لا إله إلا الله هي كلمة التوحيد وكلمة الإخلاص، وهي العروة الوثقى، وهي مفتاح دار السلام، وبعث بها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ومعنى هذه الكلمة (أنه لا معبود بحق إلا الله) فهي تثبت استحقاق العبادة لله وحده وتنفيها عمن سواه.
ولهذا أبت قريش أن تقولها لأنها عرفت أن معناها إفراد الله بالعبادة وترك عبادة آلهتهم المزعومة فقالوا: (أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب).
وهكذا كانت الأمم قبل قريش إذا قالت لهم الرسل قولوا: (لا إله إلا الله يستكبرون. ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون) ففهموا أن معناها عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه.
_ وقد غلط كثير من الناس في تفسير معنى لا إله إلا الله، ومن تلك التفسيرات الباطلة لهذه الكلمة العظيمة التفسيرات التالية:
أولاً: تفسير المتكلمين أن معنى لا إله الا الله أي لا صانع أو لا خالق إلا الله، فلو كان هذا معنى هذه الكلمة لسارعت قريش وغيرها إلى الاستجابة لها ولما أبت أن تقولها، لماذا؟ لأنها كانت تعتقد أنه لا خالق إلا الله فما كانوا يعتقدون في اصنامهم وآلهتهم أنها هي التي خلقت السماء والأرض أو خلقتهم أو خلقت من قبلهم كما قال تعالى: (ولئن سألتهم من خلق السموات والارض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون).
ثانياً: قول بعض الناس (لا إله إلا الله أي لا معبود إلا الله ) وهذا غلط، لأنها هذا النفي للمعبودات سوى الله يحتمل أمرين كلاهما فاسد باطل:
المعنى الباطل الأول: أنه لم يعبد في الارض شيء غير الله، وهذا يكذبه القرآن والسنة والواقع فإن الإنس والجن قد عبدوا معبودات كثيرة سوى الله عبدوا الملائكة والرسل والصالحين والأصنام والأشجار والأحجار وغير ذلك فكيف يقال بعد هذا (لا معبود إلا الله).
المعنى الباطل الثاني: أن كل ما عبد فهو الله وهذا والعياذ بالله من أبطل الباطل فهل يقول قائل إن اللات والعزى ومناة وكل شيء عُبِد هو الله؟! تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً.
ثالثاً: تفسير جماعة التبليغ والدعوة (الذين يسمون بالأحباب). يفسرون كلمة التوحيد بإخراج اليقين الفاسد وإدخال اليقين الصحيح بأن تعتقد أن الله هو المحيي المميت الضار النافع، ووجه الغلط فيه أنه مثل تفسير المتكلمين الذين فسروا كلمة التوحيد بتوحيد الربوبية لا توحيد الألوهية، وعلى هذا التفسير فمن اعتقد أن الله يحيي ويميت ولكنه يعبد غيره فهو من موحد من أهل لا إله إلا الله ولا شك أن هذا باطل فلو كان الأمر كذلك لكان كفار قريش موحدين.
رابعاً: تفسير الجماعات الحركية السياسية الثورية: الذين فسروا لا إله إلا الله بلا حاكمية إلا لله.
وهذا تفسير باطل لم يسبق إليه أحد من السلف الصالح، وثانياً أن الرجل لو كان يتحاكم إلى الشرع في بيعه وشرائه ونكاحه وطلاقه وفي عقوبات جنايته لكنه يعبد الأضرحة والقبور والأولياء فإنه لا يكون موحداً حتى يفردالله بالعبادة.
وهذه التفاسير الباطلة لكلمة التوحيد هي التي جعلت كثيراً من دعاة الجماعات والأحزاب لا يدعون إلى توحيد العبادة ولا يحذرون من الشرك بالله فانتشرت في بلادهم القباب والأضرحة التي يصرف لها كل أنواع العبادة الظاهرة والباطنة والله المستعان.
اللهم فقهنا في دينك، ومسكنا بسنة نبيك، واجعلنا من الدعاة إلى الدين الحق الذي بعثت به عبدك ورسولك محمداً صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
موقع د. علي بن يحيى الحدادي