صوتٌ عورة !
على بوابّة إحدى " باراتِ " فرنسا ..
علّق أصحابُ الشّعار الفاتن ( حُرية ، مساواة ، أخوّة ) لافتةً وبخطّ لا يقلّ فتنة كتبُوا عليها : " ممنوع دخول الكلابِ و العرَب " * .
وقفَ أمامَها مشدوهَين كُلّ من عربي و عربي آخر .
ثم التفتَ الأوّل للثاني وقالَ - بغباءٍ جِديّ فادِح - :
- فلان . أرأيْت - وأشارَ بإصبعه نحوَ الباب - ، قلتُ لكَ وما صدّقْت : " وفاؤنا " " سمَّع " !
اقترَب الثاني من الباب .. يرغبُ في التأكّد من أنّ الكلمة الأولى " كلاب " حقاً .
وأومأ برأسِه في جذلٍ :
- إي والله !
ثم أكمَلا طريقَهُما مرفوعيْ الرأس باتّجاهِ بارٍ آخَر .
نفسُ السيناريو يتكرر . فرنسَا .. ما عادَتْ تتسِّع للمزيد من " الأوفياء " .
فمَضتْ تُهربّهُم نحوَ .. بلادٍ ، لا باراتَ فيها ؛ فيها فقط بعضُ فتاوي " تجلط " .
إذ لا تستغرِبْ حين يخرجُ رجلٌ للشَّعبِ وبملء حساباتِه البنكية يشجُب :
- يا " طمّاعين " احتسبُوا مثلي . فأنا مثلَ الشّعبِ فقيرٌ لكن أتعفّف .
حتى أني لا أملكُ مسحوقَ غسيلٍ لـ " بشتي " هذا . لذلكَ هُو - كما ترون - للاستعمالِ الواحد .
ويخرجُ آخَر في جلبابٍ أبيض ..وبخشوعٍ وكأنّهُ يبكي ، يرتّل للناس " آي الكرسي " . ويعقّب : اللهُ من كرَّمَ أولياءنا بهذي الآية ، من يجحدُها منكم كافر .
ثم يبدأ يفتي :
صوتُ الشّعبِ ، وصوتُ الثورة : صوتٌ عورَة !
ويصمتُ ولا يخبرنا شيئاً عنْ صوتِ " الدنانير " المُتصاعِد من جيبِه .
أيُّها الشَّعبُ المارقْ ..
يا مَن أنكرتَ على دولتكَ فتحَ ذراعيها لـ " الأوفياء " ..
أما أتاكَ خبرُ " الرقيةِ " الشرعية لناهبي الأموالِ العربية ؟
القاضي الذي سرقَ لم يسرقْ ..
بل جنيّ - قاتلهُ الله - تلبَّسُه فنهبَ وخرَّبَ .. و" الملبوسُ " ممّا قامَ به " المُتلبِّس " بريء .
والقاضي الثاني الذي نظرَ في قضيّة القاضي الأوّل برّأه طبعاً .
ودعى لهُ فوقَ ذلك بالشفاءِ وطولِ العُمر و" اللباس " الحسَن .
كذلك " بن عليّ "
يا شعباً لا ينظرُ إلا للسَّطح !
بعثوهُ هناكَ كيْ " يُرقى " وتطردَ منه جنّ أفسدَت في الأرضِ ما يربُو عن العقدين ..
أظننتموهُ حين قالَ مُرتجفاً " أخيراً .. فهمتكُم " ، كان يلفّقْ ؟
بَل كانت تلك بوادر تسويةٍ معَ الجنّ ليخرجْ .. هو للتوّ يستوعبُ ما كان " من وراه " يحصل .
فلا أسمعنّ منكم أحداً يتبرّم : تباً لـ " رجالٍ " لم تسلَمْ منهم .. حتّى سُلالاتُ الجِنّ الأزرقْ !
1 . صوتكِ مسموعٌ يا تُونس ..
لكنّ بلدي هُو " الأطرَش " .
2 . كلّ المهزومينَ بـ " خفّيْ حنين " يعودون .. إلّانا ،
نعودُ عندَ كلّ انسكارٍ .. حفاةْ .
3 . لنا بلدان .. بداخلهِا البيتُ الأبيضُ خامس جهاتِ الكون الأربَعْ .
وأفيونَ الشّعبِ صاعُ " كلامٍ " ،
و جحرُ الضبّ سِفاراتٌ ..
ندخلها بأرجلنا اليُمنى ،
في كُلّ مساءٍ تلدغُنا ..
وقدْ كُنا صباحاً نختالُ : نحنُ ؟ أبداً لا ، لا نُلدَغْ .
4 . قُالوا " الشَّتمُ " رصاصُ الأعزَل ..
فتحوّل كُلّ الشَّعبِ لـ .. عُزَّلْ .
5 . مُختصرُ القصّةِ قد يوجَزْ ..
في حلوى سقطَتْ من طفلٍ ،
هبّ إليها كي يلتقطَها ،
ضربتهُ الأمّ على يده : " يخّ " لا تفعَلْ !
- فإليها الشيطانُ قدْ سبقَكْ .
كذلكَ حينَ أسقطْنا يوماً ..
في بهوٍ بالبيتِ الأبيضْ ،
الجزءَ الأكبر لكرامتِنا ..
فهبّ إليهِ ليلعقهُ ،
في جشعٍ " الصّامتُ " منّا ..
ذاك الشيطانُ الأخرَسْ " !
* اللافتة حقيقة .