السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
ففيما يتعلق بنص سؤالك ، فهذا جوابه من فضيلة شيخنا أبي عبد المعز محمد علي فركوس نفع الله بعلمه على موقعه والجواب جزء من سؤالك:
الفتوى رقم: 392
الصنف: فتاوى الصيام
في صحة الجمع بين حديث النهي عن صيام الجمعة،
وصيام المرأة تطوعا في غير رمضان إلاّ بإذن زوجها
السؤال: تعرضت لي شبهة فأردت من فضيلة شيخنا أنّ يشفي غليلي منها بالجواب الشافي وهي: هل نستطيع الجمع بين الحديثين:
- حديث أم المِؤمنين جويرية رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهْىَ صَائِمَةٌ فَقَالَ: «أَصُمْتِ أَمْسِ» . قَالَتْ: لاَ . قَالَ: «تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِي غَدًا» . قَالَتْ: لاَ . قَالَ: «فَأَفْطِرِي»(١).
- وحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "لاَ تَصُومُ المرْأَةُ يَوْمًا تَطَوُّعًا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاّ بِإِذْنِهِ"(٢) هل نستطيع القول و الله أعلم بالصواب :
بأن صيامها يوم الجمعة صيام فرض لا صيام نفل لعدم طلبها الإذن بالصيام من زوجها صلى الله عليه و سلم، لأنّه لم يكن يعلم عن صيامها شيئا.
بارك الله فيك وجزاك الله عنا وعن الإسلام والمسلمين كلّ خير وأطال الله في عمرك لخدمة راية التوحيد.
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمّا بعد:
فاعلم أنَّ هذا الجمع والتأويل لا يستقيم، لأنّ صيام جويرية رضي الله عنها كان تطوعا بلا خلاف أعلمه، إذ لو كان فرضًا لما أمرها بصيام يوم قبله أو يوم بعده، وهذا الاقتران إنما يكون في النفل دون الفرض لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاَ يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، إِلاَّ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ"(٣) والخطاب عام للذكور والإناث، ولأنَّ الفرض يجوز صيامه منفردًا أو صومه بيوم قبله أو يوم بعده، والشأن في ذلك كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِلاَّ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا فَلْيَصُمْهُ"(٤) أي يوافق يومًا معتادًا وعلى هذا المعنى يلحق القضاء والنذر والكفارة إلحاقًا قياسيا أولويا لوجوبهم لأنَّ الأدلة قطعية على وجوب القضاء والكفارة والوفاء بالنذر، إذ تقرَّر أصوليًّا أنَّ القطعي لايبطل بالظني ولا يعارضه.
هذا، وأمّا حديث أبي هريرة رضي الله عنه فمشتبه، إذ يحتمل قوله صلى الله عليه وآله وسلم لجويرية رضي الله عنها ذلك قبل حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وإن سلم أنّه كان بعده فإنّه يحتمل أيضا أنّه إنّما يجب الإذن إذا كان زوجها حاضرا أو كان يومه عندها لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "وزوجها شاهد" أي: حاضر لاحتمال حاجته إليها، ومفهومه أنها لا تحتاج إلى الإذن إن كان غائبا أو لم يكن يومه عندها، لأنّ التقرب بالنوافل والتطوعات لا تحتاج في الأصل إلى إذن الزوج إلاّ إذا تعارض حقه بها، وعليه فإذا وردت مثل هذه الاحتمالات فلا يترك المحكم للمتشابه.
والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلم تسليما.
الجزائر في: 22 محرم 1427ﻫ
الموافق لـ: 17 فبراير 2006م
١- أخرجه البخاري في الصوم (1986)، وأبو داود في الصوم (2424)، وأحمد (27512)، من حديث جويرية رضي الله عنها.
٢- أخرجه الترمذي في الصوم (787)، وابن ماجه (1833)، و الدارمي (1730)، والحميدي في مسنده (1064)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (395).
٣- أخرجه البخاري في الصوم (1985)، وأبو عوانة في مستخرجه (2347)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
٤- أخرجه مسلم في الصيام (2570)، والنسائي في الصيام (2184)، وابن ماجه في الصيام (1719)، وأحمد (7400)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.