معني اسم الله تعالى البَرُّ
الدِّلالاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ (البَرِّ)
أسماءُ اللهِ الحسنى للرضواني (2/ 120).
البَرُّ اسْمُ فَاعِلٍ للمَوْصُوفِ بِالبِرِّ
فِعْلُه بَرَّ يَبَرُّ فَهُو بَارٌّ وجَمْعُه بَرَرَةٌ
والبِرُّ هو الإحْسَانُ
والبِرُّ في حَقِّ الوَالِدَينِ والأَقْرَبِينَ مِنَ الأَهْلِ ضِدُّ العُقُوقِ وهو الإسَاءَةُ إليهم والتَّضْييعُ لحقِّهم
لسانُ العربِ (4/ 51)
والمغربُ للمطرزي (1/ 69).
والبَرُّ والبَارُّ بمعْنَى وَاحِدٍ، لَكِنَّ الذي ثَبَتَ في أسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى البَرُّ دُونَ البَارِّ
والأسْمَاءُ كَمَا عَلِمْنا تَوْقِيفِيَّةٌ على النَّصِ.
والبَرُّ سبحانه وتعالى هو العَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ ببِرِّهِ ولُطْفِهِ
فَهُوَ أَهْلُ البِرِّ والعَطَاءِ يُحْسِنُ إلى عِبَادِهِ في الأرْضِ أو في السَّمَاءِ
رَوَى البخاريُّ مِنْ حَديثِ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
"قَالَ اللهُ عز وجل: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَالَ: يَدُ اللهِ مَلأَى لَا تَغِيضُهَا نَفَقةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ المِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفْعُ"
البخاريُّ في التفسيرِ، بابُ قولهِ:
وكان عرشُه على الماءِ (4/ 1724) (4407).
كَمَا أنَّ البَرَّ عز وجل هو الصَّادِقُ في وَعْدِهِ، الذي يَتَجَاوَزُ عَنْ عَبْدِهِ
ويَنْصُرُهُ ويحمِيهِ
ويَقْبَلُ القَلِيلَ مِنْهُ ويُنَمِّيهِ
وهو المحْسِنُ إلى عِبَادِهِ، الذي عَمَّ بِرُّهُ وإحْسَانُهُ جَمِيعَ خَلْقِهِ
فَمَا مِنْهم مِنْ أَحِدٍ إلا وتَكَفَّلَ اللهُ بِرِزْقِهِ
انظرْ: تفسيرَ البغوي (4/ 240)
وشرحَ أسماءِ اللهِ الحسنى للرازي (ص: 335)
وفتحَ القديرِ (5/ 100)
وتفسيرَ الأسماءِ الحسنى للزجاج (ص: 61)
والأسنى في شرحِ أسماء اللهِ الحسنى للقرطبي (1/ 333)
وزادَ المسيرِ لابنِ الجوزي (8/ 53)
والمقصدَ الأسنى للغزالي (ص: 123).
قَالَ أبو السُّعُودِ:
"البَرُّ المحْسِنُ الرَّحِيمُ الكثيرُ الرَّحْمَةِ، الذي إذا عُبِدَ أَثَابَ
وإذا سُئِلَ أَجَابَ"
تفسيرُ أبي السعود (8/ 150)
وانظرْ أيضًا: تفسير النسفي (4/ 185).
وُرُودُهُ في القُرْآنِ الكَرِيمِ
النهج الأسمى (2/ 172 - 179).
وَرَدَ مَرَّةً وَاحِدَةً في قَوْلِهِ تَعَالَى:
﴿ إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ﴾ [الطور: 28].
مَعْنَى الاسْمِ في حَقِّ اللهِ تَعَالَى:
قَالَ ابنُ جَرِيرٍ:
"﴿ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ ﴾
يَعْنِي: اللَّطِيفَ بِعِبَادِهِ"
جامعُ البيانِ (27/ 18)
ثُمَّ سَاقَ بسنَدِه عنْ علي بنِ أبي طلحةَ
عنِ ابنِ عباسٍ؛ مِثْلَه.
وقَالَ الزَّجَّاجُ
بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَعْنَى (البِرِّ) لُغَةً:
"واللهُ تَعَالَى بَرٌّ بِخَلْقِهِ في مَعْنَى: أَنَّه يُحْسِنُ إليهم
ويُصْلِحُ أَحْوَالَهم"
تفسيرُ الأسماءِ (ص: 61).
وقَالَ الخَطَّابِيُّ:
"(البَرُّ) هو العَطُوفُ عَلَى عِبَادِهِ، المُحْسِنُ إليهم
عَمَّ بِبِرِّهِ جَمِيعَ خَلْقِهِ
فَلَمْ يَبْخَلْ عليهم بِرِزْقِهِ.
وهو البَرُّ بالمُحْسِنِ في مُضاعَفَتِهِ الثَّوابَ له
والبَرُّ بالمُسِيءِ في الصَّفْحِ والتَّجَاوُزِ عنه.
وفي صِفَاتِ المَخْلُوقِينَ:
رَجُلٌ بَرٌّ وبَارٌّ: إذا كانَ ذا خَيْرٍ ونَفْعٍ
ورَجُلٌ بَرٌّ بأَبَوَيْهِ
وهو ضِدُّ العَاقِّ"
شأنُ الدعاءِ (ص: 90)
وبنحوه مختصرًا قالَ البيهقيُّ في الاعتقادِ (ص: 64)
وكذا الأصبهانيُّ في الحجةِ (ق 33 ب)
بنحو الفقرةِ الأولى منه.
وقَالَ الحُلَيْمِيُّ:
"(البَرُّ) ومَعْنَاهُ: الرَّفِيقُ بِعِبَادِهِ
يُرِيدُ بهم اليُسْرَ
ولا يُرِيدُ بهم العُسْرَ
ويَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ مِنْ سَيِّئَاتِهم
ولا يُؤَاخِذُهم بجَمِيعِ جِنَايَاتِهم
ويَجْزِيهم بالحَسَنَةِ عَشْرَ أَمْثَالِها
ولا يَجْزِيهم بالسَّيِّئَةِ إلَّا مِثْلَها
ويَكْتُبُ لَهُم الهَمَّ بالحَسَنَةِ
ولا يَكْتُبُ عليهمُ الهَمَّ بالسَّيِّئَةِ"
المنهاجُ (1/ 204)
وذَكَرَه ضِمْنَ الأسماءِ التي تَتْبَعُ إثْبَاتَ التدبيرِ لَهُ دُونَ ما سِوَاهُ
ونَقَلَهُ البيهقيُّ في الأسماءِ (ص: 71).
وقَالَ القُرْطُبِيُّ
بَعْدَ أَنْ حَكَى مَعْنَى الاسْمِ لُغَةً:
"وهَذَا الوَصْفُ في اللهِ تَعَالَى مِنْ أَوْصَافِ فِعْلِهِ
وهو مُضَافٌ إلى عِبَادِهِ كُلِّهم في الدُّنْيَا
وإلى الخُصُوصِ في الأُخْرى
وذلك أنَّه مَا مِنْ شَخْصٍ في الدُّنْيَا إلا وَسِعَهُ مِنَ اللهِ تَعَالَى وفَاضَ عليه إحْسَانُهُ
ولذلك عَمَّ في قَوْلِهِ: ﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾ [لقمان: 20].
وأَمَّا في الأُخْرى فَلَا يَخْتَصُّ بِبِرِّ اللهِ تَعَالَى إلَّا مَنْ أَنْعَمَ عَلَيهِ بِجِوَارِهِ
وأَسْكَنَهُ بَحْبُوحَةَ أَنْوَارِهِ
لا مَنْ أَحَلَّهُ في نَارِهِ"
الكتاب الأسنى (ورقة 345 ب).
وقَالَ ابنُ القَيِّمِ:
هذا ومن أوصافه القدوس ذو التـ
ـنزيه بالتعظيم للرحمن
وهو السلام على الحقيقة سالم
من كل تمثيل ومن نقصان
والبر في أوصافه سبحانه
هو كثرة الخيرات والإحسان
صدرت عن البر الذي هو وصفه
فالبر حينئذ له نوعان
وصف وفعل فهو بر محسن
مولى الجميل ودائم الإحسان
النونية (2/ 234).