الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنه لمن المعلوم، ومما لا شك فيه أن صلاة العيد شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، التي ينبغي المحافظة والمداومة عليها، وإظهارها والاهتمام بها، وحسن أدائها، ويعتبر عيد الفطر من الأعياد المشروعة في الإسلام.
ففي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: «قدمَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما، فقالَ: ما هذانِ اليومانِ؟ قالوا: كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ»؛ «أخرجه أبو داود (١١٣٤)، والنسائي (١٥٥٦)، وأحمد (١٢٠٠٦) بإسناد صحيح».
ولأهمية هذه الشعيرة الجليلة، كان لزامًا أن نبيِّن صفتها الصحيحة الثابتة عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فنقول، وبالله التوفيق:
صلاة العيد ركعتان؛ لحديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال:
«صلاةُ الأضحى ركعتانِ، وصلاةُ الفطرِ ركعتانِ، وصلاةُ السفرِ ركعتانِ، وصلاةُ الجمعةِ ركعتانِ، تمامٌ غيرُ قَصْرٍ على لسانِ نبيِّكم صلى الله عليه وسلم، وقد خابَ من افْتَرى»؛ «أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (٤٩٠) وأحمد (٢٥٧) بإسناد حسن».
يكبِّر المصلي لصلاة العيد تكبيرة الإحرام، ويرفع يديه مع التكبير؛ لحديث عمير بن حبيب رضي الله تعالى عنه قال: «كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يرفعُ يديهِ مع كلِّ تكبيرةٍ في الصلاةِ المكتوبةِ»؛ «الألباني، صحيح ابن ماجه ١ /٢٦٠».
ثم يدعو بدعاء الاستفتاح، ثم يكبِّر ستَّ تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ثم يقرأ جهرًا الفاتحة و﴿ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى ﴾ [الأعلى: ١]، وإما ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1] في الركعة الأولى؛ لحديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه قال: «كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في العِيدَيْنِ، وفي الجُمُعَةِ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى، وَهلْ أَتاكَ حَديثُ الغاشِيَةِ، قالَ: وإذا اجْتَمع العِيدُ والْجُمُعَةُ في يَومٍ واحِدٍ، يَقْرَأُ بهِما أَيْضًا في الصَّلاتَيْن»؛ «أخرجه مسلم/ ٨٧٨ ».
وفي الركعة الثانية يقوم المصلي مكبرًا من السجود، ثم يكبر خمس تكبيرات بعد قيامه سوى تكبيرة الانتقال، ويرفع يديه مع كل تكبيرة؛ لحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يُكبِّرُ في الفِطرِ والأَضحى: في الأُولى سَبعَ تكبيراتٍ، وفي الثانيةِ خمسًا، قال: سوى تكبيرتَيِ الرُّكوع»؛ «أخرجه أبي داود/ ١١٥٠، بإسناد حسن».
ثم يقرأ جهرًا الفاتحة وسورة، فإن قرأ في الركعة الأولى: ﴿ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى ﴾ [الأعلى: ١]، قرأ في الركعة الثانية ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾ [الغاشية: 1]، وإن قرأ في الركعة الأولى: ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾ [ق: 1]، قرأ في الركعة الثانية ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ [القمر: 1].
لحديث عُمَرَ بنَ الخَطاب رضي الله تعالى عنهِ أنه سَأَلَ أَبا واقِدٍ اللَّيْثِي رضي الله تعالى عنه: «ما كانَ يَقْرَأُ به رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الأضْحى والْفِطْرِ؟ فَقالَ: كانَ يَقْرَأُ فِيهِما بـ ﴿ ق والْقُرْآنِ المَجِيدِ ﴾، وَ﴿ اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وانْشَقَّ القَمَرُ ﴾»؛ «أخرجه مسلم/ ٨٩١»، ثم يقوم الإمام، فيخطب الناس بعد انقضاء الصلاة مباشرة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «شَهِدْتُ الصَّلاةَ يَومَ الفِطْرِ مع رَسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأَبِي بَكْرٍ، وعُمَرَ، وعُثْمانَ فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيها قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ»؛ «أخرجه البخاري (٤٨٩٥)، واللفظ له، ومسلم (٨٨٤)».
إذًا فصلاة العيد ركعتان، يكبر المصلي لصلاة العيد تكبيرة الإحرام، ثم يدعو بدعاء الاستفتاح، ثم يكبِّر ست تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ثم يقرأ جهرًا سورة الفاتحة و﴿ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى ﴾ أو ﴿ ق والْقُرْآنِ المَجِيدِ ﴾ [ق: ١] في الركعة الأولى.
وفي الركعة الثانية يقوم مكبرًا من السجود، ثم يكبر خمس تكبيرات بعد قيامه سوى تكبيرة الانتقال، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ثم يقرأ جهرًا سورة الفاتحة وسورة معها، فإن كان قد قرأ في الركعة الأولى ﴿ بسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلى ﴾، قرأ في الركعة الثانية ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ﴾، وإن قرأ في الركعة الأولى ﴿ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ﴾، قرأ في الركعة الثانية ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾.
ويستحب التنوع في قراءة هذه السور، فيأتي بهذه مرة، وبهذه مرة أخرى، تطبيقًا وعملًا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وإن لم يتيسَّر له قراءة تلك السور، جاز له أن يقرأ بما شاء من آيات القرآن وسوره، كما تجوز القراءة في نحوها من الصلوات، ثم يقوم الإمام فيخطب الناس بعد انقضاء الصلاة، ويجلس الناس للاستماع للخطبة، لنيل الأجر والثواب المترتب على الصلاة والخطبة.
هذا ما تيسَّر إيرادُه، نسأل الله جل وعلا أن ينفع به، وأن يجعله لوجهه الكريم خالصًا، والحمد لله رب العالمين.