بإسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة و السلام على أفضل الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين .
من المعلوم أن الله سبحانه خلقنا لعبادته و سخر لنا كل ما في الأرض لنستعين به على هذه المهمة التي لم يخلقنا إلا لأجلها .
قال الله تعالى : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)
و لا شك أن العبادة تعني التذلل و الخضوع و الإستسلام لله رب العالمين وحده سبحانه و الكفر بالأنداد و الطواغيت .
قال الله تعالى : لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256).
و إنه لمن البديهي عند أي مسلم عاقل أن حكم الله لا يقارن مع حكم البشر و قوانينهم فضلا عن تقديم حكم البشر و العياذ بالله ' و لكن للأسف أبتلينا ببعض الممسوخين المنتسبين إلينا و ما هم منا بل هم عبيد الغرب و قوانينهم الوضعية يريدون أن يقنعوا ضعاف العقول من أبناء الأمة بجواز تحكيم القوانين الوضعية و يستدلون على قولهم بشبهات فارغة و لكن للأسف تنطلي على الكثير و الله المستعان .
لقد إطلعت على محاضرة مكتوبة لمجموعة من القانونيين في إحدى الدول العربية مضمون محاضرتهم هو عدم وجوب تنفيذ أحكام الله سبحانه و إنما العبرة بمقاصدها و مثال ذلك : أن الله سبحانه شرع لنا القصاص من أجل حفظ النفس فيحق لنا أن نأتي بحكم آخر يحقق مقصد حفظ النفس و من إستساغ هذا الكلام من المسلمين فليكبر على نفسه أربع لأنه من المعلوم من الدين بالضرورة أن من رد حرفا من كتاب الله فهو كافر .
و من تلبيساتهم أنهم إستدلوا بثلاث مواقف للصحابة رضوان الله عليهم على إستبدال حكم الله رب العالمين بزبالات أذهانهم أو أذهان من يعظمونهم من الملحدين الغربيين .
الموقف الأول: زعمهم أن عمر رضي الله عنه عطل حد السرقة في عام الرمادة .
الجواب : نجيب على هذا الزعم بثلاث نقاط :
الأولى : هذه القصة ليست ثابثة عن عمر بن الخطاب ' ففي سندها ضعف و يمكن مراجعة الأسانيد و حكم أهل الحديث عليها .
و على فرض صحتها نقول :
ثانيا : عمر بن الخطاب لم يستبدل حكم الله بحكم بشر ' فهذه الصورة لا علاقة لها بعملكم من تحكيم القوانين البشرية بدلا من حكم الخالق سبحانه .
ثالثا : عمر بن الخطاب لم يخرج عن النص إذ أن لحد السرقة شروطا يجب ان تتوفر حتى يقام كما ان الشبهة مانعة من إنفاذ الحد كما جاء في الحديث و المضطر ليسرق ليس حكمه كحكم المختار و سنضرب على ذلك مثال : لو أن شخصا كان تائها في الصحراء يكاد يموت جوعا ولم يجد إلا لحم الخنزير فهل يجوز له أن يأكله ؟؟
الجواب : نعم بالإجماع .
فهل نقول هنا أن هذا الشخص عطل حكم تحريم لحم الخنزير ؟؟ أم أن الشريعة ذاتها أباحت له أكله في حال الإضطرار !!
قال الله تعالى : إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (173)
و مثال آخر : شخص مريض لا يستطيع القيام فيصلي جالسا ' هل نقول أنه بدل صفة الصلاة و عطل ركن القيام ؟ الجواب لا
هل يحل لشخص في كامل صحته أن يستدل بفعل هذا المريض و يصلي جالسا ؟ الجواب لا و صلاته باطلة .
إذن هذه القواعد مأخوذة من نصوص الشريعة فهي التي تبيح لنا ما حرمت علينا عند الضرورة و المشرع واحد و هو الله سبحانه ' فأين هذا من إستبدال شرع الله بأحكام البشر !!!!
الشبهة الثانية : زعمهم أن عمر رضي الله عنه أسقط سهم المؤلفة قلوبهم .
و الله هذه أسخف من الأولى . يتبع إن شاء الله .............