب رجل أمّره على قبائل "بني عامر" وجعله نائبا عليهم وخليفة في مدينة تلمسان، وأحوازها فخيَّم بها، وأجرى أحكامه في جبال "بني سنوس" وجبال" تراره" والسواحل التي بعدها، ومدَّ يده في قبائل بني عامر بحكم التفويض، فرموه بعشق امرئ القيس، وجار في حكمه وعسفهم وخفض رتبة أكابرهم وصناديدهم، فركّب ونزّل وولىّ وعزل ورفعوا به الشكوى إليه فلم يزل شكواهم، فصبت قلوبهم إلى الخروج عنه مقدمة بأن اجتمع أكابرهم ورؤساؤهم على تأمير رجل بوشيخي يقال له "محمد بن عبد الله" فأمَّروه عليهم بواسطة أكابر الدوائر وصاروا يتحاكمون عنده، وكان بليد الطبع لا يحسن الحكم إلى أن قضى الله باضمحلال "البوحميدي" ومن والاه رجع الحكم للإفرنج وسلم الحد لمحدوده. وكانت عاقبة الشيخ "البوشيخي" هذا خسرا، خرج بأهله للصحراء التي هي بلاد آبائه وأجداده وثار في أحواز واركللا على الإفرنج فاستولوا عليه بواسطة بعض الأعراب وأسروه لباريس، ولما طال أسره عندهم في تلك العدوة قيل أنه ارتد لدين النصرانية وخرج من دين الإسلام خروج السهم من الرمية ودخل في دين المسيح العليل ورشوه بماء العمودية، واستشهد عليه بقول خليل: " وإن تنصر أسير فعلى الطوع "، وذلك آخر العهد به والله أعلم. ولما كانت نية الحاج عبد القادر خالصة في دينه وملة نبيه صلى الله عليه و سلم لم يعاقبه الله في الدنيا، فكانت معيشته ومعيشة أهله على يد عدوه وصديقه، وأسكنه الله الأرض المقدسة فصار يمشي بأرض تردد فيها جبريله على كل نبي ورسول فيا لها من مشية بين قبور الأنبياء وأهل الصلاح والأولياء، بعد أن جرَّد سيفه على الأعداء وناضلهم مناضلة الصحابة الأشداء، فمشاهد قتالهم أمام وهران عديدة، جاءهم فيها بجنود عريضة طويلة مديدة، وخيله كم لها من غارة على السواحل والثغور فكانت تصهل عليهم في النجد والغور، وكم فرَّق من جموع وأخلى لهم من أماكن وربوع. وسل عن تردده في الميدان "بيجو" وأحبار الرهبان، وسل عن تردده في الصفوف أودية سيك وشعاب"خروف"، وسل نصارى مستغانم، وكم أخذ لهم من أسارى في الغنائم، وسل ثنية"مُزايا" وما نال في قتالها من المزايا، وسل بسيط "متيجة" وكم ظهرت لهم فيه من نتيجة، وسل"وادي الزيتون" وكم سفك من دم في روضة الهتون، وسل جبال"زواوة" الشوامخ والأطواد الرواسخ، عن دخوله على العدو فيها دخول النواسخ، وسل جبال أحواز "الجزائر" و"شرشال"، وكم نال العدو في بلاد "جندل"معه أتراح وأوجال، وسل "مليانة" وجبال "بني أمناصر" وكم فلَّ فيها من جيوش للفراعنة والقياصر، وسل أحواز "المدية" و"البغار"، وكم نال العدو فيها من الصغار، وسل مدائن "الزاب"( [25]) وكل موضع تحزبت فيه الأحزاب، فجل الوقائع له لا عليه، والله فيها وليه وسائق النصر إليه. فكانت مدة ولايته اثني عشر سنة( [26])، وإذا عددت وقائعه الجهادية وجدتها أكثر من أيام عمره، فضلا عن أيام ولايته وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم. فبسبب سنة الجهاد التي أحياها في آخر الزمان أحيا الله ذكره وبتقديم والده المذكور وحاز حمد الله وشكره. أبوه كان أمير المؤمنين في الحديث( [27])والسيرة النبوية، وكان يلقن الناس الأوراد القادرية( [28])، وكان الأتراك يتلمحون فيه المهدوية المنتظرة، فقد شدَّ الرحلة للحجاز يغنم حجة التطوع فتبعته الحواضر والبوادي، وبنت فساطيطها في محلته وجندت عليه الجنود في حلته ورحلته ففزعوا من ذلك وخافوا منه فردوه عن وفاء مراده، ولما انصرف الناس عنه جاءوا به من زاويته وعقلوه بوهران( [29]). يتبع...
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]()
انتهى نص المشرفي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته تعالى. عبد المنعم القاسمي الحسني. أستاذ بجامعة ورقلة. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | ||||
|
![]() اقتباس:
![]() سلام قبل الكلام اخي في الله شكرا لك على هذه المعلومات القيمة اخي هل نسية تاقدمت العاصمة الثانية لي الامير عبد القادر اين العاصمة الثانية تاقدمت ![]() فبعد سقوط الزمالة وهي عاصمة الأمير المتنقلة, يوم 16 ماي 1843, وبقي معه عدد قليل من القبائل ومن المقاتلين, أعاد تكوين عاصمته المتنقلة وصارت تسمى "الدائرة", ولكن سكانها لم يتجاوزوا الألف نسمة, بينما كان سكان الزمالة ييجاوزون 60 ألف نسمة, وتمتد خيامها من نبع طاقين إلى سفح جبل عمور( [13]). ياخي في الله اريد منك ان ترد عن سؤالي في الاخير تقبل مني فائق الشكر والاحترام .......... |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | ||||
|
![]() اقتباس:
![]() يا لأخي شكرا على مرورك قمت بالتحري فوجدت في موقع المجاهدين الجزائريين الرسمي معلومات حول عاصمة الأمير (تاقدمت) فقد قام الإستعمار بتخريب مدينة تاقدمت عاصمة الأمير عبد القادر في مايو عام 1841 ثم قام عام 1843 في 16 من شهر مايو كذلك بحرق وتخريب زمالة الأمير عبد القادر ويبدو من هذه المعلومات ان تاقدمت هي عاصمة من عواصم الأمير عبد القادر الجزائري عليه رحمة الله ورضوانه. للفائدة: تاريخ فرنسا المجيد الأنتقام من الكلاب: من كتاب مذكرات سكوت كولونيل ألتحق مع الأمير وعايش تلك البطولات وأرخ لها و مما سجله فشل الجيش الفرنسي وعجزه عن القضاء على ثورة الأمير مما جعل الملك الفرنسي ، يعين أبناءه على رأس الجيوش الفرنسية في الجزائر و من أبرزهم أبنه دوق ديمال الذي تمثل هدفه في القضاء على عاصمة ا لأمير عبد القادر تاقدمت بتيارت، و أمام فشله في مطاردة الأميرعبد القادر لأستعماله أ سلوب حرب الحركة والمناورة فقد أخلى المدينة في وقت وجيز بما فيها من سكان ومؤونة وعتاد رغم سرعة تحرك الجيش الفرنسي وأعتماده على سلاح الفرسان ونظام الجوسسة الذي حدد موقع الأمير عبد القادر الجزائري .لكن دوق دى مال تفاجأ بإخلاء المدينة و خلوها من السكان ما عدا الكلاب وشيخ مريض رفض الرحيل عن المدينة، فلم يجد ما يفعله سوى أن يأمر جنوده بمطاردة الكلاب و إبادتها والتنكيل بشيخ حيا وبعد استشهاده ليترك المدينة تحترق. وبعد رحيل الجيش الفرنسي فشله ، عاد سكان المدينة وحامية الأمير عبد القادر ليجد جثث الكلاب مترامية هنا وهناك و قد أحصى الكولنيل السكوت الكلاب المقتولة فوجده خمسين كلبا. وعلق على هذه المجزرة بقوله كان على الفرنسين أن يخلدو تاريخ المعركة بصك قطعة نقدية يظهر وجهها تاريخ المعركة وبطلها الدوق ديمال و وجهها الثاني رأس كلب لأنه لم ينجح إلا في قتل الكلاب المتشردة . وقد تصفحت الكثير من المصادر الفرنسية إلا أنها تخلو من هذه الواقعة و بعضها يشير إلا فقدان بعض الصفحات والتي تتناول التاريخ الذي يوافق هذه الواقعة. . انتهى المصدر ثم للتوضيح إن المحاضرة التي قمت بنسخها هنا هي للأستاذ عبد المنعم القاسمي الحسني استندت على مخطوط للفاضل أبو حامد العربي بن عبد القادر المشرفي، عالم, فقيه، مؤرخ، لغوي وأديب جزائري، عاش في القرن التاسع عشر. و السلام عليكم. |
||||
![]() |
![]() |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc