الدعاء للأبناء سنة الأنبياء
كتبه الدكتور عبدالعزيز الدغيثر في ١٠/ ٥/ ١٤٤٧
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسوله ومصطفاه وآله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإن الدعاء للأبناء سنة الأنبياء، فهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يدعو بقوله: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [الصافات: 100]، وقوله: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي ﴾ [إبراهيم: 40]، ونبي الله زكريا عليه السلام يدعو قائلا: ﴿ فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 5، 6].
والدعاء للصغار هدي نبينا ﷺ، فقد كان ﷺ يحمل الحسن أو الحسين على عاتقه ويقول: « اللهم إني أحبه فأحبه ».
وكان ﷺ يأخذ أسامة بن زيد فيقعده على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الآخر ثم يضمهما ثم يقول: « اللهم ارحمها فإني أرحمها ».
وكان ﷺ يؤتى بالصبيان حديثي الولادة ويدعو لهم، جاء في "الصحيحين" أن أسماء رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم بمولود لها، تقول: ثم حنكه بالتمرة ثم دعا له وبرك عليه.
ودعا ﷺ لأنس رضي الله عنه وهو صغير: « اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيما أعطيته »، ودعا ﷺ لابن عباس رضي الله عنه وهو صغير: « اللهم فقهه في الدين ».
وقد أثنى الله على عباد الرحمن بأنهم يدعون الله بصلاح ذرياتهم فقال سبحانه : ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾ [الفرقان: 74].
ومن الأدعية القرآنية التي أوصى بها السلف ما ذُكر عن أبي معشر رحمه الله أنه اشتكى ابنه إلى طلحة بن مصرف رحمه الله فقال: استعن عليه بهذه الآية وتلا: ﴿ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأحقاف: 15].
والدعاء على الأبناء مذموم، قال
نبينا ﷺ: « لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم »؛ رواه مسلم.
وقال ﷺ: ( ثَلاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لا شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ ) رواه ابن ماجه (3862) وحسنه الألباني في "الصحيحة" (596) . ولفظ أحمد (7197) : ( عَلَى وَلَدِهِ )
والدعاء على الأبناء قد يكون سبب سوئهم، ففي فصل الخطاب في الزهد والرقائق والآداب:
جاء رجُلٌ إلى ابن المبارك - رحمه الله - يشكو إليه سُوءَ خُلُقِ ابْنِه .. فقال: أَدَعَوْتَ عليه؟
قال الأب: نعم.
قال: أنتَ أَفسدتَه.
والحمد لله أولا وآخرا.