- (النهي عن اتباع خطوات الشيطان وبيان ما يأمر به)
قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ سورة البقرة آية (168 - 169).
يقول الله تعالى مخاطبًا للناس كلهم عربهم وعجمهم مؤمنهم وكافرهم ممتنًّا عليهم بأن أمرهم أن يأكلوا من جميع ما في الأرض من حبوب وثمار وفواكه وحيوانات حال كونها (حلالا) أي محللا لكم تناولها وأكلها ليست بغصب ولا سرقة ولا أخذت بمعاملة محرمة أو على وجه محرم أو معين على محرم (طيبًا) أي ليس بخبيث؛ كالميتة والدم ولحم الخنزير والخبائث كلها. ولما أمرهم باتباع ما أمرهم به إذ هو عين صلاحهم نهاهم عن اتباع (خطوات الشيطان) أي طرقه التي يأمر بها وهي جميع المعاصي من كفر وفسوق وظلم (إنه لكم عدو مبين) أي ظاهر العداوة فلا يريد بأمركم إلا غشكم، وأن تكونوا من أصحاب السعير. فلم يكتف ربنا بنهينا عن اتباع خطواته وطرائقه حتى أخبرنا وهو أصدق القائلين بعداوته الداعية للحذر منه. ثم لم يكتف بذلك حتى أخبرنا بتفصيل ما يأمر به وأنه أقبح الأشياء وأعظمها مفسدة فقال: (إنما يأمركم بالسوء) وهو الشر الذي يسوء صاحبه فيدخل في ذلك جميع المعاصي (والفحشاء) وهي ما تناهى قبحه من المعاصي كالزنا وشرب الخمر والقتل بغير حق ونحو ذلك مما يستفحشه أهل العقول (وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) فيدخل في ذلك القول على الله بلا علم في شرعه وقدره فمن وصف الله بغير ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، أو نفى عنه ما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله أو أثبت له ما نفاه عن نفسه فقد قال على الله بلا علم. ومن زعم أن لله ندًّا وشركاء تقرب من عبدها من الله فقد قال على الله بلا علم. ومن قال إن الله أحل كذا وحرم كذا وأمر بكذا ونهى عن كذا بغير بصيرة فقد قال على الله بلا علم. فالشيطان عدو الإنسان الذي يريد له الشر ويسعى بجهده على إهلاكك في الدنيا والآخرة الذي كل الشر في طاعته وكل الخسران في ولايته، الذي لا يأمر إلا بشر ولا ينهى إلا عن خير.
(ما يستفاد من هذه الآيات)
1- أن الأصل في الأشياء الإباحة أكلا وانتفاعًا.
2- أن المحرم نوعان إما محرم لذاته وهو الخبيث الذي هو ضد الطيب وإما محرم لما عرض#
له، وهو المحرم لتعلق حق الله أو حق عباده به وهو ضد الحلال.
3- أن الأكل بقدر ما يقيم البنية واجب يأثم تاركه لظاهر الأمر.
4- تحريم شرب الدخان وبيعه وشرائه؛ لأنه من الخبائث المضرة في العقول والأبدان والأموال والصحة وهي ضد الطيبات.
5- تحريم الأغاني وآلات اللهو والاستماع إلى ذلك؛ لأنه من خطوات الشيطان ومصائده ومكائده التي يصد بها عن ذكر الله وطاعته وعن الصلاة.
6- تحريم حلق اللحى وتصوير ذوات الأرواح؛ لأنها من خطوات الشيطان ومن السوء والفحشاء التي يأمر بها.
7- أن القول على الله بغير علم في التحليل والتحريم وغير ذلك من أعظم المحرمات وأكبر طرق الشيطان التي يأمر بها ويدعو إليها.
8- شدة عداوة الشيطان لبني آدم فيجب الحذر منه.#
الكواكب النيرات في المنجيات والمهلكات لعبد الله جار الله