تنفس قلمي وتحركت مكامنه في ذروة حس عابر ، تراقصت حول مداده الأسود أطياف من زمن البراءة التي لا تعرف من حيل الدنيا سوى مد حبل الود، وهو يداعب ورقة كراس عتيقة مطرزة بحمرة مياسة القد والطول، تستمد عنفوانها من نسيم الطيبة والبساطة، طرية الملمس هيفاء رقطاء، كمطارح سجاح التميمية التي أحبت يوما ضرار ابن الأزور وهي تداوي جراحه، رأت في قوته ورجولته وطهارة نفسه ونور القرٱن المنبعث من دواخله فارسا شهما وبطلا مغورا يستحق انفاسها المتبخرة من شدة الهيام، ودقات قلبها التي حركت مشاعر رمال الصحراء العربية، وجمالها المتوحش الذي قتل الكثير من الطامعين في عرشها من رجال قومها بني تغلب.
أحبت ضرارا لأنه من معدن نقي زانه الإيمان وحب محمد صلي الله عليه وسلم. ولكنه كسر كبرياءها الذي إنحنت له الرقاب وأهمل حضورها وعطرها الذي عشقته المردة والجن، ومشيتها الخيلاء الفاتنة الساحرة، لأنه رأى بفراسته سواد قلبها وكفرها الذي لا يداوى وأدرك ببعد نظره أنها أسيرة سبل العظمة و الطمع وأستطاع بعد شفائه من جروحه أن ينجو من شباكها وكذبها، ويشاء القدر الا أن تتوب الي الله ويعتدل إسلامها وتصل مداركها فهم رفرفة راية الحق في خلافة أبو بكر الصديق بعد مقتل حليفها مسيلمة الكذاب، لأن العثرات في حد ذاتها تعليم والكبوة التي لا يتبعها تعديل ضياع وجهل.
توفيت بالبصرة في عهد الخليفة الأموي معاوية ابن ابي سفيان.
قلت تلك الورقة الناعسة المقسمة الكرم الكثير المربع بعدالة الميزان، التي مزقتها ذات يوم خلسة من كراس زميلتي في القسم التي كنت أراها وهجا إحتوى مدينتي من شرقها الي غربها وقلة كلامها الذي أربك المسامع وجعلها ثائرة لا تنام تمد التصنت والتنصت علها تسمع خواطر النغمات.
صال قلمي وجال بحرقة مجنحة ساكبا حبا صافيا غائرا ملتصقا في إعتداله وإنصهاره، خاطا في ترنحه الملهم هذه الكلمات.
مداركك علن بين الناس سبيل ومدد
اخلاقك شعلة نور بها تنجح وتسعد
طهارة الروح واجبة بها ترتقي وتصعد
صدقك مع نفسك والخلائق نجاة و فلسفة ومذهب
وأجعل من بسمتك عنوانا للسعادة وأنثره نورا ساطعا بها تكتمل وتكسب.
إنتهت الخربشة ليبقى البياض ذكرى.