السؤال :
أنا رجل مريض بمرض الصرع منذ 17 عاما وحالتي غير مستقرة مع تعاطي الأدوية ، فنوبات الصرع شديدة وليس لها وقت معين وليست منتظمة وأبول على نفسي أريد أن أسألكم عن الحج في حالتي؟
هل يجوز أن أبعث أحدا ليحج عني؟
مع العلم أن هناك مبلغا كبيرا لإخوتي علي ، وهم يرثوني لأني ليس لدي أولاد؟
وكذلك هم سامحوني فيه لأنهم عالجوني به .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
نسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك ويأجرك على ما أصابك .
ثانيا :
يشترط لوجوب الحج : الاستطاعة المالية والبدنية ؛ لقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً )
آل عمران/97 .
فمن كان مريضا لا يستطيع السفر إلى الحج ، أو لا يستطيع تأدية النسك ، أو يشق عليه ذلك مشقة شديدة ، فإنه لا يجب الحج عليه بنفسه .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :
" ولا ينبغي أن يختلف في أن المرض القوي الذي يشق معه السفر مشقة فادحة ، مسقط لوجوب الحج " انتهى من
"أضواء البيان".
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
رجل مريض بمرض الصرع منذ ثلاث عشرة سنة ويستعمل دواء يمنع بقدرة الله تعالى حدوث نوبة الصرع ، ولكن إذا تعب وأجهد حدث له الصرع فهل يجوز له أن يوكل أحدا يحج عنه ؟ أم يحج ويتحمل ؟
فأجاب :
" إذا كان هذا لا يرجى أن يزول ، فليوكل من يحج ويعتمر عنه إن كان عنده مال . وإن لم يكن عنده مال فالحج غير واجب عليه . أما إذا كان يرجى زواله باستمرار الدواء فلينتظر حتى يشفيه الله ، وأسأل الله تبارك وتعالى أن يشفيه ويعافيه ويرفع عنه ما يجد " انتهى من
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (21/167).
وما ذكره الشيخ رحمه الله من الإنابة في هذه المسألة هو قول جمهور العلماء
قال ابن قدامة رحمه الله :
" من وجدت فيه شرائط وجوب الحج , وكان عاجزا عنه لمانع مأيوس من زواله , كزمانة , أو مرض لا يرجى زواله , أو كان نضو الخلق ( أي : ضعيف وهزيل )
لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة ، والشيخ الفاني ، ومن كان مثله ، متى وجد من ينوب عنه في الحج ، ومالا يستنيبه به ، لزمه ذلك . وبهذا قال أبو حنيفة ، والشافعي " انتهى
من "المغني" (3/91).
والدليل في ذلك ما رواه البخاري (1513) ومسلم (1334) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : جَاءَتْ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ).
وبناء على ذلك :
فإنه لا يلزمك الذهاب إلى الحج بنفسك الآن ، ثم إن كان مرضك هذا مما يرجى زواله حسب نظر الأطباء الثقات ، فلا شيء عليك حتى يشفيك الله وتجد مالا تحج به .
أما إن كان المرض لا يرجى زواله ، وكان لديك المال الكافي ، فإنه يجب أن تنيب من يحج عنك
بشرط أن يكون قد حج عن نفسه أولا .
ثالثا :
طالما أن إخوتك قد سامحوك في هذا المبلغ الكبير الذي أخذته منهم ، فلا أثر له على حكم حجك ، والحمد لله .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .