نصيحة غالية لمن بلغ الأربعين سنة من عمره

[عبدالعليم عثماني]

قال الله تعالى: ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين ) ( سورة الأحقاف: 15 )
قال مسروق رحمه الله: إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك: تفسير ابن كثير: 7/ 281:
قال القرطبي رحمه الله: ذكر عز وجل أن من بلغ أربعين فقد آن له أن يعلم مقدار نعم الله عليه وعلى والديه ويشكرها قال مالك: أدركت أهل العلم ببلدنا وهم يطلبون الدنيا ويخالطون الناس حتى يأتي لأحدهم أربعون سنة فإذا أتت عليهم اعتزلوا الناس: تفسير القرطبي: 7/ 276:
قال الإمام الفضيل بن عياض رحمه الله لرجل: كم أتت عليك ؟: قال: ستون سنة: قال: فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك توشك أن تبلغ: فقال الرجل: يا أبا علي إنا لله وإنا إليه راجعون: قال له الفضيل: تعلم ما تقول ؟: قال الرجل: قلت: إنا لله وإنا إليه راجعون: قال الفضيل: تعلم ما تفسيره ؟: قال الرجل: فسره لنا يا أبا علي: قال: قولك إنا لله: تقول: أنا لله عبد وأنا إلى الله راجع فمن علم أنه عبد الله وأنه إليه راجع فليعلم بأنه موقوف ومن علم بأنه موقوف فليعلم بأنه مسئول ومن علم أنه مسئول فليعد للسؤال جوابا: فقال الرجل: فما الحيلة ؟: قال: يسيرة: قال: ما هي ؟: قال: تحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى وما بقي فإنك إن أسأت فيما بقي أخذت بما مضى وما بقي:


نصيحة غالية لمن بلغ الأربعين سنة من عمره: الشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله:


قال الشيخ عبد السلام بن برجس رحمه الله: نصيحة توجه إلى كبار الأسنان - أربعين - خمسين - ستين سنة - كان بعض السلف يقول: من بلغ الأربعين تعين عليه أن يتفرغ لطاعة الله سبحانه وتعالى فما بالك بابن الخمسين وما بالك بابن الستين وما بالك بمن هو أكبر من ذلك فنصيحة لهؤلاء أن يتقوا الله عز وجل وأن يراعوا هذا الجانب وهو أن الله أمهلهم إلى هذا السن المتقدم فيقبلوا على الله سبحانه وتعالى ويصرفوا أوقاتهم في طاعة الله عز وجل فإذا لم يتفرغ كبار الأسنان لطاعة الله عز وجل من الذي يتفرغ ؟! : وإذا وقع كبار الأسنان في معصية الله عز وجل فيا شؤم حالهم ويا قبح مصيرهم ويا تعس ما وصلوا إليه ولذلك ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه ذكر من أهل النار: أشيمط زان: ما الفرق بين الشاب والأشيمط ؟: الشاب لا زال في نشوته وفي شبابه وفي إقبال الشهوة وهيجانها أما الأشيمط الذي تقدمت به السن واقترب من القبر ماذا يريد في معصية الله عز وجل ؟! : وكبار الأسنان في الغالب ابتلوا بالغفلة ابتلوا بقلة ذكر الله سبحانه وتعالى إلا من رحم الله عز وجل وأراد الله عز وجل له التوفيق والسعادة والهداية فواجب عليهم أن يراعوا هذا الجانب وأن يعمروا أوقاتهم بطاعة الله عز وجل فيبكروا إلى الصلوات ويكون لهم حظ من قيام الليل ويكون لهم حظ من قراءة القرآن وتلاوته والإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى: عجبا لكبار الأسنان الذين يبحثون عن السعادة في مشراق ونحوه يتكلمون في أعراض الناس وإذا لم يتكلموا في أعراض الناس تكلموا في أمور مباحة المؤمن ينبغي أن يترفع عنها لأنها لا تكتب عليه خيرا ولا تكتب عليه شرا والله تعالى قال عن عباده المؤمنين المفلحين: ( قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون * والذين هم عن اللغو معرضون ): واللغو هو الكلام الذي لا فائدة فيه فمن باب أولى أنهم أبعد عن الكلام الذي فيه مضرة فعجبا لأولئك:


​