|
منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية كل مايتعلق بالعلوم القانونية ، و كذا طرح المشكلات والقضايا التي تحتاج إلى استشارة قانونية... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2011-02-07, 21:33 | رقم المشاركة : 16 | |||||
|
اقتباس:
المجلة هي خاصة بمنتديات الجلفة وبمشاركة الاعضاء
وهي مساحة لنشر كل ما يدور في الساحة القانونية من اخبار واحداث وتغيرات هي متجددة في حال ما اذا كانت المشاركات فيها بالمستوى المطلوب ... المجلة هي من صنع الاعضاء ولهم لانها في فائدتهم هذا الموضوع هو تجريبي فقط لرؤية مدى تجاوب الاعضاء مع الفكرة ومدى استعدادهم للمساهمة ومن ثم لكل حادث حديث ... شكرا لمرورك وتجاوبك مع الموضوع سلام
|
|||||
2011-02-07, 21:37 | رقم المشاركة : 17 | ||||
|
اقتباس:
مشكورة لتأييدك للفكرة |
||||
2011-02-07, 23:26 | رقم المشاركة : 18 | ||||
|
اقتباس:
انا كذلك اشعر بهذا
ربما لكثرة الارتباطات او ...... انا شخصيا قلت مشاراكاتي لكني دائم الوجود واطلع على كل المواضيع بالتوفيق للجميع |
||||
2011-02-20, 00:55 | رقم المشاركة : 19 | |||
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته |
|||
2011-02-20, 00:59 | رقم المشاركة : 20 | |||
|
|
|||
2011-02-20, 01:03 | رقم المشاركة : 21 | |||
|
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته جريمة النصب والتجارة الإلكترونية يحمي القانون الجنائي حق الملكية سواء كان محله عقارا أو منقولا، وان كانت ملكية المنقولات تخطى بالنصيب الأوفر من رعاية التشريع الجنائي. والجرائم التي تقع اعتداء على ملكية المنقول تنقسم إلى طائفتين رئيسيتن أحدهما تضم جرائم تكون الغاية منها الاستيلاء على مال الغير والأخرى تشمل جرائم تكون غايتها إتلاف مال الغير، ويدخل ضمن الطائفة الأولى جرائم السرقة والنصب وخيانة الأمانة([1])، . وسوف يقتصر البحث على طبيعة هذا المال وصلاحيته لأن يكون محل لجريمة النصب (الإحتيال) دون غيرها من الجرائم التي تقع على المال المتداول في التجارة الإلكترونية. سوف نتناول جريمة النصب على الأموال المتداولة في التجارة في نقطتين : 1. تناول المشرع في دولة الإمارات العربية المتحدة جريمة النصب والإحتيال في المادة (399) من قانون العقوبات الاتحادي([1])، التي نصت على أنه:يعاقب بالحبس أو بالغرامة كل من توصل إلى الإستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع هذا السند أو إلى الغائه او اتلافه او تعديله وذلك بالاستعانة بطريقة إحتياليه او باتخاذ اسم كاذب او صفة غير صحيحة متى كان من شأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على التسليم، ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من قام بالتصرف في عقار أو منقول يعلم انه غير مملوك له او ليس له حق التصرف فيه أو تصرف في شيء من ذلك مع علمه بسبق تصرفه فيه أو التعاقد عليه وكان من شأنه الإضرار بغيره. وإذا كان محل الجريمة مالا أو سندا للدولة أو لاحدى الجهات التي ورد ذكرها في المادة (5) عدا ذلك ظرفا مشددا. ويعاقب على الشروع بالحبس مدة لا تجاوز سنتين أو بالغرامة التي لا تزيد على عشرين ألف درهم ويجوز عند الحكم على العائد بالحبس مدة سنة فأكثر أن يحكم بالمراقبة مدة لا تزيد على سنتين ولا تجاوز مدة العقوبة المحكوم بها. · والإحتيال أو النصب هو الاستيلاء على الحيازة الكاملة لمال الغير بوسيلة يشوبها الخداع تسفر عن تسلم ذلك المال. · الأرول الركن المادي : وهو وسيلة الإحتيال. · والثاني : محل الجريمة أو موضوعها. · والثالث : القصد الجنائي. وفيما يلي نتحدث عن كل ركن من هذه الأركان الثلاثة بشيء قليل من التفصيل: الركن المادي في جريمة الإحتيال أو النصب هو الوسيلة التي يلجأ إليها الجاني في سبيل تحقيق الغرض الذي يرمي إليه وهو الاستيلاء لنفسه أو لغيره على مال منقول أو سند أو توقيع على هذا السند أو إلغائه أو إتلافه أو تعديله وكذلك من وسائل الإحتيال التصرف في عقار أو منقول غير مملوك للجاني، فوسيلة الإحتيال إذن إما أن تكون بالاستعانة بطريقة إحتيالية أو بإتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة، وإما أن تكون بالتصرف في عقار أو منقول. 1. الطريقة الإحتيالية أو اتخاذ إسم كاذب أو صفة غير صحيحة: يشترط في الإستعانة بأي من هذه الوسائل أنه يكون من ششأن ذلك خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال المنقول أو السند أو التوقيع عليه أو الغائه أو إتلافه أو تعديله. أ الطريقة الإحتيالية: من المسلم به فقهاً وقضاء أن الكذب المجرد لا يكفي لتوفر الطريقة الإحتيالية مهما كان منمقا مرتبا يوحى بتصديقه ومهما تكررت وتنوعت صيغتة، وقد قضت محكمة النقض بأن جريمة النصب لا تتحقق بمجرد الأقوال والإدعاءات الكاذية ولو كان قائلها قد بالغ في توكيد صحتها حتى تأثر بها المجني عليه، بل يجب ان يكون قد اصطحب بأعمال مادية أو مظاهر خارجية تحمل المجني عليه على الاعتقاد بصحته([2]). ويتعين إذن حتى تتوفر الطريقة الإحتيالية أن يوجد إلى جوار الكذب ما يؤيده ويوحي بصدقه فتعمل الأكاذيب أثرها في استسلام المجني عليه وتحمله على التسليم والتخلي عن حيازة المال موضوع الجريمة([3]). ويلاحظ أن المشرع لم يحدد في النص ما هية الطريقة الإحتيالية أو نوعها أو اسلوبها حتى تعتبر وسيلة من وسائل الإحتيال وهو في ذلك يتوسع في الأفعال التي تعتبر طرقا احتياليه بغرض الإستيلاء على مال الغير، شأنه في ذلك شأن القانون الايطالي (المادة 640 منه) والقانون السويسري (المادة 148) والقانون البولوني (المادة 264). ومهما يكن من أمر الطريقة الإحتيالية ونوعها وأسلوبها، فإنه يجب ان يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على التسليم. على أنه يجب أن تكون الطريقة الإحتيالية على درجة من الحبك الذي يسمح بخداع الشخص متوسط الذكاء، ومع ذلك فإنه من يتوسم فيه الجاني الطيبة والسذاجة يكون محلاً للحماية القانونية، غير انه يجب أن لا يكون المجني عليه من السذاجة والغفلة لدرجة أن يصدق كل ما يقال له أوي لقي إليه من أكاذيب مهما كانت فاضحة أو مكشوفة في كذبها. ويجب أن توجه الطريقة الإحتيالية إلى المجني عليه ذاته لخداعه وغشه إبتغاء اغتيال ماله، وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن الطرق الإحتيالية التي بينها القانون يجب توجيهها إلى خداع المجني عليه وغشه([4]). والطرق الإحتيالية تكاد لا تدخل تحت حصر ولكن المهم فيها أن يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال، فمن يزغم بقدرته على شفاء الأمراض أو يوهم الناس بقدرته على الإتصال بالجن وإمكان شفائهم أو الإرشاد عن مكان شيء مفقود أو استخراج كنز مدفون في باطن أرض منزل المجني عليه، فإن هذه الوقائع وامثالثها تعد نصبا واحتيالا. ب. إتخاذ أسم كاذب أو صفة غير صحيحة: كذلك من وسائل الإحتيال اتخاذ الجاني اسما كاذبا أو صفة غير صحيحة وهذه وسيلة مستقلة بذاتها من وسائل النصب والإحتيال وتكفي وحدها في تكوين الركن المادي في الجريمة دون حاجة لاستعمال طرق احتيالية، فيكفي لتكوين جريمة المصب أن يتسمى الجاني بإسم كاذب يتوصل به إلى تحقيق غرضه دون حاجة إلى الاستعانة على إتمام جريمته بأساليب احتالية اخرى([5])، كذلك الحكم النسبة لانتحال صفة غير صحيحة، فمن يدعي كذبا بأنه وكيل عن شخص اخر ويتمكن باتخاذ هذه الصفة يغر الصحيحة من الاستيلاء على مال المجني عليه لتوصيله إلى موكله المزعوم يعد مرتكبا لجريمة الإحتيال بإتخاذ صفة كاذبة ولو لم يكن هذا الإدعاء مقرونا بطرق إحتيالية([6]). إلا أنه يشترط في الإلتجاء إلى هذه الوسيلة من وسائل الإحتيال أن يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على التسليم، فمتى كانت الواقعة هي أن المتهم لم يتجاوز في فعلته اتخاذ اسم كاذب دون أن يعمل على تثبيت اعتقاد المجني عليه بصحة ما زعمه وأن المجني عليه اقتنع به لأول وهلة، فإن ذلك لا يكون من المتهم إلا مجرد كذب لا يتوافر معه المعنى المقصود قانونا من اتخاذ الاسم الكاذب في النصب، ذلك أن القانون وإن كان لا يقتضي أن يصحب اتخاذ الأسم الكاذب طرق احتيالية، إلا أنه يستلزم أن يحف به ظروف واعتبارات أخرى يكون من شأنها خداع المجني عليه وحمله على تصديق المتهم. وتقدير هذه الظروف والاعتبارات من شأن قاضي الموضوع([7])، كذلك إذا ادعى شخص بأنه مخبر من الشرطة واستولى بهذا الإدعاء على مبلغ من شخص آخر بدون أن يقترن إدعاءه بأفعال مادية اخرى من شأنها التأثير في المجني عليه، فإن مجرد هذا الإدعاء الكاذب لا يكفي لتكوين جريمة النصب، إذ ليس في مجرد اتخاذ ذلك الشخص لصفة المخبر في الشرطة ما يحمل المجني عليه على التسليم وإعطائه مالا([8]). وهذا يتفق مع ما نصت عليه المادة 399 عقوبات من أنه يجب أن يكون من شأن اتخاذ الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة خداع المجني عليه وحمله على تسليم المال، أي يجب أن يكون اتخاذ ذلك الإسم او تلك الصفة هو السبب الذي حمل المجني عليه على تسليم المال تحت إبهامه، فإذا كان الإسم الذي تسمى به الجاني أو الصفة التي ادعاها غير ذات اثر على المجني عليه ومع ذلك قام بتسليم المال إلى الجاني فلا تتوافر في هذه الحالة جريمة الإحتيال([9]). ويستوي في الإسم الكاذب أو الصفة غير الصحيحة كوسيلة للاحتيال أن يكون شفاهة او يتخذه الجاني محررا، ويستوي ان يكون الإسم المنتحل خياليا أصلا او حقيقيا لشخص اخر غير الجاني غير ان التسمي بإسم الشهرة لا يعد إسما كاذبا. أما الصفة غير الصحيحة فتكاد لا تقع تحت حصر، فقد تكون هذه الصفة درجة علمية وقد تكون مهنة أو عملا يزعم الجاني الاشتغال به كاتخاذ المتهم صفة تاجر وحصوله بناء على ذلك على بضاعة. 2. التصرف في مال ثابت او منقول: أما الوسيلة الثانية من وسائل الإحتيال فهي التصرف في عقار او منقول غير مملوك للجاني وليس له حق التصرف فيه أو التصرف في شيء من ذلك مع علم الجاني بسبق تصرفه فيه أو التعاقد عليه. وهذه الوسيلة تقوم مستقلة بذاتها ويكفي مجرد توفرها لقيام الركن المادي في جريمة الإحتيال دون اشتراط تأييدها بأشياء اخرى خارجية([10])، فزعم الجاني بملكية المال أو أن له حق التصرف فيه أو التصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه، هو في ذاته كاف لتحقيق الركن المادي في جريمة النصب، ويشترط لتوفر هذه الوسيلة من وسائل الإحتيال أمران: · الأول : التصرف في عقار أو منقول. · والثاني: أن يكون هذا المال غير مملوك للجاني أو ليس له حق التصرف فيه أو سبق أن تصرف فيه. أ. التصرف في عقار أو منقول: يقصد بالتصرف هنا كل تصرف ناقل للملكية كالبيع والمقايضة والهبة أو كل تصرف يقرر على العقار حقا عينيا كحق الإرتقاق او الرهن([11])، أما التأجير فلا يعد تصرفا في جريمة النصب، ويستوي أن يكون محل التصرف عقارا أو منقولا، فإذا كان التصرف بالبيع مثلا واردا على عقار فإن المجني عليه هو المتصرف إليه الذي يسلم المال للجاني وتقوم وسلية الإحتيال في هذه الحالة دون أي شبهة. أما إذا كان محل التصرف منقولا، فإن كان المنقول معينا بالنوع كصنف معين من الحبوب أو الثمار، فإن العقد يتم بمجرد تلاقي الإيجاب والقبول بغير توقف على تسليم المبيع، فإن كانت نية الجاني هي الإستيلاء على المال ولم ينصرف قصده إلى تسليم المنقول المعين بالنوع كان فعله هذا مكونا للركن المادي في جريمة الإحتيال، أما إذا كان نية الجاني هي تسليم المنقول فعلا ولم يكن منتويا اغتيال مال مجني عليه فلا يتوافر في حقه المنقول فعلا ولم يكن منتويا اغتيال مال مجني عليه فلا يتوافر في حقه الركن المادي في جريمة النصب حتى ولو عجز بعد هذا عن تسليم المبيع. أما إذا كان محل التصرف معينا بالذات كسيارة أو دابة محددة بأوصافها، فإن جريمة الإحتيال تقوم بتمكين الجاني من الإستيلاء على مال المجني عليه، فمن يشاهد سيارة ويتوجه إلى الجاني معتقدا أنه مالكها يبغى شراءها منه، فيبدي هذا الأخير إستعداده لبيعها له مؤكدا أنها ملكة ويتفق معه على تسليمها إليه بعد تحرير عقد البيع وقبض الثمن، فإذا تم هذا واختفى الجاني قبل التسليم، عد مرتكبا لجريمة النصب. ب. كون المال غير مملوك للجاني او ليس له حق التصرف فيه أو تصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه: يشترط في المال محل التصرف أن يكون غير مملوك للجاني أو ليس له حق التصرف فيه فإن كان مملوكا له أو له حق التصرف فيه فلا جريمة، فالوكيل الذي يقوم بالتصرف في مال مملوك لموكله بناء على عقد وكالة يفوضه فيه بالبيع، لا يرتكب جريمة نصب حتى ولو ظهر بعد ذلك ان الوكالة كانت قد انتهت او انقضت ولم يكن الوكيل قد علم بذلك. وكذلك يتوفر الركن المادي لجريمة النصب أو الإحتيال في حالة تصرف الجاني في المال مرتين، ويكون المجني عليه في هذه الحالة هو المشتري الثاني، أما المتصرف إليه الأول فليس هناك جريمة نصب وقعت في حقه. على انه يشترط بداهة أن يجهل المجني عليه أن المال ليس في ملكية الجاني أو أنه ليس له حق التصرف فيه أو أنه قد سبق التصرف فيه وإلا فلا جريمة، وقد قضى بإنه إذا كا ن دفاع المتهم قوامه عدم توافر عنصر الإحتيال في الدعوى لان المجنى عليه حين تعاقد معه كان يعلم أنه غير مالك لما تعاقد معه عليه فإن الحكم إذ دانه في جريمة النصب على أساس أن التصرف في مال لا يملك المتهم فيه هو طريقة من طرق النصب قائم بذاته لا يشترط فيه وجود طرق احتيالية يكونه قاصر البيان في الاسباب التي بني عليها([12]). يشترط أن يكون موضوع جريمة الإحتيال أو النصب مالا منقولا او عقارا مملوكا لغير الجاني أو ليس له حق في التصرف فيه أو تصرف فيه مع علمه بسبق تصرفه فيه. ولا أهمية بقيمة المال – عقارا كان أو منقولا – في قيام جريمة الإحتيال، كذلك لا عبرة بكون المال له قيمة مادية أو مجرد قيمة أدبية كالخطابات والمذاكرات الخاصة([13]). ويستوي في المال موضوع الجريمة أن تكون حيازة المجني عليه له مشروعية أو غير مشروعة، فمن يتوصل بالإحتيال إلى الاستيلاء على مواد مخدرة من آخر يعد مرتكبا لجريمة النصب، إذا توافرت أركانها، وكذلك الحال فيمن يستولى على سلاح غير مرخص بحيازته(3). ونشير هنا إلى أن الإستيلاء على المنفعة فقط بإحدى وسائل الإحتيال لا يكفي لقيام محل جريمة النصب، كمن يتوصل بطريق الحيلة إلى الركوب في وسائل المواصلات العامة بغير أجر تحت الزعم بأنه من رجال الشرطة مثلا. والعبرة في ملكية المال المنقول أو العقار للجاني أو عدم ملكيته إياه هي بالحقيقة والواقع، فإذا كان المال مملوكا لمن استولى عليه فلا جريمة في الأمر حتى ولو كان يعتقد وقت استيلائه على المال أنه مملوك لغيره، فإذا كان المال في ملك من يحتال لأخذه وهو يعلم بملكيته له وقد التجأ إلى هذه الوسيلة في سبيل الحصول عليه فلا جريمة يمكن اسنادها إليه([14]). إلا إنه يشترط في الإستيلاء على المال بأي وسيلة من وسائل الإحتيال المشار اليها آنفا أن يكون من شأن ذلك الإضرار بالغير، أي أن يلحق بالمجنى عليه ضرر من استيلاء الجاني على ماله، لأنه ما لم يحصل أي ضرر فلا يكون هناك سلب لمال الغير. ويؤخذ من احكام محكمة النقض المصرية انها تشترط الضرر ولو كان محتملا، فقد قضت بأن مجرد الاستيلاء على نقود عن طريق التصرف في مال ثابت او منقول ليس ملكا للمتصرف ولا له حق التصرف فيه يعتبر نصبا معاقبا عليه، بغض النظر عما إذا كان الضرر الحاصل من هذا التصرف قد وقع فعلا على الطرف الاخر في العقد أو على صاحب الشيء الواقع فيه التصرف([15]). كما قضت أيضا بأنه يكفي لتحقيق جريمة النصب أن يكون الضرر محتمل الوقوع([16]). جريمة الإحتيال أو النصب جريمة عمدية تتطلب توفر القصد الجنائي العام والقصد الخاص. ويتوفر القصد الجنائي العام فيها بعلم الجاني بأن الأفعال التي يأتيها يعدها القانون وسائل احتيال ومن شأنها خداع المجني عليه وحمله على تسلم المال، أما القصد الخاص فيتمثل في انصراف نية الجاني إلى الإستيلاء على الحيازة الكاملة لمال المجني عليه. فمن يتصرف في منقول أو عقار معتقدا أنه اصبح مملوكا له بطريق الميراث وهو لم يرثه بعد، لا تتوافر في حقه جريمة الإحتيال لتخلف القصد الجنائي العام. كذلك إذا لم يكن قصد الجاني منصرفا إلى تملك المال الذي تحصل عليه من حائزة بطريقة الحيلة انتفى قيام القصد الجنائي الخاص وانتفت بالتالي جريمة النصب، فمن يتوصل بوسائل الإحتيال إلى الحصول على منفعة مال من اخر لا يعد مرتكبا لجريمة النصب لأن العبرة هي نية الجاني في الاستيلاء على مال المجني عليه لا مجرد الحصول على منفعة هذا المال. ولا يمنع أن يكون الاستيلاء على المنفعة في هذه الحالة مكونا للجريمة المنصوص عليها في المادة 394 عقوبات إذا توافرت أركانها، إلا انه يشترط أن يتعاصر القصد الجنائي العام والخاص في جريمة الإحتيال مع وقت الاستيلاء على المنقول أو العقار. وقيام القصد الجنائي بشقيه عند الجاني مرده إلى وقائع الدعوى وما تستخلصه منها محكمة الموضوع، ولا عبرة في توفره بالباعث الذي دفع الجاني إلى ارتكاب الجريمة. نصت الفقرة الثانية من المادة 299 عقوبات على ظرف مشدد في جريمة النصب وهو إذا ما كان محل الجريمة مالا او سندا للدولة أو لاحدى الجهات التي ورد ذكرها في المادة الخامسة عقوبات ومنها الوزارات والدوائر الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة والجمعيات والمؤسسات ذات النفع العام، والحكمة من تشديد العقوبة في مثل هذه الأحوال هي الحفاظ على أموال تلك الجهات فضلا عما يتسم به عمل الجاني من جرأة وجسارة تتمثل في الاسيلاء لنفسه أو لغيره على مال للدولة بأحدى وسائل النصب والإحتيال. جريمة النصب أو الإحتيال من الجنح التي يعاقب القانون على الشروع فيها، ويتوافر الشروع في هذه الجريمة إذا كا القى الجاني بوسيلة من وسائل الإحتيال للاستيلاء على مال المجني عليه فاكتشف هذا الأخير تلك الوسيلة ولم ينخدع ويسلمه المال أو لم يكتشف المجني عليه هذه الوسيلة ولكن الجريمة ضبطت وقت تسليم المال. وغنى عن البيان أن الطريقة الإحتيالية هي من العناصر الأساسية الداخلة في تكوين الركن المادي لجريمة النصب، وبالتالي فإن استعمال الجاني اياها يعد شروعا في الجريمة اعتبارا بأنها من الأعمال التنفيذية([17])، أما الدجال الذي يؤثث مكانا على شكل عيادة طبية ويعين فيها ممرضا فإن اعماله هذه تعد أعمالا تحضيرية لجريمة النصب لا عقاب عليها([18]). وقد قرر المشرع على الشروع في جريمة النصب عقوبة الحبس مدة لا تجاوز سنتين أو الغرامة التي لا تزيد على عشرين ألف درهم. وفضلا عن حق القاضي في تشديد عقوبة النصب في حالة المتهم العائد والحكم عليه بالحبس مدة سنة فأكثر، فقد أجاز له المشرع أن يحكم بوضع الجاني تحت مراقبة الشرطة مدة لا تزيد على سنتين ولا تجاوز مدة العقوبة المحكوم بها، ويجب أن يبين في الحكم يوم بدء المراقبة. ويصح الحكم بالمراقبة سواء أكانت الجريمة تامة أو مجرد شروع فيها لاطلاق النص([19])، 1. الرأي في وقوع جريمة النصب المعلوماتي : أ. الأول : يرى أن جريمة النصب لا تقوم إلا إذا خدع شخصا مثله وأن يكون الشخص المخدوع مكلفا بمراقبة البيانات وغلى ذلك لا يتصور خداع الحاسب الآلي بوصفه آلة ومن ثم لا يطبق النص الجنائي الخاص بالنصب والإحتيال لافتقاده أحد العناصر اللازمة لتطبيقه([20]). وهذا الإتجاه تتبناه تشريعات مصر والمانيا والدنمارك وفنلدا واليابان والنرويج والسويد ولكسمبرج وايطاليا([21]). وهناك في الفقه المصري من يرى أن غش العدادات (كعد المياه والكهرباء) والأجهزة الحاسبة هو نوع من تجسيد الكذب الذي تتحقق به الطرق الإحتيالية ضمن السلوك الإجرامي في جريمة النصب([22])، ويتفق هذا الرأي مع رأي الفقه الفرنسي والفقه البلجيكي. ب. الثاني: وتتبناه دول الانجلوساكسون ومنها بريطانيا واستراليا وكندا وهو اتجاه يوسع من النصوص المتعلقة بالعقاب على جريمة النصب([23]) ويمكن تطبيق هذه النصوص على النصب المعلوماتي. ولقد تدخل المشرع الإنجليزي عام 1983، واعتبر خداع الآلة بنية ارتكاب غش مالي هو من قبيل الإحتيال الذي يجب العقاب عليه جنائيا وبذلك تطبق نصوص تجريم النصب على ذلك الغش أو الإحتيال بطرق معلوماتية. ولقد سار على ذلك النهج القضاء الكندي والأسترالي. ج. ثالثا: وتمثله الولايات المتحدة الأمريكية حيث تطبق النصوص المتعلقة بالغش في مجال البنوك والبريد والتلغراف والاتفاق الاجرامي لغرض الغش على حالات النصب المعلوماتي([24]). بل أن بعض القوانين المحلي في بعض الولايات الأمريكية([25])، أصدرت قوانين في هذا الخصوص وأضفت تعريفا موسعا للأموال بأنه (كل شيء ينطوي على قيمة) ومن ثم يندرج تحت تعريف هذه الأموال المعنوية والبيانات المعالجة حيث تعاقب هذه القوانين على الإستخدام غير المسموح به للحاسب الآلي بغرض اقتراف افعال الغش أو الاستيلاء على أموال. وعلى المستوى الفيدرالي فقد صدر قانون سنة 1984 يعاقب على "الولوج غير المشروع او المصطنع في الحاسب الآلي" ونص فيه على عقاب كل من ولج عمداً في حاسب آلي بدون أذن أو كان مسموحا بالولوج منه واستغل الفرصة التي سنحت له عن طريق هذه الولوج لاغراض لم يشملها الإذن وقام عمدا عن طريق هذه الوسيلة بإستعمال أو تعديل او اتلاف او افشاء معلومات مختزنة في الحاسب متى كان هذا الأخير يعمل باسم ولصالح الحكومة الأمريكية، وطالما أثرت هذه الأفعال على أداء وظيفته ولهذا يرى الفقه امكانية تطبيق هذا النص وبشروط محددة على النصب المعلوماتي. 2. الإستيلاء على مال الغير: ووفقا لقضاء محكمة النقض الفرنيسة فإن التسليم في جريمة النصب المعلوماتي يستوي أن يكون ماديا أو ما يعادلة. ومن ناحية أخرى يلزم ان تتوافر علاقة السببية في جريمة النصب بما فيها النصب المعلوماتي ما بين فعل التدليس وبين النتيجة المتمثلة في تسليم المال. · وخلاصة القول: أن النصب المعلوماتي إن كان محله الإستيلاء على النقود أو اي منقول مادي آخر له قيمة مادية فليس هناك مشكلة كان يتم التلاعب في البيانات الداخل أو المختزنة بالحاسب أو برامجه بواسطة شخص ماكر يستخرج الحاسب بإسمه أو باسم شركائه شيكات أو فواتير مبالغ غير مستحقة يستولي عليها الجاني أو يتقاسمها مع شركائه. وإذا كان محل التسليم غير مادي وتحديدا في حالة النصب المعلوماتي فإن جانبا من الفقه الفرنسي يرى قيام الجريمة في حالة التدخل من البرمجة أو المعطيات المقدمة لجهاز الحاسب الآلي والتي تؤدي إلى الغاء رصيد مدين أو بالأحرى جعل الحساب دائنا بمبالغ غير مستحقة لأنه سواء قام الحاسب الالي بإحتجاز امر التحويل الخاص بشخص ما ثم زوره باسمه حتى يدفع قيمته في حسابه وسواء تم التلاعب في البرنامج بهدف دفع الفوائد في حسابه فإن تحويل الأموال من حساب لآخر يتم بالقيد كتابة بدون تسليم الأموال للجاني وفي كل هذه الفروض ورغم الطبيعة غير المادية للنقود الكتابية فإن الدفع يتم بواسطة القيد كتابة وهو ما يعادل التسليم المادي للأموال. وجدير بالذكر أن المشرع الفرنسي قد نص في المادة (313/1) من قانون العقوبات الجديد على إستخدام لفظ "النقود والأموال" كحمل لجريمة النصب بعد أن تخلى عن لفظ "الأشياء" الوارد في المادة (405) من القانون القديم أي لا يشترط في المال بالضرورة أن يكون من الأموال المادية، كذلك تقوم جريمة النصب المعلوماتي وفقا للنص الفرنيس سالف الذكر متى كان محلها تقديم خدمة بناء على النشاط الإجرامي الصادر من الجاني. ولذلك فإن اختلاس الخدمات ليس سرقة حسب القانون الفرنسي انما هو استعمال طرق احتيالية للحصول على هذه الخدمة أي يعد نصيبا. وإذا ما كانت جريمة النصب أو الإحتيال جريمة عمدية كما سبق البيان فإن صورة الركن المعنوي فيها هو القصد الجنائي العام ثم قصدا خاصا هو نية التملك. وفي جريمة النصب المعلوماتي يتحقق القصد العام إذا علم المتهم أنه يترتكب فعل تدليس من شأنه ايقاع المجني عليه في الغلط الذي يحمله على تسليم ماله فالجاني يستخدم اسلوبا للايهام بوجود إئتمان كاذب أو مشروع كاذب ويتوصل إلى الإستيلاء على مال الغير كله او بعضه متى وقع على فواتير الشراء باسم كاذب او استغل صفة كاذبة لتحويل اموال الغير من حساب إلى آخر عن طريق التلاعب في المعطيات أو البيانات المدخلة ويجب توافر علمه بهذه الوقائع ومع ذلك تتصرف إرادته اليها رغم علمه بأن فعله من الأمثال التدليسية. أما عن القصد الجنائي الخاص وهو نية التملك فيقدم متى كان هدف الجاني من هذا الإحتيال هو الإستيلاء على مال مملوك لغيره علما بانه لا عبرة بالبواعث في ارتكاب جريمة النصب سواء كان الباعث نبيلا أم غير ذلك ويتوافر القصد الخاص في جريمة النصب المعلوماتي متى قام الجاني باستخدام البطاقة – مثلا – وهو عالم أن رصيده ليس به ما يكفي أو أن بطاقته منتهية أو موقوفة ويستخدمها رغم ذلك في الحصول على سلع وخدمات وكذلك قيام سارق البطاقة أو تزويرها بإستعمالها في الحصول على سلع او خدمات مع علمه بأنه لا حق له في ذلك 3. حماية أموال التجارة الإلكترونية من خلال نصوص جريمة النصب: بمطالعة النصوص التي تجرم النصب في القانون المصري (المادة 236) والتي تجرم الإحتيال في قانون العقوبات الإتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة (المادة 399) وكذلك قانون العقوبات الفرنسي الجديد (المادة 133 – 1) نجد أنه لا فارق فيما بينها فيما يتعلق بالأموال العامة ولكن نص القانون الأخير (الفرنسي) أكثر قدرة على حماية الأموال في نطاق التجارة الإلكترونية من نص قانون العقوبات المصري والإماراتي. ولذلك لو قام احد المحامين بطلب استشارة من طبيب أو محامي عبر الإنترنت وأوهمه بسداد أتعابه من خلال بطاقة الإئتمان ولم يسددها فإنه يرتكب جريمة نصب حسب القانون الفرنيس دون القانون المصري او الإماراتي وذلك لأن قانون العقوبات الفرنسي يجعل الخدمات مساوية للمال الذي يمكن تسليمه في جريمة النصب بمعنى أن الخدمات قد تكون موضوعا للتسليم في جريمة النصب مثلها مثل المال تماما ولذلك فإن المشرع الفرنيس في النص الجديد الذي يعاقب على جريمة النصب تحدث عن تسليم المال والخدمات وليس الإشياء ولذلك فإن الفقه الفرنسي رأى في تخلي المشرع عن لفظ الأشياء أن التسليم قد يكون محله مالا معنويا إلى جانب المال المادي وكذلك تقوم جريمة النصب – بحسب القانون الفرنيس – وعلى خلاف القانونين المصري والإماراتي إن تمكن الجاني من الحصول على برنامج للكمبيوتر من شبكة الإنترنت أو سمع قطعة موسيقية أو اشترك في صحيفة عبر الشبكة وذلك عن طريق وسائل احتيالية ويعد المقابل في كل هذه الفروض عبارة عن المنفعة التي عادت عليه من الإستحواذ مع البرنامج المعلوماتي أو سماع القطعة الموسيقية أو الإشتراك في الجريدة عبر الإنترنت ولأن الإنتفاع بالخدمة وتسليمها بناء على طرق احتيالية في جريمة النصب يعادل سرقة المنافع – كما سبق البيان – في السرقة المعلوماتية ذلك أن الأموال المعنوية أو الخدمات او سرقة المنافة أو النقود الكتابية كلها نماذج لتطور المعلوماتية والهدف منها حماية قيم او كيانات ذات قيمة مالية لكنها ليست نقودا مادية يمكن قبضها باليد غير انها لها ذات القيمة ويمكن تحويلها إلى نقود مادية فيما بعد. وقضى القضاء الفرنسي – بدوره – بأنه من الجائز استخدام نظم المعلومات في تحقيق جريمة النصب ولذلك فقد قضى بأن "استخدام الكمبيوتر في اصطناع ايصالات وطبعها نطرا لما له من إمكانيات في إجراء لحسابات يمثل الإيهام بوجود دين غير حقيقي تقع به جريمة النصب" ويعقب الفقه الفرنسي على ذلك الحكم قائلا أن الجاني لا ينصب على الآله ولكن ينصب على الإنسان الذي يجلس خلف هذه الآله. ومن ناحية أخرى تطبق أحكام جريمة النصب في القانون المصري وجريمة الإحتيال في قانون العقوبات الإتحادي لدولة الإمارات العربية المتحدة لو تمكن أحد من الحصول على مقابل مالي من المجني عليه والذي أوهمه – عن طريق شبكة الإنترنت – أنه طبيب معالج ودعم ذلك من إستخدام طرق احتيالية لتدعيم كذبه – ففي هذه الحالة يعاقب بجريمة النصب. وخلاصة القول : أن الأموال المتداولة في نطاق التجارة الإلكترونية يمكن حمايتها بنصوص النصب أو الإحتيال إلا أن الحماية في القانون الفرنيس ذات فاعلية عن القانونين المصري والإماراتي لأن القانون الفرنسي يراعى طبيعة المال المعلوماتي. |
|||
2011-02-20, 01:06 | رقم المشاركة : 22 | |||
|
إلغاء قوانين الطوارئ في الدول العربية ركيزة أساسية للإصلاح ونشر الديمقراطية تقـديــم: حينما تلجأ الدول إلى إعلان قانون الطوارئ والأحكام العرفية فإنها تعرف جيداً أنها تخاطر بالحريات العامة وحقوق الإنسان في بلدها إلا أنها تبرر لجوئها إلى هذا الخيار بحجج كثيرة على رأسها المصلحة الوطنية العليا وسلامة واستقرار البلد إلا أننا لو تفحصنا الأمر جيداً لوجدنا أن هذه الحجج لا تعدو في كونها تختزل في مصلحة النظام الحاكم وبالأخص مصلحة الرئيس أو الملك فلا فرق في الدول الدكتاتورية وعلى رأسها الدول العربية بين المصلحة الوطنية العليا ومصلحة بقاء الرئيس أطول فترة حتى لو كان ذلك بفرض قانون الطوارئ طيلة فترة بقاء ذلك الرئيس في السلطة والتي كما نعرف من بعض الأمثلة ربما تزيد عن نصف قرن وفي دول أخرى يعيش الشعب فيها حالة طوارئ مضاعفة بدون حاجة لإصدار قانون للطوارئ وهنا المشكلة أكبر ففي أدبيات ذلك النظام أنه على رأس قائمة الدول الديمقراطية، عموماً فإن حقوق الإنسان هي دائماً الضحية الأولى والأخيرة لمثل هذه الأنظمة، فالعبرة في انتصار الحريات والحقوق ليس بما يعلن أو يقرر في الدستور بل بما ينفذ ويطبق بالفعل تجنباً في اضطرار الإنسان إلى التمرد على الظلم والاستبداد واندفاعه في أعمال انتقامية تؤذي الضمير الإنساني وتعرقل مسيرة البشر. الباب الأول حالة الطوارئ أو ما يسمى بالأحكام العرفية أو الظروف الاستثنائية تتحقق إذا ما نشأت في تلك الدولة ظروف وعوامل تجعل السلطة التنفيذية فيها عاجزة وغير قادرة على أعادة فرض الأمن والاستقرار وبالتالي فأنها أي (السلطة التنفيذية) وتبعاً لذلك تخرج عن حكم القانون الأساسي والقوانين العادية الأخرى وتلجأ إلى فرض إجراءات وأوامر وقرارات خطرة تكون في الغالب ماسة بحقوق الإنسان الأساسية للفرد، والغاية من لجوء السلطة أو الحكومة إلى إعلان قانون الطوارئ والأحكام العرفية يتمثل في أن القوانين المعمول بها في ظل الظروف الطبيعية أصبحت عاجزة عن جعل السلطة والحكومة قادرة على مواجهة ما أستجد من ظروف استثنائية في ظل تلك القوانين ومن بين هذه الظروف الاستثنائية المستجدة نشوب حالة حرب مع دولة أخرى أو حالة حرب أهلية في داخل الدولة نفسها لأسباب عرقية أو دينية أو طائفية أو من أجل الانفصال أو اضطراب الأمن والاستقرار أو حصول حالة فتنة أو انتشار كارثة بيئية أو مرضية وغيرها من الظروف، وفي كل الأحوال إعلان قانون الطوارئ يصدر من قبل الدولة بتشريع أو مرسوم جمهوري أو ملكي وليس بالضرورة أن يأخذ هذا المرسوم التشريعي في إصدار نفس آلية صدور التشريعات العادية ومراحل إصدارها المتمثلة في عرضها على البرلمان أو مجلس الوزراء أو عرضها في أستفاء شعبي وبالتالي نرى أن إعلان حالة الطوارئ أو إعلان الحرب تكون بمثابة قرار حصري بيد رئيس الدولة وهذا شأن أغلبية الدول العربية ودول العالم النامي وفي كثير من الحالات يكون إعلان حالة الطوارئ يقتصر على المنطقة التي تقع فيها الكارثة أو الفتنة فمثلاً تعلن حالة الطوارئ في الإقليم الذي حصل فيه زلزال مدمر أو فيضان أو حرب أهلية دون غيره من الأقاليم الأخرى، في نفس الدولة باستثناء حالة الحرب فإننا نجد أن حالة الطوارئ تعلن في كافة أرجاء البلد. 2-مفهوم حالة الطوارئ في المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان : تناولت بالبحث أغلب المعاهدات والصكوك الدولية حالة الطوارئ ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966 التي نصت المادة الرابعة منه على (( في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تهدد حياة الأمة والمعلن عن قيامها رسمياً يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العراق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي )). ونصت الفقرة (1) من المادة (15) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 على ما يلي: (( في حالة الحرب أو الخطر العام الذي يهدد حياة الأمة يجوز لكل طرف سام متعاقد أن يتخذ تدابير تخالف الالتزامات المنصوص عليها في هذا الميثاق في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع وبشرط أن لا تتناقض هذه التدابير مع بقية الالتزامات المنبثقة عن القانون الدولي. أما الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969فقد أكدت المادة(27/1) منها على أنه لا يمكن للدولة الطرف في أوقات الحرب أو الخطر العام أو سواهما في الحالات الطارئة التي تهدد استقلال الدولة أو أمنها أن تتخذ من إجراءات تحد من التزامها بموجب الاتفاقية الحالية ولكن فقط بالقدر وخلال المدة التي تقتضيها ضرورات الوضع الطارئ شريطة أن تتعارض تلك الإجراءات مع التزاماتها الأخرى بمقتضى القانون الدولي ولا تنطوي على تميز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي. 3-المفهوم السليم لقانون الطوارئ ((هل هو قانون عادي أم استثنائي)): لا يمكن اعتبار قانون الطوارئ والأحكام العرفية قانون عادي بل هو قانون استثنائي وهذا هو وصفه السليم رغم الأصوات التي تنادي باعتباره قانون عادي فهي مخطئة في هذا الوصف الذي تنقصه الدقة فالقوانين العادية ومنها قانون أصول المحاكمات الجزائية يحتوي على العديد من الضمانات والحقوق التي يمنحها للأشخاص كالمهتمين، ومنها قاعدة (توجيه التهمة) للمتهم مباشرة عند اعتقاله وإلقاء القبض عليه في حين نرى أن هذه الضمانات في ظل قانون الطوارئ قد تهدر وتكون عرضة للضياع فنجد الكثير من الأفراد يلقى القبض عليهم ويتم إيقافهم دون أن توجه لهم أي تهمة ولمدة طويلة في بعض الأحيان وبالتالي فأن قانون الطوارئ قد عمل على أضعاف وأنقاض حقوق مضمونة في ظل القوانين العادية عليه فأي قانون ينقص من هذه الضمانات للأفراد هو (قانون استثنائي). الباب الثاني أثر قانون الطوارئ على حقوق الأفراد والحريات العامة الباب الثالث أثر قانون الطوارئ على سير عمل القضاء أ-في مجال التحقيق الابتدائي والاستجواب : (سرية التحقيق) وعدم علانيته وكذلك عدم حصول المتهم على المساعدة القانونية التي يحصل عليها في القوانين الاعتيادية كحصوله على محامي دفاع يدافع عنه أمام السلطات المعتقلة له وغيرها من الضمانات الأساسية التي تهدر في ظل حالة الطوارئ بدافع الضرورات الأمنية والمصلحة العليا ...؟. ب- في مجال المحاكمة والحكم : الباب الرابع الضمانات والحقوق التي لا يجوز تعطيلها في المواثيق الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان في ظل حالة الطوارئ . الفصل الثاني الباب الأول صدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية في العراق وإعلان حالة الطوارئ نظراً لكون هذا القانون يعتبر إعلان لحالة الطوارئ في العراق في الفترة الحالية التي يعيشها القطر حيث جاء في المادة الأولى منه: لرئيس الوزراء بعد موافقة هيئة الرئاسة بالإجماع إعلان حالة الطوارئ في أية منطقة من العراق عند تعرض الشعب العراقي لخطر جسيم يهدد الأفراد في حياتهم وناشئ من حملة مستمرة للعنف من أي عدد من ألأشخاص لمنع تشكيل حكومة واسعة التمثيل في العراق أو تعطيل المشاركة السياسية السليمة لكل العراقيين أو أي غرض آخر. عليه فأنه من المناسب هنا أن نتناول هذا القانون كونه ملائم لموضوع البحث ويمثل نموذج خاص لحالة من حالات الطوارئ المعروفة في بعض البلدان العربية لما يشكله من تقييد لحقوق والحريات التي تتمتع بها الأفراد والمكفولة بموجب المواثيق والمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الوطنية وبالتالي يعتبر عائقاً في طريق إشاعة مظاهر الديمقراطية. الباب الثاني السند القانوني لصدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية من هنا نلاحظ أن السند القانوني لصدور هذا القانون كماء جاء سلفاً هو قانون أدارة الدولة العراقية / القسم الثاني من الملحق والمادة (25) من أصل القانون . عليه فلو رجعنا إلى نص المادة (25) لوجدناها تتعلق باختصاصات الحكومة الانتقالية وجاء في الفقرة (ب) من هذه المادة: ((وضع وتنفيذ سياسة الأمن الوطني بما في ذلك أنشاء قوات مسلحة وأدامتها لتأمين وحماية وضمان أمن الحدود والدفاع عن العراق)). أن لجوء الحكومة الانتقالية إلى هذا النص لتبرير صدور قانون الدفاع عن السلامة الوطنية أمر خاضع للنقاش وينطلق ذلك النقاش من سؤال يطرح نفسه وهو ((هل أن الحكومة الانتقالية لها الصلاحية والمشروعية في إصدار قانون السلامة الوطنية)...؟ أن المادة (25) هذه لا تعطي الحكومة المؤقتة سلطة وصلاحية إصدار قانون الدفاع عن السلامة الوطنية باعتبارها أن الفقرة (ب) من المادة(25) لم تتطرق صراحة إلى منح الحكومة العراقية حق إعلان حالة الطوارئ بل العكس، أكدت هذه الفقرة على أنشاء قوات مسلحة وقوات حدود للدفاع عن أمن البلاد ومن هذه العبارات نلاحظ أن الحكومة ملزمة بالبناء الأمني للسيطرة على الوضع الصعب الذي تمر به البلاد وبالتالي فأن لا أجد أن نص المادة (25) يعطي للحكومة المؤقتة حق إعلان الأحكام العرفية والطوارئ . ومن نفس القانون وبالتحديد في المادة (15) نجد أن الفقرة (ط) تنص على: ((لا يجوز محاكمة المدني أمام محكمة عسكرية ولا يجوز أنشاء محاكم خاصة أو استثنائية)) من خلال هذا النص نرى أن قانون أدارة الدولة العراقية يمنع أنشاء محاكم خاصة أو استثنائية والتي تعتبر صورة من صور حالات الطوارئ وبالتالي نجد دليلاً أخر على عدم صلاحية الحكومة العراقية في إعلان حالة الطوارئ وأعتقد أن إعلان حالة الطوارئ مستقبلياً في العراق بالاستناد إلى قانون السلامة الوطنية وقانون أدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية أجراء غير صائب وغير مبرر وفيه خرق لمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. الباب الثالث قانون السلامة الوطنية في ميزان حقوق الإنسان 1- خضوع قرارات وإجراءات رئيس الوزراء لرقابة محكمة تمييز العراق ومحكمة التمييز في إقليم كردستان فيما يتعلق بإجراءات الطوارئ في نطاق الإقليم وانتهاء بالمحكمة الاتحادية العليا وللمحاكم المذكورة تقرير إلغاء تلك القرارات والإجراءات وتقرير بطلانها وعدم مشروعيتها أو أقرارها، المادة (9) ثانياً من القانون. 2- أن قرارات إعلان حالة الطوارئ محصورة بمدة محددة أمدها (60) يوماً أو تنتهي بزوال الخطر ويجوز تمديد هذه المدة (30) يوماً بصورة دورية المادة (2) من القانون. 3- فيما يخص توقيف الأشخاص واحتجازهم أو وضع قيود أخرى، فرض القانون عرض المتهم أمام قاضي التحقيق خلال (24) ساعة من الاعتقال المادة (4) من القانون. 4- لا ينفرد رئيس الوزراء باتخاذ القرار بإعلان حالة الطوارئ وإنما ألزمه القانون موافقة هيئة الرئاسة وبالإجماع، المادة(1) من القانون. أن هذه الضمانات تجعل قانون الدفاع عن السلامة الوطنية يعطي ضمانات للأشخاص والأفراد فيما يخص احترام حقوق الإنسان، وعدم انتهاكها وبالتالي يجعل القانون مختلف عن غيره من قوانين الطوارئ في بعض البلدان العربية. الباب الرابع رؤية في إيجاد حل للوضع الأمني في العراق بعيداً من إعلان حالة الطوارئ تفعيل حالة استلام الملف الأمني من قبل الأجهزة الأمنية العراقية وإعطاء بعض الوقت الكافي لهذه الأجهزة لإثبات جدارتها بعد زوال الحاجز المعنوي لدى أفراد الأجهزة الأمنية من شرطة ودفاع مدني وجيش وغيرها والمتمثل بتحررها من أوامر سلطات الاحتلال وتمتعها باستقلالية اتخاذ القرار وكذلك دعم أنشاء القوات المسلحة الوطنية وإعادة بعض أفواج الجيش العراقي السابق والقوى الأمنية الشريفة وحضر انتشار المليشيات العسكرية وشبه العسكرية داخل وخارج أطار القوات المسلحة ، وكذلك من المعالجات الحية أطلاق عنان المصالحة الوطنية بين كافة المكونات السياسية في المجتمع العراقي بكافة أطيافه وإشعار الجميع بأنهم شركاء رئيسيون في العملية السياسية وعدم تجاهل أي شريحة أو فئة أو تيار وإنهاء حالة ألإقصاء والعمل مع الجميع وفقاً لمعيار (المواطنة) والعمل على جدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق وعقد اتفاقيات مع دول الجوار لضبط الحدود ومنع التسلل من والى العراق والى أخره من المعالجات الوافية والكافية عن فرض حالة الطوارئ وبالتالي فأننا ضمنا الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وعدم انتهاكها وفي نفس الوقت حققنا ولو جزئياً كمرحلة أولى حالة من الاستقرار وأستناب الأمن وضمان مبدأ سيادة القانون. الخاتمة الباحث القانوني المحامي جبار جمعة اللامي آخر تعديل أمينة87 2011-02-21 في 13:33.
|
|||
2011-02-21, 13:35 | رقم المشاركة : 23 | |||
|
شكرا لكِ جوداء على هذه المعلومات المهمة و المواضيع القيمة |
|||
2011-02-21, 15:49 | رقم المشاركة : 24 | ||||
|
اقتباس:
شكرا جزيلا. |
||||
2011-02-21, 16:34 | رقم المشاركة : 25 | |||
|
_القضاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم__________________________ ____°°° كانت سلطة القضاء وتطبيق نصوص التشريع الإسلامي على الوقائع لرسول الله صلى الله عليه وسلم , استمدها من الله سبحانه بقوله تعالى ( فأحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق)( المائدة -48) وكان منصب القضاء يتولاه النبي صلى الله عليه وسلم في بادىء الأمر بنفسه , لأنه المرجع الوحيد لتلقي الأحكام الشرعية فيما يحدث من المسائل والأقضية , فإذا شجر بين الناس نزاع أو عرض لهم حادث , وأرادوا معرفة حكم الإسلام فيه لينفذوه ذهبوا من تلقاء أنفسهم ليحتكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيحكم بينهم بما ينزل الله عليه من الوحي تارة , وبأقواله وأفعاله التي تصدر عن اجتهاده تارة أخرى روى الإمام احمد في مسنده عن أم سلمه هند زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : ( جاء رجلان يختصمان في مواريث بينهما قد درست ليس بينهما بينة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم تختصمون إلى رسول الله وإنما أنا بشر ولعل بعضكم ألحن (أي أفطن وأقدر على البيان) بحجته من بعض وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع , فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه , فإنما أقطع له قطعة من النار , فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لأخي ,فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إذاً فقوما فأذهبا , فلتقتسما ثم توخيا الحق ثم أستهما (أي اقترعا) ثم ليحل كل واحد منكما صاحبه ) فكان عليه الصلاة والسلام يحكم في جميع المسائل التي تلقى إليه وفق الدليل الذي يثبت الدعوى ولو ظاهراً على خلاف الواقع , فكان يقول : ( أمرت أن أحكم بالظاهر . والله يتولى السرائر ) ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له صفتان في أحكامه , الصفة الأولى بوصفه مشرعاً والصفة الثانية بوصفه قاضياً فهو في الأولى لايخطىء وإن أخطأ رده الله إلى الصواب في حين أنه في الثانية معرض للخطأ , فقد جاء في كتب السير أن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق أراد أن يعطي نصف أثمار نخيل المدينة لغطفان على أن لا يحاربوه مع قريش لكي يكسر شوكة الأحزاب فلما سمع السعدان سعد بن عبادة رئيس الخزرج وسعد بن معاذ رئيس الأوس قالا : يا رسول الله هل ذلك بوحي من الله , أم رأي رأيته ؟ قال : بل رأي رأيته , فقالا لا وحقك لا نعطيهم نصف ثمرة , فأجابهما الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ما رأيا . وكان إذا قضى صلى الله عليه وسلم في مسألة , تقدم إليه المحكوم عليه , بمقتضى الوازع الديني الذي هذب أخلاقه , لكي ينفذ الحكم عليه , عقب النطق بالحكم إذ قال تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما) (النساء -65) اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فقال أحدهما أن ابني كان عسيفاً ( أي أجيراً) على هذا , فزنى بامرأته , وأني أخبرت أن على ابني جلد مائه , فافتديت منه بمائة شاة , وجارية لي , ثم إني سألت اهل العلم فأخبروني إنما على ابني مائة جلده وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته (لأنها محصنة) , فحكم النبي بقوله : ( أما غنمك وجاريتك فرد عليك ( أي مردودة عليك لا تنوب عن الحد ) وجلد ابنه مائه وغربه عاماً , وأمر أنيساً الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر , فإن اعترفت رجمها , فاعترفت فرجمها) ومعنى ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع في يده السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية , إذ كان يقضي وينفذ ما يقضي به إما بنفسه أو بمن ينتدبهم للتنفيذ كما إنتدب أنيساً لتنفيذ الرجم على الزانية أما طرق الإثبات عنده عليه الصلاة والسلام فمنها البينة , والبينة في الشرع اسم لما يبين الحق ويظهره , فكان صلى الله عليه وسلم يقول : ( البينة على المدعي واليمين على المدعي عليه) وروى مسلم في صحيحه عن بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لو يعطى الناس بدعواهم لأدعى الناس دماء رجال وأموالهم ولكن اليمين على المدعي عليه) ومن طرق الإثبات شهادة الشهود وكان عليه الصلاة والسلام يقول ( أكرموا الشهود فإن الله تعالى يحي بهم الحقوق , وقد بين صلى الله عليه وسلم من تقبل شهادته ومن لا تقبل شهادته في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تجوز شهادة خائن (في الدين أو المال أو الأمانة) ولا خائنه ولا زان ولا زانية ولا ذي غمر (حقد) على أخيه ) وقد اخرج هذا الحديث أبي داود والترمذي ومن طرق الإثبات عنده الكتابة , كما حكم بالقافة , وبذلك أقرت الشريعة الإسلامية هذا النوع من الإثبات , فقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالقافة , وجعلها دليلاً من أدلة النسب وعمل خلفاؤه الراشدون والصحابة بها ولو أن الحكم بالقافة في اعتقاده إنما هو حكم بالشبه قالت عائشة رضي الله عنها : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسرور تبرق أسارير وجهه فقال : أي عائشة ! الم تري أن مجززاً المدلجي (وهو قائف) دخل ورأى أسامة (أي اسامة بن زيد) وكان اسود وزيداً ( أي زيد بن حارثة) وكان أبيض وعليهما قطيفة قد غطيا رأسيهما وبدت أقدامهما , فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ) وذلك يدل على أن إلحاق القافة يفيد النسب , وكان النسب ثابتاً بالفراش ولكن الناس كانوا يقدحون في نسبه لكونه أسود وأبوه أبيض , فلما شهد القائف بأن تلك الأقدام بعضها من بعض سر النبي صلى الله عليه وسلم بتلك الشهادة التي أزالت التهمة , والحقت الفرع بأصله غير ناظر إلى سواد الإبن الذي منشأه سواد أسامه من أمه أم أيمن الحبشية وكذلك حكم عليه الصلاة والسلام أحكاماً كان رائده فيها الفراسة , ولا عجب في ذلك فقد مدح الله سبحانه وتعالى الفراسة وأهلها في كتابه فقال تعالى ( إن في ذلك لآيات للمتوسمين )(الحجر-75) وقال تعالى ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم )(البقرة-272) وبذلك أقر الإسلام الفراسة ونصح بالحكم بها مستعيناً بالإمارات والعلامات والقرائن التي تظهر الحق من الباطل لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم وابتدأ عهد الصحابة بخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كانت سلطة القضاء يتولاها الخليفة , فلم يتخذ قاضياً يخصه بالقضاء كما فعل الخليفة عمر رضي الله عنه من بعد , بل كان القضاء يتولاه الخليفة بنفسه , وتارة يعهد به إلى غيره , واستمر العمل بهذا حتى أول خلافة عمر , وقد قيل في خلافة أبي بكر تولى عمر بن الخطاب منصب القضاء وكان أول قاضي للخليفة , ولكن الراجح أن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو أول من عين قضاة مختصين بالقضاة في الخصومات بين الناس , وإنما كان أبي بكر رضي الله عنه يفوض إلى عمر رضي الله عنه أحياناً النظر في الوقائع التي كان يدلي الخصوم بها إليه غير إنه لم يختصه بالقضاء ولم يكن لعمر بن الخطاب رضي الله عنه اسم قاض في زمن الخليفة أبي بكر رضي الله عنه ولم يحمل ذلك اللقب , ولم يكن عمله مقصوراً على القضاء بل تناول الإمامة وغيرها . قسم أبو بكر جزيرة العرب إلى ولايات , وأقام على كل منها أميراً من قبله , وكان هذا الأمير يقيم الصلاة بين الناس , ويقضي في القضايا التي ترفع إليه , كما كان يقيم الحدود , وبذلك أعطى أبو بكر لكل أمير في ولايته جميع السلطات الثلاث , غير أنه لم يول قضاة يباشرون القضاء دون الأمراء , بل كان أمراء الجند هم ولاة الأمر في العراق والشام , وكان كل واحد منهم يولي بنفسه واحداً من قبله على الناحية التي فتحها , والتي لم يستقر للدولة الإسلامية الأمر فيها نهائياً فكان بذلك نائباً عنه في تلك الناحية قضى أبو بكر رضي الله عنه كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم , وولى ولاته على الأمصار , ليقضوا بينهم فيها , لان القضاء كان معتبراً كما تقدم من أعمال الخليفة كإمامة الصلاة وغيرها , ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الاجتهاد بالرأي والقياس في أيامه , فإن أبا بكر ومن جاء بعده من الخلفاء الراشدين لم يعتمدوا عليه إلا قليلاً , خشية ما قد يقعون فيه من خطاء في الأحكام , حتى لا يجرأ أحد على الإفتاء بين الناس عن جهل , وكان أبو بكر يقول إذا أفتى بالرأي والقياس : ( هذا رأي فإن يكن صواباً فمن الله , وإن يكن خطاً فمني , وأستغفر الله ) توفي أبو بكر الصديق وولي الخلافة بعده عمر في اليوم الذي توفى فيه أبو بكر بوصية منه , وهو بتفرغه للسياسة العامة , وللحروب التي قامت بين الدولة الإسلامية والدولتين الفارسية والرومانية , والتي أنتجت اتساع نطاق الإسلام , وشغلت الخليفة عن التفرغ للقضاء فعمد إلى تعيين قضاة مختصين بالفصل في الخصومات وفض المنازعات , وبعد أن كان القضاء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه , جزءاً من الولاية أصبح في عهد عمر منفصلاً عنها ويعهد يه إلى شخص آخر غير الوالي , سمي لأول مره بالقاضي ,فعين أبا الدرداء ثم يزيد بالمدينة وولى شريحاً قضاء الكوفة ( روي أن عمر رضي الله عنه أخذ فرساً من رجل على سوم , فحمل عليه فعطب , فخاصمه الرحل فقال عمر : أجعل بيني وبينك رجلاً فقال الرجل : إني أرضى بشريحا العراقي , فقال شريح : أخذته سليماً صحيحاً فأنت له ضامن حتى ترده صحيحاً سليماً , قال فكأنه أعجبه فبعثه قاضياً , وقال ما استبان لك من كتاب الله فلا تسأل عنه , فإن لم يستبن في كتاب الله فمن السنة , فإن لم تجده في السنة فأجتهد رأيك ) وولى أبو موسى الأشعري بالبصرة وولى قيس بن أبي العاص قضاء مصر فكانوا بذلك من أول القضاة في الإسلام , أما بقية الأمصار والولايات فقد عهد بالقضاء فيها إلى الأمراء , ولا يغرب عن الذهن , إن القضاء في عهد عمر كان سهلاً بسيطاً مجرداً من النظم الوضعية الكثيرة التي تشاهد الآن ولم يكن للقاضي كاتب ولا سجل فلم تدون الأحكام القضائية لأنها كانت تنفذ عقب صدورها وكان القاضي هو المنفذ لها , وكثيراً ما كان يتقدم المحكوم عليه بنفسه لتنفيذ الحكم عليه , ولم يكن هنالك من داع لوضع قانون للمرافعات , تنظم به الإجراءات أما المحكمة إذ كان القضاء في عهده الأول , فلم يتناول النظر في المصالح العامة , كالوقف وشئون الأيتام , وإنما تناولها فيما بعد سار عمر سير أبي بكر فقد كان حريصاً على إتباع القرآن والسنة فيما جاء به وكان كباقي الصحابة لا ينسب القول بالرأي إلى الشريعة الإسلامية بل إلى نفسه , فقد قال عمر لما قال : ( هذا ما رأى الله ورأى عمر ! بئسما قلت هذا ما رأى عمر , فإن يكن صواباً فمن الله وإن يك خطاً فمن عمر ) وكان عمر يرجع إلى القرآن والسنة فإن لم يجد فيهما جواب للمسألة , نظر فإن كان لأبي بكر قضاء فيها قضى به وإلا دعا رؤساء الناس فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على شيء قضى به كان عمر من أظهر الصحابة استعمالاً للرأي وقد ضرب فيه بسهم وافر وساعده على ذلك اتساع رقعة الدولة الإسلامية في زمنه اتساعاً عظيماً وسريعاً وما صادفه من الأحوال الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي نتجت عن هذه الفتوحات والتي كانت تتطلب تشريعاً يطبق عليها وعلى أمثالها فقد روى عنه الشيء الكثير من الأحكام المستنبطة من استعمال الرأي والتي كانت هدى ونور اً لمن أتى بعده من الفقهاء , فكان عمر يجتهد في تعرف الحكمة التي نزلت فيها الآية ويحاول معرفة المصلحة التي جاء من أجلها الحديث ويأخذ بالروح لا بالحرف وعلى ضوء هذه وتلك يسترشد عند ما يفصل في المسألة المعروضة عليه , وكان عمر جريئاً في العمل بالرأي ولو خالف ذلك بعض النصوص والقواعد التي كانت معروفة ومعمولاً بها من قبل ومثال على ذلك - قال تعالى في كتابه العزيز ( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم) وتطبيقاً لما جاء بهذه الآية الكريمة , كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم الزكاة ومنهم أبو سفيان والأقرع بن حابس وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن , وكان يعطي الواحد منهم مائة من الإبل , ولما ولي أبو لكر الخلافة سار على ما كان يتبعه الرسول وجاءه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس يطلبان أرضاً فكتب لهما بهما , ولما ولي عمر مزق الكتاب وقال : (( إن الله أعز الإسلام وأغنى عنكم , فإن ثبتم عليه , وإلا فبيننا وبينكم السيف )) وبذلك منعهم نصيبهم من الزكاة اهتدى عمر من الآية الشريفة السابقة إلى الحكمة في إعطاء الزكاة إلى المؤلفة قلوبهم , فلما وجد أن الإسلام أعزه الله , وأصبح في غير حاجة لمعونتهم , منع إعطاء الزكاة لهم . كذلك نجد عمر يعفي السارق من قطع اليد , إذا ما انتشرت المجاعة في البلاد فقد روي أن غلماناً لحاطب بن أبي بلتعه سرقوا ناقة لرجل من مزينة , فأتى بهم عمر فأقروا , فأرسل إلى عبد الرحمن بن حاطب فجاء فقال له : إن غلمان حاطب سرقوا رجل من مزينة وأقروا على أنفسهم , فقال عمر : يا كثير بن الصلت اذهب فأقطع أيديهم , فلما ولى بهم رده عمر ثم قال : أما والله لولا أني أعلم أنكم تستعملونهم وتجيعونهم , حتى أن أحدهم لو أكل ما حرم الله عليه , حل له , لقطعت أيديهم , وأيمن الله إذ لم أفعل ذلك , لأغرمنك غرامة توجعك , ثم قال : يا مزني بكم أريدت منك ناقتك ؟ قال : بأربعمائة , قال عمر : أذهب فأعطه ثمانمائة . نلاحظ هنا أن عمر حكم على حاطب بن أبي بلتعه بدفع الثمانمائة , ولم يحكم على غلمانه السارقين ,لانه كان السبب المباشر لتحريضهم على السرقة , أما هم فكانوا في حالة اضطرار للسرقة ليسدوا بها رمقهم , وهذا العذر هو الذي جعل عمر يتسامح في عدم قطع أيديهم . وكان عمر أكثر الخلفاء الراشدين محبة للشورى مع فقهه , فقلما أقدم على أمر إلا بعد استشارة أعلام الصحابة وفقهائهم من المهاجرين والأنصار , وتمحيص آرائهم كل تمحيص , فكانت له شورى خاصة يلتمسها في مثل عثمان بن عفان والعباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وغيرهم , وشورى عامة صورتها أن يتقدم له كل من له رأي من المسلمين , عندما يعرض الأمر عليهم في المسجد , وربما استشار بعد ذلك خاصته زيادة في التحفظ , وكثيراً ما كان يرجع عن رأيه إذا ما ثبت له خطأه ومن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى بامرأة زنت فأقرت , فأمر برجمها , فقال علي رضي الله عنه : لعل بها عذراً ثم قال لها : ما حملك على الزنا , قالت : كان لي خليط وفي إبله ماء ولبن , ولم يكن في إبلي ماء ولا لبن , فظمئت فاستقيته فأبى أن يسقيني حتى أعطيه نفسي , فأبيت عليه ثلاثاً فلما ظمئت وظننت أن نفسي ستخرج أعطيته الذي أراد , فسقاني , فقال علي : الله أكبر فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم , وفي السنن للبيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي : ( أتى عمر بامرأة جهدها العطش , فمرت على راع فاستقت , فأبى أن يسقيها إلا أن تمكنه نفسها ,ففعلت , فشاور الناس في رجمها , فقال علي : هذه مضطرة أرى أن يخلى سبيلها ففعل ) وهذه هي نظرية الضرورة في القانون الجنائي الحديث . أما سيرة عمر مع عماله , فلم يكن الوالي في نظره إلا فرداً كغيره من الأفراد يجري عليه حكم العدل كما يجري على جميع الأفراد الآخرين فكان إذا شكا من العامل أحقر الرعية جره إلى المحاكمة وهنا يقف الاثنان موقف المساواة حتى يتبين الحق في جانب أحدهما مراعياً في ذلك قوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )وقوله عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع ( لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ) , فإذا ثبت لعمر إدانة عامله اقتص منه , وأختط عمر طريقة حسنه تكفل للرعية ألا يظلمها الولاة والعمال إذ أمرهم بأن يأتوا إليه كل سنة في موسم الحج , وسمح لكل من أصابه مكروه أو أوقع العمال عليه ظلماً أن يدعي بذلك على العامل في حضرته ليرد إلى المظلوم حقه وينصفه من خصمه وفق قوله عليه الصلاة والسلام ( إن أحب الناس إلى الله يوم القيامة وأدناهم مني مجلساً , إمام عادل وأبغض الناس إلى الله وأبعدهم مجلساً إمام جائر ) , فكان العمال يخافون الافتضاح على رؤوس الأشهاد في موسم الحج فيتجنبون ظلم الرعية ويسيرون بين الناس بالعدل والإنصاف , وقد خطب عمر رضي الله عنه في الناس كثيراً لبث هذه الروح في الرعية , ومن خطبه قوله : ( يا أبها الناس إني والله لا أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم ( جلودكم) ولا ليأخذوا أموالكم , ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم ويقضوا بينكم بالعدل , فمن يفعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلي , فو الذي نفس عمر بيده لاقصنه منه) . وكان عمر شديد التدقيق في انتخاب القضاة فقد روي عنه قوله ( من استعمل رجلاً لمودة أو لقرابة , لا يستعمله إلا لذلك فقد خان الله و رسوله والمؤمنين ) وكان أخص ما يتحراه في القضاة والعمال التقوى والعدالة والعلم والمعرفة والذكاء وكان لا يحب العجلة في الفصل في الخصومات ويقول : ( ردوا الخصوم حتى يصطلحوا , فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن ) ولم تؤثر في تصرفاته عواطفه الخاصة ونزعات قلبه ومحبته لاخوانه , بل كان ديدنه في جميع أعماله الصراحة والعدل , فقد خاصم يهودي الإمام علي بن أبي طالب أمام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب , وعلي – كما لا يخفى – ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته , وأحد المرشحين للخلافة , فقال له عمر قم يا أبا الحسن , وأجلس أمام خصمك , ففعل , ولكن مع تأثر لاح على وجهه , فلما انتهت الخصومة قال له عمر : أكرهت يا علي أن تجلس أمام خصمك ؟ فقال : كلا ولكني كرهت أنك لم تلاحظ المساواة بيننا بقولك يا أبا الحسن ( إذ الكنية تشير إلى التعظيم ) قتل رضي الله عنه غدراً وهو قائم يصلي بالناس بخنجر طعنه به أبو لؤلؤة فيروز المجوسي سنة 23هجرية . بعد وفاة عمر رضي الله عنه انتخب الناس عثمان بن عفان رضي الله عنه , كان عثمان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وكان أبو بكر وعمر يستشيرانه , ويعملان برأيه , في جلائل الأعمال ومهام الأمور , ولما بويع بالخلافة حذا حذو عمر بن الخطاب ومن سبقه في حسن اختيار القضاة وتذويدهم بالنصائح , وكان يعتمد في قضائه على الكتاب والسنة ثم على قضاء من سبقه من الخلفاء الراشدين فكان إذا لم يجد فيها جواب مسألته رجع إلى استشارة الصحابة في الأمر عملاً بقوله تعالى ( وأمرهم شورى بينهم ) وقد اشتهر عثمان بالفقه , وكان من رواة الحديث , يقول بن حجر : ( إنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر , كما روى عنه أولاد عمر ومن الصحابة بن مسعود , وعبد الله بن عمر . وعبد الله بن العباس , وعبد الله بن الزبير , وزيد بن ثابت , وأبو هريرة وغيرهم , ومن التابعين الأحنف بن قيس , وسعيد بن المسيب كان عثمان يعتقد كباقي الخلفاء الراشدين بأن الرأي الذي يفتي به ليس بلازم للأمة أن تأخذ به , فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه أرسل عثمان إلى العمال والقواد وعمال الخراج وعامة المسلمين بالأمصار كتباً يحثهم فيها على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعطف على أهل الذمة وجباية الخراج بالعدل والإنصاف ونصح عمال الخراج فقال : ( أما بعد فأن الله خلق الخلق بالحق ولا يقبل إلا الحق , خذوا الحق وأعطوا الحق به , والأمانة الأمانة , قوموا عليها ولا تكونوا أول من يسلبها فتكونوا شركاء من بعدكم , الوفاء الوفاء لا تظلموا اليتيم ولا المعاهد فإن الله خصم لمن ظلمهم ) جلد عثمان معتادي السكر , وهدد بالنفي عن المدينة كل من عكف على البدع , فاستقامت أحوال الرعية قتل عثمان وهو يتلو في مصحفه , وبعد أن منع عنه البغاة الماء , قتله الغافقي بحديدة كانت معه وجاء غيره من الثوار ليضربه بسيفه , فأكبت عليه زوجه نائلة وتلقت السيف عنه بيدها فقطع أصبعها , ثم ضربوا عنقه , وانتهبوا بيت المال وكان ذلك في 18 ذي الحجة سنة 34هجريه . بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه تنازع الناس في من يتولى الخلافة , وفي أحوال مضطربة قلقة بويع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه كان عمر يستشير علياً عملاً بقوله عليه الصلاة والسلام ( ما شقي امرؤ عن مشورة ولا سعد باستبداد رأي ) ويستفتيه في الأحكام الشرعية كما كان يستشيره باقي الخلفاء الراشدين , وكان علي يعتمد على القرآن والسنة في قضائه ثم على قضاء من سبقوه من الخلفاء الراشدين , وكان إذا لم يجد رجع إلى استشارة الصحابة في المسألة المعروضة عليه , عملاً بقوله تعالى لنبيه الكريم ( وشاورهم في الأمر ) وقد حذا حذو من سبقه من الخلفاء الراشدين في اختيار القضاة و إمدادهم بالنصائح , فكتب إلى الاشتر أحد عماله عندما ولاه مصر فقال : ( اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممن لا تضيق به الأمور ولا تمحكه الخصوم . ولا يتمادى في الذلة ( الخطأ ) ولا يحصر من الفيء إلى الحق إذا عرفه , ولا تشرف نفسه على طمع , ولا يكتفي بأدنى فهم إلى أقصاه , أوقفهم في الشبهات , وآخذهم بالحجج و أقلهم تبرماً بمراجعة الخصم , وأصبرهم على تكشف الأمور , و أصرمهم عند اتضاح الحكم , ممن لا يزدهيه إطراء , ولا يستميله إغراء , وأفسح له في البذل بما يزيد علته وتقل معه حاجته إلى الناس , وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره من خاصتك ) وكان يرجع للإمام علي في كثير من مسائل الدين وتفسير القرآن ورواية الحديث وكثيراً ما استفتي في المواريث و والمشكل من القضايا , فقد قضى أن الزوجة التي توفى زوجها قبل أن يدخل بها , ودون أن يفرض لها صداقاً , لا حق لها في صداق المثل ,قياساً على المطلقة , إذ قال تعالى ( لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ) وقضى في رجل فر من رجل يريد قتله , فأمسكه له آخر حتى أدركه فقتله , و بقربه رجل ينظر إليهما وهو يقدر على تخليصه , فوقف ينظر إليه حتى قتله , فقضى على أن يقتل القاتل ويحبس الممسك حتى يموت , وتفقأ عين الناظر الذي وقف ينظر ولم ينكر , ولعل علي رأى تعزيره بذلك وروي أن ستة غلمان ذهبوا يسبحون , فغرق أحدهم , فشهد ثلاثة على اثنين أنهما أغرقاه , وشهد اثنين على ثلاثة أنهم أغرقوه , فقضى على بن أبي طالب على الثلاثة بخمس الدية وعلى الاثنين بثلاثة أخماسها شكا إليه شاب نفراً فقال : ( إن هؤلاء خرجوا مع أبي في سفر فعادوا ولم يعد أبي , فسألتهم عنه فقالوا : مات , فسألتهم عن ماله , فقالوا : ما ترك شيئاً , وكان معه مال كثير , وترافعنا إلى شريح , فأستحلفهم وخلى سبيلهم , فدعا علي بالشرط فوكل بكل رجل رجلين , وأوصاهم أن لا يمكنوا بعضهم أن يدنوا من بعض , ولا يسمحوا لأحد أن يكلمهم , ودعا كاتبه ودعا أحدهم , فقال : أخبرني عن أبي هذا الفتى , أي يوم خرج معكم ؟ وفي أي منزل نزلتم وكيف كان سيركم ؟ وبأي علة مات ؟ وكيف أصيب بماله ؟ وسأله عن من غسله ودفنه ومن تولى الصلاة عليه وأين دفن ؟ وتحو ذلك والكاتب يكتب , ثم دعا آخر بعد أن غيب الأول عن مجلسه , فسأله كما سأل صاحبه , ثم الآخر هكذا حتى عرف ما عند الجميع , فوجد كل واحد منهم يخبر بغير ما أخبر به صاحبه فضيق عليهم فأقروا بالقصة , فأغرمهم المال وأفاد منهم بالقتيل . وكان علي رضي الله عنه لا يحبس في الدين , ويقول إنه ظلم , وقد سار الإمام على خطى أسلافه في رفع شأن القضاة , ومنحهم رواتب من النقود أو الطعام , بما يكفيهم ويكفي أولادهم من بيت المال فكان القضاء في عهده مستقلاً محترم الجانب عظيم الإجلال , وكان القاضي غزير العلم واسع المعرفة يتساوى أمامه الرفيع والوضيع والمسلم والذمي عملاً بقوله تعالى ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) وقوله عليه الصلاة والسلام ( العدل أساس الملك ) . قتل علي غيلة بسيف مسموم ضربه به عبد الرحمن بن ملجم أحد الخوارج وهو ينادي لصلاة الصبح بمسجد الكوفة في 17 رمضان سنة 40هجريه ومع ذلك فقد جمع أبنائه وقال لهم : ( إذا أنا مت من ضربته هذه فأضربوه ضربة بضربه , ولا يمثل بالرجل , فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إياكم و المثلة ولو بالكلب العقور ) ) وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم عمر بن عبد العزيز رجل نشأ في بيت الإمارة، وتقلب في نعيمها، وعاش حياة البذخ والرفاهية كغيره من أبناء الخلفاء وسلالات الملوك؛ حتى اشتهر عنه أنه كان يستخشن الحرير لنعومة جلده، هذا الفتى الذي ولي إمارة المدينة النبوية المنورة وهو في السادسة والعشرين من عمره، وولي الخلافة قبيل الأربعين كان خير خلفاء بني مروان، وآخر خليفة أجمع الناس على عدله حتى من خصومه. لم تدم خلافته أكثر من سنتين وخمسة أشهر فقط، لكنه أنجز فيها ما عجز عن تحقيقه كثير من السلاطين والأباطرة والأمراء عبر التاريخ، على الرغم من اتساع رقعة خلافته بدءاً من الصين شرقاً وحتى شمال إسبانيا غرباً، ومن صعوبة التواصل بينه وبين أمراء الأقاليم إلا بِجُهْدٍ كبيرٍ وَوَقْتٍ كثيرٍ. هذا الرجل الذي اشتكى من عدله بنو عمه لَمَّا رَدَّ المظالم التي بأيديهم إلى أهلها، حتى فزعوا إلى عمته فاطمة بنت مروان لتكلمه، فلما رجعت إليهم قالت لهم: أنتم فعلتم هذا بأنفسكم، تزوجتم بأولاد عمر بن الخطاب فجاء يشبه جده. فأسكتتهم بذلك، نَعَمْ! لقد أدركه صلاح جَدِّهِ لأمه الفاروق عمر بن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنهُ، فَنِعمَ النَّسَبُ ذلك المَنْسَبُ وَنِعمَ الولد من ذلك الوالد، رضي الله عنهم وأرضاهم. كانت خلافة عمر بن عبد العزيز رَضِيَ اللهُ عَنهُ حافلة بالإنجازات، ولم تتجاوز السنتين إلا ببضعة أشهر، ومنها:- = أمر زوجته فاطمة بنت عبد الملك برد الحُلِيِّ التي وهبها أبوها إلى بيت مال المسلمين، ففعلت على الفور. = كانت حديقة فدك وقفاً لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفق منها، ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أَيِّمَهُمْ، وكذلك كانت في حياة أبي بكر وعمر، فلما كان مروان بن الحكم اقتطعها لنفسه، حتى صارت لعمر بن عبد العزيز، فأعادها إلى ولد فاطمة الزهراء عليها الصلاة والسلام. = منع شتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رَضِيَ اللهُ عَنهُ من على منابر الجمعة، كما مضت به عادة بني أمية قبله. = أسقط الزيادة في الجزية عن النصارى من أهل تبوك وعن نجرانية الكوفة، كما أسقط الجزية وكل ضريبةٍ عمن أسلم من أهل خراسان. = أصلح الطرق، وأمر الولاة أن يجعلوا للناس خانات ( استراحات ) على الطرق العامة، وأن يُضِيْفُوا المسافرين يوماً وليلة، ويتعاهدوا فيها دوابهم، ومن كان منهم به علة فَيُضَافُ يومين وليلتين، ومن كان منهم منقطعاً فَيُبْلَغُ بِهِ بَلَدُهُ. = منع ولاته أن يَسْتَقِلُّوا بأوامر القتل والصلب قبل مراجعته. = أمر ولاته: أن من أراد من ذراري المسلمين أن يَحُجَّ فيعطى مائة درهم نفقةً لِيَحُجَّ بها. = بلغ العدل من قضاته مبلغاً لم يَسبِقْ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ مِثْلُهُ، وذلك أن أهل سمرقند شكوا إليه أن قائد جيش المسلمين فتح بلادهم دون أن ينابذهم كما أمر الله في كتابه العزيز { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ }، فكتب عمر إلى واليه: أن أَجْلِسْ لهم القاضي، فلينظر في أمرهم، فإن قضى لهم فَأَخْرِجْ الجيش إلى معسكرهم كما كانوا وكنتم قبل أن تظهروا عليهم. فَأَجْلَسَ لهم القاضي: جميعَ بنَ حاضرٍ النَّاجِيَّ، فقضى ( أن يخرج عَرَبُ سمرقند إلى معسكرهم، وينابذوا أهل سمرقند على سواءٍ، فيكون صُلْحَاً جديداً أو ظَفَرَاً عَنْوَةً ). فلما رأوا ذلك رضوا بما كان. = ناظر الخوارج - في آخر أيامه - ولم يعجل عليهم وهم يومذاك قليل، وكان مما قاله لزعيمهم ( بلغني: أنك خرجت غضباً لله ولنبيه، ولستَ بأولى بذلك مِنِّيْ، فَهَلُمَّ إِلَيَّ أناظرك!؛ فإن كان الحق بأيدينا دخلت فيما دخل فيه الناس، وإن كان في يدك نظرنا في أمرك ). ولما ناظرهم رجع منهم كثير. = بلغ من حكمته في سياسة الرعية يوم أن حادثه ابنه عبد الملك في أمر الإسراع في تحقيق العدل؛ وهو يقول لوالده: يا أمير المؤمنين!، ما تقول لربك إذا أتيته وقد تركت حقاً لم تُحْيِهِ وباطلاً لم تُمِتْهُ؟. يا أمير المؤمنين!، ما يمنعك أن تُنْفِذَ رأيك في هذا الأمر، فوالله ما كنت أُبَاْلِيْ أن تغلي بي وبك القدور في نفاذ هذا الأمر. فقال عمر لابنه: يَا بُنِيِّ!، إني أُرَوِّضُ الناس رياضة الصعب، فإن الله أبقاني مضيت لِنِيَّتِيْ ورأيي، وإن عَجِلَتْ عَلَيَّ مَنِيَّتِيْ لقد علم الله نيتي، وإني إِن بَادَهْتُ النَّاسِ بِمَا تَقُولُ أَحوَجُونِي إِلَى السَّيفِ، وَلاَ خَيرَ فِي خَيرٍ لاَ يَحيَا إِلاَّ بِالسَّيفِ. = وبلغ من سياسته في ترويض الناس ما أوضحه بقوله: لو أقمت فيكم خمسين عاماَ ما استكملت فيكم العدل، إني لأُرِيْدُ أن أُخْرِجَ للمسلمين أمراً من العدل، فأخاف أن لا تَحْتَمِلَهُ قلوبهم، فَأُخْرِجُ معه طمعاً من طمع الدنيا، فَإِنْ فَرَّتْ القلوب من هذا سكنت إلى هذا. = كان من حكمته في اختيار الأصحاب أن خطب قائلاً: أَيُّهَا النَّاس!، مَنْ صَحِبَنَا فَليَصْحَبْنَا بِخَمسٍ ، وَإِلاَّ فَلاَ يَقْرَبْنَا: يَرْفَعُ إِلَيْنَا حَاْجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيْعُ رَفْعَهَا، وَيُعِيْنُنَا عَلَى الخَيْرِ بِجَهْدِهِ، وَيَدُلُنَا مِن الخَيرِ عَلَى مَا نَهتَدِي إِلَيهِ، وَلاَ يَغتَابَنَّ أَحَدَاً، وَلاَ يَعتَرِض فِي مَا لاَ يَعْنِيْهِ. = وكان من رحمته ورأفته وشفقته بالمسلمين أن أمر بإجلاء المسلمين من ( طرنده ) في وسط تركيا اليوم إلى ( ملطية ) قريباً من الحدود السورية؛ خوفاً عليهم من الروم، وأجرى عليهم أرزاقهم، كما أمر من عبر نهر السند من المسلمين أن يعودوا إلى حيث يستطيع المسلمون الدفاع عنهم حتى يستقر أمر تلك البلاد، وأمر واليه أن يُوْقِفَ الغزو في تلك البلاد؛ اكتفاءً بما حصل، فكان أن انتشر الإسلام فيما وراء النهر بالدعوة وحسن المعاملة |
|||
2011-02-23, 21:50 | رقم المشاركة : 26 | |||
|
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك اختي جوداء على المعلومات القيمة جزاك الله خيرا |
|||
2011-02-25, 16:08 | رقم المشاركة : 27 | |||||
|
اقتباس:
اقتباس:
لا شكر على واجب
تسعدني الاضافة والمساعدة ربي يجازيكم |
|||||
2011-03-01, 22:12 | رقم المشاركة : 28 | |||
|
هي فكرة جيدة فلنبدا معا |
|||
2011-03-13, 16:30 | رقم المشاركة : 29 | |||
|
اشكالية التحكيم الإلكترونى من الفروض التقليدية والحديثة
|
|||
2011-03-27, 22:01 | رقم المشاركة : 30 | |||
|
]السلام عليكم |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الليلة, القانونية |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc