الحرب الروسية الأوكرانية.. بوابة الإخوان للتصالح مع الغرب - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > قسم الأخبار الوطنية و الأنباء الدولية

قسم الأخبار الوطنية و الأنباء الدولية كل ما يتعلق بالأخبار الوطنية و العربية و العالمية...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الحرب الروسية الأوكرانية.. بوابة الإخوان للتصالح مع الغرب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2022-12-12, 12:43   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سندباد علي بابا
عضو محترف
 
الصورة الرمزية سندباد علي بابا
 

 

 
إحصائية العضو










B11 الحرب الروسية الأوكرانية.. بوابة الإخوان للتصالح مع الغرب

الحرب الروسية الأوكرانية.. بوابة الإخوان للتصالح مع الغرب


يوم 11 آذار/ مارس 2022، استضافت قناة “مكملين” التابعة لجماعة الإخوان المسلمين عبر برنامج حواري، الباحث المصري المحسوب على الجماعة والمقيم في تركيا د. ياسر النجار، للحديث عن “انضمام المسلمين إلى الحرب بين أوكرانيا وروسيا من منظور الشريعة الإسلامية”، حيث اعتبر أنّ ذلك جائز بشرط أن “يرفعوا كلمة الله ويوقعوا الكفرة من الجانبين بالضرر (…)”.[1]


دون شك، يمثّل هذا الطرح خروجاً عن الخطاب المألوف لدى جماعة الإخوان ومنظّريها الذين اعتادوا مبدأ التقيّة حتى جعلوه عُرفاً يطبع الممارسات المعلنة والخفية للجماعة.[2] أما على أرض الواقع، فقد استغلت جماعة الإخوان المسلمين وفروعها الأوروبية، الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، لإعادة بريقها الذي بدأ يخبو على وقع الإنكشاف الذي باتت تعاني منه في معظم الدول الأوروبية، والضربات الموجعة التي تلقّتها في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، ناهيك عن حالة الصراع المستشري بين جناحي التنظيم في لندن واسطنبول[3].


نناقش في هذا الملف موقف جماعة الإخوان المسلمين من الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا عبر عدة محاور؛ بدايةً عبر مراجعة تاريخية لموقف الجماعة من المعسكرين، الغربي والسوفييتي، ومن ثمّ الوقوف على طبيعة التواجد الإخواني في كل من روسيا وأوكرانيا، وصولاً إلى تحديد أسباب التموضع الراهن للجماعة والأهداف المرجوّة من الانخراط في هذا الصراع.


أولاً- موقف جماعة الإخوان من المعسكرين تاريخياً:
تكشف الأحداث التاريخية خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين أنّ جماعة الإخوان المسلمين كان موقفها منحازاً على الدوام إلى موقف الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموماً، ضد روسيا ومن قبلها الاتحاد السوفييتي السابق، لاعتبارات كثيرة، أهمها البراغماتية التي تطبع السياسيات الغربية وقدرتها على توظيف الجماعة في الأماكن المناسبة.


وتعود العلاقات بين الولايات الأمريكية وجماعة الإخوان لخمسينيات القرن الماضي، حيث التقى الرئيس الأمريكي أيزنهاور مع كبار قادة الحركة الإسلامية حول العالم، وكان من ضمنهم سعيد رمضان صهر حسن البنا، ووالد الداعية الإخواني طارق رمضان، واحتضنت الولايات المتحدة أنشطة سعيد رمضان في أوربا في الخمسينات والستينات، واعتبرت الإخوان أداة متقدمة ورأس حربة في الشرق الأوسط لمواجهة الشيوعية والمد السوفييتي، ومنذ منتصف الخمسينيات وحتى غزو أفغانستان كانت العلاقة بينهما غير واضحة المعالم، لكنها ظهرت للعلن من خلال الدعم الأمريكي للمجاهدين الأفغان سنة 1978م، حيث مثل الفكر الإخواني منطلقاً أيديولوجيا للكثير من هؤلاء المجاهدين، قبل تحولهم إلى مرحلة فكرية أكثر تطرفاً.[4]


كما اضطلع الإخوان خلال التمرد المسلح في الشيشان في ديسمبر 1994 بدور كبير في عمليات التمويل والدعم اللوجيستي للمقاتلين الشيشان [5]، تحت ستار عمليات الإغاثة الإنسانية، التي تمت بإشراف الجماعة الأم في مصر وضمن عدة دول، كالأردن، الذي كان قد استضاف عدد كبير من موجات الهجرة القوقازية في القرن التاسع عشر، وحدث من خلال تواجد الشيشان بالأردن أن تقارب وتفاهم المحافظون من هؤلاء، مع الإخوان المسلمين، لدرجة أن زعمائهم أصبحوا من الإخوان، وعندما عاد بعض شيشان الأردن إلى بلادهم “تمسكوا بمبادئ الإخوان المسلمين التي تعلموها في الجهاد والإيثار والتضحية بالنفس من أجل الدين والوطن”، وفق مراجع الجماعة.[6]


في المحصلة، نظر المسؤولون الأمريكيون لجماعة الإخوان المسلمين على أنها السلاح السري في حرب الظل ضد الاتحاد السوفيتي، وفقًا لروبرت باير، ضابط الـ cia المتقاعد، في كتابه “النوم مع الشيطان”، الذي فسر خلاله كيف يمكن للولايات المتحدة صنع قضية مشتركة مع الإخوان، واستخدامهم للقيام بأعمال قذرة في اليمن وأفغانستان، والكثير من الأماكن الأخرى. [7]


في الطرف الآخر، تعتبر جماعة الإخوان روسيا، عدوها الرسمي. فهي–الجماعة- تستثمر العداء التاريخي للجماعات الأصولية للجانب الروسي، لصناعة حالة أشبه بتحالف الجماعات الجهادية ضد الإتحاد السوفيتي، كما حدث سابقا في الشيشان وأفغانستان والبوسنة، لتصفية حسابات الجماعة ضد موسكو، التي ساهمت في القضاء على الجماعة أو إضعافها في بعض دول مثل سوريا وليبيا.[8]


ثانياً- طبيعة التواجد الإخواني في كلّ من روسيا وأوكرانيا:
تتواجد جماعة الإخوان في كلا البلدين ولكن بشكل مختلف؛ علني في أوكرانيا، و “مُلتبس” في روسيا:


أ – في روسيا:
تبدو المعلومات المتاحة عن العلاقة بين الإخوان والحكومة الروسية مبتورة ومرتبكة إلى حد كبير، ففي حين تذكر المصادر الرسمية أنّ الجماعة المحظورة ممنوعة من ممارسة أي نشاط داخل أراضي الاتحاد الروسي بسبب انخراطها في تمويل بعض الحركات الانفصالية في القوقاز، في أوقات سابقة، تكشف عدة تقارير وبيانات إعلامية صادرة عن (اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا) المرتبط بالإخوان، حجم تغلغل الجماعة داخل البلاد، وتبوَّء عدد من رموزها مناصب رسمية داخل مؤسسات السلطة الاتحادية أو في المنصات الدعائية التابعة لها كقناة روسيا اليوم المملوكة للدولة.[9]


ويدير أنشطة اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا، المدعو وسام البردويل، وهو ناشط إسلامي ينحدر من أصول فلسطينية، ويرتبط بصلة قرابة مع صلاح البردويل عضو المكتب السياسي لحركة حماس الفلسطينية (فرع الإخوان)، حيث درس الطب وانتقل لروسيا في بداية التسعينيات وحصل على الجنسية، ثم بدأ نشاطه التنظيمي عام 2006، برفقة صديقه وزميل دراسته الفلسطيني نضال عوض الله الحيح من مواليد محافظة الخليل. قبل أن يتحول إلى رئيس “اتحاد المنظمات الإسلامية” في روسيا وبيلاروسيا، بالتوازي مع شغله منصب مستشار العلاقات الدولية لمفتي عموم روسيا الاتحادية، وهو ما يكشف عن جزء هام من طبيعة العلاقة الموجودة بين جماعة الإخوان والسلطات الرسمية في روسيا.[10]


ويمكن القول إنّ الفرع الروسي لجماعة الإخوان يعمل حرفياً وفق مبدأ (علانية الدعوة وسرية التنظيم)، ففي الوقت الذي تتواصل في أنشطتها المختلفة كجمع التبرعات والانخراط في العمل المجتمعي، إضافةً لتجنيد الأعضاء وتكوين/ تربية الأعضاء التنظيميين -على المنهج القطبي (نسبة لسيد قطب عضو مكتب الإرشاد ومسؤول نشر الدعوة بالإخوان سابقًا) القائمة على فكرة العزلة الشعورية مع المجتمع الجاهلي/ الكافر- يخفي فرع الجماعة الروسي أي معلومات حول بنيته الهيكلية وقياداته الفاعلة، وحجم ميزانيته والتبرعات التي يجمعها.. إلخ، ولا يتضمن موقعه الإلكتروني أي تعريف بهيكلية الاتحاد أو الأعضاء والمسؤولين عنه ويكتفي بوضع عنوان بريد إلكتروني خاص برئيسه للتواصل.


ويستفيد الفرع الروسي للإخوان من ارتباطه بـ مجلس مسلمي أوروبا (اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا)، في تدريب وتأهيل الكوادر التنظيمية، ويعقد الجانبين اجتماعات دورية/ شبه دورية، ويحرص قادة إخوان روسيا على المشاركة في المنتدى السنوي لمسلمي أوروبا والذي يقام في إحدى الدول الأوروبية.[11]


ب – في أوكرانيا:
يتمتع الإخوان بوضع قوي داخل أوكرانيا من خلال “اتحاد المنظمات الاجتماعية” (الرائد)، الذي يمثل مظلة جامعة لـ 17 جمعية ومنظمة في أوكرانيا، ومنها جمعية “الفجر” التي تعد أحد أذرع التنظيم الدولي للإخوان في دول أوروبا الشرقية.


ويمثّل “اتحاد الرائد” بشكل رسمي “مجلس مسلمي أوروبا” في أوكرانيا، ويتخذ من العاصمة كييف مقرًا له وذلك منذ فبراير 1997 أي بعد ستة أعوام من استقلال أوكرانيا، إذ يتبنّى هذا الاتحاد جميع أهداف الجماعة ويرأسه «سيران عريفوف» وهو أوكراني الأصل تعود جذور آبائه إلى تتار القرم التي عادوا إليها مجددًا بعد الاستقلال وهو من مواليد ضاحية «نوفوروسيسك» بروسيا عام 1979.[12]


كما يشرف الاتحاد على مراكز إسلامية متوزعة في مختلف أنحاء أوكرانيا، مثل مدينة فينيتسيا التي يرعى بها التنظيم المركز الثقافي الإسلامي، وجمعية الإسراء، وفي مدينة «خاركيف» يوجد فرع آخر للمركز الثقافي الإسلامي إلى جانب جمعية المنار، ومن المناطق الأخرى التي تشهد وجودًا لجمعيات الإخوان هي مدينة «أوديسا» والتي تحتضن أحد فروع المركز الثقافي الإسلامي وجمعية «المسار»، وإلى جانب ذلك تنتشر فروع المركز الثقافي الإسلامي في كلٍ من «دنيبروبيترفسك، ومدينة زوبوريجا، وسومي، ولفيف».


وقُبيل الغزو الروسي لأوكرانيا، كان اتحاد “الرائد” ينظم عدة مخيمات لاستقطاب الشباب المسلم والعربي المقيم في أوكرانيا، وتهيئته للانضمام لجماعة الإخوان. عادة ما كانت تقام تلك المخيمات في الأول من شهر يونيو من كل عام، لمدة تتراوح بين أسبوع وثلاثة أسابيع حسب المدن، وتتضمن جملة من النشاطات التعليمية والثقافية والرياضية والترفيهية اليومية، ودروس دينية يلقيها قادة تابعون للتنظيم الدولي للإخوان والمنظمات الإسلامية.


كما ركز الاتحاد نشاطاته كذلك في مدينة دنيبرو التابعة لمنطقة دنيبروبيتروفسك وهي واحدة من أكبر المدن الأوكرانية، وتعد أحد المقاصد الرئيسية بالنسبة للطلاب الأجانب، من مسلمين وغيرهم.[13]


ثالثاً- المواقف المعلنة للكيانات الإخوانية من الغزو الروسي لأوكرانيا:
توالت خلال الأسابيع الأولى من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بيانات ورسائل أصدرتها جمعيات وكيانات مرتبطة بالجماعة في أوروبا حول موقفها من تلك العملية، جاءت في معظمها منددة بروسيا ومؤيدة لأوكرانيا؛


أول المواقف العلنية خرج من “مجلس مسلمي أوروبا” يوم 24 فبراير عبر بيان جاء فيه أنه “يرى في هذا الاعتداء العسكري على سيادة الأراضي الأوكرانية تعميقا للأزمة وأن عواقبه سوف تكون كارثية على الأوضاع الإنسانية من ناحية وعلى مستقبل العلاقات الإقليمية وبين الشعوب من ناحية أخرى”.[14]
الفرع الأوكراني لجماعة الإخوان، “مجلس مسلمي أوكرانيا/ منظمة الرائد”، أعلن على لسان رئيسه؛ سيران عريفوف، وقوف المجلس بشكل كامل مع أوكرانيا “دفاعا عن وحدتها وسيادتها وسلامة أراضيها، مع إدانة كافة مظاهر الترهيب والعدوان الروسية”. واعتبر عريفوف في مقطع فيديو يوم 25 فبراير 2022 أن وسائل روسيا العسكرية “تهدف -حتما- إلى دمار البنية التحتية، والأسس، السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، التي تقوم عليها أوكرانيا كدولة مستقلة، وكذلك إلى إضعاف مواطنيها، وثنيهم على تحقيق تطلعاته كشعب حر”، داعياً مسلمي روسيا “إلى لعب أدوار إيجابية بالوسائل السلمية، لمنع أي عدوان مسلح، بما يجنب وقوع ضحايا مدنيين وأبرياء”.[15]
في 25 فبراير 2022 أبدى مجلس العلاقات الأمريكية- الإسلامية (cair) برئاسة نهاد عوض، موقفاً متقاطعاً مع موقف أبو مرزوق، وأعرب، عبر مجلس العلاقات، عن إدانة التدخل الروسي في أوكرانيا، مؤكداً انضمامه مع المحور الذي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، واصفاً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأنه “مجرم حرب” مسؤول عن مقتل عدد لا يُحصى من الشيشان والسوريين وحتى الروس.[16]
في 27 فبراير، وجّه “اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطاليا” ucoii))، الذراع الضاربة للإخوان في إيطاليا،[17] دعوة، حث فيها الجاليات المسلمة في البلاد وعبر أوروبا على “فتح أبواب مراكزهم حتى يصبحوا ملاذات آمنة لأولئك الفارين من الحرب في أوكرانيا”. [18]واستجابة لذلك، نظمت المجتمعات المسلمة في جميع أنحاء إيطاليا مبادرات محلية لجمع الأغذية والأدوية التي سيتم التبرع بها لمسلمي أوكرانيا.
في 3 مارس 2022، عبّر “المجلس الإسلامي في بريطانيا” الموالي للإخوان [19] عن “قلقه العميق إزاء الأزمة الإنسانية التي تكشفت عن الغزو الروسي لأوكرانيا”. ودعا إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية والعودة إلى السلام. وقال المجلس في بيان: “نحن نقف إلى جانب الشعب الأوكراني، بما في ذلك مئات الآلاف من المسلمين الأوكرانيين، ومعظمهم ينتمون إلى مجتمع تتار القرم: شعب واجه بالفعل الإبادة الجماعية والاضطهاد في ظل الاتحاد السوفيتي..”.[20]
في 4 مارس 2022، دعا “المجلس المركزي للمسلمين (zmd)”، المرتبط بالإخوان [21]، الجمعيات والمنظمات الأعضاء في المجلس إلى تقديم المساعدات والتبرعات للاجئين الأوكرانيين، وقال رئيس المجلس أيمن مزيك: “ندعو الله بأن تنتهي هذه الحرب الرهيبة ضد أوكرانيا في أقرب وقت ممكن حتى لا يستمر إراقة الدماء. قد لا يدرك الكثيرون أن العديد من المسلمين المحليين يعيشون في منطقة حرب الآن. صلواتنا لكم ولكل شخص آخر..”.[22]
في منتصف مارس 2022 وجّهت “منظمة الإغاثة الإسلامية عبر العالم-فرع الولايات المتحدة” نداءً “لمساعدة شعب أوكرانيا”، وقالت إنها التقت مع موظفي مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (unhcr) لهذا الشأن، وأنه باعتبار أن “الإغاثة الإسلامية” ليس لها وجود داخل أوكرانيا، فهي تعمل مع منظمة غير حكومية دولية على الأرض الآن، وتتطلع إلى زيادة جهود الإغاثة”، في إشارة إلى “مجلس مسلمي أوكرانيا/ اتحاد الرائد”.[23]
في 25 مارس 2022، وبعد نحو شهر من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أصدرت جماعة الإخوان المسلمين (جبهة القائم بأعمال المرشد العام إبراهيم منير-لندن)، بياناً مطولاً حمل عنوان “نداء إلى عقلاء العالم بإيقاف الحرب الروسية الأوكرانية”، وذلك ضمن سلسلة الرسائل الأسبوعية التي تخصّصها الجماعة لكوادرها. دعا منير في البيان، المجتمع الدولي، إلى التدخل لإيقاف هذه الحرب، والبحث عن حل سلمي للصراع الذي وصفه بأنه أوشك على التحول لحرب عالمية ثالثة، كما انتقد منير ما أسماه “موقف الغرب المشين إزاء اللاجئين في الحرب الأوكرانية”، معتبراً أنها كشفت “العصبية المقيتة في التفرقة بينهم بالنظر إلى ألوان بشرتهم، ومعتقداتهم، فكثيرًا ما لقي الأوربيون البيض الرعاية والعناية، بينما عُومل الملونون والمسلمون بغير ذلك..”.[24]
مطلع أيار/ مايو 2022، اعتبر عضو المكتب السياسي في حركة “حماس” موسى أبو مرزوق أنّ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا “يمكن أن تساعد على إيجاد نظام عالمي جديد أكثر عدلاً، وخصوصاً للشعب الفلسطيني”، في تأييد ضمني للعملية. وأضاف في حديث خاص إلى وكالة “سبوتنيك” الروسية، على هامش زيارة وفد “حماس” لموسكو؛ “مع العملية العسكرية الروسية، ومحاولة إيجاد نظام عالمي أكثر عدالة، تصبح كل الشعوب المظلومة في مرحلة تستطيع أن تنفك عن هذا النظام، وتتحرر من استغلاله”.[25]
ملاحظة: لم يصدر عن “اتحاد المنظمات الإسلامية” في روسيا، أي موقف معلن حيال الغزو الروسي لأوكرانيا، بل إنّ الموقع الإلكتروني للاتحاد متوقف عن العمل منذ أشهر[26]، وهو ما ربطه البعض بضغط من أجهزة الأمن الفيدرالية الروسية، نتيجة موقف جماعة الإخوان وفروعها الأوروبية، المتماهي مع الدول الغربية والمناهض لروسيا. [27]


رابعاً- محددات أساسية لفهم موقف جماعة الإخوان المسلمين من الصراع الجاري:
تشير جميع المعطيات إلى أنّ فروع جماعة الإخوان في القارة الأوروبية كانت متماهية تماماً مع موقف الدول التي تنشط فيها، سواء عبر تسجيل المواقف الإعلامية الرافضة للعملية العسكرية الروسية، أو من خلال النشاط الإغاثي الذي استهدف المتضررين من الحرب، وذلك يعود إلى جملة من الأسباب يمكن تحديدها بالتالي:


سعي جماعة الإخوان وفروعها الأوروبية إلى تبييض صورتها أمام المجتمعات التي تتواجد فيها، وإظهار نفسها كحليف موثوق ومنسجم مع مواقف للحكومات الغربية.
سعي الجماعة لتخفيف حملة الضغط والملاحقات الأمنية التي تطال فروع الجماعة وشبكاتها في عدد من الدول الأوروبية.[28]
على المستوى الأوكراني المحلي، هناك حالة عداء تاريخي بين معظم مسلمي أوكرانيا وروسيا منذ الحروب الروسية القيصرية مع خانات القرم وحتى بعد ذلك في العهد السوفيتي، على اعتبار أنّ المسلمين الأوكران كانوا يسكنون في المناطق الجنوبية بالقرب من شبه جزيرة القرم، التي كانت موطناً أساسياً لهم خلال القرون السابقة.[29] ومن نافل القول أنّ جماعة الإخوان تمكنت خلال سنوات نشاطها في أوكرانيا من توسيع قاعدتها الشعبية ضمن هذه الشريحة بالذات.
موقف بوتين من الثورة المصرية؛ فقد كان منذ اللحظات الأولى مؤيدا لثورة 30 يونيو التي أطاحت بحكم الإخوان؛ إذ لم يخرج من روسيا أي خطاب عدائي ضد مصر خلال السنوات الماضية، كما ظهر تأييد روسيا للنظام الجيد بشكل أكثر وضوحاً في صفقات السلاح التي عقدتها مع الحكومة المصرية [30]. في الوقت الذي اتسمت فيه العلاقات المصرية- الأمريكية بالفتور على خلفية ملف حقوق الإنسان.[31]
سياسة روسيا في ليبيا، ودعمها المُعلن للمشير خليفة حفتر في حربه ضد جماعة الإخوان المسلمين وميليشياتها المسلحة هناك.[32]
الموقف الرسمي الروسي الذي يعتبر جماعة الإخوان منظمة إرهابية منذ عام 2003 [33]؛ وقد قام جهاز الأمن الفدرالي الروسي بتجديد هذا التوصيف في مارس 2015 بهدف تقييد نشاط الجماعة في روسيا بناء على مخاوف داخلية تجاهها، وللاستفادة من حالة البرود في علاقة مصر بالدول الغربية في ذلك الحين.[34]
حالة العداء المتصاعدة بين جماعة الإخوان المسلمين و “رمضان قديروف” رئيس جمهورية الشيشان [35]الذي يتقدم كداعم أساسي للرئيس فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا، من منطلق انتمائه العرقي والديني ومنصبه كرئيس لجمهورية الشيشان التي تمثل إحدى مكونات الاتحاد الروسي. [36]
خامساً- مكاسب جماعة الإخوان المسلمين من الانخراط في الصراع الروسي الأوكراني:
تسعى جماعة الإخوان من خلال انخراطها في الصراع الجاري بين روسيا من جانب، وأوكرانيا والغرب من جانب آخر، إلى تحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية والمادية والإستراتيجية، سواء لفرعها المحلي “اتحاد الرائد”، أو التنظيم الدولي والشبكات التي يديرها في القارة العجوز. أبرز هذه المكاسب هي:


تعزيز حضورها في أوروبا والتناغم مع التوقعات المتصوَّرة لصانعي القرارات السياسية الأوروبية، عبر الزعم بأنّ الجماعة منسجمة مع القيم الأوروبية وترفض العنف. وذلك يبدو واضحاً في مختلف البيانات التي صدرت عن أذرع الجماعة ومنظماتها حيال الحرب الروسية-الأوكرانية.
تعزيز العلاقات والشراكات التكتيكية مع الجمعيات والمؤسسات الأوروبية غير الإخوانية، الأمر الذي يوفّر للجماعة تحصيناً ضد النقد الاجتماعي.
توظيف الأعمال الخيرية والإنسانية التي تنفّذها الأذرع الإخوانية للأوكران المتضررين من الحرب في خدمة الأهداف السياسية والعقائدية للجماعة، خاصة وأنّ اتحاد “الرائد” بات يستقطب الكثير من الدعم المادي عبر التبرعات غير الخاضعة للتدقيق والمساءلة. [37]
إعادة تفعيل التعاون بين منظمات الإخوان والجمعيات والمؤسسات التركية[38]. إذ انعكست خطوات المصالحة التركية – المصرية والخليجية بطبيعة الحال، بشكل سلبي على علاقة أنقرة بالجماعة[39].
توفير المناخ الملائم لعودة “اتحاد الرائد” إلى المشهد بعد أن وُضع قبل سنوات تحت مجهر الأجهزة الأمنية الأوكرانية بسبب كتب ومطبوعات محظورة تدعو إلى الكراهية والعنف[40].
خاتمة:
تحرص جماعة الإخوان على تحسين علاقتها بالحكومات الأوروبية عبر البوابة الأوكرانية ومن خلال ممارسات براغماتية فريدة من نوعها، تتمثل بالتماهي مع الموقف الأوروبي سياسياً ودعائياً حيال الغزو الروسي لأوكرانيا، وحشد الدعم والتمويل لفرع الجماعة في أوكرانيا؛ “اتحاد الرائد”، والمرتبط هيكلياً بما يسمى “مجلس مسلمي أوكرانيا”.


وتهدف الجماعة من خلال ذلك إلى تلميع صورتها بعد أن تنبّهت جل الدول الأوروبية إلى خطر الفكر والأيديولوجيا التي تحملها، وأيضاً إلى تأمين موطئ قدم في أوكرانيا التي باتت على أعتاب الانضمام للاتحاد الأوروبي.


على الجانب الروسي، هناك قضية أوسع نطاقًا تتمثل في علاقة الدولة بالإسلام. ذلك أن الضرر الذي لحق بتصورات المسلمين عن روسيا بعد الشيشان وسوريا خطير، ومن شأن سوء معاملة التتار في أوكرانيا أن يفاقم من ذلك، الأمر الذي سيخلق حالة عدم استقرار داخلي، [41] وهو ما قد تستغله جماعة الإخوان في توجيه بوصلة الجهاد العالمي نحو روسيا من جديد..


مراجع


مركز الأبحاث والدراسات "مينا"








 


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:09

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc